الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في جهود علماء الحنفية لإبطال عقيدة القبورية
في التصرف في الكون لغير الله سبحانه
وفيه مباحث ثلاثة:
- المبحث الأول: في ذكر الآيات الكريمة التي استدل بها علماء الحنفية على إبطال عقيدة القبورية هذه.
- المبحث الثاني: في ذكر الأحاديث التي استدل بها علماء الحنفية على إبطال تلك العقيدة.
- المبحث الثالث: في نصوص علماء الحنفية في إبطال تلك العقيدة.
كلمة بين يدي هذا الفصل
لقد ذكرت عدة أمثلة لعقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للأرواح والأموات من الأنبياء والأولياء.
فضلا عن الأحياء.
وهذا من أعظم الغلو في الصالحين، وأوضح أنواع الشرك بالله سبحانه.
وقد ذكرت نصوص علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في غلوهم في الصالحين.
وأريد أن أذكر بعض جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للصالحين.
ويحسن أن أذكر تعريف الشرك في التصرف عند الحنفية ليحدد الموضوع الذي أنا بصدد الرد عليه؛ لأن أهل السنة يرون أن التصرف تحت الأسباب العادية ليس من الشرك بالله تعالى.
قال الشيخ العلامة عبد السلام الملقب عند الحنفية المعاصرة بشيخ
القرآن والحديث: (الشرك في التصرف: اسم جامع لجميع صفات الملكية، والملوكية، والخلق، والأمر، والتدبير، والقدرة، والربوبية، والإحياء، والإماتة، وغيرها.
فاعتقاد: أن غيره تعالى يملك النفع ويتصرف في جميع الأمور فوق الأسباب- شرك [بالله] في [صفة] التصرف
…
) .
وبعد ما تعين محل النزاع وموضوعه- ننتقل إلى ذكر بعض جهود الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للصالحين.
المبحث الأول
في ذكر الآيات القرآنية
التي استدل بها علماء الحنفية على إبطال عقيدة
القبورية في التصرف في الكون لغير الله
لقد استدل كثير من علماء الحنفية بكثير من الآيات القرآنية على إبطال عقيدة القبورية في التصرف في الكون للصالحين والأرواح.
وفيما يلي ذكر بعض تلك الآيات المباركات التي تثبت التصرف في الكون لله وحده وتنفي التصرف فيه عن غيره سبحانه.
وتثبت أن الأنبياء والأولياء عباد فقراء إلى الله، محتاجون إليه، لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، فضلا عن أن يملكوا لغيرهم:
1 -
كقوله تعالى: {لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 142] .
2 -
وقوله سبحانه: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة 284، آل عمران: 109، 129، النساء: 126، 131، 132، النجم: 31] .
3 -
وقوله عز وجل: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النساء: 170، يونس: 55، النور: 64] .
4 -
وقال جل وعلا: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 255، النساء: 171، يونس: 68، إبراهيم: 2، طه: 6، الحج: 64، الشورى: 4، 53] .
5 -
وقال سبحانه: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النحل: 52] .
6 -
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المائدة: 17، 18، 120، النور: 42، الشورى: 49، الجانثة: 37] .
7 -
وقال عز وجل: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 107، المائدة: 40، الأعراف: 158، التوبة: 116، الفرقان: 2، الزمر: 44، الزخرف: 85، الحديد: 2، 5،البروج:9] .
8 -
وقال عز وجل: {لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ} [التغابن: 1] .
9 -
وقال جل وعلا: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [تبارك: 1] .
10 -
وقال تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2] .
11 -
وقال سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26] .
12 -
وقال جل وعلا: {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 55] .
13 -
وقال عز وجل: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [يس: 84] .
14 -
وقال جل وعلا: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 88- 89] .
15 -
وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ} [الأنعام: 12] .
16 -
وقال تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} [يونس:66] .
17 -
وقال سبحانه: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنبياء: 19] .
18 -
وقال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون: 84-85] .
19 -
وقال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2، الأنعام: 45، يونس: 10، الصافات: 182، الزمر: 75، غافر: 65] .
تنبيه: وصف الله سبحانه بأنه رب العالمين في عدة آيات، انظر: 20-53-[الفاتحة: 2، البقرة: 131، المائدة: 28، الأنعام: 45، 71، 162، الأعراف: 54، 61، 68، 104، 121، يونس: 10، 37، الشعراء: 16، 47، 77، 98، 109، 127، 145، 164، 165، 180، 192، النمل: 8، 44، القصص: 30، السجدة: 2، 87، الصافات: 87، 182، الزمر: 75، غافر: 66، فصلت: 9،الزخرف: 46، الجاثية: 26، الواقعة: 80، الحشر: 16، القلم: 52، الحاقة: 43، التكوير: 27، 29، المطففين:9] .
54 -
وقال سبحانه: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الجاثية: 36] .
55 -
وقال جل مجده: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ} [الرعد: 16] .
56 -
وقال سبحانه: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المؤمنون: 86] .
57 -
وقال جل جلاله: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [الصافات: 5، ص: 66] ، {رَبِّ}
…
[الدخان: 7، النبأ: 37]، {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الكهف: 14] .
58 -
وقال جل وعلا: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63،
الشورى: 12] .
59 -
وقال جل مجده: {وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 180، الحديد:10] .
60 -
وقال سبحانه: {وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} [الأعراف: 87، يونس: 109، يوسف: 80] .
61 -
وقال تعالى: {وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود: 25] .
62 -
وقال جل وعلا: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: 57، يوسف: 40، 67] .
63 -
وقال سبحانه: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد: 41] .
64 -
وقال تعالى: {لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 70، 88] .
65 -
وقال جل شأنه: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} [غافر: 12] .
66 -
وقال عز وجل: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] .
67 -
وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [المنافقون: 7] .
68 -
وقال جل وعلا: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح: 4، 7] .
تنبيه: هذه الآيات وأمثالها كلها تدل على أن الله تعالى: هو الرب المالك المتصرف في الكون وحده لا شريك له سبحانه.
69 -
[الأعراف: 188] .
70 -
وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [يونس:49] .
71 -
وقال جل وعلا: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} [الجن: 21] .
72 -
وقال سبحانه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] .
73 -
وقال عز وجل: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [المائدة:41] .
74 -
وقال سبحانه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56] .
75 -
وقال جل شأنه: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} [الزمر:19] .
76 -
77 -
وقال جل وعلا: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 57-58] .
78 -
وقال سبحانه: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام:35] .
79 -
وقال جل وعلا: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17] .
80 -
وقال عز وجل: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} [يونس: 107] .
تنبيه: هذه الآيات وأمثالها تدل دلالة قاطعة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فضلا عن أن يملك لغيره، وفضلا عن أن يتصرف في الكون.
81 -
وقال جل وعلا عن رسوله نوح عليه السلام: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [هود: 31] .
82 -
وقال سبحانه: {قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} [هود: 43] .
83 -
84 -
وقال عز وجل: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10] .
85 -
وقال سبحانه حكاية عن خليله: {وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [الممتحنة: 4] .
86 -
وقال تعالى حكاية عن الكريم ابن الكريم: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 67] .
87 -
وقال جل ثناؤه: {مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} [يوسف: 68] .
88 -
وقال جل وعلا: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي} [المائدة: 25] .
89 -
وقال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] .
تنبيه: هذه الآيات دالات على أن جميع الأنبياء عليهم السلام لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فضلا عن أن يملكوا لغيرهم، وأنهم عباد محتاجون فقراء إلى الله تعالى، وأنهم كانوا يدعونه لدفع المضرات وجلب الخيرات، وأنهم كانوا يخافون ربهم، فكيف يملكون التصرف في الكون؟
90 -
وقال سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] .
91 -
وقال عز وجل: {قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [الرعد: 16] .
92 -
وقال سبحانه وتعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3] .
93 -
وقال جل جلاله: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22] .
94 -
وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت: 17] .
95 -
وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [فاطر: 13-14] .
96 -
وقال عز من قائل: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] .
97 -
وقال جل من قائل: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 21- 22] .
98 -
وقال جل ثناؤه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] .
99 -
وقال سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} [فاطر: 40] .
100 -
[الأحقاف: 4-5] .
101 -
وقال جل ثناؤه: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2] .
102 -
103 -
وقال عز من قائل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68] .
إلى غير ذلك من الآيات المباركات.
تنبيه: هذه الآيات تدل دلالة قاطعة على أن الذين كان المشركون يدعونهم عند الكربات لدفع المضرات، وجلب الخيرات- لم يكونوا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؛ فضلا عن أن يملكوا لغيرهم، ولم تكن لهم قدرة على التصرف في الكون، وكان في هؤلاء كثير من الأنبياء والأولياء.
تقرير استدلال الحنفية بهذه الآيات:
لقد استدل بهذه الآيات كلها وغيرها معها، علماءُ الحنفية على إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للصالحين، والقدرة للأرواح على التصرف، وإبطال زعمهم أن الأولياء لهم قدرة على الإحياء والإماتة وقلب
الحقائق من شيء إلى آخر وأن لهم قدرة على دفع الضر عمن يستغيث بهم، وجلب النفع لمن يستمد بهم؛ فدلت هذه الآيات على أن عقيدة القبورية هذه فاسدة كفرية شركية، وأن الأنبياء عبادٌ لله محتاجون، فقراء إليه، خاشعون لله، خائفون من الله، وأنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فضلا عن أن يملكوا لغيرهم من الأقارب والأجانب وأنهم بحاجة إلى أن يدعوا الله تعالى عند الكربات لدفع المضرات وجلب الخيرات.
وثبت من هذه الآيات أيضا أن هؤلاء الأنبياء والأولياء لا يعلمون الغيب ولا يسمعون نداء المستغيثين بهم، وليس لهم اطلاع على أحوالهم، وهم عن نداءهم غافلون؛ فالأنبياء والأولياء لا يملكون لهم نفعا ولا ضرا، ولا يسمعون لهم صوتا ولا نداء ولا صراخا ولا دعاء، لا سرا، ولا جهرا، ولا يعلمون الغيب، ولا يطلعون على أحوالهم وما في ضمائرهم.
فالقبورية مع سفاهتهم في هذه العقائد مرتكبون أنواعا من الشرك والكفر.
قلت: بعد هذا ننتقل إلى المبحث الآتي لنعرف احتجاج الحنفية على بطلان هذه العقيدة بالسنة.
المبحث الثاني
في ذكر بعض الأحاديث
التي استدل بها علماء الحنفية على إبطال عقيدة
القبورية في التصرف في الكون للصالحين
لقد استدل كثير من علماء الحنفية بكثير من الأحاديث الصحيحة على إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للصالحين.
وفيما يلي بعض الأمثلة منها، مع تقرير استدلال الحنفية بها: الحديث الأول:
ولقد استدل علماء الحنفية بهذا الحديث على إبطال عقيدة القبورية في التصرف في الكون للأولياء؛ حيث: إن هذا الحديث من أعظم الأحاديث التي تثبت التصرف في الكون لله وحده لا شريك له، وتنفي عن غيره تعالى، ويدل على أن الأنبياء والأولياء وغيرهم من المخلوقين- لا يملكون لأنفسم نفعا ولا ضرا؛ فضلا عن أن يملكوا لغيرهم، كما أنهم لا يملكون موتا ولا حياةً ولا نشورا، وأن غيره تعالى غير قادر على العطاء والمنع * ودفع الضر وجلب النفع*
وللملا علي القاري (1014هـ) كلام مهم في شرح هذا الحديث، يقطع دابر القبورية.
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن حوالة الأزدي:
ولقد استدل علماء الحنفية بهذا الحديث على إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للأنبياء والأولياء؛ فإنه صريح، ونص على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك نفعا ولا ضرا، وأنه عاجز عن حفظ نفسه، فكيف يملك حفظ غيره؟؟؟؛ كما دل هذا الحديث على أن حفظ الخلق صفة خاصة بالله
تعالى.
الحديث الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
ولقد استدل بهذا الحديث علماء الحنفية على إبطال عقيدة القبورية من أن الأنبياء والأولياء يتصرفون في الكون ويملكون النفع والضر؛ فإن هذا الحديث صريح في أن سيد البشر، وأفضل الأنبياء لا يملك نفعا ولا ضرا حتى لأصحابه، فما بالك بغيره؟؟؟.
الحديث الرابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] .
قال: " يا معشر قريش - أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم.. لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف! لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب! لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله! لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم سليني ما شئت من مالي! لا أغني عنك من الله شيئا "» .
ولقد استدل علماء الحنفية بهذا الحديث على إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للأنبياء والأولياء.
وبينوا: أن هذا الحديث صحيح صريح، بل نص على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك نفعا ولا ضرا لبنته، وعمه، وعمته، وأقاربه، وأنه لا يستطيع أن يخلصهم من بطش الله وعذابه
…
فما ظنك بغيره!؛ فلو كان صلى الله عليه وسلم يملك القدرة والتصرف والنفع والضر- لكان أقاربه أحق الناس بأن يدفع عنهم الضر ويجلب لهم الخير، ولم يقل لهم:" إني لا أملك لكم، ولا أغني عنكم من الله شيئا ".
قلت: هذه كانت عدة أمثلة من تلك الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي استدل بها علماء الحنفية على إبطال عقيدة القبورية في زعمهم التصرف في الكون للأنبياء والأولياء، فقد عرفت أن هذه الآيات والأحاديث تدل دلالة قاطعة على ان الأنبياء والأولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا؛ فكيف يملكون ذلك لغيرهم
…
؟؛ فضلا عن أن يملكوا الإحياء، والإماتة، والإقطاع في الجنة، والإغناء، والشقاء، والسعادة، والهداية، والشقاء، والإعطاء.
وأقول: بعد هذا ننتقل إلى المبحث الآتي، لنطلع على نصوص الحنفية على أن هذه العقيدة شركية.