المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[القسم الأول: في الأسماء]

- ‌فصلاعلم أن لمعرفة أسماء الرجال، وأحوالهم، وأقوالهم، ومراتبهم، فوائد كثيرة

- ‌فصل: يتعلق بالتسمية والأسماء والكنى والألقاب

- ‌فصل فى حقيقة الصحابى والتابعى وبيان فضلهم

- ‌فصل ابتداء التاريخ

- ‌الترجمة النبوية الشريفة

- ‌فصل فى صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أبناءه وبناته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خدمه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى كُتَّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى رُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مؤذنيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى حجه وعمرته وغزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أفراس النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأحكام وغيرها

- ‌إمامنا، رضى الله عنه

- ‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته

- ‌فصل فى تلخيص جملة من أحوال الشافعى

- ‌فصل فى نوادر من حكم الشافعى، رضى الله عنه، وجزيل كلامه

- ‌فصل فى أحرف من المنقولات من سخائه

- ‌فصل فى شهادة أئمة الإسلام المتقدمين فمن بعدهم للشافعى بالتقدم فى العلم

- ‌فصل فيمن روى الشافعى عنهم

- ‌فصل فى منثور من أحوال الشافعى، رحمه الله

- ‌فصل فى الإشارة إلى بعض شيوخه

- ‌فصل فى اسم صحيح البخارى، وتعريف محله

- ‌حرف الألف

- ‌باب من اسمه آدم

- ‌باب أبان

- ‌باب إبراهيم

- ‌باب إبليس

- ‌‌‌باب أبيض

- ‌باب أبي

- ‌باب أحمد

- ‌باب أسامة، وإسحاق، وأسلع، وأسلم

- ‌باب إسماعيل

- ‌باب أشيم، وأشعث، وأفلح، والأقرع، وأكيدر

- ‌باب إلياس، وامرؤ القيس، وأمية

- ‌باب أنجشة، وأنس، وأنيس

- ‌باب أوس

- ‌باب إياس، وأيمن، وأيوب

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌باب البراء، وبريدة، وبشر، وبشير

- ‌باب بكير، وبلال، وبهز

- ‌حرف التاء المثناة فوق

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌باب سعد

- ‌باب سعيد

- ‌باب سفيان وسفينة

- ‌باب سلمان

- ‌باب سلمة وسليم

- ‌باب سُليم

- ‌باب سليمان

- ‌باب سمرة وسنين

- ‌باب سهل

- ‌باب سهيل

- ‌باب سويد وسيف

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء المهملة

- ‌حرف العين المهملة

- ‌باب عبد الحق، وعبد الحميد، وعبد خير، وعبد الدايم

- ‌باب عبد الرحمن

- ‌باب عبد العزيز، وعبد الكريم، وعبد المجيد

- ‌باب عبد، وعبيد، وعبيد الله وعبيدة بفتح العين، وعبيدة بالضم

- ‌باب العين والتاء المثناة فوق

- ‌باب العين والثاء المثلثة

- ‌باب عجلان، وعدي، وعرابة

- ‌باب عصام، وعطاء، وعطية

- ‌باب العين والقاف

- ‌باب العين والكاف

- ‌باب العين واللام

الفصل: ‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الناس تبع لقريش فى الخير والشر"(1) . وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الناس معادن، خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا"(2) . وفى صحيح مسلم أيضًا عن واثلة بن الأسقع، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم"(3) .

وفى صحيح البخارى عن جبير بن مطعم، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما بنو المطلب وبنو هاشم شىء واحد"(4) . وفى صحيح كتاب الترمذى، عن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأزد أسد الله فى الأرض، يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل: يا ليتنى كنت أزديًا، ويا ليت أمى كانت أزدية"(5) . قال الترمذى: وروى موقوفًا عن أنس، وهو عندنا أصح.

وفى الترمذى أيضًا عن أبى هريرة، رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"الملك فى قريش، والقضاء فى الأنصار، والأذان فى الحبشة، والأمانة فى الأزد"(6)، يعنى اليمن. قال الترمذى: وروى موقوفًا عن أبى هريرة، وهو أصح.

‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته

وذكر نبذ من أموره وحالاته

أجمعوا على أنه ولد سنة خمسين ومائة، وهى السنة التى توفى فيها أبو حنيفة، رحمه الله تعالى، وقيل: إنه فى اليوم الذى توفى فيه أبو حنيفة. قال البيهقى: ولم يثبت اليوم، ثم المشهور الذى عليه الجمهور أن الشافعى ولد بغزة، وقيل: بعسقلان، وهما من الأرض المقدسة التى بارك الله فيها، فإنهما على نحو من مرحلتين من بيت المقدس، ثم حُمل إلى مكة وهو ابن سنتين، وتوفى بمصر سنة أربع ومائتين، وهو ابن أربع وخمسين سنة. قال الربيع: توفى الشافعى، رحمه الله تعالى، ليلة الجمعة بعد المغرب

(1) حديث جابر: أخرجه ابن أبى شيبة (6/402، رقم 32382) ، وأحمد (3/331، رقم 14585) ، ومسلم (3/1451، رقم 1819) ، وابن حبان (14/158، رقم 6263) . وأخرجه أيضًا: أبو عوانة (4/368، رقم 6972) .

(2)

حديث جابر: أخرجه أحمد (3/367، رقم 14988) .

حديث أبى هريرة: أخرجه البخارى (3/1288، رقم 3304) ، ومسلم (4/1958، رقم 2526) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/257، رقم 7487) .

(3)

أخرجه مسلم (4/1782، رقم 2276) ، والترمذى (5/583، رقم 3606)، وقال: حسن صحيح غريب. أخرجه أيضًا: أحمد (4/107، رقم 17027) ، وأبو يعلى (13/469، رقم 7485) ، والخطيب (13/64) .

(4)

أخرجه الطبرانى (2/126، رقم 1540) .

(5)

أخرجه الترمذى (5/727، رقم 3937)، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروى هذا الحديث بهذا الإسناد عن أنس موقوف وهو عندنا أصح. ومحمد بن جميع الصيداوى فى معجم الشيوخ (1/181) ، والضياء (6/195، رقم 2212.

(6)

أخرجه أحمد (2/364، رقم 8746)، قال الهيثمى (4/192) : رجاله ثقات. والترمذى (5/727، رقم 3936) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/403، رقم 32395) ، وأحمد فى فضائل الصحابة (2/795، رقم 1423) ، وابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل (9/437، رقم 2186) .

ص: 45

وأنا عنده، ودفن بعد العصر يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، وقبره رحمه الله تعالى بمصر، عليه من الجلالة وله من الاحترام ما هو لائق بمنصب ذلك الإمام.

قال الربيع: رأيت فى النوم أن آدم، عليه السلام، مات، فسألت عن ذلك، فقيل: هذا موت أعلم أهل الأرض؛ لأن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها، فما كان إلا يسير فمات الشافعى، رحمه الله، ورأى غيره ليلة مات الشافعى قائلاً يقول: الليلة مات النبى صلى الله عليه وسلم، وحزن الناس لموته الحزن الذى يوازى رزيتهم به.

فصل

نشأ الشافعى، رضى الله عنه، يتميًا فى حجر أمه فى قلة عيش وضيق حال، وكان فى صباه يجالس العلماء، ويكتب ما يستفيده فى العظام ونحوها؛ لعجزه عن الورق، حتى ملأ منها حبابًا. عن مصعب بن عبد الله الزبيرى، قال: كان الشافعى، رحمه الله، فى ابتداء أمره يطلب الشعر وأيام العرب والأدب، ثم أخذ فى الفقه. قال: وكان سبب أخذه فيه أنه كان يسير يومًا على دابة له وخلفه كاتب لأبى، فتمثل الشافعى ببيت شعر، فقرعه كاتب أبى بسوطه، ثم قال له: مثلك يذهب بمروءته فى مثل هذا، أين أنت من الفقه؟! فهزه ذلك، فقصد مجالسة مسلم بن خالد الزنجى مفتى مكة، ثم قدم علينا، يعنى المدينة، فلزم مالكًا، رحمه الله.

وعن الشافعى، قال: كنت أنظر فى الشعر، فارتقيت عقبة بمنى، فإذا صوت من خلفى: عليك بالفقه. وعن الحميدى قال: قال الشافعى: خرجت أطلب النحو والأدب، فلقينى مسلم بن خالد الزنجى، فقال: يا فتى، من أين أنت؟ قلت: من أهل مكة، قال: أين منزلك؟ قلت: بشعب الخيف، قال: من أى قبيلة أنت؟ قلت: من عبد مناف، فقال: بخ بخ، لقد شرفك الله فى الدنيا والآخرة، ألا جعلت فهمك هذا فى الفقه فكان أحسن لك؟!.

ص: 46

فصل

فلما أخذ الشافعى، رحمه الله، فى الفقه، وحصل منه على مسلم بن خالد الزنجى وغيره من أئمة مكة ما حصل، رحل إلى المدينة قاصدًا الأخذ عن أبى عبد الله مالك بن أنس، رضى الله عنه، ورحلته مشهورة فيها مصنف معروف مسموع، وأكرمه مالك، رحمه الله، وعامله لنسبه، وعلمه وفهمه وعقله وأدبه بما هو اللائق بهما، وقرأ الموطأ على مالك حفظًا، فأعجبته قراءته، فكان مالك يستزيده من القراءة لإعجابه من قراءته، ولازم مالكًا فقال له: اتق الله، فإنه سيكون لك شأن. وفى رواية أنه قال له: إن الله تعالى قد ألقى على قلبك نورًا فلا تطفئه بالمعصية.

وكان للشافعى حين أتى مالكًا ثلاث عشرة سنة، ثم ولى باليمن واشتهر من حسن سيرته، وحمله الناس على السنة والطرائق الجميلة أشياء كثيرة معروفة، ثم رحل إلى العراق، وجدّ فى الاشتغال بالعلم، وناظر محمد بن الحسن وغيره، ونشر علم الحديث، وأقام مذهب أهله، ونصر السنة، وشاع ذكره وفضله وتزايد تزايدًا ملأ البقاع، وطلب منه عبد الرحمن بن مهدى إمام أهل الحديث فى عصره أن يُصَنِّف كتابًا فى أصول الفقه، وكان عبد الرحمن ويحيى بن سعيد القطان يعجبان بكتاب الرسالة، وكذلك أهل عصرهما ومن بعدهما، وكان القطان وأحمد بن حنبل يدعوان للشافعى، رضى الله عنهم أجمعين، فى صلاتهم؛ لما رأيا من اهتمامه بإقامة الدين ونصر السنة وفهمها، واقتباس الأحكام منها، وأجمع الناس على استحسان رسالته، وأقوال السلف فى ذلك مشهورة بأسانيدها.

قال المزنى: قرأت الرسالة خمسمائة مرة، ما من مرة إلا واستفدت منها فائدة جديدة. وقال المزنى أيضًا: أنا أنظر فى الرسالة من خمسين سنة، ما أعلم أنى نظرت فيها مرة إلا استفدت منها شيئًا لم أكن عرفته.

فلما اشتهرت جلالة الشافعى، رحمه الله، فى العراق، وسار

ص: 47

ذكره فى الآفاق، وأذعن بفضله الموافقون والمخالفون، واعترف به العلماء أجمعون، وعظمت عند الخلائق وولاة الأمور مرتبته، واستقرت عندهم جلالته وإمامته، وظهر من فضله فى مناظراته أهل العراق وغيرهم ما لم يظهر لسواه، وأظهر من بيان القواعد ومهمات الأصول ما لم يعرف لمن عداه، وامتحن فى مواطن كثيرة مما لا يحصى من المسائل، فكان جوابه فيها من الصواب والسداد بالمحل الأعلى والمقام الأسنى، عكف عليه للاستفادة منه الصغار والكبار، والأئمة الأخيار من أهل الحديث والفقه وغيرهم، ورجع كثير منهم عن مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه، وتمسكوا بطريقته كأبى ثور وخلائق من الأئمة، وترك كثير منهم الأخذ عن شيوخهم وكبار الأئمة لانقطاعهم إلى الشافعى حين رأوا عنده ما لا يجدون عند غيره، وبارك الله الكريم له ولهم فى تلك العلوم الباهرة والمحاسن المتظاهرة والخيرات المتكاثرة، ولله الحمد على ذلك وعلى سائر نعمه التى لا تحصى.

وصنف فى العراق كتابه القديم المسمى كتاب الحجة، ويرويه عنه أربعة من كبار أصحابه العراقيين، وهم أحمد بن حنبل، وأبو ثور، والزعفرانى، والكرابيسى، وأتقنهم له رواية الزعفرانى. ثم خرج الشافعى، رحمه الله، إلى مصر سنة تسع وتسعين ومائة. وقال أبو عبد الله حرملة بن يحيى: قدم الشافعى مصر سنة تسع وتسعين ومائة. وقال الربيع: سنة مائتين، ولعله قدم فى آخر سنة تسع جمعًا بين الروايتين، وصنف كتبه الجديدة كلها بمصر، وسار ذكره فى البلدان، وقصده الناس من الشام واليمن والعراق وسائر النواحى والأقطار للتفقه عليه والرواية عنه، وسماع كتبه منه، وأخذها عنه، وساد أهل مصر وغيرهم، وابتكر كتبًا لم يسبق إليها، منها أصول الفقه، وكتاب القسامة، وكتاب الجزية، وكتاب قتال أهل البغى، وغيرها.

قال الإمام أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازى فى كتابه مناقب الشافعى: سمعت أبا عمرو أحمد بن على بن الحسن البصرى، قال: سمعت محمد بن أحمد بن سفيان الطرائفى البغدادى يقول: سمعت الربيع بن سليمان يومًا وقد حط على باب داره تسعمائة راحلة فى

ص: 48