المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يَا مُحَمَّد {يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى} أقل {مِن ثُلُثَيِ اللَّيْل} - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: يَا مُحَمَّد {يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى} أقل {مِن ثُلُثَيِ اللَّيْل}

يَا مُحَمَّد {يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى} أقل {مِن ثُلُثَيِ اللَّيْل} إِلَى النّصْف {وَنِصْفَهُ} وَتقوم نصف اللَّيْل {وَثُلُثَهُ} وَتقوم ثلث اللَّيْل وَيُقَال وَنصفه أقل من نصف اللَّيْل وَثلثه إِذا قَرَأت بالخفض {وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذين مَعَكَ} وَجَمَاعَة من الْمُؤمنِينَ مَعَك فِي الصَّلَاة {وَالله يُقَدِّرُ اللَّيْل وَالنَّهَار} يعلم سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} أَن لن تحفظُوا سَاعَات اللَّيْل وَيُقَال مَا أمرْتُم فِي اللَّيْل من الصَّلَاة {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} فَتَجَاوز عَنْكُم صَلَاة اللَّيْل {فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ} عَلَيْكُم {مِنَ الْقُرْآن} فِي الصَّلَاة مائَة آيَة فَصَاعِدا وَيُقَال مَا شِئْتُم من الْقُرْآن {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مرضى} جرحى لَا تَسْتَطِيعُونَ الصَّلَاة بِاللَّيْلِ {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ} يسافرون {فِي الأَرْض} بِالتِّجَارَة وَغَيرهَا {يَبْتَغُونَ} يطْلبُونَ {مِن فَضْلِ الله} من رزق الله وَغَيره يشق عَلَيْهِم صَلَاة اللَّيْل {وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ} يجاهدون {فِي سَبِيلِ الله} فِي طَاعَة الله يشق عَلَيْهِم صَلَاة اللَّيْل {فاقرؤوا مَا تَيَسَّرَ} عَلَيْكُم {مِنْهُ} من الْقُرْآن فِي الصَّلَاة {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاة} أَتموا الصَّلَوَات الْخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وَمَا يجب فِيهَا من مواقيتها {وَآتُواْ الزَّكَاة} أعْطوا زَكَاة أَمْوَالكُم {وَأَقْرِضُواُ الله} فِي الصَّدَقَة وَيُقَال فِي الْعَمَل الصَّالح {قَرْضاً حسنا} محتسبا صَادِقا من قُلُوبكُمْ {وَمَا تُقَدِّمُواْ} تسلفوا {لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ} من صَدَقَة أَو عمل صَالح {تَجِدُوهُ} تَجدوا ثَوَابه {عِندَ الله} فِي الْجنَّة مَحْفُوظًا لكم لَا سرق وَلَا غرق وَلَا حرق وَلَا يَأْكُلهُ السوس {هُوَ خَيْراً} مِمَّا بَقِي عنْدكُمْ فِي الدُّنْيَا {وَأَعْظَمَ أَجْراً} ثَوابًا مِمَّا عنْدكُمْ {وَاسْتَغْفرُوا الله} من الذُّنُوب {إِنَّ الله غَفُورٌ} لمن تَابَ {رَحِيم} لمن مَاتَ على التَّوْبَة لرحمة المدثر بثيابه

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا المدثر وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سِتّ وَخَمْسُونَ وكلماتها مِائَتَان وَخمْس وَخَمْسُونَ وحروفها ألف وَعشرَة

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 491

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس رضى الله عَنْهُمَا فى قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا‌

‌ المدثر}

يَعْنِي بِهِ النبى صلى الله عليه وسلم قد تدثر بثيابه ونام

ص: 491

{قُمْ فَأَنذِرْ} فخوف النَّاس وادعهم إِلَى التَّوْحِيد

ص: 491

{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} فَعظم عَمَّا يَقُوله عَبدة الْأَوْثَان

ص: 491

{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} قَلْبك من الْغدر والخيانة والضجر أَي كن طَاهِر الْقلب وَيُقَال ثِيَابك فطهر فقصر وَيُقَال وثيابك فطهر من الدنس

ص: 491

{وَالرجز فاهجر} المآثم فاترك وَلَا تقربنه

ص: 491

{وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} لَا تعط شَيْئا قَلِيلا فتعطى أفضل من ذَلِك وَأكْثر مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَيُقَال وَلَا تمنن بعملك على الله تستكثر

ص: 491

{وَلِرَبِّكَ} على طَاعَة رَبك وَعبادَة رَبك {فاصبر}

ص: 491

{فَإِذَا نُقِرَ فِي الناقور} فَإِذا نفخ فِي الصُّور وَهِي نفخة الْبَعْث

ص: 491

{فَذَلِك يَوْمَئِذٍ} يَعْنِي يَوْم الْقِيَامَة {يَوْمٌ عَسِيرٌ} شَدِيد

ص: 491

{عَلَى الْكَافرين} هوله وعذابه {غَيْرُ يَسِيرٍ} غير هَين عَلَيْهِم

ص: 491

{ذَرْنِي} يَا مُحَمَّد {وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} بِلَا مَال وَلَا ولد وَلَا زوج وَهَذَا وَعِيد من الله للوليد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي

ص: 491

{وَجَعَلْتُ لَهُ} بعد ذَلِك {مَالاً مَّمْدُوداً} كثيرا من كل نوع لم يزل فِي الزِّيَادَة فَكَانَ مَاله نَحْو تِسْعَة أُلَّاف مِثْقَال فضَّة

ص: 491

{وَبَنِينَ شُهُوداً} حضوراً لَا يغيبون عَنهُ وَكَانَ بنوه عشرَة

ص: 492

{وَمَهَّدتُّ لَهُ} المَال بعضه على بعض {تَمْهِيداً} مثل الْفرش بَعْضهَا على بعض

ص: 492

{ثُمَّ يَطْمَعُ} الْوَلِيد {أَنْ أَزِيدَ} فِي مَاله وَهُوَ يعصيني وَيكفر بِي

ص: 492

{كَلَاّ} حَقًا لَا أزيده فَلم يزل بعد ذَلِك فِي نُقْصَان مَاله {إِنَّهُ} يَعْنِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً} لكتابنا ورسولنا عنيداً معرضًا مُكَذبا بهما

ص: 492

{سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} سأكلفه الصعُود على جبل أملس فِي النَّار من الصَّخْرَة كلما وضع يَده ذاب ثمَّ عَاد كَمَا كَانَ وَيُقَال من نُحَاس يجذب من أَمَامه وَيضْرب من خَلفه

ص: 492

{إِنَّهُ} يَعْنِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {فَكَّرَ} يَعْنِي تفكر فى نَفسه فى أَمر مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {وَقَدَّرَ} أَوله قَالَ حَتَّى إِنَّه سَاحر

ص: 492

{فَقُتِلَ} لعن {كَيْفَ قَدَّرَ} قَوْله فِي أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 492

{ثُمَّ قُتِلَ} ثمَّ لعن {كَيْفَ قَدَّرَ} قَوْله فى أَمر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 492

{ثُمَّ نَظَرَ} فِي قَوْله حَتَّى قَالَ إِنَّه سَاحر وَيُقَال نظر إِلَى أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالُوا لَهُ هَلُمَّ إِلَى الْخَيْر يَا ابْن الْمُغيرَة

ص: 492

{ثُمَّ عَبَسَ} كلح وَجهه {وَبَسَرَ} قبض جَبينه

ص: 492

{ثمَّ أدبر} عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِلَى أَهله {واستكبر} تعظم عَن الْإِيمَان أَن يُجِيبهُمْ

ص: 492

{فَقَالَ إِنْ هَذَا} مَا هَذَا الَّذِي يَقُول مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {إِلَاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} يأثره وَيَرْوِيه عَن مُسَيْلمَة الْكذَّاب الَّذِي يكون بِالْيَمَامَةِ وَيُقَال عَنى بِهِ جبرا ويسارا

ص: 492

{إِنْ هَذَا} مَا هَذَا الَّذِي يَقُول مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {إِلَاّ قَوْلُ الْبشر} قَول جبر ويسار

ص: 492

{سَأُصْلِيهِ} سأدخله فِي الْآخِرَة يَعْنِي الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {سَقَرَ} وَهُوَ الْبَاب الرَّابِع من النَّار

ص: 492

{وَمَآ أَدْرَاكَ} يَا مُحَمَّد {مَا سَقَرُ}

ص: 492

{لَا تُبْقِي} لَهُم لَحْمًا إِلَّا أَكلته {وَلَا تَذَرُ} إِذا أعيدوا خلقا جَدِيدا أكلتهم أَيْضا

ص: 492

{لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ} شواهة لأبدانهم وَيُقَال مسودة لوجوههم

ص: 492

{عَلَيْهَا} على النَّار {تِسْعَةَ عَشَرَ} ملكا خزان النَّار

ص: 492

{وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ النَّار} مَا سلطنا على أهل النَّار {إِلَاّ مَلَائِكَةً} يَعْنِي الزَّبَانِيَة {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ} مَا ذكرنَا قلتهم قلَّة خزان {إِلَاّ فِتْنَةً} بلية {لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} كفار مَكَّة يَعْنِي أَبَا الأشد بن أسيد بن كلدة حَيْثُ قَالَ أَنا أكفيكم سَبْعَة عشر تِسْعَة على ظَهْري وَثَمَانِية على صَدْرِي فاكفوا أَنْتُم على اثْنَيْنِ {لِيَسْتَيْقِنَ} لكَي يستيقن {الَّذين أُوتُواْ الْكتاب} أعْطوا الْكتاب التَّوْرَاة يعْنى أَبَا عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه لِأَن فِي كِتَابهمْ كَذَلِك عدَّة خزان النَّار {وَيَزْدَادَ الَّذين آمنُوا إِيمَاناً} يَقِينا إِذا علمُوا أَن مَا فِي كتَابنَا مثل مَا فِي التَّوْرَاة {وَلَا يَرْتَابَ الَّذين} لَا يشك الَّذين {أُوتُوا الْكتاب} عبد الله ابْن سَلام وَأَصْحَابه إِذا لم يكن خلاف مَا فى كِتَابهمْ التَّوْرَاة {والمؤمنون} أَيْضا إِذْ لم يكن خلاف مَا فِي التَّوْرَاة {وَلِيَقُولَ} لكَي يَقُول {الَّذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} شكّ ونفاق {والكافرون} يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَيُقَال كفار مَكَّة {مَاذَآ أَرَادَ الله بِهَذَا مَثَلاً} بِهَذَا الْمثل إِذْ ذكر قلَّة الْمَلَائِكَة {كَذَلِك} هَكَذَا {يضل الله من يَشَاء} بهذ الْمثل من كَانَ أَهلا لذَلِك {وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ} بِهَذَا الْمثل من كَانَ أَهلا لذَلِك {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ} من الْمَلَائِكَة {إِلَاّ هُوَ وَمَا هِيَ} يَعْنِي سقر {إِلَاّ ذكرى لِلْبَشَرِ} عظة لِلْخلقِ أنذرتهم

ص: 492

{كَلَاّ وَالْقَمَر} أقسم بالقمر

ص: 492

{وَالصُّبْح إِذَآ أَسْفَرَ} أقبل وَيُقَال استضاء

ص: 492

{إِنَّهَا} يَعْنِي سقر {لإِحْدَى الْكبر} بَاب من أَبْوَاب النَّار مِنْهَا جَهَنَّم وسقر ولظى والحطمة والسعير والجحيم والهاوية

ص: 492

{نذيرا للبشر} أنذرتهم وَيُقَال مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم نَذِير للبشر يرجع إِلَى أول السُّورَة إِلَى قَوْله قُم فَأَنْذر نَذِير للبشر مقدم ومؤخر

ص: 492

{لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ} إِلَى خير فَيُؤمن {أَوْ يَتَأَخَّرَ} عَن شَرّ فَيتْرك وَيُقَال أَو يتَأَخَّر عَن خير فيكفر وَهَذَا وَعِيد لَهُم

ص: 492

{كُلُّ نَفْسٍ} كَافِرَة {بِمَا كَسَبَتْ} فِي الْكفْر {رَهِينَةٌ} مرتهنة فِي النَّار أبدا

ص: 492

{إِلَاّ أَصْحَابَ الْيَمين} أهل الْجنَّة فَإِنَّهُم لَيْسُوا كَذَلِك وَلَكنهُمْ

ص: 492

{فِي جَنَّاتٍ} فِي بساتين {يَتَسَآءَلُونَ}

ص: 492

{عَنِ الْمُجْرمين} يسْأَلُون أهل النَّار وَيَقُولُونَ يَا فلَان

ص: 492

{مَا سَلَكَكُمْ} مَا الَّذِي أدخلكم {فِي سَقَرَ}

ص: 492