الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في غلو القبورية في الأولياء عامة
وفيه مباحث ثلاثة:
- الأولى: في بيان أمثلة متفرقة لغلو القبورية في الصالحين عامة.
- الثاني: في التنبيه على أمر مهم.
- الثالث: في التنبيه على أمر أهم من الأول.
المبحث الأول
في بيان أمثلة متفرقة لغلو القبورية في الصالحين عامة
لقد غالت القبورية في الصالحين عامة فاعتقدوا فيهم الألوهية، وعبدوهم من دون الله، وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد.
بل جعلوهم أربابا لهذا الكون متصرفين فيه كيف يشاؤون.
واعتقدوا فيهم أنهم يعلمون المغيبات؛ حتى الأمور الخمسة.
وفيما يلي بعض أقوال القبورية التي تشهد لما ذكرت:
1 -
هذه الأمور الخمسة يعلمها الأقطاب، فكيف بالغوث.
2 -
الأولياء الذين يكون نظرهم في اللوح المحفوظ يعلمون هذه الأمور الخمسة.
3 -
اللوح المحفوظ صدر العارف، متى توجه لشيء وجده أمامه.
4 -
عند بعض الأولياء قدرة إن شاء ليسقط السماء على الأرض ويهلك من في الأرض ليفعلن ذلك.
5 -
من شروط كمال الولاية أن لا يستقر نطفة في فرج أنثى إلا ينظر إليها ذلك الرجل.
6 -
لا تجلس العصافير على قبر الولي إلا وهو يعرف الذكر منها والأنثى.
7 -
الأولياء يرون اللوح المحفوظ.
8 -
إن الأولياء هم أطفال الله تعالى، فهم يعلمون الغيب والشهادة.
9 -
إن الأولياء تنكشف لهم العلوم الغيبية مما كان وما يكون وجميع علوم اللوح المحفوظ، وهم أحياء في قبورهم حياة أبدية وعلمهم وإدراكهم أقوى، وسمعهم وبصرهم أقوى مما كان في حياتهم في الدنيا.
10 -
إن أئمة الفقهاء والصوفية كلهم يشفعون في مقلديهم ويلاحظون أحدهم عند طلوع روحه، وعند سؤال منكر ونكير له وعند الحشر والنشر والحساب والميزان والصراط، ولا يغفلون عنهم في موقف من المواقف. وجميع الأئمة يشفعون في أتباعهم ويلاحظونهم في شدائدهم في الدنيا والبرزخ ويوم القيامة حتى يجاوز الصراط.
11 -
18- قالوا: إن من تصرفات الأولياء إحياء الموتى، من الناس
والطيور، وكلام الموتى، وانفلاق البحر وجفافه، والمشي على الماء، وانقلاب الأعيان كانقلاب الخمر عسلا أو سمنا، وانزواء الأرض؛ بحيث يصل أحدهم من بلد إلى آخر في لحظة، وكلام الحيوانات والنباتات والجمادات، وإبراء العلل والعاهات، وطاعة الأسد والوحوش كركوب الأسد، وطي الزمان ونشره، والإخبار بالمغيبات، والبلوغ إلى درجة مقام التصريف في الكون، ورؤيته الأماكن البعيدة من وراء الحجب، والتطور والتشكل بأشكال مختلفة في صور متعددة، ورؤيته الكعبة والطائفين بها من مكان بعيد كمصر وغيرها، بل طواف الكعبة بالأولياء، وخروج الكعبة لاستقبال الأولياء، ووضع الحصير في الهواء والصلاة عليه، وسماع صوت الهواتف [الهاتف الغيبي] ، وغيرها، وهذه كلها كرامات للأولياء.
19 -
خروج الأولياء من القبور للمهمات من أعظم عقائد القبورية.
20 -
وحصول الأبدان المتعددة لولي واحد في أمكنة متباعدة.
21 -
بل قالوا: إن الولي إذا صلى المغرب ثم خطا خطوة إلى بلد آخر لم تغرب فيه الشمس لم تلزمه إعادة صلاة المغرب.
22 -
وقال الكوثري (1371هـ) أحد أئمة القبورية والجهمية في آن واحد، ومجدد الماتريدية:(إن الأرواح البشرية الخالية عن العلائق الجسمانية المشتاقة إلى الاتصال بالعالم العلوي بعد خروجها في ظلمة الأجساد تذهب إلى عالم الملائكة، ومنازل القدس، ويظهر منها آثار في أحوال هذا العالم؛ فهي المدبرات أمرا) .
23 -
وقال التفتازاني فيلسوف الماتريدية (792هـ) ثم الكوثري واللفظ للأول: (ولهذا ينتفع بزيارة القبور والاستعانة بنفوس الأخيار من الأموات في استنزال الخيرات واستدفاع الملمات فإن للنفس بعد المفارقة تعلقا بالبدن وبالتربة التي دفن فيها؛ فإذا زار الحي تلك التربة وتوجهت نفسه تلقاء نفس الميت حصل بين النفسين ملاقاة وإفاضات) .
24 -
قلت: هذه الوثنية التفتازانية الكوثرية بعينها وثنية الفارابي (339هـ) وابن سينا الحنفي القرمطي (428هـ) .
25 -
وقال الجرجاني الحنفي الصوفي الاتحادي (818هـ) ثم الكوثري (1371هـ) واللفظ للأول: (ولذلك كانت زيارة مراقدهم معدة لفيضان أنوار كثيرة منهم على الزائرين) .
26 -
وقال الكوثري الوثني الجهمي (1371هـ) :
(إن النفس في الإفاضة والاستفاضة لم تكن مفتقرة إلى الآلة، فهي
أقوى بعد المفارقة عن البدن؛ فلا بد من الاستمداد بأرواح الأجلة؛ إذ هم المالكون لأزمة الأمور في نيل المراد.
والحاصل أن التصرف للأولياء كما هو ثابت في الحياة كذلك ثابت بعد الممات، بل هو أقوى، إذ هو أمر روحاني لا يعتريه الفوات) .
27 -
قلت: هكذا يعتقد هؤلاء الوثنية أن تصرف الولي بعد الموت أقوى مما كان في حياته.
28 -
بل صرحوا بأن الميت أسرع قضاء للحاجة.
29 -
وأن الولي بعد الموت أقوى تصرفا وسمعا لأصوات العالم ونصرا لهم.
30 -
وقالوا: إن الولي في الدنيا كالسيف في الغمد، فإذا مات تجرد، فيكون أقوى في التصرف.
31 -
ومن وثنيات هؤلاء الوثنية: أن السماوات لا تقوم بغير الغوث.
32 -
ومن كفريات القبورية قولهم: إن العارف يملك التصرف من العرش إلى الفرش.
قلت: فما بالك بالقطب والغوث؟!؟
33 -
ومن أوضح وثنيات القبورية ما قاله أحمد بن محمد الحموي الحنفي القبوري الوثني (1098هـ) إن تصرف الأولياء قد وصل إلى حد كانوا يبيعون المطر، وهذا مقام التصريف.
قلت: تعالى الله عما يشركون؟.؟
34 -
ومن خرافاتهم زعمهم: أن الأولياء في اليقظة يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا، ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى حالهم إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، وأنهم يشاهدون ملكوت السماوات والأرض، وينظرون الأنبياء أحياءً غير أموات.
35 -
ومن أعظم كفرياتهم الفاضحة ووثنياتهم الواضحة ما قالوا: (إن من كرامات الولي أن يقول للشيء كن فيكون) .
36 -
ومن أكبر وثنيات القبورية في بيان سعة علم الغيب للأولياء، وسعة قدرتهم وتصرفهم في الكون، وسرعة وصولهم إلى جميع الأمكنة لإغاثة المستغيثين بهم، وسماعهم لجميع الأصوات من قريب ومن بعيد، ولا سيما أصوات المستغيثين بهم، وسرعة قضاء حوائجهم، ما قالوه: إن
جميع العالم في يد الأولياء أصحاب الأرواح القدسية، وأصحاب القوى والقدرة القدسية، كالكف أمام كل إنسان، فهم مع كون أحدهم في مكان واحد، ينظرون إلى الكون نظر أحدنا إلى الكف، فهم حاضرون وناظرون في كل مكان من الكون، وإذا ناداهم أحد واستغاث بهم من أية بقعة كانت قريبة أم بعيدة، فهم يسمعون جميع تلك الأصوات، ويغيثون جميع هؤلاء المستغيثين بهم، ويقضون حوائجهم، وهم يصلون إليهم لقضاء حوائجهم بأسرع سير، سواء كانوا يذهبون إليهم بأجسامهم المثالية، أم بأجسامهم العنصرية التي دفنت في قبورهم، أم يذهبون إليهم بروحانيتهم. وهذه القدرة والتصرف والسماع والعلم والحضور في كل مكان ونظرهم إلى جميع الكون، كل ذلك ثابت لجميع الأولياء.
إلى غير ذلك من كفرياتهم ووثنياتهم التي سئمت من سرد بعضها وفيه كفاية.
وبعد هذا كله ننتقل إلى أمرين مهمين، والثاني أهم من الأول؛ لتعلقهما بخرافات من القبورية في غلوهم في الصالحين بل الطالحين، فأقول والله المعين المغيث المستعان * فبه أستعين وأستغيث وعليه التكلان*: