الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح صحيح مسلم، رحمه الله.
* * *
باب إبراهيم
قد سبق فى ترجمة آدم أن إبراهيم إسم أعجمى، وفيه لغات أشهرها إبراهيم، والثانية إبراهام، وقرىء بهما فى السبع، والثالثة والرابعة والخامسة إبراهم، بكسر الهاء وفتحها وضمها، حكاهن الإمام أبو حفص عمر بن خلف بن مكى الصقلى النحوى اللغوى فى كتابه تثقيف اللسان، عن الفراء، عن العرب، وحكى الكسر والضم أيضًا جماعات منهم الإمام أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبرى، قال: وقرىء بهما فى الشواذ، قال: وجمعه أباره عند قوم، وعند آخرين براهم، وقيل: براهمة. قال الإمام أبو الحسن الماوردى صاحب الحاوى: معناه بالسريانية أب رحيم.
وقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة: تحذف الألف من الأسماء الأعجمية نحو إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإسرائيل، استثقالاً لها، كما ترك صرفها. قال: وكذلك سليمان، وهارون، وسائر الأسماء الأعجمية المستعملة، فأما ما لا يكثر استعماله منها كهاروت، وماروت، وطالوت، وجالوت، وقارون، فلا تحذف الألف فى شىء منها، ولا تحذف من داود، وإن كان مستعملاً؛ لأنه حذف منه أحد الواوين، فلو حذفت الألف أيضًا أجحف بالكلمة، وأما ما كان على فاعل كصالح، ومالك، وخالد، فيجوز إثبات الألف، ويجوز حذفها بشرط أن يكثر استعماله، فإن لم يكثر كسالم، وجابر، وحاتم، وحامد، لم يجز حذف الألف، ومما كثر استعماله ويدخله الألف واللام يكتب بغير ألف مع الألف واللام، فإن حذفتهما أثبت الألف، تقول: قال الحارث، وقال: حارث؛ لئلا يشتبه بحرب، ولا تحذف الألف من عمران، ويجوز حذفها وإثباتها فى مروان، وعثمان، وسفيان، ونحوهم بشرط كثرة استعماله، وبالله التوفيق.
32 -
إبراهيم خليل الرحمن، صلوات الله عليه وسلامه:
تكرر فى هذه الكتب كلها. قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] .
وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ
أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَآتَيْنَاهُ فِى الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [النحل: 120 - 122] .
وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ} [الأنبياء: 51] .
وقال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] .
وقال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِى الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِى الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: 27] .
وقال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ} [هود: 75] .
وقال تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِى وَفىّ} [النجم: 37] .
وقال تعالى: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 130] .
وهو أبو إسماعيل إبراهيم بن آزر، وهو تارح، بمثناة من فوق، وفتح الراء، وبحاء مهملة، قيل: آزر اسم، وتارح لقب، وقيل عكسه، والقولان مشهوران، وباقى نسبه إلى آدم مختلف فيه، ولا يصح فى تعيينه شىء، فتركته لهذا ولعدم الضرورة إليه. أنزل الله تعالى عليه صحفًا كما أخبر سبحانه فى كتابه العزيز. قال أهل التاريخ: كانت عشر صحائف، وجعل له لسان صدق فى الآخرين، أى ثناء حسنًا، فليس أحد من الأمم إلا يحبه، وأكرمه بالخلة، وبأن جعل أكثر الأنبياء من ذريته، وختم ذلك سبحانه وتعالى بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والآيات الكريمة فى بيان أحواله معلومة أشرت إلى بعضها.
هاجر، عليه السلام، من العراق إلى الشام، قيل: بلغ عمره مائة وخمسًا وسبعين سنة، وقيل: مائتى سنة، ودفن فى الأرض المقدسة، وقبره معروف بالبلدة المعروفة بالخليل، بينها وبين بيت المقدس دون مرحلة.
روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن أبى هريرة، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اختتن إبراهيم، عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم” (1) ، روى القدوم، بالتخفيف والتشديد، وسنوضحه فى موضعه من قسم اللغات إن شاء الله تعالى.
وروينا فى صحيحيهما، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، عليه السلام” (2) . وروينا فى صحيح مسلم، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حين أسرى بى ورأيت إبراهيم، وأنا أشبه ولده به” (3) .
وفى صحيح مسلم أيضًا، عن أنس، أن رجلاً قال للنبى صلى الله عليه وسلم:
(1) أخرجه أحمد (2/435، رقم9620) ، والبخارى (3/1224، رقم 3178) ، ومسلم (4/1839، رقم 2370) . وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (10/384، رقم 5981) ، والبيهقى (8/325) .
(2)
أخرجه الطيالسى (ص 343، رقم 2638) ، وأحمد (1/253، رقم 2281) ، والبخارى (4/1691، رقم 4349) ، مسلم (4/2194، رقم 2860) ، والترمذى (5/321، رقم 3167) وقال: حسن صحيح. والنسائى (4/117، رقم 2087) .
(3)
أخرجه البخارى (3/1243، رقم 3214) ، ومسلم (1/154، رقم 168) ، والترمذى (5/300، رقم 3130) وقال: حسن صحيح.
يا خير البرية، قال: “ذاك إبراهيم”، وهذا محمول على التواضع، وإلا فالنبى صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “أنا سيد ولد آدم” (1) . وفى صحيح البخارى، عن ابن عباس، قال: “كان آخر قول إبراهيم حين ألقى فى النار: حسبى الله ونعم الوكيل” (2)، وفى رواية فى البخارى: “قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم حين ألقى فى النار”.
وفى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن ليلة الإسراء ورؤيته الأنبياء فى السموات، ورأى إبراهيم فى السماء السادسة، وفى رواية: فى السابعة، مُسندًا ظهره إلى البيت المعمور. وفى صحيح البخارى، عن سمرة بن جندب، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتانى الليلة اثنان، فأتينا على رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً، وأنه إبراهيم”.
روينا فى موطأ مالك، عن سعيد بن المسيب، رحمه الله، قال: “كان إبراهيم النبى، عليه السلام، أول الناس ضيّف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص شاربه، وأول الناس رأى الشيب، فقال: يا رب، ما هذا؟ فقال الله تبارك وتعالى: وقار يا إبراهيم، فقال: يا رب، زدنى وقارًا”. ورويناه فى تاريخ دمشق بزيادة: “وأول من استحد وقلم أظفاره”.
وقد مَنَّ الله الكريم علينا وجعل لنا رواية متصلة، وسببًا متعلقًا بخليله إبراهيم، عليه السلام، كما مَنَّ علينا بذلك فى حبيبه وخليله وصفيه محمد صلى الله عليه وسلم. أخبرنا الإمام أبو محمد عبد الرحمن ابن الإمام أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى، رضى الله عنه، أخبرنا أبو حفص بن طبرزد، أنا أبو الفتح الكروخى، أنا القاضى أبو عامر، أنا أبو محمد بن الجراحى، أنا أبو العباس المحبوبى، أنا أبو عيسى الترمذى، ثنا عبد الله بن أبى زياد، ثنا سيار، ثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقيت إبراهيم ليلة أسرى بى، فقال: يا محمد، أقرىء أمتك منى السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر” (3) . قال الترمذى: هذا حديث حسن.
روينا فى تاريخ دمشق للحافظ أبى القاسم بن عساكر، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: ولد إبراهيم،
(1) أخرجه ابن أبى شيبة (6/317، رقم 31728) ، ومسلم (4/1782، رقم 2278) ، وأبو داود (4/218، رقم 4673) . وأخرجه أيضًا: أحمد (2/540، رقم 10985) .
(2)
حديث أبى هريرة: أخرجه الخطيب (9/118)، وقال: غريب من رواية أبى حصين عن أبى صالح عن أبى هريرة مسندًا، لا أعلم رواه غير سلام بن سليمان عن إسرائيل، والمحفوظ ما رواه الناس عن إسرائيل وأبى بكر بن عياش عن أبى حصين عن أبى الضحى عن ابن عباس قال: “لما ألقى إبراهيم فى النار
…
” الحديث.
حديث ابن عباس الموقوف المشار إليه: أخرجه الحاكم (2/326، رقم 3167) بلفظ: “كان آخر كلام إبراهيم حين ألقى فى النار حسبى الله ونعم الوكيل” وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: البخارى (4/1662 رقم 4288) والنسائى فى الكبرى (6/316، رقم 11081)، قال الحافظ فى الفتح (8/229) : وهم الحاكم فى استدراكه.
(3)
أخرجه الطبرانى (10/173، رقم 10363) . وأخرجه أيضًا: الترمذى (5/510، رقم 3462) وقال: حسن غريب، والطبرانى فى الأوسط (4/270، رقم 4170) وفى الصغير (1/326، رقم 539) قال الهيثمى (10/91) : فيه عبد الرحمن بن إسحاق أبو شيبة الكوفى وهو ضعيف.
عليه السلام، بغوطة دمشق، بقرية يقال لها: برزة. قال الحافظ: كذا فى هذه الرواية، والصحيح أنه ولد بكوثا من إقليم بابل بالعراق، وإنما نسب إليه هذا المقام؛ لأنه صلى فيه، إذ جاء معينًا للوط، عليه السلام. وفى التاريخ أن آزر كان من أهل حران، وأن أم إبراهيم اسمها نونا، وقيل: أينونا، وأن نمرود حبسه سنين، ثم ألقاه فى النار، وأنه كان يدعى أبا الضيفان.
وعن عكرمة أنه كان يكنى أبا الضيفان، وأن تجارة إبراهيم كانت فى البز، وأن النار لم تنل منه إلا وثاقه لتنطلق يداه. قال الله تبارك وتعالى:{يَا نَارُ كُونِى بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] ، وأن النار بردت فى ذلك الوقت على أهل المشرق والمغرب، فلم ينضج بها زراع، وأن جبريل، عليه السلام، مر به حين ألقى فى الهواء، فقال: يا إبراهيم، ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.
وفيه عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، أن البغال كانت تتناسل، وكانت أسرع الدواب فى نقل الحطب لنار إبراهيم، فدعا عليها، فقطع الله نسلها. وعن الحسن البصرى:{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]، قال: ابتلاه بالكوكب، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالقمر، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالشمس، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بالنار، فوجده صابرًا، ثم ابتلاه بذبح ابنه، فوجده صابرًا.
وعن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا ماشيين. وعنه فى قول الله تعالى: {ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: 24]، إكرامهم أنه خدمه بنفسه. وفى حديث مرفوع: أنه كان من أغير الناس.
وعن كعب الأحبار، وآخرين، أن سبب وفاة إبراهيم، عليه السلام، أنه أتاه ملك فى صورة شيخ كبير فضيفه، فكان يأكل ويسيل طعامه ولعابه على لحيته وصدره، فقال له إبراهيم: يا عبد الله، ما هذا؟ قال: بلغت الكبر الذى يكون صاحبه هكذا، قال: وكم أتى عليك؟ قال: مائتا سنة، ولإبراهيم يومئذ مائتا سنة، فكره الحياة لئلا يصير إلى هذه الحال، فمات بلا مرض. وعن أبى السكن الهجرى، قال: توفى إبراهيم، وداود، وسليمان، عليهم السلام، فجأة، وكذلك الصالحون، وهو تخفيف على المؤمن. قلت: هو تخفيف ورحمة فى حق المراقبين، وبالله التوفيق.
وفى التاريخ أيضًا فى ترجمة هاجر، قال: هاجر، ويقال: آجر، بالمد، القبطية، ويقال: الجرهمية، أم إسماعيل،
كانت للجبار الذى كان يسكن عين الجر بقرب بعلبك، فوهبها لسارة، فوهبتها لإبراهيم، وأنها توفيت ولابنها إسماعيل عشرون سنة، ولها تسعون سنة، فدفنها إسماعيل فى الحجر. وفى ترجمة سارة امرأة إبراهيم، أنها إم إسحاق، وأنها كانت من أحسن نساء العالمين، وأنها توفيت ولها مائة وسبع وعشرون سنة، فتزوج إبراهيم امرأة من الكنعانيين يقال لها: قنطوراء. وفى الحديث: “الترك بنو قنطوراء” (1) ، وكان إسماعيل أكبر ولد إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام.
33 -
إبراهيم بن أبى القاسم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مذكور فى المهذب فى التعزية، أمه مارية القبطية، ولدته فى ذى الحجة سنة ثمان من الهجرة، وتوفى سنة عشر. ثبت فى صحيح البخارى أنه توفى وله سبعة عشر أو ثمانية عشر شهرًا، هكذا ثبت على الشك. قال الواقدى، وغيره: توفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر. وثبت فى البخارى أيضًا من رواية البراء بن عازب، أنه لما توفى إبراهيم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن له مرضعًا فى الجنة” (2) ، ضبطناه بالوجهين، أشهرهما بضم الميم وكسر الضاد، والثانى بفتحهما.
وسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بولادته كثيرًا، وكانت قابلته سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبى رافع، فبشر أبو رافع به النبى صلى الله عليه وسلم، فوهبه عبدًا، وحلق شعره يوم سابعه. قال الزبير ابن بكار: وتصدق بزنة شعره فضة، ودفنه، وسماه، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة لترضعين. قال الزبير: تنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبى صلى الله عليه وسلم. وفى صحيح البخارى، عن أنس، قال: دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى سيف لقين، وكان ظئرًا لإبراهيم، أى زوج مرضعته، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقبله وشمه، ثم دخلنا عليه بعد ذلك وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ فقال: “يا ابن عوف، إنها رحمة الله”، ثم اتبعها بأخرى، فقال: “إن العين
(1) أخرجه الطبرانى فى الكبير (10/181، رقم 10389) ، وفى الأوسط (6/7، رقم 5634) . قال الهيثمى (7/312) : فيه عثمان بن يحيى القرقسانى، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2)
حديث البراء: أخرجه الطيالسى (ص 99، رقم 729) ، والبخارى (1/465، رقم 1316) ، وابن حبان (15/400، رقم 6949) ، والحاكم (4/41، رقم 6820) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (3/54، رقم 12053) ، وأحمد (4/300، رقم 18686) جميعًا أن النبى (قاله لما توفى ولده إبراهيم. حديث عبد الله بن أبى أوفى: أخرجه ابن عساكر (3/143) بنحوه..
تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” (1) . ودفن بالبقيع، وقبره مشهور عليه قبة، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكبر أربع تكبيرات، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصحيح.
وروى ابن إسحاق بإسناده، عن عائشة، رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه. قال ابن عبد البر: هذا غلط، فقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا، وهو عمل استفيض فى السلف والخلف. قيل: إن الفضل بن عباس غسل إبراهيم، ونزل فى قبره هو وأسامة بن زيد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على شفير القبر، ورش على قبره ماء، وهو أول قبر رش عليه الماء. وأما ما روى عن بعض المتقدمين: لو عاش إبراهيم لكان نبيًا، فباطل وجسارة على الكلام فى المغيبات، ومجازفة، وهجوم على عظيم من الزلات، والله المستعان.
34 -
إبراهيم بن سعد (2) :
شيخ الشافعى. مذكور فى المختصر فى كتاب الصيام فى باب الجود والإفضال، هو أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى المدنى. وسكن بغداد، وتمام نسبه فى ترجمة جد أبيه عبد الرحمن بن عوف، أحد العشرة المبشرة، رضى الله عنهم، هو من تابعى التابعين. سمع أباه، والزهرى، وهشام بن عروة، ومحمد بن إسحاق، وآخرين من الأئمة. روى عنه جماعات من الأعلام، شعبة، والليث، وابن مهدى، وابناه يعقوب وسعد، وأحمد بن عبد الله، وموسى بن إسماعيل، ويزيد بن هارون، وابن وهب، وأبو داود، وأبو الوليد الطيالسيان، والقعنبى، وأحمد بن حنبل، وخلائق.
وهو ثقة، كثير الحديث، روى له البخارى، ومسلم، واستوطن بغداد، وولى بها بيت المال لهارون الرشيد، وتوفى بها سنة ثلاث، وقيل: أربع وثمانين ومائة، وهو ابن خمس وتسعين سنة، ودفن بمقابر باب التين. قال الخطيب: حدث عنه يزيد بن عبد الله بن الهاد، والحسين بن سيار، وبين وفاتيهما مائة واثنتا عشرة سنة. توفى يزيد سنة تسع وثلاثين ومائة.
35 -
إبراهيم بن محمد بن أبى يحيى:
شيخ الشافعى. كرره فى المختصر كثيرًا، هو
(1) أخرجه ابن ماجه (1/506، رقم 1589) ، والطبرانى (24/171، رقم 433)، وابن عساكر (3/139) . وأخرجه أيضًا: ابن سعد (1/143) ، والطبرانى فى الأوسط (8/346، رقم 8829) . وللحديث شاهد أخرجه البخارى من حديث أنس (1/439، رقم 1241) ..
(2)
انظر: طبقات ابن سعد (7/322) ، وتاريخ ابن معين (2/9) ، والتاريخ الكبير (1/288) ، والجرح والتعديل (2/101) ، والثقات لابن حبان (6/7) ، وميزان الاعتدال (1/33 - 35) ، وتهذيب التهذيب (1/121 - 123) ، وتقريب التهذيب (1/34) ..
مدنى، مولى بنى أسلم. واسم أبى يحيى: سمعان، ويقال له: إبراهيم بن محمد بن أبى عطاء. روى عن صفوان بن سليم، وصالح مولى التوأمة، ويحيى الأنصارى، ومحمد بن المنكدر، وغيرهم. روى عنه الشافعى، وداود ابن عبد الله، ويحيى بن آدم. واتفق العلماء على تضعيفه وجرحه، وأنه كان يرى القدر، ويتهمونه بالكذب. قال البخارى فى تاريخه: قال يحيى القطان: تركه ابن المبارك والناس. قال: وكنا نتهمه بالكذب.
وحكى ابن أبى حاتم جرحه وتوهينه عن مالك، ووكيع، وابن المبارك، وابن عيينة، والقطان، وابن المدينى، وأحمد، وابن معين، وأبى حاتم، وأبى زرعة، وغيرهم. قال أحمد: لا تكتب حديثه، تركه الناس؛ لأنه يروى أحاديث منكرة لا أصل لها، ويأخذ أحاديث الناس يضعها فى كتبه. وقال وكيع: لا تكتبوا عنه حرفًا. وقال ابن معين: هو كذاب متروك الحديث. وقال بشر بن المفضل: سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم قالوا: هو كذاب.
36 -
إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع النخعى الكوفى:
فقيه أهل الكوفة، أبو عمران. تكرر فى المختصر، وذكره فى المهذب فى ميراث أهل الفرض، ثم فى الشهادات فى مسألة التوبة، وأمه مليكة بنت يزيد بن قيس أخت الأسود بن يزيد، وهو تابعى جليل، دخل على عائشة، رضى الله عنها، ولم يثبت له منها سماع، وسمع جماعات من كبار التابعين منهم علقمة، وخالاه الأسود، وعبد الرحمن ابنا يزيد، ومسروق، وأبو عبيدة بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه جماعات من التابعين، منهم السبيعى، وحبيب بن أبى ثابت، وسماك بن حرب، والحكم، والأعمش، وابن عون، وحماد بن أبى سليمان شيخ أبى حنيفة.
وأجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته فى الفقه. روينا عن الشعبى أنه قال حين توفى النخعى: ما ترك أحدًا أعلم منه أو أفقه، قيل: ولا الحسن وابن سيرين؟ قال: ولا الحسن وابن سيرين، ولا من أهل البصرة، ولا الكوفة، ولا الحجاز، ولا الشام. وروينا عن أحمد بن صالح العجلى، قال: لم يحدث النخعى عن أحد من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وقد أدرك منهم جماعة، ورأى عائشة.
وروينا عن الأعمش، قال: كان النخعى صيرفى الحديث. وقال أبو زرعة: النخعى علم من أعلام أهل الإسلام. وقال العجلى: كان النخعى صالحًا، فقيهًا، متوقيًا، قليل التكلف. توفى سنة ست وتسعين، وهو ابن تسع وأربعين سنة. وقال البخارى: ابن ثمان وخمسين سنة.
37 -
إبراهيم بن يوسف:
من أصحابنا، مذكور فى الروضة قبيل كتاب الرجعة بأسطر، هو أبو [......](1) .
38 -
إبراهيم بن ميسرة (2) :
مذكور فى أول نكاح المهذب، هو طائفى سكن مكة، مولى لبعض أهل مكة، تابعى جليل، سمع أنسًا، وسمع جماعة من كبار التابعين، طاووسًا، وسعيد بن المسيب. روى عنه أبو أيوب السختيانى التابعى، وابن جريج، والثورى، وابن عيينة، وآخرون. واتفقوا على أنه ثقة مأمون. قال ابن عيينة: كان من أوثق الناس وأصدقهم. قال الحميدى: حدثنا سفيان، قال: أخبرنى إبراهيم بن ميسرة، من لم تر عيناك والله مثله. قال البخارى، عن على بن المدينى: لإبراهيم بن ميسرة نحو ستين حديثًا. وقال: توفى قريبًا من سنة ست وثلاثين ومائة، رحمه الله.
39 -
إبراهيم البلدى:
مذكور فى الوسيط فى باب الآنية، لا ذكر له فى هذه الكتب إلا فى هذا الموضع، وهى روايته عن المزنى، عن الشافعى، أنه رجع عن تنجس شعر الآدمى. وقد رأيت بعض من لا معرفة له بهذا الشأن ينكر على الغزالى، وينسبه إلى التفرد بهذه الحكاية عن البلدى، وهذا عجب، فإنها مشهورة حكاها جماعة قبل الغزالى، عن البلدى، عن المزنى، منهم صاحب الحاوى، وإمام الحرمين، وغيرهما، وهو البلدى، بفتح الباء واللام، منسوب إلى بلد (3) .
(1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.
(2)
انظر: التاريخ الكبير (1/328) ، والجرح والتعديل (2/133) ، وتهذيب التهذيب (1/172) ، وتقريب التهذيب (1/44) ..
(3)
فى بعض النسخ التى بين أيدينا هكذا: إلى بلد، وترك بياض، ونبه عليه فى الحاشية، وفى بعض النسخ لم يوجد بياض ولم ينبه عليه، والصحيح الأول، وتتميمًا للفائدة أذكر ترجمته نقلاً عن العلامة تاج الدين بن السبكى فى طبقات الشافعية، قال: نقل الغزالى فى الوسيط أنه روى عن المزنى، عن الشافعى أنه رجع عن تنجيس شعر الآدمى، وقد سبق الغزالى إلى هذا النقل أبو عاصم العبادى، والقاضى الماوردى، وجماعات، والرجل معروف الاسم بين المتقدمين لا ينبغى إنكاره، غير أن ترجمته عزيزة لم أجدها إلى الآن كما فى النفس. وقد ذكره العبادى فى الطبقة الثانية فى المقلين المنفردين بروايات، وسيأتى ما يؤيد روايته، فإنا إن شاء الله سنذكر فى الطبقة الثالثة فى= =ترجمة محمد بن عبد الله بن أبى جعفر قوله: سمعت ابن أبى هريرة يقول: سمعت ابن سريج يقول: سمعت أبا القاسم الأنماطى يقول: إن أبا إبراهيم المزنى قال: سمعت الشافعى يقول قبل وفاته بشهر: إن الشعر لا يموت بموت ذات الروح، فقد تابع الأنماطى، وهذه متابعة جيدة لم أجد فى الباب مثلها. ا. هـ. إدارة الطباعة المنيرية.