الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد العزيز أنه قطع عليه الطريق وأخذ قماشه ونهب ما معه من الورق والمستندات فادعى عليه الباعوني أنه حكم عليه بما حكم به مع ثبوت العداوة بينهما، وكان قد أثبت ذلك على قاضي القدس الشافعي ونفذها له المالكي بدمشق فأنكر عبد العزيز العداوة، فحكم عليه المالكي بثبوتها عنده واقتضى الحال تعزيره فعزر فكشف رأسه ثم توجه المذكور إلى بغداد فأقام بها وولي قضاءها وكان ما سنذكره.
وفيها مات الطاغية تمرلنك الخارجي في سابع عشر شعبان بعلة الإسهال القولنجي وله تسع وسبعون سنة وكان بصفه بطالا وقد أباد البلاد والعباد، وأكثر في الأرض الفساد، ولم يكن له في عراق العجم منازع، ثم ملك عراق العرب ودخل البلاد الشامية فملكها إلا اليسير منها، ثم دخل الروم فحارب المسلمين بها وترك الفرنج ودخل الهند قبل ذلك، فحارب المسلمين بها وترك الكفار، وعزم في آخر عمره على الدخول إلى الصين فمضى في الشتاء فهلك من عسكره أمم لا يحصون، فرجع إلى سمرقند فأخذه أسر البول فتمادى به حتى هلك بالقولنج، وأراح الله منه.
وفي أواخر هذه السنة وعك السلطان إلى أن أشرف على الموت ثم فرج الله تعالى عنه وتعافى.
ذكر من مات
في سنة سبع وثمانمائة
أحمد بن عبد الله بن محمّد بن محمّد بن محمّد الأنصاري أبو اليسر محي الدين ابن تقي الدين بن نور الدين ابن الصائغ الدمشقي نزيل الصالحية ولد سنة تسع وثلاثين في جمادى الآخرة، وسمع من الواد آشى وأحمد ابن علي الجزري وزينب بنت الكمال بعناية أبيه فاكثر وسمع من زين الدين ابن الوردي، وعني بالأدب والتاريخ وطلب بنفسه وكتب الطباق وتخرج بابن سعد وتفرد بأشياء سمعها، كان حسن المذاكرة سمعت منه بدمشق وكان عسراً في الرواية، مات في شهر رمضان.
أحمد بن كندغدي التركي أحد الفضلاء المهرة من الحنفية، اشتغل في عدة علوم وفاق فيها، وكان قد اتصل بالملك الظاهر في أواخر دولته ونادمه ثم توجه رسولاً من ولده الناصر إلى تمرلنك في أواخر سنة ست فقدرت وفاته بحلب في ربيع الأول من هذه السنة في الرابع عشر منه، أرخه البرهان المحدث وأثنى عليه بالعلم والمروءة ومكارم الأخلاق رحمه الله تعالى لقيته مراراً وسمعت من فوائده وقرأ عليه صديقنا مجد الدين بن مكاس المقامات فكان يجيد تقريرها على ما أخبرني به المجد وقال القاضي علاء الدين ابن خطيب الناصرية في تاريخه: كان عالماً ديناً تمرض لما دخل إلى حلب؛ فعزم على الرجوع فأدركه الأجل المحتوم في شهر ربيع الأول، ودفن خارج باب المقام، وقد جاوز الستين.
أنس بن علي بن محمّد بن أحمد بن سعيد بن سالم الأنصاري أبو حمزة الدمشقي سمع بعناية قريبه صدر الدين ابن إمام المشهد من عبد الله بن القيم واستجاز له القلانسي وغيره وطلب بنفسه فسمع من جماعة من أصحاب القاضي سليمان فمن بعدهم وقرأ بنفسه وانتقى على بعض الشيوخ وكان متيقظاً نبيهاً عارفاً بالوثائق والأدبيات مع المروءة والديانة، وكان في بدايته بزي الأجناد ثم لبس زي الفقهاء، مات في رجب وله ثمان وخمسون سنة، سمعت منه قليلاً، وكتب عني من نظمي، وسمع معي كثيراً وأفادني.
أبو بكر بن داود بن أحمد الحنفي الدمشقي أحد الفضلاء في مذهبه، ناب في الحكم ودرس، مات في جمادى الأولى.
تاج بن محمود بن محمّد الأصفهندي الشيخ تاج الدين العجمي نزيل حلب، قدم من بلاد العجم حاجاً ثم رجع فسكن في حلب بالمدرسة الرواحية وأقرأ بها النحو، ثم انثالت عليه الطلبة فلم يكن يتفرغ لغير الاشتغال بل يقرئ من بعد صلاة الصبح إلى الظهر بالجامع ومن الظهر إلى العصر بجامع منكلى بغا، ويجلس من العصر إلى المغرب بالرواحية للإفتاء، وكان عفيفاً ولم يكن له حظ ولا تطلع إلى أمر من أمور الدنيا، وأسر مع اللنكية فاستنقذه الشيخ إبراهيم صاحب شماخي وأحضره إلى بلده مكرماً، فاستمر عنده إلى أن مات في ربيع الأول، أخذ عنه غالب أهل حلب وانتفعوا به، وقد شرح المحرر في الفقه، وأقرأ الحاوي، قرأت بخط القاضي علاء الدين في تاريخه سألته عن مولده في سنة إحدى وثمانمائة فقال لي: الآن اثنتان وسبعون سنة.
تيمور اللنك بن ططرغان الجقطاي، قد قدمت أوليته في هذا المجموع كان من اتباع طقتمش خان آخر الملوك من ذرية جنكز خان، فلما مات وقرر في السلطنة ولده محمود استقر تيمور أتابكه وكان أعرج وهو اللنك بلغتهم، فعرف بتمر اللنك، ثم خفف فقيل: تمرلنك، وتزوج أم محمود وصار هو المتكلم في المملكة، وكانت له همة
عالية وتطلع إلى الملك، فأول ما جمع عسكراً ونازل بخارى فانتزعها من يد أميرها حسن المغلي، ثم نازل خوارزم فاتفق وفاة أميرها حسن المغلي، واستقر أخوه يوسف فانتزعها اللنك أيضاً، ولم يزل إلى أن انتظم له ملك ما وراء النهر، ثم سار إلى سمرقند وتملكها ثم زحف إلى خراسان فملك هراة، ثم ملك طبرستان وجرجان بعد حروب طويلة سنة أربع وثمانين، فنجا صاحبها شاه وتعلق بأحمد بن أويس صاحب العراق فتوجه اللنك إليهم فنازلهم بتبريز وأذربيجان، فهلك شاه في الحصار وملكها اللنك، ثم ملك أصبهان وفي غضون ذلك خالف عليه أمير من جماعته يقال له قمر الدين وأعانه طقتمش خان صاحب صراي فرجع إليهم ولم يزل يحاربهم إلى أن أبادهم واستقل بمملكة المغل، وعاد إلى أصبهان سنة أربع وتسعين فملكها، ثم تحول إلى فارس وبها أعيان بني المظفر اليزدي فملكها ثم رجع إلى بغداد سنة خمس وتسعين فنازلها إلى أن غلب عليها، وفر أحمد بن أويس صاحبها إلى الشام واتصلت مملكة اللنك بعد بغداد بالجزيرة وديار بكر، فبلغت أخباره الظاهر برقوق فاستعد له وخرج بالعساكر إلى حلب فرجع إلى أذربيجان فنزل بقراباغ، فبلغه رجوع طقتمش إلى صراي فسار خلفه ونازله إلى أن غلبه على ملكه في سنة سبع وتسعين، ففر إلى دلغادر، وانضم عسكر المغل إلى اللنك فاجتمع معه فرسان المغل وغيرهم ثم رجع إلى بغداد، وكان أحمد فر منها ثم عاد إليها فنازلها إلى أن ملكها وهرب أحمد ثانيا فسار إلى أن وصل إلى سيواس فملكها ثم حاصر بهسنا مدة، وبلغ ذلك أهل حلب ومن حولها فانجفلوا، ونازل حلب في ربيع الأول فملكها، وفعل فيها الأفاعيل الشنيعة،
ثم تحول إلى دمشق فسار من حلب في أول ربيع الآخر، فكان من أمر الناصر ورجوع العساكر إلى مصر ما تقدم، وتوجه من دمشق في شعبان، فلما كان في سنة أربع وثمانمائة قصد بلاد الروم فغلب عليها وأسر صاحبها، ومات في الاعتقال. ودخل الهند فنازل مملكة المسلمين حتى غلب عليها، وكان مغرى بغزو المسلمين وترك الكفار، وصنع ذلك في بلاد الروم، ثم في بلاد الهند؛ وكان شيخاً طوالاً شكلاً مهولاً طويل اللحية، حسن الوجه، بطلاً شجاعاً، جباراً، غشوماً، ظلوماً سفاكاً للدماء، مقداماً على ذلك، وكان أعرج، شلت رجله في أوائل أمره، وكان يصلي من قيام، وكان جهير الصوت، وكان يسلك الجد مع القريب والبعيد، ولا يحب المزاح، ويحب الشطرنج وله فيها يد طولى، وزاد فيها جملاً وبغلاً وجع رقعته عشرة في أحد عشر، وكان فيها ماهراً وكان لا يلاعبه به إلا الأفراد، وكان يقرب العلماء والصلحاء والشجعان والأشراف وينزلهم منازلهم ولكن من خالف أمره أدنى مخالفة استباح دمه، فكانت هيبته لا تدانى بهذا السبب، وما اخرب البلاد إلا بذلك لأنه كان من أطاعه في أول وهلة أمن، ومن خالفه أدنى مخالفة وهن. وكان له فكر صائب ومكايد في الحرب عجيبة وفراسة قلَّ أن تخطئ، وكان عارفاً بالتواريخ لإدمانه على سماعه، لأنه لا يخلو مجلسه عن قراءة شيء منها سفراً وحضراً، وكان مغرى بمن له معرفة بصناعة ما إذا كان حاذقاً بها، وكان أمياً لا يحسن الكتابة، وكان حاذقاً باللغة الفارسية والتركية والمغلية خاصة، وكان بقدم قواعد جنكز خان ويجعلها أصلاً ولذلك أفتى جمع جم بكفره مع أن شعائر الإسلام في بلاد ظاهرة، وكان له جواسيس في جميع البلاد التي ملكها والتي لم يملكها وكانوا ينهون إليه الحوادث الكائنة على جليتها ويكاتبونه بجميع ما يروم فلا يتوجه إلى جهة إلا وهو على
بصيرة من أمرها، وبلغ من دهائه أنه كان إذا أراد قصد جهة جمع أكابر الدولة وتشاوروا إلى أن يقع الرأي على التوجه في الوقت الفلاني إلى الجهة الفلانية فيكاتب جواسيس تلك الجهات فيأخذ تلك الجهة المذكورة حذرها ويأمن غيرها فإذا ضرب النفير وأصبحوا سائرين ذات الشمال عرج بهم ذات اليمين فإلى أن يصل الخبر الثاني دهم هو الجهة التي يريد وأهلها غافلون. وكان أنشأ بظاهر سمرقند بساتين وقصوراً عجيبة، فكانت من أعظم النزه، وبنى
عدة قصبات سماها بأسماء البلاد الكبار كحمص ودمشق وبغداد وشيراز، ولما مات كان له من الأولاد أمير زاه شاه وشاه رخ وبنت له اسمها سلطان بخت، وكان له ثلاث زوجات، ومن السراري شيء كثير، وكان يجمع العلماء ويأمرهم بالمناظرة ويعنتهم في المسائل؛ وأخباره مطولة. قصبات سماها بأسماء البلاد الكبار كحمص ودمشق وبغداد وشيراز، ولما مات كان له من الأولاد أمير زاه شاه وشاه رخ وبنت له اسمها سلطان بخت، وكان له ثلاث زوجات، ومن السراري شيء كثير، وكان يجمع العلماء ويأمرهم بالمناظرة ويعنتهم في المسائل؛ وأخباره مطولة.
حرمي بن سليمان البباءي ثم القاهري، ولد قبل الخمسين وتفقه قليلاً، وسمع من الشيخ بهاء الدين ابن خليل وغيره، وناب في الحكم ودرس بالشريفية، وولي الإعادة في المنصورية، نزل له عنها بعض العجم وفي ذلك يقول الشاعر:
قالوا توالى الببائي مع جهالته
…
وكان أجهل منه النازل العجمي
فأنشد الجهل بيتاً ليس تنكره
…
ما سرت من حرم إلا إلى حرمي
واتفق أن جركس الخليلي غضب على شاهد عنده مرة فصرفه واستخدم عنده حرمي هذا فنقم عليه أمراً فأنشده:
ما سرت من حرم إلا إلى حرمي
وأشبع فتح الراء فعد ذلك من نوادر الخليلي، مات في رمضان وقد جاوز الستين.
عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك، جمال الدين أبو المعالي الهندي السعودي الأزهري، المعروف بالحلاوي بمهملة ولام خفيفة أسمع الكثير من يحيى ابن المصري وأحمد بن علي المستولي وإبراهيم ابن علي الخيمي وجمع جم من أصحاب النجيب وابن علاف وابن عزوز وابن عبد الدائم فأكثر، وكان ساكناً خيراً صبوراً على الإسماع قل أن يعتريه نعاس، قرأت عليه مسند أحمد في مدة يسيرة في مجالس طوال، وكان لا يضجر وكان جده الشيخ مبارك معتقداً فبنى له بالأبارين بقرب الجامع الأزهر زاوية يسكن بها أولاده، وكانت موعداً لإسماع المشايخ، فلذلك كثرت سماعات شيخنا وأكثر ما حدث به فمن أصوله، وفي الجملة لم يكن في شيوخ الرواية من شيوخنا أحسن أداء ولا أصغى للحديث منه، مات في صفر وقد قارب الثمانين، لأن مولده في وسط سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
عبد الله بن عمر المدني التواتي كان من أهل الخير والصلاح وأقام بالمدينة مجاوراً إلى أن مات، وكان يتردد إلى مصر والشام، مات بالقاهرة.
عبد الله بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن إدريس بن نصر النحريري جمال الدين المالكي، ولد سنة أربعين واشتغل بالعلم بدمشق وبمصر وفضل وسمع من الظهير ابن العجمي وشمس الدين محمّد بن حسن الأنفي وغيرهما ثم ناب في الحكم بحلب، ثم ولي قضاء حلب سنة سبع وستين فبعث إلى القيام مع ابن أبي الرضا على الملك الظاهر، وقدم مرسوم الظاهر إلى حلب بإمساكه، وذلك بعد أن رجع الظاهر من حلب بعد قتل الناصري فأحس بذلك، فخشي منه ففر إلى بغداد فأقام بها على صورة فقير فلم يزل
هناك إلى أن وقعت الفتنة اللنكية ففر إلى تبريز، ثم تحول إلى حصن كيفا فأكرمه صاحبه فأقام عنده، وكان قد سمع الكثير من أصحاب الفخر، وكانت على ذهنه فوائد حديثية وفقهية، وكان يحب الفقهاء الشافعية ويعجبه مذاكرتهم، ثم رجع من الحصن إلى حلب فدخلها في صفر فحدث بها وأقام بها أياماً ثم توجه إلى دمشق سنة ست فحج، ثم رجع قاصداً الحصن، فلما كان بسرمين مات في بكرة يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الأول منها. قرأت بخط حاكم البلاد الحلبية القاضي علاء الدين في تاريخها: كان إماماً فاضلاً فقيهاً يستحضر كثيراً من التاريخ ويستحضر مختصر ابن الحاجب في الفقه، وكان يحب العلم وأهله، وكان من أعيان الحلبيين، وقرأت بخط البرهان المحدث بحلب أنه سأل نور الدين ابن الجلال عن فرعين منسوبين للمالكية فلم يستحضرهما وأنكر أن يكونا في مذهب مالك، قال: فسألت الشيخ جمال الدين فاستحضرهما وذكر أنهما يخرجان من كلام ابن الحاجب الفرعي.
عبد الله بن محمّد بن إبراهيم بن محمّد بن لاجين الرشيدي، سمع من الميدومي وابن الملوك وغيرهما، وكان يلازم قراءة صحيح البخاري، وسمعنا بقراءته، وكان حسن الأداء، وسمعت منه من المعجم الكبير أجزاء، مات في رجب وقد جاوز السبعين بأشهر.
عبد الرحمن بن عبد العزيز بن أحمد بن عثمان ابن أبي الرجاء بن أبي الأزهر الدمشقي المعروف بابن السلعوس، يُكنى أبا بكر، سمع من زينب بنت ابن الخباز وحدث عنها، أجاز لي.
عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز النستراوي الأصل المصري، ولد في ربيع الأول سنة ست وثلاثين، وتنقلت به الأحوال في المباشرات إلى أن ولي صحابة ديوان الجيش، ثم ولي نظر الجيش. ثم عزل واستمر خاملاً إلى أن مات، وكان قد سمع من جمال الدين ابن نباتة
وعمه بدر الدين بن عبد العزيز وابن البوري بالإسكندرية، وكان محباً في الصالحين وفي أهل الخير، اختل حاله في أواخر عمره ومات فلم يخلف إلا نزراً يسيراً إلا أنه لم يخلف عليه ديناً فشابه عمه من جهة وفارقه من جهة، فإن عمه مات وخلف ديناً كثيراً وتركة زوجته فجاء ما يحصل من تركة زوجته من نصيبه بقدر وفاء دينه، وهذا لما مات لم يخلف إلا ستمائة درهم فاخرج منها ولم يخلف فرساً ولا حماراً ولا داراً إلا قليلاً من الثياب الملبوسة وأثاثاً يسيراً، وخلف خمس بنات وزوجة وابني أخ، فلم تبلغ تركته إلا شيئاً يسيراً، وهو جد أولادي لأمهم؛ مات في آخر ربيع الأول، سمعت منه قليلاً.
عبد المنعم بن سليمان بن داود الشيخ شرف الدين البغدادي الحنبلي ولد ببغداد واشتغل بها، وتفقه ومهر وأفتى ودرس وصحب تاج الدين السبكي وغيره، وأخذ الفقه عن الموفق الحنبلي، وتعين للقضاء غير مرة فلم يتفق ذلك وكان صاحب نوادر وفكاهة، وقد درس للحنابلة بالمنصورية وإفتاء دار العدل، ثم دخل القاهرة فاستوطنها، وولي تدريس أم الأشرف بعد حسن النابلسي سنة اثنتين وسبعين؛ ومات في شوال.
عبيد الله - بالتصغير - بن عبد الله الإردبيلي جلال الدين الحنفي لقي جماعة من الكبار بالبلاد العراقية وغيرها، وقدم القاهرة فولي قضاء العسكر ودرس
بمدرسة أم الأشرف بالنيابة وغير ذلك، وكانت لديه فضيلة في الجملة مات في أواخر شهر رمضان.
علي بن إبراهيم بن علي القضامي علاء الدين الحموي تفقه بالقاضي صدر الدين ابن منصور وأخذ النحو عن سري الدين المالكي وبرع في الأدب وكتب في الحكم عن البارزي ثم ولي القضاء بحماة وكان من أهل العلم والفضل والذكاء مع الدين والخير والرياسة سمعت من فوائده لما قدم القاهرة في آخر سنة ثلاث وثمانمائة وكتب عني من نظمي ومن شعره:
عين على المحبوب قد قال لي
…
راح إلى غيرك يبغي اللجين
فجئته بالتير مستدركاً
…
وقلت ما جئتك إلا بعين
وكانت وفاته في ثامن عشر شهر ربيع الآخر من السنة.
علي بن عمر بن علي الأنصاري نور الدين ابن سراج الدين ابن الملقن ولد في سابع شوال سنة ثمان وستين وتفقه قليلاً، وسمع من أبيه وبعض المشايخ بالقاهرة ورحل مع أبيه إلى دمشق وحماة وأسمعه هناك، ثم ناب في الحكم ودرس بمدارس أبيه بعده وكان عنده سكون وحياء وتمول في الآخر وكثرت معاملاته، مات في شعبان.
علي بن محمّد بن محمّد بن وفا أبو الحسن الشاذلي الصوفي ولد بالقاهرة سنة تسع وخمسين وسبعمائة وكان يقظاً حاد الذهن اشتغل بالأدب والوعظ وحصل له أتباع وأحدث ذكراً بألحان وأوزان يجمع الناس عليه وكان له نظم كثير واقتدار على جلب الخلق مع خفة ظاهرة، اجتمعت به مرة في دعوة فأنكرت على أصحابه إيماءهم إلى جهته بالسجود، فتلا هو وهو في وسط السماع يدور " فأينما تولوا فثم وجه الله " فنادى من كان حاضراً من الطلبة كفرت كفرت فترك المجلس وخرج هو وأصحابه وكان أبوه معجباً به وأذن له في الكلام على الناس وهو دون العشرين وكان أكثر إقامته بالروضة قريب المشتهى، ومات بها في ذي الحجة وله من التصانيف الباعث على الخلاص في أحوال الخواص، والكوثر المترع في الأبحر الأربع، وشعره ينعق
بالإنحاد المفضي إلى الإلحاد، وكذا نظم والده وفي أواخر أمره نصب في داره منبراً وصار يصلي الجمعة هو ومن يصاحبه مع أنه مالكي المذهب يرى أن الجمعة لا تصح في البلد ولو كبر إلا في المسجد العتيق من البلد، وله ديوان شعر وموشحات وفصول مواعظ ومن شعره:
أنا مكسور وأنتم أهل جبر
…
فارحموني فعسى يجبر كسري
يا كرام الحي يا أهل العطا
…
انظروا لي واسمعوا قصة فقري
علي بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر بن صالح الهيثمي الشيخ نور الدين أبو الحسن ولد سنة خمس وثلاثين وصحب الشيخ زين الدين العراقي وهو صغير فسمع معه من ابتداء طلبه على أبي الفتح الميدومي وابن الملوك وابن القطرواني وغيرهم من المصريين ومن ابن الخباز وابن الحموي وابن قيم الضيائية وغيرهم من الشاميين ثم رحل معه جميع رحلاته وحج معه جميع حجاته ولم يكن يفارقه حضراً ولا سفراً وتزوج ابنته وتخرج به في الحديث وقرأ عليه أكثر تصانيفه وكتب عنه جميع مجالس إملائه وخرج زوائد الكتب الستة مسند أحمد والبزار وأبي يعلى ومعاجم الطبراني الثلاثة مفردات ثم جمعها في كتاب واحد محذوف الأسانيد وجمع ثقات ابن حبان فرتبها على حروف المعجم وكذا ثقات العجلي ورتب الحلية على الأبواب وصار كثير الاستحضار للمتون جداً لكثرة الممارسة وكان هيناً ليناً خيراً ديناً محباً في أهل الخير لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ وكتابة الحديث وكان سليم الفطرة كثير الخير كثير الاحتمال للأذى خصوصاً من جماعة الشيخ
قرأت عليه الكثير قرينا للشيخ ومما قرأت عليه بانفراده نحو النصف من مجمع الزوائد له ونحو الربع من زوائد مسند أحمد ومسند جابر من مسند أحمد وغير ذلك وكان يودني كثيراً ويشهد لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني خيراً وكنت قد تتبعت أوهامه في كتابه مجمع الزوائد فبلغني أن ذلك شق عليه فتركته رعاية له؛ مات في شهر رمضان.
عيسى ابن حجاج السعدي العالية الشاعر الشطرنجي وكان يذكر أنه من ذرية شاور بن مجير؟ ملك مصر ومهر في الأدب وقال الشعر فأجاد فيه ورحل إلى الشام ولقي الصفدي وغيره وكان يذكر أنه سمع من الصفي الحلي ثم مدح الأعيان وكان يستحضر اللغة عمل بديعية على قافية الراء وقرظها له المجد إسماعيل الحنفي وغيره فهجاه ابن العطار بقوله:
عيسى ومن قرظوه
…
ما شمت فيهم رئيسا
وما رأيت أناساً
…
إلا حميراً وعيسا
ومن شعر عيسى:
تهن بشهر كم به من حلاوة
…
وجد لي ببر لا يضيع ثوابه
فأن لساني صارم وفمي له
…
قراب فأرجو أن يحلى قرابه
ومنه:
أيا رب الجناب الرحب جد لي
…
وكثر في العطاء ولا تقلل
وما تهديه لي من خشكنان
…
نهار العيد كبر أو فهلل
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن أبي سالم شمس الدين ابن الألكابي الحلبي، ولد بحلب خامس شعبان سنة ثمان وأربعين وحفظ المنهاج وعرضه على الزين الباريني وتفقه عليه ونسخ شرح المنهاج لابن الملقن بخطه، وكان والده من الفقهاء بحلب وينوب في بعض البلاد وعرض عليه ذلك بعده فامتنع وتزهد ولبس طريق التصوف، وسافر إلى القدس فلبس الخرقة من الشيخ عبد الله البسطامي، ثم رجع إلى بلده حلب وانقطع بزاوية خارج باب الجبان، وصار معتقداً مقبلاً على شأنه ديّناً بهيّ المنظر وتلمذ له جماعة، وحجّ مراراً وجاور في بعضها، واشتهر عند أهل حلب وبنيت له زاوية، ولبس منه جماعة الخرقة، وكان الأكابر يتردّدون إليه ويتبرّكون به ولا يزداد مع ذلك إلا تواضعاً وتعبّداً، وكان منور الشيبة حسن الخلق والخلق كثير الحياء بهيّ المنظر وسكن بعد الكائنة العظمى في دار القرآن المجاورة للجامع الكبير إلى أن مات بعد الزوال في تاسع ذي القعدة، وحضر جنازته لا يحصون كثرة، نقلته من تاريخ حلب لابن الخطيب الناصرية.
محمد بن صالح بن عمر بن أحمد الحلبي المعروف بابن السفاح ناصر الدين، ولي كتابة الإنشاء ثم ترقى إلى أن ولي كتابة السر بحلب، ثم تحوّل منها فوقع على يشبك بالقاهرة وعيّن لكتابة السر بالقاهرة فلم يقدر ذلك، ومات في تاسع عشر المحرّم، وكانت قد انتهت إليه الرئاسة عند يشبك وكان عليه اعتماده في مهماته، وكان عالي الهمة عارفاً بالسياسة كثير المروءة شديد العصبية كثير المحبة للعلماء والصالحين، وحصلت له محنة في سلطنة الظاهر وصودر ثم توجه إلى القاهرة بعد وقعة
تنم فاتصل بالأمير يشبك واستقر في التوقيع بين يديه إلى أن مات فكنت رأيته عنده، وكان لطيف الشكل رحمه الله تعالى.
محمد بن عباس بن محمد بن حسين بن محمود بن عباس الصلتي ثم المعري شمس الدين، ولد في سنة خمس وأربعين أو قبلها، وهو سبط البرهان بن وهيبة، ونشأ في حجر خاله بدر الدين بن وهيبة، وولي قضاء غزة في أوائل هذا القرن مضافاً إلى القدس ومن قبل ذلك قضاء بعلبك وحمص وحماه مراراً، ثم قدم القاهرة فسعى في قضاء المالكية بدمشق فوليه ولم يتم أمره، ثم ولي قضاء دمشق على مذهب الشافعي بعد الوقعة أشهراً، ثم عزل ومات معزولاً، وكان مفرطاً في سوء السيرة قليل العلم وكان قد اشتغل قليلا وأذن له شمس الدين ابن خطيب يبرود في الإفتاء، وذكره ابن حجي في تاريخه في حوادث سنة ثمان وثمانين قال: وفيها ولي ابن عباس قضاء بعلبك وهو رجل جاهل وكان الذي عزل به رجل من أهل الرواية يدرس بدار الحديث بها فجاء هذا لا دراية ولا رواية وإنما كان يتولّى بالرّشوة لبعض من لا خير فيه، مات في أول جمادى الأولى، وكان إذا ولي القضاء إنما يكتب له مجرداً عن الأنظار والوظائف فإنه كان أرضى بهما أهل البلد ورضي بالقضاء مجرّداً، ومدّة ولايته لقضاء دمشق في المرّتين سنة وشهر.
محمد بن عبد الرحمن الصبيبي المدني اشتغل بالفقه ودرس في الحرم النبوي، ومات بصفد وقد بلغ الخمسين.
محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد الحنفي ناصر الدين المعروف بابن الفرات المصري، سمع من أبي بكر ابن الصناج راوي دلائل النبوّة وتفرّد بالسماع منه، وسمع الشفاء للقاضي عيّاض من الدلاصي والثواب لآدم من ابن عبد الهادي، وأجاز له أبو الحسن البندنيجي وتفرد بإجازته في آخرين، وكان لهجاً بالتاريخ فكتب تاريخاً كبيراً جدّاً بيّض بعضه فأكمل منه المائة الثامنة ثم السابعة ثم السادسة ثم هكذا صنع في نحو من عشرين مجلّداً ثم شرع في الخامسة وشرع في تبييض المائة الرابعة فأدركته الوفاة وكتب شيئاً يسيراً من أوّل القرن التاسع، وتاريخه في هذا كثير الفائدة إلاّ أنه بعبارة عامّية جدّاً، وكان يتولّى عقود الأنكحة ويشهد في الحوانيت ظاهر القاهرة مع الخير والدين والسلامة، مات ليلة عيد الفطر سنة سبع وله اثنتان وسبعون سنة.
محمد بن علي الكفرسوسي شمس الدين الخطيب حفظ القرآن وتعانى النسخ، وكان مأموناً خياراً أضرّ بأخرة، ومات في شهر رمضان.
محمد بن عمر بن علي السحولي، بضم المهملتين، اليمني ثم المكي المؤذّن أبو الطيِّب، ولد سنة 732 في رمضان، وسمع الشفاء على الزبير ابن علي الأسواني وهو آخر من حدّث عنه، وسمع على الجمال المطري وغيره، وأجاز له عيسى الحجي وآخرون، سمعت منه قليلا، مات يوم التروية عن ستٍّ وسيعين سنة، وكان حسن الخط جيّد الشعر أضر بأخرة.
محمد بن قزموز الزّرعي شمس الدين تفقّه قليلاً وفضل ومهر ونظم الشعر الحسن، وولي قضاء القدس وغيره، ثم توجّه إلى قضاء الكرك فضعف ورجع إلى دمشق فمات بها في رجب وقد بلغ السبعين.
محمد بن محمد بن سالم بن علي بن إبراهيم الحضرمي المالكي سمع من الزبير بن علي الأسواني الشفاء ومن الجمال المطري وحدّث، ومات بالقاهرة في شعبان، بلغ الثمانين أو جاوزها، وكان مذموم السيرة.
محمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمود بن أبي الفتح الربعي المعروف بابن الكويك سراج الدين أبو الطيّب، سمع من الميدومي وغيره، وهو أخو شيخنا شرف الدين أبو الطيّب الأصغر، مات في وسط السنة.
محمد بن محمد الطوخي بدر الدين الوزير، ولي وزارة الشام ثم القاهرة مراراً، ومات معزولا وكان يكثر الحج في أيام عطلته جاوز السبعين.
محمّد بن أبي محمّد المعروف بشمس أحد من كان يعتقد بمصر أقام بدار الزعفران بجوار جامع عمرو، ومات في رجب.
محمّد بن يوسف الصالحي المؤذن ولد قبيل الخمسين، وسمع قليلاً وكان جهوري الصوت بالأذان على كبر سنه، مات بطرابلس في صفر.
موسى بن محمّد بن قبانا الشيخ شرف الدين ابن أخت الخليلي الموقت كان أفضل من بقي بالشام في علم الهيئة، وكان رئيس المؤذنين بجامع تنكز وغيره، وكان خيراً، عنده انجماع عن الناس ولا يدخل فيما لا يعنيه ولا ينسب نفسه إلى العلم لا هذا ولا غيره، وله تواليف مفيدة مات في المحرم.
أبو القاسم الحبحابي المغربي الدمشقي المالكي أحد شهود الحكم بدمشق وكان من أعيان فقهائهم، مات في شعبان.
الماحوزي والد الخواجا شمس الدين كان قبل الكائنة في حانوت بالخواصين وبعدها في مكان آخر وكان منزله عند قبر عاتكة جاوز الستين ومات في ربيع الأول.