الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الدُّنْيَا فَنزل
{أَفَنَجْعَلُ الْمُسلمين} ثَوَاب الْمُسلمين فِي الْجنَّة {كالمجرمين} كثواب الْمُشْركين وهم أهل النَّار وَيُقَال أفنجعل ثَوَاب الْمُشْركين فِي الْآخِرَة كثواب الْمُسلمين
{مَا لَكُمْ} يَا أهل مَكَّة {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} بئس مَا تقضون لأنفسكم
{أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ} عهود {عَلَيْنَا} بالأيمان {بَالِغَةٌ} وَثِيقَة {إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ} تقضون لأنفسكم فِي الْآخِرَة من الْجنَّة
{سَلْهُمْ} يَا مُحَمَّد {أَيُّهُم بذلك} بِمَا يَقُولُونَ {زعيم} كَفِيل
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَآءُ} آلِهَة {فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ} بآلهتهم {إِن كَانُواْ صَادِقِينَ} أَن لَهُم مَا قَالُوا وَمَا يَقُولُونَ
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} عَن أَمر كَانُوا فِي عمى مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَيُقَال عَن أَمر شَدِيد فظيع وَيُقَال عَن عَلامَة بَينهم وَبَين رَبهم {وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُود} بعد مَا قَالُوا وَالله رَبنَا مَا كُنَّا مُشْرِكين وَلَا منافقين {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} السُّجُود وَبقيت صلابهم كالصياصي مثل حصون الْحَدِيد
{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} ذليلة أَبْصَارهم لَا يرَوْنَ خيرا {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} تعلوهم كآبة وكسوف وَهُوَ السوَاد على الْوُجُوه {وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ} فِي الدُّنْيَا {إِلَى السُّجُود} إِلَى الخضوع لله بِالتَّوْحِيدِ فَلم يخضعوا لله بِالتَّوْحِيدِ {وَهُمْ سَالِمُونَ} أصحاء معافون
{فَذَرْنِي} يَا مُحَمَّد {وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيث} بِهَذَا الْكتاب {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} سنأخذهم يَعْنِي الْمُسْتَهْزِئِينَ بِالْقُرْآنِ {مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} لَا يَشْعُرُونَ فأهلكهم الله فِي يَوْم وَلَيْلَة وَكَانُوا خَمْسَة نفر
{أَمْ تَسْأَلُهُمْ} تسْأَل أهل مَكَّة {أَجْراً} جعلا وَرِزْقًا على الْإِيمَان {فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ} من الْغرم {مُّثْقَلُونَ} بالإجابة
{فاصبر لِحُكْمِ رَبِّكَ} على تَبْلِيغ رِسَالَة رَبك وَيُقَال ارْض بِقَضَاء رَبك {وَلَا تَكُن} ضجوراً ضيق الْقلب فِي أَمر الله {كَصَاحِبِ الْحُوت} كضجر يُونُس بن مَتى {إِذْ نَادَى} دَعَا ربه فِي بطن الْحُوت {وَهُوَ مَكْظُومٌ} مجهود مغموم
{لَّوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّه} رَحْمَة من ربه {لَنُبِذَ} لطرح {بالعرآء} على الصَّحرَاء {وَهُوَ مَذْمُومٌ} ملوم مذنب
{وَإِن يَكَادُ الَّذين كَفَرُواْ} كفار مَكَّة {لَيُزْلِقُونَكَ} ليصرعونك {بِأَبْصَارِهِمْ} وَيُقَال يعينونك بأعينهم {لَمَّا سَمِعُواْ الذّكر} قراءتك الْقُرْآن {وَيَقُولُونَ} يَعْنِي كفار مَكَّة {إِنَّهُ} يعنون مُحَمَّدًا {لَمَجْنُونٌ} يختنق
{وَمَا هُوَ} يَعْنِي الْقُرْآن {إِلَاّ ذِكْرٌ} عظة {للْعَالمين} للجن وَالْإِنْس
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الحاقة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها خَمْسُونَ آيَة وكلماتها مِائَتَان وست وَخَمْسُونَ وحروفها ألف وَأَرْبَعمِائَة وَثَمَانُونَ
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى
{الحاقة
مَا الحآقة} يَقُول السَّاعَة مَا السَّاعَة يُعجبهُ بذلك
{وَمَآ أَدْرَاكَ} يَا مُحَمَّد {مَا الحاقة} وَإِنَّمَا سميت الحاقة لحقائق الْأُمُور تحق لِلْمُؤمنِ بإيمانه الْجنَّة وتحق للْكَافِرِ بِكُفْرِهِ النَّار
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ} قوم صَالح {وَعَادٌ} قوم هود {بالقارعة} بِقِيَام السَّاعَة وَإِنَّمَا سميت القارعة لِأَنَّهَا تقرع قُلُوبهم
{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بالطاغية} بطغيانهم وشركهم أهلكوا وَيُقَال طغيانهم حملهمْ على التَّكْذِيب حَتَّى أهلكوا
بَارِد {عَاتِيَةٍ} شَدِيدَة عَتَتْ عَصَتْ وأبت على خزانها
{سَخَّرَهَا} سلطها {عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً} دَائِما مُتَتَابِعًا لَا يفتر عَنْهُم {فَتَرَى الْقَوْم} قوم هود {فِيهَا} فِي الْأَيَّام وَيُقَال فِي الرّيح {صرعى} هلكى مطروحين {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ} أوراك نخل {خَاوِيَةٍ} سَاقِطَة
{وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ} من مَعَه من جُنُوده إِلَى الْبَحْر فَغَرقُوا فِي الْبَحْر وَيُقَال وَجَاء فِرْعَوْن تكلم فِرْعَوْن بِكَلِمَة الشّرك وَمن قبله وَمن كَانَ من قبل فِرْعَوْن من الْأُمَم الْمَاضِيَة {والمؤتفكات} المنخسفات أَيْضا قريات لوط وائتفكها خسفها {بِالْخَاطِئَةِ} تكلمُوا بِكَلِمَة الشّرك
{فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ} مُوسَى {فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً} فعاقبهم عُقُوبَة شَدِيدَة
{إِنَّا لما طَغى المآء} ارْتَفع المَاء فِي زمَان نوح {حَمَلْنَاكُمْ} يَا أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَسَائِر الْخلق فِي أصلاب آبائكم {فِي الْجَارِيَة} فِي سفينة نوح
{لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ} يَعْنِي سفينة نوح وَيُقَال هَذِه الْقِصَّة لكم {تذكرة} عظة تتعظون بهَا {وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} يحفظها قلب حَافظ وَيُقَال تسمع هَذَا الْأَمر أذن سامعة فتنتفع بِمَا سَمِعت
{وَحُمِلَتِ الأَرْض وَالْجِبَال} يُقَال مَا على الأَرْض من الْبُنيان وَالْجِبَال {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً} فكسرتا كسرة وَاحِدَة
{فَيَوْمَئِذٍ} يَوْم حملت الأَرْض وَالْجِبَال {وَقَعَتِ الْوَاقِعَة} قَامَت الْقِيَامَة
{وانشقت السمآء} لهيبة الرَّحْمَن ونزول الْمَلَائِكَة {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} منشقة ضَعِيفَة
{وَالْملك} يَعْنِي الْمَلَائِكَة {على أَرْجَآئِهَآ} حروفها وجوانبها ونواحيها وأطرافها {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} سَرِير رَبك {فَوْقَهُمْ} على أَعْنَاقهم {يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {ثَمَانِيَةٌ} يَقُول ثَمَانِيَة رَهْط من الْمَلَائِكَة لكل ملك أَرْبَعَة وُجُوه وَجه إِنْسَان وَوجه نسر وَوجه أَسد وَوجه ثَوْر وَيُقَال ثَمَانِيَة صُفُوف وَيُقَال ثَمَانِيَة أَجزَاء من الكروبيين وهم أهل السَّمَاء السَّابِعَة
{يَوْمَئِذٍ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {تُعْرَضُونَ} على الله ثَلَاث عرضات عرض لِلْحسابِ والمعاذير وَعرض للخصومات وَالْقصاص وَعرض لتطاير الْكتب وَالْقِرَاءَة {لَا تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} لَا يتْرك مِنْكُم أحد وَيُقَال لَا تخفى على الله مِنْكُم خافية أحد وَيُقَال لَا يخفى على الله من أَعمالكُم شىء
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ} أعطي {كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} وَهُوَ أَبُو سَلمَة بن عبد الْأسد زوج أم سَلمَة وَكَانَ مُسلما {فَيَقُولُ} لأَصْحَابه {هَآؤُمُ} تَعَالَوْا {اقرؤوا كِتَابيَهْ} انْظُرُوا مَا فِي كتابي من الثَّوَاب والكرامة
{قُطُوفُهَا} ثَمَرهَا واجتناؤها {دَانِيَةٌ} قريبَة يَنَالهُ الْقَاعِد والقائم
{كُلُواْ} يَقُول الله لَهُم كلوا من الثِّمَار {وَاشْرَبُوا} من الْأَنْهَار {هَنِيئَاً} بِلَا دَاء وَلَا موت {بِمَآ أَسْلَفْتُمْ} بِمَا قدمتم من الْعَمَل الصَّالح وَيُقَال من الصَّوْم وَالصَّلَاة {فِي الْأَيَّام الخالية} الْمَاضِيَة يَعْنِي أَيَّام الدُّنْيَا
{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ} أعطي {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} وَهُوَ الْأسود بن عبد الْأسد أَخُو أبي سَلمَة وَكَانَ كَافِرًا {فَيَقُول يَا لَيْتَني لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} لم أعْط كتابي هَذَا
فَيَقُول الله للْمَلَائكَة {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ}
أدخلوه
{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا} طولهَا وباعها {سَبْعُونَ ذِرَاعاً} بِذِرَاع الْملك وَيُقَال باعاً {فَاسْلُكُوهُ} فأدخلوه فِي دبره وأخرجوه من فَمه والووا مَا فضل على عُنُقه
{وَلَا طَعَامٌ} فِي النَّار {إِلَاّ مِنْ غِسْلِينٍ} من عصارة أهل النَّار وَهِي مَا يسيل من بطونهم وجلودهم من الْقَيْح وَالدَّم والصديد
{لَاّ يَأْكُلُهُ} يَعْنِي الغسلين {إِلَاّ الخاطئون} الْمُشْركُونَ
{فَلَا أُقْسِمُ} يَقُول أقسم {بِمَا تُبْصِرُونَ} من شىء
{وَمَا لَا تُبْصِرُونَ} من شَيْء يَا أهل مَكَّة وَيُقَال بِمَا تبصرون يَعْنِي السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا لَا تبصرون يَعْنِي الْجنَّة وَالنَّار وَيُقَال بِمَا تبصرون يَعْنِي الشَّمْس وَالْقَمَر وَمَا لَا تبصرون الْعَرْش والكرسي وَيُقَال بِمَا تبصرون يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَمَا لَا تبصرون يَعْنِي جِبْرِيل أقسم الله بهؤلاء الْأَشْيَاء
{إِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يَقُول الْقُرْآن قَول الله نزل بِهِ جِبْرِيل على رَسُول كريم يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
{وَمَا هُوَ} يَعْنِي الْقُرْآن {بِقَوْلِ شَاعِرٍ} ينشئه {قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} يَقُول مَا تؤمنون بِقَلِيل وَلَا بِكَثِير
{وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ} يخبر بِمَا فِي الْغَد {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} مَا تتعظون بِقَلِيل وَلَا بِكَثِير
{تَنْزِيل} يَقُول الْقُرْآن تَنْزِيل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {مِّن رَّبِّ الْعَالمين}
{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} وَلَو اختلق علينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {بعض الْأَقَاوِيل} من الْكَذِب فَقَالَ علينا مالم نَقله
{لأخذنا} لانتقمنا {مِنْهُ بِالْيَمِينِ} بِالْحَقِّ وَالْحجّة وَيُقَال أخذناه بِالْقُوَّةِ
{فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} يَقُول فَلَيْسَ مِنْكُم أحد يحجزنا عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
{وَإِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآن {لَتَذْكِرَةٌ} عظة {لِّلْمُتَّقِينَ} الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش
{وَإِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآن {لَحَسْرَةٌ} ندامة {عَلَى الْكَافرين} يَوْم الْقِيَامَة
{وَإِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآن {لَحَقُّ الْيَقِين} حَقًا يَقِينا إِنَّه كَلَامي نزل بِهِ جِبْرِيل على رَسُول كريم وَيُقَال إِنَّه الَّذِي ذكرت من الْحَسْرَة والندامة على الْكَافرين لحق الْيَقِين يَقُول حَقًا يَقِينا أَن تكون عَلَيْهِم الْحَسْرَة والندامة يَوْم الْقِيَامَة
{فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ} فصل بِأَمْر رَبك {الْعَظِيم} وَيُقَال اذكر تَوْحِيد رَبك الْعَظِيم أعظم من كل شَيْء
وَمن السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا المعارج وَهِي كلهَا مَكِّيَّة آياتها أَربع وَأَرْبَعُونَ وكلماتها مِائَتَان وست عشر وحروفها ثَمَانمِائَة وَأحد وَسِتُّونَ {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {سَأَلَ سَآئِلٌ} يَقُول دَعَا دَاع وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث {بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} نَازل
{لِّلْكَافِرِينَ} على الْكَافرين وَهُوَ من الْكَافرين {لَيْسَ لَهُ} للعذاب {دَافِعٌ} مَانع فَقتل يَوْم بدر صبرا
{من الله} يَأْتِي هَذَا الْعَذَاب على الْكَافرين {ذِي المعارج} خَالق السَّمَوَات
{تَعْرُجُ الْمَلَائِكَة وَالروح} يَعْنِي جِبْرِيل {إِلَيْهِ} إِلَى الله {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} مِقْدَار الصعُود على غير الْمَلَائِكَة
{خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} وَيُقَال من الله يَأْتِي هَذَا الْعَذَاب على الْكَافرين فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خمسين ألف سنة وَيُقَال لَو ولي محاسبة الْخَلَائق إِلَى أحد غير الله لم يفرغ مِنْهُ خمسين ألف سنة
{فاصبر} على أذاهم يَا مُحَمَّد {صَبْراً جَمِيلاً} بِلَا جزع وَلَا فحش وَيُقَال فاعتزل عَنْهُم اعتزالاً جميلاً بِلَا جزع وَلَا فحش فَأمر بعد ذَلِك بِالْقِتَالِ
{إِنَّهُمْ} كَانُوا يَعْنِي كفار مَكَّة {يَرَوْنَهُ} يَعْنِي الْعَذَاب يَوْم الْقِيَامَة {بَعِيداً} غير كَائِن
{وَنَرَاهُ قَرِيباً} كَائِنا لِأَن كل آتٍ كَائِن قريب
ثمَّ بيَّن عَذَابهمْ مَتى يكون فَقَالَ {يَوْمَ تَكُونُ السمآء} تصير السَّمَاء {كَالْمهْلِ} كدردي الزَّيْت وَيُقَال كالفضة المذابة
{وَتَكُونُ} تصير {الْجبَال كالعهن} كالصوف المندوف
{يُبَصَّرُونَهُمْ} يرونهم وَلَا يعرفونهم اشتغالاً بِأَنْفسِهِم {يَوَدُّ} يتَمَنَّى {المجرم} يَعْنِي الْمُشرك أَبَا جهل وَأَصْحَابه وَيُقَال النَّضر وَأَصْحَابه {لَوْ يَفْتَدِي} يفادي نَفسه {مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {بِبَنِيهِ} أَوْلَاده
{وَصَاحِبَتِهِ} زَوجته {وَأَخِيهِ} من أَبِيه وَأمه
{وَفَصِيلَتِهِ} وبقرابته وعشيرته {الَّتِي تُؤْوِيهِ} ينتمي إِلَيْهَا
{كَلَاّ} حَقًا وَهُوَ رد عَلَيْهِ لَا ينجيه الله من الْعَذَاب {إِنَّهَا لظى} يَعْنِي اسْما من أَسمَاء النَّار
{نَزَّاعَةً للشوى} قلاعة لأعضاء الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَسَائِر الْأَعْضَاء وَيُقَال حراقة للبدن
{تدعوا} إِلَى نَفسهَا إِلَيّ أَيهَا الْكَافِر وإلي أَيهَا الْمُنَافِق {مَنْ أَدْبَرَ} عَن التَّوْحِيد {وَتَوَلَّى} عَن الْإِيمَان وَلم يتب من الْكفْر
{وَجَمَعَ} المَال فِي الدُّنْيَا {فأوعى} جعله فِي الْوِعَاء فَمنع حق الله مِنْهُ
{إِن الْإِنْسَان} يعْنى الْكَافِر {خلق هلوعا} ضجور بَخِيلًا حَرِيصًا ممسكاً
{إِلَاّ الْمُصَلِّين} أهل الصَّلَوَات الْخمس فَإِنَّهُم لَيْسُوا كَذَلِك
ثمَّ بيَّن نعتهم فَقَالَ {الَّذين هُمْ على صَلَاتِهِمْ} الْمَكْتُوبَة {دَآئِمُونَ} يديمون عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار فَلَا يدعونها
{وَالَّذين فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} يرَوْنَ فِي أَمْوَالهم حَقًا مَعْلُوما غير الزَّكَاة
{لِّلسَّآئِلِ} الَّذِي يسْأَل مَالك {والمحروم} الَّذِي حرم أجره وغنيمته وَيُقَال هُوَ المحترف الَّذِي لَا تفي حرفته بمعيشته وقوته وَيُقَال هُوَ الْفَقِير الَّذِي لَا يسْأَل وَلَا يعْطى وَلَا يفْطن بِهِ
{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من الولائد بِغَيْر عدد {فَأِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} وَلَا آثمين بذلك لَا يلامون بذلك الْحَلَال {فَمَنِ ابْتغى وَرَآءَ ذَلِك} طلب سوى مَا ذكرت من الْأزْوَاج والولائد {فَأُولَئِك هُمُ العادون} المعتدون من الْحَلَال إِلَى الْحَرَام
{وَالَّذين هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ} لما ائتمنوا عَلَيْهِ من أَمر الدّين وَغَيره {وَعَهْدِهِمْ} فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم أَو فِيمَا بَينهم وَبَين النَّاس وَيُقَال بحلفهم بِاللَّه {رَاعُونَ} حافظون لَهُ بِالْوَفَاءِ والتمام إِلَى أَجله
{أُولَئِكَ} أهل هَذِه الصّفة {فِي جَنَّاتٍ} بساتين {مُّكْرَمُونَ} بالثواب والتحف والهدايا
{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ} كفار مَكَّة الْمُسْتَهْزِئِينَ وَغَيرهم {قِبَلَكَ} حولك {مُهْطِعِينَ} ناظرين إِلَيْك لَا يدنون إِلَيْك مُتَفَرّقين