المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَو مَجْنُون {مَآ أَتَى الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} من قبل قَوْمك - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: أَو مَجْنُون {مَآ أَتَى الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} من قبل قَوْمك

أَو مَجْنُون {مَآ أَتَى الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} من قبل قَوْمك {مِّن رَّسُولٍ} دعاهم إِلَى الله {إِلَاّ قَالُواْ} لذَلِك الرَّسُول {سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}

ص: 443

{أَتَوَاصَوْاْ بِهِ} أتوافق كل قوم على أَن قَالُوا لرسولهم سَاحر أَو مَجْنُون {بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} كافرون

ص: 443

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} فَأَعْرض عَنْهُم يَا مُحَمَّد {فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ} بمذموم عندنَا قد أعذرت وأبلغت ثمَّ أَمر بعد ذَلِك بِالْقِتَالِ

ص: 443

{وَذَكِّرْ} عظ بِالْقُرْآنِ {فَإِنَّ الذكرى} العظة بِالْقُرْآنِ {تَنفَعُ الْمُؤمنِينَ} تزيد الْمُؤمنِينَ صلاحاً

ص: 443

{وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} ليطيعون وَهَذَا أَمر خَاص لأهل طَاعَته وَيُقَال لَو خلقهمْ لِلْعِبَادَةِ مَا عصوا رَبهم طرفَة عين وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب مَا خلقتهمْ إِلَّا أَن آمُرهُم وأكلفهم وَيُقَال وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون إِلَّا أَمرتهم أَن يوحدونى ويعبدونى

ص: 443

{مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ} لم أكلفهم أَن يرزقو أنفسهم {وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ} وَلم أكلفهم أَن يعينوني على أَرْزَاقهم

ص: 443

{إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاق} لِعِبَادِهِ {ذُو الْقُوَّة} على أعدائه {المتين} الشَّديد الْعقُوبَة لَهُم

ص: 443

{فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} كفار مَكَّة {ذَنُوباً} عذَابا بعضه على أثر بعض {مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} مثل عَذَاب الَّذين كَانُوا من قبلهم {فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ} بِالْعَذَابِ والهلاك

ص: 443

{فويل} شدَّة عَذَاب {للَّذين كفرُوا} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} يخوفون فِيهِ من الْعَذَاب الَّذِي بَين فِي سُورَة الطّور

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الطّور وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها ثَمَان وَأَرْبَعُونَ وكلماتها ثَمَانمِائَة وثنتا عشرَة كلمة وحروفها ألف وَخَمْسمِائة

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 443

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَ‌

‌الطور}

يَقُول أقسم الله بجبل زبير وكل جبل فَهُوَ طور بِلِسَان السريانية والقبط وَلَكِن عَنى الله بِهِ الْجَبَل الَّذِي كلم الله عَلَيْهِ مُوسَى وَهُوَ جبل مَدين واسْمه زبير أقسم الله بِهِ

ص: 443

{وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ} وَأقسم باللوح الْمَحْفُوظ مَكْتُوب فِيهِ أَعمال بني آدم

ص: 443

{فِي رَقٍّ} يَعْنِي أديماً {مَّنْشُورٍ} مَكْتُوب فِي صحف مَفْتُوحَة يَقْرَأها بَنو آدم يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ ديوَان الْحفظَة

ص: 443

{وَالْبَيْت الْمَعْمُور} وَأقسم بِالْبَيْتِ الْمَعْمُور بِالْمَلَائِكَةِ وَهُوَ فِي السَّمَاء السَّادِسَة بحيال الْكَعْبَة مَا بَينه وَبَين الْكَعْبَة إِلَى تخوم الْأَرْضين السَّابِعَة حرم يدْخل فِيهِ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون إِلَيْهِ أبدا وَهُوَ الْبَيْت الَّذِي بناه آدم وَرفع إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة من الطوفان وَهُوَ يُسمى الضراح وَهُوَ مُقَابل الْكَعْبَة

ص: 443

{والسقف الْمَرْفُوع} وَأقسم بالسماء المرفوعة فَوق كل شىء

ص: 443

{وَالْبَحْر الْمَسْجُور} وَأقسم بالبحر الممتلىء وَهُوَ بَحر فَوق السَّمَاء السَّابِعَة تَحت عرش الرَّحْمَن يُسمى الْحَيَوَان يحيي الله بِهِ الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال وَالْبَحْر الْمَسْجُور هُوَ بَحر حَار يصير نَارا وَيفتح فِي جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة أقسم الله بِهَذِهِ الْأَشْيَاء

ص: 443

{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ} يَوْم الْقِيَامَة {لَوَاقِعٌ} لكائن نَازل على قُرَيْش

ص: 443

{مَاله} للعذاب {مِن دَافِعٍ} من مَانع

ص: 443

{يَوْمَ تَمُورُ السمآء} تَدور السَّمَاء {مَوْراً} بِأَهْلِهَا دوراناً كدوران الرحا وتموج الْخَلَائق بَعضهم فِي بعض من الهول

ص: 443

{وَتَسِيرُ الْجبَال} على وَجه الأَرْض {سَيْراً} كسير السَّحَاب فِي الْهَوَاء

ص: 443

{فَوَيْلٌ} شدَّة الْعَذَاب {يَوْمَئِذٍ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {للمكذبين} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه

ص: 443

ص: 443

{يَوْمَ يُدَعُّونَ} يدْفَعُونَ {إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} دفعا تدفعهم الْمَلَائِكَة وتجرهم على وُجُوههم إِلَى جَهَنَّم وَتقول لَهُم الزَّبَانِيَة

ص: 443

{هَذِه النَّار الَّتِي كُنتُم بِهَا} فِي الدُّنْيَا {تُكَذِّبُونَ} أَنَّهَا لَا تكون

ص: 443

{أَفَسِحْرٌ هَذَا} هَذَا الْيَوْم

ص: 443

وَهَذَا الْعَذَاب لأنكم قُلْتُمْ فِي الدُّنْيَا للأنبياء هم سحرة {أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} لَا تعقلون يَقُول الله

ص: 444

{اصلوها} ادخلوها يَعْنِي النَّار {فَاصْبِرُوا} على عَذَابهَا {أَوْ لَا تَصْبِرُواْ} على عَذَابهَا {سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ} الْجزع وَالصَّبْر {إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وتقولون فِي الدُّنْيَا

ص: 444

ثمَّ بَين مُسْتَقر الْمُؤمنِينَ أبي بكر وَأَصْحَابه فَقَالَ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ} الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش {فِي جَنَّاتٍ} فِي بساتين {وَنَعِيمٍ} دَائِم

ص: 444

{فَاكِهِينَ} معجبين {بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} بِمَا أَعْطَاهُم رَبهم فِي الْجنَّة {وَوَقَاهُمْ} دفع عَنْهُم {رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيم} عَذَاب النَّار فَيَقُول الله لَهُم

ص: 444

{كُلُواْ} من ثمار الْجنَّة {وَاشْرَبُوا} من أنهارها {هَنِيئَاً} بِلَا دَاء وَلَا إِثْم وَلَا موت {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} وتقولون فِي الدُّنْيَا

ص: 444

{مُتَّكِئِينَ} جالسين {على سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ} قد صف بَعْضهَا إِلَى بعض {وَزَوَّجْنَاهُم} قرناهم فِي الْجنَّة {بِحُورٍ} بجوار بيض {عِينٍ} عِظَام الْأَعْين حسان الْوُجُوه

ص: 444

{وَالَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن وَصَدقُوا بإيمَانهمْ {وَاتَّبَعتهمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ} بِإِيمَان الذُّرِّيَّة فِي الدُّنْيَا {أَلْحَقْنَا بِهِمْ} بِالْآبَاءِ {ذُرِّيَّتَهُمْ} فِي الْآخِرَة فِي دَرَجَة آبَائِهِم وَيُقَال وَالَّذين آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن يدخلهم الْجنَّة وأتبعتهم ذُرِّيتهمْ الصغار فِي درجاتهم بِإِيمَان الذُّرِّيَّة يَوْم الْمِيثَاق ألحقنا بهم بِالْآبَاءِ يَقُول ألحقنا بدرجات الْآبَاء ذُرِّيتهمْ المدركين إِذا كَانَت دَرَجَة آبَائِهِم أرفع {وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ} يَقُول لم ننقص من دَرَجَة الْآبَاء وثوابهم لأجل إِلْحَاق الذُّرِّيَّة بهم {كل امْرِئ بِمَا كَسَبَ} من الذُّنُوب {رَهَينٌ} مُرْتَهن فيفعل الله بهم مَا يَشَاء

ص: 444

{وَأَمْدَدْنَاهُم} أعطيناهم يَعْنِي أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة {بِفَاكِهَةٍ} بألوان الْفَاكِهَة {وَلَحْمٍ} أَي لحم طير {مِّمَّا يَشْتَهُونَ} يتمنون

ص: 444

{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا} يتعاطون فِي الْجنَّة {كَأْساً} خمرًا {لَاّ لَغْوٌ فِيهَا} لَا وجع للبطن من شربهَا {وَلَا تَأْثِيمٌ} لَا إِثْم عَلَيْهِم فِي شربهَا وَيُقَال لَا لَغْو فِيهَا لَا بَاطِل فِيهَا وَلَا حلف فِي الْجنَّة وَلَا تأثيم لَا يشْتم وَلَا يكذب بَعضهم بَعْضًا

ص: 444

{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} فِي الْخدمَة {غِلْمَانٌ} وصفاء {لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ} فِي الصفاء {لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} قد كن من الْحر وَالْبرد والقر

ص: 444

{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ} فِي الزِّيَارَة {يَتَسَآءَلُونَ} يتحدثون من أَمر الدُّنْيَا

ص: 444

{قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ} قبل دُخُول الْجنَّة {فِي أَهْلِنَا} مَعَ أهلنا فِي الدُّنْيَا {مُشْفِقِينَ} خَائِفين من عَذَاب الله

ص: 444

{فَمَنَّ الله عَلَيْنَا} بالمغفرة وَالرَّحْمَة وَدخُول الْجنَّة {وَوَقَانَا} دفع عَنَّا {عَذَابَ السمُوم} عَذَاب النَّار

ص: 444

{إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ} من قبل الْمَغْفِرَة وَالرَّحْمَة {نَدْعُوهُ} نعبده ونوحده {إِنَّهُ هُوَ الْبر} الصَّادِق فِي قَوْله فِيمَا وعد لنا {الرَّحِيم} بعباده الْمُؤمنِينَ إِذْ رحمنا

ص: 444

{فَذَكِّرْ} فعظ يَا مُحَمَّد {فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام {بِكَاهِنٍ} تخبر بِمَا فِي الْغَد {وَلَا مَجْنُونٍ} لَا تختنق

ص: 444

{أَمْ يَقُولُونَ} بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة أَبُو جهل والوليد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه {شَاعِرٌ} يتقوله من تِلْقَاء نَفسه {نَّتَرَبَّصُ بِهِ} نَنْتَظِر بِهِ {رَيْبَ الْمنون} أوجاع الْمَوْت

ص: 444

{قل} يَا مُحَمَّد لأبى جهل والوليد بن الْمُغيرَة وَأَصْحَابه {تَرَبَّصُواْ} انتظروا موتِي {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المتربصين} من المنتظرين بكم الْعَذَاب فعذبوا يَوْم بدر

ص: 444

{أم تَأْمُرهُمْ} أتأمرهم {أحلامهم} أى عُقُولهمْ {بِهَذَا} التَّكْذِيب والشتم والأذى بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَهَذِه طعنة لَهُم من الله {أَمْ هُمْ} بل هم {قَوْمٌ طَاغُونَ} كافرون عالون فِي مَعْصِيّة الله

ص: 444

{أَمْ يَقُولُونَ} بل يَقُولُونَ كفار مَكَّة {تَقَوَّلَهُ} تخلق وَكذب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن من تِلْقَاء نَفسه {بَل لَاّ يُؤْمِنُونَ} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم فِي علم الله

ص: 444

{فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ} فليجيئوا بقرآن مثل قُرْآن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم من تِلْقَاء أنفسهم {إِن كَانُواْ صَادِقِينَ} أَن مُحَمَّدًا تَقوله من تِلْقَاء

ص: 444