الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
* * *
باب سفيان وسفينة
بضم السين وكسرها وفتحها، والضم أشهر
214 -
سفيان الثورى (1) :
تكرر فى المهذب. هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع ابن عبد الله بن موهبة بن أبى عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبة بن ملكان ابن ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر الثورى الكوفى، الإمام الجامع لأنواع المحاسن.
وهو من تابعى التابعين، ولد سنة سبع وتسعين، سمع سفيان الثورى: أبا إسحاق السبيعى، وعبد الملك بن عمير، وعمرو بن مرة، وخلائق من كبار التابعين وغيرهم. روى عنه محمد بن عجلان، والأعمش، وهما تابعيان، ومعمر، والأوزاعى، وابن أبى إسحاق، ومالك، وابن عيينة، وشعبة، والفضيل بن عياض، وأبو الأحوص، وأبو إسحاق الفزارى، وابن المبارك، وزائدة، وابن مهدى، ووكيع، وأبو نعيم، ويحيى القطان، ومحمد بن يوسف الفريابى، وخلائق.
واتفق العلماء على وصفه بالبراعة فى العلم بالحديث، والفقه، والورع، والزهد، وخشونة العيش، والقول بالحق، وغير ذلك من المحاسن. قال أحمد بن عبد الله: أحسن إسناد الكوفة سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود.
وقال أبو عاصم: الثورى أمير المؤمنين فى الحديث. وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف ومائة شيخ، ما كتبت عن أفضل من الثورى. وقال عبد الرزاق: سمعت الثورى يقول: ما استودعت قلبى شيئًا فخاننى قط. وقال يونس بن عبيد: ما رأيت أفضل من الثورى، فقيل: قد رأيت عطاء، وسعيد بن جبير، ومجاهد وتقول هذا؟! فقال: هو والله ما أقول ما رأيت أفضل من الثورى.
وقال يحيى بن معين: كل من خالف الثورى فالقول قول الثورى. وقال ابن مهدى: ما رأيت أحفظ للحديث من الثورى. وقال ابن عيينة: كان ابن عباس فى زمانه، والشعبى فى زمانه، والثورى فى زمانه. وقال عباس الدورى: رأيت ابن معين لا يقدم على الثورى فى زمانه أحدًا فى كل شىء. وقال القطان: ما رأيت أحفظ من الثورى.
وقال ابن عيينة: أنا من غلمان
(1) طبقات ابن سعد (6/371) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2077) ، والكنى للدولابى (2/56) ، والجرح والتعديل (4/972)، وسير أعلام النبلاء (7/229 - 279) . تقريب التهذيب (2445) وقال:"ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة السابعة وكان ربما دلس مات سنة إحدى وستين وله أربع وستون ع". .
الثورى، وما رأيت أعلم بالحلال والحرام منه. وقال ابن المبارك: كنت إذا شئت رأيت الثورى مصليًا، وإن شئت رأيته محدثًا، وإن شئت رأيته فى غامض الفقه. وقال الأوزاعى، وقد ذكر ذهاب العلماء: لم يبق منهم من يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة إلا الثورى. وقال الوليد بن مسلم: رأيت الثورى يستفتى بمكة ولم يختط وجهه.
وروينا عن عبد الرزاق، قال: بعث أبو جعفر أمير المؤمنين الخشابين قدامه حين خرج إلى مكة، وقال: إذا رأيتم سفيان الثورى فاصلبوه، فوصلوا مكة ونصبوا الخشب، فنودى سفيان، فإذا رأسه فى حجر الفضيل بن عياض، ورجله فى حجر ابن عيينة، فقالوا: يا أبا عبد الله، اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء، فتقدم إلى أستار الكعبة فأخذها، وقال: برئت منه إن دخلها أبو جعفر، فمات أبو جعفر قبل أن يدخل مكة.
وأحوال الثورى والثناء عليه أكثر من أن تُحصر، وأوضح من أن تُشهر، وهو أحد أصحاب المذاهب الستة المتبوعة. وقد ذكرت فى ترجمة الشافعى، رضى الله عنه، أن بعض الأئمة جمعهم فى بيت شعر. قال أبو نعيم الفضل بن دكين: خرج الثورى من الكوفة إلى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة، فما رجع إليها. قال محمد بن سعد: أجمعوا على أنه توفى بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة، رضى الله عنه.
215 -
سفيان بن عبد الله الصحابى، رضى الله عنه (1) :
عامل عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، مذكور فى المهذب فى أواخر صدقة الغنم، هو أبو عمرو، وقيل: أبو عمرة سفيان بن عبد الله بن أبى ربيعة بن الحارث بن مالك ابن حطيط، بضم الحاء المهملة، ابن جشم بن ثقيف الثقفى الطائفى الصحابى، كان عاملاً لعمر بن الخطاب، رضى الله عنه، على الطائف، واستعمله إذ عزل عثمان بن أبى العاص عنها، ونقله إلى البحرين.
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة. روى مسلم فى صحيحه منها حديثًا، وهو أنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لى فى الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحدًا غيرك، قال:"قل: آمنت بالله ثم استقم"، وهذا الحديث أحد الأحاديث التى عليها مدار
(1) طبقات ابن سعد (5/514) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2057) ، والجرح والتعديل (4/952) ، والاستيعاب (2/630) ، وأسد الغابة (2/319) ، والكاشف (1/2017) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/115)، والإصابة (2/3315) . تقريب التهذيب (2446) وقال:"صحابي وكان عامل عمر على الطائف م ت س ق"..
الإسلام. روى عنه ابنه عبد الله، وعروة، وجبير بن نفير، ونافع بن جبير، وغيرهم، رضى الله عنهم.
216 -
سفيان بن عيينة (1) :
تكرر فيها كثيرًا. هو أبو محمد سفيان بن عيينة، بضم العين والسين على المشهور، ويقال: بكسرهما، وحكى فتح السين أيضًا ابن عمران ميمون الكوفى، ثم المكى الهلالى مولاهم، مولى محمد بن مزاحم، أخى الضحاك، وكان بنو عيينة عشرة خزازين، حدَّث منهم خمسة: محمد، وإبراهيم، وسفيان، وآدم، وعمران، أشهرهم وأجلهم سفيان. سكن مكة وتوفى بها، وهو من تابعى التابعين.
سمع الزهرى، وعمرو بن دينار، والشعبى، وعبد الله بن دينار، ومحمد بن المنكدر، وخلائق من التابعين وغيرهم. روى عنه الأعمش، والثورى، ومسعر، وابن جريج، وشعبة، وهمام، ووكيع، وابن المبارك، وابن مهدى، والقطان، وحماد بن زيد، وقيس بن الربيع، والحسن بن صالح، والشافعى، وابن وهب، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، وابن معين، وابن راهوية، والحميدى، وخلائق لا يحصون من الأئمة. وروى الثورى عن القطان، عن ابن عيينة، واتفقوا على إمامته وجلالته وعظم مرتبته.
روينا عن ابن وهب، قال: ما رأيت أعلم بكتاب الله تعالى من ابن عيينة. وقال أبو يوسف الغسولى: دخلت على ابن عيينة وبين يديه قرصان من شعير، فقال: إنهما طعامى منذ أربعين سنة. وقال الثورى: ابن عيينة أحد الآخذين. وقال أبو حاتم: أتيت أصحاب الزهرى مالك، وابن عيينة، وكان أعلم بحديث عمرو بن دينار من شعبة. وقال يحيى القطان: سفيان إمام من أربعين سنة، وذلك فى حياة سفيان.
وقال يحيى: أثبت الناس فى حديث عمرو بن دينار ابن عيينة. وقال القطان: ما رأيت أحسن حديثًا من ابن عيينة. وقال الشافعى: ما رأيت أحدًا فيه من آلة العالم ما فى سفيان، وما رأيت أحدًا أكف عن الفتيا منه، وما رأيت أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه. وقال أحمد بن عبد الله: كان ابن عيينة حسن الحديث، وكان يُعد من حكماء أصحاب الحديث، وكان حديثه نحو سبعة آلاف
(1) طبقات ابن سعد (5/497) ، والتاريخ الكبير للبخارى (4/2082) ، والجرح والتعديل (4/973) ، وسير أعلام النبلاء (8/400) ، والكاشف (1/2022) ، وتذكرة الحفاظ (1/262) ، وميزان الاعتدال (2/3327)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/117) . تقريب التهذيب (2451) وقال:"ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه بأخرة وكان ربما دلس لكن عن الثقات من رؤوس الطبقة الثامنة وكان أثبت الناس في عمرو ابن دينار مات في رجب سنة ثمان وتسعين وله إحدى وتسعون سنة ع"..
حديث، ولم يكن له كتب.
وروينا عن سعد، أن ابن نصر، قال: قال سفيان بن عيينة: قرأن القرآن وأنا ابن أربع سنين، وكتبت الحديث وأنا ابن سبع سنين، ولما بلغت خمس عشرة سنة قال لى أبى: يا بنى، قد انقطعت عنك شرائع الصبى، فاختلط بالخير تكن من أهله، واعلم أنه لن يسعد بالعلماء إلا مَن أطاعهم، فأطعهم تسعد، واخدمهم تقتبس من علمهم، فجعلت أميل إلى وصية أبى ولا أعدل عنها.
وروينا عن الحسن بن عمر، أن ابن عيينة قال: قال لى سفيان بالمزدلفة فى آخر حجة حجها: قد وفيت هذا الموضع سبعين مرة، أقول فى كل مرة: اللهم لا تجعله آخر العهد فى هذا المكان، وقد استحييت من الله تعالى من كثرة ما أسأله، فرجع فتوفى فى السنة الداخلة.
ومناقبه كثيرة مشهورة، وهو أحد أجداد الشافعية فى طريق الفقه كما سبق فى أول الكتاب، وكان يقول فى تفسير الحديث:"من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا"(1) ، من تأوله على أن المراد ليس على هدينا وحسن طريقتنا فقد أساء، ومراده أن يبقى تفسيره مسكوتًا ليكون أبلغ فى الزخر عن هذه المعاصى. ولد سفيان سنة سبع ومائة، وتوفى يوم السبت غرة رجب سنة ثمان وتسعين ومائة، رحمه الله.
217 -
سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) :
مذكور فى المهذب فى باب الأطعمة. هو لقب له، واسمه مهران، هذا قول الأكثرين، وقيل: أحمر، قاله أبو نعيم الفضل وغيره، وقيل: رومان، وقيل: بحران، وقيل: عبس، وقيل: قيس، وقيل: شنبة، بعد الشين نون ساكنة ثم باء موحدة، وقيل: عمير، حكاه الحاكم أبو أحمد، وكنيته أبو عبد الرحمن، هذا قول الأكثرين، وقيل: أبو البخترى، ولقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة.
روينا عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمشى، فمررنا بواد أو نهر، وكنت أعبر الناس، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما كنت منذ اليوم إلا سفينة". وروينا عنه، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى ومعه أصحابه، فثقل عليهم متاعهم، فقال لى:"ابسط كساك"، فبسطته، فجعلوا فيه متاعهم، ثم حمله علىَّ، فقال لى:"احمل، فإنما أنت سفينة"، فلو حمل علىَّ من يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أوخمسة أو ستة أوسبعة ما ثقل علىَّ
(1) أخرجه مسلم (1/99، رقم 101) ، وابن ماجه (2/860، رقم 2575) . وأخرجه أيضا: البخارى فى الأدب (1436، رقم1280) .
(2)
التاريخ الكبير للبخارى (4/2524) ، والجرح والتعديل (4/1392) ، والاستيعاب (2/684) ، وأسد الغابة (2/324) ، وسير أعلام النبلاء (3/172) ، والكاشف (1/2026) ، وتاريخ الإسلام (3/158) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (4/125)، والإصابة (2/3335) . تقريب التهذيب (2458) وقال:"سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الرحمن يقال كان اسمه مهران أو غير ذلك فلقب سفينة لكونه حمل شيئا كثيرا في السفر مشهور له أحاديث م 4"..