الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
في ذكر بعض نصوص علماء الحنفية
في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله
لعلماء الحنفية نصوص كثيرة على أن علم الغيب صفة مختصة بالله تعالى، لا يشركه فيه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي صالح، ولا جن لطيف، وأن أحدا من الخلق لا يعلم شيئا من الغيب- إلا ما أعطاه الله تعالى شيئا جزئيا، قطرة من البحر، فلا يوجد أحد غير الله تعالى يعلم علم ما كان وما يكون.
أو يعلم علم جميع ما في اللوح، أو يعلم علم الغيب أزلا وأبدا، أو يعلم علم جميع ما في الكون وأحواله وأحوال الناس.
أو يكون حاضرا ناظرا في كل مكان وزمان؛ وقد صرح علماء الحنفية بإجماع منهم- بأن من اعتقد ذلك فهو مشرك كافر بالله تعالى؛ وفيما يلي أمثلة لنصوصهم في ذلك:
1 -
قول الإمام أبي حنيفة (150هـ) رحمه الله:
لقد ذكر علماء الحنفية عن الإمام أبي حنيفة (150هـ) رحمه الله: أن المنصور (149هـ) رأى في منامه صورة ملك الموت، فسأله عن مدة عمره فأشار الملك بأصابعه الخمس؛ فعبر المعبرون هذه الرؤيا بخمس سنوات، وخمسة أشهر، وخمسة أيام؛ فقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى: هذه إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34] ؛ فإن هذه العلوم الخمسة لا يعلمها إلا الله.
قلت: في كلام هذا الإمام عبرة للقبورية عامة، وللبريلوية والكوثرية خاصة.
2 -
قول الإمام الطحاوي رحمه الله (321هـ) : قال الإمام الطحاوي في شرح صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته:
(لأن تلك الصلاة كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة
ولولا ذلك لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضع الذي انتهى إليه أبو بكر من القراءة ولا علم من خلف أبي بكر) .
قلت: هذا النص دليل قاطع على أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يكونوا يعلمون السر وما خفي من الأمور.
3 -
قول الإمام محمد بن الحسن الشيباني الإمام الثالث للحنفية على الإطلاق رحمه الله (198هـ) :
لقد ذكر علماء الحنفية عن شداد بن حكيم رحمه الله (220هـ) :
(أن امرأته بعثت إلى زوجها السحور في رمضان على يدي الخادم، فأبطأت الخادم في الرجوع إلى المرأة؛
فاتهمته المرأة؛ فقال شداد بن حكيم: " لم يكن بيننا شيء "، فطال الكلام بين شداد وبين امرأته؛ فقال شداد بن حكيم لامرأته:" تعلمين الغيب "؟، فقالت:" نعم "؛ فكتب شداد إلى محمد بن الحسن، -وكان هو من أصحاب زفر رحمه الله تعالى-؛ فأجاب محمد: أن جدد النكاح، فإنها كفرت) .
4 -
قول الإمام البدر العينتابي (855هـ) في شرح حديث المفاتيح:
(من ادّعى أنه يعلم شيئا من هذه الخمس [مفاتيح الغيب]- فقد كفر بالقرآن العظيم) .
5 -
16- كلام جمع من فقهاء الحنفية:
لقد صرح جمع من فقهاء الحنفية وقالوا:
(رجل تزوج بغير شهود، وقال: أشهد الله ورسوله، والملك - قالوا يكفر؛ لأنه اعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم والملك يعلمان الغيب، وهو صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم الغيب حين ما كان في الأحياء، فكيف بعد الموت؟) .
17 -
21- قول جمع من فقهاء الحنفية: (رجل قال: " أنا أعلم المسروقات "- قال الشيخ الإمام محمد بن الفضل:
" هذا القائل ومن صدقه يكون كافرا ".
قيل له: " فإن قال هذا القائل: أنا أخبر بإخبار الجن إياي بذلك "- قال: " هو ومن صدقه يكون كافرا بالله لقوله عليه السلام:
«فقد كفر بما أنزل على محمد» "؛ لا يعلم الغيب إلا الله، لا الجن، ولا الإنس؛ يقول الله في الإخبار عن الجن:
…
) .
22 -
27- قول جمع من فقهاء الحنفية:
(من قال أرواح المشائخ حاضرة تعلم يكفر) .
قلت: في هذا النص خاصة، وغيره عامة، قطع لدابر القبورية الذين يعتقدون التصرف لأرواح الأموات* ولا سيما عند الاستغاثة بهم في الملمات* 28-31- قول جماعة من فقهاء الحنفية:
(امرأة قالت لزوجها: أتعلم سر الله تعالى؟، قال: نعم.
قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى:
يكفر الرجل؛ لأن السر، والغيب واحد؛ ومن ادعى علم الغيب كان كافرا) .
32 -
37- قول ابن الهمام (861هـ) وغيره من كبار الحنفية:
(يجوز كونه [النبي صلى الله عليه وسلم] غير عالم ببعض المسائل التي يفرعها الفقهاء والمتكلمون التي لا يخل عدم العلم بها بمعرفة التوحيد، ويجوز كونهم [الأنبياء] غير عالمين بلغات كل من بعثوا إليهم، إلا لغة قومهم و [يجوز كونهم غير عالمين بـ] جميع مصالح أمور الدنيا، ومفاسدها، والحرف، والصنائع
…
؛ وكذا علم المغيبات، إلا ما أعلمه الله تعالى به أحيانا؛ وذكر الحنفية تصريحا بالتكفير باعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لمعارضته لقوله تعالى:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}
[النمل: 65] ، والله أعلم) .
قلت: في هذا النص عدة أمور مهمة:
1) عدم علم الأنبياء والرسل عليهم السلام ببعض المسائل الفقهية.
2) عدم علمهم ببعض المسائل الكلامية.
3) عدم علمهم ببعض اللغات.
4) عدم علمهم بمصالح بعض الأمور.
5) عدم علمهم بمفاسد بعض الأمور.
6) عدم علمهم ببعض الحرف.
7) عدم علمهم ببعض الصنائع.
8) عدم علمهم بالمغيبات.
9) من قال: إن الأنبياء يعلمون الغيب فهو كافر عند الحنفية.
10) عقيدة علم الغيب لغير الله كفر، معارضة لكتاب الله.
38 -
قول العلامة الخجندي (1379هـ) :
(وفي محك الطالبين مسطور: أن طائفة من الدراويش
الجاهليين والعاميين يقولون: إن المشائخ كل وقت حاضرون، ويقولون: إن الأموات الذين ماتوا حاضرين- يكفرون بقولهم المذكور.
لأن الأموات ليس لهم اطلاع، وعلم بأحوال الأحياء.
كذا في كتاب زاد المتقين
…
) .
39 -
قوله الآخر: (اعلم أن اعتقاد علم الغيب للميت والغائب، واعتقاد علم الغيب لغير الله تعالى شرك وكفر، وأن من دعاء غير الله من الأموات وطلب الحوائج منه، واعقتد أنه يعلم الغيب- فقد كفر؛ وقد اتفق جميع أهل العلم في هذا التكفير.
ولا أعلم أحدا من أهل السنة والجماعة على خلافه) .
40 -
قول العلامة شكري الآلوسي (1342هـ) :
(ومن شنيع مقالاتهم [أي القبورية] في الإسلام قولهم:
" إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو منه زمان ولا مكان " يريدون بذلك: أنه ما من زمان إلا وهو فيه موجود، ولا مكان إلا وهو فيه موجود
…
وهذه مقالة شنيعة في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنزال له فوق منزلته التي أنزله الله بها؛ فإن هذا إشراك للنبي صلى الله عليه وسلم في أخص أوصاف الباري جل شأنه
…
) .
41 -
قوله الآخر:
قال رحمه الله في الرد على أحد القبورية الذين يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم جميع المكونات: (قلت له:
أترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم عدد الشعرات التي في لحيتك؟ " فقال: " لا ".
فقلنا: " أفترى أن لحيتك ليست من المكونات؟ " فانقطع في ميدان المناظرة قبل أن ينقل فيه قدما
…
) .
42 -
قوله الآخر:
قال رحمه الله أيضا في الرد على النبهاني أحد أئمة القبورية (1350هـ)، مبطلا زعمه: أن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر في كل مكان وزمان:
(إن من دقق النظر وجده غير معترف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو لا يؤمن به؛ لأنه يزعم أنه مؤمنٌ برجلٍ موجودٍ في كلِّ مكانٍ وكلّ زمانٍ، كما دلّ عليه شعره؛ ونبينا صلى الله عليه وسلم ولد بمكة وتوفي بالمدينة، ونزل عليه:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 31] ؛ فالرجل الذي هو موجودٌ في كل مكانٍ وكل زمانٍ- لم يوجد، ولا يوجد
…
؛ كالاعتقاد بما هو موهوم غير ثابت ولا معلوم) .
قلت: بعد ما عرفنا بعض جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله، وأنها عقيدة شركية وثنية كفرية- ننتقل إلى الفصل الآتي لنعرف بعض جهود الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في التعرف في الكون لغير الله.