الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووقع في هذه السنة والتي بعدها والتي قبلها من تلاعب الجهلة بمنصب الحسبة ما يتعجب من سماعه حتى أنه في الشهر الواحد يليه ثلاثة أو أربعة وسبب ذلك أنهم فرضوا على المنصب مالاً مقرراً فكان من قام في نفسه أن يليه يزن المبلغ المذكور ويخلع عليه ثم يقوم آخر فيزن ويصرف الذي قبله واستمر هذا الأمر في أكثر دولة الملك الناصر فرج، وفي رمضان وقع الطاعون بالقاهرة وفشا الموت واستمر إلى آخر السنة.
ذكر من مات
في سنة تسع وثمانمائة من الأعيان
إبراهيم بن محمّد بن دقماق صارم الدين مؤرخ الديار المصرية في زمانه كان جده دقماق أحد الأمراء الناصرية ونشأ هو محباً في الفن التاريخي فكتب بخطه منه ما لا يحصى وجمع تاريخاً على الحوادث وتاريخاً على التراجم وجمع طبقات الحنفية وحصلت له بسببه محنة في سنة أربع وثمانمائة ذكرتها في الحوادث وولي في آخر الأمر إمرة دمياط فلم تطل مدته فيها ورجع إلى القاهرة فمات بها في ذي الحجة في أواخرها وقد جاوز الستين، وكان مع اشتغاله بالأدب عرياً عن العربية عامي العبارة، وكان جميل العشرة، فكه المحادثة، كثير التودد، قليل الوقعة في الناس.
أحمد بن إسماعيل بن عبد الله الحريري شهاب الدين اشتغل بالعلم ومهر في الطب والهيئة والمعقولات ونظر في الأدب، وتزيا بزي العجم، وكان مملقاً جداً، اجتمعت به في الكتيين مراراً، وسمعت من نظمه وفوائده، ثم اتصل بالملك الظاهر بأخرة فأعطاه وظائف الشيخ علاء الدين الأقفهسي فأثرى وحسنت حاله، وتزوج وسلك الطريق الحميدة مات في خامس ذي القعدة بمصر.
أحمد بن خاص التركي الحنفي شهاب الدين أحد الفضلاء المتميزين من الحنفية، مات في هذه السنة بالقاهرة، أخذ عنه بدر الدين العيني المحتسب وكان يطريه.
أحمد بن صدقة بن تقي العزى - نسبة إلى عز الدين ابن جماعة - كانت أمه تزوجت مفتاح بن عبد الله عتيق البدر بن جماعة وكان في خدمة عز الدين، أخذ الفقه واشتغل قليلاً، ثم لازم سوق الكتب في حانوت، ثم افتقر فصار ينادي على الكتب، وكان ينسخ مع ضعف خطه، وكان ساكناً ضعيف الحال والبنية.
أحمد بن عبد الله العجمي الحنبلي شهاب الدين أحد الفضلاء الأذكياء، أخذ عن كثير من شيوخنا، ومهر في العربية والأصول، وقرأ في علوم الحديث، ولازم الإقراء والاشتغال في الفنون، مات عن ثلاثين سنة بالطاعون في شهر رمضان بالقاهرة.
أحمد بن عمر بن علي بن عبد الصمد البغدادي الجوهري شهاب الدين، ولد سنة خمس وعشرين وقدم من بغداد قديماً مع أخيه عبد الصمد، فسمعا من المزّي والذهبي وداود بن العطار وغيرهم، وسمع بالقاهرة من شرف الدين بن عسكر، وكان محبّاً في العلم والعلماء مع المروءة التامة والخير، وكان يحب التواجد في السماع مع المعرفة التامة بصنف الجوهر والمذاكرة الحسنة، قرأت عليه سنن ابن ماجه بجامع عمرو بن العاص، وقرأت عليه قطعة كبيرة من طبقات الحفّاظ للذهبي وقطعة كبيرة من تاريخ بغداد للخطيب، مات في ربيع الأول وقد جاوز الثمانين وتغيّر ذهنه قليلا.
أحمد بن محمّد بن عبد الغالب الماكسيني ولد في سنة ثمان وثلاثين، وسمع من جماعة وحدث وهو من بيت رواية، وكان يكتب القصص ثم جلس مع الشهود بالعادلية وكان يكتب خطّاً حسناً، مات في صفر.
أحمد بن محمّد بن عمر القليجي شهاب الدين ولد شمس الدين كان من موقعي الحكم وناب أيضاً وكان حسن العشرة إلاّ أنه لم يشتهر بالعلم وكان بيده وظيفة إفتاء دار العدل فاستقر بعده فيها ابن الطرابلسي.
أحمد بن محمّد بن قماقم الدمشقي الفقاعي شهاب الدين كان أبوه فقاعيا فاشتغل هو بالعلم، فأخذ عن علاء الدين ابن حجي، وقرأ بالروايات على ابن السلاّر، وكان يفهم ويذاكر، قدم القاهرة سنة الكائنة العظمى فأقام بها مدة، ثم رجع إلى دمشق فمات بها في جمادى الآخرة، وكان قد اجتمع بي مراراً وسمع بقراءتي على البلقيني في الفقه والحديث، وقماقم لقب أبيه قال ابن حجي: كان يستحضر البويطي وسمعت البلقيني يسميه البويطي لكثرة استحضاره له، وقد درس بالأمجدية، ومات في جمادى الآخرة.
أحمد بن محمّد بن نشوان بن محمد بن نشوان بن محمّد بن أحمد الحوراني الدمشقي الشيخ شهاب الدين بن نشوان ولد سنة سبع وخمسين وقدم دمشق فقرأ القرآن، وأدب أولاد شهاب الدين الزهري فصار يحفظ بتحفيظهم التمييز للبارزي ودار معهم على الشيوخ والدروس إلى أن تنبه وفضل، وأذن له الزهري في جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين، واستقر في تدريس الشامية البرانية وتصدر بالجامع وناب في الحكم بعد الفتنة الكبرى، وانتفع به الطلبة، وقصد بالفتاوى وكان يحسن الكتابة عليها، وكان يتكلم في العلم بتؤدة وسكون وإنصاف، وحصل له استسقاء فطال مرضه به إلى أن مات في جمادى الأولى من هذه السنة.
أحمد بن محمّد الطنبذي بدر الدين أحد الفضلاء المهرة، أخذ عن أبي البقاء والأسنوي ونحوهما، وأفتى ودرّس ووعظ، وكان عارفاً بالفنون ماهراً في الفقه والعربية فصيح العبارة، وله هنات سامحه الله.
أحمد بن محمّد البالسي الأصل ثم الدمشقي شهاب الدين الحنفي الجواشني اشتغل في صباه، وصاهر أبا البقاء على ابنته، وأفتى ودرس وناب في الحكم، وولي نظر الأوصياء وظائف كثيرة بدمشق، وكان حسن السيرة، ثم ناب في الحكم، ثم سعى في القضاء استقلالا فباشر قليلا جداً، ثم عزل ثم سعى فلم يتم له ذلك، ومات في جمادى الآخرة.
إسماعيل بن ناصر بن خليفة الباعوني عماد الدين، كان شيخ الناصرية من عمل صفد على طريقة الفقراء، وهو أخو القاضي شهاب الدين الذي ولي قضاء دمشق، وكانت لإسماعيل وجاهة وثروة وتجارة، وعاش سبعين سنة ومات في ذي الحجة.
أبو بكر بن محمّد بن إسحاق السلمي شرف الدين ابن القاضي تاج الدين المناوي ولد قبل الستين، وأجاز له ابن جماعة فهرسة مرويّاته، واشتغل قليلا وقرأ
التنبيه، وسمع على الشيخ بهاء الدين بن خليل وغيره، وناب في الحكم عن ابن عمه صدر الدين، وكان مزجى البضاعة وقد درس بعدة أماكن وخطب بالجامع الحاكمي، مات في جمادى الآخرة وقد قارب الستين.
جكم بن عبد الله أبو الفرج الظاهري كان من مماليك الظاهر وأول ما أمره طبلخاناة في سنة موته، واستقر رأس نوبة بعد موته وذلك في خامس ذي القعدة سنة إحدى، وقيل: مات قبل أن يتأمر وأول ما شهر أمره في تاسع ذي القعدة سنة إحدى وثمانمائة بعد موت أستاذه بقليل واستقر هو وتنكز بغا وآقبغا الأشقر وخير بك وسودون من زاده وباش باي نوب صغارا، وكان هو الذي قيد أيتمش بعد هزيمة تنم وسجنه هو والأمراء بالقلعة، وكان يحب العدل والإنصاف فلم يمكن أحداً من الفساد بدمشق في تلك الوقعة، فلما عاد الناصر إلى مصر أمره تقدمة عوضاً عن دقماق بحكم انتقاله لنيابة حماة، ولم يخرج فيمن خرج في وقعة اللنك، فلما كان التاسع من شوال سنة ثلاث ثارت الفتنة بين الأمراء فقام جكم وسودون الطيار وطرباي وطائفة، ثم ولحق بهم سودون طاز أمير آخور ومعه من الخيول السلطانية ما احتاج إليه، فعرض الناصر على جكم نيابة صفد فامتنع، فأرسل إليه نوروز ومعه القاضي الشافعي وهو يومئذٍ ناصر الدين الصالحي، فعوق نوروز عنده فرجع القاضي إلى الناصر فأخبره، فتخلى الناصر عن يشبك وكان هو المطلوب، فتحاربوا فانهزم يشبك ونهبت داره ثم قبض عليه وبعثه هو ومن معه إلى الإسكندرية، واستقر جكم دويداراً عوضاً عن يشبك وصار هو المشار إليه وباشر بحرمة ومهابة ونادى
بالقاهرة: من ظلم فعليه بباب جكم واستبد بأحوال المملكة إلى أن نافره سودون طاز، فثارت بينهما الفتنة في شوال سنة أربع وكان لهم وقعة في أواخر السنة ففر جكم ونوروز، ثم عاد نوروز إلى الطاعة وأحيط بجكم فسجن بالإسكندرية هو وسودون طاز، واتفق أنه هرب إلى شيخ نائب دمشق فأقام عنده إلى أن كانت وقعة يشبك مع الناصر حتى كانت وقعة السعيدية، فلما كان من انهزام الناصر منها وذلك في ذي الحجة سنة سبع انعزل يشبك وأتباعه واختفوا بالقاهرة ورجع شيخ وأتباعه إلى دمشق، وليس لذلك سبب إلا تعاظم جكم وتصريحه بإرادة السلطنة لنفسه فنافسوه في ذلك وخذلوه، ثم اتفق جكم وشيخ وحاربا نوروز وكان الناصر قد جعله نائب الشام، ثم كتب الناصر لجكم بنيابة حلب فدخلها وقتل بها جماعة، فانحرف شيخ عنه لكونه تمالأ مع نوروز عليه، ثم اخذ جكم أنطاكية، ثم واقعه نعير فهزمه وغنم شيئاً كثيراً ثم قتل نعيراً بعد ذلك، ثم ولى الناصر دمرداش نيابة حلب فسار هو وشيخ ومعهم العجل ابن نعير فقاتلهم جكم بالرستن فهزمهم، فرجع شيخ إلى مصر ونوروز إلى دمشق، فسار الناصر إلى قتال جكم ففر إلى البيرة، فدخل الناصر حلب ثم عاد إلى دمشق، فرجع جكم وملك حلب، وأراد الناصر الرجوع إلى حلب فخالفه العساكر وتفرقوا، فقوي جانب جكم وتسمى بالسلطنة وتلقب العادل ورتب المملكة وضرب السكة باسمه وخطب له بحلب، وأطاعه نوروز ولبس خلعته وقبل له الأرض وخطب باسمه، وأقام جكم الحرمة ونشر العدل وعظم المهابة زائداً على الحد وقوي جداً واستخف بأمر الناصر، وخرج لمحاربة التركمان ليستريح خاطره منهم إذا قصد مصر،
فكان من أمره ما كان، وكانت سلطنته في رابع شوال من السنة وقتله في حادي عشر ذي القعدة منها، وكان نائب البيرة أظهر مخالفته فخرج إليه بالعسكر الحلبي فطلب الأمان فأمنه، فاستمر ذاهباً بالعسكر إلى ماردين فأطاعه صاحبها ونزل بعسكره، وكان من أمر قتله ما كان، وكان جكم شجاعاً مقداماً مهاباً يتحرى العدل ويحب الإنصاف، وكان يصغي لنظم الشعر، ويحب سماعه، ويجيز عليه الجوائز السنية.
حسن بن علي بن عمر الإسعردي صاحبنا بدر الدين كان من بيت نعمة وثروة فاحب سماع الحديث فسمع فأكثر وكتب الطباق وحصل الأجزاء وسمع من أصحاب التقي سليمان ونحوهم وأحب هذا الشأن وذهبت أجزاؤه في وقعة تمرلنك وقد رافقني في السماع وأعطاني أجزاء بخطه وبلغني أنه حدث في هذه السنة بدمشق ببعض مسموعاته ومات بدمشق في ربيع الأول.
حسن بن محمّد بن حسن بن إدريس بن حسن بن علي بن عيسى بن علي بن عيسى بن عبد الله بن محمّد بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي الحسني الشريف بدر الدين ابن ناصر الدين بن حصن الدين ابن نفيس الدين المعروف بالنسابة وهو سبط الشريف النسابة حسن بن علي بن سليمان بن مكي بن كاسب بن بدران بن حسن بن عبد الله بن محمّد بن عبد الله بن علي بن جعفر بن علي بن محمّد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن حسين بن علي سمع من الوادي آشي والميدومي وغيرهما وحدث وولي مشيخة الخانقاه البيبرسية نحواً من عشرين سنة ثم ثار عليه الصوفية لسوء
سيرته فيهم فعزل عنهم ثم أعيد وكان عارفاً بأنساب الأشراف كثير الطعن في كثير ممن يدعي الشرف وقد رام الخلافة مرة وكان يذكر أن أمه حسينية وقد ذكرنا نسبها وأن أم أبيه من بني العباس وهي صفية خاتون بنت الخليفة المستمسك بالله محمّد ابن الحاكم وكان كثير المعاشرة للقبط وكان عارفاً بالسعي كثير الدهاء مات في سادس عشر شوال وقد تجاوز الثمانين ممتعاً بسمعه وبصره وأصله من سرسة وتكسب بالشهادة مدة وكان يتطاول إلى الخلافة مع جهل مفرط وقلة ديانة عفا الله تعالى عنه.
خليل بن عبد الله البابري الحنفي الشيخ خير الدين كان فاضلاً في مذهبه محباً للحديث وأهله مذاكراً بالعربية كثير المروءة، وقد عين لقضاء الحنفية مرة فلم يتم ذلك وولي قضاء القدس في سنة 84.
رسول بن عبد الله القيصري ثم الغزي شهاب الدين الحنفي قدم دمشق في حدود السبعين وهو فاضل وسمع من ابن أميلة وابن حبيب ثم ولي نيابة الحكم بدمشق في أول دولة الظاهر ثم ولي قضاء غزة في أيام ابن جماعة وحصل مالاً كثيراً بعد فقر شديد ثم مات بدمشق في جمادى الآخرة وقد شاخ.
الشيخ زاده الخرزباني الحنفي تقدم في التي قبلها.
صدقة بن محمّد بن حسن السرميني فتح الدين كان فاضلاً في مذهبه أخذ عن ابن أبي البقاء السبكي وسمع من بعض أصحاب الفخر بدمشق وسمع مع أصحابنا ومعنا كثيراً وكان ضيق الحال.
صدقة بن محمّد بن حسن الإسعردي كان من خواص ابن غراب وكان واسطة حسنة عنده وبنى تربة وجامعاً ومات في ربيع الآخر بمكة.
صديق بن علي بن صديق الأنطاكي شرف الدين ولد سنة بضع وأربعين وقدم من بلاده بعد الستين فاشتغل بالعلم ونزل في المدارس ورافق الصدر الياسوفي في السماع فأكثر عن ابن رافع وسمع من بقية أصحاب الفخر وغيرهم وكان على دين وصيانة ولم يتزوج ثم سكن القاهرة وصار أحد الصوفية بالبيبرسية وكان يتردد إلى دمشق مات بالطاعون في رمضان اجتمعت به ولم أسمع منه بل أجاز لي.
عبد الله بن خليل بن يوسف المارداني جمال الدين الحاسب انتهت إليه رياسة علم الميقات في زمانه وكان عارفاً بالهيئة مع الدين المتين وله أوضاع وتواليف وانتفع به أهل زمانه وكان أبوه من الطبالين ونشأ هو مع قراء الجوق وكان له صوت مطرب ثم مهر في الحساب وكان شيخ الخاصكي قد قدمه ونوه به مات في جمادى الآخرة.
عبد الله بن شيرين الهندي الحنفي جمال الدين نزيل القاهرة سمع من ابن عبد الهادي وحدث وخطب بالظاهرية البرقوقية وكان يحدث عن الهند بعجائب الله أعلم بصحتها.
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الخشاب الحنفي اشتغل بالعلم بالشام ثم قدم القاهرة وناب في الحكم عن ابن العديم ثم ولي قضاء الشام في هذه السنة فوصل مع العسكر فباشره يومين ثم سعى عليه ابن الكفري فأعيد ثم ماتا جميعاً في هذا الشهر وبينهما في الوفاة يوم واحد ومات هذا ولم يبلغ الثلاثين رأيته بالقاهرة ولم يكن ماهراً في العلم.
عبد الرحمن بن محمود بن عثمان البصروي نزيل دمشق زين الدين القرشي،
تعانى الكتابة ودخل ديوان التوقيع بدمشق ثم قدم القاهرة سنة اللنك فالتجأ إلى فتح الدين كاتب السر فراج عليه ونفق سوقه لديه حتى عول عليه في أمر الديوان وصار المشار إليه فيه لحسن تأنيه وأخلاقه ومعرفته وحسن خطه ونفاذ رأيه وكان جميل المعاشرة، وطعن في لسانه فكان فتح الله يتعجب من ذلك لكونه لم يكن فيه أعظم من نطقه فابتلي فيه ولم يكمل الخمسين.
عبد الرحمن بن يوسف بن الكفري الحنفي زين الدين ولد سنة إحدى وخمسين وحضر على ابن الخباز في الثالثة سنة أربع وخمسين، وأسمعه أبوه من جماعة، سمعت منه في الرحلة، وولي القضاء غير مرة بعد الفتنة، ولم يكن محمود السيرة وكان يتجر بالكتب ويعرف أسماءها مع وفور جهل بالفقه وغيره، مات في يوم الأحد ثالث ربيع الآخر.
عبد الكافي بن محمّد بن أحمد بن فضل الله الشافعي جمال الدين كاتب السر بطرابلس كان رئيساً فاضلاً أديباً، له نظم ونثر كثير الاستحضار للتاريخ والأدب، وذكر أنه ولد في المحرّم سنة ستٍّ وثلاثين وسبعمائة، وآخر العهد به سنة أربعٍ وثمانمائة بطرابلس، ذكره القاضي علاء الدين في تاريخ حلب وذكر أنه أجازه بحلب مروياته وكان قدمها ثم رجع فمات بطرابلس فلتحرر سنة وفاته.
عبد الكريم بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي ثم المصري قطب الدين ابن تقي الدين ابن الحافظ قطب الدين، سمع من الحسن الإربلّي وأحمد بن علي المستولى وغيرهما، وتصرف بأبواب القضاة، سمعت منه مات في نصف السنة وله ثلاث وسبعون سنة.
عبد الهادي بن عبد الله بن خليل بن علي بن عمر بن مسعود البسطامي المقدسي نزيل القاهرة كان شابّاً فاضلاً ماهراً، سمع الحديث ونظم الشعر وكتب الطباق ودار على الشيوخ، ثم اجتمع عليه أتباع أبيه فتمشيخ فيهم، ودخل القاهرة فاستوطنها وراج أمره بها حتى مات وله نحو الثلاثين سنة، سمعت من نظمه ببيت المقدس، ورافقني في بعض السماع على بعض المشايخ في أول سنة ثلاث وثمانمائة.
علي بن إبراهيم القضامي علاء الدين الحموي الحنفي أحد الفضلاء، أخذ العربية عن سري الدين ابن هاني المالكي والفقه عن أمين الدولة ابن وهبان، وتمهر وبهرت فضائله وولي قضاء بلده، وقدم القاهرة سنة الكائنة العظمى فاشتهرت فضائله وعرفت فنونه، وحدّث وأفاد، سمعت منه، وسمع من نظمي وأكثر الثناء عليه، مات في ربيع الآخر، ومن نظمه:
خذ بيدي يا كريم خذ بيدي
…
قد عيل صبري وقد وهى جلدي
إن لم تجد لي فمن يجود على
…
ضعفي فلا إمرة ولا بلدي
علي بن أحمد اليمني من أهل أبيات حسين، كان كثير العناية بالفقه وجمع فيه كتاباً كبيراً وكان يلقّب بالأزرق.
علي بن عبد الرحمن اليبرودي ثم الدمشقي، ابن أخي العلاّمة شمس الدين خطيب يبرود، سمع من بقية أصحاب الفخر وأخذ عن ابن رافع كثيراً، وتفقّه على عمّه وعلى ابن قاضي شهبة، وكان يفهم جيداً، مات في ذي القعدة بخليص وهو محرم، قال ابن حجي: إنه كان مقتراً على نفسه جماعة للمال ولم يتزوج فيما علمت.
علي بن محمّد بن عبد البر السبكي علاء الدين ابن أبي البقاء، ولد سنة 57 بدمشق ونشأ بمصر وقدم دمشق مع والده سنة خمس وسبعين ودرس بالصارمية، وولي قضاء
القدس مرتين في دولة الظاهر ومرّتين في دولة الناصر وكان يذاكر بالفقه ويشارك في غيره وأوّل ما استقرّ في سنة ستٍّ وتسعين فحضر قراءة تقليده قضاة الشام وقضاة مصر، مات في هذه السنة من رعب أصابه بسبب مال طلب منه على سبيل القهر، فاختفى عند إبراهيم ابن الشيخ أبي بكر الموصلي فمات مختفياً رحمه الله تعالى، قال ابن حجي: كان رئيساً محتشماً ذكيّاً فاضلاً وهو آخر البيت السبكي ومات مختفياً من الملك الناصر فرج.
عمر بن منصور بن سليمان سراج الدين القرمي الحنفي المعروف بالعجمي ترافق هو وجمال الدين القيصري فلما ولي جمال الدين حسبة القاهرة قرره في حسبة مصر ثم ولي هو حسبة القاهرة ودرس بجامع ابن طلون في الفقه وفي التفسير بالمنصورية وغير ذلك، وكان لشدة صحبته لجمال الدين يظن أنه أخوه وليس كذلك، وكان حسن العشرة محمود المباشرة حسن الصلاة جميل الصورة مليح الشكل طلق المحيّا وكان يقال له عمر فلق لأنه كان إذا أراد تأديب أحد قال هاتوا فلق، مات في العشر الأول من جمادى الآخرة، قال العينتابي: كان يعرف بعض العلوم ولكنه كان عريض الدعوى وكان ولي حسبة القاهرة في دولة منطاش فتأخر بسبب ذلك عند الملك الظاهر.
قطلوبغا الكركي أحد الأمراء الكبار في الدولة الناصرية كان شابّاً حسناً في دولة الظاهر، حفظ القرآن وكان يحسن القراءة بالألحان وكان في زمن إمرته يحب العلماء ويجمعهم ويحسن إليهم ويتذاكرون عنده، توفي في شعبان وقد تقدم له ذكر في مواضع من الحوادث.
محمّد بن أحمد بن إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم بن أبي بكر الطبري المكي الشافعي أبو اليمن إمام المقام سمع من عيسى الحجي والزين أحمد بن محمّد ابن المحب الطبري وابن عم أبيه عثمان بن الصفي الطبري وقطب الدين بن مكرم وعثمان بن شجاع بن عيسى الدمياطي وعيسى ابن الملك المعظم، وأجاز له يحيى بن فضل الله وأبو بكر بن الرضي وزينب بنت الكمال ونحوهم، وولي إمامة المقام نيابة ثم استقلالاً، وكان خيِّراً سليم الباطن، يعتقده كثير من الناس، وهو آخر من حدّث عن عيسى ومن ذكر بعده بالسماع وعن يحيى بالإجازة، ناهز الثمانين فإنه ولد في شعبان سنة ثلاثين، سمعت منه قليلا، ومات في صفر.
محمّد بن إسماعيل بن علي القلقشندي الشيخ شمس الدين بن العلاّمة تقي الدين المصري ثم المقدسي، ولد سنة 55، وسمع من الميدومي وغيره وأخذ عن خاله الشيخ صلاح الدين العلائي وعن والده تقي الدين، ومهر وبهر وساد حتى صار شيخ بيت المقدس في الفقه وعليه مدار الفتوى، مات في رجب، أرَّخه ابن حجّي.
محمّد بن أنس الحنفي الطنتدائي ناصر الدين نزيل القاهرة كان عارفاً بالفرائض، أقرأها لجماعة وانتفعوا به، وكان حسن السمت كثير الديانة محبّاً في الحديث، كتبت منه الكثير، ومات وله دون الأربعين، وقد سمع من ناصر الدين الحراوي وغيره.
محمّد بن أبي بكر بن أحمد النحريري المالكي أخو خلف، ناب في الحكم وتنبه في الفقه ودرس ومات في نصف السنة.
محمّد بن فهيد المصري الشيخ شمس الدين المغيربي نشأ في خدمة الصالحين ولازم الشيخ عبد الله اليافعي بمكة وكان كثير الحج والمجاورة وصحب طشتمر الدويدار فنوّه بذكره وكان الظاهر يعظِّمه، ودخل معه دمشق فكان يصلّي بجانبه في المقصورة فوق جميع الأمراء وكان حسن العشرة كثير المخالطة لأبناء الدنيا وله مع أهل الحرمين مواقف، مات في جمادى الآخرة وقد جاوز الستين.
محمّد بن محمّد بن جعفر الدمشقي الشريف شمس الدين، مات في شهر رمضان سنة تسع وثمانمائة بالقاهرة، وكان من الصوفية بسعيد السعداء، وكان جاور بمكة عدة سنين، ثم ولي طرابلس مدة طويلة ولم يكن يعرف شيئاً من العلم واتفق له أنه قال في الدرس وهو قاضٍ، عن سعيد أبي جبير، وكان مع ذلك جواداً ثم نقل إلى قضاء طرابلس فاستمر فيها نحو عشر سنين، فعزل في سنة أربع وثمانمائة بجمال الدين الحسناوي ثم عاد واستمر إلى أن مات، إلاّ أنّ الأمير جكم كان أرسل بعزله فوصل الخبر وقد مات، وكان كثير الرياسة والحشمة ومكارم الأخلاق وتقريب أهل العلم، وكان للشعراء فيه مدايح.
محمّد بن محمّد بن عبد الرحمن بن حيدرة الدجوي تقي الدين أبو بكر، ولد سنة سبع وثلاثين، وسمع من ابن عبد الهادي والميدومي والعرضي وغيرهم، وتفقّه واشتغل وتقدم ومهر، وكان ذاكراً للعربية واللغة والغريب والتاريخ، مشاركاً في الفقه وغيره، وكان بيده عمالة المودع الحكمي فشانته هذه الوظيفة، وكان كثير الاستحضار دقيق الخط، سمعت منه وكتب لي تقريظاً حسناً على بعض تخاريجي، وكان يغتبط بي كثيراً ويحضُّني على الاشتغال، نوّه السّالمي بذكره وقرره مسمعاً عند كثير من الأمراء فحدّث مراراً بصحيح مسلم، وممن قرأه عليه طاهر بن حبيب الموقع، مات في أواخر ربيع الآخر، وقيل في ثاني عشر جمادى الأولى.
محمّد بن معالي بن عمر بن عبد العزيز الحلبي نزيل القاهرة ثم مكة، جاور كثيراً وسكن القاهرة زماناً، وحدّث عن أحمد بن محمّد الجوخي ومحمود بن خليفة وابن أبي عمر وغيرهم، واشتغل قليلا وتنبه، وكان يذاكر بأشياء حسنة، سمعت منه قليلا، مات بمكة.
مسعود بن شعبان بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن مسعود بن علي بن محمّد بن عبيد بن هبة الله الطّائيّ الحلبي، أصله من دير حسان ونشأ فتفقّه قليلا، ثم صار ينوب في أعمال البر عن القضاة، ثم ولي قضاء حلب عوضاً عن ابن أبي الرضى، ثم عزل ثم أعيد، ثم عزل بابن مهاجر سنة تسعين وسبعمائة، ثم ولاّه شهاب الدين الزهري قضاء حمص، وكان يعرف طرق السعي وله دربة في الأحكام، واشتهر بأخذ المال من الخصوم، فحكى لي نائب الحكم جمال الدين ابن العراقي الحلبي وكان خصيصاً به أنه أوصاه أن لا يأخذ من أحد الخصمين إلا لمن يتحقق أنه الغالب، وسار مع كمشبغا لما توجه للظاهر عند خروجه من الكرك، فلم يزل صحبة الظاهر إلى أن دخل القاهرة فرعى له ذلك، فلما استقرت قدمه في الملك ولاّه قضاء دمشق وقضاء حمص قبل ذلك وتنقل في الولايات إلى أن استقرّ بطرابلس، وكان جاهلاً مقداماً فسعى في الفتنة حتى ولي القضاء بدمشق وبغيرها، ومات في هذه السنة في رمضان، قال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية في تاريخ حلب: كان رئيساً كريماً حسن الأخلاق محتشماً، يحب أهل العلم ويكرمهم.
مصطفى بن عبد الله القرماني شارك في الفقه والفنون، ودرس للحنفية بالصرغتمشية، وقرره سودون من زاده في مدرسته أول ما فتحت، ومات في سابع عشر من جمادى الآخرة.
نعير أمير العرب تقدم في التي قبلها.
يحيى بن محمّد التلمساني الأصبحي المالكي النحوي نزيل المدينة، سمع من أبي الحسن البطرني وأبي عبد الله بن مرزوق وأبي القاسم العريني، وأجاز له الواد ياشي وابن يربوع وغيرهما، وشارك في الفقه ومهر في العربية، مات بعد أن رجع من الحج في المحرّم وله خمس وستون سنة، وكان قد أضر قبل موته.
يحيى بن منصور التونسي المالكي كان من فضلاء التونسيين معتقداً فيهم، حجّ فرجع فمات بين خليص ورابغ وقد بلغ الستين.
يوسف بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن مسعود بن علي بن عبد الله ابن خطيب المنصورية الحموي القاضي جمال الدين، ولد في سنة 37، واشتغل بحماة فأخذ عن بهاء الدين الإخميمي المصري بدمشق وصدر الدين الخابوري وتاج الدين السبكي وجمال الدين الشريشي، وجدّ ودأب وحصّل إلى أن تميّز ومهر وفاق أقرانه في العربية وغيرها من العلوم، وشرح الاهتمام مختصر الإلمام في ست مجلدات وألفيّة ابن مالك وفرائض المنهاج وغير ذلك، وله نظم حسن وشهرة ببلده وغيرها، أخذ عن ابن المغلي وابن البارزي وغيرهما، وانتهت إليه مشيخة العلم بالبلاد الشمالية ورحل الناس إليه وكان خيراً ساكناً، قال ابن حجي: فاق الأقران، ومات في تاسع شوال
منها بحماة، وكتبت عن القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية عنه قصيدة دالية نبوية.
يوسف بن عبد الله الضرير جمال الدين الحنفي أحد الفضلاء في مذهبه، جاوز الخمسين.
موفّق الدين الروميّ، ولي قضاء غزّة ثم قضاء حلب ثم قضاء العسكر بالقاهرة ثم قضاء القدس، ثم مات بالقاهرة في رجب، قال العينتابي: كان من طلبة أكمل الدين وتولّى قضاء الحنفيّة بعده بإشارته، وكان ديِّناً مشاركاً في العلوم إلا أنه كان مكثراً من الكلام لهّاجاً سريع الغضب.