الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القصد إذا ذهبنا إلى أن النظام المحدد للصلاة يوم الجمعة والعيدين إنما نشأ بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم".
تعليق أحمد شاكر:
هذا غير صحيح، كما أوضحناه في الهامشة التي في العمود الثاني من ص 374، وإنما يدور كاتب المقال حول شيء واحد، يدور حوله معظم المستشرقين، وهو أن شعائر الإسلام وشرائعه كلها مقتبسة من عادات قديمة ومن ديانات سابقة. وقد رددنا على ذلك في أكثر من تعليق على هذه الدائرة، وأما بعد ذلك، فمناقشة كاتب المقال فيما سيذكر من (المثل المستقاة من اليهود والنصارى) فلا جدوى منها؛ لأنها قروض لم يسق عليها أي دليل.
المادة: الزهري
الجزء: 10/ الصفحة: 458
تعليق أحمد شاكر على مادة (الزهري):
نلاحظ على ما جاء بهذه المادة ما يأتي:
إن صحة كنية الزهري هي "أبو بكر" وقد عرف باسم "ابن شهاب" نسبه إلى جده الأعلى.
ويقول الكاتب إن الزهري أدى فروض الولاء لمروان، وهذا تخريج من عندياته، فإن العبارة في التهذيب لابن حجر (ص 451، س 6 - 7 في آخر الترجمة) "عن ابن شهاب، قال: وفدت إلى مروان
وأنا محتلم". وليس في هذا معنى فروض الولاء، وإنما يريد الزهري بذلك بيان عمره: أنه كان إذ ذاك في نحو الخامسة عشرة أو أقل.
أما الادعاء بأن عبد الملك منع الحج، فهو أكذوبة على عبد الملك بن مروان، اخترعها أعداء بني أمية، وكان عبد الملك أعلم بالدين، وأتقى لله من أن يفكر في مثل هذا العمل الذي هو خروج عن الإسلام صراحة.
ويقول الكاتب فيما يختص بالحديث: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد الأقصى". أن الحج يكون إلى هذه المساجد الثلاثة. وهذا تحريف لمعاني الكلام، فليس في الإسلام شيء يسمى حجًّا إلا الحج إلى البيت الحرام، وأما المسجدان الآخران: الحرم النبوي، ثم مسجد بيت المقدس، فإنما يقصدان للصلاة فيهما فقط، لورود الحديث في مضاعفة الأجر فيهما بأقل مما يضاعف في المسجد الحرام بمكة.
ويقول الكاتب: "ويصح لنا أن نفترض أن الزهري شخص إلى دمشق تحدوه آمال من هذا القبيل؛ ليروى لعبد الملك ذلك الحديث المؤيد لدعوته باسم شيخه سعيد بن المسيب". على أن هذا الفرض ساقه الكاتب من غير أي دليل، وهو مناف تمامًا لخلق الزهري العالم العظيم القوي في الحق. ولا أدل على ذلك مما رواه الذهبي (تاريخ الإسلام، جـ 5، ص 146): "قال يعقوب بن شيبة، حدثني الحسن الحلواني، حدثنا الشافعي، حدثنا عمي قال: دخل سليمان بن يسار
على هشام، فقال له: يا سليمان، من الذي تولى كبره منهم. فقال: ابن سلول. قال: كذبت بل هو علي. فدخل ابن شهاب، فقال: يابن شهاب من الذي تولى كبره؟ قال ابن أبيّ [أي ابن سلول]. فقال له: كذبت بل هو علي. قال: أنا أكذب لا أبالك؟ ! فوالله لو نادى مناد من السماء أن الله قد أحل الكذب ما كذبت. أما ما رواه كاتب المادة عن اليعقوبي، فقد تشكك هو نفسه فيه بدليل قوله: وإذا كانت رواية اليعقوبي صحيحة.
وأما صاحب حديث الإفك والذي تولى كبره، فهو عبد الله بن أبي بإجماع أهل العلم. وإصرار الزهري على ذلك هو إصرار الرجل الثابت الدين الواسع العلم على الحق، لا إرضاءً لفلان، أو خوفًا من فلان.
وأما القصة الغرامية التي نقلها الكاتب عن فهرست ابن النديم فحسبنا أن نقول: إن ابن النديم لا يعتدّ بقوله في مثل هذه الأمور.
ويريد الزهري بالعبارة التي نقلها عنه تلميذه معمر: أنهم كانوا يتحرجون من تأليف الكتب، ثم رأوا طاعة أمرائهم، ثم اقتنعوا بفائدة ذلك، نشرًا للعلم بين المسلمين. أما الكتابة في نفسها، فقد كانت شائعة عند أهل العلم - مع اعتمادهم على الحفظ - وفي نفس الصفحة من ابن سعد، قبل هذا الخبر (جـ 2، ق 2، ص 135) خبر عن صالح بن كيسان، زميل الزهري في الطلب، يتضمن أنهما اشتركا في كتابة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أراد الزهري أن يكتب ما جاء عن الصحابة "فإنه سنّة" فخالفه صالح بن كيسان، ولم يرض أن يكتب ذلك. قال