الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجعاظرة الجوّاظون
(*)
قال ابن حِبّان، الإِمام الحافظ أبو حاتم محمَّد بن حِبّان التميمي البُسْتي، في صحيحه (1):
ذِكْرُ الزَّجْر عن العلم بأمر الدنيا مع الانهماكِ فيها
والجهلِ بأمر الآخرة ومجانبِةِ أسبابها
حدثنا أحمد بن محمَّد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن يوسف السُّلَمِيّ، قال: أخبرنا عبد الرزّاق، قال: أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هنْد، عن أبيه، عَن أبي هُرَيرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ يُبْغِضُ كُلَّ جَعْظَرِيّ جَوَّاظٍ (2)، سَخَّابٍ بالأسواق (3)، جِيفَةٍ بالليل،
(*) مجلة الهدي النبوي، المجلد السادس عشر، العدد الثاني عشر، ذو الحجة 1371 هـ.
(1)
هو صحيح ابن حبان المشهور، وهو نادر الوجود. وقد شرعت في تحقيقه ونشره بترتيب الأمير علاء الدين الفارسي. وسيظهر الجزء الأول منه قريبًا، إن شاء الله. وهذا الحديث هو الحديث (71) منه.
(2)
"الجعظري" بفتح الجيم والظاء المعجمة بينهما عين مهملة ساكنة. و"الجواظ" بفتح الجيم وتشديد الواو وآخره ظاء معجمة. وهما متقاربا المعنى: الجسيم الأكول الشروب، البطر، يختال ويتعاظم. وقد فصلنا القول في معنيهما، في شرح حديث آخر لعبد الله بن عمرو في المسند (6580) وقد جاء اللفظان في أحاديث أخر كثيرة. انظر متنها في المسند (7010) من حديث ابن عمر، و (8807، 10606) من حديث أبي هريرة، و (2503) من حديث أنس، و (17661) من حديث سراقة.
(3)
"سخاب" بالسين و"صخاب" بالصاد من "الصخب" بالصاد والسين، وهو =
حِمَارٍ بالنهار، عالمٍ بأمر الدنيا، جاهلٍ بأمر الآخرة". (76) [2: 76]
الحديث - 71 - رواه البيهقي في السنن الكبرى (10: 194) من طريق أبي بكر القطّان عن أحمد بن يوسف السُّلَمي، بهذا الإسناد.
وأبو بكر القطّان: هو محدث نيسابور، محمَّد بن الحسين، مات سنة 302، وترجمه السمعاني في الأنساب (ورقة 457).
وأحمد بن يوسف السلمي، بضم السين وفتح اللام نسبة إلى "سليم" قبيلة معروفة، ونص على ضبطه بهذا السمعاني في الأنساب (ورقة 303) وأحمد بن يوسف: ثقة مأمون، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"كان راويًا لعبد الرزّاق، ثَبْتَا فيه". وله ترجمة في التهذيب، وفي تذكرة الحافظ (2: 131).
والحديث ذكره البندري في الترغيب والترهيب (1: 224). وقال: "رواه ابن حبان في صحيحه والأصبهاني". وذكره السيوطي في زيادات الجامع الصغير (1: 353 من الفتح الكبير) ونسبه للبيهقي فقط.
وهذا الوصف النبوي الرائع، الذي سما بتصويره إلى القِمَّة في البلاغة والإبداع، لهؤلاء الفِئَامِ من الناس، أستغفر الله، بل من الحيوان تَجِدُه كلَّ يوم في كثيرٍ ممن ترَى حَوْلك، ممن ينتسبون إلى
= الجلبة والصياح والخصام. قال في اللسان (1: 444): "الصاد والسين يجوز في كل كلمة فيها خاء".
الإِسلام، بل تراه في كثير من عظماء الأمة الإِسلامية، عظمة الدنيا لا الدين، بل لقد تجده فيمن يلقّبون منهم أنفَسهم بأنهم "علماء" ينقلون اسم "العلم" عن معناه الإِسلامي الحقيقي، المعروف في الكتاب والسنة، إلى علوم من علوم الدنيا والصناعات والأموال، ثم يملؤهم الغرور، فيريدون أن يحكموا على الدين بعلمهم الذي هو الجهلُ الكامل! ويزعمون أنهم أعرف بالإِسلام من أهله، وينكرون المعروف منه، ويَعْرفون المنكَر، ويَرُدُّون من يرشدهم أو يرشد الأمةَ إلى معرفة دينها ردًّا عنيفًا، يناسب كلّ جَعْظَرِيّ جَوَّاظٍ منهم.
فتأملْ هذا الحديث واعْقِلْه، تَرَهُم أمامَك في كل مكان.
* * *