الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابقين، ونحن لم نرهم، ولا نعلم من أحوالهم إلا ما جاء به الوحي الصادق، من القرآن والسنة الصحيحة، فلا يجوز لنا أن نتجاوز في البحث ما ورد في الوحي، ومن تجاوز فقد اعتدى وأخطأ، ولم يكن عمله أو قوله حجة على الإسلام، بل القرآن والسنة حجّة عليه. وما كان سبيل البحث العلمي أن ندع الحقائق، ونجري وراء أوهام العوام وخيالات القصاص والشعراء.
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 140
جاء في دائرة المعارف الإسلامية عن الجنة:
"وقد ذُكِرت مرة واحدةً في القرآن بالاسم الفارسي (فردوس) ".
تعليق أحمد شاكر:
هكذا ادعى كاتب المقال أن كلمة "فردوس". فارسية الأصل، ومن قبله ادعى بعض علماء العرب أن أصلها رومي أو سرياني أو نبطي، وكلها أقوال لا دليل عليها، ودعاوي تخالف الواقع. وقد كان كثير من علماء العربية يغلون في ادعاء أصول أعجمية لألفاظ عربية خالصة، حتى ادعوا في كثير من ألفاظ القرآن ذلك. وصدق أبو عبيدة معمر بن المثنى في كلمته:"من زعم أن في القرآن لسانًا سوى العربية فقد أعظم على الله القول". وقد فصلنا الكلام في ذلك في مقدمتنا التي عملناها لكتاب (المعرب للجواليقي) (ص 10 - 14 من طبعة دار
الكتب المصرية سنة 1361) وكلمة "فردوس" نقل الجواليقي الأقوال في أنها معربة، ونقل قول الفراء: إنها عربية. وقلنا في التعليق عليه هناك (ص 241 - 242): (كذلك ادعى الأستاذ العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي في كتاب (نشوء اللغة العربية ص 84) أن الكلمة عن اليونانية فقال: "والفردوس للبستان، فإن جمعه فراديس، وفراديس تعريب لليونانية paradeisas واليونانية من الزفدية (بيرادايز) ". وما أبعد ما قال! فإن الكلمة اليونانية تقارب في النطق الكلمة العربية في صيغة الجمع، فمن المعقول أن يكونوا سمعوها مجموعة ممن خالطوا من العرب، كأهل الشأم. قال في اللسان:"وأهل الشأم يقولون للبساتين والكروم الفراديس" فهذا أصل ذاك كما ترى. فلو كانت الكلمة معربة لنقلت بصيغة تقرب من صيغة الجمع. ثم إن النص على أصلها وعروبتها حاضر بين، قال ابن دريد في الجمهرة (3: 333): "والفردسة: السعة. صدر مفردس: واسع. ومنه اشتقاق الفردوس". وفي اللسان: "والمفردس - أي؛ بصيغة اسم المفعول - المعرش من الكروم، والمفردس: العريض الصدر. والفردسة: السعة. وفردسه: صرعه. والفردسة أيضًا: الصرع القبيح، عن كراع. ويقال أخذه ففردسه: إذا ضرب به الأرض". فالنصوص متضافرة على صحة أصل المادة في العربية، وعلى صحة معناها، وعلى اشتقاقها من أصل معروف، ويظهر لي أن بعض العلماء الأقدمين سمع الكلمة الرومية فظنها أصلًا للعربية، على وهم أن العربية نقلت كثيرًا من اللغات الأخرى وعلى حبّ الإكثار من الإغراب! ! ".
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 141
جاء في دائرة المعارف الإسلامية عن الجنة أيضًا:
"ومرة أخرى بصيغة جمعت بين لفظتي (جنات الفردوس)، ومرات عدة باسم (جنات عدن) (انظر تسميتها في التوراة باسم جن عيدن) ".
تعليق أحمد شاكر:
لا قيمة لهذا في التدليل على أن كلمة "عدن" معربة أو منقولة عن التوراة، وهي كلمة عربية خالصة "عدن بالمكان يعدن عدنا وعدونا" أي؛ أقام، قال في اللسان:"وجنات عدن: منه، أي جنات إقامة، لمكان الخلد". فهذا أصل الكلمة. والعبرية التي كانت بها التوراة حين أنزلت، إن لم تكن فرعًا محرفًا عن العربية، فما تكون إلا أختا لها مشتقة معها من أصل واحد، ولقد قلنا في مقدمة المعرب:"والعرب أمة من أقدم الأمم، ولغتها من أقدم اللغات وجودًا، كانت قبل إبراهيم وإسماعيل، وقبل الكلدانية والعبرية والسريانية وغيرها، بله الفارسية، وقد ذهب منها الشيء الكثير بذهاب مدنيتهم الأولى قبل التاريخ". انظر تعليقنا على مادة (أمة) في هذه الدائرة (في المجلد 2 ص 631) وعلى مادة بعل (مجلد 3، ص 695 - 700).
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 141
جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
"وقد عرف أن فكرة محمد عن الجنة مادة حسية".
تعليق أحمد شاكر:
يكتب كاتب المقال طبعًا على أساس عقيدته، في أنه لا يؤمن بنبوة رسول الله، فينسب كل ما في القرآن إلى الرسول، ولكن المسلمين وغيرهم من أهل الإنصاف يثقون بأن هذا القرآن من عند الله، وأن الرسول يبلغ للناس ما أوحي إليه، فليس له فيه إلا التبليغ فقط. وصفة الجنة والنار من الغيب الذي لا يعلم الإنسان حقيقته بقوة عقله وحدها، وليس له من سبيل إلى معرفتها إلا فيما جاء به الوحي عن الله على لسان رسله الصادقين، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإن ظن كاتب المقال أن الفكرة في وصف الجنة في القرآن "مادية حسية" على المعنى الذي يشعر به الناس في هذه الحياة الدنيا، وأنه بذلك يجد مغمزًا في القرآن، فما أرى ظنه صحيحًا، ثم هو لا يضر الإسلام شيئًا.
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 142
جاء في دائرة المعارف الإسلامية عن وصف نعيم الجنة:
"ومن البين أن هذه الأوصاف جميعًا صور مرسومة لا شك أنه
أوحى بها فن التصوير، ولا بد من أن يكونَ محمدٌ أو معلّموه المجهولون قد رأوْا بعضَ التصاوير أو بعضَ قطع الفسيفساء المسيحية التي تصور حدائق الفردوس، وأوّلوا صورَ الملائكةِ كما لو كانت صورَ الوالدان والحور".
تعليق أحمد شاكر:
ليس لهذا الادعاء من سند، فرسول الله لم ير صورا في الكنائس، وما ادعى أحد أنه دخل كنيسة قط. ودعوى أن له معلمين مجهولين شنشنة قديمة يدعيها هؤلاء الناس، فما كان هذا القرآن مفترى، وما كان رسول الله يتعلم هذا الدين العظيم وهذه الشريعة الضخمة، الباقية على الدهر، من فرد أو أفراد من الضعفاء والجهال الذين كانوا بمكة ينتسبون إلى المسيحية أو غيرها! وكانوا هم أولى أن ينسبوا هذا المجد الخالد لأنفسهم، أو ينسبه لهم أنصارهم وأصدقاؤهم! ويجب أن يكون لهم أنصار وأصدقاء، إذا كانوا من العلم والمعرفة بالمكان الذي يجعل هذا كله من نتاج تعليمهم! وانظر ما علقنا به على مادة (أمي) من هذه الدائرة (المجلد الثاني ص 647 - 648) وما علقنا به على مادة (إنجيل) في (المجلد الثالث ص 27 - 30).
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 142
جاء في دائرة المعارف الإسلامية عن الجنتين اللتين ذُكرَتا في سورة الرحمن الآية 55:
"وليس تفسير هذه الإثنينيَّة يسيرًا إلا إذا كانت من أجل البحرين،
وقد يُقال إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قد التزم في هذا المقام صيغة المثنى لأنها أوقع في السمع".
تعليق أحمد شاكر:
أظن أن الكاتب وأمثاله من المستشرقين آخر من يصلحون علميًّا للبحث في لغة القرآن وبلاغته، ومعرفتهم بالعربية محدودة، وأساطين البلغاء والفصحاء من العرب العرباء عجزوا عن معارضته، وأحجموا عن نقده، بل لم ينقل عن واحد منهم أنه عاب حرفًا فيه من ناحية البلاغة والسمو في العبارة، على كثرة الدواعي والدوافع. فأين هؤلاء من أولئك؟ ! !
المادة: الجنة
الجزء: 7/ الصفحة: 143
جاء في دائرة المعارف الإسلامية:
"وهذه الجنة بما فيها كله فوق الأفلاك السماوية حيث تدور الكواكب، وهي تستقر على أنواع من البحار لها أسماء مجرَّدةٌ كبحر البقاء (المنقسم) وبحر الخلود، وبحر (الرب) ويمتد فوق الهرم عالم (الملكوت) وعالم (الجبروت) وعرشُ الله ودارُ المقرَّبين".
تعليق أحمد شاكر:
هذا كله كلام خيالي وتخليط، يعرف ذلك كل مسلم يقرؤه، ليس فيه شيء علمي يناقش، وما كانت أوهام المتأخرين الخياليين بحجة على الإسلام ولا على القرآن.