المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المادة: الله الجزء: 2/ الصفحة: 587 تعليق أحمد شاكر على مادة (الله) - جمهرة مقالات أحمد شاكر - جـ ٢

[أحمد شاكر]

فهرس الكتاب

- ‌مَسائلُ عِلْمِيَّةٌ

- ‌في لسان العرب

- ‌تعريب الأعلام2

- ‌من بدع القبور

- ‌موقعة الجمل

- ‌تعليق على كلام عبد الرحمن الوكيل على بدعة المحمل

- ‌فوائد شتى

- ‌العمل بالحديث الصحيح

- ‌الفقه في الدين والاجتهاد

- ‌السؤال عما لم يقع

- ‌معنى حديث: (إن الله خلق آدم على صورته)

- ‌نشوء علم الفلسفة

- ‌كتاب المهذب للذهبي

- ‌كتاب الجمع بين الصحيحين

- ‌فصل

- ‌سبب القول والفتيا بما يخالف القرآن أو السنة

- ‌الجعاظرة الجوّاظون

- ‌القول الفصل في مسَّ المرأة وعدم نقضه للوضوء

- ‌(باب ما جاء في ترك الوضوء من القبلة)

- ‌ولاية المرأة القضاء

- ‌ولاية المرأة القضاء - مَرَّةً أخرى

- ‌(هل تقوم في مصر حكومة دينية؟ )(وهل الحكومة القائمة تطبق المبادئ الشرعية

- ‌(حقوق المرأة أمام القضاء)

- ‌الرقص والطيب للنساء

- ‌في تعليم النساء وصلاتهن في المساجد

- ‌نظامُ الطَّلاق في الإسلامِ

- ‌نظام الطلاق في الإسلام (*)[بقية المقال المنشور في العدد السابق]

- ‌تراجم وأعلام

- ‌أستاذنا الإمام حجة الإسلام السيد محمد رشيد رضا

- ‌محمد شاكر

- ‌نابغة الشباب الأستاذ رياض محمود مفتاح

- ‌مناسبات

- ‌استقبال شهر رمضان

- ‌تحية المؤتمر العربي في قضية فلسطين

- ‌بمناسبة الإشراف على مجلة (الهدي النبوي)

- ‌لا علاج لأدواء المسلمين إلا أن يكونوا مسلمين

- ‌في الإسراء والمعراج

- ‌أهم تعقبات الشيخ أحمد محمد شاكر على دائرة المعارف

- ‌المادة: أسامة بن زيد بن حارثة

- ‌المادة: استحسان

- ‌المادة: استسقاء

- ‌المادة: استصحاب

- ‌المادة: إسماعيل

- ‌المادة: الأشعث

- ‌المادة: أضحى

- ‌المادة: اقتباس

- ‌المادة: إقرار

- ‌المادة: الله

- ‌المادة: إمام

- ‌المادة: أمة

- ‌المادة: أمة

- ‌المادة: أم الولد

- ‌المادة: أم الولد

- ‌المادة: أم الولد

- ‌المادة: أم الولد

- ‌المادة: أم الولد

- ‌المادة: أمي

- ‌المادة: إنجيل

- ‌المادة: أنس بن مالك

- ‌المادة: الأنصار

- ‌المادة: أهل البيت

- ‌المادة: أهل الحديث

- ‌المادة: أهل الحق

- ‌المادة: أهل الصُّفة

- ‌‌‌المادة: بحيرا

- ‌المادة: بحيرا

- ‌المادة: براق

- ‌المادة: برزخ

- ‌المادة: برصيصا

- ‌المادة: برنك سَبِل

- ‌المادة: بُسر

- ‌المادة: بسملة

- ‌المادة: بعل

- ‌المادة: البغوي

- ‌المادة: البغوي

- ‌المادة: بئر معونة

- ‌المادة: البيهقي

- ‌المادة: تابع

- ‌المادة: تأويل

- ‌المادة: التجارة

- ‌المادة: التجارة

- ‌‌‌المادة: الترمذي

- ‌المادة: الترمذي

- ‌المادة: تسنيم

- ‌المادة: التشريق

- ‌المادة: التشريق

- ‌‌‌المادة: التقليد

- ‌المادة: التقليد

- ‌المادة: التقليد

- ‌المادة: التقليد

- ‌المادة: التقية

- ‌المادة: التلبية

- ‌المادة: تميم الداري

- ‌المادة: الجاهلية

- ‌المادة: جبريل

- ‌المادة: الجمرة

- ‌المادة: الجمعة

- ‌المادة: الجن

- ‌المادة: الجنة

- ‌المادة: الجهاد

- ‌المادة: جهنم

- ‌المادة: الحديبية

- ‌المادة: الحديث

- ‌المادة: الحسن بن علي

- ‌المادة: الحسن بن علي بن أبي طالب

- ‌المادة: الحسين بن علي

- ‌المادة: حفصة

- ‌المادة: حمزة بن عبد المطلب

- ‌المادة: خديجة

- ‌المادة: الخطبة

- ‌المادة: الزهري

- ‌المادة: تعليق

- ‌المادة: سروال

- ‌المادة: السعي

الفصل: ‌ ‌المادة: الله الجزء: 2/ الصفحة: 587 تعليق أحمد شاكر على مادة (الله)

‌المادة: الله

الجزء: 2/ الصفحة: 587

تعليق أحمد شاكر على مادة (الله) في دائرة المعارف:

يبدو لمن قرأ هذا المقال أن كاتبه لم يطلع على الآيات القرآنية التي فيها أسماء الله وصفاته، وإنما أخذ أرقامها من الفهارس فقط، أو لعله قرأها ولم يتدبرها ولم يفقه معانيها، وقد يكون له في هذا شيء من العذر؛ فإنه يقرأ في لغة لم يتقنها ولم يمرن عليها لسانه ولا تفكيره، فلا يصل إلى شيء من أسرار معانيها وبلاغتها، أضف إلى ذلك سمو القرآن في عبارته إلى أعلى درجات البلاغة والإعجاز، مما كان سببًا في اختلاف كثير من علماء الإسلام: أهل اللغة وأبناء العربية. وظاهرة أخرى نشير إليها إشارة سريعة على مضض، وهي أن روح المقال يشعر منه القارئ بأن الكاتب لا يؤمن بالله ولا بشيء من صفاته المعروفة لأرباب الأديان السماوية؛ فهو ينقد كثيرًا من عقائد المسلمين التي تتفق مع عقائد اليهود والنصارى في صفات الله سبحانه وتعالى بعبارات فيها ألوان من التلاعب بالأفهام والعقول، وقد تكفل الكاتبون الكرام، والعلماء الكبار: السيد محمد عاشور الصدفي، والشيخ محمد حامد الفقي، والشيخ محمد أحمد عرفه، والأستاذ محمد جاد المولى بك، وهم الذين تفضلوا بالتعليق على هذا المقال؛ تكفلوا بنقد كثير من أخطاء الكاتب، وبيان وجه الحق فيما عمد إلى العدول به عن

ص: 749

وجهه الصحيح، فجزاهم الله أحسن الجزاء.

وبقي مما هاجم به الكاتب الشريعة الإسلامية، أن عمد إلى أساس من أقوى دعائمها - وهو الأحاديث النبوية - يحاول هدمه بالتشكيك فيه.

وقد كان الرأي تأخير هذا الرد ليكتب في موضعه، عند الكلام على الحديث، ولكن رأى إخواني أن أبادر بالكتابة في هذه المناسبة، احتياطًا من الأثر السيئ لكتابة الكاتب عند نشر أقواله باللغة العربية، وذيوع آرائه بين أبناء العروبة في مختلف الأقطار الإسلامية، وقد كان ضررها قاصرًا على من يقرأ الدائرة باللغات الأجنبية وحدها.

لم يأت الكاتب بأي دليل يؤيد طعنه على صحة الأحاديث وثبوتها إلا رأيه ورأي أخ له هو المستشرق (جولدزيهر) ثم إثارة الشكوك بكلمات جوفاء لا طائل تحتها؛ كادعائه أن من الواضح أن هناك أحاديث كثيرة لا يمكن أن تكون صدرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن محاولة وجود شيء في الحديث يمكن القطع بصحة نسبته إليه تاريخيًّا - محاولة فاشلة، وأن الفرق الإسلامية لما اختلفت في الآراء أخذ كل فريق منها يضع أحاديث يؤيد بها رأيه، وأن الأحاديث التي فيها مشابهة لما ورد في القرآن مشكوك فيها أيضًا، وكدعوى جولدزيهر: "أن الأحاديث ليست في الواقع إلا سجلًّا للجدل الديني في القرون الأولى، ومن ثم كانت قيمتها التاريخية، لكن هذا السجل مضطرب كثير الأغلاط التاريخية، وفيه معلومات

ص: 750

مضللة لم تؤخذ من مصادرها الأولى" إلى آخر ما ألقاه من دعاوي، وما أثاره من شكوك.

وقد عني المسلمون بحفظ أسانيد شريعتهم من الكتاب والسنة، بما لم تعن به أمة قبلهم، فحفظوا القرآن، ورووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواترًا، آية آية، وكلمة كلمة، وحرفًا حرفًا، حفظًا في الصدور، وإثباتًا بالكتابة في المصاحف حتى رووا أوجه نطقه بلهجات القبائل، ورووا طرق رسمه في الصحف، وألفوا في ذلك كتبًا مطولة وافية، وحفظ المسلمون أيضًا عن نبيهم كل أقواله وأفعاله وأحواله، وهو المبلغ عن ربه والمبين لشرعه، والمأمور بإقامة دينه، وكل أقواله وأفعاله بيان للقرآن، وهو الرسول المعصوم، والأسوة الحسنة، قال تعالى في صفته:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3، 4] وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وقال أيضًا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهته قريش، فذكر ذلك للرسول فقال:"اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق". ففهم المسلمون من كل هذا أنه يجب عليهم أن يحفظوا عن رسولهم كل شيء، وقد فعلوا وأدوا الأمانة على وجهها، ورووا الأحاديث عنه، بعضها متواتر إما لفظًا ومعنى، وإما معنى فقط، وبعضها بالأحاديث الصحيحة الثابتة، مما يسمى الحديث الصحيح والحديث الحسن، ولم يحتجوا في دينهم بغير هذه الأنواع، التي لا

ص: 751

يعارض فيها إلا جاحد أو مكابر.

ومعنى "المتواتر" عند علماء المصطلح والأصول وغيرهم؛ أنه خبر يرويه جمع من الناس يمتنع اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب، عن جمع كثير مثلهم، وهكذا طبقة بعد أخرى، حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهذا لا يمكِّن أحدًا أن يشك في صحته وثبوته، اللهم إلا أمثال الكاتب من المستشرقين وأتباعهم، وهذا النوع من المتواتر كثير جدًّا في السنة، والقليل منه متواتر بلفظه ومعناه، وأكثره متواتر بالمعنى، كعدد الصلوات الخمس، وعدد الركعات في كل صلاة، ومثل كثير من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وإن حاول بعض الناس في هذا العصر إنكار المعجزات المادية.

ومعنى "المشهور" أنه حديث يرويه رواة ثقات صادقون، طبقة عن طبقة حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، على أن لا يقل عدد الرواة في كل طبقة عن ثلاثة، وهذا أيضًا كثير جدًّا في السُّنة، باللفظ وبالمعنى، وفي الحقيقة أن المتواتر قسم من هذا النوع - المشهور - ولكنه أعلى أقسامه في الثبوت، فجعل نوعًا على حدة.

وباقي الأحاديث الصحيحة بعد ذلك يسمى "آحادًا" في اصطلاحهم، وهو الحديث الذي رواه الراوي الثقة الصادق عن مثله طبقة بعد طبقة، حتى يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يخبر كل واحد من هؤلاء الرواة باسم الذي أخبره ونسبه، وكلهم معروف الحال والعين والعدالة والزمان والمكان، ليس في أحد منهم مغمز في دينه،

ص: 752

ولا مطعن في صدقه وأمانته، مع التحري والضبط لما رووه كلمة كلمة، وحرفًا حرفًا، وإن كان مرويًّا بالمعنى، ثم وصلت هذه الأحاديث الصحيحة، المعروف نقلتها، الموثوق برواتها، إلى أئمة هذا الفن الذين تفرغوا لدرسها ونقدها، فنقدوا أحوال الرواة وتراجمهم واحدًا واحدًا، ونفوا رواية كل من كانت روايته موضع شك، ومن كان صدقه وأمانته موضع ريبة، مهما ضؤلت، وجمعوا هذه الأحاديث في الكتب، ورواها الناس عنهم رواية مستفيضة منتشرة، تبلغ حد التواتر إليهم، وأكثر هذه الأحاديث منقول بنقل الكافة من الناس عن مثلهم إلى أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو داخل في المتواتر أو في المشهور، وإما إلى أحد، الصحابة، وإما إلى أحد التابعين، وإما إلى أحد الأئمة الأعلام الذين أخذوا عن التابعين أو الذين أخذوا عن أتباع التابعين، وكلهم موضع الصدق والثقة، لا مغمز في واحد منهم، وكما قال الإمام أبو محمد بن حزم: "هذا نقل خص الله تعالى به المسلمين دون سائر أهل الملل كلها، وأبقاه عندهم غضًّا جديدًا على قديم الدهور

فلا تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في شيء من النقل، إن وقعت لأحدهم، ولا يمكن فاسقًا أن يقحم فيه كلمة موضوعة، ولله تعالى الشكر". وقد كتب في (الملل والنحل) فصلًا بديعًا طريفًا في هذا البحث، أفاض فيه القول كعادته (ج 2 ص 81 - 84)، وقارن فيه بين طرق الإثبات التاريخي لأسانيد الشريعة الإسلامية وبين طرق الإثبات لأسانيد غيرها، ولو

ص: 753

أردنا الدفاع عن شريعتنا بالهجوم على غيرها لنقلنا كلامه كله، ولكننا لا نرضى أن نسير في هذا الطريق.

إن أئمة هذا الفن - في الحديث - احتاطوا أشد الاحتياط في النقل، فكانوا يحكمون بضعف الحديث لأقل شبهة في سيرة الناقل الشخصية، أما إذا اشتبهوا في صدقه، وعلموا أنه كذب في شيء من كلامه، فقد رفضوا روايته وسموا حديثه "موضوعًا" أو "مكذوبًا" وإن لم يعرف عنه الكذب في رواية الحديث، مع علمهم بأنه قد يصدق الكذوب.

وكذلك توثقوا من حفظ كل راو، وقارنوا رواياته بعضها ببعض، وبروايات غيره، فإن وجدوا منه خطأ كثيرًا، وحفظًا غير جيد ضعفوا روايته، وإن كان لا مطعن عليه في شخصه، ولا في صدقه خشية أن تكون روايته مما خانه فيه الحفظ.

وقد حرروا القواعد التي وضعوها لقبول الحديث، وحققوها بأقصى ما في الوسع الإنساني، احتياطًا لدينهم، ونفيًا للخطأ عن سنة نبيّهم، فكانت قواعدهم التي ساروا عليها أصح القواعد للإثبات التاريخي وأعلاها وأدقها، وإن أعرض عنها كثير من الناس وتحاموها بغير علم منهم ولا بينة.

ثم جمعوا هم ومن جاء بعدهم كل ما وصل إليهم من روايات في الحديث، صحيحة أو ضعيفة، مع بيان قوتها أو ضعفها في أكثر الأحوال، وبعضهم جمع في كتابه أحاديث صحيحة واقتصر عليها، كالبخاري ومسلم، رضي الله عنهما، وكتاباهما أصح الكتب ثبوتًا

ص: 754

بعد القرآن، وأحاديثهما لا شك في صحة شيء منها عند العلماء بهذا الشأن وبعض العلماء عني بجمع الأحاديث التي ثبت أنها مكذوبة على نبي الله صلى الله عليه وسلم، ليحذر الناس منها. وجمعوا أيضًا كل ما وصل إلى علمهم من أسماء الرواة وأنسابهم وأحوالهم وتفاصيل تراجمهم؛ ليكون الباحث على بينة من بحثه في صحة الحديث، وألفوا في كل هذا الدواوين الكبار في مئات من المجلدات بل آلاف، مما لا تجد النزر اليسير منه عند أية أمة من سائر الأمم.

أفبعد هذا العمل الضخم، والإنتاج الهائل العظيم يأتي أولئك المستشرقون ليسحروا أعين الناس، ويستهووا عقولهم، ويضعوا الغشاء على أبصارهم: فيزعموا أنه ليس في الإمكان التحقق من صحة أي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يثبتوا الأحاديث وينفوها بما تشتهي أنفسهم، وترضى عقائدهم، ثم يلقوا على السُّنة كلها ظلالًا من الشك والريبة، بالهوى والبهتان، وبغير برهان ولا دليل؟ !

إن المطلع على أقوال هؤلاء الناس يراهم يقبلون من الأحاديث أضعفها سندًا وأوهاها رواية، وافق رأيهم وهواهم، وإن كان في كتاب من كتب التاريخ أو السير أو غيرها بدون إسناد، ويحكمون بالكذب والوضع على أكثر الأحاديث الصحاح، بما أجمع المسلمون على صحته وثبوته، ولن تجد لهم قاعدة أو خطة يسيرون عليها في قبول الأحاديث أو رفضها، وكما ترى كاتب هذا المقال: يزعم أن

ص: 755

الأحاديث التي تجد فيها مشابهة لما ورد في القرآن مشكوك فيها! ! وهذا أقبح ألوان الافتراء، وأسقط أنواع الاستدلال، فإن المعقول الواضح أن الحديث الذي يوافق معنى القرآن، ويؤيده القرآن يكون معناه ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يثبت لفظه ولم يقم إسناده، ولكن القوم لا يرمون إلى التحقيق العلمي، والبحث العقلي وإنما يرمون إلى التشكيك، ثم إلى الشك.

ومن الأمثلة الدالة على مقدار علمهم بإثبات الأحاديث ونفيها؛ أن كاتب مقال "أم الولد" الآتي في الدائرة، نقل حديثًا، ثم زعم أنه تأيدت صحته بما ورد في كتاب "كنز العمال" مع أن كنز العمال ليس كتابًا في رواية الحديث، بل هو مجموع لأحد المتأخرين من أهل الهند في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري، وهو نفسه كتاب "الجامع الكبير" للسيوطي المتوفى سنة 911 هـ ولكنه مرتب على الأبواب؛ لأن الجامع الكبير فهرس لأكثر كتب السنة، رتب مؤلفه الأحاديث على الحروف الهجائية في أوائل الألفاظ النبوية، وجمع فيه الصحيح والضعيف من غير بيان لقيمة كل واحد منها، ولكنه نسب الأحاديث إلى رواتها من كتب المحدثين، فهل يرى أي عاقل أن نقل الحديث في كنز العمال يؤيد نفس الحديث في مصدره الأصلي؟ ! .

ثم ترى نفس كاتب مقال "أم الولد" يجزم بكذب أحاديث صحيحة، وبعضها في الصحيحين "البخاري ومسلم".

ص: 756