المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مصدقون وَلَكِن أَنْتُم كاذبون لَسْتُم بمصدقين فِي إيمَانكُمْ - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: مصدقون وَلَكِن أَنْتُم كاذبون لَسْتُم بمصدقين فِي إيمَانكُمْ

مصدقون وَلَكِن أَنْتُم كاذبون لَسْتُم بمصدقين فِي إيمَانكُمْ

ص: 438

{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض} غيب مَا يكون فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض {وَالله بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} فِي نفاقكم يَا معشر الْمُنَافِقين وبعقوبتكم إِن لم تتوبوا

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا ق وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها خمس وَأَرْبَعُونَ آيَة وكلماتها ثَلَاثمِائَة وَخمْس وَتسْعُونَ وحروفها ألف وَأَرْبَعمِائَة وَتسْعُونَ

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 438

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي‌

‌ قَ

وْله تَعَالَى {ق} يَقُول هُوَ جبل أَخْضَر محدق بالدنيا وخضرة السَّمَاء مِنْهُ أقسم الله بِهِ {وَالْقُرْآن الْمجِيد} وَأقسم بِالْقُرْآنِ الْكَرِيم الشريف

ص: 438

{بَلْ عجبوا} قُرَيْش وَلِهَذَا كَانَ الْقسم قد عجبوا حِين قَالَ الله لَهُم تبعثون بعد الْمَوْت وَقَالَ بل عجبوا حِين قَالَ الله لَهُم تبعثون بعد الْمَوْت وَقَالَ بل عجبوا قُرَيْش مِنْهُم أبي وَأُميَّة ابْنا خلف ومنبه وَنبيه ابْنا الْحجَّاج {أَن جآءهم} بِأَن جَاءَهُم {مُنْذر} رَسُول مخوف {مِّنْهُمْ} من نسبهم {فَقَالَ الْكَافِرُونَ} كفار مَكَّة أبي وَأُميَّة ومنبه وَنبيه {هَذَا} الَّذِي يَقُول مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أَن نبعث بعد الْمَوْت {شَيْءٌ عَجِيبٌ} إِذْ يَقُول

ص: 438

{أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً} صرنا تُرَابا رميماً نبعث {ذَلِك} الذى يَقُول مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {رَجْعُ} رد {بَعِيدٌ} طَوِيل لَا يكون إنكاراً مِنْهُم للبعث قَالَ الله

ص: 438

{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْض مِنْهُمْ} مَا تَأْكُل الأَرْض من لحومهم بعد مَوْتهمْ وَمَا تتْرك {وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} من الشَّيْطَان وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ فِيهِ مَكْتُوب مَوْتهمْ ومكثهم فِي الْقَبْر ومبعثهم يَوْم الْقِيَامَة

ص: 438

{بل كذبُوا} قُرَيْش {بِالْحَقِّ} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {لما جَاءَهُم} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم حِين جَاءَهُم وَهَذَا جَوَاب الْقسم أَن قد جَاءَهُم مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِالْقُرْآنِ {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ} ضلال وَيُقَال ملتبس وَيُقَال فى قَول مُخْتَلف بَعضهم مكذب وَبَعْضهمْ مُصدق

ص: 438

{أَفَلَمْ ينْظرُوا} كفار مَكَّة {إِلَى السمآء فَوْقَهُمْ} فَوق رُءُوسهم {كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} خلقناها بِلَا عمد {وَزَيَّنَّاهَا} بالنجوم يَعْنِي سَمَاء الدُّنْيَا {وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} من شقوق وصدوع وعيوب وخلل

ص: 438

{وَالْأَرْض مددناها} فبسطناها على المَاء {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا} فِي الأَرْض {رَوَاسِيَ} جبالاً ثوابت أوتاداً لَهَا لكَي لَا تميد بهم {وَأَنبَتْنَا فِيهَا} فِي الأَرْض {مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} من كل لون حسن فِي المنظر

ص: 438

{تَبْصِرَةً} لكَي تبصروا {وذكرى} عظة لكَي تتعظوا بِهِ وَيُقَال تبصرة عِبْرَة وتفكراً وذكرى عظة {لكل عبد منيب} مقبل إِلَى الله إِلَى طَاعَته

ص: 438

{وَنَزَّلْنَا مِنَ السمآء مَآءً} مَطَرا {مُّبَارَكاً} بالنبات وَالْمَنْفَعَة فِيهِ حَيَاة كل شَيْء {فَأَنبَتْنَا بِهِ} بالمطر {جَنَّاتٍ} بساتين {وَحَبَّ الحصيد} الْحُبُوب كلهَا الَّتِى تحصد

ص: 438

{وَالنَّخْل بَاسِقَاتٍ} طوَالًا غلاظاً {لَّهَا طَلْعٌ} كفرى وثمر {نَّضِيدٌ} منضود مُجْتَمع

ص: 438

{رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ} طَعَاما لِلْخلقِ يَعْنِي الْحُبُوب {وَأَحْيَيْنَا بِهِ} بالمطر {بَلْدَةً مَّيْتاً} مَكَانا لَا نَبَات فِيهِ {كَذَلِك الْخُرُوج} هَكَذَا يحيون وَيخرجُونَ من الْقُبُور يَوْم الْقِيَامَة بالمطر

ص: 438

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ} قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد {قَوْمُ نُوحٍ} نوحًا {وَأَصْحَابُ الرس} والرس بِئْر دون الْيَمَامَة وهم قوم شُعَيْب كذبُوا شعيباً {وَثَمُودُ} قوم صَالح صَالحا

ص: 438

{وَعَادٌ} قوم هود هوداً {وَفِرْعَوْنُ} كذب فِرْعَوْن وَقَومه مُوسَى ({وَإِخْوَانُ لُوطٍ}) قوم لوط لوطاً

ص: 439

{وَأَصْحَابُ الأيكة} الغيضة من الشّجر وهم قوم شُعَيْب كذبُوا شعيباً {وَقَوْمُ تُّبَّعٍ} تبعا وَتبع كَانَ ملك حمير وَكَانَ اسْمه أسعد بن ملكيكرب وكنيته أَبُو كرب وَسمي تبعا لِكَثْرَة تبعه وَكَانَ رجلا مُسلما {كُلٌّ} كل هَؤُلَاءِ {كَذَّبَ الرُّسُل} كَمَا كَذبك قَوْمك قُرَيْش {فَحَقَّ وَعِيدِ} فَوَجَبت عَلَيْهِم عقوبتي وعذابي عِنْد تكذيبهم الرُّسُل

ص: 439

{أَفَعَيِينَا بالخلق الأول} أفأعيانا خلقهمْ الأول حِين خلقناهم حَتَّى يعيينا خلقهمْ الآخر حِين نخلقهم للبعث بعد الْمَوْت {بَلْ هُمْ} يَعْنِي قُريْشًا {فِي لَبْسٍ} فِي شكّ {مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} بعد الْمَوْت

ص: 439

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان} يَعْنِي ولد آدم وَيُقَال هُوَ أَبُو جهل {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ} مَا تحدث بِهِ {نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} أعلم بِهِ وأقدر عَلَيْهِ {مِنْ حَبْلِ الوريد} وَهُوَ الْعرق الَّذِي بَين العلباء والحلقوم وَلَيْسَ فِي الْإِنْسَان أقرب إِلَيْهِ مِنْهُ وَالْحَبل والوريد وَاحِد

ص: 439

{إِذْ يَتَلَقَّى المتلقيان} إِذْ يكْتب الْملكَانِ الكائنان {عَنِ الْيَمين} عَن يَمِين بني آدم {وَعَنِ الشمَال} شمال بني آدم {قَعِيدٌ} قعُود هَذَا على نابه وَهَذَا على نابه

ص: 439

{مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ} مَا يتَكَلَّم العَبْد بِكَلَام حسن أَو سىء {إِلَاّ لَدَيْهِ} عَلَيْهِ {رَقِيبٌ} حَافظ {عَتِيدٌ} حَاضر لَا يزايله يكْتب لَهُ أَو عَلَيْهِ

ص: 439

{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} نزعات الْمَوْت {بِالْحَقِّ} بالشقاء والسعادة {ذَلِك} يَا ابْن آدم {مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} تَفِر وَتكره

ص: 439

{وَنُفِخَ فِي الصُّور} وَهِي نفخة الْبَعْث {ذَلِك يَوْمُ الْوَعيد} وَعِيد الْأَوَّلين والآخرين أَن يجتمعوا فِيهِ

ص: 439

{وَجَآءَتْ} يَوْم الْقِيَامَة {كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ} يَسُوقهَا إِلَى رَبهَا وَهُوَ الْملك الَّذِي يكْتب عَلَيْهَا السَّيِّئَات {وَشَهِيدٌ} يشْهد عَلَيْهَا عِنْد رَبهَا وَهُوَ الْملك الَّذِي يكْتب لَهَا الْحَسَنَات وَيُقَال الشَّهِيد عمله

ص: 439

{لَّقَدْ كُنتَ} يَا ابْن آدم {فِي غَفْلَةٍ} فِي جَهَالَة وعمى {مِّنْ هَذَا} الْيَوْم {فَكَشَفْنَا} فرفعنا {عَنكَ غِطَآءَكَ} عَمَلك مَا كَانَ محجوباً عَنْك فِي دَار الدُّنْيَا {فَبَصَرُكَ الْيَوْم حَدِيدٌ} حاد وَيُقَال فعملك الْيَوْم نَافِذ فِي الْبَعْث

ص: 439

{وَقَالَ قَرِينُهُ} كَاتبه الَّذِي يكْتب حَسَنَاته وَيُقَال الَّذِي يكْتب سيئاته {هَذَا مَا لَدَيَّ} هَذَا الَّذِي وكلتني عَلَيْهِ {عَتِيدٌ} حَاضر فَيَقُول الله لَهُ

ص: 439

{أَلْقِيَا} يَعْنِي ألق {فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ} كَافِر بِاللَّه وَهُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي {عَنِيدٍ} معرض عَن الْإِيمَان

ص: 439

{مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ} لِلْإِسْلَامِ بنيه وَبني بنيه وَبني أَخِيه وَذَوِيهِ وَلحمَته وقرابته {مُعْتَدٍ} غشوم ظلوم {مُّرِيبٍ} ظَاهر الشَّك مفتر على الله

ص: 439

{الَّذِي جَعَلَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ} الَّذِي قَالَ لله ولد وَشريك {فَأَلْقِيَاهُ} فَيَقُول الله للْملك كَاتبه ألقه {فِي الْعَذَاب الشَّديد} الغليظ

ص: 439

{قَالَ قرِينُهُ} كَاتبه الَّذِي يكْتب عَلَيْهِ سيئاته {رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ} مَا أعجلته بِالْكِتَابَةِ وَمَا كتبت عَلَيْهِ مالم يقل وَمَا لم يفعل وَهَذَا بعد مَا يَقُول الْكَافِر يَا رب كتب على هَذَا الْملك مَا لم أقل وَمَا لم أفعل وعجلني بِالْكِتَابَةِ حَتَّى نسيت وَقَالَ قرينه يَعْنِي شَيْطَانه يعْتَذر بِهِ إِلَى ربه رَبنَا يَا رَبنَا مَا أطغيته مَا أضللته {وَلَكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ} فِي خطأ {بَعِيدٍ} عَن الْحق وَالْهدى

ص: 439

{قَالَ} الله لَهُم {لَا تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} عِنْدِي {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد} قد أعلمتكم فِي الْكتاب مَعَ الرَّسُول من هَذَا الْيَوْم

ص: 439

{مَا يُبَدَّلُ القَوْل لَدَيَّ} مَا يُغير القَوْل عِنْدِي بِالْكَذِبِ وَيُقَال مَا يُغير الْيَوْم قضائي على عبَادي وَيُقَال لَا يثنى القَوْل عِنْدِي {وَمَآ أَنَاْ بِظَلَاّمٍ لِّلْعَبِيدِ} أَن آخذهم بِلَا جرم مِنْهُم

ص: 439

{يَوْمَ} وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة {نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأت} كَمَا وعدتك {وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} فتستزيد وَيُقَال وَتقول قد امْتَلَأت وَهل من مزِيد فَلَيْسَ فِي مَكَان رجل وَاحِد

ص: 439

{وَأُزْلِفَتِ} قربت {الْجنَّة لِلْمُتَّقِينَ} الْكفْر والشرك وَالْفَوَاحِش {غَيْرَ بَعِيدٍ} مِنْهُم

ص: 439

{هَذَا} الثَّوَاب والكرامة

ص: 439