الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ذي الحجة استقر تاج الدين محمّد بن الحسباني في وكالة بيت المال والحسبة وإفتاء دار العدل وقضاء العسكر وبذل على ذلك ألف دينار وكانت الحسبة مع ناصر الدين ابن الجاي وما عدا ذلك مع تقي الدين يحيى الكرماني، فصرفا عنها وفيها مات أقباي الكبير وكان رأس نوبة الأمراء في جمادى الآخرة، وترك من العين ألف دينار هرجة، واثني عشر ألف دينار إفرنجية ومن الغلال والخيول والدواب ما قيمته فوق ذلك، حصل ذلك من الظلم وكان حاجباً مدة طويلة غشوماً ظلوماً، فاستأصل الناصر تركته، وفيها مات طوخ الخازندار في جمادى الآخرة وبلاط الإسكندرية وقجاجق الدويدار.
ذكر من مات
في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة من الأعيان
أحمد بن سعيد بن أحمد السماقي الحسباني الشاهد بسوق صاروجا أخو القاضي شرف الدين قاسم مات في جمادى الأولى عن سبعين سنة بدمشق.
أحمد بن عبد اللطيف بن أبي بكر بن عمر الشرجي ثم الزبيدي اشتغل كثيراً ومهر في العربية وكذا كان أبوه سراج الدين ودرس شهاب الدين بالصلاحية بزبيد اجتمعت به وسمع علي شيئاً من الحديث وسمعت من فوائده مات بحرض عن أربعين سنة.
أحمد بن محمّد بن أبي الوفا محمّد بن محمّد الشاذلي شهاب الدين
المشهور بتبن وفا أخو الشيخ علي الماضي سنة سبع وثمانمائة وأحمد هو الأسن وعلي هو الأشهر، وكان عند أحمد سكون وقلة كلام وليس له نظم وكان يذكر له أحوال حسنة ولم يكن يعمل المواعيد إلا مع خواص أصحابه ونبغ له أبو الفضل محمّد ففاق الأقران في النظم والذكاء ومات غريقاً بعد أبيه بسنة، وكانت وفاة شهاب الدين في شوال وله ست وخمسون سنة.
أبو بكر بن عبد الله بن ظهيرة المخزومي أخو الشيخ جمال الدين اشتغل قليلاً وسمع من عز الدين ابن جماعة وغيره، ومات في جمادى الأولى بمكة.
أبو بكر بن عبد الله بن قطلوبك المنجم الشاعر، تعانى التنجيم والآداب، وكان بارعاً في النظم والمجون وله مطارحات مع أدباء عصره أولهم شمس الدين المزين ثم خطيب زرع ثم على البهائي، واشتهر بخفة الروح والنوادر المطربة؛ ومات في صفر، وهو القائل:
حنفي مدرس حاز خدّاً
…
كرياض الشقيق في التنميق
لو رآه النعمان في مجلس الدر
…
س لقال النعمان هذا شقيقي
وله في شمس الدين المزين الشاعر زجل أوله:
لعمرك يا مزين أمسى
…
ناقص البراعه
لكن في الحرام حيث
…
تجده كامل البضاعه
سيرك يا ربيط سير
…
محلول من قبيح فعالك
وأنت حرامي مجروح
…
وعرضك بحالك
وتهجي المنجم أما
…
تبصر شاعر حالك
لا تلعب بذكاعي
…
وتعمل رقاعه
أنصحك وأسقيك شربة ولا سم ساعه
فلما مدح الشيخ علي البهائي بدر الدين ابن الشهاب محمود بقصيدته التي أولها:
ألا يا نسمة الريح
…
قفي أبديك تبريحي
قفي أخبرك عن جسمي
…
وإن شئت أقل روحي
فناقضه المنجم بقوله:
ضراط البغل في الريح
…
على فرش من الشيح
وشرب الخل ممزوجاً
…
بأمراق القواليح
ونقلي يابس الزعرور مع بعر التماسيح
ونيك ليس بالتعميق بل حك وتشطيح
وقوم في جنان البلح قد فازوا بتسليحي
وبيتي من دمشق الشا
…
م ليلاً غير ممسوح
وتعويض بأكل اللف
…
ت من تلك التفافيح
وسمعي في حقول الفجل أصوات الذراريح
على شيز الضفاديع التي في بحر أطفيحي
أحبّ إلي من شعر
…
شبيه الشيح في الريح
بتوشيح كتوشيح
…
وتحسين كتقبيح
وتلميع كتليح الدباغات المناسيح
إذا عاناه معصوم
…
شكى داء المساليح
وغاد ببرءه يشكو
…
من القولنج والريح
تراني حين أسمعه
…
بصدر غير مشروح
أقول لنفسي اعتزمي
…
وعن أبياته روحي
قريض من مقالته
…
على الحمى لدى الروح
وناظمه أخو جهل
…
من القوم المشاليح
ووزن الشعر يشغله
…
بنقصان وترجيح
بنظم منظم يطفي
…
إشعات المصابيح
ولولا بدر دين الدين مخدومي وممدوحي
لأظلم بيت أفكاري
…
ولم أظفر بتوضيح
ولا عارضت في شعري
…
ألا يا نسمة الريح
أنشدنيها بقصتها ناصر الدين البارزي بالقاهرة ثم أنشدنيها بقصتها ولده القاضي كمال الدين بالبيرة على شاطئ الفرات في سنة آمد وأنا للإنشاد الثاني أضبط.
أبو بكر بن علي الحمصي سيف الدين المعمار اشتهر بذلك وقد تقدم في فنه، وعاش أزيد من تسعين سنة بدمشق.
خليل بن محمّد بن خليفة بن عبد العالي الحسباني ابن عم شهاب الدين وصهره على ابنته، كان خيراً ديّناً وورث من أبيه مالاً جزيلاً، وغرم أكثره في تزويج ابنة عمه المذكور، ثم كان في آخر أمره أن طلقت منه، وقد ولي قضاء حسبان.
عبد الله بن أحمد اللخمي التونسي الفرياني - بضم الفاء وتشديد الراء بعدها تحتانية خفيفة وبعد الألف نون - كان فاضلاً مشاركاً في الفقه والعربية والفرائض مع الدين والخير؛ مات راجعاً من مكة إلى مصر، ودفن بعقبة أيلة في المحرم.
عبد الرحيم بن محمود بن محمّد بن عبد الرحيم بن عبد الوهاب بن علي بن عقيل السلمي البعلبكي، زين الدين، خطيب بعلبك وابن خطيبها، ولد سنة تسع وعشرين أو قبلها ومات أبوه سنة خمس وثلاثين وهو الكاتب المجود المشهور بهاء الدين محمود، فرباه جده، وولي عبد الرحيم خطابة بلده، وكانت بيد سلفه منذ أربعمائة سنة فيما يقال، وقد حدث عبد الرحيم عن الحجار وغيره بالإجازة، وكان من أعيان شهود بلده موصوفاً بالخير؛ مات في ربيع الأول.
علي بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن بن علي بن وهاس الخزرجي موفق الدين الزبيدي، اشتغل بالأدب ولهج بالتاريخ فمهر فيه، وجمع لبلده تاريخاً كبيراً وآخر على الحروف وآخر في الملوك، وكان ناظماً ناثراً اجتمعت به بزبيد، وكتب لي مدحاً؛ مات في أواخر هذه السنة وقد جاوز السبعين.
علي بن محمّد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الناشري موفق الدين الشاعر المشهور الزبيدي اشتغل بالأدب ففاق أقرانه ومدح الأفضل ثم الأشرف ثم الناصر، وكانوا يقترحون عليه الأشعار في المهمات، فيأتي بها على أحسن وجه، وكانت طريقة شعره الانسجام والسهولة دون تعاني المعاني التي لهج بها المتأخرون،
وحج في سنة عشرة ورجع فمات بنواحي حرض في المحرم، أو في الذي بعده، وقد جاوز الستين، رأيته بزبيد وسمعت منه قليلاً.
قجاجق بن عبد الله الدويدار الناصري، وكان حسن الخلق لين الجانب مسرفاً على نفسه وولي الدويدارية الكبرى فباشرها بلطف ورفق، مات في أواخر السنة، وقيل في سادس المحرم من التي تليها.
محمّد بن أحمد بن أبي القاسم الوزير كمال الدين ابن المقرئ الزبيدي ناب في الوزارة باليمن، وناب عن القاضي مجد الدين الشيرازي في القضاء، وكان فاضلاً.
محمّد بن عبد الله بن أبي بكر الشيخ شمس الدين القليوبي الشافعي اشتغل بالعلم وتلمذ للشيخ ولي الدين الملوي، ورأيت سماعه على العرضي ومظفر الدين ابن العطار في جامع الترمذي، وما أظنه حدث عنهما، واشتهر بالدين والخير، وكان متقللاً جداً إلى أن قرر في مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس شيخاً بها فباشرها إلى أن مات في جمادى الأولى وكان متواضعاً ليناً.
محمّد بن عبد الله الخردفوشي: أحد من كان يعتقد مات في ربيع الآخر.
محمّد بن عبد الرحمن بن يوسف الحلبي المعروف بابن سحلول ناصر الدين، كان عمه عبد الله وزيراً بحلب، ولد سنة...... وسمع المسلسل
بالأولية من أحمد بن عبد الكريم، وسمع عليه الأربعين المخرجة من صحيح مسلم بسماعه على زينب الكندية عن المؤبد، وسمع من ابن الحبال جزء المناديلي، أنا عبد الخالق بن علي بن واصل البصري ثنا أبو جعفر السعيدي ثنا أبو القاسم إبراهيم بن محمّد المناديلي، وولي مشيخة خانقاه والده فكان أهل حلب يترددون غليه لرياسته وحشمته وسؤدده، ومكارم أخلاقه، وكان مواظباً على إطعام من يرد عليه ثم عظم جاهه لما استقر جمال الدين الأستادار في التكلم في المملكة فإنه كان قريبه من قبل الأم لأن أم جمال الدين بنت عبد الله عم شمس الدين المذكور وكان استقر في مشيخة الشيوخ بعد موت الشيخ عز الدين الهاشمي، ثم سافر من حلب إلى القاهرة فبالغ جمال الدين في إكرامه وجهزه إلى الحجاز في أبهة زائدة وأحمد ولد جمال الدين يومئذٍ أمير الركب فحج وعاد فمات بعقبة أيلة في شهر الله المحرم، وسلم مما آل إليه أمر قريبه جمال الدين وآله.
محمّد بن عمر بن إبراهيم بن القاضي العلامة شرف الدين هبة الله البارزي، ناصر الدين الحموي، قاضي حماة هو وأسلافه كان موصوفاً بالخير والمعرفة، فاضلاً عفيفاً، مشكوراً في الحكم، باشر القضاء مدة ومات بحماة في هذه السنة وجده هبة الله هو القاضي شرف الدين البارزي العالم المشهور.
محمّد بن محمّد بن موسى بن سليم - بفتح المهملة - الحجاوي، كان من أهل العلم بالهيئة، وولي وظيفة التوقيت بالجامع الأموي، ثم انتقل إلى حجا بلده فمات هناك في شعبان.
محمّد بن محمّد بن موسى بن محمّد بن محمّد بن محمود بن سلمان الحلبي الأصل الدمشقي بدر الدين ابن الشهاب محمود، ولد في حدود الخمسين ونشأ بدمشق واشتغل وتعانى الأدب، ونظم الشعر وولي
كتابة السر بدمشق وطرابلس وكان ولي توقيع الدست بحلب وكان رئيساً، ذكياً كريماً، له مروءة وعصبية إلا أنه كان ينسب إلى أشياء غير مرضية، كتب عنه القاضي علاء الدين في ذيل تاريخ حلب من نظمه، ومات في السجن بدمشق سنة 812 على يد جمال الدين الأستادار.
نصر الله بن أحمد بن محمّد بن عمر التستري الأصل ثم البغدادي نزيل القاهرة جلال الدين أبو الفتح ولد في حدود الثلاثين ومات أبوه وهو صغير، فرباه الشيخ الصالح أحمد السقا وأقرأه القرآن واشتغل بالفقه على مذهب الحنابلة؛ وسمع الحديث من جمال الدين الخضري وكمال الدين الأنباري وأبي بكر بن قاسم السنجاري في آخرين وأسانيدهم نازلة، وقرأ الأصول على الشيخ بدر الدين الأربلي وأخذ عن الكرماني شارح البخاري، شرح العضد على ابن الحاجب وولي تدريس الحديث بمسجد يانس ببغداد ومدارس الحنابلة كالمستنصرية والمجاهدية، وصنف في الفقه وأصوله ونظم كتاباً في الفقه في ستة آلاف بيت، وأرجوزة في الفرائض مائة بيت جيدة في بابها، وله مختصر ابن الحاجب ومدايح نبوية، وكان يذاكر الناس ببغداد مدة وانتفع الناس بذلك، وخرج من بغداد لما شاع أن اللنك قصدها فوصل إلى دمشق فبالغوا في إكرامه، وكان مقتدراً على النظم والنثر، ثم قدم القاهرة في سنة تسعين وتقرر في تدريس الحنابلة بمدرسة الظاهر برقوق وكان قد امتدحه وعمل له رسالة في مدح مدرسته، وحدث بالقاهرة بجامع المسانيد لابن الجوزي سماعه له بإسناد نازل إلى مؤلفه، مات في عشري صفر بعد أن مرض طويلاً.
نصر الله بن محمّد الصرخدي ناصر الدين أحد الفضلاء، مات في أحد الربيعين.
يوسف بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن قاسم البيري، ثم الحلبي نزيل القاهرة الأمير جمال الدين، ولد سنة 752 وكان أبوه خطيب البيرة فصاهر الوزير شمس الدين بن سحلول فنشأ جمال الدين في كنف خاله وكان أولاً بزي الفقهاء وحفظ القرآن وكتباً في الفقه والعربية، وسمع من شمس الدين ابن جابر الأندلسي قصيدته البديعية. وعرض عليه ألفية ابن معطي وأخذ عنه في شرحها له بحلب، ثم قدم مصر بعد سنة سبعين وهو بزي الجند فخدم أستادار الأمير بجاس وعرف به وطالت مدته عنده، ثم ترقى إلى أن تزوج بنت أستاذه وعظم قدره ومحله، فباشر الأستادراية عند جماعة من الأمراء كبيبرس وسودون الحمزاوي وغيرهما، وعمر الدور الكبار وعمر في داخل القصر بجوار المدرسة السابقية منزلاً حسناً، فيقال إنه وجد فيه خبيئة للفاطميين واشتهر ذكره بالمروءة والعصبية وقضاء حوائج الناس فقام بإعباء كثير من الأمور وصار مقتصداً للملهوفين يقضي حوائجهم ويركب معهم إلى ذوي الجاه، ولم يزل معظماً نافذ الكلمة إلى أن قرر في الأستادارية رابع رجب سنة سبع وثمانمائة بعد أن هرب ابن غراب مع يشبك فشكرت سيرته، ثم وقع بينه وبين السالمي لتهور السالمي فقبض عليه في ذي الحجة واستبد بالأمر إلى أن قرر في الأستادارية الكبرى عوضاً عن ابن قيماز في رابع رجب سنة ثمان بعد أن
رسم عليه في بيت شاد الدواوين يوماً وليلة واستمر مع ذلك يتحدث في أستادارية الأمير الكبير بيبرس، ثم لما تغيرت الأمور التي بسطناها في سنة ثمان وثمانمائة وتمكن ابن غراب من المملكة أراد الفتك بجمال الدين، ثم اشتغل عنه بمرضه ولم يلبث أن هلك، فاستولى جمال الدين على الأمور واستضاف الوزارة ونظر الخاص والكشف بالوجه البحري واستقر مشير الدولة، ثم لما قتل يشبك صفا الوقت له وصار عزيز مصر على الحقيقة، لا يعقد أمر إلا به ولا تفصل مشورة إلا عن رأيه، ولا تخرج إقطاع إلا بإذنه، ولا يستخدم أحد من الأمراء ولو عظم كاتباً عنده إلا من جهته، ولا تباع دار حتى تعرض عليه، ولا يكتب مكتوب على قاض حتى يستأذنه، ولا يباع شيء من الجوهر والصيني ولا من آنية الذهب والفضة ولا من الفرو والصوف والحرير ولا من كتب العلم النفيسة حتى يعرض عليه، ولا يلي أحد وظيفة ولو قلت حتى نواب القضاة إلا بأمره، ثم تجاوز ذلك حتى صار لا يخرج إقطاع ولو قل إلا بمشورته ولا يحكم أمير في فلاحه حتى يؤامره، ولا تكتب وصية حتى تعرض عليه أو يأذن فيها، وخضع له الآمر والمأمور، وكثر تردد الناس إلى بابه حتى كان رؤساء الدولة من الدويدارية وكاتب السر ومن دونهما ينزلون في ركابه إلى منزله، ولا يصدر أحد منهم إلا عن رأيه، ثم شرع في انتهاك حرمة الأوقاف فحلها أولاً فأولاً حتى استبدل بالقصور الزاهرة المنيفة بالقاهرة كقصر يشبك والحجارية وغيرهما بشيء من الطين من
الجيزة وغيرها، وكان قبل ذلك يتوقى في الظاهر فربما رام استبدال بعض الموقوفات فيعسر عليه القاضي إلى أن تجتمع شروط ذلك عند من ذهب إلى جوازه فيبادر هو بدس بعض الفعلة إلى ذلك المكان في الليل فيفسد في أساسه إلى أن يكاد يسقط فيرسل من يحذر سكانه، فإذا اشتهر ذلك بادر المستحق إلى الاستبدال ومن غفل منهم أو تمنع سقط فينقص من قيمته ما كان يدفعه له لو كان قائماً، ثم بطلت هذه الحيلة لما زاد تمكنه بإعانة القاضيين الحنفي تارة والحنبلي أخرى سمعت القاضي كريم الدين ابن عبد العزيز يقول: كنت في جنازة فتوجهت للمقبرة فوافقت ابن العديم ففتحت له انتهاك حرمة الأوقاف بكثرة الاستبدال، فقال لي: إن عشت أنا والقاضي مجد الدين - وأشار إلى الحنبلي - لا يبقى في بلدكم وقف، والعجب أن رؤساء العصر كانوا ينكرون أفعال جمال الدين في الباطن رعاية له وفرقاً منه، فما هو إلا أن قتل فتوارد الجميع على أتباعه فيما سن من ذلك حتى لم يسلم من ذلك أحد منهم، ولم يزل الأمر يتزايد بعد ذلك، ثم لم يزل جمال الدين يترقى ويحصل الأموال ويداري بالكثير منها ويمتن على الناصر بكثير من الأموال التي ينفقها عليه إلى أن كاد يغلب على الأمر، وفي الآخر صار يشتري بني آدم الأحرار من السلطان، فكل من تغير عليه استأذن السلطان في إهلاكه واشتراه منه بمال معين يعجل حمله إلى الناصر ويتسلم ذلك الرجل فيهلكه، فهلك على يده خلق كثير جداً، وأكثرهم في التحقيق من أهل الإفساد.
وفي الجملة كان قد نفذ حكمه في الإقليمين مصر والشام، ولم يفته من المملكة سوى اسم السلطنة مع أنه كان ربما مدح باسم الملك ولا يغير ذلك ولا ينكره، وتقدم أنه قتل في جمادى الآخرة، ولقد رأيت له بعد قتله مناماً صالحاً حاصله أني ذكرت وأنا في النوم ما كان فيه وما صار إليه وما ارتكب من الموبقات، فقال لي قائل: إن السيف محاء للخطايا، فلما استيقظت اتفق
أني نظرت هذا اللفظ بعينه في صحيح ابن حبان في أثناء حديث، فرجوت له بذلك الخير، ولعمري لقد ارتكبوا في حقه منذ قبض عليه إلى أن قتل ما لم يرتكبه في حق ممن دونه فيما كان فيه من الإهانة والإفراط في ظلم البراء من أهله حتى وضعت امرأته سارة بنت الأمير بجاس وهي حامل على دست نار فأسقطت ورأت من الذل ما لا يوصف وماتت بعد ذلك قهراً فلله الأمر.
يونس بن قاضي الصنمين نقيب الشافعي لم يكن محمود السيرة فيما يقال