الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليلينى منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثلاثًا" (1) ، وعن عائشة، رضى الله عنها، قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم" (2) . قال الحاكم أبو عبد الله فى علوم الحديث: هو حديث صحيح، وأشار أبو داود فى سننه إلى أنه مرسل.
ومنها أنهم أئمتنا وأسلافنا، كالوالدين لنا، وأجدى علينا فى مصالح آخرتنا التى هى دار قرارنا، وأنصح لنا فيما هو أعود علينا، فيقبح بنا أن نجهلهم وأن نهمل معرفتهم. ومنها أن يكون العمل والترجيح بقول أعلمهم وأورعهم إذا تعارضت أقوالهم على ما أوضحته فى مقدمة شرح المهذب. ومنها بيان مصنفاتهم وما لها من الجلالة وعدمها، والتنبيه على مراتبها، وفى ذلك إرشاد للطالب إلى تحصيلها، وتعريف له بما يعتمده منها، وتحذيره مما يخاف من الاعتزار به، وغير ذلك، وبالله التوفيق.
* * *
فصل: يتعلق بالتسمية والأسماء والكنى والألقاب
وقد جمعت فى هذه الأقسام جُملاً نفيسة فى كتاب الأذكار، وأنا أشير هنا إن شاء الله إلى نُبذ من عيون ذلك:
يستحب تحسين الاسم، لحديث أبى الدرداء، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، فأحسنوا أسمائكم"(3) . رواه أبو داود بإسناد جيد.
وفى صحيح مسلم، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحب أسمائكم إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن"(4) .
وفى سنن أبى داود، والنسائى، عن ابن وهب الجشمى الصحابى، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدقها: حارث، وهمام، وأقبحها: حرب، ومرة"(5) .
وفى صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، رضى الله عنه، قال: قال رسول
(1) أورده السيوطى فى الكبير وعزاه لعبد الرزاق، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه عن أبى مسعود. أحمد، وابن حبان، والطبرانى، والحاكم عن ابن مسعود.
حديث أبى مسعود: أخرجه عبد الرزاق (2/45، رقم 2430) ، ومسلم (1/323، رقم 432) وأبو داود (1/180، رقم 674) ، والنسائى (1/286، رقم 881) ، وابن ماجه (1/312، رقم 976) قال الترمذى بعد أن ذكر حديث ابن مسعود (1/440، رقم 228) : وفى الباب عن أبى مسعود.
حديث ابن مسعود: أخرجه أحمد (1/457، رقم 4373) ، وابن حبان (5/545، رقم 2172) ، والطبرانى (10/88، رقم 10041) ، والحاكم (2/10، رقم 2150) وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: الترمذى (1/440، رقم 228)، وقال: حسن صحيح غريب.
(2)
أخرجه الخرائطى فى مكارم الأخلاق (ص 37، رقم 46) .
(3)
أخرجه أحمد (5/194، رقم 21739) ، وأبو داود (4/287، رقم 4948) ، وابن حبان (13/135، رقم 5818) ، وأبو نعيم فى الحلية (5/152) ، والبيهقى (9/306، رقم 19091) .
(4)
أخرجه مسلم (3/1682، رقم 2132) . وأخرجه أيضًا: الحاكم (4/304، رقم 7719) وقال: صحيح على شرط الشيخين. والبيهقى (9/306، رقم 19089) .
(5)
أخرجه أحمد (4/345، رقم 19054) ، والبخارى فى الأدب المفرد (ص 284، رقم 814) ، وأبو داود (4/287، رقم 4950) ، والنسائى فى الكبرى (3/37، رقم 4406) ، والطبرانى (22/380، رقم 949) ، والبيهقى (9/306، رقم 19090) .
الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا، ولا أفلح، فإنك تقول: أثَم هو، فلا يكون فيقول: لا” (1) .
ويستحب تغيير الاسم القبيح إلى حسن، ففى الصحيحين عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أن زينب كان اسمها برّة، فقيل: تزكى نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب.
وفى صحيح مسلم، عن زينب بنت أبى سلمة، رضى الله عنها، قالت: سميت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سموها زينب” (2)، قالت: ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب.
وفى صحيح مسلم، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، أن ابنة لعمر كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة.
ويحرم تلقيب الإنسان بما يكرهه، سواء كان صفة له، كالأعمش، والأجلح، والأعمى، والأصم، والأقرع، والأعرج، والأبرص، والأحول، والأثبج، والأصفر، والأحدب، والأزرق، والأفطس، والأشتر، والأثرم، والأقطع، والزمن، والمقعد، والأشل، سواء كان صفة لأبيه أو أمه أو غير ذلك مما يكرهه.
واتفقت العلماء على جواز ذكره بذلك على سبيل التعريف لمن لا يعرفه إلا بذلك، كهؤلاء المذكورين فى المثال، فإنهم أئمة وعلماء مشهورون بهذه الألقاب فى كتب الحديث وغيرها، ولا يعرفهم أكثر الناس إلا بالألقاب.
واتفقوا على جواز تلقيبه باللقب الحسن وما لا يكرهه، كعتيق لقب أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وأبى تراب لقب على بن أبى طالب، وذى اليدين لقب الخرباق بن عمرو، وسرق لقب الحباب بن أسد الجهنى، فهؤلاء صحابيون، رضى الله عنهم، لقبهم النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الألقاب وكانوا يحبونها.
وتجوز الكنية لكل مسلم، ويستحب لنا أن نكنى أهل الفضل من العلماء وغيرهم، ويستحب أن يكنى بأكبر أولاده، وفى حديث فى سنن أبى داود وغيره، أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً عن أكبر أولاده، فكناه به. ويجوز تكنيته بغير أولاده، ويجوز تكنية من لا ولد له، ويجوز تكنية من لم يولد له، وتكنية الطفل كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يا أبا عمير، ما فعل
(1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/109، رقم 29868) ، وأحمد (5/10، رقم 20119) ، ومسلم (3/1685، رقم 2137) ، وابن حبان (3/116، رقم 835) ، (13/150، رقم 5838) ، والطبرانى (7/187، رقم 6791) ، (7/188، رقم 6793) . وأخرجه أيضًا: النسائى فى الكبرى (6/211، رقم 10681) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (1/423، رقم 601) .
(2)
أخرجه مسلم (3/1687، رقم 2142) ، وأبو داود (4/288، رقم 4953) . وأخرجه أيضا: ابن أبى عاصم فى الآحاد (6/23، رقم 3203) ، وابن سعد (8/461) ، والطبرانى (24/280، رقم 709) .
النغير” (1) .
ويجوز تكنية الرجل بأبى فلانة، والمرأة بأم فلان وأم فلانة، ويكنى الكافر الذى اشتهر بكنيته كأبى لهب، وأبى طالب، وأبى رغال، وغيرهم. وفى جواز التكنى بأبى القاسم خلاف للعلماء أوضحته فى كتاب الأذكار والروضة، وأنا أشير إليها هاهنا، وبالله التوفيق.
* * *
فصل
عادة الأئمة الحذاق المصنفين فى الأسماء والأنساب أن ينسبوا الرجل النسب العام ثم الخاص؛ ليحصل فى الثانى فائدة لم تكن فى الأول، فيقولون مثلاً: فلان بن فلان القريشى الهاشمى؛ لأنه لا يلزم من كونه قرشيًا كونه هاشميًا، ولا يعكسون فيقولون: الهاشمى القرشى، فإنه لا فائدة فى الثانى حينئذ، فإنه يلزم من كونه هاشميًا كونه قرشيًا.
فإن قيل: فينبغى ألا يذكروا القريشى، بل يقتصروا على الهاشمى.
فالجواب: أنه قد يخفى على بعض الناس كون الهاشمى قرشيًا، ويظهر هذا الخفاء فى البطون الخفية، كالأشهل من الأنصار، فيقال: الأنصارى الأشهلى، ولو اقتصروا على الأشهلى لم يعرف كثير من الناس أن الأشهلى من الأنصار أم لا، وكذا ما أشبهه، فذكروا العام ثم الخاص؛ لدفع هذا الوهم، وقد يقتصرون على الخاص، وقد يقتصرون على العام، وهذا قليل.
ثم إنهم قد ينسبون إلى البلد بعد القبيلة، فيقولون: القريشى المكى أو المدنى، وإذا كان له نسب إلى بلدين بأن يستوطن أحدهما ثم الآخر نسبوه غالبًا إليهما، وقد يقتصرون على أحدها، وإذا نسبوه إليهما قدموا الأول، فقالوا: المكى الدمشقى، والأحسن: المكى ثم الدمشقى، وإذا كان من قرية بلدة نسبوه تارة إلى القرية، وتارة إلى البلدة، وتارة إليهما، وحينئذ يقدمون البلدة؛ لأنها أعم كما سبق فى القبائل، فيقولون فيمن هو من أهل حرستا، قرية من
(1) أخرجه الطيالسى (ص 280، رقم 2088) ، وأحمد (3/119، رقم 12220) ، والبخارى (5/2270، رقم 5778) ، والترمذى (2/154، رقم 333) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (6/91، رقم 10165) ، وابن ماجه (2/1226، رقم 3720) ، وأبو عوانة (1/407، رقم 1501) ، والطحاوى (4/194) ، وابن حبان (6/82، رقم 2308) . وأخرجه أيضا: ابن أبى شيبة (1/351، رقم 4042) ، ومسلم (3/1692، رقم 2150) ، وأبو داود (4/293 رقم 4969) .