الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْمَلَائِكَة وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها خمس وَأَرْبَعُونَ وكلماتها مائَة وَسبع وَتسْعُونَ وحروفها ثَلَاثَة آلَاف وَمِائَة وَثَلَاثُونَ وَالله أعلم بأسرار كِتَابه
tit/2 { بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {/ tit
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى {الْحَمد لِلَّهِ} يَقُول الشُّكْر لله والْمنَّة لله
{فَاطِرِ
السَّمَاوَات} خَالق السَّمَوَات {وَالْأَرْض جَاعِلِ الْمَلَائِكَة} خَالق الْمَلَائِكَة ومكرم الْمَلَائِكَة {رُسُلاً} بالرسالة يَعْنِي جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَملك الْمَوْت والرعد والحفظة إِلَى خلقه {أولي أَجْنِحَةٍ} ذَوي أَجْنِحَة يَعْنِي الْمَلَائِكَة {مثنى} من لَهُ جَنَاحَانِ يطير بهما {وَثُلَاثَ} من لَهُ ثَلَاث أَجْنِحَة {وَرُبَاعَ} من لَهُ أَرْبَعَة أَجْنِحَة {يَزِيدُ فِي الْخلق} فِي خلق الْمَلَائِكَة {مَا يَشَآءُ} وَيُقَال فِي هَذِه الأجنحة مَا يَشَاء وَيُقَال فِي نعْمَة حَسَنَة مَا يَشَاء وَيُقَال فِي صَوت حسن مَا يَشَاء {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ} من الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان {قَدِيرٌ}
{مَّا يَفْتَحِ الله} مَا يُرْسل الله {لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} من مطر ورزق وعافية {فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} فَلَا مَانع لَهَا للرحمة {وَمَا يُمْسِكْ} وَمَا يمْنَع {فَلَا مُرْسِلَ لَهُ} لما يمسك غَيره {مِن بَعْدِهِ} من بعد إِمْسَاكه {وَهُوَ الْعَزِيز} فِي إِمْسَاكه {الْحَكِيم} فِيمَا أرسل بِهِ
{يَا أَيهَا النَّاس} يَا أهل مَكَّة {اذْكروا نِعْمَةَ الله} منَّة الله {عَلَيْكُمْ} بالمطر والرزق والعافية {هَلْ مِنْ خَالِقٍ} من إِلَه {غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السمآء} الْمَطَر {وَالْأَرْض} النَّبَات {لَا إِلَه إِلَاّ هُوَ} الَّذِي يرزقكم {فَأنى تُؤْفَكُونَ} من أَيْن تكذبون أَن الْآلهَة ترزقكم
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ} قُرَيْش {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ} كذبهمْ قَومهمْ كَمَا كَذبك قَوْمك قُرَيْش {وَإِلَى الله تُرْجَعُ الْأُمُور} عواقب الْأُمُور فِي الْآخِرَة
(يأيها النَّاس) يَا أهل مَكَّة {إِنَّ وَعْدَ الله} الْبَعْث بعد الْمَوْت {حَقٌّ} كَائِن {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ} عَن طَاعَة الله {الْحَيَاة الدُّنْيَا} مَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّه} عَن دين الله {الْغرُور} الشَّيْطَان وَيُقَال أباطيل الدُّنْيَا إِن قَرَأت بِضَم الْغَيْن
{إِنَّ الشَّيْطَان لَكُمْ عَدُوٌّ} فِي الدّين وَالطَّاعَة {فاتخذوه عَدُوّاً} فحاربوه وَلَا تطيعوه فِي الدّين وَالطَّاعَة {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} أهل دينه وطاعته {لِيَكُونُواْ} ليجتمعوا {مِنْ أَصْحَابِ السعير} مَعَ أَصْحَاب السعير فِي السعير مَعَه
{الَّذين كفرُوا} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن أَبُو جهل وَأَصْحَابه {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} غليظ {وَالَّذين آمنُوا} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات} الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم أَبُو بكر الصّديق وَأَصْحَابه {لَهُم مَّغْفِرَةٌ} لذنوبهم فِي الدُّنْيَا {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} ثَوَاب عَظِيم فى الْجنَّة
{أَفَمَن زين لَهُ} حسن لَهُ {سوء عَمَلِهِ} قَبِيح عمله {فَرَآهُ حَسَناً} حَقًا وَهُوَ أَبُو جهل كمن أكرمناه بِالْإِيمَان وَالطَّاعَة يَعْنِي أَبَا بكر الصّديق وَأَصْحَابه {فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ} عَن دينه من كَانَ أَهلا لذَلِك يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه {وَيَهْدِي} لدينِهِ {مَن يَشَآءُ} من كَانَ أَهلا لذَلِك يَعْنِي أَبَا بكر وَأَصْحَابه
{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ} فَلَا تهْلك نَفسك بالحزن {عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} ندامات على هلاكهم إِن لم يُؤمنُوا {إِنَّ الله عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} فِي كفرهم من الْمَكْر والخيانة بِهَلَاك مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي دَار الندوة
{وَالله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاح فَتُثِيرُ} فتهيج وترفع {سَحَاباً فَسُقْنَاهُ} بالمطر {إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ} إِلَى مَكَان لَا نَبَات فِيهِ {فَأَحْيَيْنَا بِهِ} بالمطر {الأَرْض بَعْدَ مَوْتِهَا} قحطها ويبوستها {كَذَلِك النشور} كَذَلِك تحيون وتخرجون من الْقُبُور
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّة} أَن يعلم أَن الْعِزَّة وَالْقُدْرَة والمنعة لمن هِيَ {فَلِلَّهِ الْعِزَّة} وَالْقُدْرَة والمنعة {جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلم الطّيب} لَا إِلَه إِلَّا الله {وَالْعَمَل الصَّالح يَرْفَعُهُ} يقبله بالكلم الطّيب {وَالَّذين يَمْكُرُونَ السَّيِّئَات} يشركُونَ بِاللَّه وَيُقَال يصنعون فى هَلَاك مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فِي دَار الندوة أَن يحبسوه سجناً أَو يخرجوه طرداً أَو يقتلوه جَمِيعًا {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أَشد مَا يكون {وَمَكْرُ أُولَئِكَ} صنع أُولَئِكَ {هُوَ يَبُورُ} يفْسد وَيهْلك وَهُوَ أَبُو جهل وَأَصْحَابه وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي أهل الرِّبَا
{وَالله خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ} من آدم وآدَم من تُرَاب {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} نُطْفَة آبائكم {ثمَّ جعلكُمْ أَزْوَاجًا} أصناما {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى} من حوامل {وَلَا تَضَعُ} لتَمام أَو لغير تَمام {إِلَاّ بِعِلْمِهِ} بِعلم الله وبإذنه {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ} مَا يُعْطي عمر معمر وَلَا يمد فِي عمره {وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَاّ فِي كِتَابٍ} مَكْتُوب فِي كتاب {مُبين} فِي كتاب مُبين فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ {إِنَّ ذَلِك} حفظ ذَلِك {عَلَى الله يَسِيرٌ} هَين بِغَيْر كِتَابَة
{وَمَا يَسْتَوِي البحران} العذب والمالح {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ} حُلْو {سَآئِغٌ} شهي {شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} مر مالح زعاق لَا يُسْتَطَاع شربه {وَمن كل} من كل الْبَحْرين العذب المالح {تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً} سمكًا طرياً {وَتَسْتَخْرِجُونَ} من المالح خَاصَّة {حِلْيَةً} زِينَة اللُّؤْلُؤ والجوهر {تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفلك} السفن {فِيهِ} فِي الْبَحْر {مَوَاخِرَ} مقبلة ومدبرة تَجِيء وَتذهب برِيح وَاحِدَة {لِتَبْتَغُواْ} لتطلبوا {مِن فَضْلِهِ} من رزقه {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} لكَي تشكروا نعْمَته
{يُولِجُ اللَّيْل فِي النَّهَار} يدْخل اللَّيْل فِي النَّهَار فَيكون النَّهَار أطول من اللَّيْل بست سَاعَات {وَيُولِجُ النَّهَار} يدْخل النَّهَار {فِي اللَّيْل} فَيكون اللَّيْل أطول من النَّهَار بست سَاعَات {وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر} ذلل ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر لبني آدم {كُلٌّ} الشَّمْس وَالْقَمَر وَاللَّيْل وَالنَّهَار {يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى} إِلَى وَقت مَعْلُوم فِي منَازِل مَعْرُوفَة {ذَلِكُم الله رَبُّكُمْ} يفعل ذَلِك لَا الْآلهَة {لَهُ الْملك} الخزائن {وَالَّذين تَدْعُونَ} تَعْبدُونَ {مِن دُونِهِ} من دون الله {مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ} لَا يقدرُونَ أَن يَفْعَلُوا من ذَلِك قدر قطمير وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ النواة مَعَ القمع
{إِن تَدْعُوهُمْ} يَعْنِي الْآلهَة {لَا يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ} لأَنهم صم بكم لَا يسمعُونَ {وَلَوْ سَمِعُواْ مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} من بغضهم إيَّاكُمْ {وَيَوْمَ الْقِيَامَة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} تتبرأ الْآلهَة من شرككم وعبادتكم إيَّاهُم {وَلَا يُنَبِّئُكَ} يُخْبِرك بهم وبأعمالهم
{مثل خَبِير} وَهُوَ الله
{يَا أَيهَا النَّاس أَنتُمُ الفقرآء إِلَى الله} إِلَى مغفرته وَرَحمته ورزقه وعاقبته فِي الدُّنْيَا وَإِلَى جنته فِي الْآخِرَة {وَالله هُوَ الْغَنِيّ} عَمَّا عنْدكُمْ من الْأَمْوَال {الحميد} الْمَحْمُود فِي أَفعاله
{إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} يهلككم ويمتكم يَا أهل مَكَّة {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} خيرا مِنْكُم وأطوع لله
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} لَا تحمل حاملة حمل أُخْرَى مَا عَلَيْهَا من الذُّنُوب بِطيبَة النَّفس وَلَكِن يحمل عَلَيْهَا بالكره وَيُقَال لَا تُؤْخَذ نفس بذنب نفس أُخْرَى وَيُقَال لَا تعذب نفس بِغَيْر ذَنْب {وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} من الذُّنُوب {إِلَى حِمْلِهَا} من الذُّنُوب {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ} من الذُّنُوب {شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} ذَا قرَابَة مِنْهُ فِي الرَّحِم أَبَاهُ وَأمه وَابْنه وَابْنَته {إِنَّمَا تُنذِرُ} ينفع إنذارك يَا مُحَمَّد {الَّذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} يعْملُونَ لرَبهم وَإِن كَانَ الله غَائِبا عَنْهُم وَالله لَا يغيب عَنهُ شَيْء {وَأَقَامُواْ الصَّلَاة} أَتموا الصَّلَوَات الْخمس {وَمَن تزكّى} وحد وَأصْلح وَتصدق بِمَالِه فِي سَبِيل الله {فَإِنَّمَا يتزكى} يوحد وَيصْلح وَيتَصَدَّق {لِنَفْسِهِ} يكون لَهُ ثَوَاب ذَلِك {وَإِلَى الله الْمصير} الْمرجع فِي الْآخِرَة
{وَمَا يَسْتَوِي الأحيآء وَلَا الْأَمْوَات} يَعْنِي الْمُؤمنِينَ والكافرين فِي الطَّاعَة والكرامة {إِنَّ الله يُسْمِعُ} يفهم {مَن يَشَآءُ} من كَانَ أَهلا لذَلِك {وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ} بمفهم {مَّن فِي الْقُبُور} من كَأَنَّهُ ميت فِي الْقُبُور
{إِنْ أَنتَ} مَا أَنْت يَا مُحَمَّد {إِلَاّ نَذِيرٌ} رَسُول مخوف بِالْقُرْآنِ
{إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ} يَا مُحَمَّد {بِالْحَقِّ} بِالْقُرْآنِ {بَشِيراً} بِالْجنَّةِ لمن آمن بِاللَّه {وَنَذِيراً} من النَّار لمن كفر بِهِ {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ} مَا من أمة {إِلَاّ خَلَا} مضى {فِيهَا نَذِيرٌ} رَسُول مخوف
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ} قُرَيْش يَا مُحَمَّد {فَقَدْ كَذَّبَ الَّذين من قبلهم} من قبل قَوْمك قُرَيْش رسلهم {جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ} بِالْأَمر وَالنَّهْي والعلامات {وبالزبر} بِخَبَر كتب الْأَوَّلين {وبالكتاب الْمُنِير} الْمُبين بالحلال وَالْحرَام
{ثُمَّ أَخَذْتُ} عَاقَبت {الَّذين كَفَرُواْ} بالكتب وَالرسل {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} انْظُر يَا مُحَمَّد كَيفَ كَانَ تغييري عَلَيْهِم بِالْعَذَابِ حِين لم يُؤمنُوا
{أَلَمْ تَرَ} ألم تعلم {أَنَّ الله أنَزَلَ مِنَ السمآء مَآءً} مَطَرا {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} بالمطر {ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا} أجناسها الحلو والحامض وَغير ذَلِك {وَمِنَ الْجبَال جُدَدٌ} طرق {بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} كألوان الثِّمَار {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} جبال سود شَدِيدَة السوَاد
{وَمِنَ النَّاس} كَذَلِك مُخْتَلف ألوانه {والدوآب} كَذَلِك مُخْتَلف ألوانه {والأنعام مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} أجناسه مقدم ومؤخر {كَذَلِك إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعلمَاء} يَقُول إِنَّمَا الْعلمَاء يَخْشونَ الله من عباده
{إِن الَّذين يَتلون} يقرءُون {كِتَابَ الله} الْقُرْآن أَبُو بكر وَأَصْحَابه {وَأَقَامُواْ الصَّلَاة} أَتموا الصَّلَوَات الْخمس {وَأَنفَقُواْ} تصدقوا {مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} أعطيناهم من الْأَمْوَال {سِرّاً} فِيمَا بَينهم وَبَين الله {وَعَلَانِيَةً} فِيمَا بَينهم وَبَين النَّاس {يَرْجُونَ تِجَارَةً} يَعْنِي الْجنَّة {لَّن تَبُورَ} لن تهْلك وَلنْ تفْسد
{لِيُوَفِّيَهُمْ} الله {أُجُورَهُمْ} ثوابهم فِي الْجنَّة {وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} بفضله من وَاحِدَة إِلَى عشرَة {إِنَّهُ غَفُورٌ} لذنوبهم الْعَظِيمَة {شَكُورٌ} لأعمالهم الْيَسِيرَة يشْكر الْيَسِير وَيجْزِي الجزيل
{وَالَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} أنزلنَا جِبْرَائِيل عَلَيْك بِهِ {مِنَ الْكتاب} يَعْنِي الْقُرْآن {هُوَ الْحق} الصدْق {مُصدقا} مُوَافقا بِالتَّوْحِيدِ وَبَعض الشَّرَائِع {لما بَين يَدَيْهِ} من الْكتاب {إِنَّ الله بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ} بِمن يُؤمن وَمن لَا يُؤمن {بَصِيرٌ} بأعمالهم
{ثُمَّ} من بعد مَا أنزلنَا جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {أَوْرَثْنَا الْكتاب} أكرمنا بِحِفْظ الْقُرْآن وكتابته وقراءته {الَّذين اصْطَفَيْنَا} اخترنا {مِنْ عِبَادِنَا} من بَين عبادنَا بِالْإِيمَان وهم أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} بالكبائر لَا ينجو إِلَّا بالشفاعة أَو بالمغفرة أَو بإنجاز الْوَعْد {وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} وَهُوَ من اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته يُحَاسب حسابا يَسِيرا ثمَّ ينجو {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ} بَالغ {بالخيرات} فِي الدُّنْيَا ومقرب إِلَى جنَّة عدن فِي الْآخِرَة {بِإِذُنِ الله} بِتَوْفِيق الله وكرامته {ذَلِك} الاصطفاء والمسابقة {هُوَ الْفضل الْكَبِير} الْمَنّ الْعَظِيم من الله عَلَيْهِم
ثمَّ بَين مستقرهم فَقَالَ {جَنَّاتُ عَدْنٍ} مَقْصُورَة للرحمة دَاره والجنان حوله {يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا} يلبسُونَ فِي الْجنَّة {مِنْ أَسَاوِرَ} أساور {مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً} هَذَا حلية النِّسَاء وَحلية الرِّجَال من الذَّهَب {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا} فِي الْجنَّة {حَرِيرٌ}
{وَقَالُواْ} أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة {الْحَمد لِلَّهِ} الشُّكْر والْمنَّة لله {الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحزن} حزن الْمَوْت والزوال وأهوال يَوْم الْقِيَامَة وَيُقَال حزن مخاطرة الدُّنْيَا {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ} للذنوب الْعَظِيمَة {شَكُورٌ} للأعمال الْيَسِيرَة
{الَّذِي أَحَلَّنَا} أنزلنَا {دَارَ المقامة} يَعْنِي الْجنَّة {من فَضله} بفضله لاظعن فِيهَا {لَا يَمَسُّنَا} لَا يصيبنا {فِيهَا} فِي الْجنَّة {نَصَبٌ} تَعب وعناء {وَلَا يَمَسُّنَا} لَا يصيبنا {فِيهَا} فِي الْجنَّة {لُغُوبٌ} إعياء
{وَالَّذين كفرُوا} كذبُوا بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن أَبُو جهل وَأَصْحَابه {لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} فِي الْآخِرَة {لَا يقْضى عَلَيْهِمْ} لَا يكون عَلَيْهِم قَضَاء الْمَوْت {فَيَمُوتُواْ} فيستريحوا {وَلَا يُخَفَّفُ} لَا يهون وَلَا يرفه وَلَا يرفع {عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا} طرفَة عين {كَذَلِك} هَكَذَا {نَجْزِي} فِي الْآخِرَة {كُلَّ كَفُورٍ} كَافِر بِاللَّه وبنعمته
{وَهُمْ} يَعْنِي الْكفَّار {يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} يستغيثون فِيهَا فِي النَّار وَيدعونَ ويتضرعون وَيَقُولُونَ {رَبَّنَآ} يَا رَبنَا {أَخْرِجْنَا} من النَّار ردنا إِلَى الدُّنْيَا نؤمن بك {نَعْمَلْ صَالِحاً} خَالِصا فِي الْإِيمَان {غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فِي الشّرك فَيَقُول الله لَهُم {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} نمهلكم يَا معشر الْكفَّار فِي الدُّنْيَا {مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ} بِقدر مَا يتعظ فِيهِ {مَن تَذَكَّرَ} من أَرَادَ أَن يتعظ ويؤمن {وَجَآءَكُمُ النذير} مُحَمَّد بِالْقُرْآنِ وخوفكم من هَذَا الْيَوْم فَلم تؤمنوا بِهِ {فَذُوقُواْ} عَذَاب النَّار {فَمَا لِلظَّالِمِينَ} الْكَافرين {مِن نصير} مَانع عَن عَذَاب الله
{إِنَّ الله عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض} غيب مَا يكون فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض علم الله لوردوا إِلَى الدُّنْيَا لعادوا لما مَا نهوا عَنهُ {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور} بِمَا فِي الْقُلُوب من الْخَيْر وَالشَّر
{هُوَ الَّذِي جعلكُمْ} يَا أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {خَلَائِفَ فِي الأَرْض} سكان الأَرْض بعد هَلَاك الْأُمَم الْمَاضِيَة {فَمَن كَفَرَ} بِاللَّه {فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} عُقُوبَة كفره {وَلَا يَزِيدُ الْكَافرين كُفْرُهُمْ} بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {عِندَ رَبِّهِمْ} يَوْم الْقِيَامَة {إِلَاّ مَقْتاً} بغضاً {وَلَا يَزِيدُ الْكَافرين كُفْرُهُمْ} فِي الدُّنْيَا {إِلَاّ خَسَاراً} غبناً فِي الْآخِرَة
{قُلْ} يَا مُحَمَّد لأهل مَكَّة {أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ} آلِهَتكُم {الَّذين تَدْعُونَ} تَعْبدُونَ {مِن دُونِ الله أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأَرْض} مِمَّا فِي الأَرْض {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ} مَعَ الله {فِي السَّمَاوَات} فِي خلق السَّمَوَات {أَمْ آتَيْنَاهُمْ} أعطيناهم يَعْنِي كفار مَكَّة {كِتَاباً فَهُمْ على بَيِّنَةٍ مِّنْهُ} على بَيَان من الْكتاب أَن لَا يعذبوا {بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ} مَا يَقُول الْمُشْركُونَ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا {بَعْضُهُم بَعْضاً} يَعْنِي الرؤساء للسفلة {إِلَاّ غُرُوراً} بَاطِلا فِي الْآخِرَة
{إِنَّ الله يُمْسِكُ} يمْنَع {السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا} لكَي لَا تَزُولَا عَن مكانهما بمقالة الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَيْثُ قَالُوا عُزَيْر ابْن الله والمسيح ابْن الله {وَلَئِن زَالَتَآ} وَلَو زالتا عَن أمكنهما {إِنْ أَمْسَكَهُمَا} مَا أمسكهما {مِنْ أَحَدٍ} أحد {مِّن بَعْدِهِ} بعد إِمْسَاكه غَيره {إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً} عَن مقَالَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى {غَفُوراً} لمن تَابَ مِنْهُم
{وَأَقْسَمُواْ بِاللَّه} يَعْنِي كفار مَكَّة قبل مَجِيء مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} جهد يمينهم بِاللَّه {لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ} رَسُول مخوف {لَّيَكُونُنَّ أهْدى} أسْرع إِجَابَة وأصوب دينا {مِنْ إِحْدَى الْأُمَم} من الْيَهُود وَالنَّصَارَى {فَلَمَّا جَاءَهُم نَذِير} مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بِالْقُرْآنِ {مَّا زَادَهُمْ إِلَاّ نُفُوراً} تباعداً مِنْهُ
{استكبارا فِي الأَرْض} للاعراض عَن الْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَالْقُرْآن {ومكر السيء} فِي هَلَاك مُحَمَّد عليه الصلاة والسلام {وَلَا يَحِيقُ} لَا يجب وَلَا يُحِيط {الْمَكْر السيء} القَوْل الْقَبِيح وَالْعَمَل الْقَبِيح {إِلَاّ بِأَهْلِهِ} إِلَّا على أَهله {فَهَلْ يَنظُرُونَ} فَهَل ينتظرون قَوْمك إِن كَذبُوك {إِلَاّ سُنَّةَ آلأَوَّلِينَ} عَذَاب الْأَوَّلين قبلهم عِنْد تكذيبهم الرُّسُل {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله} لعذاب الله {تَبْدِيلاً} تغييراً {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله} لعذاب الله {تَحْوِيلاً} إِلَى غَيره
{أولم يَسِيرُوا} يسافروا كفار مَكَّة {فِي الأَرْض فَيَنظُرُواْ} يتفكروا ويعتبروا {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} جَزَاء {الَّذين مِن قَبْلِهِمْ} عِنْد تكذيبهم الرُّسُل {وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} بِالْبدنِ وَالْمَال {وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ} ليفوته {مِن شَيْءٍ} أحد {فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض} من الْخلق {إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً} بخلقه {قَدِيراً} عَلَيْهِم
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله النَّاس} الْجِنّ وَالْإِنْس {بِمَا كَسَبُواْ} بجملة ذنوبهم {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا} على وَجه الأَرْض {مِن دَآبَّةٍ} من الْجِنّ وَالْإِنْس خَاصَّة أحدا {وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ} يؤجلهم {إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} إِلَى وَقت مَعْلُوم {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} وَقت هلاكهم {فَإِنَّ الله كَانَ بِعِبَادِهِ بَصيرًا} بِمن يهْلك وبمن ينجو