الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
درسوا المسائل، وعرفوا أدلتها، وعرفوا أقوال الأئمة، ورضوا منها ما اطمأنت له قلوبهم وأخذوا به، فظنهم الجاهلون مقلدين، وإنما هم مجتهدون وافق اجتهادهم اجتهاد غيرهم.
وممن أفاض القول في وجوب الاجتهاد على العلماء ومنع التقليد العلامة ابن القيم في (إعلام الموقعين) فليرجع إليه من شاء يقتنع، والحمد لله.
المادة: التقية
الجزء: 5/ الصفحة: 419
جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
"وفي مسائل العقائد تخلص محمد صلى الله عليه وسلم نفسه من العذاب في سبيل الدين بالقول: بأن عيسى لم يقتل ولم يصلب وإنما شبه لمن زعموا قتله، كما تخلص من العذاب في الحياة بالهجرة، وبإباحة إنكار العقيدة عند الضرورة، واتخاذ الكافرين أولياء، وأكل ما حرم، وهذه النظرة عامة في الإسلام".
تعليق أحمد شاكر:
يكفي أن نقول: ليس كذلك.
المادة: التقية
الجزء: 5/ الصفحة: 421
جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
"على أن النزوع إلى القول بأن التقية ليست في الأكثر إلا شيئًا
جائزًا وأنها ليست واجبة في جميع الأحوال كما يذهب بعض أهل السنة استنادًا إلى الآية (191) من سورة البقرة أدى إلى وضع أحاديث في التحذير منها، مثل:"رأس الفعل المداراة".
تعليق أحمد شاكر:
لا يفهم أن هذا اللفظ تحذير من التقية ولا حض عليها. ثم ما الذي يحفزهم على التزام ادعاء وضع الأحاديث عند كل مناسبة، والذي ورد في هذا حديث "رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس". وهو حديث في صحته خلاف. انظره في كشف الخفاء (ج 1، ص 421 - 422) وحديث: "مداراة الناس صدقة". وهو حديث رواه الطبراني وأبو نعيم وابن السني وابن حبان عن جابر وصححه ابن حبان. وانظر كشف الخفاء (ج 2، ص 200)، والجامع الصغير (طبعة التجارية سنة 1352، رقم 4368 و 8170)، وروضة العقلاء (لابن حبان)، ص 55)، وفتح الباري للحافظ ابن حجر (ج 10، ص 437، وليس في هذين الحديثين ما يدل على وجوب التقية أو التحذير منها، بل هما أمر بحسن معاملة الناس وتعليم في مكارم الأخلاق، لا يمنعان قائلًا أن يقول الحق في مواطن الصدق.
المادة: التقية
الجزء: 5/ الصفحة: 423
تعليق أحمد شاكر على مادة (التقية) في دائرة المعارف:
قال الله تعالى في الآية 28 من سورة آل عمران: {لَا يَتَّخِذِ
الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28]. فهذه الكلمة "تقية" رسمت هكذا في المصحف، فقرأها ثلاثة عشر من القراء الأربعة عشر "تُقَاةً" بضم التاء وفتح القاف وبعدها ألف، وقرأها ابن عباس ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والضحاك وأبو حيوة وسهل وحميد بن قيس والمفضل عن عاصم ويعقوب أحد القراء الأربعة عشر "تَقيَّةً" بفتح التاء وكسر القاف وتشديد الياء المفتوحة. وكلاهما مصدر فعل " اتَّقَى". فتقاة أصله "وُقَيَة" أبدلت الواو تاء كما أبدلوها في تُجاة وتُكاة، وأنقلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهو مصدر على "فُعَلَة"، كالتُؤَدَة والتُخَمَة، والمصدر على "فُعَل""وفُعَلَة" جاء قليلًا. "وتقيَّة" مصدر على وزن "فَعِيلَة"، وهو قليل، نحو النميمة، وكونه من "افْتَعَل" نادر. هذا تصريف الكلمة على القراءتين، كما قرره أبو حيان في تفسير البحر المحيط (ج 2 ص 424). فهذه الآية والآية الأخرى {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]. هما اللتان اتخذ منهما القائلون بالتقية أصل قولهم، ثم غلا أتباعهم في معناهما حتى أخرجوهما أو كادوا يخرجونهما عن أصل معناهما، وقد بين أئمة العلماء المراد في هذا المعنى، فقال أصحاب أبي حنيفة: التقية رخصة من الله تعالى، وتركها أفضل، فلو أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل، فهو أفضل ممن أظهر، وكذلك كل أمر فيه إعزاز للدين، فالإقدام عليه حتى يقتل أفضل من
الأخذ بالرخصة. وقال أحمد بن حنبل: وقد قيل له: إن عُرِضْتَ على السيف تجيب؟ قال: لا. وقال إذا أجاب العالم تقيةً والجاهل يجهل فمتى يتبين الحق؟ والذي نقل إلينا خلفًا عمن سلف؛ أن الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم بذلوا أنفسهم في ذات الله، وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا سطوة جبار ظالم. وقال الرازي: إنما تجوز التقية فيما يتعلق بإظهار الحق والدين، وأما ما يرجع ضرره إلى الغير، كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين فغير جائز ألبتة. فالظاهر من أقوال العلماء التي سقنا وغيرها مما امتلأت به الدواوين؛ أن التقية إنما تجوز عند الضرورة القصوى للمستضعف الذي يخشى على نفسه الفتنة، أن يجيب مكرهيه إلى ظاهر اللفظ مضطرًا على أن يطمئن قلبه بالإيمان والحق، ينظر في ذلك إلى حفظ حياته ومصلحة المسلمين، وعلى أن لا يكون ممن يقتدى به، فيخشى أن يخفي الحق على الجاهلين، وأن يضعف إيمانهم ويحجموا عن نصر حقهم، إقتداء بمن أجاب عند الإكراه تقية، وهم غافلون، وهذا هو الذي أضعف المسلمين في القرون الأخيرة: أن أحجم علماؤهم وزعماؤهم وقادتهم عن الضرب على أيدي الظالمين، وعن كلمة الحق في مواطن الصدق، فتهافت الناس وضعفت قلوبهم، وملئوا رعبًا من عدوهم، فكانوا لا غناء لهم، وكانوا غثاء كغثاء السيل. ولم يكن كذلك سلفهم الصالح، كانوا يتعرضون لصنوف البلاء، وأشد الإيذاء، وفي سبيل الله لم يجبنوا
ولا ينكصون، وسيرة رسول الله وأصحابه، ثم تاريخ الإسلام أكبر شاهد لما نقول، أما ما نسب إلى الشيعة الإمامية، من الغلو في التقية فما نظن كله صحيحًا (1)، بل لعل أكثره مما عري المسلمين من
(1) راسلتُ فضيلة الشيخ ناصر القفاري في تاريخ 14/ 2/ 1424 هـ حول ما ذكره الشيخ أحمد شاكر عن التقية عند الشيعة، فوافى جوابه حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
دراسة نقدية لمقالة الشيخ أحمد شاكر
عن التقية عند الشيعة الإمامية
يقول الشيخ أحمد شاكر: " .. أما ما نسب إلى الشيعة الإمامية من الغلو في التقية فما نظن كله صحيحًا
…
" إلخ.
أولًا: لم يرجع شاكر إلى مصادر الشيعة الإمامية الأساسية، (كمصادرهم الثمانية في الرواية، ومصادرهم الأربعة في الرجال، وأصول أو أمهات كتب التفسير عندهم) ليقف على الحقيقة، ويتبين صحة هذا الاتهام أو كذبه، وغاية ما اعتمد عليه مجرد قول للشريف الرضي المتوفى سنة 406 وصفه بأنه من أقدم أقوال أئمتهم في ذلك كما بنى رأيه على "ظن""ولعل" "فما نظن كله صحيحًا، بل لعل أكثره
…
إلخ".
وهذا يشير إلى عدم جزمه بما يقول، وتورعه رحمه الله أن يؤكد ما لا دليل عليه على سبيل اليقين ولو رجع إلى أصول الكافي أهم وأوثق المصادر في مقاييسهم أو غيره لرأى نصوصًا تجعل التقيَّة تسعة أعشار الدين بل تجرد من لا يعمل بمبدأ التَّقيَّة من الدين أصلًا فقد جاء في أحاديثهم (والتي ينسبونها لبعض آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبًا):"تسعة أعشار الدين في التقيَّة ولا دين لمن لا تقية له" فهل فوق هذا غلو.
فهذا النص يُسنده الكليني إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق المولود سنة 80 هـ والمتوفى سنة 184 هـ (أي الذي عاش في فترة =
الضعف في القرون الأخيرة، وبعضه مما لقي متقدموهم من شدائد
= عز الإسلام والمسلمين فأي حاجة إلى التقيّة في ذلك الزمن وماذا يبطن هؤلاء الشيعة الإمامية وهم يعيشون بين المسلمين).
وهو أقدم من نص الشريف الرضي وهو واحد من ثلاثة وعشرين حديثًا من أحاديثهم جاءت في باب مستقل يحمل اسم "باب التقيَّة" في أوثق كتبهم وأهمها عندهم كما عقد الكليني بابًا آخر في هذا المعنى بعنوان "باب الكتمان" وذكر منه 16 حديثًا، وبابًا ثالثًا بعنوان "باب الإذاعة" وضمنه اثنى عشر حديثًا.
وأخبارهم في هذا المبدأ شائعة في مصادرهم حتى تحولت التقيّة والتي هي في الإسلام رخصة عند الضرورة العارضة إلى أصل من أصول الدين عندهم؛ بل بلغت تسعة أعشار الدين، بل صارت هي الدين كله وقالوا:"اتقوا الله في دينكم فاحجبوه بالتقيّة فإنه لا إيمان لمن لا تقيَّة له، وقررت كتب العقائد عندهم "أن التقية واجبة لا يجوز رفضها إلى أن يخرج القائم (مهديهم المنتظر) فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية وخالف الله ورسول والأئمة" "وأن تارك التقية كتارك الصلاة". فكيف يقال بعد ذلك بأن "ما نسب إلى الشيعة الإمامية من الغلو في التقيّة ما نظن كله صحيحًا".
ثانيًا: ما جاء في مصادرهم هي أحاديث ينسبونها إلى من يدعون عصمتهم، فهي تحمل صفة العصمة وهي المعول عليها عندهم في الاعتقاد والعمل أما ما يقوله الشريف الرضي أو غيره من شيوخهم فهي مجرد أقوال أو أراء قابلة للخطأ والصواب لأنها عندهم ليست من أقوال المعصومين، وما قاله الشريف الرضي حق ولكنه يشهد لنوع واحد من أنواع التقيّة عندهم وهي التقيّة الخوفية يقول آيتهم محمد صادق روحاني - معاصر -: "التقية أربعة أقسام: التقيّة الخوفية، والتقية الإكراهية، والتقيّة =
قد يضعف عن حملها بعضهم، ومن أقدم أقوال أئمتهم في ذلك قول الشريف الرضي، الإمام العالم الشاعر البليغ (المتوفى سنة 406)
= الكتمانية، والتقية المدارانية".
ثالثًا: ما أشار إليه شاكر إلى "أن مبالغتهم في التقية بسبب ما لقي متقدموهم من شدائد قد يضعف عن حملها بعضهم" يدل على خفاء حقيقة تقية الشيعة الإمامية عنده .. ذلك أنهم يعدون عهد الخلفاء الثلاثة، وعصر الإسلام الذهبي هو عهد تقية، ولذلك يقرر شيخهم المفيد بأن عليًّا في عهد الخلفاء الثلاثة يعيش في حالة تقيّة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش في الوسط المكي بين الكافرين (1) وامتدت فترة التقية مع علي في نظر - شيخهم نعمة الله الجزائري - إلى وفاته، فكان عهد خلافته عهد تقية ومداراة يقول:"ولما جلس أمير المؤمنين - أي على كرسي الخلافة - لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى، وكما لم يقدر على إجراء متعة النساء، وكما لم يقدر على عزل شريح عن القضاء، ومعاوية عن الإمارة"(2).
رابعًا: خلط رحمه الله بين الأئمة الذين تنتسب إليهم الشيعة الإمامية والذين منهم صحابة كعلي والحسن والحسين، ومنهم من كبار أئمة التابعين كعلي بن الحسين، ومحمد الباقر، وجعفر بن محمد، ومنهم من لم يبلغ رتبة هؤلاء مثل: موسى الكاظم، وعلي الرضا، ومنهم من لم يُعرف بعلم كالعسكريين، ومنهم من لا وجود له أصلًا - كمنتظرهم - خلط بين هؤلاء وبين شيوخ الرافضة وواضعي أساطيرهم، ولذلك لما نقل كلام الشريف الرضي المتهم بوضع نهج البلاغة على أمير المؤمنين علي =
_________
(1)
انظر: نص كلامه في التقريب جـ 2 ص 124.
(2)
الأنوار النعمانية 2/ 362.
في كتاب حقائق التأويل (طبعة النجف سنة 1355، ج 5، ص 74 - 75) "وقال بعضهم: معنى ذلك أن يكون المؤمن بين الكفار وحيدًا، أو في حكم الوحيد؛ إذا كان قليل الناصر، غائب المُظَاهِر، والكفار لهم الغلبة والكثرة والدار والحوزة، فمباح له أن يخالقهم بأحسن خلقه، حتى يجعل الله له منهم مخرجًا ويتيح له فرجًا، ولا تكون التقية بأن يدخل معهم في انتهاك محرَم، أو
= قال: "فهذا وغيره يؤيد ما ذهبنا إليه من تبرئة الأئمة"
…
إلخ.
خامسًا: "دأب شيوخ الشيعة الإمامية إلى اليوم على التستر على هذا المعتقد والقول بأن معتقدهم في التقيّة لا يختلف عما يعتقده عموم المسلمين. فلعل الشيخ شاكر كان متأثرًا بشيء من ذلك، ولما قال أحد شيوخ الرافضة المعاصرين: انتهى عهد التقيّة اليوم
…
قال الأستاذ محمود الملاح لمعرفة بأمرهم: "هذه تقيّة على التقيّة".
سادسًا: تقيّة الشيعة الإمامية ليست هي تقيّة المسلم الوحيد بين الكفار الذين لهم الغلبة والدار
…
بل هي تقية من المسلمين حيث يظهرون الإسلام والسنة ويبطنون الكفر والبدعة إذا كانوا بين ظهراني الأمة. أما سبب خفاء الحقيقة على شاكر وأمثاله فهو أمر طبيعي في بلاد سنيَّة لا يأبه أهلها بالكتاب الشيعي ولا يحفل علماؤها بتراث الرافضة ويضنون بأوقاتهم النفيسة أن تضيع وسط أكاذيب الروافض ولذلك فإنك لا تجد إلى اليوم انتشارًا للكتاب الشيعي في دور النشر المصرية بل لم يوجد بعضه إلا بسعي خفي من الرافضة ومحاولتهم لترويجه بشتى الوسائل، كما أن نشاط شيوخ الشيعة المحموم في تلميع صورتهم والعمل على إخفاء أمرهم بمختلف الأساليب ساهم في الجهل بمعتقداتهم.
وللشيخ أحمد شاكر نظراء غابت عنهم الحقيقة كمحمود شلتوت، ومحمد الغزالي، لكن منهم من تبين لهم الأمر بعد حين كموسى جار الله
…