الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وورد الخبر بذلك في هذا الشهر فجهزوا سودون الطيار لكشف هذه الأخبار.
وفي ذي الحجة أبطل السالمي مكس العرصة والأخصاص بمنية بن خصيب ثم أبطل وفرالشون السلطانية وكتب به مرسوم وأبطل ما كان على البرددار ومقدم المستخرج من المشاهرة التي تتحصل من المصادرة وألزمها بترك ذلك ورفع الظلم عن الناس أجمعين وأحضر السماسرة وقرر لهم عن كل إردب نصف درهم من غير زيادة على ذلك عن السمسرة والكيالة والأمانة وشدد عليهم في ذلك وكثر دعاء أهل الخير له بسبب ذلك.
ذكر من مات
في هذه السنة من الأكابر
أحمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن علي الموصلي الأصل الدمشقي شهاب الدين بن الخباز نزيل الصالحية سمع من أبي بكر بن الرضي وزينب بنت الكمال وغيرهما وحدث،
سمع منه صاحبنا الحافظ غرس الدين وأظنه استجازه لي، ومات فيشهر ربيع الأول عن بضع وثمانين سنة.
أحمد بن أحمد بن عبد الله الزهوري العجمي نزيل دمشق ثم القاهرة وكان بزي الفقراء وحصل له جذبة فصار يهذي في كلامه ويخلط ويقع له مكاشفات، منها انه لما كان بدمشق وكان الملك الظاهر حينئذ بها جندياً فرأى في منامه أنه ابتلع القمر بعد أن رآه قد صار في صورة رغيف خبز، فلما اجتاز بالشيخ أحمد، فصاح به: يا برقوق! أكلت الرغيف، فاعتقده، فلما ولي السلطنة أحضره وعظمه، وصار يشفع عنده فلا يرده، ثم أفرط حتى كان يحضر مجلسه العام فيجلس معه على المقعد الذي هو عليه ويسبه بحضرة الأمراء وربما بصق في وجهه فلا يتأثر لذلك، وكان يدخل على حريمه فلا يحتجبن منه، وحفظت عنه كلمات كان يقولها، فيقع الأمر كما يقول، وكان للناس فيه اعتقاد كبير.
أحمد بن محمد بن أحمد الطولوني شهاب الدين كبير المهندسين كان عارفاً بصناعته، وتقدم فيها قديماً، وكان شكلاً حسناً طويل القامة، وعظمت منزلته عند الملك
الظاهر فقرره من الخاصكية، ولبس بزي الجند، ثم أمره عشرة وتزوج ابنته، وكانت له ابنة أخرى تحت جمال الدين القيصري ناظر الجيش، ثم طلق الظاهر البنت المذكورة وتزوجها نوروز بأمر السلطان، وتزوج السلطان بنت أخيها؛ ومات شهاب الدين المذكور في شهر رجب من هذه السنة.
أحمد بن إسماعيل بن عمر بن كثير البصروي ثم الدمشقي شهاب الدين ابن الحافظ عماد الدين ولد سنة خمس وستين وأحضر علي ابن الشيرجي أحد الرواة عن الفخر وتزيا بزي الجند وحصل له إقطاع، قال القاضي شهاب الدين ابن حجي في تاريخه: كان أحسن أخوته سمتاً وكان عارفاً في الأمور، مات في شهر ربيع الأول.
أحمد بن أبي بكر بن محمد العبادي شهاب الدين الحنفي تفقه على السراج الهندي وفضل ودرس وأشغل ثم صاهر القليجي وناب في الحكم ووقع على القضاة ودرس بمدرسة الناصر حسن وكان يجمع الطلبة ويحسن إليهم وحصلت له محنة مع السالمي ثم أخرى مع الملك الظاهر تقدم ذكرها في الحوادث، مات في ثامن عشر أو تاسع عشر ربيع الآخر.
أحمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن مروان الشيباني البعلبكي ثم الصالحي أحد رواة الصحيح عن الحجار وسمع أيضاً من غيره، وله إجازة من أبي بكر بن محمد بن عنتر المسلمي وغيره وحدث، مات في ذي الحجة.
أحمد بن شعيب خطيب بيت لهيا كان عابداً قانتاً كثير التهجد والذكر.
قال القاضي شهاب الدين ابن حجي قل من كان يلحقه في ذلك، مات في شهر المحرم.
أحمد بن عبد الله السيواسي برهان الدين قاضي سيواس الحنفي قدم حلب فاشتغل بها ودخل القاهرة ثم رجع إلى سيواس فصاهر صاحبها ثم عمل عليه حتى قتله وصار حاكماً بها، وقد تقدم ما اتفق له مع عسكر الظاهر سنة تسع وثمانين، فلما كان سنة تسع نازله التتار الذي كانوا بآذربيجان فاستنجد بالظاهر، فأرسل إليه جريدة من عساكر الشام، فلما أشرفوا على سيواس انهزم التتار منهم فقصده قرايللك بن طور علي التركماني في أواخر سنة ثمانمائة فتقاتلا، فانكسر عسكر سيواس وقتل برهان الدين في المعركة؛ وكان جواداً فاضلاً له نظم أحمد بن علي بن محمد الحسيني شهاب الدين المصري ويعرف بابن شقائق كان شريفاً معروفاً يتعانى الشهادة، مات في جمادى الآخرة.
أحمد بن عيسى بن موسى ابن سليم بن جميل المقيري الكركي العامري الأزرقي أبو عيسى القاضي عماد الدين الشافعي ولد في شعبان سنة إحدى وأربعين، وحفظ المنهاج وجامع المختصرات وغيرهما واشتغل بالفقه وغيره وسمع الحديث من البياني ةغيره وممن سمع منهم بالقاهرة أبو نعيم ابن الحافظ تقي الدين عبيد الإسعردي ويوسف بن محمد الدلاصي وغيرهما وحدث ببلده قديماً سنة ثمان وثمانين ولما قدم القاهرة قاضياً خرج له الحافظ أبو زرعة مشيخة سمعتها عليه وكان أبوه قاضي الكرك فلما مات استقر مكانه وقدم القاهرة سنة اثنتين وسبعين ثم قدمها سنة اثنتين وثمانين
وكان كبير القدر في بلده محبباً إليهم بحيث أنهم كانوا لا يصدرون إلا عن رأيه فاتفق أن الظاهر لما سجن بالكرك قام هو وأخوه علاء الدين على خدمته فحفظ لهما ذلك فلكا تمكن أحضرهما إلى القاهرة وولي عماد الدين قضاء الشافعية وعلاء الدين كتابة السر وذلك في شهر رجب سنة اثنتين وتسعين فباشر بحرمة ونزاهة واستكثر من النواب وشدد في رد رسائل الكبار وتصلب في الأحكام فتمالأوا عليه فعزل في آخر سنة أربع وتسعين واستقر صدر الدين المناوي في رابع المحرم سنة خمس وأبقى السلطان مع القاضي عماد الدين من وظائف القضاء تدريس الفقه بالمدرسة الصلاحية المجاورة للشافعي ودرس الحديث بالجامع الطولوني ونظر ووقف الصالح بين القصرين فاستمر في ذلك إلى أن شغرت الخطابة بالمسجد الأقصى وتدريس الصلاحية فقررهما السلطان لعماد الدين وذلك في سنة تسع وتسعين فتوجه إلى القدس وباشرهما وانجمع عن الناس وأقبل على العبادة والتلاوة إلى أن مات في سابع عشر ربيع الأول من هذه السنة ونزل عن خطابة القدس في مرضه لولده شرف الدين عيسى فلم يمض النزول واستقر خطيب نابلس في الوظيفة بعناية نائب الشام وحضر ولد القاضي عماد الدين إلى القاهرة في طلب الخطابة فمنع واتفق أن نائب الكرك كاتب فيه يشكو منه فرسم عليه ثم أفلاج عنه وأعيد إلى الكرك قاضياً وهو أول من كتب له القضاة عن السلطان الجناب العالي وذلك بعناية أخيه لما ولي كتابة السر فاستأذن السلطان في ذلك فأذن له واستمر ذلك للقضاة وكانوا يكاتبون بالمجلس وهي كانت في غاية الرفعة للمخاطب بها في الدولة الفاطمية ثم انعكس ذلك في الدولة التركية وصار الجناب أرفع رتبة في المجلس.
وذكر لي الشيخ تقي الدين المقريزي أنه حلف له أنه في طول ولايته القضاء بالكرك والديار المصرية ما تناول رشوة ولا تعمد حكماً باطلاً رحمه الله تعالى.
أحمد بن محمد بن إسماعيل المجدلي الحنفي لقبه ينوص لشدة شقرة شعره وكان مباشر أوقاف الحنفية وكان حسن المباشرة، مات في ربيع الأول.
أحمد بن محمد بن أبي بكر بن السلار الصالحي شهاب الدين ابن أخي الشيخ ناصر الدين إبراهيم ولد سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وأحضر علي أبي العباس ابن الشحنة وأجاز له أيوب بن نعمة الكحال والشرف ابن الحافظ وعبد اله بن أبي التائب وآخرون وحدث، سمع منه الحافظ غرس الدين وأجاز لي؛ مات في أواخر ذي الحجة.
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن البلبيسي الخطيب تاج الدين أبو العباس ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة واشتغل وتفقه ولم يحصل له من سماع الحديث ما يناسب سنه لكنه لما جاور بمكة سمع من الكمال ابن حبيب عدة كتب حدث بها عنه كمعجم ابن قانع وأسباب النزول وسنن ابن ماجة وولي أمانة الحكم بالقاهرة ودرس بجامع الخطيري وخطب به وناب في الحكم ببولاق ومات في شهر ربيع الأول.
أحمد بن محمد بن محمد بن عطاء اله بن عواض بن نجا بن حمود بن نهار بن يونس بن حاتم بن ببلي بن جابر المالكي الإسكندراني الزبيري القاضي ناصر الدين ابن جمال الدين بن شمس الدين ابن رشيد الدين سبط ابن التنسي بفتح المثناة والنون بعدها مهملة كان ينسب إلى الزبير ابن العوام وفيه يقول الدماميني من أبيات يخاطبه:
وأجاد فكرك في بحار علومه
…
سبحاً لأنك من بني العوام
وكانوا يزعمون أن جابراً المذكور في نسبه ولد هشام بن عروة ابن الزبير، وفي ذلك نظر لا يخفى فليس في ولد هشام المذكور عند أهل الأنساب من اسمه جابر، وببلي بضم الموحدة وسكون مثلها ثم لام اسم بربري، ولد سنة.... وتفقه ببلده واشتغل ومهر وفاق الأقران في العربية وشرع في شرح التسهيل وولي قضاء بلده سنة إحدى وثمانين وسبعمائة ثم صرف بابن الريغي ثم عاد وتناوبا في ذلك مراراً ثم قدم القاهرة وظهرت فضائله إلى أن ولي قضاء المالكية في رابع عشر ذي القعدة سنة أربع وتسعين ونقا أهله وأولاده وناب عنه القاضي بدر الدين الدماميني وباشر القاضي ناصر الدين بعفة ونزاهة
وكان عاقلاً متودداً موسعاً عليه في المال، وله تعليق على مختصر ابن الحاجب، وكان ممن يتعانى التجارة، وعاشر الناس بجميل فأحبوه، وكان سليم الصدر طاهر الذيل قليل الكلام لم يعرف أنه آذى أحداً بقول ولا فعل، مات في شهر رمضان واستقر عوضه ابن خلدون وكان حين مات ابن التنسي بالفيوم فأرسل إليه البريدي فأحضره فباشر في نصف رمضان وقدر أن ولده بدر الدين ولي القضاء بعده في رمضان سنة إحدى وأربعين، فكان بين موته وولاية ولده أربعون سنة سواء كما سيأتي بيانه.
أحمد بن محمد الدمشقي شهاب الدين ابن العطار مستوفي الجامع الأموي كان من أجل من بقي من مباشري الجامع وقد طلب الحديث في وقت، ورافق شمس الدين ابن سند وابن إمام المشهد، مات في شوال.
أحمد بن موسى الحلبي شهاب الدين الحنفي قدم من بلده ونزل في الصرغتمشية وشارك في مذهبه وفي الفضائل وناب في الحكم، مات في شهر ربيع الأول.
أرغون شاه الإبراهيمي المنجكي نائب السلطنة بحلب كان أصله لإبراهيم بن منجك فتقدم إلى أن صار جمداراً عند السلطان ثم ولي نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب وكان حسن السيرة، مات بحلب في العشر الأخير من صفر فيما قيل، وكان خازندار السلطان فأرسله أيام يلبغا الناصري إلى حلب حاجباً فلم يمكنه الناصري وكاتب في الإعفاء فأجيب فلما قتل الناصري ولاه الظاهر نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب في العام الماضي فسار أحسن سيرة ويقال إن بعض الأكابر سقاه ويقال إن بعض العرب أغار على جمال له فتوجه في طلبهم ففروا منه فلج في إثرهم وغرر بنفسه فأصابه عطش ومات بعض من معه وشيء من الخيول وضعف هو من ذلك واستمر إلى أن مات، وكان شاباً حسناً عاقلاً عادلاً شجاعاً كريماً، ومن عدله أن غلمانه توجهوا لتحويل الملح الذي في إقطاع النيابة فاستكروا جمالاً فخرج عليهم العرب فنهبوهم فغرم لأصحابها ثمنها وأن شخصاً ادعى عنده في جمل عند صلاة الجمعة فاستمهله إلى أن يصلي فمات الجمل فغرم لمستحقه ثمنه.
إسماعيل بن عمر بن عبد الله بن جعفر الدمشقي العاملي الصفار، روى عن الحجار وغيره وحدث، ومات في جمادى الأولى وقد جاوز الثمانين.
أمير حاج بن مغلطاي، ناب في الإسكندرية مدة ثم ولي الاستادارية في سلطنة المنصور حاجي بن الأشرف شعبان، ثم نفاه برقوق إلى دمياط فمات بها بطالاً في ربيع الأول.
أبو بكر بن أحمد بن عمر العجلوني نزيل مكة المشرفة يأتي فيمن اسمه محمد.
برقوق بن آنص بن عبد الله الجركسي العثماني، ذكر الخواجا عثمان الذي أحضره من بلاد الجركس أنه اشتراه منه يلبغا الكبير واسمه حينئذ الطنبغا فسماه برقوقاً لنتو في عينيه فكان في خدمة يلبغا من جملة المماليك الكتابية، ثم كان فيمن نفي إلى الكرك بعد قتل بلبغا، ثم اتصل بخدمة منجك نائب الشام، ثم حضر معه إلى مصر واتصل بخدمة الأشرف شعبان، فلما قتل الأشرف ترقى برقوق إلى أن أعطي إمرة أربعين وكان هو وجماعة من إخوته في خدمة أينبك، ثم لما قام طلقتمر على أينبك وقبض عليه ركب برقوق وبركة ومن تابعهما على المذكور وأقاما طشتمر العلاي مدبر المملكة أتابكاً، واستمروا في خدمته إلى أن قام عليه مماليكه في أواخر سنة تسع وسبعين فآل الأمر إلى استقرار برقوق وبركة في تدبير المملكة بعد القبض على طشتمر، فلم تطل الأيام حتى اختلفا وتباينت أغراضهما وقد سكن برقوق في الاصطبل السلطاني، فأول شيء صنعه أن قبض على ثلاثة من أكابر الأمراء كانوا من أتباع بركة، فبلغه ذلك فركب على برقوق فدام الحرب بينهما أياماً إلى أن قبض على بركة وسجن بالإسكندرية، وانفرد برقوق بتدبير أمور المملكة إلى أن دخل شهر رمضان سنة أربع وثمانين وهو في غضون ذلك يدبر أمر الستقلال بالسلطنة إلى أن تم له ذلك، فجلس على تخت الملك في ثامن عشر الشهر المذكور ولقب بالملك الظاهر،
وبايعه الخليفة وهو المتوكل محمد بن المعتضد والقضاة والأمراء ومن تبعهم، وخلعوا الصالح حاجي بن الأشرف وأدخل به إلى دور أهله بالقلعة؛ فلما كان بعد ذلك بمدة خرج عليه يلبغا الناصري واجتمع إليه نواب البلاد كلها وانضم إليه منطاش وكاتب أمير ملطية ومعه جمع كثير من التركمان، فجهز إليهم الظاهر عسكراً بعد عسكر فانكسروا، فلما قرب الناصري من القاهرة تسلل الأمراء المصرية إليه إلى أن لم يبق عند الظاهر إلا القليل، فتغيب واختفى في دار بالقرب من المدرسة الشيخونية ظاهر القاهرة، فاستملى الناصري ومن معه على المملكة واستقر الناصري أتابكاً بمصر وأعيد حاجي إلى السلطنة ولقب المنصور، وأراد منطاش قتل برقوق فمنعه الناصري وأرسله إلى الكرك وسجنه بها، ثم لم يلبث منطاش أن ثار على الناصري فحاربه إلى أن قبض عليه وسجنه بالإسكندرية واستقل بتدبير المملكة وكان أهوج فلم ينتظم له أمر وانتقضت عليه الأطراف، فجمع العساكر وخرج إلى جهة الشام، فاتفق خروج الظاهر من الكرك وانضم إليه جمع قليل فالتقوا بمنطاش، فاتفق أنه انكسر وانهزم إلى جهة الشام واستولى الظاهر على جميع الأثقال وفيهم الخليفة والقضاة وأتباعهم فساقهم إلى القاهرة، واتفق خروج المسجونين من مماليكه بقلعة الجبل فغلبوا على نائب الغيبة فدخل الظاهر واستقرت قدمه بقلعة الجبل وأعاد ابن الأشرف مكانه من دور أهله، وكل ذلك في أوائل سنة اثنتين وتسعين؛ ثم جمع العساكر وتوجهوا إلى الشام فحصرها وذلك في شعبان من السنة المقبلة وهرع إليه الأمراء وتعصب أهل الشام لمنطاش فما أفاد ودامت الحرب بينهم مدة إلى أن هزم منطاش وقد تقدم بيان ذلك في الحوادث مفصلاً، ووصل في تلك السنة إلى حلب وقرر أمراء البلاد ونوابها، ورجع إلى القاهرة في المحرم سنة أربع وتسعين
واستقرت قدمه في المملكة إلى أن مات على فراشه في ليلة النصف من شعبان سنة إحدى وثمانمائة وعهد بالسلطنة إلى ولده فرج وله يومئذ من العمر عشر سنين لأنه ولد عند خروجه من الكرك ولذلك سماه ذا الأسم ويقال أنه بلغ ستين سنة.
ومن آثاره المدرسة الفائقة بين القصرين لم يتقدم بناء مثلها في القاهرة وسلك في ترتيب من قرره فيها مسلك شيخون في مدرسته فرتب فيها أربعة من المذاهب وشيخ تفسير وشيخ إقراء وشيخ حديث وشيخ ميعاد بعد صلاة الجمعة إلى غير ذلك.
ومن آثاره عمل جسر الشريعة، انتفع به المسافرون كثيراً وأبطل ضمان المغاني بعدة بلاد وكان الأشرف أبطله من الديار المصرية، وأبطل مكس القمح بعدة بلاد، وكانت مدة استقلاله بأمور المملكة من غير مشاركة تسع عشر سنة وأشهراً، ومدة سلطنته في المرتين ست عشرة سنة ونحو نصف سنة، وكان شهماً شجاعاً ذكياً خبيراً بالأمور إلا أنه كان طماعاً جداً لا يقدم على جمع المال شيئاً ولقد أفسد أحوال المملكة بأخذ البذل على الولايات حتى وظيفة القضاء والأمور الدينية، وكان جهوري الصوت كث اللحية واسع العينين عارفاً بالفروسية خصوصاً اللعب بالرمح، وكان يحب الفقراء ويتواضع لهم ويتصدق كثيراً ولا سيما إذا مرض، وأبطل في ولاياته كثيراً من المكوس منها ما كان يؤخذ من أهل البرلس وما حولها وهو في
السنة ستون ألفاً وعلى القمح بدمياط وعلى الفاريج بالغربية وعلى الملح بعينتاب وعلى الدقيق بالبيرة وعلى الدريس والحلفاء بباب النصر وضمان المعاني بمنية بني خصيب وبالكرك والشوبك، ولم عهد لولده استحلف القاضي الشافعي جميع الأمراء فبدأ بالخليفة ثم بأيتمش ثم ببقيتهم فحلف من حضر ثم أرسلوا إلى من غاب فلم يتأخر أحد وخلع على الخليفة على العادة ونودي في البلد بالأمان.
بكلمش العلاي أحد الأمراء الكبار بالديار المصرية تقدم ذكره في الحوادث، مات بالقدس بطالاً في صفر وكان من قدماء جماعة الظاهر وتقدم في الدول كثيراً، قال العينتابي كان عتيق بعض الجند ثم انتمى إلى طنبغا الطويل فقيل له العلائي قال: وكان مقداماً جسوراً عنده نوع كبر وعسف مع أنه كان شجاعاً شهماً مهيباً وعقيدته صحيحة ويحب العلماء ويجلس إليهم ويذاكر بمسائل ويتعصب للحنفية جداً.
حسن بن علي بن أحمد الكجكني حسام الدين الحلبي البانقوسي نائب السلطنة بالكرك ترقى في الخدم إلى أن أمر بطرابلس وقدم مع يلبغا الناصري لما انتزع الملك من برقوق فأمره بالكرك، وتقدم عند الملك الظاهر لكونه خدمه بالكرك ثم قربه وأمره بمصر وبعثه رسولاً إلى الروم، مات في رجب عن ستين سنة، قال الشيخ تقي الدين المقريزي: كان تام المعرفة بالخيل وجوارح الطير محباً لأهل السنة عاقلاً مزاحاً.
حسن بن محمد الغيثاوي أحد الطلبة المشهورة، ذكر ابن حجي أنه كان أفضل أهل طبقته جاوز الثلاثين ومات في أول السنة.
حسين بن علي الفارقي ثم الزبيدي شرف الدين وزير الأشرف وليها سنة سبع وثمانين ثم عزل بعد أربع سنين بالشهاب أحمد بن عمر ابن معيبد وكان يدري الطب، رأيته بزبيد في الرحلة الأولى ومات بعدنا في ليلة النصف من شعبان حيدر بن يونس المعروف بابن العسكري أحد الشجعان الفرسان، مات في شوال بدمشق بطالاً وقد شاخ وولي إمرة سنجار للأشرف.
خديجة بنت أبي بكر بن يوسف بن عبد القادر بن يوسف الحلبية الأصل الدمشقية ماتت في........
خلف بن حسن بن عبد الله الطوخي أحد المعتقدين بمصر، مات في تاسع عشر ربيع الأخر، وكان كثير التلاوة ملازماً لداره والخلق يهرعون إليه، وشفاعاته مقبولة عند السلطان ومن دونه.
خلف بن عبد المعطي المصري صلاح الدين ناظر المواريث والحسبة، مات في ربيع الأول.
خلف خليل بن حسن بن حرز الله قاضي الفلاحين كانوا يرجعون إليه في أمور
الفلاحة وكان شاهداً ببعض المراكز وقد حضر علي الحجار وغيره، مات في جمادى الآخرة.
خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المصري المقرئ المعروف بالمشبب، سمع من البدر ابن جماعة على ما قيل، وأقرأ الناس بالقرافة دهراً طويلاً، وكان منقطعاً بسفح جبل، وللملك الظاهر وغيره فيه اعتقاد كبير، مات في ربيع الأول، اجتمعت به مراراً وسمعت قراءته وصليت خلفه، وما سمعت أشجى من صوته في المحراب.
زكريا بن أبراهيم بن محمد بن أحمد بن الحسن أبو يحيى المستعصم بالله العباسي ولي الخلافة في أيام اينبك بعد قتل الأشرف عوضاً عن المتوكل ثم خلع ثم اعاده الظاهر بعد القبض على المتوكل في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ثم صرف عنها في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين فلزم داره إلى أن مات في جمادى الأولى، وكان عامياً صرفاً بحيث يبدل الكاف همزة.
زينب بنت عمر بن سعد الله بن النحنخ الحرانية سمعت من..... وماتت في ربيع الأول.
ست القضاة بنت عبد الوهاب بن عمر بن كثير ابنة أخي الحافظ عماد الدين حدثت بالإجازة عن القاسم بن عساكر وغيره من شيوخ الشام وعن علي الواني وغيره من شيوخ مصر، وخرج لها صلاح الدين أربعين حديثاً عن شيوخها،
ماتت في جمادى الآخرة وقد جاوزت الثمانين.
شيخ الخاصكي كان أجمل مماليك الظاهر وأقربهم إلى خدمته وأخصهم به وكان القاضي فتح الدين فتح اله زوج والدته، قرأت بخط المقريزي: كان بارع الجمال فائق الحسن لديه معرفة وفيه حشمة ومحبة للعلماء وفهم جيد، تائهاً صلفاً معجباً منهمكاً في اللذات، توجه إلى الكرك فمات في أوائل السنة.
شيخ الصفوي أحد الأمراء الكبار، تنقلت به الأحوال إلى أن نفي إلى القدس في سنة ثمان، ثم حبس بقلعة المرقب فمات بها في هذه السنة في شهر ربيع الآخر.
صرغتمش المحمدي، ولي نيابة الإسكندرية في سنة تسع وتسعين وسبعمائة، مات في جمادى الأولى.
صفية بنت القاضي عماد الدين إسماعيل بن محمد بن العز الصالحية ولي أبوها القضاء وحدثت هي بالإجازة عن الحجار وأيوب الكحال وغيرهما وسمعت من عبد القادر الأيوبي، ماتت في المحرم.
صندل بن عبد الله المنجكي الطواشي الخازندار كان من أخص الناس عند الظاهر، وكان يعتقد في الجودة والأمانة، وكانت أكثر الصدقة تجري على يده مع كثرتها، مات في رمضان.
عبد الله بن أحمد بن صالح بن أحمد بن خطاب الزهري الشافعي جمال الدين ابن القاضي شهاب الدين ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وستين وحفظ التمييز وأذن له أبوه في الإفتاء سنة إحدى وتسعين ودرس بالقليجية وغيرها وناب في الحكم وكان عالي الهمة، ومات في المحرم.
عبد الله بن سعد بن عبد الكافي المصري ثم المكي المعروف بالحرفوش وبعبيد جاور بمكة أكثر من ثلاثين سنة، وكان للناس فيه اعتقاد زائد، واشتهر عنه أنه أخبر بواقعة الإسكندرية قبل وقوعها، مات في أوائل هذه السنة، رأيته بمكة وثيابه كثياب الحرافيش وكلامه كذلك، جاوز الستين.
عبد الله بن ابي عبد الله السكسوني جمال الدين أحد المدرسين في مذهبهم، مات في ربيع الآخر، كان بارعاً في العلم مع الدين والخير، أخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما تجهز الأشرف للحج في المنام وعمر يقول له: يا رسول الله! شعبان بن حسين يريد أن يجيئ إلينا، فقال: لا ما يأتينا أبداً! قال: فلم يلبث الأشرف أن رجع من العقبة؛ ودرس جمال الدين بالأشرفية بعد بهادر المنجكي إلى أن مات.
عبد الرحمن بن أحمد بن الموفق إسماعيل بن أحمد الصالحي الذهبي الحنبلي
ناظر المدرسة الصاحبية بالصالحية، حدث عن ابن أبي التائب ومحمد أبن أيوب بن حازم وزينب الكمال وغيرهم وأجاز له ابن الشحنة مات في جمادى الأولى وقد جاوز السبعين؛ قال ابن حجي: بلغني انه تغير بآخره ولم يحدث في حال تغيره عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن داود الكفيري صدر الدين الشافعي عني بالفقه وناب في الحكم بدمشق ومات بها في المحرم عن أربعين سنة، وكانت له همة في طلب الرياسة قاله ابن حاجي.
عبد الرحمن بن عبد الكافي بن علي بن عبد الله بن عبد الكافي ابن قريش بن عبد اله بن عباد بن طاهر بن موسى الشريف الطباطبي الحسني زين الدين مؤذن الركاب السلطاني، وبقية نسبه في ترجمة نقيب الأشراف الطباطبي، كان يجالس الملك الظاهر فاتفق أن جمال الدين لما كان ناظر الجيش أنف أن يجلس دونه فذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فعتبه على ذلك، قرأت ذلك بخط الشيخ تقي الدين المقريزي أنه سمعه من صاحبنا شمس الدين العمري الموقع يذكر أنه حضر ذلك.
عبد الرحمن بن محمد بن أبي عبد الله بن سلامة الماكسيني الدمشقي المؤذن بجامع دمشق روى عن الزين عبد الغالب بن محمد الماكسيني وابن أبي التائب وغيرهما، ومات في جمادى الأولى، وكان رئيس الجامع كأبيه.
عبد الرحمن بن موسى بن راشد بن طرخان الملكاوي ابن أخي شيخنا شهاب الدين اشتغل بالفقه وحفظ المنهاج ونظر في الفرائض، واعترته في آخر أمره غفلة وكان مع ذلك ضابطاً لأمره، مات في المحرم ولم يكمل الخمسين.
علي بن أحمد بن الأمير بيبرس الحاجب المعروف بأمير علي بن الحاجب المقرئ تلا بالسبع، وكان حسن الآداء مشهوراً بالمهارة في العلاج، يقال عالج بمائة وعشرة أرطال، مات في ربيع الآخر وقد شاخ.
علي بن أيبك بن عبد الله الدمشقي الشاعر اشتهر بالنظم قديماً، وطبقته متوسطة، وله مدائح نبوية وغيرها، وقد يقع له المقطوع النادر كقوله مضمناً:
مليح قام يجذب غصن بان
…
فمال الغصن منعطفاً عليه
وميل الغصن نحو أخيه طبع
…
وشبه الشيء منجذب إليه
ولد سنة ثمان وعشرين ومات في ثاني عشر ربيع الأول، كتب إلي بالإجازة وعلق تاريخاً لحوادث زمانه.
علي بن علي بن أبي بكر بن يوسف بن الخصيب الداراني خادم الشيخ أبي سليمان الداراني روى عن شاكر بن التقي أبي النشو وغيره،
مات في المحرم بداريا وكان معمراً، تغير قليلاً بآخره.
علي بن سالم الرمثاوي البهنسي، مات بدمشق في ذي الحجة.
علي بن سنقر العينتابي نقيب الجيش، مات في ربيع الآخر.
علي بن عثمان بن محمد ابن الشمس لؤلؤ الحلبي ثم الدمشقي حدث عن الحجار وغيره، مات في المحرم عن خمس وسبعين سنة ببيت لهيا.
علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عذير القواس علاء الدين بن شرف الدين بن بدر الدين الطائي وعم جده عمر ابن القواس هو آخر من حدث عن السندي بالإجازة، مات في المحرم.
علي بن محمد بن محمد بن النعمان الأنصاري الهوى نور الدين بن كريم الدين ابن زين الدين ولد في حدود الأربعين واشتغل بالفقه ثم تعانى التجارة ثم انقطع وكان كثير المحبة في أهل الصلاح يحفظ كثيراً من مناقبهم لاسيما أهل الصعيد وكان يكثر التردد للقاهرة اجتمعت به بمصر وفي مدينته التي يقال لها هو؛ وهي بالقرب من قوص بالصعيد الأعلى، وكان يذكر عن ابن السراج قاضي قوص وكان وجيهاً في زمانه ومكانه أنه كان في منزله فخرج عليه ثعبان مهول المنظر ففزع منه فضربه فقتله، فاحتمل في الحال من مكانه ففقد من أهله فأقام مع الجن إلى أن حملوه إلى قاضيهم فادعى عليه ولي المقتول، فأنكر فقال له القاضي: على أي صورة كان المقتول؟ فقيل: في صورة ثعبان،
فالتفت القاضي إلى من بجانبه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تزيا لكم فاقتلوه؛ فأمر القاضي بإطلاق المذكور فرجعوا به إلى منزله، وذكر لي بعض أقاربه أن مات في هذه السنة ببلده، وهو عم كريم الدين محتسب القاهرة في سلطنة الناصر فرج.
علي بن محمد الميقاتي نور الدين ابن الشاهد المنجم انتهت إليه الرياسة في عمل الزيج وكتابة التقاويم وقد راج بآخره على الملك الظاهر وقربه وصار شيخ الطرقية وكانت له معرفة بالرمل وغيره، ومات في المحرم.
علي بن محمد بن القاصح نور الدين المقرئ قرأ على المجد الكفتي ونظم قصيدة في القراآت وكان يقرأ في جامع المارداني، مات في ذي الحجة، عمر بن إبراهيم بن القواس الدمشقي السكري العابر كان يجيد تعبير المنامات ويجلس على كرسي بالجامع وقد طلب الحديث كثيراً وقرأ وسمع، مات فجأة وهو في الخلاء ولم يشعروا به إلا في ثاني يوم وذلك في ذي القعدة.
عمر بن إيدغمش الحلبي عتيق بني النصيبي المسند المعروف بالكبير ولد سنة تسع عشرة وسمع من العز إبراهيم بن صالح ابن العجمي وكان خاتمة أصحابه بالسماع كما أنه خاتمة أصحاب مشيخة يوسف بن خليل بالسماع، مات في تاسع عشر المحرم، وكنت لما رحلت إلى دمشق سنة اثنتين وثمانمائة عزمنا على الرحلة إلى حلب لأجله وأنا أظن أنه حي فبلغني وفاته فتأخرت عنها لأنه كان مسندها ودهم الناس اللنك فرجعت إلى القاهرة ولم يحصل لي منه إجازة فيما أعلم
وقد أجاز ابن صالح المذكور لشيخنا برهان الدين التنوخي وقرأت عليه بها من مسموعات ابن صالح وسمعت عشرة الحداد علي الحافظ برهان الدين الطرابلسي بسماعه من عمر المذكور وغيره وكان جندياً عارفاً بالصيد ثم ترك ذلك واستمر في صناعة الفراء المصيص حتى مات وقد سمع الشمائل وأكثر عنه الحلبيون والرحالة.
عمر بن محمد البعلي المعروف بابن التركماني أحد الشهود ببعلبك وله نظم نازل وكان لا يشاقق رفقته ولا يشاطط في الأجرة، مات في ثامن عشر المحرم وقد جاوز الثمانين.
عمر بن يوسف البالسي المؤذن اشتغل بالحديث ومهر فيه وسمع الكثير مع الخير والدين، مات بوادي الصفراء وهو متوجه إلى مكة في آخر ذي القعدة.
عمر القرمي ثم الحلبي كان ماهراً في العلم عارفاً بالأدب والنظم، قدم من بلاده فأقام بحلب ثم تحول إلى دمشق فأقام بها مدة ثم توجه منها إلى مصر فمات بها في الطريق.
عمر بن سراج الدين عبد اللطيف القوي ولد سنة أربعين وسبعمائة وأخذ بالقاهرة عن جمال الدين الأسناي وشمس الدين الكلاي وغيرهما ثم دخل دمشق فأقام بها مدة وصحب القاضي ولي الدين ابن أبي البقاء وفتح الدين ابن الشهيد ثم ارتحل إلى حلب فأقام بها واستمر يشغل بالجامع الكبير وولي القضاء للعسكر وتدريس الظاهرية قال الشيخ شهاب الدين ابن حجي: كان فاضلاً وله معرفة بالأدب وصار من علماء الحلبيين وذكر لي جمال الدين ابن العراقي أنه كان يعتني في دروسه بشيء خفي وهو أن الدرس مثلاً إذا كان في باب من أبواب الفقه يعتني بما يتعلق بنظير تلك المسألة من باب
آخر فيصرف وجه مطالعته إليه حتى يتقنه إتقاناً بالغاً فإذا شرع في درس ذلك الباب وشورك فيه انتقل إلى النظير فأبهت الحاضرين من قوة استحضاره ما يتعلق بذلك النظير وكان ماهراً في الفرائض مشاركاً في غيرها سريع الإدراك كثير الاشتغال، واتفق أنه خرج من حلب إلى دمشق في أواخر المحرم وخرج منها قاصداً القاهرة فاغتيل في خان غباغب ولم يعرف قاتله وذهب دمه هدراً، ويقال إنه تتبع من حلب وكان جال في البلاد ونظم نظماً حسناً ورحلا من حلب إلى دمشق ففقد الطريق وكان قد درس بحلب وحصل بها وظائف، مات في ربيع الأول وقد جاوز الستين.
فاطمة بنت محمد بن أحمد بن السيف محمد بن احمد بن عمر بن أبي عمر المقدسية ثم الصالحية سمعت من جدها أربعي أبي الأسعد وأجاز لها ابن الشحنة وأيوب الكحال وغيرهما وماتت في شهر رمضان.
قنبر بن عبد الله العجمي الشرواني الأزهري كان شافعي المذهب اشتغل في بلاده وقدم الديار المصرية قبل التسعين فأقام بالجامع الأزهر وكان معرضاً عن الدنيا
قانعاً باليسير. وكان ملبوسه في الصيف والشتاء سواء قميص ولباد وعلى رأسه كوفية لبد، وكان لا يتردد إلى أحد ولا يسأل من أحد شيئاً، وإذا فتح عليه بشيء أنفقه على من حضر، وكان يحب السماع والرقص ويتنزه في أماكن النزهة على هيئته، وتمهر في الفنون العقلية وتصدر بالجامع الأزهر وشغل الطلبة، وكان حسن التقرير جيد التعليم مذكوراً بالتشيع، وشوهد مراراً يمسح على رجليه من غير خف، مات في شعبان اجتمعت به مراراً وسمعت درسه.
كمشبغا بن عبد اله الحموي اشتراه ابن صاحب حماة وهو صغير ورباه ثم قدمه للناصر حسن، ثم أخذه يلبغا العمري بعد قتل حسن وصيره رأس نوبة عنده، وسجن بعد مسك يلبغا ثم أفرج عنه في دولة الأشرف وخدم في بيت السلطان، فلما قتل الأشرف أمر بحلب نائباً ثم عمل بدمشق تقدمة ثم نيابة حماة ثم عمل نيابة الشام ثمانين ثم ناب في صفد ثم طرابلس وتنقلت به الأحوال، وعمل نيابة طرابلس مدة ثم قبض عليه وسجن بها ثم أفرج عنه يلبغا الناصري وتوجه معه لمصر وولاه نيابة حلب، وقاتل معه ورجع إلى حلب، فلما استقر الظاهر في السلطنة أحضره إلى القاهرة واستقر أتابك العساكر، ثم غضب عليه في أول سنة ثمانمائة واعتقله بالإسكندرية إلى أن مات في رمضان، ولم يعش الظاهر بعده إلا أياماً يسيرة دون العشرين، وكان شكلاً حسناً مهاباً عالي الهمة، وهو الذي جدد سور حلب وأبوابها وكانت خراباً من وقعة هولاكو، ولما قام عليه أهل حلب فتك في أهل بانقوسا، ثم
لما انتصر الظاهر على منطاش قبض على القاضي شهاب الدين ابن أبي الرضى واستصحبه معه كالأسير إلى أن هلك معه من غير سبب ظاهر، فاتهم بأنه دس عليه من خنقه وذلك أنه كان أشد من ألب عليه في تلك الفتنة فانتقم منه لما قوي عليه رحمه الله تعالى. قال العينتابي: كان مشتغلاً بنفسه قضى أكثر عمره في ملاذ الدنيا ولم يشهر عنه من الخير إلا القليل مع العسف والظلم وسفك الدماء انتهى ملخصاً.
محمد بن أحمد بن عبد الحميد بن محمد بن غشم بفتح الغين وسكون السين المعجمتين المقدسي ثم الصالحي شمس الدين، روى عن زينب بنت الكمال بالحضور، مات في رابع شوال وهو في عشر السبعين.
محمد بن أحمد ابن أبي العز بن أحمد بن أبي العز بن صالح بن وهيب الأذرعي الأصل الدمشقي الحنفي شمس الدين بن النشو ولد سنة إحدى وعشرين وأسمع علي الحجار وأسحق الآمدي وعبد القادر بن الملوك وغيرهم وحدث، وكان أحد العدول بدمشق، مات في صفر.
محمد بن أحمد بن عمر العجلوني شرف الدين أبو بكر نزيل حلب المعروف بخطيب سرمين وكان اصله من عجلون ثم سكن أبوه عزاز وولي أبو بكر خطابة سرمين، وقرأ بحلب علي الباريني وسمع من ظهير الدين ابن العجمي، وغيره وحج وجاور ووعظ على الكرسي بحلب ثم في آخر عمره جاور حتى مات بمكة، وكان ينتسب جعفرياً ويقول إنه من ذرية جعفر بن أبي طالب، وكانت له عناية بقراءة الصحيحين ويحفظ أشياء تتعلق بذلك ويضبطها، وكتب عن أبي عبد اله بن جابر الأعمى المغربي قصيدته البديعية وحدث بها عنه، سمعتها منه لما اجتمعت به بمكة في أول هذه السنة،
وجاور بمكة مراراً، مات بها في سادس عشري صفر، وقد تقدم في أبي بكر وكأنها كانت كنيته ولكنه كان بها أشهر.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي المصري شمس الدين المعروف بابن النجم الصوفي نزيل مكة تسلك على يد الشيخ يوسف العجمي وتجرد وجاور بمكة ثم بالمدينة بضع عشرة سنة، ومات بها في ربيع الأول، وكان كثير العبادة. قال ابن حجي: على طريقة ابن العربي جاوز الستين.
محمد بن أحمد بن مسلم الناهي الحنبلي شمس الدين.
محمد بن أحمد بن موسى الدمشقي الفقيه الشافعي بدر الدين الرمثاوي اشتغل كثيراً ونسخ بخطه الكير ودرس بالعصرونية، ومات في ربيع الأول، وكان قد أفتى ودرس وكان منجمعاً قليل الشر جاوز الأربعين.
محمد بن حاجي بن محمد بن قلاوون الصالحي الملك المنصور بن الملك المظفر بن الناصر ولد سنة ثمان وأربعين وولي السلطنة بعد عمه الناصر حسن في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين ومدبر المملكة يومئذ يلبغا، وسار معه إلى الشام وكان عمره إذ ذاك نحو خمس عشرة سنة فترعرع بعد أن رجع من السفر وكثر أمره ونهيه، فخشي يلبغا منه فأشاع أنه مجنون وخلعه من السلطنة في شعبان سنة أربع وستين فكانت مدة سلطنته سنتين وشهرين وخمسة أيام، واعتقل في الحوش في المكان الذي به ذرية الملك الناصر إلى الآن، مات في المحرم في تاسعه، وحضر الصلاة عليه الملك الظاهر برقوق وقرر مرتباً لأولاده وعدتهم عشرة أنفس.
محمد بن سعيد بن مسعود بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم ابن أحمد أبو عبد الله نسيم الدين بن سعد الدين النيسابوري ثم الكازروني الفقيه الشافعي نشأ بكازرون وكان يذكر أنه من ذرية أبي علي الدقاق وأنه ولد سنة خمس وثلاثين وأن المزي أجاز له، اشتغل بكازرون على أبيه وبرع في العربية وشارك في الفقه وغيره مشاركة حسنة مع عبادة ونسك وخلق رضي، وأقام بمكة مدة طويلة وحج سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة فجاور بها إلى أن رجع في سنة ثمان وتسعين، وكان حسن التعليم غاية في الورع في عصرنا وانتفع به أهل مكة، ومات ببلاده بلار في هذه السنة وله خمس وستون سنة.
محمد بن علي بن عثمان ابن التركماني بهاء الدين ابن المصري خازن كتب النورية وغيرها بدمشق، أحضر على أصحاب الفخر وغيرهم، ولم يكن مرضياً، مات في صفر.
محمد بن علي بن عطاء الدمشقي أمين الدين كان فاضلاً بارعاً عارفاً
بالتصوف والعقليات، درس بالأسدية، وكان يسجل على القضاة وإليه النظر على وقف جده الصاحب شهاب الدين ابن تقي الدين، مات في ذي الحجة.
محمد بن علي بن محمد بن علي بن ضرغام بن عبد الكافي البكري شمس الدين أبو عبد الله بن سكر الحنفي المصري نزيل مكة، ولد سنة ثمان عشرة وسبعمائة، وقال مرة: في ربيع الأول سنة تسع عشرة، وطلب الحديث والقراآت فسمع من ابن المصري وصالح بن مختار وعبد القادر الأيوبي وجمع جم من أصحاب النجيب وابن عبد الدائم ثم من أصحاب الفخر ونحوه ثم من أصحاب الأبرقوهي ونحوه ثم من أصحاب الحجار وهلم جرا إلى أن سمع من أصاغر تلامذته وجمع شيئاً كثيراً بحيث كان لا يذكر له جزء حديثي إلا ويخرج سنده من ثبته عالياً أو نازلاً، وذكر لي أن سبب مروياته وشيوخه أنه كان إذا قدم الركب مكة طاف على الناس في رحالهم ومنازلهم يسأل عمن له رواية أو له حظ من علم فيأخذ عنه مهما استطاع، وكتب بخطه ما لا يحصى من كتب الحديث والفقه والأصول والنحو وغيرها، وخطه رديء وفهمه بطيء وأوهامه كثيرة، سمعت منه بمكة وقد قرأ القراآت بها، وكان كثير التخيل وتغير بآخره تغيراً يسيراً، وكان ضابطاً للوفيات محباً للمذاكرة، مات في صفر.
محمد بن علي بن يعقوب النابلسي الأصل شمس الدين نزيل حلب ولد سنة بضع وخمسين، وكان فقيهاً مشاركاً في العربية والأصول والميقات، وكان قد حفظ أكثر المنهاج والتمييز للبارزي وأكثر الحاوي والعمدة والشاطبية والتسهيل ومختصر ابن الحاجب ومنهاج البيضاوي وغيرها وكان يكرر عليها، قال البرهان المحدث بحلب: كان سريع الإدراك وكان محافظاً على الطهارة سليم اللسان
صحيح العقيدة، لا أعلم بحلب أحداً من الفقهاء على طريقته، مات في تاسع شهر ربيع الآخر.
محمد بن محمد بن أحمد بن طوق بدر الدين الكاتب الطواويسي، سمع بعناية زوج أخته الحافظ شمس الدين الحسيني من أصحاب الفخر ونحوهم وحدث عن زينب بنت الخباز وغيرها وأجاز له جماعة، مات في أواخر ذي الحجة، وكان مباشر ديوان الأسرى والأسوار مع الشهرة بالكفاءة، قارب السبعين.
محمد بن محمد بن محمد الحسيني الشريف إمام مسجد العقيبة وناظر الجامع بها، وحصلت له إهانة في أيام حصار الظاهر دمشق بعد خروجه من الكرك من أيدي المنطاشة، فلما ظهر الظاهر رحل هو إلى القاهرة فادعى على الذي أهانه ولم يزل به حتى ضربت عنقه لأمر أوجب ذلك، وولاه السلطان نظر الجامع، ومات يوم تاسوعاء وله نحو الخمسين.
محمد بن محمد بن محمد الرملي ناصر الدين المجود صاحب الخط المنسوب، مات وله بضع وثمانون سنة وكان كتب على القلندري وكتب الناس دهراً طويلا، كتب عليه بدر الدين بن قليج العلائي وابن عمه أبو الخير بالقدس، ثم انتقل إلى الشام فأقام بد دهراً ثم تحول إلى القدس وأقام به، وكتب بخطه شيئاً كثيراً من المصاحف وغيرها، مات في ذي الحجة.
محمد بن محمد بن ميمون الجزائري المعروف بالفخار المالكي أبو عبد الله شارك في الفنون وتقدم في الفقه مع الدين والصلاح وذكرت عنه كرامات ومات في تاسع عشرى رمضان بمكة وقد بلغ الستين، وكان ابن عرفة يعظمه، وأظن أني اجتمعت به أول السنة.
محمد بن محمد الجديدي القيرواني أبو عبد الله تقدم في محمد ابن سعيد.
محمد بن يحيى الخراساني إمام القليجية بدمشق، كان يفهم جيداً، وقال ابن حجي: كان من خيار الناس، مات في صفر.
محمد بن يلبغا اليحياوي ناصر الدين أحد الأمراء الصغار بدمشق وكان ينظر أحياناً في أمر الجامع الأموي، مات في المحرم.
محمد الكلائي صلاح الدين أحد المذكرين على طريق الشاذلية، كان شاهداً بحانوت خارج بابي زويلة ثم صحب الشيخ حسيناً الحبار وخلفه في مكانه وصار يذكر الناس، وبدت منه ألفاظ منكرة فيها جرأة عظيمة على كتاب الله وضبطت عليه أشياء مستقبحة فامتحن مرة،
ذكر لي الحافظ صلاح الدين الأقفهسي أنه سمعه يقول في تفسير قوله تعالى " من ذا الذي يشفع عنده " من ذل ذل نفسه، ذي إشارة للنفس، يشف يحصل له الشفاء، عوا يعني افهموا، قال: فذكرت ذلك للشيخ زين الدين الفاسكوري فمشى معي إلى الشيخ سراج الدين البلقيني فأرسل إليه وعزره ومنعه من الكلام على الناس، فأقام بعدها قليلاً ومات في مستهل ربيع الأول.
محمود بن عبد الله الكلستاني السيرامي الحنفي بدر الدين اشتغل ببلاده ثم ببغداد وقدم دمشق خاملاً فسكن باليعقوبة ثم قدم مصر فتقرب عند الجوباني فلما ولي نيابة الشام قدم معه وولي تدريس الظاهرية ثم ولي مشيخة الأسدية بعد الياسوفي وأعطي تصديراً بالجامع اأيوبي ثم رجع إلى مصر فأعطاه الظاهر وظائف كانت لجمال الدين محمود القيسري كتدريس الشيخونية والصرغتمشية فلما رضي عن جمال الدين استعاد بعضها منها تدريس الشيخونية واستمر بدر الدين في تدريس الصرغتمشية وغيرها، ثم لما سار السلطان إلى حلب احتاج إلى من يقرأ له كتاباً بالتركي ورد عليه من اللنك فلم يجد من يقرأه فاستدعى به وكان قد صحبهم في الطريق فقرأه وكتب الجواب فأجاد فأمره أن يكون صحبة قلماي الدوادار، فلما اتفقت وفاة بدر الدين بن فضل الله ولاه مكانه فباشر الوظيفة بحشمة ورياسة، وكان يحكي عن نفسه انه
أصبح في ذلك اليوم لا يملك الدرهم الفرد فما أمسى ذلك اليوم إلا وعنده من الخيل والبغال والجمال والمماليك والملابس والآلات ما لا يوصف كثرة، وكانت ولايته في ثاني عشري شوال، وكان حسن الخط جداً مشاركاً في النظم والنثر والفنون مع طيش وخفة، مات في عاشر جمادى الأولى وخلف أموالاً جمة، ويقال إنها وجدت مدفونة في كراسي المستراح، وكانت مدة ضعفه ستة وأربعين يوماً فاستمر في كتابة السر القاضيفتح الدين فتح الله بن مستعصم نقلاً من رياسة الطب، ويقال إن السلطان اختاره لذلك فقرره فيها بغير سعي منه، وقال العينتابي: كان الكلستاني فاضلاً ذكياً فصيحاً بالعربية والفارسية والتركية، ونظم السراجية في الفرائض وغيرها وكان في رأسه خفة وطيش وعجلة وعجب ثم وصفه بخفة العقل والبخل المفرط وأنه قاسى في أول أمره من الفقر شدائد، فلما رأس وأثرى أساء لكل من أحسن إليه وجمع مالاً كثيراً لم ينتفع منه بشيء، وقد انتفع به من استولى عليه بعده وكانت ولايته لكتابة السر بعد موت البدر بن فضل الله في شوال سنة ست وتسعين، وجرى بعده في وصيته كائنة لشهودها منهم القاضي زين الدين التقهني الذي ولي القضاء بعده، قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري أن السلطان أمر ابن خلدون أن يفصل المنازعة التي وقعت بين الأوصياء والحاشية، فعزل الأمراء أنفسهم، فعزر ابن خلدون التفهني ورفيقه بالحبس وأبطل الوصية بطريق باطل لظنه أن ذلك يرضي السلطان، فلما بلغ السلطان ذلك أنكره وأمر بإبقاء الوصية على حالها،
ووصفه العيني كما تقدم بالطيش والبخل والعجب وبالغ في ذمه، وليس كما قال فقد أثنى عليه طاهر بن حبيب في ذيل تاريخ والده ووصفه بالبراعة في الفنون العلمية، وقد قرأت بخطه لغزاً في القلم في غاية الجودة خطاً ونظماً، وكان كثير الوقيعة في حق كتاب السر لاقتصارهم على ما رسمه لهم شهاب الدين بن فضل الله وتسميتهم ذلك المصطلح وغضهم ممن لا يعرف ذلك، وحاول مراراً أن يغير المصطلح على طريقة أهل البلاغة ويعتني بمراعاة المناسبة،