المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَان} يتعظ وَيعلم الْكَافِر النَّضر وَأَصْحَابه {مَا سعى} - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَان} يتعظ وَيعلم الْكَافِر النَّضر وَأَصْحَابه {مَا سعى}

{يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَان} يتعظ وَيعلم الْكَافِر النَّضر وَأَصْحَابه {مَا سعى} الَّذِي عمل فِي كفره

ص: 501

{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيم} أظهرت الْجَحِيم {لِمَن يرى} لمن يجب لَهُ دُخُولهَا

ص: 501

{فَأَمَّا مَن طَغى} علا وتكبر وَكفر بِاللَّه هُوَ النَّضر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة

ص: 501

{وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا} اخْتَار الدُّنْيَا على الْآخِرَة وَالْكفْر على الْإِيمَان

ص: 501

{فَإِنَّ الْجَحِيم هِيَ المأوى} مأوى من كَانَ هَكَذَا

ص: 501

{وَأَمَّا مَنْ خَافَ} عِنْد الْمعْصِيَة {مَقَامَ رَبِّهِ} مقَامه بَين يَدي ربه فَانْتهى عَن الْمعْصِيَة {وَنَهَى النَّفس عَنِ الْهوى} عَن الْحَرَام الَّذِي يشتهيه وَهُوَ مُصعب بن عُمَيْر

ص: 501

{فَإِنَّ الْجنَّة هِيَ المأوى} مأوى من كَانَ هَكَذَا

ص: 501

{يَسْأَلُونَك} يَا مُحَمَّد كفار مَكَّة {عَنِ السَّاعَة} عَن قيام السَّاعَة {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} مَتى قِيَامهَا إِنْكَار مِنْهُم لَهَا

ص: 501

{فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا} مَا أَنْت وَذَاكَ أَن تذكرها لَهُم

ص: 501

{إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ} مُنْتَهى علم قِيَامهَا

ص: 501

{إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ} رَسُول مخوف بِالْقُرْآنِ {مَن يَخْشَاهَا} من يخَاف قِيَامهَا

ص: 501

{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا} يَعْنِي السَّاعَة {لَمْ يَلْبَثُوا} فِي الْقُبُور فِي الدُّنْيَا {إِلَاّ عَشِيَّةً} قدر عَشِيَّة {أَوْ ضُحَاهَا} أَو قدر غدْوَة من أول النَّهَار

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْأَعْمَى وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها أَرْبَعُونَ وكلماتها مائَة وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ وحروفها خَمْسمِائَة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 501

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ‌

{عبس}

يَقُول كلح مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَجهه {وَتَوَلَّى} أعرض بِوَجْهِهِ

ص: 501

{أَن جَآءَهُ الْأَعْمَى} إِذْ جَاءَهُ عبد الله ابْن أم مَكْتُوم وَهُوَ عبد الله بن شُرَيْح وَأم مَكْتُوم كَانَت أم أَبِيه وَذَلِكَ أَن النبى صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسا مَعَ ثَلَاثَة نفر من أَشْرَاف قُرَيْش مِنْهُم الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب عَمه وَأُميَّة بن خلف الجمحى وَصَفوَان ابْن أُميَّة وَكَانُوا كفَّارًا فَكَانَ النبى صلى الله عليه وسلم يَعِظهُمْ ويدعوهم إِلَى الْإِسْلَام فجَاء ابْن أم مَكْتُوم فَقَالَ يَا رَسُول الله عَلمنِي مِمَّا علمك الله فَأَعْرض النبى صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ عَنهُ اشتغالاً بهؤلاء النَّفر فَنزل فِيهِ عبس كلح مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِوَجْهِهِ وَتَوَلَّى أعرض بِوَجْهِهِ عَن عبد الله أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى ابْن أم مَكْتُوم

ص: 501

{وَمَا يُدْرِيكَ} يَا مُحَمَّد {لَعَلَّهُ} أَي الْأَعْمَى {يزكّى} يصلح بِالْقُرْآنِ

ص: 501

{أَوْ يَذَّكَّرُ} يتعظ بِالْقُرْآنِ {فَتَنفَعَهُ الذكرى} أَي العظة بِالْقُرْآنِ وَيُقَال وَمَا يدْريك يَا مُحَمَّد لَعَلَّه يزكّى أَن لَا يصلح أَو يذكر أَو لَا يتعظ فتنفعه الذكرى أَو لَا تَنْفَعهُ أَي العظة

ص: 501

{أَمَّا مَنِ اسْتغنى} عَن الله فِي نَفسه وهم هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة

ص: 501

{فَأَنتَ لَهُ تصدى} تقبل عَلَيْهِ بِوَجْهِك

ص: 501

{وَمَا عَلَيْكَ أَلَاّ يزكّى} أَلا يوحد هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة

ص: 501

ص: 501

{وَهُوَ يخْشَى} من الله وَهُوَ مُسلم وَكَانَ قد أسلم قبل ذَلِك ابْن أم مَكْتُوم

ص: 501

{فَأَنتَ عَنْهُ} يَا مُحَمَّد {تلهى} تعرض مشتغلاً بهؤلاء الثَّلَاثَة

ص: 501

{كَلَاّ} لَا تفعل هَكَذَا يَقُول لَا تقبل على الَّذِي اسْتغنى عَن الله فِي نَفسه وَتعرض عَمَّن يخْشَى الله فَكَانَ النبى صلى الله عليه وسلم يكرم ابْن أم مَكْتُوم بعد ذَلِك وَيحسن إِلَيْهِ كلا حَقًا {إِنَّهَا} يَعْنِي هَذِه السُّورَة {تَذْكِرَةٌ} عظة من الله للغني وَالْفَقِير

ص: 501

{فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ} فَمن شَاءَ الله لَهُ أَن يتعظ اتعظ

ص: 501

{فَي صُحُفٍ} يَقُول الْقُرْآن مَكْتُوب فِي كتب من أَدَم {مُّكَرَّمَةٍ} كَرِيمَة على الله

ص: 501

{مَّرْفُوعَةٍ} مُرْتَفعَة فِي السَّمَاء {مُّطَهَّرَةٍ} من الأدناس والشرك

ص: 501

{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} كتبة

ص: 501

{كِرَامٍ} هم كرام على الله مُسلمُونَ {بَرَرَةٍ} صَدَقَة وهم الْحفظَة أهل السَّمَاء الدُّنْيَا

ص: 501

{قُتِلَ الْإِنْسَان} لعن الْكَافِر عتبَة بن أبي لَهب {مَآ أَكْفَرَهُ} مَا الَّذِي أكفره بِاللَّه وبنجوم الْقُرْآن يَعْنِي وبالنجم إِذا هوى وَيُقَال مَا أَشد كفره

ص: 501

يَقُول فليتفكر فِي نَفسه من أَي شَيْء خلقه نسمَة

ص: 502

ثمَّ بيَّن لَهُ فَقَالَ {مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ} نسمَة {فَقَدَّرَهُ} قدر خلقه باليدين وَالرّجلَيْنِ والعينين والأذنين وَسَائِر الْأَعْضَاء

ص: 502

{ثُمَّ السَّبِيل يَسَّرَهُ} طَرِيق الْخَيْر وَالشَّر بَينه وَيُقَال سَبِيل الرَّحِم يسره بِالْخرُوجِ

ص: 502

{ثُمَّ أَمَاتَهُ} بعد ذَلِك {فَأَقْبَرَهُ} فَأمر بِهِ فقبر

ص: 502

ص: 502

{كَلَاّ} حَقًا يَا مُحَمَّد {لَمَّا} لم {يَقْضِ} وَالْألف هَهُنَا صلَة لم يزدْ {مَآ أَمَرَهُ} الَّذِي أمره الله من التَّوْحِيد وَغَيره

ص: 502

{فَلْيَنظُرِ الْإِنْسَان} فليتفكر الْكَافِر عتبَة بن أبي لَهب {إِلَى طَعَامِهِ} فِي رزقه الَّذِي يَأْكُلهُ كَيفَ يحول من حَال إِلَى حَال حَتَّى يَأْكُلهُ

ص: 502

ثمَّ بيَّن لَهُ تحويله فَقَالَ {أَنَّا صَبَبْنَا المآء صَبّاً} يَعْنِي الْمَطَر على الأَرْض صبا

ص: 502

{ثُمَّ شَقَقْنَا} صدعنا {الأَرْض شَقّاً} صدعاً بالنبات

ص: 502

{فَأَنبَتْنَا فِيهَا} فِي الأَرْض {حَبّاً} الْحُبُوب كلهَا

ص: 502

{وَعِنَباً} يَعْنِي الكروم {وَقَضْباً} قتاً وَيُقَال هُوَ الرّطبَة

ص: 502

{وَزَيْتُوناً} شَجَرَة الزَّيْتُون {وَنَخْلاً} يَعْنِي النخيل

ص: 502

{وَحَدَآئِقَ} مَا أحيط عَلَيْهَا من الشّجر والنخيل {غُلْباً} غلاظا طوَالًا

ص: 502

{وَفَاكِهَةً} وألوان الْفَاكِهَة {وَأَبّاً} يَعْنِي الْكلأ وَيُقَال وَهُوَ التِّبْن

ص: 502

{مَّتَاعاً لَّكُمْ} مَنْفَعَة الْحُبُوب وَغَيرهَا {وَلأَنْعَامِكُمْ} الْكلأ

ص: 502

{فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة} وَهُوَ قيام السَّاعَة صَاح وخضع وانقاد وَأجَاب لَهَا كل شَيْء وتذل الْخَلَائق ويعلمون أَنَّهَا كائنة

ص: 502

ثمَّ بيَّن مَتى تكون فَقَالَ {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْء} الْمُؤمن {مِنْ أَخِيهِ} الْكَافِر

ص: 502

{وَأُمِّهِ} ويفر من أمه {وَأَبِيهِ} ويفر من أَبِيه

ص: 502

{وَصَاحِبَتِهِ} ويفر من زَوجته {وَبَنِيهِ} ويفر من بنيه وَيُقَال يفر هابيل من قابيل وَمُحَمّد صلى الله عليه وسلم من أمه آمِنَة وَإِبْرَاهِيم من أَبِيه ولوطاً من زَوجته واعلة ونوح من ابْنه كنعان

ص: 502

{لكل امْرِئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {شَأْنٌ يُغْنِيهِ} عمل يشْغلهُ عَن غَيره

ص: 502

{وُجُوهٌ} وُجُوه الْمُؤمنِينَ المصدقين فِي إِيمَانهم {يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {مُّسْفِرَةٌ} مشرقة بِرِضا الله عَنْهَا

ص: 502

{ضَاحِكَةٌ} معجبة بكرامة الله لَهَا {مُّسْتَبْشِرَةٌ} مسرورة بِثَوَاب الله

ص: 502

{وَوُجُوهٌ} وُجُوه الْمُنَافِقين وَالْكفَّار {يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} غُبَار

ص: 502

{تَرْهَقُهَا} تعلوها وتغشاها {قَتَرَةٌ} كآبة وكسوف

ص: 502

{أُولَئِكَ} أهل هَذِه الصّفة {هُمُ الْكَفَرَة} بِاللَّه {الفجرة} الكذبة على الله

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا إِذا الشَّمْس كورت وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع وَعِشْرُونَ وكلماتها مائَة وَأَرْبع وحروفها خَمْسمِائَة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ حرفا

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 502

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا الشَّمْس كُوِّرَتْ} يَقُول تكور كَمَا تكور الْعِمَامَة ويرمى بهَا فِي حجاب النُّور وَيُقَال دهورت وَيُقَال ذهب ضوؤها

ص: 502

{وَإِذَا النُّجُوم انكدرت} تساقطت على وَجه الأَرْض

ص: 502

{وَإِذَا الْجبَال سُيِّرَتْ} ذهبت عَن وَجه الأَرْض

ص: 502

{وَإِذَا العشار} النوق الْحَوَامِل {عُطِّلَتْ} عطلها أَرْبَابهَا اشتغالا بِأَنْفسِهِم

ص: 502

{وَإِذَا الوحوش حُشِرَتْ} الْبَهَائِم للْقصَاص وَيُقَال حشرها مَوتهَا

ص: 502

{وَإِذَا الْبحار سُجِّرَتْ} فتحت بَعْضهَا فِي بعض المالح فِي العذب فَصَارَت بحراً وَاحِدًا وَيُقَال صيرت نَارا

ص: 502

{وَإِذَا النُّفُوس زُوِّجَتْ} قرنت بالأزواج وَيُقَال قرنت بقرينها الْمُؤمن بحور الْعين وَالْكَافِر بالشيطان والصالح بالصالح والفاجر بالفاجر

ص: 502

{وَإِذا الموؤودة} المقتولة المدفونة {سُئِلَتْ} أَي سَأَلت أَبَاهَا

ص: 502

{بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} بِأَيّ ذَنْب قتلتني وَيُقَال وَإِذا الوائد يَعْنِي الْقَاتِل سُئِلَ بِأَيّ ذَنْب قتلتها

ص: 503

{وَإِذَا الصُّحُف} ديوَان الْحَسَنَات والسيئات {نُشِرَتْ} لِلْحسابِ وَيُقَال تطايرت فِي الأكف

ص: 503

{وَإِذَا السمآء كُشِطَتْ} نزعت من أماكنها وطويت

ص: 503

{وَإِذَا الْجَحِيم سُعِّرَتْ} أوقدت للْكَافِرِينَ

ص: 503

{عَلِمَتْ نَفْسٌ} علمت كل نفس برة أَو فاجرة عِنْد ذَلِك {مَّآ أَحْضَرَتْ} مَا قدمت من خير أَو شَرّ

ص: 503

(فَلَا أُقْسِمُ) يَقُول أقسم {بالخنس} وَهِي النُّجُوم الَّتِي يخنسن بِالنَّهَارِ ويظهرن بِاللَّيْلِ

ص: 503

{الْجوَار الكنس} ويجرين بِاللَّيْلِ إِلَى المجرة يكنسن بِالنَّهَارِ ثمَّ يرجعن إِلَى أماكنهن ويغبن وكنوسهن غيبوبتهن وسقوطهن رجوعهن إِلَى أماكنهن وَهِي هَذِه الأنجم الْخَمْسَة زهرَة وزحل ومريخ ومشتري وَعُطَارِد

ص: 503

ص: 503

{وَالصُّبْح إِذَا تَنَفَّسَ} إِذا أقبل واستضاء أقسم الله بِهَذِهِ الْأَشْيَاء

ص: 503

{إِنَّهُ} يَعْنِي الْقُرْآن {لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} يَقُول الله نزل بِهِ جِبْرِيل على رَسُول كريم على الله يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 503

{ذِي قُوَّةٍ} على أعدائه يَعْنِي بِهِ جِبْرِيل {عِندَ ذِي الْعَرْش مَكِينٍ} عِنْد الله لَهُ الْقدر والمنزلة

ص: 503

{مُّطَاعٍ} يَعْنِي جِبْرِيل مُطَاع {ثَمَّ} فِي السَّمَاء يطيعه الْمَلَائِكَة {أَمِينٍ} على الرسَالَة إِلَى أنبيائه

ص: 503

{وَمَا صَاحِبُكُمْ} نَبِيكُم مُحَمَّد يَا معشر قُرَيْش {بِمَجْنُونٍ} يختنق كَمَا تَقولُونَ

ص: 503

{وَلَقَد رَآهُ} رأى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم جِبْرِيل {بالأفق الْمُبين} بمطلع الشَّمْس الْمُرْتَفع

ص: 503

{وَمَا هُوَ} يعْنى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم {عَلَى الْغَيْب} على الْوَحْي {بِضَنِينٍ} بمتهم وَيُقَال ببخيل إِن قَرَأت بالضاد

ص: 503

{وَمَا هُوَ} يَعْنِي الْقُرْآن {بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ} متمرد لعين واسْمه المرمي

ص: 503

{فَأيْنَ تَذْهَبُونَ} من عَذَاب الله يَا معشر الْكفَّار وَأمره وَنَهْيه وَيُقَال فاين تذهبون من أَيْن تكذبون وَيُقَال فَأَيْنَ تميلون عَن الْقُرْآن فَلَا تؤمنون بِهِ

ص: 503

{إِنْ هُوَ} مَا هُوَ يَعْنِي الْقُرْآن {إِلَاّ ذِكْرٌ} عظة من الله {لِّلْعَالَمِينَ} الْجِنّ وَالْإِنْس

ص: 503

{لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} على مَا أمره الله من التَّوْحِيد وَغَيره

ص: 503

{وَمَا تشاؤون} من الاسْتقَامَة والتوحيد {إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} لكم ذَلِك {رَبُّ الْعَالمين} رب كل ذِي روح دب على وَجه الأَرْض من أهل السَّمَاء وَالْأَرْض

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الانفطار وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع عشرَة وكلماتها ثَمَانُون كلمة وحروفها مائَة وَسَبْعَة

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 503

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا السمآء انفطرت} انشقت بنزول الرب بِلَا كَيفَ وَالْمَلَائِكَة وَمَا يَشَاء من أمره

ص: 503

{وَإِذَا الْكَوَاكِب انتثرت} تساقطت على وَجه الأَرْض

ص: 503

{وَإِذَا الْبحار فُجِّرَتْ} فتحت بَعْضهَا فِي بعض عذبها فِي مالحها ومالحها فِي عذبها فَصَارَت بحرا وَاحِدًا

ص: 503

{وَإِذَا الْقُبُور بُعْثِرَتْ} بحثت وَأخرج مَا فِيهَا من الْأَمْوَات

ص: 503

{عَلِمَتْ نَفْسٌ} كل نفس عِنْد ذَلِك {مَّا قَدَّمَتْ} من خير أَو شَرّ {وَأَخَّرَتْ} مَا أثرت من سنة صَالِحَة أَو سنة سَيِّئَة وَيُقَال مَا قدمت أَي أدَّت من طَاعَة وَمَا أخرت أى ضيعت

ص: 503

{يَا أَيهَا الْإِنْسَان} يَعْنِي الْكَافِر كلدة بن أسيد {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ} حِين كفرت بِرَبِّك {الْكَرِيم} المتجاوز

ص: 503

{الَّذِي خَلَقَكَ} نسمَة من نُطْفَة {فَسَوَّاكَ} فِي بطن أمك {فَعَدَلَكَ} فجعلك معتدل الْقَامَة

ص: 503

{فِي أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ} إِن شَاءَ شبهك فِي صُورَة الْأَعْمَام أَو صُورَة الأخوال وَإِن شَاءَ حسنا وَإِن شَاءَ دميماً وَإِن شَاءَ صورك فِي صُورَة القردة والخنازير وَأَشْبَاه ذَلِك

ص: 504

{كَلَاّ} حَقًا {بَلْ تُكَذِّبُونَ} يَا معشر قُرَيْش {بِالدينِ} بِالْحِسَابِ وَالْقَضَاء

ص: 504

{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} من الْمَلَائِكَة يحفظونكم ويحفظون أَعمالكُم

ص: 504

{كِرَاماً} هم كرام على الله مُسلمُونَ {كَاتِبِينَ} يَكْتُبُونَ أَعمالكُم

ص: 504

{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} وَمَا تَقولُونَ من الْخَيْر وَالشَّر ويكتبون ذَلِك كُله

ص: 504

{إِنَّ الْأَبْرَار} الصَّادِقين فِي إِيمَانهم أَبَا بكر وَأَصْحَابه {لَفِي نَعِيمٍ} فِي جنَّة دَائِم نعيمها

ص: 504

{وَإِنَّ الْفجار} الْكفَّار كلدة وَأَصْحَابه {لَفِي جَحِيمٍ} فى نَار

ص: 504

{يَصْلَوْنَهَا} يدْخلُونَهَا {يَوْمَ الدّين} يَوْم الْحساب وَالْقَضَاء فِيهِ بَين الْخَلَائق

ص: 504

{وَمَا هُمَ} يَعْنِي الْكفَّار {عَنْهَا} عَن النَّار {بِغَآئِبِينَ} إِذا دخلُوا فِيهَا

ص: 504

{وَمَآ أَدْرَاكَ} يَا مُحَمَّد {مَا يَوْمُ الدّين} مَا يَوْم الْحساب

ص: 504

{ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ} يَا مُحَمَّد {مَا يَوْمُ الدّين} مَا يَوْم الْحساب يُعجبهُ بذلك تَعْظِيمًا لَهُ

ص: 504

ثمَّ بيَّن لَهُ فَقَالَ {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ} لَا تقدر {نَفْسٌ} مُؤمنَة {لِنَفْسٍ} كَافِرَة {شَيْئاً} من النجَاة والشفاعة {وَالْأَمر} الحكم وَالْقَضَاء بَين الْعِبَادَة {يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} بيد الله لَا يملكهُ يَوْمئِذٍ غَيره وَلَا ينازعه أحد

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا المطففين بَين مَكَّة وَالْمَدينَة نزلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فى مهاجرته إِلَى الْمَدِينَة فاستتمت بِالْمَدِينَةِ آياتها سِتّ وَثَلَاثُونَ وكلماتها مائَة وتسع وَسِتُّونَ وحروفها سَبْعمِائة وَثَلَاثُونَ حرفا

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 504

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {وَيْلٌ} شدَّة الْعَذَاب {لِّلْمُطَفِّفِينَ} بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن وهم أهل الْمَدِينَة كَانُوا مسيئين بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن قبل مجىء مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِم فَنزلت على النبى صلى الله عليه وسلم فِي مسيره بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة هَذِه السُّورَة ويل شدَّة الْعَذَاب لِلْمُطَفِّفِينَ المسيئين بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن

ص: 504

ثمَّ بيَّنهم فَقَالَ {الَّذين إِذَا اكتالوا عَلَى النَّاس} إِذا اشْتَروا من النَّاس وكالوا لأَنْفُسِهِمْ أَو وزنوا لأَنْفُسِهِمْ {يَسْتَوْفُونَ} يتمون الْكَيْل وَالْوَزْن جدا

ص: 504

{وَإِذَا كَالُوهُمْ} كالوا لغَيرهم {أَوْ وَّزَنُوهُمْ} أَو وزنوا لغَيرهم {يُخْسِرُونَ} ينقصُونَ فِي الْكَيْل وَالْوَزْن ويسيئون جدا وَيُقَال ويل شدَّة الْعَذَاب يَوْمئِذٍ لِلْمُطَفِّفِينَ من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَغير ذَلِك من الْعِبَادَات

ص: 504

{أَلا يَظُنُّ} أَلا يعلم ويستيقن {أُولَئِكَ} المطففون بِالْكَيْلِ وَالْوَزْن {أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ} محيون

ص: 504

{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} شَدِيد هوله وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة

ص: 504

{يَوْمَ يَقُومُ النَّاس} من الْقُبُور {لِرَبِّ الْعَالمين} رب كل ذِي روح دب على وَجه الأَرْض وَمن أهل السَّمَاء فَلَمَّا قَرَأَ عَلَيْهِم النبى صلى الله عليه وسلم هَذِه السُّورَة تَابُوا وَرَجَعُوا إِلَى وَفَاء الْكَيْل وَالْوَزْن

ص: 504

{كَلَاّ} حَقًا يَا مُحَمَّد {إِنَّ كِتَابَ الْفجار} أَعمال الْكفَّار {لَفِي سِجِّينٍ}

ص: 504

{وَمَا أَدْرَاك} يَا مُحَمَّد {مَا سِجِّين} مافى السجين تَعْظِيمًا لَهَا

ص: 504

{كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} يَقُول أَعمال بني آدم مَكْتُوب فِي صَخْرَة خضراء تَحت الأَرْض السَّابِعَة السُّفْلى وهى سِجِّين

ص: 504

{وَيْلٌ} شدَّة الْعَذَاب {يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {لِّلْمُكَذِّبِينَ} بالايمان والبعث

ص: 504

{الَّذين يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدّين} بِيَوْم الْحساب وَالْقَضَاء فِيهِ

ص: 504

{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ} بِيَوْم الدّين {إِلَاّ كُلُّ مُعْتَدٍ} عَن الْحق غشوم ظلوم {أَثِيمٍ} فَاجر مثل الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي

ص: 504

{إِذَا تتلى} تقْرَأ {عَلَيْهِ} على الْوَلِيد بن الْمُغيرَة {آيَاتُنَا} الْقُرْآن بِالْأَمر وَالنَّهْي {قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلين} هَذِه أَحَادِيث الْأَوَّلين فِي دهرهم وكذبهم

ص: 504

{كَلَاّ} حَقًا يَا مُحَمَّد {بَلْ رَانَ} بل طبع الله {على قُلُوبِهِمْ} على قُلُوب المكذبين بِيَوْم الدّين وَيُقَال الذَّنب على الذَّنب حَتَّى يسود الْقلب وَهُوَ رين الْقلب {مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} بِمَا كَانُوا يَقُولُونَ ويعملون فِي الشّرك

ص: 504

{كَلَاّ} حَقًا يَا مُحَمَّد {إِنَّهُمْ} يَعْنِي المكذبين بِيَوْم الدّين

ص: 504

{عَن رَّبِّهِمْ} عَن النّظر إِلَى رَبهم {يَوْمَئِذٍ} يَوْم الْقِيَامَة {لَّمَحْجُوبُونَ} لممنوعون والمؤمنون لَا يحجبون عَن النّظر إِلَى رَبهم

ص: 505

{ثُمَّ يُقَالُ} يَقُول لَهُم الزَّبَانِيَة إِذا دخلُوا فِيهَا {هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ} هَذَا الْعَذَاب هُوَ الَّذِي كُنْتُم بِهِ فِي الدُّنْيَا {تكذبون} أَنه لَا يكون

ص: 505

{كَلَاّ} حَقًا يَا مُحَمَّد {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار} أَعمال الصَّادِقين فِي إِيمَانهم {لَفِي عِلِّيِّينَ}

ص: 505

{وَمَآ أَدْرَاكَ} يَا مُحَمَّد {مَا عِلِّيُّونَ} مَا فِي عليين

ص: 505

{كتاب مرقوم} يَقُول أَعمال الأبرارمكتوبة فِي لوح من زبرجدة خضراء فَوق السَّمَاء السَّابِعَة تَحت عرش الرَّحْمَن وَهُوَ عليون

ص: 505

{يَشْهَدُهُ المقربون} مقربو أهل كل سَمَاء أَعمال الْأَبْرَار

ص: 505

{إِنَّ الْأَبْرَار} الصَّادِقين فِي إِيمَانهم وهم الَّذين لَا يُؤْذونَ الذَّر {لَفِي نَعِيمٍ} فِي جنَّة دَائِم نعيمها

ص: 505

{عَلَى الأرآئك} على السرر فِي الحجال {يَنظُرُونَ} إِلَى أهل النَّار

ص: 505

{تَعْرِفُ} يَا مُحَمَّد {فِي وُجُوهِهِمْ} وُجُوه أهل الْجنَّة {نَضْرَةَ النَّعيم} حسن النَّعيم

ص: 505

{يُسْقَوْنَ} فِي الْجنَّة {مِن رَّحِيقٍ} من خمر {مختوم} ممزوج

ص: 505

{خِتَامُهُ} عاقبته {مِسْكٌ وَفِي ذَلِك} فِيمَا ذكرت فِي الْجنَّة {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافسُونَ} فليعمل الْعَامِلُونَ وليجتهد المجتهدون وليبادر المبادرون وليباذل المباذلون

ص: 505

{وَمِزَاجُهُ} خلطه {مِن تَسْنِيمٍ}

ص: 505

{عَيْناً} يصب عَلَيْهِم من جنَّة عدن {يَشْرَبُ بِهَا} مِنْهَا من عين التسنيم {المقربون} إِلَى جنَّة عدن صرفا بِلَا خلط

ص: 505

{إِنَّ الَّذين أَجْرَمُواْ} أشركوا أَبُو جهل وَأَصْحَابه {كَانُواْ مِنَ الَّذين آمَنُواْ} على الَّذين آمنُوا على وَأَصْحَابه {يَضْحَكُونَ} يهزءون ويسخرون

ص: 505

{وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ} بالكفار يأْتونَ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {يتغامزون} يطعنون

ص: 505

{وَإِذَا انقلبوا} وَإِذا رَجَعَ الْكفَّار {إِلَى أَهْلِهِمْ انقلبوا} رجعُوا {فَكِهِينَ} معجبين بشركهم واستهزائهم على الْمُؤمنِينَ

ص: 505

{وَإِذا رَأَوْهُمْ} رَأَوْا أَصْحَاب النبى صلى الله عليه وسلم {قَالُوا} يَعْنِي الْكفَّار {إِنَّ هَؤُلَاءِ} أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم {لَضَالُّونَ} عَن الْهدى

ص: 505

{وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ} مَا سلطوا على الْمُؤمنِينَ {حافظين} لَهُم ولأعمالهم

ص: 505

{فاليوم} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {الَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن وَهُوَ عَليّ وَأَصْحَابه {مِنَ الْكفَّار} على الْكفَّار {يَضْحَكُونَ}

ص: 505

{عَلَى الأرآئك} على السرر فِي الحجال {يَنظُرُونَ} إِلَى أهل النَّار يسْحَبُونَ فِي النَّار

ص: 505

{هَلْ ثُوِّبَ الْكفَّار} هَل جوزي الْكفَّار فِي الْآخِرَة {مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} إِلَّا بِمَا كَانُوا يعْملُونَ وَيَقُولُونَ فى الدُّنْيَا

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الانشقاق وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها ثَلَاث وَعِشْرُونَ وكلماتها مائَة وتسع وحروفها سَبْعمِائة وَثَلَاثُونَ

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 505

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا السمآء انشقت} يَقُول انشقت بالغمام والغمام مثل السَّحَاب الْأَبْيَض لنزول الرب بِلَا كَيفَ وَالْمَلَائِكَة وَمَا يَشَاء من أمره

ص: 505

{وَأَذِنَتْ} سَمِعت وأطاعت {لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} حق لَهَا أَن تفعل

ص: 505

{وَإِذَا الأَرْض مُدَّتْ} مد الْأَدِيم العكاظي وَبسطت وَيُقَال نزعت من أماكنها وسويت

ص: 505