المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن {يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {لَا يُخْزِى - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن {يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {لَا يُخْزِى

الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن {يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {لَا يُخْزِى الله النَّبِي} كَمَا يخزي الْكفَّار يَقُول لَا يعذب الله النَّبِي {وَالَّذين آمَنُواْ مَعَهُ} وَلَا يعذب الَّذين آمنُوا بِهِ مثل أبي بكر وَأَصْحَابه {نُورُهُمْ يسْعَى} يضيء {بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} على الصِّرَاط {وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ} بعد مَا ذهب نور الْمُنَافِقين {رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا} على الصِّرَاط {نُورَنَا واغفر لَنَآ} ذنوبنا {إِنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ} من إتْمَام النُّور والغفران {قدير}

ص: 478

{يَا أَيهَا النَّبِي جَاهِدِ الْكفَّار} كفار مَكَّة بِالسَّيْفِ حَتَّى يسلمُوا {وَالْمُنَافِقِينَ} منافقي أهل الْمَدِينَة بِاللِّسَانِ بالزجر والوعيد {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} وَاشْدُدْ على كلا الْفَرِيقَيْنِ بالْقَوْل وَالْفِعْل {وَمَأْوَاهُمْ} مصير الْمُنَافِقين وَالْكفَّار {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمصير} صَارُوا إِلَيْهِ جَهَنَّم

ص: 478

ثمَّ خوف عَائِشَة وَحَفْصَة لإيذائهما النبى صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَة نوح وَامْرَأَة لوط فَقَالَ {ضَرَبَ الله} بيَّن الله {مَثَلاً} صفة {لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ} بالمرأتين الكافرتين {امْرَأَة نوح} وَاهِلَة {وَامْرَأَة لُوطٍ} واعلة {كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ} مرسلين {فَخَانَتَاهُمَا} فخالفتاهما فِي الدّين وأظهرتا الْإِيمَان بِاللِّسَانِ وأسرتا النِّفَاق بِالْقَلْبِ وَلم تخونا بِالْفُجُورِ لِأَنَّهُ لم تفجر امْرَأَة نَبِي قطّ {فَلم يغنيا عَنْهُمَا} لم ينفعهما {مِنَ الله} من عَذَاب الله {شَيْئاً} صَلَاح زوجيهما مَعَ كفرهما {وَقِيلَ ادخلا النَّار} فِي الْآخِرَة {مَعَ الداخلين} فِي النَّار ثمَّ حثهما على التَّوْبَة وَالْإِحْسَان بِامْرَأَة فِرْعَوْن آسِيَة بنت مُزَاحم وَمَرْيَم بنت عمرَان فَقَالَ

ص: 478

{وَضَرَبَ الله مَثَلاً} بَين الله صفة {لِّلَّذِينَ آمنُوا} بامرأتين مسلمتين {امْرَأَة فِرْعَوْنَ} آسِيَة بنت مُزَاحم {إِذْ قَالَتْ} فِي عَذَاب فِرْعَوْن لَهَا {رَبِّ ابْن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجنَّة} لكَي يهون عليَّ عَذَاب فِرْعَوْن {وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ} من دين فِرْعَوْن {وَعَمَلِهِ} عَذَابه {وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْم الظَّالِمين} الْكَافرين فَلم يَضرهَا كفر زَوجهَا مَعَ إيمَانهَا وإخلاصها

ص: 478

{وَمَرْيَم ابْنة عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} حفظت فرجهَا يَعْنِي جيب درعها من الْفَوَاحِش {فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} فَنفخ جِبْرِيل فِي جيب قميصها بأمرنا فَحملت بِعِيسَى {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا} بِمَا قَالَ لَهَا جِبْرِيل {إنمآ أَنا رَسُول رَبك لأهب لَك غُلَاما زكياً} {وَكُتُبِهِ} وبكتبه التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَسَائِر الْكتب وَيُقَال بِكَلِمَات رَبهَا بِعِيسَى ابْن مَرْيَم أَن يكون بِكَلِمَة من الله كن فَصَارَ مخلوقاً وبكتابه الْإِنْجِيل {وَكَانَتْ مِنَ القانتين} من المطيعين لله فى الشدَّة والرخاء وَيُقَال وَكَانَت من القانتين الذى تَعَالَى وتعاظم

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْملك وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها ثَلَاثُونَ وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَخمْس وَثَلَاثُونَ وحروفها ألف وثلاثمائة وَثَلَاثَة عشر

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 478

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {تَبَارَكَ} يَقُول ذُو بركَة وَيُقَال تَعَالَى وتعظم وتقدس وارتفع وتبرأ عَن الْوَلَد وَالشَّرِيك {الَّذِي بِيَدِهِ‌

‌ الْملك}

ملك الْعِزّ والذل وخزائن كل شَيْء {وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ} من الْعِزّ والذل {قدير}

ص: 478

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْت} شبه كَبْش أَمْلَح لَا يمر على شَيْء وَلَا يشم رِيحه شَيْء وَلَا يطَأ على شَيْء حَيّ إِلَّا مَاتَ {والحياة} وَخلق الْحَيَاة شبه فرس بلقاء أُنْثَى لَا تمر على شَيْء وَلَا يشم رِيحهَا شَيْء وَلَا تطَأ على شَيْء وَلَا يطْرَح من أَثَرهَا على شَيْء إِلَّا يحيى وَهِي دَابَّة دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار خطوها مد الْبَصَر ويركبها الْأَنْبِيَاء وَيُقَال خلق الْمَوْت يَعْنِي النُّطْفَة والحياة يَعْنِي النَّسمَة وَيُقَال خلق الْحَيَاة وَالْمَوْت مقدم ومؤخر {لِيَبْلُوَكُمْ} ليختبركم بَين الْحَيَاة وَالْمَوْت {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} أخْلص عملا {وَهُوَ الْعَزِيز} بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ {الغفور} لمن تَابَ وآمن بِهِ

ص: 478

{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} مطبقة بَعْضهَا على بعض مثل الْقبَّة ملتزقة أطرافها {مَّا ترى} يَا مُحَمَّد {فِي خَلْقِ الرَّحْمَن} فِي خلق السَّمَوَات {مِن تَفَاوُتِ} من اعوجاج {فَارْجِع الْبَصَر} رد الْبَصَر بِالنّظرِ إِلَى السَّمَاء

ص: 478

{هَلْ ترى مِن فُطُورٍ} من شقوق وصدوع وعيوب وخلل

ص: 479

{ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ} رد الْبَصَر إِلَى السَّمَاء وتفكر بِالنّظرِ إِلَى السَّمَاء {كَرَّتَيْنِ} مرَّتَيْنِ {يَنْقَلِبْ} برجع {إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً} صاغراً ذليلاً قبل أَن ترى شَيْئا {وَهُوَ حَسِيرٌ} عي كليل مُنْقَطع

ص: 479

{وَلَقَد زينا السَّمَاء الدُّنْيَا} الأولى {بِمَصَابِيحَ} بالنجوم {وَجَعَلْنَاهَا} يَعْنِي النُّجُوم {رُجُوماً} رمياً {للشياطين} يرجمون بهَا فبعضهم يخبل وَبَعْضهمْ يفتل وَبَعْضهمْ يحرق {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ} للشياطين فِي الْآخِرَة {عَذَابَ السعير} الْوقُود

ص: 479

{إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا} طرحوا فِي جَهَنَّم أمة من الْأُمَم مِمَّن يدْخلُونَهَا يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس ومشركي الْعَرَب {سَمِعُواْ لَهَا} لِجَهَنَّم {شَهِيقاً} صَوتا كصوت الْحمار {وَهِيَ تَفُورُ} تغلي

ص: 479

{تَكَادُ تَمَيَّزُ} تتفرق {مِنَ الغَيْظِ} على الْكفَّار {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا} طرح فِي جَهَنَّم {فَوْجٌ} جمَاعَة من الْكفَّار يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس وَسَائِر الْكفَّار {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ} يَعْنِي خَزَنَة النَّار {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} رَسُول مخوف

ص: 479

{قَالُواْ بلَى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ} رَسُول مخوف {فَكَذَّبْنَا} الرُّسُل {وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ الله مِن شَيْءٍ} من كتاب وَلَا بعث إِلَيْنَا رَسُولا {إِنْ أَنتُمْ} وَقُلْنَا للرسل مَا أَنْتُم {إِلَاّ فِي ضلال كَبِير} فِي خطأ عَظِيم الشّرك بِاللَّه وَيُقَال تَقول لَهُم الزَّبَانِيَة إِن أَنْتُم مَا أَنْتُم فِي الدُّنْيَا إِلَّا فِي ضلال كَبِير فِي خطأ عَظِيم الشّرك بِاللَّه

ص: 479

{وَقَالُواْ} للخزنة {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} نستمع إِلَى الْحق وَالْهدى {أَوْ نَعْقِلُ} أَو نرغب فِي الْحق فِي الدُّنْيَا {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السعير} مَعَ أهل الْوقُود فِي النَّار الْيَوْم

ص: 479

{فَاعْتَرفُوا بذنبهم} فأقروا بشركهم {فسحقا} فَبعد من رَحْمَة الله ونكساً {لأَصْحَابِ السعير} لأهل الْوقُود فِي النَّار الْيَوْم

ص: 479

{إِنَّ الَّذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُم} يعْملُونَ لرَبهم {بِالْغَيْبِ} وَإِن لم يروه {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} لذنوبهم فِي الدُّنْيَا {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} ثَوَاب عَظِيم فِي الْجنَّة

ص: 479

{وأسروا قَوْلكُم} فى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بالمكر والخيانة {أَوِ اجهروا بِهِ} أَو أعْلنُوا بِهِ بِالْحَرْبِ والقتال {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} بِمَا فِي الْقُلُوب من الْخَيْر وَالشَّر

ص: 479

{أَلَا يَعْلَمُ} السِّرّ {مَنْ خَلَقَ} السِّرّ {وَهُوَ اللَّطِيف} لطف علمه بِمَا فِي الْقُلُوب {الْخَبِير} بِمَا فِيهَا من الْخَيْر وَالشَّر وَيُقَال علمه نَافِذ بِكُل شَيْء من الْخَيْر وَالشَّر الْخَبِير بهما

ص: 479

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْض ذَلُولاً} مذللاً لينها بالجبال {فامشوا فِي مناكبها} امضوا وهزوا فِي نَوَاحِيهَا وأطرافها وَيُقَال طرقها وَيُقَال فِي جبالها وآكامها وفجاجها {وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ} تَأْكُلُونَ من رزقه {وَإِلَيْهِ النشور} الْمرجع فِي الْآخِرَة

ص: 479

{أأمنتم} يَا أهل مَكَّة إِذْ عصيتموه {مَّن فِي السمآء} عَذَاب من فِي السَّمَاء على الْعَرْش {أَن يخسف بكم الأَرْض} أَن يغور بِكُمُ الأَرْض {فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} تَدور بكم إِلَى الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى كَمَا خسف بقارون

ص: 479

{أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي السمآء} عَذَاب من فِي السَّمَاء على الْعَرْش إِذْ عصيتموه {أَن يُرْسل عَلَيْكُم حاصبا} حِجَارَة كَمَا أرسل على قوم لوط {فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} كَيفَ تغييري عَلَيْكُم بِالْعَذَابِ

ص: 479

{وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} من قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد {فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ} انْظُر كَيفَ كَانَ تغييرى عَلَيْهِم بِالْعَذَابِ

ص: 479

{أَو لم يَرَوْا} كفار مَكَّة {إِلَى الطير فَوْقَهُمْ} فَوق رؤوسهم {صافات} مفتوحات الأجنحة {ويقبضن} ويضممن {مَا يُمْسِكُهُنَّ} بعد الْبسط {إِلَاّ الرَّحْمَن إِنَّهُ بِكُل شَيْء} من الْبسط وَالْقَبْض {بَصِير}

ص: 479

{أم من هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ} مَنْعَة لكم {يَنصُرُكُم} يمنعكم {مِّن دُونِ الرَّحْمَن} من عَذَاب الرَّحْمَن {إِنِ الْكَافِرُونَ} مَا الْكَافِرُونَ {إِلَاّ فِي غرور} فى أباطيل الدُّنْيَا وغرورها

ص: 479

{أم من هَذَا الَّذِي} هُوَ {يَرْزُقُكُمْ} من السَّمَاء بالمطر وَالْأَرْض بالنبات {إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} فَمن ذَا الَّذِي يرزقكم {بَل لَّجُّواْ} تَمَادَوْا {فِي عُتُوٍّ} فِي إباء عَن الْحق {وَنُفُورٍ} تبَاعد عَن الْإِيمَان

ص: 479