الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واتفق أن شوال كان يوم الجمعة
…
الذين ينظرون في النجوم
…
عظيمة منها ففي غضون الشهر فإن نجا نجا إلى آخر السنة فإن نجا منها طال عمره جداً وبلغه شيء من ذلك وكان كثير التنقيب عن ذلك فقلق وتوهم وصلى العيد وهو في غاية التوهم فلما فرغ سالماً تصدق بأشياء، ثم في الخامس من شوال ابتدأ بالسلطان الضعف وذلك لأنه لعب بالرمح في ذلك اليوم يوم الثلاثاء ورجع فقدم إليه عسل نحل كختاوي فأمعن في الأكل منه فأصابته حمىً حادة فانغمر وواظبه الأطباء فأرجف بموته يوم السبت تاسعه وتصدق في مدة ضعفه بصدقات كثيرة جداً ووقعت بالقاهرة هجة عظيمة وقفلت الحوانيت واشتهر أن الأمراء ركبوا ثم ظهر فساد ذلك، ثم في يوم الأربعاء وقعت هجة عظيمة أعظم من تلك وأرجفوا بموته ثم ظهر أنه أصابه الفواق وظهر عليه الورشكين وأحس بالموت فطلب الخليفة والقضاة والأمراء وعهد بالسلطنة لولده فرج يوم الخميس ثم من بعده لولده الآخر عبد العزيز ثم من بعده لولده الثالث إبراهيم وكتب العهد وأوصى بعطايا كثيرة وقرر أيتمش أتابك العساكر القائم بالأمر ويربى السلطان الجديد إلى أن يكبر.
من أصحاب الوظائف
كان من يذكر يومئذ من أصحاب الوظائف
فالدوادار الكبير بيبرس، ابن أخت السلطان وأمير آخور سودون قريبه ويشبك خازندار وتغري بردى أمير سلاح، فلما دخلت ليلة الجمعة دخل في النزع إلى أن مات وقت التسبيح، فأصبح الأمراء والخليفة والقضاة مجتمعين في القصر فأحضر ولي العهد فأقعد على الكرسي وخلعت عليه خلع السلطنة وبايعه الخليفة والقضاة ولقب الناصر وكني أبا السعادات، ثم شرعوا في تجهيز الملك الظاهر وتقدم في الصلاة عليه خارج باب القلعة قبيل الزوال قاضي القضاة الشافعي صدر الدين المناوي وأخرج بجنازته إلى الصحراء فدفن بتربته التي أنشأها، وكان في جملة وصيته أنها تكمل وعين القدر الذي يصرف عليها ففعل ذلك بعده، وكان من جملة أوصيائه يلبغا السالمي والقاضي الشافعي وسعد الدين ابن غراب ناظر الخاص، وكانت جنازته مشهودة لم ير بعد جنازة الناصر محمد بن قلاوون جنازة سلطان مثلها، وخطب للناصر على المنابر بمصر والقاهرة في هذا اليوم وفي صبيحة هذا اليوم بشر أمين النيل ابن أبي الدرداء بزيادة النيل واستمر أيتمش بالولاة في البلاد فكان تنم بدمشق ودمرداش المحمدي بحماة وآقبغا الجمالي بحلب والطنبغا العثماني بصفد ويونس الظاهري بطرابلس وسودون الظريف بالكرك،
وكان أول ما تغير عليه من الأحوال أن الأستادار يلبغا المجنون قبض عليه ونهب داره واستقر عوضه مبارك شاه ثم صرف واستقر عوضه في الأستادارية تاج الدين ابن أبي الفرج مضافاً إلى الوزارة وحضر القضاة للبس الخلع بسبب السلطنة فخلع على بعض الأمراء فقامت هجة فنزل القضاة ومن معهم هاربين وظهر أنهم أمسكوا أربعة أمراء مقدمين وهم رسطاي وتمراز وتمربغا المنجكي ويلبغا المجنون وجماعة دونهم وخلع على الأمير الكبير وأمير سلاح والدويدار.
وفي الخامس والعشرين من شوال جددوا الأيمان للسلطان والأمير الكبير وتولى يلبغا السالمي تحليف المماليك مع بعض الموقعين حتى استوفاهم في عدة أيام وكان عدة من أنفق عليهم من المماليك المشترين ومماليك الخدمة المختصة بالسلطان أربعة ألاف ماءة وثلاثين وكان قدر ما أعطي لكل واحد منهم بوصية من الظاهر أنفق على المماليك كل واحد ألف درهم هؤلاء الخواص، وأما من دونهم فكل واحد خمسمائة درهم وذلك في حادي عشرين شوال، ثم قبض على جماعة من الأمراء منهم رسطاي وتمراز وتمربغا وبلاط وطولو، وفي آخر شوال أشار يلبغا السالمي على الأمير أيتمش أن يقرر ما يرتجع من مال من يقبض عليه من الأمراء على شيء معين لأن الأمير كان إذا قبض عليه قاسى من كان يباشر
عليه بسبب المرتجع من تركته البلاء المبرم فاستقر الحال على أن يكون على الأمير المقدم خمسين ألف درهم وعلى أمير الطبلخاناه عشرين ألف درهم وعلى من معه إمرة عشرين عشرة آلاف درهم وعلى أمير عشرة خمسة آلاف درهم وكتبت بذلك مراسيم وخلدت في الدواوين واستقر الحال على ذلك، وفيه صرف الشهاب أحمد بن الزين الشامي من ولاية القاهرة واستقر عيسى الشامي وكان ابن الزين هرب ثم ظفر به فضربه بالمقارع وصودر.
وفيها ثار تنم نائب الشام فأظهر الخلاف وملك القلعة وطرد النائب بها واستمر على الخطبة للناصر فرج وكان المتكلم في الدولة الناصرية بالقاهرة أرسل نائباً يحفظ القلعة فاتفق وصوله بعد أن ملك تنم القلعة فلم يمكنه دخولها، ثم أظهر أن رجلاً فداوياً أراد الفتك به فقبض عليه ومعه سكين وقرره بحضرة الناس فأقر أن كبير الأمراء المصريين أرسله لذلك فتنمر وأظهر ما كان يبطن وكاتب نواب البلاد فأطاعوه ووثب نائب حماة فتملك القلعة وكذلك نائب صفد وأما نائب قلعة حلب فأخذ حذره فلم يمكن نائب حلب من قلعتها، ولما قبض المماليك النفقة تصرفوا فيها وكان أكثرها دنانير فرخص سعر الذهب لكثرة وجوده في أيدي الناس إلى أن صار الهرجة بخمسة وعشرين والأفرنجي بعشرين، ثم نودي في ثامن ذي القعدة أن سعر الإفرنجي بثمانية وعشرين والهرجة بثلاثين، وتوجه علاء الدين الطبلاوي من القدس إلى دمشق فاستقر به الأمير تنم في خدمته وكان استدعاه إليه.
وفي رابع عشر ذي القعدة سعى الشيخ أصلم في وظيفة المشيخة بالخانقاه بسرياقوس
وكان الذي قرر عوضه فيها وهو الشريف فخر الدين مات فأجيب إلى سؤاله واستقر.
وفي ي لقعدة صرف يلبغا السالمي عن النظر في المدرسة الشيخونية وما معها وقرر مكانه أرغون شاه البيدمري وكان السالمي قد شدد على أهل الشيخونية ومدرسيها خصوصاً مدرس الشافعية وهو قاضي القضاة صدر الدين المناوي وأشاع السالمي عنه أنه فرح بموت الملك الظاهر وأنه لما سمع بموته سجد شكراً لله تعالى، فلما باغه ذلك تأذى به وخشي ما يترتب عليه فركب إلى شيخ الإسلام البلقيني وخضع له وشكا إليه حاله مع السالمي وكان السالمي قد تسلط على الشيخ بأمر آخر فركب الشيخ معه وطافا على الأمراء إلى أن عزل السالمي واصطلح الشيخ والقاضي وكان ما بينهما قبل ذلك متباعداً.
وفي سابع عشر من ذي القعدة عقد مجلس بشيخ الإسلام والقضاة عند الأمير الكبير وسئلوا عن المال الذي خلفه الملك الظاهر بالخزانة هل يورث عنه أو هو لبيت المال؟ فقال البلقيني: ما كان محصل له من إقطاعه ومن تجاراته فهو لورثته وما عدا ذلك فهو في بيت المال فقيل له إنه مختلط فقال: يجعل لورثته منه جزء فاختلفوا من الثلث إلى السدس، وقيل أن الشيخ قال: يجعل له الخمس، ولم يثبت ذلك.
وفي الثالث عشرين من ذي القعدة ولي السالمي الأستادارية وصرف تاج الدين ابن أبي الفرج، فكان منذ وفاة الظاهر قد وليها أربعة أنفس في مدة شهر وثمانية أيام وكانت مباشرة ابن أبي الفرج منها دون الشهر
وفيه قبض على سودون أمير آخور قريب السلطان بسبب أنه امتنع من تسليم الاصطبل ليسكنه الأمير الكبير واستقر عوضه أمير آخور سودون الطيار وفيه في الثالث عشر منه صرف تاج الدين بن ابي الفرج من الوزارة واستقر عوضه شهاب الدين بن قطينة وتسلم تاج الدين المذكور وكانت مدة ولايته الوزارة دون الشهر.
وفي سلخ ذي القعدة صرف شمس الدين الشاذلي عن حسبة مصر وأعيد الشيخ نور الدين علي بن محمد بن عبد الوارث إليها، وفي مستهل ذي القعدة صرف الشيخ تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي عن وظيفة الحسبة بالقاهرة واستقر عوضه الشيخ بدر الدين محمود بن أحمد الحنفي، وهي أول ولاياته لها وكان قبل ذلك طالباً بالظاهرية فأخرج منها فتوجه لبلاده ثم عاد وهو في غاية القلة، فتردد إلى الأمراء فسعى له بعضهم وهو جكم في حسبة القاهرة فوليها في هذا التاريخ سابع ذي الحجة فلم تقم معه سوى بقية الشهر، فلما استهل المحرم استقر جمال الدين محمد ابن عمر الطبنذي وصرف العينتابي وكان القائم في ذلك كزل دوادار أيتمش.
قرأت ذلك في تاريخ العينتابي ثم اعيد العينتابي في رابع عشر ربيع الآخر من سنة اثنتين ثم عزل منها بعد شهر وأعيد المقريزي،
وفي الرابع من ذي الحجة صرف ابن قطينة عن الوزارة واستقر عوضه فخر الدين ابن غراب وكان يباشر نظر الإسكندرية.
وفيها وصل قاصد نائب الشام يذكر أن طائع وسأل استمراره على نيابة الشام وتحليف الأمراء له، ففعلوا له ذلك وحلف الأمير الكبير ومن معه بحضرة القضاة وشيخ الإسلام ووضعوا خطوطهم بذلك وتوجه قاصده إليه بذلك، وفي ذي الحجة وصل اسنبغا الدويدارإلى سلمية فلبس نعير أمير العرب خلعة السلطان وأظهر الطاعة وجهز التقدمة وكان قبل ذلك قد اتفق مع قرا يوسف أمير التركمان وحاصر الأمير دمشق بن سالم الدوكاري التركماني مدة طويلة ثم اصطلحوا، وفي هذه السنة حاصر أبو يزيد بن عثمان ملطية والأبلتين وتسلمهما وحاصر درنده