المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المصدقين من الرِّجَال {وَالْمُؤْمِنَات} المصدقات من النِّسَاء بِالْإِيمَان - تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

[الفيروزآبادي]

الفصل: {مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المصدقين من الرِّجَال {وَالْمُؤْمِنَات} المصدقات من النِّسَاء بِالْإِيمَان

{مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ} المصدقين من الرِّجَال {وَالْمُؤْمِنَات} المصدقات من النِّسَاء بِالْإِيمَان الَّذين يكونُونَ من بعدِي {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمين} الْكَافرين الْمُشْركين {إِلَاّ تَبَاراً} خساراً وهلاكاً كخسار من أُوحِي إِلَى نَبِيّهم فَلم يُؤمنُوا بِهِ

وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْجِنّ وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها ثَمَان وَعِشْرُونَ وكلماتها مِائَتَان وَخمْس وَثَمَانُونَ وحروفها ثَمَانمِائَة وَسَبْعُونَ

{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}

ص: 488

وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} يَقُول قل لَهُم لكفار مَكَّة يَا مُحَمَّد أُوحِي إِلَيّ أنزل إِلَيّ جِبْرِيل فَأَخْبرنِي {أَنَّهُ اسْتمع نَفَرٌ} تِسْعَة نفر {من‌

‌ الْجِنّ}

من جن نَصِيبين بِالْيمن {فَقَالُوا} بَعْدَمَا آمنُوا وَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ يَا قَومنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً} تِلَاوَة قُرْآن عَجِيب كريم شرِيف يشبه كتاب مُوسَى وَكَانُوا أهل توراة

ص: 488

{يهدي إِلَى الرشد} إِلَى الْحق وَالْهدى وَالصَّوَاب لَا إِلَه إِلَّا الله {فَآمَنَّا بِهِ} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً} يعنون إِبْلِيس

ص: 488

{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} ملك رَبنَا وَيُقَال ارْتَفع عَظمَة رَبنَا وسلطان رَبنَا وغنى رَبنَا وَصفَة رَبنَا {مَا اتخذ} من أَن يتَّخذ {صَاحِبَةً} زَوْجَة {وَلَا وَلَداً} كَمَا يَجعله الْكفَّار

ص: 488

{وَأَنَّا ظَنَنَّآ} حَسبنَا {أَن لَّن تَقُولَ الْإِنْس وَالْجِنّ عَلَى الله كَذِباً} أَن مَا يَقُول الْإِنْس وَالْجِنّ على الله لَيْسَ بكذب واستبان لنا أَنه كذب وكل هَذَا من أول السُّورَة إِلَى هَهُنَا حِكَايَة من الله عَن كَلَام الْجِنّ ثمَّ قَالَ

ص: 488

{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنْس يَعُوذُونَ} يتعوذون {بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنّ فَزَادُوهُمْ} بذلك {رَهَقاً} عَظمَة وتكبرا وفتنة وَفَسَادًا وَذَلِكَ أَنهم إِذا سافروا سفرا أَو اصطادوا صيدا من صيدهم أَو نزلُوا وادياُ خَافُوا مِنْهُم فَقَالُوا نَعُوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي من سُفَهَاء قومه فيأمنون بذلك مِنْهُم فيزيد رُؤَسَاء الْجِنّ بذلك عَظمَة وتكبراً على سفلتهم وَالْجِنّ هم ثَلَاثَة أَجزَاء جُزْء فِي الْهَوَاء وجزء ينزلون ويصعدون حَيْثُمَا يشاءون وجزء مثل الْكلاب والحيات

ص: 488

{وَأَنَّهُمْ} يَعْنِي كفار الْجِنّ قبل أَن آمنُوا {ظَنُّواْ} حسبوا {كَمَا ظَنَنتُمْ} حسبتم يَا أهل مَكَّة {أَن لَّن يَبْعَثَ الله أَحَداً} بعد الْمَوْت وَيُقَال أَن لن يبْعَث الله أحدا رَسُولا

ص: 488

ثمَّ رَجَعَ إِلَى كَلَام الْجِنّ فَقَالَ {وَأَنَّا لَمَسْنَا السمآء} انتهينا إِلَى السَّمَاء قبل أَن آمنا {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً} من الْمَلَائِكَة {شَدِيداً} كثيرا {وَشُهُباً} نجماً مضيئاً يدحرهم عَن الِاسْتِمَاع

ص: 488

{وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا} من السَّمَاء {مَقَاعِدَ للسمع} للاستماع قبل أَن يبْعَث مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم {فَمن يستمع الْآن} بعد مَا بعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {يَجِدْ لَهُ شِهَاباً} نجماً مضيئاً {رَّصَداً} من الْمَلَائِكَة يدحرونهم عَن الِاسْتِمَاع

ص: 488

{وَأَنا لَا نَدْرِي} لَا نعلم {أشر أُرِيد بِمَن فِي الأَرْض} حِين منعنَا عَن الِاسْتِمَاع {أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً} هدى وصواباً وَخيرا وَيُقَال وَأَنا لَا نَدْرِي لَا نعلم أشر أُرِيد بِمن فى الأَرْض حِين بعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم إِذْ لم يُؤمنُوا بِهِ فيهلكهم الله أم أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً هدى وصواباً وَخيرا إِذا آمنُوا بِهِ

ص: 488

{وَأَنَّا مِنَّا الصالحون} الموحدون هم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {وَمِنَّا دُونَ ذَلِك}

ص: 488

كافرون وهم كفرة الْجِنّ {كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً} أهواء مُخْتَلفَة الْيَهُودِيَّة والنصرانية قبل أَن آمنا بِاللَّه

ص: 489

{وَأَنَّا ظَنَنَّآ} علمنَا وأيقنا {أَن لَّن نُّعْجِزَ الله فِي الأَرْض} أَن لن نفوت من الله فِي الأَرْض حَيْثُمَا كُنَّا يدركنا {وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً} أَن لَا نفوت مِنْهُ بالهرب

ص: 489

{وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهدى} تِلَاوَة الْقُرْآن من مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {آمنا بِهِ} بِالْقُرْآنِ وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم {فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً} ذهَاب عمله كُله {وَلَا رَهَقاً} نُقْصَان عمله

ص: 489

{وَأَنَّا مِنَّا الْمُسلمُونَ} المخلصون بِالتَّوْحِيدِ وهم الَّذين آمنُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {وَمنا القاسطون} العاصون المائلون عَن الْحق وَالْهدى وهم كفرة الْجِنّ {فَمَنْ أَسْلَمَ} أخْلص بِالتَّوْحِيدِ {فَأُولَئِك تَحَرَّوْاْ رَشَداً} نووا صَوَابا وَخيرا

ص: 489

{وَأَمَّا القاسطون} الْكَافِرُونَ {فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً} شَجرا

ص: 489

{وَأَن لَو استقاموا عَلَى الطَّرِيقَة} طَريقَة الْكفْر وَيُقَال طَريقَة الْإِسْلَام {لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً} لأعطيناهم مَالا كثيرا وعيشاً رغداً وَاسِعًا

ص: 489

{لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} لنختبرهم فِيهِ حَتَّى يرجِعوا إِلَى مَا قدرت عَلَيْهِم {وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ} عَن تَوْحِيد ربه وَكتاب ربه الْقُرْآن وَهُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المخزومى {نسلكه} يكلفه {عَذَاباً صَعَداً} الصعُود على جبل أملس من صَخْرَة وَيُقَال من نُحَاس فِي النَّار

ص: 489

{وَأَنَّ الْمَسَاجِد لِلَّهِ} بنيت لذكر الله {فَلَا تَدْعُواْ} فَلَا تعبدوا {مَعَ الله أَحَداً} فِي الْمَسَاجِد وَيُقَال الْمَسَاجِد مَسَاجِد الرجل الْجَبْهَة وَالرُّكْبَتَانِ وَالْيَدَانِ وَالرجلَانِ

ص: 489

{وَأَنه لما قَامَ عبد الله} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِبَطن نخل {يَدْعُوهُ} يعبد ربه بِالصَّلَاةِ {كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} كَاد الْجِنّ أَن يركبُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا لحبهم الْقُرْآن ومحمدا صلى الله عليه وسلم حِين سمعُوا قِرَاءَة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِبَطن نخل

ص: 489

{قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُو} أعبد {رَبِّي} وأدعو الْخلق إِلَيْهِ {وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً}

ص: 489

{قُلْ} يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة {إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً} دفع الضّر والخذلان وَالْعَذَاب {وَلَا رشدا} ولآجر النَّفْع وَالْهدى

ص: 489

{قل} لَهُم يَا مُحَمَّد {إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ الله} من عَذَاب الله {أَحَدٌ} إِن عصيته {وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ} من عَذَاب الله {مُلْتَحَداً} ملْجأ وسرباً فِي الأَرْض

ص: 489

{إِلَاّ بَلَاغاً مِّنَ الله وَرِسَالَاتِهِ} يَقُول لَا ينجيني إِلَّا التَّبْلِيغ عَن الله ورسالاته {وَمَن يَعْصِ الله} فِي التَّوْحِيد {وَرَسُولَهُ} فِي التَّبْلِيغ {فَإِنَّ لَهُ} فِي الْآخِرَة {نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فيهآ} مقيمين فِي النَّار لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا {أَبَداً}

ص: 489

{حَتَّى} يَقُول انظرهم يَا مُحَمَّد حَتَّى {إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ} من الْعَذَاب {فَسَيَعْلَمُونَ} وَهَذَا وَعِيد من الله لَهُم {مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً} مَانِعا {وَأَقَلُّ عَدَداً} أعواناً

ص: 489

{قُلْ} لَهُم يَا مُحَمَّد حِين تعجلوا بِالْعَذَابِ {إِنْ أَدْرِي} مَا أَدْرِي {أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ} من الْعَذَاب {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} أَََجَلًا

ص: 489

{عَالِمُ الْغَيْب} بنزول الْعَذَاب يعلم ذَلِك {فَلَا يُظْهِرُ} فَلَا يطلع {على غَيْبِهِ أَحَداً}

ص: 489

{إِلَاّ مَنِ ارتضى مِن رَّسُولٍ} إِلَّا من اخْتَار من الرُّسُل فَإِنَّهُ يطلعه على بعض الْغَيْب {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ} يَجْعَل {مِن بَيْنِ يَدَيْهِ} من بَين يَدي الرَّسُول {وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} حرساً من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ من الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَالْإِنْس لكى لَا يستمعوا قِرَاءَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام

ص: 489

{ليعلم} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {أَن قَدْ أَبْلَغُواْ} عَن الله يَعْنِي الرُّسُل {رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} هَكَذَا تحفظهم الْمَلَائِكَة كَمَا حفظك وَيُقَال ليعلم الرُّسُل مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَغَيره أَن قد أبلغوا يَعْنِي الْمَلَائِكَة رسالات رَبهم عَن الله وَيُقَال ليعلم لكَي يعلم الْجِنّ وَالْإِنْس أَن أبلغوا يَعْنِي الرُّسُل رسالات رَبهم قبل أَن علمنَا {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} بِمَا عِنْدهم من الْمَلَائِكَة {وأحصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} أَحْصَاهُ وَيُقَال عَالم بعددهم كَمَا علم بِحَال المزمل بثيابه

ص: 489