المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الردل وسبى الذرية، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: “لقد - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌[القسم الأول: في الأسماء]

- ‌فصلاعلم أن لمعرفة أسماء الرجال، وأحوالهم، وأقوالهم، ومراتبهم، فوائد كثيرة

- ‌فصل: يتعلق بالتسمية والأسماء والكنى والألقاب

- ‌فصل فى حقيقة الصحابى والتابعى وبيان فضلهم

- ‌فصل ابتداء التاريخ

- ‌الترجمة النبوية الشريفة

- ‌فصل فى صفته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أبناءه وبناته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أزواجه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مواليه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خدمه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى كُتَّابه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى رُسُلِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى مؤذنيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى حجه وعمرته وغزواته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أخلاقه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى معجزاته صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى أفراس النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل فى خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأحكام وغيرها

- ‌إمامنا، رضى الله عنه

- ‌فصل فى مولد الشافعى، رحمه الله، ووفاته

- ‌فصل فى تلخيص جملة من أحوال الشافعى

- ‌فصل فى نوادر من حكم الشافعى، رضى الله عنه، وجزيل كلامه

- ‌فصل فى أحرف من المنقولات من سخائه

- ‌فصل فى شهادة أئمة الإسلام المتقدمين فمن بعدهم للشافعى بالتقدم فى العلم

- ‌فصل فيمن روى الشافعى عنهم

- ‌فصل فى منثور من أحوال الشافعى، رحمه الله

- ‌فصل فى الإشارة إلى بعض شيوخه

- ‌فصل فى اسم صحيح البخارى، وتعريف محله

- ‌حرف الألف

- ‌باب من اسمه آدم

- ‌باب أبان

- ‌باب إبراهيم

- ‌باب إبليس

- ‌‌‌باب أبيض

- ‌باب أبي

- ‌باب أحمد

- ‌باب أسامة، وإسحاق، وأسلع، وأسلم

- ‌باب إسماعيل

- ‌باب أشيم، وأشعث، وأفلح، والأقرع، وأكيدر

- ‌باب إلياس، وامرؤ القيس، وأمية

- ‌باب أنجشة، وأنس، وأنيس

- ‌باب أوس

- ‌باب إياس، وأيمن، وأيوب

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌باب البراء، وبريدة، وبشر، وبشير

- ‌باب بكير، وبلال، وبهز

- ‌حرف التاء المثناة فوق

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌باب سعد

- ‌باب سعيد

- ‌باب سفيان وسفينة

- ‌باب سلمان

- ‌باب سلمة وسليم

- ‌باب سُليم

- ‌باب سليمان

- ‌باب سمرة وسنين

- ‌باب سهل

- ‌باب سهيل

- ‌باب سويد وسيف

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء المهملة

- ‌حرف العين المهملة

- ‌باب عبد الحق، وعبد الحميد، وعبد خير، وعبد الدايم

- ‌باب عبد الرحمن

- ‌باب عبد العزيز، وعبد الكريم، وعبد المجيد

- ‌باب عبد، وعبيد، وعبيد الله وعبيدة بفتح العين، وعبيدة بالضم

- ‌باب العين والتاء المثناة فوق

- ‌باب العين والثاء المثلثة

- ‌باب عجلان، وعدي، وعرابة

- ‌باب عصام، وعطاء، وعطية

- ‌باب العين والقاف

- ‌باب العين والكاف

- ‌باب العين واللام

الفصل: الردل وسبى الذرية، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: “لقد

الردل وسبى الذرية، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: “لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى”.

وتوفى شهيدًا عام الخندق من جرح أصابه من قتال الخندق. وثبت فى صحيحى البخارى ومسلم، عن جابر، رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: “اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ” (1) . وفى صحيح مسلم، عن أنس، رضى الله عنه، مثله. قال العلماء: اهتزاز العرش فرح الملائكة بقدومه؛ لما رأوا من منزلته.

وفى الصحيحين عن البراء، قال: أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير، فجعلنا نلمسه ونتعجب منه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: “والذى نفسى بيده، لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير من هذا وألين”. وفى الصحيحين عن أنس مثله. وفى رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذى نفسى بيده، لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا” (2) .

وفى الصحيحين عن أبى سعيد، رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث إلى سعد بن معاذ فجاء على حمار، فبلغ قريبًا من المسجد، قال: “قوموا إلى سيدكم”، أو قال: “خيركم” (3) .

وفى الترمذى، عن أنس، قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ، قال المنافقون: ما أخف جنازته، وذلك لحكمه فى قريظة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:"إن الملائكة كانت تحمله"(4) . قال الترمذى: هذا حديث صحيح. ومناقب سعد، رضى الله عنه، كثيرة مشهورة، وأنشدوا:

وما اهتز عرش الله من موت هالك

سمعنا به إلا لسعد أبى عمرو

روى له البخارى حديثًا من رواية ابن مسعود فيه معجزة من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌باب سعيد

207 -

سعيد بن أبيض بن حمال (5) :

بفتح الحاء المهملة. مذكور فى المهذب فى إحياء الموات فى باب الأقطاع، وهو يمانى تابعى. روى عن أبيه، وهو صحابى سبق بيانه. وعن فروة بن مسيك، بضم الميم. روى عنه ابنه ثابت.

(1) حديث أنس: أخرجه أحمد (3/234، رقم 13460) ، ومسلم (4/1916، رقم 2467) ، وابن حبان (15/505، رقم 7032) ، والطبرانى (6/12، رقم 5343) .

حديث ابن عمر: ذكره الحكيم (1/99) .

حديث معيقيب: أخرجه الطبرانى (6/12، رقم 5341) . قال الهيثمى (9/309) : فيه عمرو بن مالك الغبرى وثقه ابن حبان وقال يغرب وضعفه أبو حاتم وأبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح.

حديث أسيد بن خضر: أخرجه الحاكم (3/228، رقم: 4927) . وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/393، رقم 32314) ، وابن أبى عاصم فى الآحاد والمثانى (3/468، رقم 1926) .

حديث جابر: أخرجه أحمد (3/316، رقم 14440) ، والبخارى (3/1384، رقم 3592) ، ومسلم (4/1915، رقم 2466) ، والترمذى (5/689، رقم 3848) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (1/56، رقم 158) ، وابن حبان (15/504، رقم 7031) ، والحاكم (3/229، رقم 4928) وقال: صحيح الإسناد.

(2)

حديث أنس: أخرجه الطيالسى (ص 274، رقم 2057) ى ى، وأحمد (3/238، رقم 13517) ، وعبد بن حميد (ص 361، رقم 1200) ، ومسلم (4/1916، رقم 2469) . وأخرجه أيضا: النسائى (8/199، رقم 5302) ، وفى الحديث أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فذكره.

حديث البراء: أخرجه الطيالسى (ص 97، رقم 710) ، وأحمد (4/294، رقم 18618) ، والبخارى (6/2448، رقم 6264) ، ومسلم (4/1916، رقم 2468) ، والترمذى (5/689، رقم 3847) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضا: هناد (1/114، رقم 143) ، وابن ماجه (1/55، رقم 157)، وفى الحديث أنه أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم ثوب حرير فجعلوا يلمسونه ويتعجبون منه وقالوا: ما رأينا ثوبا خير منه وألين؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أيعجبكم هذا؟ قلنا: نعم. فذكره.

(3)

أخرجه البخارى (3/1107، رقم 2878) ، ومسلم (3/1388، رقم 1768) ، وأبو داود (4/355، رقم 5215) ، والطبرانى (6/6، رقم 5323)، وفى الحديث أن النبى (بعث إلى سعد بن معاذ فى أمر بنى قريظة فجاء سعد على حمار قد كادت رجلاه تبلغان الأرض فلما رآه النبى (قال لأصحابه: قوموا إلى سيدكم

الحديث.

(4)

أخرجه الترمذى (5/690، رقم 3849) وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضًا: عبد بن حميد (ص 360، رقم 1194) ، وأبو يعلى (5/377، رقم 3034) ، والضياء (7/29، رقم 2413) .

(5)

التاريخ الكبير للبخارى (4/1525) ، والجرح والتعديل (4/الترجمة5) ، وميزان الاعتدال (2/3134)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/3) . تقريب التهذيب (2271) وقال:"مقبول من الثالثة د س ق"..

ص: 215

208 -

سعيد بن جبير (1) :

تكرر فى المختصر، وذكر فى المهذب، والوسيط فى الشهادات وغيره. هو الإمام الجليل أبو عبد الله، كذا كناه الجمهور، وقيل: أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الكوفى الأسدى الوالبى، بالموحدة، منسوب إلى ولاء بنى والبة، ووالبة هو ابن الحارث بن ثعلبة ابن دودان، بدالين مهملتين الأولى مضمومة، ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس.

سمع سعيد جماعات من أئمة الصحابة، منهم ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن مغفل، وأبو مسعود البدرى، وأنس، رضى الله عنهم، وجماعات من التابعين. روى عنه جماعات من التابعين وغيرهم، وكان سعيد من كبار أئمة التابعين ومتقدميهم فى التفسير، والحديث، والفقه، والعبادة، والورع، وغيرها من صفات أهل الخير.

روينا عن أصبغ بن زيد الواسطى، قال: كان لسعيد بن جبير ديك يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة حتى أصبح، فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه، فقال: ما له قطع الله صوته، فما سمع له صوت بعد. وذكر البخارى فى تاريخه، عن سفيان الثورى أنه كان يقدم سعيد بن جبير فى العلم على إبراهيم النخعى.

وذكر ابن أبى حاتم بإسناده عن ابن عباس أنه قال لسعيد بن جبير: حدث، فقال: أحدث وأنت شاهد؟ فقال: أوليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد. وبإسناده أن رجلاً سأل ابن عمر عن فريضة، فقال: سل عنها سعيد بن جبير، فإنه يعلم منها ما أعلم، ولكنه أحسب منى. وبإسناده أن ابن عباس كان إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه يقول: أليس فيكم سعيد بن جبير. وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء.

ومناقبه كثيرة مشهورة، قتله الحجاج بن يوسف صبرًا ظلمًا فى شعبان سنة خمس وتسعين، ولم يعش الحجاج بعده إلا أيامًا، وكان عمر سعيد بن جبير حين قُتل تسعًا وأربعين سنة، وهذا هو الأصح، ولم يذكر البخارى فى تاريخه وغيره من الأئمة سواه. وقال السمعانى: قُتل سنة أربع وتسعين وهو ابن ثلاث وخمسين سنة. وقال ابن قتيبة: قُتل سنة أربع وتسعين وهو ابن تسع وأربعين.

روينا عن خلف بن خليفة، قال: حدثنى بواب الحجاج، قال: رأيت رأس سعيد بن

(1) طبقات ابن سعد (6/256) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1533) ، والجرح والتعديل (4/29) ، وتاريخ الإسلام (4/2) ، وسير أعلام النبلاء (4/321)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/11) . تقريب التهذيب (2278) وقال:"ثقة ثبت فقيه من الثالثة وروايته عن عائشة وأبي موسى ونحوهما مرسلة قتل بين يدي الحجاج [دون المائة] سنة خمس وتسعين ولم يكمل الخمسين ع"..

ص: 216

جبير بعدما سقط إلى الأرض يقول: لا إله إلا الله. وكان لسعيد ثلاثة بنين: عبد الله، ومحمد، وعبد الملك. وروى ابن قتيبة أن الحجاج قال له: اختر أية قتلة شئت، فقال: اختر أنت لنفسك، فإن القصاص أمامك.

209 -

سعيد بن زيد الصحابى (1) :

أحد العشرة، رضى الله عنهم. تكرر ذكره. هو أبو الأعور، وقيل: أبو ثور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح، بالمثناة، ابن عبد الله بن قرط بن رزاح، براء مفتوحة ثم زاى وحاء مهملة، ابن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى العدوى المكى المدنى، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو راض عنهم، وهو ابن ابن عم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وتزوج أخت عمر فاطمة بنت الخطاب، أسلمت هى وزوجها سعيد قبل عمر، وكانا سبب إسلام عمر، رضى الله عنهم، وأسلم سعيد قديمًا، وكان من المهاجرين الأولين، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أُبىّ بن كعب.

وشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها بعد بدر، واختلفوا فى شهوده بدرًا، فقال الأكثرون: لم يشهدها لعذره، فإنه كان غائبًا عن المدينة، وضرب له النبى صلى الله عليه وسلم بسهمه منها وأجره. وقال جماعة: شهد بدرًا. وذكره البخارى فى صحيحه فيمن شهد بدرًا، وشهد اليرموك، وحصار دمشق، وكان مجاب الدعوة.

روينا فى صحيحى البخارى ومسلم، عن عروة، أن سعيد بن زيد خاصمته أروى بنت أوس إلى مروان، وادَّعت عليه أنه أخذ شيئًا من أرضها، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من أخذ شبرًا من أرض ظلمًا، طوقه إلى سبع أرضين”، فقال مروان: لا أسألك بَيِّنة بعد هذا، قال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واقتلها فى أرضها، فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينا هى تمشى فى أرضها إذ وقعت فى حفرة فماتت. وفى رواية لمسلم أنها قالت: أصابتنى دعوة سعيد.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعون حديثًا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث. روى عنه ابن عمر، وعمرو بن حريث، وابن الطفيل الصحابيون، رضى الله

(1) طبقات ابن سعد (3/379، و6/13) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1509) ، والكنى للدولابى (1/11) ، والجرح والتعديل (4/85) ، والاستيعاب (2/614) ، وأسد الغابة (2/306) ، وسير أعلام التبلاء (1/124)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/34) . تقريب التهذيب (2314) وقال: “أحد العشرة مات سنة خمسين أو بعدها بسنة أو سنتين ع”.

ص: 217

عنهم، وجماعات من التابعين. توفى بالعقيق، وقيل: بالمدينة سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة، وغسله ابن عمر، وقيل: سعد بن أبى وقاص، وصلى عليه ابن عمر، ونزل فى قبره سعد، وابن عمر، رضى الله عنهم أجمعين.

210 -

سعيد بن العاص الصحابى، رضى الله عنه (1) :

مذكور فى المهذب فى الصلاة على الجنازة، وموقف الإمام منها. هو أبو عثمان، وقيل: أبو عبد الرحمن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القريشى الأموى الحجازى. قال محمد بن سعد: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسعيد تسع سنين، وكان من أشراف قريش، جمع السخاء والفصاحة، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان، واستعمله عثمان، رضى الله عنه، على الكوفة، وغزا طبرستان وافتتحها، وقيل: إنه افتتح جرجان فى خلافة عثمان.

وكان يقال له: عكة العسل؛ لكثرة خيره، وسكن دمشق، ثم تحول إلى المدينة، ولما قتل عثمان، رضى الله عنه، اعتزل الفتن، فلم يشهد الجمل ولا صفين، ثم استعمله معاوية، رضى الله عنه، على المدينة، وكان يوليه إذا عزل مروان، ويولى مروان إذا عزله. وكان سعيد لكثرة جوده إذا سأله إنسان وليس عنده ما يعطيه كتب له عليه دينًا إلى وقت ميسرته، وله فى ذلك حكايات مشهورة، وكان يجمع إخوانه كل جمعة فيصنع لهم طعامًا ويخلع عليهم، ويرسل إليهم بالجوائز، ويبعث إلى عيالهم العطاء الكثير، وكان يبعث مولى له كل ليلة جمعة إلى مسجد الكوفة ومعه الصرر فيها الدنانير، فيضعها بين يدى المصلين.

وروى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عمر، وعثمان، وعائشة، رضى الله عنهم. وروى عنه ابناه يحيى وعمرو الأشدق، وسالم بن عبد الله، وعروة، وغيرهم. قالوا: ولما حضرته الوفاة قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتى؟ قال الأكبر: أنا، قال: إن فيها وفاء دينى، قال: وما هو؟ قال: ثمانون ألف دينار، قال: وفيم أخذتها؟ قال: فى كريم سددت خلته، وفى رجل جاءنى ودمه يتروى فى وجهه من الحياء فبدأته بحاجته قبل سؤاله. توفى سنة تسع وخمسين، وقيل: سنة سبع أو ثمان وخمسين، رضى الله عنه.

(1) طبقات ابن سعد (5/30) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1672) ، والكنى للدولابى (1/63) ، والجرح والتعديل (4/204) ، والاستيعاب (2/621) ، وأسد الغابة (2/309) ، وتاريخ الإسلام (2/286) ، وسير أعلام النبلاء (3/444) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/48) ، والإصابة (2/3268) . تقريب التهذيب (2337) ..

ص: 218

211 -

سعيد المقبرى (1) :

مذكور فى المختصر فى أول النفقات، وفى الخراج. هو سعيد بن كيسان، ويُعرف بسعيد بن أبى سعيد المقبرى، بضم الباء وفتحها، منسوب إلى المقابر؛ لأنه كان يسكن عندها، وقيل: لأن عمر بن الخطاب جعله على حفر القبور بالمدينة، وهو أبو سعد، بإسكان العين، سعيد بن أبى سعيد المقبرى الليثى، مولاهم المدنى التابعى، كان أبوه مكاتبًا لامرأة من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، سمع ابن عمر، وأبا هريرة، وأبا شريح الخزاعى، وأبا سعيد الخدرى، رضى الله عنهم، وسمع من التابعين وأباه وخلائق.

روى عنه أبو حازم، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، ويحيى الأنصارى، وعبيد الله العمرى التابعيون، ومالك بن أنس، وابن أبى ذؤيب، والليث، وخلائق من أتباع التابعين والأئمة، واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم. قال محمد بن سعد: كان ثقة، كثير الحديث، لكنه كبر واختلط قبل موته، وقد الشام مرابطًا، وحدَّث ببيروت من ساحل دمشق.

212 -

سعيد بن المسيب (2) :

تكرر فى المختصر، والمهذب، والوسيط. هو الإمام الجليل أبو محمد سعيد بن المسيب ابن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ، بالذال المعجمة، ابن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القريشى المخزومى التابعى، إمام التابعين. وأبوه المسيب، وجده حزن صحابيان، أسلما يوم فتح مكة، ويقال: المسيب، بفتح الياء وكسرها، والفتح هو المشهور، وحكى عنه أنه كان يكرهه، ومذهب أهل المدينة الكسر.

ولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب، وقيل: لأربع سنين، ورأى عمر وسمع منه، ومن عثمان، وعلى، وسعد بن أبى وقاص، وابن عباس، وابن عمر، وجبير ابن مطعم، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وحكيم بن حزام، وأبى هريرة، ومعاوية، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبى موسى الأشعرى، وصفوان بن أمية، وأبيه، والمسور بن مخرمة، وجابر بن عبد الله، وأبى سعيد الخدرى، وزيد بن ثابت، وعثمان بن أبى العاص، وعائشة، وأم سلمة، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين.

روى عنه جماعات من أعلام التابعين، منهم عطاء بن أبى رباح،

(1) التاريخ الكبير للبخارى (3/1585) ، والجرح والتعديل (4/251) ، وتاريخ الإسلام (5/80) ، وسير أعلام النبلاء (5/216) ، وميزان الاعتدال (2/3187)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/38) . تقريب التهذيب (2321) وقال: “ثقة من الثالثة تغير قبل موته بأربع سنين وروايته عن عائشة وأم سلمة مرسلة مات في حدود العشرين وقيل قبلها وقيل بعدها ع”.

(2)

طبقات ابن سعد (2/379 و5/119) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1698) ، والجرح والتعديل (4/262) ، وتاريخ الإسلام (4/4، 118) ، وسير أعلام النبلاء (4/217) ، وتذكرة الحفاظ (1/54)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/84) . تقريب التهذيب (2396) وقال: “أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار من كبار الثانية اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل وقال ابن المديني لا أعلم في التابعين أوسع علما منه مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين ع”.

ص: 219

ومحمد الباقر، وعمرو بن دينار، ويحيى الأنصارى، والزهرى، وأكثر عنه، وخلائق غيرهم. واتفق العلماء على إمامته، وجلالته، وتقدمه على أهل عصره فى العلم، والفضيلة، ووجوه الخير.

قال محمد بن يحيى بن حبان: كان رأس أهل المدينة فى دهره، المقدم عليهم فى الفتوى سعيد بن المسيب، ويقال له: فقيه الفقهاء. وقال قتادة: ما رأيت أحدًا أعلم بحلال الله وحرامه من سعيد بن المسيب. وقال مكحول: طفت الأرض كلها فى طلب العلم، فما لقيت أحدًا أعلم من سعيد بن المسيب. وقال سليمان بن موسى: كان سعيد ابن المسيب أفقه التابعين.

وروينا عن سعيد قال: كنت أرحل الأيام والليالى فى طلب الحديث الواحد. وقال على بن المدينى: لا أعلم أحدًا فى التابعين أوسع علمًا من سعيد بن المسيب، وإذا قال سعيد: مضت السنة، فحسبك به. قال: وهو عند أجلِّ التابعين. وقال أحمد بن حنبل: أفضل التابعين سعيد بن المسيب، فقيل له: فعلقمة والأسود، فقال: سعيد، وعلقمة، والأسود.

وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب؟ فقال: ومَن مثل سعيد بن المسيب، ثقة من أهل الخير، قلت: فسعيد عن عمر حجة؟ فقال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر، فمن يقبل؟! وقال يحيى بن معين: قد رأى عمر وكان صغيرًا. وقال يحيى بن سعيد: كان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتى فتيا ولا يقول شيئًا إلا قال: اللهم سلمنى وسلم منى.

وقال أبو حاتم: ليس فى التابعين أنبل من سعيد بن المسيب، وهو أثبتهم فى أبى هريرة. قال الحافظ: كان أعلم الناس بحديث أبى هريرة سعيد بن المسيب، وكان زوج بنت أبى هريرة. قال أحمد بن عبد الله: كان سعيد فقيهًا، صالحًا، لا يأخذ العطاء، له بضاعة أربعمائة دينار يتجر فيها فى الزيت. وروى البخارى فى تاريخه أن ابن المسيب حج أربعين حجة. وأقوال السلف والخلف متظاهرة على إمامته، وجلالته، وعظم محله فى العلم والدين.

توفى سنة ثلاث وتسعين، وقيل: سنة أربع وتسعين، وكان يقال لهذه السنة: سنة الفقهاء؛ لكثرة من مات فيها من الفقهاء، وقد ذكرنا مرارًا أن سعيد بن المسيب أحد فقهاء المدينة السبعة، وسبق بيانهم فى ترجمة خارجة بن زيد.

وأما

ص: 220

قول الإمام أحمد بن حنبل وغيره: أن سعيد بن المسيب أفضل التابعين، فمرادهم أفضلهم فى علوم الشرع، وإلا ففى صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم”.

وأما قول أصحابنا المتأخرين: مراسيل سعيد بن المسيب حجة عند الشافعى، فليس على إطلاقه على المختار، وإنما قال الشافعى، إرسال ابن المسيب عندنا حسن. ولأصحابنا المتقدمين فيها وجهان مشهوران، أحدهما: أنها حجة مطلقة، قالوا: لأنها فتشت فوجدت مسندة. والثانى، وهو الصحيح واختاره المحققون: أنها كغيرها من مراسيل كبار التابعين، فإن اعتضدت بمسند أو بمرسل من جهة أخرى أو قول بعض الصحابة أو أكثر الفقهاء بعدهما، كانت حجة عند الشافعى، وإلا فلا؛ لأنه وجد فيها ما ليس مسندًا بحال، كذا ذكره البيهقى، والخطيب البغدادى، وغيرهما من الحفاظ المتقنين.

وقد بسطت القول فيه فى علوم الحديث، ومقدمة شرح المهذب، ومن غرائب ابن المسيب قوله: إن المطلقة ثلاثًا تحل للأول بمجرد عقد الثانى من غير وطء، وقال جميع العلماء بسواه: يشترط الوطء.

213 -

سعيد بن أبى عروبة (1) :

مذكور فى المختصر فى كتاب العتق، هكذا يقال: ابن أبى عروبة، ولا يستعمله المحدثون وأصحاب الأسماء والتواريخ إلا هكذا. وقال ابن قتيبة فى أدب الكاتب: صوابه ابن أبى العروبة، وهو أبو النضر سعيد بن مهران بن عروبة العدوى عدى يشكر، مولاهم البصرى، سمع الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وآخرين من التابعين.

روى عنه الأعمش، وهو تابعى، والثورى، وشعبة، وخلائق. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، واختلط قبل وفاته. وحكم المختلط أنه لا يُحتج بما روى عنه فى الاختلاط أو شك فى وقت تحمله، ويحتج بما روى عنه قبل الاختلاط، وما كان فى الصحيحين عنه محمول على الأخذ عنه قبل اختلاطه. توفى سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى.

(1) طبقات ابن سعد (7/273) ، والتاريخ الكبير للبخارى (3/1679) ، والجرح والتعديل (4/276) ، وتاريخ الإسلام (6/183) ، وسير أعلام النبلاء (6/413) ، وميزان الاعتدال (2/3242) ، وتذكرة الحفاظ (1/177)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/110) . تقريب التهذيب (2365) وقال: “ثقة حافظ له تصانيف لكنه كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة من السادسة مات سنة ست وقيل سبع وخمسين ع.

ص: 221