المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف العين المهملة - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[القسم الأول: في الأسماء]

- ‌فصلاعلم أن لمعرفة أسماء الرجال، وأحوالهم، وأقوالهم، ومراتبهم، فوائد كثيرة

- ‌فصل: يتعلق بالتسمية والأسماء والكنى والألقاب

- ‌فصل فى حقيقة الصحابى والتابعى وبيان فضلهم

- ‌فصل ابتداء التاريخ

- ‌الترجمة النبوية الشريفة

- ‌فصل فى صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أبناءه وبناته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خدمه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى كُتَّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى رُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مؤذنيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى حجه وعمرته وغزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أفراس النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأحكام وغيرها

- ‌إمامنا، رضى الله عنه

- ‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته

- ‌فصل فى تلخيص جملة من أحوال الشافعى

- ‌فصل فى نوادر من حكم الشافعى، رضى الله عنه، وجزيل كلامه

- ‌فصل فى أحرف من المنقولات من سخائه

- ‌فصل فى شهادة أئمة الإسلام المتقدمين فمن بعدهم للشافعى بالتقدم فى العلم

- ‌فصل فيمن روى الشافعى عنهم

- ‌فصل فى منثور من أحوال الشافعى، رحمه الله

- ‌فصل فى الإشارة إلى بعض شيوخه

- ‌فصل فى اسم صحيح البخارى، وتعريف محله

- ‌حرف الألف

- ‌باب من اسمه آدم

- ‌باب أبان

- ‌باب إبراهيم

- ‌باب إبليس

- ‌‌‌باب أبيض

- ‌باب أبي

- ‌باب أحمد

- ‌باب أسامة، وإسحاق، وأسلع، وأسلم

- ‌باب إسماعيل

- ‌باب أشيم، وأشعث، وأفلح، والأقرع، وأكيدر

- ‌باب إلياس، وامرؤ القيس، وأمية

- ‌باب أنجشة، وأنس، وأنيس

- ‌باب أوس

- ‌باب إياس، وأيمن، وأيوب

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌باب البراء، وبريدة، وبشر، وبشير

- ‌باب بكير، وبلال، وبهز

- ‌حرف التاء المثناة فوق

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌باب سعد

- ‌باب سعيد

- ‌باب سفيان وسفينة

- ‌باب سلمان

- ‌باب سلمة وسليم

- ‌باب سُليم

- ‌باب سليمان

- ‌باب سمرة وسنين

- ‌باب سهل

- ‌باب سهيل

- ‌باب سويد وسيف

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء المهملة

- ‌حرف العين المهملة

- ‌باب عبد الحق، وعبد الحميد، وعبد خير، وعبد الدايم

- ‌باب عبد الرحمن

- ‌باب عبد العزيز، وعبد الكريم، وعبد المجيد

- ‌باب عبد، وعبيد، وعبيد الله وعبيدة بفتح العين، وعبيدة بالضم

- ‌باب العين والتاء المثناة فوق

- ‌باب العين والثاء المثلثة

- ‌باب عجلان، وعدي، وعرابة

- ‌باب عصام، وعطاء، وعطية

- ‌باب العين والقاف

- ‌باب العين والكاف

- ‌باب العين واللام

الفصل: ‌حرف العين المهملة

فى زمن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه.

وله آثار جميلة فى قتال الفرس فى القادسية بالعراق زمن عمر، رضى الله عنه، وكتب إلى عمر النعمان بن مقرن: أن استعن فى حربك بطليحة وعمرو بن معد يكرب، واستشرهما.

* * *

‌حرف العين المهملة

275 -

عاصم بن ضمرة (1) :

مذكور فى المهذب فى باب زكاة الذهب والفضة. هو عاصم بن ضمرة السلولى الكوفى التابعى. سمع على بن أبى طالب، رضى الله عنه. روى عنه الحكم بن عتيبة، بالمثناة فوق، وأبو إسحاق السبيعى. قال على بن المدينى، وأحمد بن عبد الله، وغيرهما: هو ثقة، توفى سنة أربع وسبعين.

276 -

عاصم بن عدى الصحابى، رضى الله عنه (2) :

مذكور فى المهذب فى رمى الجمار. هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمرو، ويقال: أبو عمر عاصم بن عدى بن الجد، بفتح الجيم، ابن العجلان بن حارثة، بالحاء المهملة، ابن ضبيعة، بضم الضاد المعجمة، القضاعى العجلانى حليف الأنصار، شهد أُحُدًا، ولم يشهد بدرًا بنفسه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على قباء، وأهل العالية، وضرب له بسهم، فكان له حكم من شهدها، وهو صاحب عويمر العجلانى فى قصة اللعان.

277 -

عاصم بن عمر (3) :

مذكور فى المختصر فى آخر الهبة. هو أبو عمر، وقيل: أبو عمرو عاصم بن عمر بن الخطاب القريشى العدوى التابعى المدنى. ولد قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وأمه جميلة بنت الأفلح، وقيل: بنت ثابت، كان اسمها عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة. وعاصم هذا جد عمر بن عبد العزيز لأمه؛ لأن أم عمر أم عاصم بنت عاصم بن عمر، وكان عاصم خيرًا، فاضلاً، فصيحًا، طويلاً، يقال: كانت ذراعه قريبًا من ذراع وشبر. توفى سنة سبعين، وحزن عليه أخوه عبد الله ورثاه. سمع عاصم أباه، وروى عنه ابناه عبيد الله، وحفص، وعروة بن الزبير. روى له البخارى ومسلم.

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (6/222) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/3052) ، والجرح والتعديل (6/1910) ، وميزان الاعتدال (2/4052) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/45) . تقريب التهذيب (3063)، وقال:"صدوق من الثالثة مات دون المائة سنة أربع وسبعين 4".

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (3/466) ، والتاريخ الكبير للبخارى (6/3037) ، والجرح والتعديل (6/1911) ، والاستيعاب (2/781) ، وأسد الغابة (3/75) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/49) ، والإصابة (2/4353) . تقريب التهذيب (3066)، وقال:"صحابي شهد أحدا مات في خلافة معاوية وقد جاز المائة وفي الصحيح حكاية ابن عباس عنه قصة الملاعنة 4". .

(3)

التاريخ الكبير للبخارى (6/3042، 3082) ، والجرح والتعديل (6/1915) ، وسير أعلام النبلاء (7/181) ، وميزان الاعتدال (2/4060) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/51) . تقريب التهذيب (3068)، وقال:"ضعيف من السابعة وهو أخو عبيد الله العمري ت ق"..

ص: 255

278 -

عامر بن سعد (1) :

تكرر فى المهذب، فذكره [......](2) ، وفى أول الوصايا. هو عامر بن سعد بن أبى وقاص القريشى الزهرى المدنى التابعى، سمع أباه، وعثمان بن عفان، وابن عمر، وأسامة، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وعائشة، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه داود، وسعيد بن المسيب، وخلق من التابعين. واتفقوا على توثيقه. توفى بالمدينة سنة ثلاث، وقيل: سنة أربع ومائة، وقيل غير ذلك.

279 -

عامر بن عبد الله بن الزبير:

مذكور فى المهذب فى مسألة الحمى، وتمام نسبه سبق فى ترجمة جده الزبير بن العوام، كنية عامر أبو الحارث، وهو تابعى، سمع أباه، وأنسًا، وغيرهما من الصحابة. روى عنه سعيد المقبرى، ويحيى الأنصارى، ومحمد بن عجلان، وآخرون من الأئمة، وكان عابدًا، فاضلاً، مجمعًا على توثيقه وجلالته، وهو مدنى، توفى قريبًا من سنة أربع وعشرين ومائة.

280 -

عباد - بفتح العين وتشديد الباء - ابن تميم:

مذكور فى المهذب فى أول الاستسقاء. هو عباد بن تميم بن زيد بن عاصم الأنصارى المازنى المدنى، وتمام نسبه يأتى إن شاء الله تعالى قريبًا فى ترجمة عمه عبد الله ابن زيد بن عاصم. وعباد معدود فى التابعين، ونقلوا عنه أنه قال: أنا يوم الخندق ابن خمس سنين، فأذكر أشياء وأعيها، وكنا مع النساء فى الآطام خوفًا من بنى قريظة.

وهذا يقتضى أنه صحابى، فإنه على هذا التقدير أكبر من عبد الله بن الزبير، والنعمان بن بشير، وأشباههما، روى عن عمه، وأبى بشير الأنصارى، وغيرهما. روى عنه جماعات من التابعين منهم الزهرى، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، روى له البخارى ومسلم.

281 -

عبادة بن الصامت الصحابى، رضى الله تعالى عنه:

تكرر فيها. هو أبو الوليد عبادة بن أبى عبادة الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصارى الخزرجى، وسالم هذا

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/167) والتاريخ الكبير للبخارى (6/2956) والجرح والتعديل (6/1794) وسير أعلام النبلاء (4/ 349) وتاريخ الإسلام (4/130) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/63) وشذرات الذهب (1/126) . تقريب التهذيب (3089)، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة أربع ومائة ع”.

(2)

ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

ص: 256

يقال له: الحبلى؛ لعظم بطنه، ويقال للمنتسبين إليه: بنو الحبلى.

شهد عبادة العقبة الأولى والثانية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، كان نقيبًا على القواقل؛ لأن بنى سالم يقال لجدهم: قوقل، كان إذا استجار به مستجير قال له قوقل: ستر حيث شئت، فسمى قوقل بن عوف بن الخزرج.

وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى مرثد الغنوى، واستعمله النبى صلى الله عليه وسلم على الصدقات، وكان يعلم أهل الصفة القرآن، ولما فتح الشام أرسله عمر بن الخطاب، ومعاذًا، وأبا الدرداء ليعلموا الناس القرآن بالشام ويفهموهم، فأقام عبادة بحمص، ومعاذ بفلسطين، وأبو الدرداء بدمشق، ثم صار عبادة إلى فلسطين.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة وأحد وثمانون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بآخرين. روى عنه أنس، وجابر، وأبو أمامة، وفضالة، ورفاعة بن رافع، ومحمود بن الربيع، ومن التابعين بنوه الوليد، وعبيد الله، وداود بنو عبادة، وخلائق غيرهم.

قال الأوزاعى: أول من ولى قضاء فلسطين عبادة، وكان فاضلاً، خيرًا، جميلاً، طويلاً، جسيمًا، توفى ببيت المقدس، وقيل: بالرملة، سنة أربع وثلاثين، وهو ابن ثنتين وسبعين سنة، وقيل: توفى سنة خمس وأربعين، والأول أصح وأشهر.

282 -

العباس بن عبد المطلب، رضى الله عنه (1) :

عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. تكرر فى هذه الكتب. هو أبو الفضل الهاشمى، وباقى نسبه سبق فى نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث، وأمه نتيلة، بضم النون وفتح المثناة فوق، وهى أول عربية كست الكعبة الحرير. قالوا: وسببه أن العباس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسوها، فوجدته ففعلت، وكان العباس رئيسًا جليلاً فى قريش قبل الإسلام، وكان إليه عمارة المسجد الحرام والسقاية، وحضر ليلة العقبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعته الأنصار قبل أن يُسلم العباس، فشدد القصر مع الأنصار وأكده.

وخرج مع المشركين إلى بدر مكرهًا، وأُسر وفدى نفسه وابنى أخويه عقيلاً ونوفل بن الحارث،

(1) انظر: الإصابة (2/271) ، والاستيعاب (2/810) ، وأسد الغابة (3/109) ، وطبقات ابن سعد (4/5) ، والتاريخ الكبير (7/2) ، وسير أعلام النبلاء (2/78)(11) ، والوافى بالوفيات (16/629) ، والعقد الثمين (5/93) ، والبداية والنهاية (7/161) ، ونهاية الأرب (19/449) .

ص: 257

وأسلم عقيب ذلك، وقيل: أسلم قبل الهجرة، وكان يكتم إسلامه مقيمًا بمكة يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عونًا للمسلمين المستضعفين بمكة. قالوا: وأراد القدوم إلى المدينة، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم:"مقامك بمكة خير".

وروينا هذا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن سهل بن سعد الساعدى، وشهد حنينًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت معه حين انهزم الناس، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن ينادى فى الناس بالرجوع، فنادى فيهم، وكان صيتًا، فأقبلوا عليه وحملوا على المشركين، فهزمهم الله، وأظهر المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظمه ويكرمه ويبجله، وكان وَصُولاً لأرحام قريش، مُحسنًا إليهم، ذا رأى وكمال وعقل، جوادًا، أعتق سبعين عبدًا، وكانت الصحابة تكرمه، وتعظمه، وتقدمه، وتشاوره، وتأخذ برأيه.

وذكر الحازمى فى المؤتلف فى الأماكن فى أول حرف العين، عن الضحاك، قال: كان العباس يقف على سلع، فينادى غلمانه فى آخر الليل وهم فى الغابة فيسمعهم، قال: وبين سلع والغابة ثمانية أميال.

وكان للعباس عشرة بنين وثلاث بنات: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، ومعبد، والحارث، وكثير، وعوف، وتمام، وآمنة، وأم حبيب، وصفية، فالفضل، وعبيد الله، وعبد الله، وقثم، ومعبد، وعبد الرحمن، وأم حبيب، أمهم أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى. قالوا: ولا يُعرف بنو أم تباعدت قبورهم كتباعد قبور بنى أم الفضل، فقبر الفضل بالشام باليرموك، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، ومعبد بإفريقية.

توفى العباس، رضى الله عنه، بالمدينة يوم الجمعة لثنتى عشرة ليلة خلت من رجب، وقيل: من رمضان سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن نحو ثمان وثمانين سنة، وهو معتدل القامة، وقبره مشهور بالبقيع. رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثلاثون حديثًا اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بثلاثة. روى عنه ابناه عبد الله، وكثير، وجابر، والأحنف بن قيس، وعبد الله بن الحارث، وآخرون.

وفى صحيح مسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وقد ذكر العباس: “يا عم، أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه” (1) ، هو بكسر الصاد، أى مثل أبيه.

(1) أخرجه أحمد (2/322، رقم 8267) ، والبخارى (2/534، رقم 1399) ، ومسلم (2/676، رقم 983) ، وأبو داود (2/115، رقم 1623) ، والنسائى (5/ 33، رقم 2464) . وأخرجه أيضا: عبد الرزاق (4/18، رقم 6826) ، والدارقطنى (2/123) ، وابن حبان (8/67، رقم 3273) ، والبيهقى (4/111، رقم 7160) .

ص: 258

وفى كتاب الترمذى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس: “والذى نفسى بيده، لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله”، ثم قال: “أيها الناس، من آذى عمى فقد آذانى، فإنما عم الرجل صنو أبيه” (1) .

وفى الترمذى أحاديث أخرى فى فضل العباس، وثبت فى صحيح البخارى، أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: “اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبينا فاسقنا” فيسقون، ومناقبه كثيرة مشهورة، رضى الله عنه.

283 -

العباس بن مرداس الصحابى، رضى الله عنه (2) :

مذكور فى المختصر فى قسم الفىء. هو أبو الهيثم. وقيل: أبو الفضل العباس بن مرداس بن أبى عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة بن الحارث بن حيى بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور السلمى، وقيل فى نسبه غير هذا. أسلم قبل فتح مكة بسنتين، وكان من المؤلفة، وممن حسن إسلامه منهم، وكان شاعرًا، محسنًا، وشجاعًا، مشهورًا. قالوا: وكان ممن حرَّم الخمر فى الجاهلية، وممن حرمها فى الجاهلية أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون، وعبد الرحمن بن عوف، وقيس بن عاصم، رضى الله عنهم.

قال ابن عبد البر فى الاستيعاب: وحرَّمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم، وعبد الله بن جدعان، وشيبة بن ربيعة، وورقة بن نوفل، والوليد بن المغيرة بن الظرب. قال: ويقال: هو أول مَن حرمها فى الجاهلية على نفسه، ويقال: بل عفيف بن معد يكرب قعبدى.

قال الحافظ عبد الغنى فى كتابه الكمال: وقد حرَّمها مقيس بن ضبابة بعد أن شربها، وهو المقتول كافرًا يوم الفتح، يعنى لارتداده بعد الصحبة. قال ابن عبد البر: وكان مرداس أبو العباس هذا شريكًا ومصافيًا لحرب بن أمية، يعنى والد أبى سفيان، وقتلتهما جميعًا الجن، وخبرهما معروف عند أهل الأخبار.

قال: وذكروا أن ثلاثة نفر ذهبوا على وجوههم، فهاموا ولم يوجدوا، ولم يسمع لهم بأثر: طالب بن أبى طالب، وسنان بن حارثة، ومرداس بن أبى عامر أبو عباس بن مرداس، وكان عباس بن مرداس ينزل البادية بناحية، وقيل: قدم دمشق وابتنى بها دارًا، والله أعلم.

284 -

(1) حديث المطلب بن ربيعة: أخرجه ابن أبى شيبة (6/382، رقم 32211) ى، وأحمد (4/165، رقم17551) ، والترمذى (5/652، رقم 3758) وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكيرى (5/51، رقم 8176) ، وفى الحديث أن العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغضبك قال يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا لقونا بغير ذلك قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه وحتى استدر عرق بين عينيه وكان إذا غضب استدر فلما سرى عنه. فذكره.

حديث العباس: أخرجه الحاكم (3/376، رقم 5433) . وأخرجه أيضا: البزار (4/140، رقم 1315) .

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (4/271، 7/33) والتاريخ الكبير للبخارى (7/2) والجرح والتعديل (6/1152) والكنى للدولابى (1/93) والاستيعاب (2/817) وأسد الغابة (3/112) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/130) والإصابة (2/4511) . تقريب التهذيب (3190)، وقال: “صحابي مشهور أسلم بعد يوم الأحزاب وسكن البصرة بعد ذلك د ق”..

ص: 259

عبد الأعلى بن عبد الله (1) :

مذكور فى المهذب فى آخر ما يجب بمحظورات الأحرام. هو عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر بن كريز، بضم الكاف، القريشى التابعى. روى عن عبد الله بن الحارث. روى عنه خالد الحذاء.

285 -

عبد الله بن أُبىّ بن سلول المنافق:

مذكور فى المهذب فى باب الكفن، وآخر صلاة الميت، وسلول أم عبد الله، فلهذا قال العلماء: الصواب فى ذلك أن يقال: عبد الله بن أُبىّ بن سلول، بالرفع بتنوين أُبى، وكتابة ابن سلول بالألف ويعرب إعراب عبد الله؛ لأنه صفة له لا لأُبىّ، وسيأتى تمام نسبه فى ترجمة ابنه عبد الله بن عبد الله الصالح الصحابى الجليل، وكان عبد الله بن أُبىّ رأس المنافقين، ونزل فى ذمة آيات كثيرة مشهورة، وتوفى فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه وكفنه فى قميصه قبل النهى عن الصلاة على المنافقين، وإنما صلى عليه لكرامة ابنه وإحسانًا وكرمًا وحلمًا.

286 -

عبد الله بن أنيس الصحابى، رضى الله عنه:

مذكور فى المختصر فى كتاب السير، وفى المهذب فى آخر باب صوم التطوع فى طلب ليلة القدر. هو أبو يحيى عبد الله بن أنيس بن أسعد بن حرام بن حبيب بن مالك ابن غنم بن كعب بن تيم بن بهثة بن باسرة بن يربوع بن البرك، بفتح الموحدة وإسكان الراء، ابن وبرة من قضاعة، يقال له: الجهنى، وهو حليف بنى سلمة من الأنصار، فيقال له: الأنصارى، ويقال له: قضاعى.

قالوا: والبرك بن وبرة وجهينة كلاهما من قضاعة، شهد عبد الله بن أنيس العقبة فى السبعين من الأنصار، وكان يكسر أصنام بنى سلمة هو ومعاذ بن جبل حين أسلما، شهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: لم يشهد بدرًا، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وحده، وهو الذى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، وهو الذى رحل إلى جابر بن عبد الله شهرًا فأدركه فى الشام، فسمع حديثًا فى المظالم والقصاص بين أهل الجنة والنار قبل دخولهما، وقيل: إن هذا غير الراحل إلى جابر، وأن الراحل أسلمى، والصحيح

(1) التاريخ الكبير للبخارى (6/1742) ، والجرح والتعديل (6/141) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/95) . تقريب التهذيب (3732)، وقال: “مقبول من الخامسة قد”..

ص: 260

الذى عليه الجمهور أنهما واحد.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وعشرون حديثًا، روى مسلم أحدها فى ليلة القدر، وهو المذكور فى المهذب. وقال البخارى فى أول صحيحه: رحل عبد الله بن أنيس إلى جابر، روى عنه جابر، وأبو أمامة، وجماعة من التابعين منهم بنوه الأربعة: عطية، وعمرو، وضمرة، وعبد الله. قال ابن عبد البر: توفى سنة أربع وسبعين، وقيل: توفى سنة أربع وخمسين.

287 -

عبد الله بن أبى أوفى الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما (1) :

تكرر ذكره. هو أبو إبراهيم، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو معاوية عبد الله بن أبى أوفى، واسم أبى أوفى علقمة بن خالد بن الحارث بن أسيد، بفتح الهمزة، ابن رفاعة بن ثعلبة بن هوازن بن أسلم بن أفصى بن حارثة الأسلمى، شهد بيعة الرضوان وخيبر وما بعدهما من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يزل بالمدينة حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تحول إلى الكوفة، وهو آخر مَن بقى من الصحابة بالكوفة.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وتسعون حديثًا، اتفقا على عشرة، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بحديث. روى عنه طلحة بن مصرف، وإسماعيل بن أبى خالد، وآخرون. نزل الكوفى، وتوفى بها سنة ست وثمانين، وقيل: سنة سبع وثمانين، وهو آخر من توفى من الصحابة بالكوفة.

روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن عبد الله بن أبى أوفى، قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات تأكل الجراد. وفى رواية: نأكل معه الجراد. وفى صحيحيهما عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقة قال: “اللهم صل عليهم”، فأتاه أبى بصدقته، فقال: “اللهم صل على آل أبى أوفى”.

288 -

عبد الله بن بحينة:

تكرر فى المختصر، والمهذب فى صفة الصلاة، وسجود السهو، وغيرهما. وبحينة بضم الموحدة، وهى أمه، وهو أبو محمد عبد الله بن مالك بن القشب، بكسر القاف وإسكان المعجمة، واسم القشب خندب بن نضلة بن عبد الله الأزدى، أسلم عبد الله ابن مالك هذا هو وأبوه، وصحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله ممن أسلم وصحبه قديمًا، وكان ناسكًا فاضلاً، يصوم الدهر، وكان ينزل موضعًا

(1) انظر: الإصابة (2/279، 280) ، وسير أعلام النبلاء (3/428 - 430) برقم (76) ، والاستيعاب (2/264، 265) ، وطبقات ابن سعد (4/301، 302) ، والجرح والتعديل (5/120) ، والثقات لابن حبان (3/222) ، وأسد الغابة (3/121) ، والتاريخ الكبير (5/24) ، وتهذيب الكمال (14/317 - 319) ، وتهذيب التهذيب (5/151، 152) ، وتقريب التهذيب (1/402) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/2159) ، ووفيات الأعيان (2/400) ، والوافى بالوفيات (17/78، 79) ، والبداية والنهاية (9/75) ، ومرآة الجنان (1/177) ..

ص: 261

بقرب المدينة. توفى فى آخر خلافة معاوية. قال ابن عبد البر: وقيل: إن بحينة أم أبيه، والصحيح أنها أمه. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه ابنه على، وعطاء بن يسار، والأعرج، وغيرهم.

289 -

عبد الله بن أبى بكر الصديق عبد الله بن عثمان القريشى التيمى الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما (1) :

هو أخو أسماء بنت أبى بكر لأبويها، أمهما قتيلة، وهو الذى كان يأتى النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر بالطعام وبأخبار قريش إذ هما فى الغار، وكان يبيت عندهما، وأسلم قديمًا، وشهد الفتح، وحنينًا، والطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرح يوم الطائف وبرأ، ثم نقض جرحه، فتوفى فى شوال سنة إحدى عشرة فى أوائل خلافة أبيه، وصلى عليه أبوه، ونزل فى قبره عمر بن الخطاب، وطلحة، وأخوه عبد الرحمن، ودفن بعد الظهر، رضى الله عنه.

290 -

عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن زيد بن لوذان (2) :

بفتح اللام، وإسكان الواو، وبالذال المعجمة. هو أبو محمد، وقيل: أبو بكر الأنصارى المدنى. مذكور فى المهذب فى صلاة العيد وغيره، وهو تابعى، سمع أنسًا، وعبد الله بن عامر، وعروة، وعمر. روى عنه الزهرى، ومالك، والسفيانان، وحماد بن سلمة. قال أحمد بن حنبل: حديثه شفاء. وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث عالمًا. توفى سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاثين، وهو ابن سبعين سنة.

291 -

عبد الله بن جحش الصحابى، رضى الله عنه:

مذكور فى المختصر فى أول جامع السير. هو أبو محمد عبد الله بن جحش بن رئاب، بكسر الراء، ابن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى، أمه آمنة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسلم قديمًا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر الهجرتين إلى أرض الحبشة هو وأخواه أبو أحمد، وعبيد الله، وأختهم زينب بنت جحش أم المؤمنين، وأم حبيبة، وحمنة بنات جحش، فأما عبيد الله فتنصَّر ومات بالحبشة نصرانيًا.

وهاجر عبد الله وأخوه أبو أحمد وأهله إلى المدينة،

(1) انظر: الاستيعاب (1484) ، وأسد الغابة (3/199) ، والإصابة (4528) ، والبداية والنهاية (6/338) ، والطبرى (3/241) ، والوافى بالوفيات (17/85) ..

(2)

التاريخ الكبير للبخارى (5/199) والجرح والتعديل (5/77) وتاريخ الإسلام (5/264) وشذرات الذهب (1/192) . تقريب التهذيب (3239)، وقال: “ثقة من الخامسة مات سنة خمس وثلاثين وهو ابن سبعين سنة ع”..

ص: 262

وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية، وهو أول أمير أمره، وغنيمته أول غنيمة فى الإسلام، ثم شهد بدرًا، واستشهد يوم أُحُد، وكان من دعائه يوم أُحُد أن يقاتل ويستشهد، ويقطع أنفه وأذنه ويمثل به فى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فاستجاب الله دعاءه، واستشهد وعمل الكفار به ذلك، وكان يقال له: المجدع فى الله تعالى، وكان عمره حين استشهد نيفًا وأربعين سنة، ودفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب فى قبر واحد، رضى الله عنهما.

292 -

عبد الله بن جعفر بن أبى طالب (1) :

تكرر فى المختصر، والمهذب. هو أبو جعفر القريشى الهاشمى، الصحابى ابن الصحابى وابن الصحابية، والجواد ابن الجواد، أمه أسماء بنت عميس الخثعمية، وسيأتى بيان أحوالها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى، وسبقت مناقب أبيه فى ترجمته، وكان أبوه جعفر هاجر بأمه إلى أرض الحبشة، فولدت عبد الله هناك، وهو أول مولود ولد فى الإسلام بأرض الحبشة باتفاق العلماء، وقدم مع أبيه من الحبشة مهاجرين إلى المدينة، وهو أخو محمد بن أبى بكر الصديق، ويحيى بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم. أمهما أسماء تزوجها جعفر، ثم أبو بكر، ثم على.

رُوى لعبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على حديثين. روى عنه بنوه الثلاثة: إسماعيل، وإسحاق، ومعاوية، ومحمد بن على بن الحسين، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وابن أبى مليكة، والحسن بن سعد، ومورق، والشعبى، وعبد الله بن شداد، وعباس بن سهل، وغيرهم.

وتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعبد الله بن جعفر عشر سنين، وكان كريمًا، جوادًا، حليمًا، وكان يسمى بحر الجود. قال الحافظ عبد الغنى: يقال: لم يكن فى الإسلام أسخى منه. وقال ابن قتيبة فى المعارف: كان عبد الله بن جعفر أجود العرب، وأخبار أحواله فى السخاء والجود والحلم مشهورة لا تُحصى.

ومما روينا عنه أنه أقرض الزبير بن العوام ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر: وجدت

(1) التاريخ الكبير للبخارى (5/11) والجرح والتعديل (5/96) والكنى للدولابى (1/66) والاستيعاب (3/880) وأسد الغابة (3/139) وسير أعلام النبلاء (3/456) وتاريخ الإسلام (3/163) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/170) والإصابة (2/4591) وشذرات الذهب (1/87) . تقريب التهذيب (3251)، وقال: “له صحبة مات سنة ثمانين وهو ابن ثمانين ع”..

ص: 263

فى كتب أبى أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق، فاقضبها إذا شئت، ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر، إنى وهمت، المال لك على أبى، قال: فهو لك، قال: لا أريد ذلك، قال: فإن شئت فهو لك، وإن كرهت ذلك فلك فيه نظرة ما شئت.

قال ابن قتيبة: ولد عبد الله بن جعفر سبعة عشر ابنًا وبنتين، وهم: جعفر الأكبر، وعلى، وعون الأكبر، وعباس، وأم كلثوم، أمهم زينب بنت على بن أبى طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومحمد، وعبيد الله، وأبو بكر، أمهم الخوصاء بنت حفصة أحد بنى تيم الله بن ثعلبة. وصالح، وموسى، وهارون، ويحيى، وأم أبيها، أمهم ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلى، تزوجها بعد على بن أبى طالب. ومعاوية، وإسماعيل، وإسحاق، والقاسم لأمهات أولاد، والحسن، وعون الأصغر، وأمهما جمانة بنت المسيب الفزارية. قال: والعقب من ولد عبد الله بن جعفر لإسماعيل، وإسحاق، وعلى، ومعاوية.

وفى صحيح البخارى، عن الشعبى، أن ابن عمر كان إذا سلم على ابن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذى الجناحين. توفى عبد الله بن جعفر بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة، وهو ابن ثمانين سنة، هذا هو الصحيح وقول الجمهور. وقال جماعة: توفى سنة تسعين، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والى المدينة، وحضر غسله وكفنه، وازدحم الناس على حمل سريره، وحمل أبان معهم بين العمودين، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع ودموعه تسيل على خديه، ويقول: كنت والله خيرًا لا شر فيك، وكنت والله شريفًا، واصلاً، برًا، رضى الله عنه.

293 -

عبد الله بن الحارث:

مذكور فى المختصر فى كتاب الأقضية. هو أبو محمد عبد الله بن الحارث بن عبد الملك القريشى المخزومى المكى. روى عن الضحاك بن عثمان، وسيف بن سليمان، وعبيد الله بن عمر، وجماعات غيرهم. روى عنه الشافعى، وأحمد، والحميدى، وإسحاق ابن راهوية، وآخرون. روى له مسلم.

294 -

عبد الله بن دينار (1) :

تكرر فى المختصر. هو أبو عبد الرحمن عبد الله

(1) التاريخ الكبير للبخارى (5/221) والجرح والتعديل (5/217) وسير أعلام النبلاء (5/253) وتاريخ الإسلام (5/93) وميزان الاعتدال (2/4297) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/303) وشذرات الذهب (1/173) . تقريب التهذيب (3300)، وقال: “ثقة من الرابعة مات سنة سبع وعشرين ع”.

ص: 264

بن دينار القريشى العدوى المدنى، مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. سمع ابن عمر، وأنسًا، وجماعات من التابعين. روى عنه ابنه عبد الرحمن، ويحيى الأنصارى، وسهيل، وربيعة الرأى، وموسى بن عقبة، وهؤلاء تابعيون، وخلائق غيرهم، واتفقوا على توثيقه. توفى سنة سبع وعشرين ومائة.

295 -

عبد الله بن رواحة الصحابى، رضى الله عنه (1) :

مذكور فى شهادات المختصر وغيره، وفى الوسيط فى الجمعة. هو أبو محمد، وقيل: أبو رواحة، وقيل: أبو عمرو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو بن امرىء القيس الأكبر بن مالك الأعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الحارثى المدنى.

شهد العقبة، وكان ليلتئذ نقيب بنى الحارث بن الخزرج، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الفتح وما بعدها، فإنه كان توفى قبلها يوم مؤتة، وهو أحد الأمراء فى غزوة مؤتة، وهو خال النعمان بن بشير، وكان أول خارج إلى الغزوات وآخر قادم. وكان أحد الشعراء المحسنين الذين يردون الأذى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإسلام والمسلمين.

وعن الزبير بن العوام، رضى الله عنه، قال: ما رأيت أحدًا أجرأ ولا أشرع شعرًا من ابن رواحة. وعن أبى الدرداء قال: أعوذ بالله أن يأتى يوم لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة، كان إذا لقينى يقول: يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس فنذكر الله ما شاء الله، ثم يقول: يا عويمر، هذا الإيمان، وهو الذى سجع المسلمين فى غزوة مؤتة على لقاء الكفار، وكان المسلمون ثلاثة آلاف والكفار مائتى ألف، وقيل غير ذلك. ومناقبه كثيرة مشهورة.

وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى الدرداء، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان فى حر شديد، حتى أن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. استشهد عبد الله بن رواحة فى غزوة مؤتة فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة ولم يعقب، رضى الله عنه.

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/525 - 612) والجرح والتعديل (5/230) والاستيعاب (3/898) وأسد الغابة (3/156) وسير أعلام النبلاء (1/230) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/212) والإصابة (2/4676) . تقريب التهذيب (3318)، وقال: “أحد السابقين شهد بدر واستشهد بمؤتة”.

ص: 265

296 -

عبد الله بن الزبعرى:

بكسر الزاى، الشاعر المشهور الصحابى. هو عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدى ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى السهمى الساعدى الشاعر. كان من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بلسانه ونفسه قبل إسلامه، ثم أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه، واعتذر عن زلاته حين أتى النبى صلى الله عليه وسلم.

297 -

عبد الله بن الزبير بن العوام، رضى الله عنهما (1) :

هو أبو بكر، ويقال: أبو خبيب، بضم الخاء المعجمة، ويقال: أبو بكير القريشى الأسدى المكى المدنى الصحابى ابن الصحابى، وأمه أسماء بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما، وأبوه الزبير أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وحوارى النبى صلى الله عليه وسلم، وأمه بنت أبى بكر، وجدته لأبيه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها، أسلمت وهاجرت كما ذكرناه فى ترجمة ابنها الزبير، وعمة أبيه خديجة بنت خويلد أم المؤمنين، وخالته عائشة أم المؤمنين.

وهو أول مولود ولد للمهاجرين إلى المدينة بعد الهجرة، وفرح المسلمون بولادته فرحًا شديدًا؛ لأن اليهود كانوا يقولون: قد سحرناهم فلا يولد لهم، فأكذبهم الله تعالى فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها، فكان ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شىء نزل فى جوفه، وسماه عبد الله، وكناه أبا بكر بكنية جده أبى بكر الصديق، رضى الله عنه، وسماه باسمه، قاله ابن عبد البر. وولد بعد عشرين شهرًا من الهجرة، وقيل: فى السنة الأولى، وكان صوامًا، قوامًا، طويل الصلاة، وصولاً للرحم، عظيم الشجاعة.

ومن مجاهدته فى العبادة المنقولة عنه أنه قسم الدهر ثلاث ليال، ليلة يصلى قائمًا حتى الصباح، وليلة راكعًا حتى الصباح، وليلة ساجدًا حتى الصباح. وغزا عبد الله بن الزبير إفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح، فأتاهم ملك إفريقية فى مائة ألف وعشرين ألفًا، وكان المسلمون عشرين ألفًا، فسقط فى أيديهم، فنظر ابن الزبير ملكهم قد خرج من عسكره، فأخذ ابن الزبير جماعة فقصده فقتله، ثم كان الفتح على يديه.

ولما مات يزيد بن معاوية منتصف شهر ربيع الأول

(1) والتاريخ الكبير للبخارى (5/9) والجرح والتعديل (5/261) والاستيعاب (3/305) وأسد الغابة (3/161) وسير أعلام النبلاء (3/363) وتاريخ الإسلام (3/167) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/263) والإصابة (2/4682) . وتقريب التهذيب (3319)، وقال: “كان أول مولود في الإسلام بالمدينة من المهاجرين وولي الخلافة تسع سنين إلى أن قتل في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ع”.

ص: 266

سنة أربع وستين بويع لعبد الله ابن الزبير بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز، واليمن، والعراق، وخراسان، وجدد عمارة الكعبة، وبقى فى الخلافة إلى أن حصره الحجاج بن يوسف بمكة أول ليلة من ذى الحجة سنة ثنتين وسبعين، وحج الحجاج بالناس ولم يزل يحاصره إلى أن قتله يوم الثلاثاء سابع عشر فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، هكذا نقله ابن سعد عن أهل العلم، ونقله غيره، وقيل: بل قتل فى نصف جمادى الآخرة. وحكى البخارى عن حمزة أنه قُتل سنة ثنتين وسبعين، والمشهور الأول.

وكان أطلس لا لحية له، رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون حديثًا، اتفقا على ستة، وانفرد مسلم بحديثين، روى عنه أخوه عروة، وابن أبى مليكة، وعباس بن سهل، وثابت البنانى، وعطاء، وعبيدة السلمانى، وخلائق آخرون.

قال ابن قتيبة: ولد عبد الله بن الزبير حمزة، وخبيبًا، وثابتًا، وعبادًا، وقيسًا، وعامرًا، وموسى، وعبد الله، وبنات.

واعلم أن عبد الله بن الزبير هو أحد العبادلة الأربعة، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هكذا سَّماهم أحمد ابن حنبل وسائر المحدثين وغيرهم، قيل لأحمد: فابن مسعود؟ قال: ليس هو منهم. قال البيهقى: لأنه تقدمت وفاته، وهؤلاء عاشوا طويلاً حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اتفقوا على شىء قيل: هذا قول العبادلة أو فعلهم، ويلتحق بابن مسعود فى هذا سائر المسمين عبد الله من الصحابى، وهم نحو مائتين وعشرين. وأما قول الجوهرى فى صحاحه أن ابن مسعود أحد العبادلة الأربعة، وأخرج ابن عمرو بن العاص، فغلط ظاهر نبهت عليه لئلا يغتر به.

298 -

عبد الله بن زيد بن عاصم الصحابى (1) :

تكرر فى المهذب. هو راوى صفة الوضوء، وحديث الرجل يشك فى الحدث فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا، وحديث صلاة الاستسقاء، ذكره فى المهذب فى صفة الوضوء، والاستسقاء، وأول الشك فى الطلاق، وهو غير عبد الله بن زيد صاحب الأذان، فإن ذلك ليس له إلا حديث الأذان، وسنذكر ترجمته عقيب هذا إن شاء الله تعالى، وأما هذا فهو

(1) التاريخ الكبير للبخارى (5/20) والجرح والتعديل (5/266) والاستيعاب (3/913) وأسد الغابة (3/167) وسير أعلام النبلاء (2/377) وتاريخ الإسلام (3/29) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/223) والإصابة (5/385) وشذرات الذهب (1/71) . تقريب التهذيب (3331)، وقال: “صحابي شهير روى صفة الوضوء وغير ذلك ويقال إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب واستشهد بالحرة سنة ثلاث وستين ع”..

ص: 267

أبو محمد عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف ابن مبذول بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارى المازنى، يُعرف بابن أم عمارة، واسمها نسيبة، بفتح النون وضمها، شهد عبد الله بن زيد أُحُدًا وما بعدها من المشاهد، واختلفوا فى شهوده بدرًا، فقال ابن منده، وأبو نعيم الأصبهانى: شهدها. وقال ابن عبد البر: لم يشهدها.

قال خليفة بن خياط، والواقدى، وغيرهما: وهو قاتل مسيلمة الكذَّاب، شارك وحشيًا فى قتله، رماه وحشى بالحربة، وقتله عبد الله بن زيد بسيفه. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. روى عنه ابن أخته عباد بن تميم، ويحيى بن عمارة، وواسع بن حبان، وغيرهم. قُتل يوم الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين، وهو ابن سبعين سنة، وكان أبوه زيد صحابيًا، رضى الله عنهما.

299 -

عبد الله بن زيد (1) :

رائى الأذان. تكرر فى باب الأذان من هذه الكتب. هو أبو محمد عبد ربه بن ثعلبة ابن زيد بن الحارث بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الحارثى. وقال عبد الله بن محمد الأنصارى: ليس فى نسبه ثعلبة، وإنما ثعلبة بن عبد ربه أخو زيد، وعم عبد الله، فأدخلوه فى نسبه، وهو خطأ. شهد عبد الله العقبة مع السبعين، وبدرًا، وأُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذى أرى الأذان، وكانت رؤياه فى السنة الأولى من الهجرة بعد أن بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده، وكان أبوه وأمه صحابيين، وكانت معه راية بنى الحارث بن الخزرج يوم فتح مكة. توفى بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين، وهو ابن أربع وستين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان.

قال الترمذى: سمعت البخارى يقول: لا يُعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إلا حديث الأذان. قلت: قد روينا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن الموصلى، عن محمد ابن المثنى، عن عبد الوهاب، عن عبيد الله بن بشير بن محمد، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، أنه تصدق على أبويه، ثم توفيا، فرده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثًا.

وروينا فى تاريخ دمشق، عن ابنه محمد، عن أبيه عبد الله بن زيد حديثًا فى حلق النبى صلى الله عليه وسلم رأسه بمنى، وقسمة شعره، وهو

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (3/536) والتاريخ الكبير للبخارى (5/19) والجرح والتعديل (5/265) وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/223) . تقريب التهذيب (3332)، وقال: “صحابي مشهور مات سنة اثنتين وثلاثين وقيل استشهد بأحد عخ 4”.

ص: 268

فى طبقات ابن سعد، وإسناده جيد، وكان عبد الله بين الطويل والقصير، وله من الولد محمد، وأم حميد.

300 -

عبد الله بن سرجس الصحابى، رضى الله عنه (1) :

مذكور فى المهذب فى الاستطابة، وسرجس، بفتح السين وكسر الجيم. هو أبو عبد الله سرجس المزنى البصرى حليف بنى مخزوم. وفى صحيح مسلم، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزًا، أو قال: ثريدًا، فقلت: يا رسول الله، غفر الله لك، قال: “ولك”، قال عاصم، فقلت: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولك، ثم تلا:{وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] . روى عن النبى صلى الله عليه وسلم سبعة عشر حديثًا. روى مسلم منها ثلاثة.

301 -

عبد الله بن سعد بن خيثمة بن مالك بن الحارث بن النحاط بن كعب بن عمرو (2) :

من بنى عمرو بن عوف، كذا قاله ابن مندة. وقال الكلبى، وابن حبيب: عبد الله بن سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن أسلم ابن امرىء القيس بن مالك بن الأوس، له ولأبيه ولجده صحبة. استشهد جده يوم أُحُد، وأبوه يوم بدر، وشهد هو العقبة رديفًا لأبيه، وشهد بدرًا وأُحُدًا، وقيل: لم يشهد بدرًا.

302 -

عبد الله بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حبيب (3) :

بضم الحاء المهملة، وإسكان المثناة تحت، قاله الكلبى، وابن ماكولا، وقال ابن حبيب: هو بتشديد الياء. قال الكلبى: إنما شدده حسان للحاجة، وهو حبيب بن جذيمة، بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة، ابن حسل، بكسر الحاء المهملة، ابن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى، كنيته أبو يحيى.

وهو أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان، أسلم قبل الفتح، وهاجر، وكان يكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد وسار إلى مكة. وقال لقريش: كان يملى علىَّ: {عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ، فأقول: أو عليم حكيم فيقول كل صواب، فلما كان يوم الفتح أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتله، وقتل عبد الله

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 7/58، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 27، 282، الجرح والتعديل 5/ 289، الاستيعاب 3/916، أسد الغابة 3/171، سير أعلام النبلاء 3/426، تاريخ الإسلام 3/265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/232، الإصابة 2/ 4705.تقريب التهذيب (3345) ، وقال: “سرجس بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة المزني حليف بني مخزوم صحابي سكن البصرة م 4”.

(2)

انظر: الإصابة (2/316) ، وتجريد أسماء الصحابة (1/314) ، وطبقات ابن سعد (7/501) ، والتاريخ الكبير (5/13) ، وأسد الغابة (3/172) ، والوافى بالوفيات (17/194) ..

(3)

انظر: الإصابة (2/316) ، والوافى بالوفيات (17/191) ، والعقد الثمين (5/166) ، وسير أعلام النبلاء (3/33)(8) ، وأسد الغابة (3/173) ، والاستيعاب (2/375) ، وطبقات ابن سعد (7/496) .

ص: 269

بن خطبل، ومقيس بن ضبابة، ولو وُجِدُوا تحت أستار الكعبة، ففر ابن أبى سرح إلى عثمان فغيبه، ثم أتى به النبى صلى الله عليه وسلم بعدما اطمئن أهل مكة فاستأمنه له، فصمت طويلاً، ثم قال: نعم، فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: “ما صمت إلا لتقتلوه”، فقال رجل: هلا أومأت إلينا يا رسول الله؟ فقال: “إنه لا ينبغى لنبى أن يكون له خائنة الأعين” (1) .

ثم أسلم ذلك اليوم عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وحَسن إسلامه، ولم يظهر منه بعده ما يُنكر، وهو أحد العقلاء والكرماء من قريش، ثم ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين، ففتح الله على يديه إفريقية، وكان فتحًا عظيمًا بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال ذهبًا، وشهد معه هذا الفتح عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وكان عبد الله بن سعد هذا فارس بنى عامر بن لؤى، وغزا بعد إفريقية الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين، وغزا غزوة الصوارى فى البحر إلى الروم.

وحين قُتل عثمان بن عفان اعتزل عبد الله بن سعد بن أبى سرح الفتنة، فأقام بعسقلان، وقيل: بالرملة، وكان دعا بأن يختم عمره بالصلاة، فسلَّم من صلاة الصبح التسليمة الأولى، ثم هم بالتسليمة الثانية عن يساره، فتوفى سنة ست وثلاثين، وقيل: سبع وثلاثين، وقيل: سنة تسع وخمسين، والصحيح عندهم الأول.

303 -

عبد الله بن السعدى الصحابى، رضى الله عنه (2) :

قيل: اسم السعدى: قدامة، وقيل: وقدان، قالوا: وهو الصحيح، وهو أبو محمد عبد الله بن السعدى بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القريشى العامرى، وإنما قيل لأبيه: السعدى؛ لأنه استرضع فى بنى سعد بن بكر، كان عبد الله بن السعدى يسكن الشام بالأردن. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث. توفى سنة سبع وخمسين.

304 -

عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلى ثم الأنصارى الخزرجى الصحابى، رضى الله عنه (3) :

كان حليفًا لبنى الخزرج، كنيته أبو يوسف، كنى بابنه

(1) أخرجه أبو داود (3/59، رقم 2683) ، والنسائى (7/105، رقم 4067) ، والحاكم (3/47، رقم 4360) وقال: صحيح على شرط مسلم. والبيهقى (8/205، رقم 16656) .

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد 5/454، 7/407، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 47، الاستيعاب 3/920، أسد الغابة 3/175، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/235، الإصابة 2/ 4718..

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد 2/352، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 29، الجرح والتعديل 5/ 288، الاستيعاب 3/921، أسد الغابة 3/176، سير أعلام النبلاء 2/413، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/249، الإصابة 2/ 3557.تقريب التهذيب (3379) ..

ص: 270

يوسف، وهو من بنى قينقاع، بضم النون وفتحها وكسرها، وهو من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، عليه السلام، وكان اسمه فى الجاهلية حصينًا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، أسلم أول قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل فى فضله قوله تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف: 10]، وقول الله تعالى:{قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: 43] .

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا، اتفقا على حديث، وانفرد البخارى بآخر. روى عنه ابناه محمد، ويوسف، وأبو هريرة، وأنس، وعبد الله بن مغفل المزنى، وجماعات من التابعين. وشهد مع عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فتح بيت المقدس والجابية. توفى سنة ثلاث وأربعين بالمدينة.

روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن سعد بن أبى وقاص، رضى الله عنه، قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحى يمشى على الأرض أنه من أهل الجنة إلا لعبد الله ابن سلام، قال: وفيه نزلت: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [الأحقاف: 10] ، ومناقبه كثيرة مشهورة.

305 -

عبد الله بن أبى سلمة (1) :

مذكور فى المختصر. هو عبد الله بن ميمون أبى سلمة الماجشون، بكسر الجيم وضم الشين المعجمة، ومعناه بالفارسية أبيض الخد، مورد التيمى، مولى آل المنكدر التيمى المدنى التابعى. روى عن ابن عمر، وعبد الله بن عامر. وروى عن جماعات من التابعين. روى عنه يحيى الأنصارى، ويحيى القطان، وآخرون، وهو ثقة. روى له مسلم.

306 -

عبد الله بن سهل:

الصحابى الذى قتلته اليهود بخيبر. مذكور فى المختصر، والمهذب فى باب القسامة. هو عبد الله بن سهل بن زيد بن كعب بن عامر بن عدى بن مخدعة بن حارثة الأنصارى الحارثى المدنى، وكان خرج إلى خيبر بعد فتحها مع أصحاب له يمتارون ثمرًا، فوجد قتيلاً فيها، رضى الله عنه.

307 -

عبد الله بن شبرمة التابعى (2) :

مذكور فى المهذب فى أول نكاح المشرك. هو أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو

(1) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 287، الجرح والتعديل 5/ 331، تاريخ الإسلام 4/137، 265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/243.تقريب التهذيب (3366) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة ست ومائة م د س”..

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد 6/350، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 349الجرح والتعديل 5/ 381، سير أعلام النبلاء 6/347، ميزان الإعتدال 2/ 4375، تاريخ الإسلام 6/88، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/250، 251.تقريب التهذيب (3380) ، وقال: “شبرمة بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء ثقة فقيه من الخامسة مات سنة أربع وأربعين خت م د س ق”..

ص: 271

بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة الضبى الكوفى التابعى. فقيه أهل الكوفة.

روى عن الشعبى، وابن سيرين، وآخرين. روى عنه السفيانان، وشعبة، ووهيب، وغيرهم، واتفقوا على توثيقه والثناء عليه بالجلالة، وكان قاضيًا لأبى جعفر المنصور على سواد الكوفة. وقال الثورى: مفتينا ابن أبى ليلى، وابن شبرمة. قال: وكان ابن شبرمة عفيفًا، عاقلاً، فقيهًا، يشبه النساك، ثقة فى الحديث، شاعرًا، حسن الخلق، جوادًا. توفى سنة أربع وأربعين ومائة.

308 -

عبد الله بن الشخير (1) :

بشين وخاء معجمتين مكسورتين والخاء مشددة، الصحابى. هو عبد الله بن الشخير ابن عوف بن كعب بن وقدان بن الجريش، وهو معاوية بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامرى الكعبى الجرشى البصرى، وهو والد مطرف، ويزيد. روى له مسلم فى صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين. روى عنه ابناه.

309 -

عبد الله بن شداد (2) :

مذكور فى المهذب فى أول قتال أهل البغى. هو أبو عبد الله بن شداد بن أسامة بن عمرو بن عبد الله بن جابر، ويقال له: عبد الله بن شداد بن الهاد، والهاد لقب لأسامة، وقيل: لعمرو، لقب به لأنه كان يوقد نارًا ليهتدى إليه الأضياف وغيرهم. وعبد الله هذا كنيته أبو الوليد، كنانى ليثى تابعى مدنى، وقيل: كوفى.

ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدركه، وأمه سلمى بنت عميس الخثعمية، أخت أسماء بنت عميس، كانت تحت حمزة بن عبد المطلب، فاستشهد عنها يوم أُحُد، وولدت منه بنته عمارة، وقيل: فاطمة، ثم تزوجها شداد، فولد له عبد الله، وهى أخت أم الفضل زوجة العباس لأمها، وكن عشر أخوات سأوضحن إن شاء الله فى ترجمة أسماء بنت عميس.

سمع عبد الله بن شداد: عمر بن الخطاب، وعليًا، وابن عمر، وابن عباس، ومعاذًا، وآخرين من الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وروى عنه جماعات من كبار التابعين، منهم طاووس، والشعبى، وغيرهما، واتفقوا على توثيقه، وكثرة حديثه، وأنه فقيه، قتل ليلة دجيل سنة ثنتين وثمانين.

310 -

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 7/34، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 53، الجرح والتعديل 5/370، الاستيعاب 3/926، أسد الغابة 3/183، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/251، الإصابة 2/ 4743.تقريب التهذيب (3381) ، وقال: “الشخير بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين ابن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح م 4”..

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد 5/61، 6/126، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 342، الجرح والتعديل 5/ 373، تاريخ بغداد 9/473، الاستيعاب 3/926سير أعلام النبلاء 3/488، تاريخ الإسلام 3/265، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/251، 252، الإصابة 3/6176.تقريب التهذيب (3382) ، وقال: “وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات وكان معدودا في الفقهاء مات بالكوفة مقتولا سنة إحدى وثمانين وقيل بعدها ع”..

ص: 272

عبد الله بن أبى طلحة (1) :

مذكور فى المهذب فى باب العقيقة، وأبوه أبو طلحة الأنصارى الصحابى المشهور زيد بن سهل، سنذكره إن شاء الله تعالى فى ترجمته فى الكنى. هو أبو يحيى عبد الله بن أبى طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام، بالحاء المهملة، وتمام نسبه فى ترجمة أبيه الأنصارى النجارى المدنى التابعى الكبير، أخو أنس بن مالك لأمه، أمهما أم سليم بنت ملحان الصحابية الفاضلة، سنذكرها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى.

ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَنَّك عبد الله هذا حين ولد وسماه عبد الله. وثبت فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأبويه فى ليلة وقاع أبيه لأمه حين حملت به، فقال: “بارك الله لكما فى ليلتكما”، فجاءت بعبد الله. وفى صحيح البخارى، عن ابن عيينة، قال: قال رجل من الأنصار: رأيت تسعة أولاد كلهم قد قرأوا القرآن، يعنى من أولاد عبد الله.

وفى غير البخارى، عن على بن المدينى، قال: ولد لعبد الله بن أبى طلحة عشرة من الذكور كلهم قرأوا القرآن، وروى أكثرهم العلم. وروى عن عبد الله ابناه إسحاق، وعبد الله، وشهد مع على صفين، وقتل بفارس شهيدًا، وقيل: توفى بالمدينة فى خلافة الوليد بن عبد الملك. وقال محمد بن سعد: كانت أم عبد الله حاملاً به يوم حنين سنة ثمان من الهجرة، ولم يزل ساكنًا بالمدينة. قال: وكان ثقة، قليل الحديث.

311 -

عبد الله بن عامر بن ربيعة:

مذكور فى المهذب فى أول باب القذف. هو أبو محمد بن عبد الله بن عامر بن ربيعة ابن مالك بن عامر بن ربيعة بن حجر بن سلامان بن مالك بن ربيعة بن رفيدة بن عنز، بإسكان النون، ابن وائل بن قاسط بن هنب، بكسر الهاء وإسكان النون وبعدها باء موحدة، ابن أفصى، بالفاء والصاد المهملة، العنزى، بإسكان النون، حليف الخطاب والد عمر. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: أنه من عنزة، بفتح النون وزيادة هاء، وهم حى من اليمن، وغلطهما العلماء فى ذلك، والصواب ما سبق.

ولد عبد الله هذا فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفى النبى صلى الله عليه وسلم وله أربع سنين، وقيل: خمس، وكان أبوه عامر من كبار الصحابة، وقد روى البخارى ومسلم لعبد الله بن عامر

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/74، التاريخ الكبير للبخارى 5/262، الجرح والتعديل 5/ 267، الاستيعاب 3/929، أسد الغابة 3/188، تاريخ الإسلام 3/266، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/269، الإصابة 2/ 6178.تقريب التهذيب (3399) ، وقال: “وثقه ابن سعد مات سنة أربع وثمانين بالمدينة وقيل استشهد بفارس وهو أخو أنس لأمه م س”..

ص: 273

هذا عن أبيه، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وعائشة، رضى الله عنهم. توفى سنة خمس وثمانين.

312 -

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم (1) :

أبو العباس الهاشمى، الصحابى ابن الصحابى المكى، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنى بابنه العباس، وهو أكبر أولاده، وأمه لبابة بنت الحارث الهلالية، سأذكرها فى ترجمتها إن شاء الله تعالى، وكان يقال لابن عباس: حبر الأمة، والبحر؛ لكثرة علمه، دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة، وحنكه بريقه حين ولد وهم فى الشعب. وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس.

وعاش ابن عباس بعد ابن مسعود نحو خمس وثلاثين سنة، تُشد إليه الرحال، ويُقصد من جميع الأقطار، ومشهور فى الصحيحين تعظيم عمر بن الخطاب لابن عباس، واعتداده به، وتقديمه مع حداثة سنه، وعاش بعده ابن عباس نحو سبع وأربعين سنة، يُقصد ويُستفتى ويُعتمد، وهو أحد العبادلة الأربعة: ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو ابن العاص، وابن الزبير، وقد سبق ذكرهم فى ترجمة عبد الله بن الزبير، وكان ابن عباس أحد الستة من الصحابة الذين هم أكثرهم رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم جابر، وابن عباس، وأنس، وعائشة، رضى الله عنهم.

روينا عن الإمام أحمد بن حنبل، قال: ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه وعمروا، فذكرهم. وابن عباس أكثر الصحابة فتوى يروى، كذا قاله أحمد بن حنبل وغيره. وقال على بن المدينى: لم يكن فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد له أصحاب يقومون بقوله فى الفقه إلا ثلاثة: ابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس. وقال سفيان بن عيينة: كان الناس ثلاثة: ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، وسفيان الثورى فى زمانه.

وقال عبد الله بن طاهر: كان الناس أربعة: ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، والقاسم بن معن فى زمانه، وأبو عبيد القاسم بن سلام فى زمانه. وذكر الأزرقى فى

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/365، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 5، الجرح والتعديل 5/ 527، تاريخ بغداد 1/173، الاستيعاب 3/933، أسد الغابة 3/192، سير أعلام النبلاء 3/331، تاريخ الإسلام 3/30، الإصابة 2/ 4781، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/276- 279.تقريب التهذيب (3409) ، وقال: “وهو أحد المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة من فقهاء الصحابة ع”. .

ص: 274

كتاب مكة بإسناده الصحيح عن ابن جريج، قال: كنا مع عطاء فى المسجد الحرام، فتذاكرنا ابن عباس وفضله، وكان ابن عبد الله بن عباس وابنه محمد فى الطواف، فعجبنا من تمام قامتهما، وحسن وجوههما، فقال عطاء: وأين حسنهما من حسن ابن عباس، ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه ابن عباس.

رُوى لابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم ألف حديث وستمائة حديث وستون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة وتسعين، وانفرد البخارى بمائة وعشرين، ومسلم بتسعة وأربعين. روى البيهقى بإسناده فى مناقب الشافعى فى باب ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث عن الشافعى، قال: لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث. روى عنه ابن عمر، وأنس، وأبو الطفيل، وأبو أمامة بن سهل، وروى عنه خلائق لا يحصون من التابعين.

ولد ابن عباس عام الشعب فى الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل: ابن عشر، وهو ضعيف، وقيل: ابن خمس عشرة، ورجحه أحمد بن حنبل وغيره. وثبت فى الصحيحين عن ابن عباس أنه قال: مررت فى حجة الوداع على أتان بين يدى الصف والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بمنى وأنا غلام قد ناهزت الاحتلام.

وتوفى بالطائف سنة ثمان وستين، قاله الواقدى، وابن أبى شيبة، وأحمد بن حنبل، وابن نمير، وقيل: سنة تسع، وقيل: سنة سبعين. وحكى ابن الأثير قولاً: أنه سنة ثلاث وسبعين، وضعفه وهو غريب ضعيف أو باطل. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وقال: اليوم مات ربانى هذه الأمة.

روينا عن ميمون بن مهران، قال: شهدت جنازة ابن عباس، فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه فدخل فيها، فالتمس فلم يوجد، فلما سوى عليه التراب سمعنا مَن يُسمع صوته ولا يُرى شخصه يقرأ:{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِى فِى عِبَادِى وَادْخُلِى جَنَّتِى} [الفجر: 27 - 30] .

وروينا نحوه عن سعيد بن جبير فى تاريخ دمشق: وكان قد كف بصره فى آخر عمره، وكذلك العباس وجده عبد المطلب، وكان يخضب لحيته بالصفرة، وقيل: بالحناء، وحج بالناس حين

ص: 275

حصر عثمان، وكان لموضع الدمع من خدى ابن عباس أثر لكثرة بكائه، واستعمله على، رضى الله عنه، على البصرة، ثم فارقها قبل قتل على، وعاد إلى الحجاز.

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: ما رأيت أحدًا أعلم من ابن عباس بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقضاء أبى بكر، وعمر، وعثمان، رضى الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن وبالعربية والشعر والحساب والفرائض، وكان يجلس يومًا للفقه، ويومًا للتأويل، ويومًا للمغازى، ويومًا للشعر، ويومًا لأيام العرب، وما رأيت عالمًا قط جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلاً سأله إلا وجد عنده علمًا.

وثبت فى صحيح البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم ضم ابن عباس إلى صدره، وقال: “اللهم علمه الكتاب”، وفى رواية للبخارى: “علمه الحكمة”، وفى رواية لمسلم: “اللهم فقهه”، ومناقبه كثيرة مشهورة، رضى الله عنه.

313 -

عبد الله بن عبد الله بن أبى بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم ابن غنم بن عوف بن الخزرج الأنصارى الخزرجى الصحابى:

وأبوه هو عبد الله بن أُبىّ بن سلول المنافق، تقدم ذكره فى ترجمته، وكان عبد الله بن عبد الله هذا من فضلاء الصحابة وساداتهم، وكان اسمه الحباب، وبه كان أبوه يكنى، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وشهد بدرًا، وأُحُدًا، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأذن النبى صلى الله عليه وسلم فى قتل أبيه على نفاقه فنهاه، واستشهد عبد الله بن عبد الله يوم اليمامة فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، سنة ثنتى عشرة.

314 -

عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (1) :

مذكور فى المختصر فى مسألة القلتين، هو أبو عبد الرحمن القريشى العدوى المدنى التابعى. سمع أباه، وأوصى إليه أبوه. روى عنه القاسم بن محمد، ونافع مولى ابن عمر، والزهرى، وعبد الرحمن بن القاسم، وعبد الله بن أبى سلمة الماجشون، ومحمد بن عبادة ابن جعفر، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وآخرون. قال وكيع وأبو زرعة: ثقة. روى له البخارى ومسلم. قال

(1) التاريخ الكبير للبخارى 5/ 375، الجرح والتعديل 5/ 421، تاريخ بغداد 10/4- 5، تاريخ الإسلام 4/268، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/286، 287.تقريب التهذيب (3417) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات سنة خمس ومائة خ م د ت س.

ص: 276

الهيثم: توفى فى أول خلافة هشام بن عبد الملك، واستخلف هشام فى شعبان سنة خمس ومائة، رحمه الله.

315 -

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق القريشى التيمى المدنى التابعى (1) :

مذكور فى المهذب فى غسل الميت، قال: غسله ابن عمر. روى عن أم سلمة. روى عنه زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم حديث: “الذى يشرب فى آنية الفضة إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم” (2)

) . قال البخارى فى تاريخه: ورث عبد الله عمته عائشة أم المؤمنين. وتوفى قبل قتل ابن الزبير.

316 -

عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد بن أبى ذباب الدوسى التابعى (3) :

مذكور فى المختصر فى أول باب القسامة. روى عن سهل بن سعد، وأبى هريرة، وغيرهما. روى عنه مجاهد، وعكرمة بن إبراهيم، وعبد الرحمن بن معاوية. قال يحيى بن معين: هو ثقة.

317 -

عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة (4) :

مذكور فى المختصر، هو أنصارى، مازنى، مدنى، تابعى، ثقة. سمع أبا سعيد الخدرى. روى عنه ابناه محمد، وعبد الرحمن. روى له البخارى.

318 -

عبد الله بن عبيدة بن نشيط (5) :

مذكور فى المختصر فى آخر باب الإحرام، هو زيدى عامرى، مولى بنى عامر بن لؤى، وهو أخو موسى بن عبيدة الزيدى المشهور. روى عن جابر بن عبد الله مرسلاً. وسمع عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعمر بن عبد العزيز، وأخاه موسى بن عبيدة. وروى عن عقبة بن عامر، وسهل بن سعد. قال عبد الرحمن: لا أدرى أسمعهما أم لا. روى عنه صالح بن كيسان وأخوه موسى وغيرهما.

قال أحمد بن حنبل: لا يشتغل بموسى بن عبيدة وأخيه. وقال يحيى بن معين: عبد الله ابن عبيدة ضعيف. وفى رواية: ليس هو بشىء. وقال يعقوب بن شيبة: هو ثقة أدرك جماعة من الصحابة. وقال ابن عدى:

(1) الجرح والتعديل 5/ 435، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/292.تقريب التهذيب (3425) ، وقال: “مقبول من الثالثة مات دون المائة بعد السبعين خ م خد س ق”.

(2)

حديث أم سلمة: أخرجه الشافعى فى الأم (1/10) ، والبخارى (5/2133، رقم 5311) ، ومسلم (3/1634، رقم 2065) وأخرجه أيضًا: أخرجه الدارمى (2/163، رقم 2129) وأبو يعلى (12/369، رقم 6939) وأبو عوانة (5/216، رقم 8455) ، وابن حبان (12/161، رقم 5342) ، والطبرانى فى الكبير (23/359، رقم 844) ، وفى الشاميين

(1/82، رقم 108) ، والبيهقى (1/27، رقم 98) .

حديث ابن عباس: أخرجه الطبرانى (11/373، رقم 12046) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (5/101، رقم 2711) ، والطبرانى فى الأوسط (3/338، رقم 3333) ، والطبرانى فى الصغير (1/200، رقم 319) . قال الهيثمى (5/77) : فيه محمد بن يحيى بن أبى سمينة، وقد وثقة أبو حاتم وابن حبان، وغيرهما، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله ثقات.

حديث أم سلمة وحفصة معًا: أخرجه الطبرانى (23/215، رقم 392) .

الذى يعتق عند الموت كمثل الذى يهدى إذا شبع (أبو داود عن أبى الدرداء)

أخرجه أبو داود (4/30، رقم 3968) .

(3)

التاريخ الكبير للبخارى 5/ 405، الجرح والتعديل 5/ 168، 452، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/292.تقريب التهذيب (3427) ، وقال: “ثقة من الثالثة د ت س”..

(4)

التاريخ الكبير للبخارى 5/ 386، الجرح والتعديل 5/ 430، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/294.تقريب التهذيب (3431) ، وقال: عبد الله ابن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة الأنصاري المدني ثقة من الثالثة خ د س ق..

(5)

التاريخ الكبير للبخارى 5/432، الجرح والتعديل 5/ 466، المجروحين لابن حبان 2/4، تاريخ الإسلام 5/95، ميزان الإعتدال 2/ 4440، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/309- 310، تهذيب التهذيب لابن حجر 5/310.تقريب التهذيب (3458) ، وقال: “نشيط بفتح النون وكسر المعجمة الربذي بفتح الراء والموحدة بعدها معجمة ثقة من الرابعة قتلته الخوارج بقديد سنة ثلاثين خ”..

ص: 277

تبين على حديثه الضعف. روى له البخارى متابعة. قال الواقدى: قتلته الحرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة.

319 -

عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلى الحجازى (1) :

ويأتى تمام نسبه فى ترجمة عمه عبد الله بن مسعود إن شاء الله تعالى، هو والد عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أحد الفقهاء السبعة، كنيته أبو عبد الله، ويقال: أبو عبيد الله، وأبو عبد الرحمن، مدنى، ويقال: كوفى، أدرك زمن النبى صلى الله عليه وسلم، وسمع عمر بن الخطاب، وعمه عبد الله بن مسعود، وسبيعة الأسلمية. روى عنه ابناه عبيد الله أحد الفقهاء السبعة، وعون أحد الزهاد المشهورين، وحميد بن عبد الرحمن، وابن سيرين، والسبيعى، وغيرهم.

قال ابن سعد: كان ثقة، رفيعًا، كثير الحديث والفتيا، فقيهًا. قال غيره: توفى سنة أربع وتسعين. روى له البخارى ومسلم. قال ابنه حمزة: سألت أبى عبد الله بن عتبة: أى شىء تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أذكر أنه أخذنى وأنا خماسى أو سداسى، فأجلسنى فى حجره، ومسح رأسى بيده، ودعا لى ولذريتى من بعدى بالبركة. قال ابن عبد البر: ذكره العقيلى فى الصحابة، وإنما هو تابعى من كبارهم، استعمله عمر بن الخطاب. وذكره البخارى فى التابعين، هذا كلام ابن عبد البر. واستعمال عمر له يدل على أنه أدرك من زمن النبى صلى الله عليه وسلم سنين، والله أعلم.

320 -

عبد الله بن عدى بن الحمراء القريشى الزهرى الصحابى (2) :

أبو عمر، وقيل: أبو عمرو، وقيل: إنه ثقفى حليف لبنى زهرة، معدود فى أهل الحجاز، كان ينزل بين قديد وعسفان. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن جبير. روى له الترمذى، والنسائى، وابن ماجه حديث مكة: “والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت”. قال الترمذى: حديث حسن صحيح.

321 -

عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، القريشى العدوى المدنى الصحابى الزاهد (3) :

أمه وأم أخته حفصة زينب بنت مظعون بن حبيب الجمحى، أسلم

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 6/120، التاريخ الكبير للبخارى 5/ 485، الجرح والتعديل 5/ 569، الإستيعاب 3/945، أسد الغابة 3/202، تهذيب التهذيب لابن حجر 311- 312، الإصابة 2/ 4813.تقريب التهذيب (3461) ، وقال: “وثقه العجلي وجماعة وهو من كبار الثانية مات بعد السبعين خ م د س ق”..

(2)

الجرح والتعديل 5/555، والاستيعاب 3/948، وأسد الغابة 3/225، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/318، 319، والإصابة 2/4822،. تقريب التهذيب (3472)، وقال: “صحابي له حديث في فضل مكة ت س ق”..

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد 2/373، 4/142، والتاريخ الكبير للبخارى 5/4، والجرح والتعديل 5/492، وتاريخ بغداد 1/171، والاستيعاب 3/950، وأسد الغابة 3/227، وتاريخ الإسلام 3/177، وسير أعلام النبلاء 3/203، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/328 - 330، والإصابة 2/3834. تقريب التهذيب (3490) ، وقال: “أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة وكان من أشد الناس اتباعا للأثر مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو أول التي تليها ع”. .

ص: 278

مع أبيه قبل بلوغه، وهاجر قبل أبيه، وأجمعوا أنه لم يشهد بدرًا لصغره، وقيل: شهد أُحُدًا، وقيل: لم يشهدها. وثبت فى الصحيحين عنه أنه قال: عُرضت على النبى صلى الله عليه وسلم عام أُحُد وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزنى، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازنى. وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد غزوة مؤتة، واليرموك، وفتح مصر، وفتح إفريقية.

وثبت فى صحيح البخارى، عن ابن عمر، قال: أول يوم شهدته يوم الخندق، وكان شديد الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه ينزل منازله، ويصلى فى كل مكان صلى فيه، ويبرك ناقته فى مبرك ناقته، ونقلوا أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهدها بالماء لئلا تيبس.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف حديث وستمائة حديث وثلاثون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على مائة وسبعين، وانفرد البخارى بأحد وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين. روى عنه أولاده الأربعة: سالم، وحمزة، وعبد الله، وبلال، وخلائق لا يحصون من كبار التابعين وغيرهم، ومناقبه كثيرة مشهورة، بل قل نظيره فى المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل شىء من الأقوال والأفعال وفى الزهادة فى الدنيا ومقاصدها والتطلع إلى الرياسة وغيرها.

روينا عن الزهرى، قال: لا يعدل برأى ابن عمر، فإنه أقام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين سنة، فلم يخف عليه شىء من أمره، ولا من أمر الصحابة. وعن مالك قال: أقام ابن عمر ستين سنة تقدم عليه وفود الناس. وروينا عن الإمام البخارى فى كتابه كتاب رفع اليدين فى الصلاة، قال: قال جابر بن عبد الله: لم يكن أحد منهم ألزم لطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أتبع من ابن عمر.

وفى صحيحى البخارى ومسلم، عن ابن عمر، قال: رأيت فى المنام كأن فى يدى قطعة استبرق، وليس مكان أريد من الجنة إلا طارت إليه، فقصصته على حفصة، فقصته على النبى صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: “رأى عبد الله رجلاً صالحًا”. وفى رواية فى الصحيحين: “أنا أخاك رجل صالح أو أن عبد الله رجل صالح” (1) .

وكان ابن عمر كثير الصدقة، فربما تصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألفًا. قال نافع: كان ابن عمر إذا اشتد عجبه بشىء من ماله

(1) أخرجه البخارى (6/2578، رقم 6625) ومسلم (4/1927، رقم 2479) وابن ماجه (2/1291، رقم 3919) .

ص: 279

تقرب به إلى الله تعالى، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما لزم أحدهم المسجد، فإذا رآه ابن عمر على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: إنهم يخدعونك، فيقول: من خدعنا بالله انخدعنا له. قال نافع: ولقد رأيتنا ذات عشية وراح ابن عمر على نجيب له قد أخذه بمال، فلما أعجبه سيره أناخه بمكان، ثم نزل عنه، فقال: انزعوا عنه زمامه ورحله وأشعروه وجللوه وأدخلوه فى البدن، وكان كثير الحج.

قال نافع: سمعت ابن عمر وهو ساجد فى الكعبة، يقول: قد تعلم يا رب ما يمنعنى من مزاحمة قريش إلا خوفك. قال: وكان إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16] بكى حتى يغلبه البكاء. وقال ابن عمر: البر شىء هين، وجه طلق، وكلام لين. ولم يقاتل فى الحروب التى جرت بين المسلمين.

وروينا أن ابن عمر كاتب عبدًا له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم حط عنه منها خمسة آلاف درهم. وكان ابن عمر يسرد الصوم، وهو أحد الصحابة الساردين للصوم منهم عمر، وابنه، وأبو طلحة، وحمزة بن عمرو، وعائشة.

روينا فى صحيح مسلم، عن عبد الله مولى أسماء، قال: أرسلتنى أسماء إلى ابن عمر، فقالت: بلغنى أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم فى الثوب، وميثرة الأرجوان، وصوم رجب كله، فقال ابن عمر: أما ما ذكرت من صوم رجب، فكيف بمن يصوم الأبد.

واعلم أن ابن عمر أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهم ستة: أبو هريرة، ثم ابن عمر، ثم أنس، وابن عباس، وجابر، وعائشة، وهو أحد العبادلة الأربعة، وقد سبق بيانهم فى ترجمة عبد الله بن الزبير. قال البخارى: أصح الأسانيد مطلقًا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ويسمى هذا الإسناد مسبك الذهب. قال أبو منصور التميمى: فعلى هذا أصحها الشافعى عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر لإجماع أهل الحديث وغيرهم على أن الشافعى أجلّ الرواة عن مالك، وفى أصل هذه المسألة خلاف ذكرته واضحًا فى أول علوم الحديث، والمختار أنه لا يجزم فى إسناد أنه أصحها.

وروينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فيه: “نعم

ص: 280

الرجل عبد الله لو كان يصلى من الليل” (1) . قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. ومناقب ابن عمر وأحواله كثيرة مشهورة. قال ابن قتيبة: كان لابن عمر من الأولاد: سالم، وعبد الله، وعاصم، وحمزة، وبلال، وواقد، وبنات كانت واحدة منهن عند عمرو بن عثمان، وأخرى عند عروة بن الزبير، وكان عبد الله بن عبد الله وصى أبيه، وله عقب بالمدينة، وأمه صفية بنت أبى عبيد أخت المختار.

توفى ابن عمر بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل: بستة أشهر. وقال يحيى بن بكير: توفى ابن عمر بمكة بعد الحج، ودفن بالمحصب. قال: وبعض الناس يقول: بفخ، وفخ بالخاء المعجمة، موضع بقرب مكة، وقد ذكر صاحب المهذب فى أول كتاب السير أن ابن عمر عرض على النبى صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو ابن أربع عشرة سنة، وهذا غلط صريح، وصوابه يوم أُحُد، هكذا ثبت فى الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث والمغازى والتواريخ والأسماء، وكانت بدر فى السنة الثانية من الهجرة، وأُحُد فى الثالثة.

322 -

عبد الله بن عمرو الحضرمى (2) :

مذكور فى المهذب فى آخر باب السرقة، هو حليف بنى أمية. قال الواقدى: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر بن الخطاب، مذكور فيمن نزل حمص. روى عنه من أهلها عمير بن الأسود، ومالك بن يخامر.

323 -

عبد الله بن عمرو بن العاص (3) :

تكرر. هو أبو محمد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو نصير، بضم النون، عبد الله ابن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد، بضم السين وفتح العين، ابن سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى السهمى الزاهد العابد، الصحابى ابن الصحابى، رضى الله عنهما، كان بينه وبين أبيه فى السن اثنتى عشرة سنة، وقيل: إحدى عشرة سنة، وأمه ريطة بنت منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعيد بن سهم أسلمت. قالوا: وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول: “نعم أهل البيت عبد الله، وأبو عبد الله، وأم عبد الله” (4) .

(1) أخرجه أحمد (2/146، رقم 6330) وفى الحديث أن ابن عمر قال: كان الرجل فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبى صلى الله عليه وسلم قال: فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على النبى صلى الله عليه وسلم قال: وكنت غلاما شابا عزبا فكنت أنام فى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فرأيت فى النوم كان ملكين أخذانى فذهبا بى إلى النار فإذا هى مطوية كطى البئر وإذ لها قرنان وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار فلقيهما ملك آخر فقال لى لن تراع فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره. والبخارى (1/388، رقم 1105) ، ومسلم (4/1927، رقم 2479) . وأخرجه أيضا: الدارمى (2/171، رقم 2152) .

(2)

الاستيعاب 3/956، وأسد الغابة 3/233، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/341. تقريب التهذيب (3508) ، وقال: “ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمر من الثانية كد”..

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد 2/373، 4/261، والكنى للدولابى 1/16، والتاريخ الكبير للبخارى 5/6، والجرح والتعديل 5/529، والاستيعاب 3/956، وأسد الغابة 3/233، وتاريخ الإسلام 3/37، وسير أعلام النبلاء 3/79، والإصابة 2/4847، وشذرات الذهب 1/73. تقريب التهذيب (3499) ، وقال: “أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح ع”.

(4)

حديث أبو مليكة عن طلحة: أخرجه أحمد (1/161، رقم 1381)، وابن عساكر (31/251) . وأخرجه أيضا: أبو يعلى (2/19، رقم 647) .

أخرجه أحمد (1/161، رقم 1382) ، وأبو يعلى (2/18، رقم 646)، وابن عدى (3/283 ترجمة 751 سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله) . وأخرجه أيضًا: البزار (3/173، رقم 961) ، والشاشى (1/80، رقم 19) . والترمذى (5/688، رقم 3845)، قال الهيثمى (9/354) : رواه الترمذى باختصار رواه أبو يعلى وأحمد بنحوه ورجاله ثقات.

ص: 281

أسلم عبد الله قبل ابيه، وكان كثير العلم مجتهدًا فى العبادة، تلاء للقرآن، وكان أكثر الناس أخذًا للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثبت فى الصحيح عن أبى هريرة قال: ما كان أحد أكثر حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منى إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعمائة حديث، اتفق البخارى ومسلم على سبعة عشر منها، وانفرد البخارى بثمانية، ومسلم بعشرين. وإنما قلَّت الرواية عنه مع كثرة ما حمل؛ لأنه سكن مصر، وكان الواردون إليها قليلاً بخلاف أبى هريرة، فإنه استوطن المدينة، وهى مقصد المسلمين من كل جهة. روى عنه سعيد بن المسيب، وعروة، وأبو سلمة وحميد ابنا عبد الرحمن، ومسروق، وخلائق من كبار التابعين. ونقلوا عنه أنه قال: حفظت عن النبى صلى الله عليه وسلم ألف مثل، وأنه قال: لخير أعمله اليوم أحب إلىَّ من مثليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تهمنا الآخرة ولا تهمنا الدنيا، وأنا اليوم مالت بنا الدنيا.

وشهد مع أبيه فتح الشام، وكانت معه راية أبيه يوم اليرموك. وتوفى عبد الله سنة ثلاث وستين، وقيل: خمس وستين بمصر، وقيل: سنة سبع وستين بمكة، وقيل: سنة خمس وخمسين بالطائف، وقيل: سنة ثمان وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين، وهو ضعيف، وقيل: توفى بفلسطين سنة خمس وستين، وكان عمره ثنتين وسبعين سنة.

324 -

عبد الله بن عمرو بن عوف (1) :

والد كثير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، مذكور فى المهذب فى صلاة العيد. هو عبد الله بن عمر بن عوف بن زيد بن ملحة، بكسر الميم وبالحاء المهملة، ويقال: بضم الميم، ويقال: مليحة بالتصغير، وهو المدنى، سمع أباه الصحابى. روى عنه ابنه كثير، وكثير ضعيف.

325 -

عبد الله بن هلال:

وقيل: ابن شرحبيل المزنى، والد علقمة وبكر ابنى عبد الله المزنى الصحابى، وهو أحد البكائين الذين نزلت فيهم:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التوبة: 92] . ذكره فى المهذب فى أول كتاب السير، قيل: كانوا ستة ولعلهم أكثر. قال محمد بن سعد:

(1) التاريخ الكبير للبخارى 5/467، والجرح والتعديل 5/540، وميزان الاعتدال 2/4480، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/339، 340. تقريب التهذيب (3503) ، وقال: “مقبول من الثالثة ر د ت ق”..

ص: 282

نزل البصرة، وله بها عقب، له أحاديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه علقمة، وأبو بريدة.

326 -

عبد الله بن أبى قتادة (1) :

مذكور فى المهذب فى تحريم الصيد بالإحرام، واسم أبى قتادة الحارث بن ربعى الصحابى، سيأتى تمام نسبه فى ترجمته فى نوع الكنى إن شاء الله تعالى، وعبد الله هذا يكنى أبا إبراهيم، ويقال: أبا يحيى الأنصارى السلمى، بفتح السين واللام، المدنى التابعى، سمع أباه. روى عنه إسماعيل بن أبى خالد، ويحيى بن أبى كثير، وآخرون من التابعين، واتفقوا على توثيقه. توفى بالمدينة فى خلافة الوليد بن عبد الملك، وقد ذكر صاحب المهذب حديثه فى جزاء الصيد مرسلاً، وهو فى الصحيحين وغيرهما متصل عنه عن أبيه.

327 -

عبد الله بن كثير (2) :

مذكور فى المختصر فى باب السلف والرهن، هو الإمام أحد القراء السبعة، أبو معبد، وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو بكر، وقيل: أبو عباد، وقيل: أبو الصلب عبد الله بن كثير الكنانى، مولاهم الدارى المكى، مولى عمرو بن علقمة الكنانى. قال ابن أبى داود وغيره: إنما قيل له: الدارى؛ لأنه من بنى الدار بن هانى بن حبيب بن نمارة بن لخم من رهط تميم الدارى.

قال أبو بكر بن مجاهد: هذا غلط من ابن أبى داود، وليس هو من رهط تميم الدارى، وإنما هو من أبناء فارس، من الطبقة الثانية من التابعين. قال أبو عمرو الدانى فى التيسير: هو الدارى، والدارى العطار، وهذا الذى قاله أبو عمرو هو الصواب. سمع ابن كثير: عبد الله بن الزبير بن العوام، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وأبا المنهال عبد الرحمن بن مطعم المكى، ومجاهدًا. روى عنه ابن جريج، وابن أبى نجيح، وشبل بن أبى عباد.

قال محمد بن سعد: كان ثقة، وله أحاديث صالحة، توفى بمكة سنة ثنتين وعشرين ومائة. وقال أبو عمرو الدانى: توفى بمكة سنة عشرين ومائة، وأخذ القرآن عن مجاهد، وقد قدمت فى ترجمة الإمام محمد بن إدريس الشافعى بيتًا يتضمن القراء السبعة، وبيتًا يتضمن أئمة المذاهب الستة.

328 -

عبد الله بن لهيعة (3) :

مذكور فى المهذب فى أول الحج، ولهيعة بفتح اللام

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد 5/274، والتاريخ الكبير للبخارى 5/555، والجرح والتعديل 5/139، وتاريخ الإسلام 4/19، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/360. تقريب التهذيب (3538) ، وقال: “ثقة من الثالثة مات [دون المائة] سنة خمس وتسعين ع”..

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد 5/484، والتاريخ الكبير للبخارى 5/567، والجرح والتعديل 5/673، وتاريخ الإسلام 4/268، وسير أعلام النبلاء 5/318، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/367، 368. تقريب التهذيب (3550) ، وقال: “أحد الأئمة صدوق من السادسة مات سنة عشرين ومائة ع”..

(3)

التاريخ الكبير للبخارى 5/573 - 781، والجرح والتعديل 5/681، وتاريخ الإسلام 3/221، وتهذيب التهذيب لابن حجر 5/373. تقريب التهذيب (3563) ، وقال: “لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيء مقرون مات سنة أربع وسبعين وقد ناف على الثمانين م د ت ق”..

ص: 283

وكسر الهاء. قال الأزهرى فى تهذيب اللغة: قال ابن الأعرابى: يقال فى فلان: لهيعة، إذا كان فيه فترة وكسل. قال: وقال غيره: رجل فيه لهيعة ولهاعة، أى غفلة، وقيل: هى التوانى فى البيع والشراء حتى يغبن. وقال صاحب المحكم: اللهع التفهق فى الكلام، ولهيعة اسم منه. قال: وقيل: هى مشتقة من الهلع مقلوبة منه.

وعبد الله بن لهيعة هذا هو الإمام البارع أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة ابن فرعان، بضم الفاء وإسكان الراء وبالعين المهملة، الحضرمى الأعدولى من أنفسهم، ويقال: الغافقى المصرى، قاضى مصر. سمع عطاء، والأعرج، وأبا الزبير، وابن المنكدر، وعمرو بن دينار، ويحيى الأنصارى، وغيرهم من التابعين. روى عنه الأوزاعى، والثورى، والليث، وابن المبارك، وعمرو بن الحارث، والوليد بن مسلم، والقعنبى، وخلائق من الأئمة.

قال الثورى: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع. وقال: حججت حججًا لألقى ابن لهيعة. وقال عبد الرحمن بن مهدى: وددت أنى سمعت من ابن لهيعة خمسمائة حديث وأنى غرمت مالاً. وقال ابن وهب: حدثنى والله الصادق والبار عبد الله بن لهيعة. وقال روح بن صلاح: لقى ابن لهيعة اثنين وسبعين تابعيًا. وقال ابن معين: ابن لهيعة ضعيف الحديث.

وقال عمرو بن على الفلاس: احترقت كتب ابن لهيعة، ومن كتب عنه قبل ذلك كابن المبارك والمقرىء أصح ممن كتب بعد ذلك. وقال ابن معين: هو ضعيف قبل الاحتراق وبعده، وضعفه الليث بن سعد، ويحيى بن سعيد، والبخارى، والنسائى، وابن سعد، وآخرون. قال البيهقى: أجمع أصحاب الحديث على ضعف ابن لهيعة، وترك الاحتجاج بما ينفرد به.

وقال محمد بن سعد: كان ضعيفًا، وعنده حديث كثير، ومن سمع منه فى أول أمره أحسن حالاً ممن سمع منه آخرًا. قال يحيى بن بكير: احترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة قال الخطيب: حدث عن ابن لهيعة: الثورى، ومحمد بن رمح، وبين وفاتيهما إحدى وثمانون سنة، وعمرو بن الحارث، وابن رمح، وبين وفاتيهما أربع وتسعون سنة. توفى ابن لهيعة بمصر سنة أربع وسبعين ومائة، وكان مولده سنة سبع وتسعين، رحمه الله.

ص: 284

329 -

عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلى (1) :

مولاهم المروزى، أبو عبد الرحمن، الإمام المجمع على إمامته وجلالته فى كل شىء، الذى تستنزل الرحمة بذكره، وترتجا المغفرة بحبه، وهو من تابعى التابعين، سمع هشام بن عروة، ويحيى الأنصارى، وسليمان التيمى، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبى خالد، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والأعمش، وابن عون، وموسى بن عقبة، وجماعات غيرهم من التابعين، وخلائق غيرهم من أتباع التابعين منهم السفيانان، ومالك، وشعبة، والحمادان، ومسعر، وآخرون لا ينحصرون.

روى عنه الثورى، وجعفر بن سليمان، وداود العطار، وأبو الأحوص، والفضيل بن عياض، وأبو إسحاق الفزارى، وأبو داود الطيالسى، ومحمد بن الحسن صاحب أبى حنيفة، ويحيى القطان، وابن مهدى، وابن وهب، وعبد الرزاق، وخلائق غيرهم. وكان أبوه تركيًا مملوكًا لرجل من همدان، وأمه خوارزمية. قال أبو أسامة: ما رأيت أطلق للعلم من ابن المبارك الشامات ومصر واليمن والحجاز.

روينا عن الحسن بن عيسى، قال: اجتمع جماعات من أصحاب ابن المبارك، فقالوا: تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: جمع العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والشعر، والفصاحة، والورع، والإنصاف، وقيام الليل، والعبادة، والشدة فى رأيه، وقلة الكلام فيما لا يعنيه، وقلة الخلاف على أصحابه، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذين البيتين:

ذا حياء وعفاف وكرم

وإذا قلت نعم قال نعم

وإذا صاحبت فاصحب صاحبًا

قائلاً للشىء لا إن قلت لا

وقال العباس بن مصعب: جمع ابن المبارك الحديث، والفقه، والعربية، وأيام الناس، والشجاعة، والسخاء، والتجارة، والمحبة عند الفرق. وقال سفيان بن عيينة حين توفى ابن المبارك، رحمه الله: لقد كان فقيهًا، عابدًا، عالمًا، زاهدًا، سخيًا، شجاعًا. وقال عمار ابن الحسن يمدحه ببيتين:

إذا سار عبد الله من مرو ليلة

فقد سار منها نورها وجمالها

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (7/372، 520) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/679) ، والجرح والتعديل (5/838) ، وسير أعلام النبلاء (8/336) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (5/382 - 387) . تقريب التهذيب (3570)، وقال: “ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير من الثامنة مات سنة إحدى وثمانين وله ثلاث وستون ع”..

ص: 285

إذا ذكر الأحبار من كل بلدة

فهم أنجم فيها وأنت هلالها

وقال المعتمر بن سليمان: ما رأيت مثل ابن المبارك، يصيب عنده الشىء الذى لا يصاب عند أحد. وقال عبد الرحمن بن مهدى: حدثنى ابن المبارك، وكان نسيج وحده. قال: وهو أفضل من الثورى، فقيل له: إن الناس يخالفونك، فقال: إن الناس لم يجربوا، ما رأيت مثل ابن المبارك. وقال أيضًا: الأئمة أربعة: الثورى، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك.

وقال الأوزاعى لأبى عثمان الكلابى: لو رأيت ابن المبارك لقرت عينك. وقال أبو إسحاق الفزارى: ابن المبارك إمام المسلمين. وقال أبو أسامة: ابن المبارك فى أصحاب الحديث كأمير المؤمنين فى الناس. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن فى زمن ابن المبارك أطلب للعلم منه، رحل إلى اليمن، ومصر، والشام، والبصرة، والكوفة، وكان من رواة العلم وأهل ذلك، كتب عن الصغار والكبار، وجمع أمرًا عظيمًا، كان صاحب حديث حافظًا.

وقال عبد الرحمن بن أبى جميل: قلنا لابن المبارك: يا عالم المشرق حدثنا، فسمعنا سفيان، فقال: ويحكم، عالم المشرق والمغرب وما بينهما. وقال شعيب بن حرب: كنا نأتى ابن المبارك نحفظ عنه، فما نستطيع أن يتعلق عليه بشىء.

وروينا عن عبثر بن القاسم، قال: لما قدم ابن المبارك وهارون الرشيد الرقة، أشرفت أم ولد له من قصر، فرأت الغبرة قد ارتفعت، والنعال قد تقطعت، وانجفل الناس، فقالت: من هذا؟ قالوا: عالم من خراسان يقال له: ابن المبارك، فقالت: هذا والله الملك لا ملك هارون الذى لا يجمع الناس إلا بالسوط والخشب.

وقال أسود بن سالم: كان ابن المبارك إمامًا يقتدى به، وهو من اثبت الناس فى السنة. وقال محمد بن سعد: طلب ابن المبارك العلم، وروى رواية كثيرة، وصنف كتبًا كثيرة فى أبواب العلم وصنوفه، وقال الشعر فى الزهد والحث على الجهاد، وسمع علمًا كثيرًا، وكان ثقة، مأمونًا، حجة، كثير الحديث.

توفى بهيت منصرفًا من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. قال البخارى: توفى فى رمضان من السنة المذكورة. قلت: هيت مدينة معروفة على

ص: 286

الفرات فوق الأنبار. قال الخطيب: حدث عن ابن المنبارك: معمر، والحسين بن داود، وبين وفاتيهما مائة واثنتان وثلاثون سنة، وقيل: مائة وثلاثون سنة.

330 -

عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب:

أبو محمد الهاشمى المدنى التابعى. تكرر فى المختصر. سمع ابن عمر، وجابرًا، وأنسًا، والربيع بنت معوذ، رضى الله عنهم، وسمع جماعات من كبار التابعين، منهم سعيد بن المسيب، ومحمد بن الحنفية، وعلى بن الحسين، وأبو سلمة، وعطاء بن يسار، وآخرون. روى عنه شريك، ومحمد بن عجلان، والسفيانان وخلائق من الأئمة وغيرهم.

قال الحاكم: كان أحمد بن حنبل وإسحاق يحتجان بحديثه، وليس بالمتين عندهم. وقال محمد بن سعد: كان كثير العلم، وكان مُنكر الحديث، لا يُحتج بحديثه، وضَّعفه ابن عيينة، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو زرعة. وقال الترمذى فى مواضع من جامعه: كان أحمد بن حنبل وإسحاق والحميدى يحتجون بحديثه. وقال البخارى: هو مقارب الحديث. توفى سنة خمس وأربعين ومائة.

331 -

عبد الله بن محمد بن على بن أبى طالب (1) :

أبو هاشم القريشى الهاشمى المدنى. مذكور فى المختصر فى نكاح المتعة. سمع أباه محمد بن الحنفية. روى عنه سالم بن أبى الجعد، وعمرو بن دينار، والزهرى، وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة صاحب علم ورواية، قليل الحديث، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى، ومسلم. توفى بالحميمة من أرض البلقاء بالشام راجعًا من دمشق إلى المدينة سنة تسع وتسعين، وقيل: سنة ثمان وتسعين، رحمه الله.

332 -

عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب بن لوذان بن سعد بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى الجمحى المكى التابعى (2) :

أبو محيريز، نزل الشام، وسكن بيت المقدس. سمع عبادة بن الصامت، وأبا سعيد الخدرى، ومعاوية بن أبى سفيان، وفضالة بن عبيد، وأبا محذورة، وعبد الله بن السعدى، وأوس بن أوس، وغيرهم من الصحابة. روى عنه أبو قلابة، ومحمد بن يحيى بن حبان،

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/327، 328) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/582) ، والجرح والتعديل (5/711) ، وسير أعلام النبلاء (4/129، 130) ، وتاريخ الإسلام (4/20) ، وميزان الاعتدال (2/4533) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/16) . تقريب التهذيب (3593)، وقال: “ثقة قرنه الزهري بأخيه الحسن من الرابعة مات [دون المائة] سنة تسع وتسعين بالشام ع”.

(2)

الطبقات الكبرى لابن سعد (7/447) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/613) ، والجرح والتعديل (5/776) ، والاستيعاب (3/983) ، وسير أعلام النبلاء (4/694، 696) ، وتاريخ الإسلام (4/21) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/22، 23) ، والإصابة (3/6633) . تقريب التهذيب (3604)، وقال: “محيريز بمهملة وراء آخره زاي مصغر الجمحي بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة، ثقة عابد من الثالثة مات دون المائة سنة تسع وتسعين وقيل قبلها ع”..

ص: 287

والزهرى، وآخرون من التابعين. وأجمعوا على توثيقه وإمامته وجلالته وفضله.

قال الأوزاعى: من كان مقتديًا فليقتد بمثل ابن محيريز، فإن الله تعالى لم يكن ليضل أمة فيها مثل ابن محيريز. وقال رجاء بن حيوة: والله إن كنت أعد بقاء ابن محيريز أمانًا لأهل الأرض. وروى له البخارى ومسلم. قال البخارى، عن ضمرة: توفى ابن محيريز فى خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل: توفى فى خلافة عمر بن عبد العزيز، رضى الله عنهم.

333 -

عبد الله بن مسعود الصحابى، رضى الله عنه (1) :

متكرر. هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل، بالغين المعجمة والفاء، ابن حبيب بن سمح بن فار، بالفاء وتخفيف الراء، ابن مخزوم بن صاهلة، بالصاد المهملة والهاء، ابن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار الهذلى، حليف بنى زهرة الكوفى، وأمه أم عبد بنت عبدود بن سواء من هذيل أيضًا، أسلمت وهاجرت، فهو صحابى ابن صحابية، أسلم عبد الله قديمًا حين أسلم سعيد بن زيد قبل عمر بن الخطاب بزمان.

جاء عنه قال: لقد رأيتنى سادس ستة ما على الأرض مسلم غيرنا. رواه الطبرانى بإسناده. وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد، وشهد اليرموك، وهو الذى أجهز على أبى جهل يوم بدر، وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وهو صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يلبسه إياها إذا قام، فإذا خلعها وجلس جعلها ابن مسعود فى ذراعه، وكان كثير الولوج على رسول الله صلى الله عليه وسلم والخدمة له.

وثبت فى صحيح مسلم عنه، قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “آذنك على أن ترفع الحجاب، وتسمع سِوادى حتى أنهاك”، والسواد بكسر السين: السرار، وكان يعرف بصاحب السواد، والسواك، والنعل. رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة وثمانية وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على أربعة وستين، وانفرد البخارى بأحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين. روى عنه ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبو موسى الأشعرى، وأنس، وجابر، وأبو سعيد، وعمران بن الحصين، وعمرو بن حريث، وأبو هريرة، وغيرهم من الصحابة،

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (2/342، 3/150، 6/13) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/3) ، والجرح والتعديل (5/686) ، والاستيعاب (3/987) ، وأسد الغابة (3/256) ، وسير أعلام النبلاء (1/461) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/27، 28) ، والإصابة (2/4954) . تقريب التهذيب (3613)، وقال:"من السابقين الأولين ومن كبار العلماء من الصحابة مناقبة جمة وأمره عمر على الكوفة ومات سنة اثنتين وثلاثين أو في التي بعدها بالمدينة ع".

ص: 288

وخلائق لا يُحصون من كبار التابعين.

نزل الكوفة فى آخر أمره، وتوفى بها سنة ثنتين وثلاثين، وقيل: سنة ثلاث وثلاثين، وقيل: عاد إلى المدينة، واتفقوا على أنه توفى وهو ابن بضع وستين سنة، والذين قالوا: توفى بالمدينة، قالوا: دُفن بالبقيع، قيل: وصلى عليه عثمان، وقيل: الزبير، وقيل: عمار ابن ياسر. وكان من كبار الصحابة، وساداتهم، وفقهائهم، ومقدميهم فى القرآن، والفقه، والفتوى، وأصحاب الخلق، وأصحاب الاتباع فى العلم.

ثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى موسلا، قال: قدمت أنا وأخى من اليمن، فمكثنا حينًا لا نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما نرى من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزومه له.

وفى صحيح البخارى، عن عبد الرحمن بن زيد، قال: قلنا لحذيفة: أخبرنا برجل قريب السمت والدل والهدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ عنه، فقال: ما نعلم أحدًا أقرب سمتًا ودلاً وهديًا برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة.

وفى الصحيحين عن ابن مسعود، قال: علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفى بين كفيه كما يعلمنى السورة من القرآن. وفى الصحيحين عنه، قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، إذا انفلق القمر فلقتين، فلقة وراء الجبل، وفلقة دونه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اشهدوا”.

وفى الصحيحين عنه: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اقرأ علىَّ القرآن”، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك وأُنزل؟! قال: “إنى أحب أن أسمعه من غيرى”، فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا} [النساء: 41]، قال: “حسبك الأن”، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

وفى الصحيحين عن مسروق قال: ذكر عند عبد الله بن عمرو، يعنى ابن العاص، عبد الله بن مسعود، فقال: لا أزال أحبه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ، وأُبىّ بن كعب” (1) . وفى رواية تقديم أُبىّ على معاذ، رضى الله عنهم.

وفى صحيح مسلم، عن ابن مسعود، قال: والذى لا إله غيره، ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت، وما من آية إلا أنا أعلم فيما نزلت،

(1) حديث ابن عمرو: أخرجه الترمذى (5/674 رقم 3810) وقال: حسن صحيح. والحاكم (3/605، رقم 6242) وقال: صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: البخارى (3/1385، رقم 3597) .

حديث ابن مسعود: أخرجه البزار (4/332، رقم 1526)، قال الهيثمى (9/311) : رجاله ثقات.

ص: 289

ولو أعلم أحدًا هو أعلم بكتاب الله منى تبلغه الإبل لركبت إليه.

وفى غير الصحيحين عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تمسكوا بعهد ابن أم عبد” (1) . وبعثه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إلى الكوفة، وكتب إليهم: بعثت إليكم عمارًا أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسى.

وقال فيه عمر: كنيف ملىء علمًا، وكان إذا هدأت العيوم قام قيُسمع له دوى كدوى النحل حتى يصبح. قال أبو الدرداء حين توفى ابن مسعود: ما ترك بعده مثله. وقال أبو طيبة: مرض ابن مسعود، فعاده عثمان، فقال: ما تشتكى؟ فقال: ذنوبى، قال: فما تشتهى؟ قال: رحمة ربى، قال: ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضنى، قال: ألا آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لى فيه، قال: يكون لبناتك، فقال: أتخشى على بناتى الفقر، إنى أمرتهن أن يقرأن فى كل ليلة سورة الواقعة، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدًا” (2) .

وكان لابن مسعود ثلاثة بنين: عبد الرحمن، وبه كان يكنى، وعتبة، وأبو عبيدة، واسم أبى عبيدة عامر، وقيل: اسمه كنيته، واتفقوا على أن أبا عبيدة لم يسمع أباه، ورواياته عنه كثيرة وكلها منقطعة، وأما عبد الرحمن، فقال على بن المدينى والأكثرون: سمع أباه. وقال أحمد بن حنبل: توفى ابن مسعود ولابنه عبد الرحمن ست سنين. وقال يحيى بن معين: لم يسمع أباه، والله أعلم.

334 -

عبد الله بن مغفل (3) :

بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، والفاء المشددة، الضحابى، رضى الله عنه. تكرر فى المهذب. هو أبو سعيد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وأبو زياد عبد الله بن مغفل بن عبد غنم، وقيل: ابن عبد نهيم بن عفيف بن أسحم بن ربيعة بن عدا، وقيل: عدى بن ثعلبة ابن ذؤيب، وقيل: ذؤيد بن سعد بن عدا بن عثمان بن عمرو بن أد بن طابخة بن إلياس ابن مضر بن نزار المزنى المدنى البصرى. ومزينة امرأة عثمان بن عمرو، نسبوا إليها، وهى مزينة بنت كلب بن وبرة، فولد عثمان يقال لهم: مزنيون.

وكان عبد الله من أهل بيعة الرضوان، وقال: إنى لممن رفع

(1) حديث حذيفة: أخرجه الحاكم (3/79، رقم 4451) ، والبيهقى (8/153، رقم 16367) . وأخرجه أيضاً: الحميدى (1/214، رقم 449) ، والطبرانى فى الأوسط (5/344، رقم 5503) ، وابن عساكر (30/227) .

حديث أنس: أخرجه ابن عدى (2/249، ترجمة 424 حماد بن دليل) ، وابن عساكر (33/119) .

(2)

أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (2/492، رقم: 2500) ، وابن عساكر (33/186) .

(3)

الطبقات الكبرى لابن سعد (7/13 0 32) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/36) ، والجرح والتعديل (5/687) ، والاستيعاب (3/996) ، وأسد الغابة (3/264) ، وسير أعلام النبلاء (2/483) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/42) ، والإصابة (2/4972) . تقريب التهذيب (3638)، وقال: “مغفل بمعجمة وفاء ثقيلة ابن عبد نهم بفتح النون وسكون الهاء صحابي بايع تحت الشجرة ونزل البصرة مات سنة سبع وخمسين وقيل بعد ذلك ع”.

ص: 290

أغصان الشجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. سكن المدينة، ثم تحول إلى البصرة، وابتنى بها دارًا قرب الجامع، وكان أحد البكائين الذين نزل فيهم قوله تعالى:{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَاّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} [التوبة: 92] . وكان أحد العشرة الذين بعثهم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، إلى البصرة يفقهون الناس، وهو أول من دخل مدينة تستر حين فتحها المسلمون.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وأربعون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على أربعة، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بآخر. روى عنه جماعات من التابعين، منهم الحسن البصرى، وأبو العالية، ومطرف، ويزيد ابنا عبد الله، وآخرون. وتوفى بالبصرة سنة ستين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وصلى عليه أبو برزة الأسلمى لوصيته بذلك.

رُوى له فى المهذب فى باب الاستطابة: “لا يبولن أحدكم فى مستحمه”، وهو حديث حسن، وفى مواقيت الصلاة فى النهى عن تسمية المغرب عشاء، رواه البخارى، وفى طهارة البدن النهى عن الصلاة فى أعطان الإبل، وهو صحيح أيضًا، وفى إحياء الموات حديثًا ضعيفًا، وفى كتاب السير حديث دلى جراب شحم يوم خيبر، رواه البخارى ومسلم.

335 -

عبد الله بن نافع (1) :

مذكور فى المختصر فى أول صدقة النخل والعنب. هو أبو محمد عبد الله بن نافع الصائغ المدنى القريشى المخزومى مولاهم. سمع مالكًا، وابن أبى ذؤيب، وداود بن قيس، وهشام بن عروة، وغيرهم. روى عنه عبد الرحمن بن محمد بن دحيم، ومحمد بن يحيى الذهلى.

قال أحمد بن حنبل: لم يكن صاحب حديث، وكان صاحب رأى مالك، كان يفتى أهل المدينة، ولم يكن فى الحديث بذاك. وقال البخارى: يعرف حفظه وينكر. وقال يحيى ابن معين: هو ثقة. وقال ابن عدى: روى عن مالك غرائب، وهو مستقيم الحديث. وقال ابن سعد: كان قد لزم مالك بن أنس لزومًا شديدًا، وكان لا يقدم عليه أحدًا. توفى

(1) الطبقات الكبرى لابن سعد (5/438) ، والتاريخ الكبير للبخارى (5/687) ، والجرح والتعديل (5/856) ، وسير أعلام النبلاء (1/371) ، وميزان الاعتدال (2/4647) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (6/51، 52) . تقريب التهذيب (3659)، وقال: “ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين من كبار العاشرة مات سنة ست ومائتين وقيل بعدها بخ م 4”..

ص: 291