الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر حوادث أخرى
غير ما يتعلق بالمتغلبين
فيها في ثالث ربيع الآخر قرر جماز بن هبة في إمرة المدينة عوضاً عن عجلان بن نعير، وفيها استقر جمال الدين الكازروني في قضاء المدينة خاصة دون الخطابة، فاستمرت بيد ابن صالح.
وفي صفر فشا الطاعون بحمص وحماة وطرابلس ومات به خلق كثير.
وفيه واقع التركمان الأمير نوروز بملطية فكسروه كسرة شنيعة.
وفيه رتب جمال الدين الأستادار للقاضي جلال الدين البلقيني على تصدر بالجامع الأموي خمسمائة درهم في الشهر يقبضها من مباشري الجامع ألف درهم قرأت ذلك بخط القاضي شهاب الدين ابن حجي رحمه الله.
وادعى شهاب الدين ابن نقيب الأشراف على صدر الدين ابن الأدمي بأنه سب الناصر، فعقدوا له مجلساً فأنكر فشهد عليه الشهاب المذكور فاستخصمه صدر الدين وقال إنه عدوه، فبلغ ذلك نائب الغيبة فصدق صدر الدين وأطلقه، ثم اتفق ابن الكشك وصدر الدين على قسمة الوظائف بينهما، وأشهد ابن الأدمي على نفسه أنه إن عاد إلى السعي في القضاء يكون لابن الكشك عنده ألف دينار، وحكم نائب الحنفي بصحة التعليق والمالكي بصحة الالتزام، ثم بطل ذلك عن قرب، وحكم ابن العديم ببطلان ذلك الحكم لأن صدر الدين أثبت عنده أنه كان يومئذٍ مكرهاً، وأعيد ابن الأدمي إلى القضاء قبل خروج الناصر من دمشق.
وفي رابع عشر ربيع الآخر عقد عقد بنت الناصر على بكتمر جلق وهو أسن من أبيها، وتولى الناصر العقد لقنه إياه القاضي جلال الدين وقبله للزوج تغرى بردى الأتابك.
وفي ثامن عشره أعيد ابن الأدمي إلى قضاء الحنفية وصرف ابن الكشك.
وفي جمادى الأولى قدم من حلب جمال الدين الحسفاوي قاضي الشافعية بها، ومحب الدين ابن الشحنة قاضي الحنفية بها، وأخوه قاضي المالكية بها، وكانوا طلبوا من جهة السلطان لكونهم بايعوا جكم بالسلطنة وأفتوه بقتال السلطان، ثم هرب ابن الشحنة وأدخل الآخران القاهرة.
وفي التاسع من جمادى الأولى نزل السلطان بلبيس فقبض على جمال الدين الأستادار وعلى ابنه وابن أخته وعامة من يلوذ بهم، وهرب أخوه شمس الدين البيري وطائفة، وكان الناصر قد تخيل منه في هذه السفرة أنه تمالأ عليه، وأنه يريد أن يمسكه، ووجد أعداؤه سبيلاً إلى الحط عليه عنده إلى أن تغير عليه وأمسكه، ودخل الناصر القلعة في حادي عشره وتقدم إلى كاتب السر فتح الله بحفظ موجود جمال الدين فاستعان فتح الله على ذلك بالقضاة فلم يزل جمال الدين وولده يخرجان ذخيرة بعد ذخيرة إلى أن قارب جملة ما تحصل من موجودهما ألف ألف دينار، وأحضره الناصر مرة وتلطف به ليخرج بقية ما عنده وجد وأكد اليمين واعترف بخطائه واستغفر فرق له وأمر بمداواته، فقامت قيامة أعدائه وألّبوا عليه إلى أن أذن لهم في عقوبته وسلمه لهم، فلم يزالوا به حتى مات خنقاً بيد حسام الدين الوالي، وقطعت رأسه فأحضرت بين يدي الناصر، فردها وأمر بدفنه، وذلك في حادي عشر جمادى الآخرة، واستقر تاج الدين عبد الرزاق ابن الهيصم في الأستادارية موضع جمال الدين، فلبس زي الأمراء وترك زي الكتاب، واستقر أخوه مجد الدين عبد الغني في نظر الخاص، وسعد
الدين ابن البشيري في الوزارة وأضيف إلى تقي الدين ابن أبي شاكر ناظر ديوان المفرد أستادارية الأملاك والذخائر السلطانية عوضاً عن أحمد ابن أخت جمال الدين؛ ومن غريب ما اتفق في ذلك أنه كان ظفر من تركة بعض الأكابر بحاصل فيه ذهب وعلبة ملأى فصوص وجواهر نفيسة، فبلغ السلطان ذلك، فطلبه من الأمير جمال الدين فأنكره وأودع ذلك عند جندي يقال له جلبان، فلما قبض على جمال الدين وأمر بحمل ما عنده من الأموال ذكر أن له عند جلبان وديعة نحو عشرة قفف ذهباً، فطلع المذكور فغلب عليه الخوف فأحضر الذهب والعلبة التي فيها الجواهر، فانبسط الناصر، وبلغ ذلك جمال الدين فشق عليه مشقة شديدة.
وفي أواخر جمادى الأولى استقر شهاب الدين أحمد بن أوحد الخادم بالخانقاه الناصرية بسرياقوس في مشيختها عوضاً عن شمس الدين القليوبي بحكم وفاته.
وفي سابع جمادى الآخرة امسك بلاط أحد المقدمين وكزل حاجب الحجاب، وبعثا إلى الإسكندرية للاعتقال، وقرر يلبغا الناصري في الحجوبية.
وفي تاسعه صرف ابن شعبان عن الحسبة وأعيد الطويل وفيه صرف البرقي عن قضاء العسكر، واستقر حاجي فقيه.
وفي حادي عشر جمادى الآخرة استقر علاء الدين الحلبي قاضي غزة في مشيخة بيبرس عوضاً عن شمس الدين البيري أخي جمال الدين بحكم تسحبه بعناية فتح الله؛ واستقر نور الدين التلواني في تدريس الشافعي عوضاً عنه بعناية قردم.
وفيه أحضر الناصر الشيخ شهاب الدين الزعيفريتي، وكان نقل له عنه أنه كتب ملحمة زعم فيها أن الملك يصل لجمال الدين ثم إلى ابنه أحمد، ونظم ذلك في قصيدة، فأمر الناصر بقطع لسانه وبعض عقد أصابع يده اليمنى، واعتقل ثم أفرج عنه، وأقام ببيته مدة
الناصر يظهر الخرس إلى أن أقبلت الدولة المؤدية وتكلم، فعد ذلك من قوة تمكنه من عقله، وعظيم جلده وصبره، ولم يمتنع أيضاً من الكتابة، بل كتب مع فساد بعض أصابعه لكن دون خطه المعتاد.
وفي سابع رجب أعيد ابن شعبان إلى الحسبة وعزل الطويل؛ ثم عزل ابن شعبان واستقر محمّد بن يعقوب الدمشقي في ثامن عشر من رجب، ثم صرف في ثاني شعبان واستقر كريم الدين الهوى.
وبلغ النيل في هذه السنة في الزيادة إلى اثنين وعشرين ذراعاً، وكسر الخليج في أول يوم من مسرى وثبت إلى نصف هاتور، وبلغ سعر القمح من ذلك في شعبان إلى ثلاثمائة الإردب، والشعير والفول إلى مائتين، والحمل التبن إلى مائة وعشرين.
وفي شعبان قبض الشيخية بدمشق على الإخنائي قاضي الدمشقية وكانوا قد نقموا عليه فكاتبه نوروز فسجن بالقلعة، ثم هرب منها إلى صفد، فأكرمه النائب بها من جهة الناصر، وهو شاهين الزردكاش، وأرسل الإخنائي إلى الناصر يغريه بالأمير شيخ ويحثه على سرعة الحركة إلى الشام.
وفي أواخر شعبان فوض شيخ خطابة جامع دمشق لشرف الدين التباني وكان قد فر من القاهرة إليه في أواخر العام الماضي، فأنكر الشاميون ذلك، لعهدهم أن الخطابة إنما هي للشافعية، فكاتبوه بذلك، فاستناب الباعوني وباشر شرف الدين التباني مشيخة السميساطية خاصة، وأضيف إليه درس الخاتونية، وتصدر بالجامع الأموي.
وفي مستهل رجب قبض على نصراني فادعى عليه أنه كان أسلم، وأقيمت عليه البينة بذلك فاعترف فعرض عليه الإسلام فامتنع فضربت رقبته بين القصرين.
وفي ثالث عشر شعبان قتل شخص شريف لأنه ادعى عليه أنه عوتب في شئ فعله فعزر بسببه، فقال: قد ابتلى الأنبياء، فزجر عن ذلك فقال: قد جرى على رسول الله في حارة اليهود أكثر من هذا، فاستفتى في حقه فأفتوا بكفره، فضربت عنقه بين القصرين بحكم القاضي المالكي شمس الدين المدني.
وفي ثالث عشر شوال أعيد ابن شعبان إلى الحسبة وصرف الهوى، وفي الثالث والعشرين منه كان الناصر توجه إلى وسيم عند مرابط خيله فرجع منه، فلما وصل الميدان بالقرب من قناطر السباع أمر بالقبض على قردم الخازندار. وكان شاع عنه وهو في السفر أنه اتفق مع جمال الدين على الفتك بالسلطان وأمر أيضاً بالقبض على أينال الساقي وهو حينئذ رأس نوبة كبير، فقبض على قردم وشهر أينال سيفه فلم يلحقه غير الأمير قجق، فضربه على يده ضربة جرحه بها، واستمر أينال هارباً، ثم ظفر به في ذي الحجة فسجن في الإسكندرية، ثم آل أمره إلى أن صار تاجراً في المماليك يجلبهم من البلاد ويربح منهم الربح الكثير، وقد قدم في الدولة المؤيدية مرتين بذلك وحصل مالاً طائلاً، وسجن قردم بالإسكندرية.
وفي شوال استقر ابن خطيب نقرين في قضاء دمشق وصرف الحسباني، وفيه استقر شمس الدين محمّد بن علي بن معبد المدني في قضاء المالكية وصرف البساطي.
وفي أواخر ذي القعدة استقر حسام الدين في ولاية القاهرة.
وفيه صرف الزيدي، وكان ظالماً فاجراً ولي شد الدواوين فأباد أصحاب الأموال وبالغ في أذاهم فكان عاقبة أمره أن ضربت عنقه صبراً بالقاهرة.
وفي ذي الحجة قدم على شيخ بحمص الشيخ أبو بكر بن تبع وذكر أن شخصاً حضر إليه وذكر له أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول: ارجع عما أنت فيه وإلا هلكت، قال: يا رسول الله! ما يصدقني، قال: اذهب إلى ابن تبع فقل له يذهب إليه، قال: فإن لم يقبل من ابن تبع. قال: قل له فليقل له ما كلامه كيت وكيت، وذكر له ذكراً جرت عادة شيخ أن يحوط به نفسه عند النوم وعند القتال، فقص أبو بكر بن تبع ذلك على شيخ فصدق الإمارة وكتب إلى دمشق بأنه رجع عن المظالم، وكتب إلى أتباعه بالكف عن المصادرات ورد الأوقاف إلى أهلها ونودي بذلك في البلد، وكتب إلى قضاة دمشق بالكشف عن شمس الدين ابن التباني، وكان قد فوض إليه نظر الجامع والأوقاف وظهر عليه جملة مستكثرة ثم جاملوه وكتبوا له محضراً بأنه حسن المباشرة وأرسل مرجان الهندي خازندره يكشف عن حسابات الأوقاف وإلزام المباشرين عليها بعمارتها.
وفيها قتل محمّد بن أميرزا شيخ بن عم تمرلنك سلطان فارس، قام عليه أخوه إسكندر شاه فغلبه وكان محمّد كثير العدل والإحسان فيما يقال فتمالأ عليه بعض خواصه فقتله تقرباً إلى خاطر أخيه إسكندر واستولى إسكندر على ممالك أخيه فاتسعت مملكته.
وفيها أفرط النيل في الزيادة إلى تكملة العشرين ثبت ثباتاً زائداً عن العادة إلى نصف هاتور، ثم يسر الله بنزوله على العادة.
وفي أول يوم من جمادى الآخرة ضرب إمام قبة الصخرة بالمقارع بأمر السلطان وحبس بسجن ذوي الجرائم، والسبب فيه أنه قدم رسولاً من شيخ يعتذر عن قتال بكتمر جلق وأنه الذي بدأه بالقتال، فلم يلتفت له فأمر بضرب هذا وتوسيط رفيقه وهو من المماليك، وفيها مات داود بن سيف أرغد الحطي - بفتح المهملة وكسر المهملة الخفيفة بعدها ياء خفيفة - الحبشي الأمحري - بحاء مهملة - صاحب مملكة الحبشة وقدمت رسله على الظاهر
بهدية، وجهز له الظاهر هدية ورسولاً وهو برهان الدين الدمياطي فذكر أنه رآه حاسر الرأس عرياناً وعلى جبينه عصابة حمراء وكذا كان سلفهم فلما مات داود أقيم ابنه تدروس فهلك سريعاً فأقيم أخوه إسحاق فسلك سبيل الملوك وتزيا بزي أهل الحضر والسبب فيه أن نصرانياً كان يقال له فخر الدولة حصلت له كائنة بمصر ففر إلى الحبشة فقربه إسحاق فرتب له المملكة وأشار عليه بأن يتزيا بغير زي قومه وجبا الأموال وضبط الأمر ودخل إليه مملوك يقال له الطنبغا فتعلم من عنده صناعة الحرب والرمي بالنشاب واللعب بالرمح ورتب له زردخاناه فصرف فحظي عنده وصار يركب وبيده صليب جوهر كبير إذا قبض عليه برز طرفاه من كبره، وكان شديد البأس على من يجاوره من المسلمين من الجبرت وغيرهم، وكان سعد الدين رأس الجبرت يحاربه، وفي الغالب يكون سعد الدين منه في ضيق، وقتل من المسلمين في تلك الوقائع ما لا يحصى فلم يزل كذلك إلى أن مات إسحاق في ذي القعدة سنة ثلاث وثلاثين، وقام بعده ابنه أندراس، فهلك لأربعة أشهر من موت أبيه فقام من بعده عمه خرساي فهلك في رمضان سنة أربع وثلاثين، فأقيم بعده سلمون بن إسحاق.
وفي غضون ذلك نجا جمال الدين ابن سعد الدين ملك المسلمين ودهم الحبشة وأوقع بهم وصاروا منه في حصر شديد على ما اتصل بنا.
وفيها مات أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبي نمى الحسني المكي أحد أمراء مكة، وكان قد اشترك مع عنان في الولاية الأولى مع كونه مكحولاً لما مات ابن عمه أحمد بن عجلان بن رميثة وأم ولده محمّد.
وفيها قتل جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسيني أمير المدينة وقد كان أخذ حاصل المدينة ونزح عنها فلم يمهل وقتل في حرب جرت بينه وبين أعدائه، وكان يظهر إعزاز أهل السنة ويحبهم بخلاف ثابت بن نعير.