الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السابع
في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في
استغاثتهم بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وعرض
عقيدة القبورية في الاستغاثة وتحقيق أنهم أشد شركا
من الوثنية الأولى
وفيه فصول ثلاثة:
-
الفصل الأول: في عرض أمثلة لعقيدة القبورية في استغاثتهم بغير الله
فيما لا يقدر عليه إلا الله.
- الفصل الثاني: في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في استغاثتهم بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وتحقيق أنها شرك بل هي أم لعدة أنواع من الإشراك بالله تعالى.
- الفصل الثالث: في تحقيق علماء الحنفية أن القبورية أشد شركا من الوثنية الأولى، وأنهم أشد خوفا ورجاء وأكثر خضوعا وخشوعا وأعظم عبادة للأموات منهم لخالق البريات في باب الاستغاثات.
الفصل الأول
في عرض أمثلة لعقيدة القبورية
في استغاثتهم بغير الله
وفيه مباحث ثلاثة:
- المبحث الأول: في أن الاستغاثة بغير الله أهم العقائد القبوريات عند القبورية.
- المبحث الثاني: في أن الاستغاثة بغير الله، ولا سيما الأموات، أنفع للمكروب وأسرع لقضاء الحاجات عند القبورية من الاستغاثة بخالق الكائنات.
- المبحث الثالث: في بيان أمثلة متفرقة لعقيدة القبورية في استغاثتهم بغير الله عند الكربات.
المبحث الأول
في أن الاستغاثة بالأموات
أهم العقائد القبوريات عند القبورية
تعتقد القبورية عدة عقائد وثنية، كعقيدة التصرف في الكون للصالحين، وعقيدة علم الغيب لهم، وعقيدة سماع الموتى أصوات المستغيثين بهم، وعقيدة حياة الأموات حياةً نبويةً، وعقيدة بناء القبب والمساجد على القبور، وعقيدة الحج إلى القبور، وعقيدة النذر لأهل القبور، وغير ذلك من العقائد الوثنية والغلو في القبور وأهلها، ولكن الهدف الأسمى للقبورية والغاية العظمى، والمقصد الأعلى لهم من هذه العقائد كلها- هو استغاثتهم بالأموات عند إلمام الملمات * لدفع الكربات والمضرات، وجلب المنافع والخيرات*
أما سائر عقائدهم الوثنية - فهي وسائل لهذا المقصد الأسنى، والغاية الكبرى عندهم؛ ولذلك ترى القبورية يحاولون إثبات علم الغيب للأموات*
والغائبين الذين يستغيثون بهم عند الكربات والملمات* ويعتقدون فيهم التصرف المطلق في الكائنات* كما أنهم يحاولون إثبات أن حياة الأموات بعينها حياة الأحياء، بل أقوى، وأن الموتى يسمعون نداء المستغيثين بهم في كل زمان ومكان، ويهتمون بوفاء النذور لهم أشد من أداء كل فريضة لله، كما أنهم ينفقون ملايين الملايين من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة- على بناء القبب والمساجد على قبور المستغاث بهم، كما ترونها في شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها، وعربها وعجمها، وسهلها وجبالها، وتشاهدون أنهم يحجون إلى قبورهم من كل فج عميق، يعجون ويثجون، ويضرعون ويخشعون عند قبورهم، ولا سيما وقت مواسم موالدها* وأداء مناسك مشاهدها* كل ذلك لتحقيق الاستغاثة بهم لدفع الكربات* وجلب الخيرات*
ولذلك ترى القبورية يستدلون بعلم الغيب للأموات* وبتصرفهم في الكائنات، وبسماعهم للاستغاثات* وبحياتهم كحياة الأحياء، بل أقوى، لا كحياة الأموات* وبجميع ما يفتعلونه من الحكايات والأساطير والكرامات* على جواز الاستغاثة بهم بل على ترجيحها على الاستغاثة برب البريات* فيجعلون جميع تلك العقائد الوثنيات* أدلة على جواز الاستغاثة بالأموات*
ومن المعلوم عند المؤلف والمخالف: أن المقصد الأسمى، والغاية العظمى- إنما هو المدلول، والدعوى، والثمرة، والنتيجة،
وإنما يساق الدليل، وتورد الحجة، ويؤتى بالبرهان، لإثبات المدلول، والدعوى، فالدليل لا يكون مقصودا بالذات، - وإنما هو وسيلة للتوصل إلى المقصود، وهو الدعوى، فثبت بهذا كله: أن المقصود للقبورية- هو الاستغاثة بالأموات لدفع الكربات، وجلب الخيرات، وأما سائر عقائدهم الوثنية:
كعقيدتهم في علم الغيب للأموات* أو عقيدتهم في تصرف الأموات في الكائنات* أو عقيدتهم في سماع الموتى للاستغاثات*؛ ونحو ذلك من عقائدهم الوثنية - فشبهات تشبهوا بها لجواز الاستغاثة بالأموات* ووسائل للقبورية توصلوا بها إلى الاستمداد من الأموات * فالغاية العظمى للقبورية، ومقصدهم الأسمى، وهدفهم الأسنى، ومطلوبهم الأعلى بهم- هو الاستغاثة بالأموات لدفع البليات، وجلب الخيرات، وأما بقية عقائدهم، فهي لها تبع؛ ولذلك صرح علماء الحنفية، بأن الاستغاثة بغير الله تعالى، فيما لا يقدر عليه إلا الله- أمّ الشركيات؛ إذ هي متضمنة لعدة أنواع من الشرك، أبْيَنُها ثلاثة:
الأول: اعتقاد المستغيث: أن المستغاث يعلم الغيب.
الثاني: اعتقاده: أنه يسمع نداءه.
الثالث: اعتقاده: أنه قادر على دفع الضر وجلب الخير.
وإلا لما دعاه ولا فتح بالاستغاثة فاه وكل واحد من هذه الأنواع أبيَنُ أنواع الشرك، كما سبق نصوص علماء الحنفية على ذلك في البابين السابقين، وكما ستأتي نصوصهم الأخرى في هذا الباب إن شاء الله.
ولأجل اهتمام القبورية بالاستغاثة بالأموات عند الكربات * ألف كثير من أئمتهم الوثنية في الدعوة إلى الاستغاثة بالأموات* كتبا سموها بأسماء تشعر بالاستغاثة بغير الله تعالى:
1 -
منهم: أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي (634هـ)، وسمى كتابه:" مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام ".
2 -
ومنهم: ابن النعمان المالكي المغربي (683هـ) ، واسم كتابه الوثني هو الأول بعينه، مخطوط حتى الآن فيما أعلم.
وهذا الوثني قدوة كل قبوري بعده، وعمدته، فتراهم ينهلون من مستنقعاته.
وقد ذكر هذا الوثني في سبب تأليف كتابه هذا:
أن كثيرا من أئمة الإسلام قد صنفوا في الاستغاثة بالله تعالى وحده- فأردت أن أؤلف في الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم والالتجاء إليه، فصنف:" مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام في اليقظة والمنام ".
3 -
ولهذا الوثني كتاب آخر في الدعوة إلى الوثنية، سماه:
" سفينة النجاء لأهل الالتجاء في كرامات أبي النجاء ".
4 -
ومنهم: النبهاني (1350هـ)، فقد ألف في الدعوة إلى الوثنية كتابه الفاضح المفضوح الكاسر المكسور:
" شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق ".
5 -
ومنهم: أحمد رضا خان الأفغاني، الملقب بعبد المصطفى، إمام البريلوية (1340هـ) فقد ألف كتابا سماه:
" أنوار الانتباه بحل النداء بيا رسول الله ".
6 -
وله كتاب آخر سماه: " بركات الاستمداد ".
7 -
وآخر سماه: " حدائق بخشش " يعني حدائق الهبات، كله
استغاثات بالأموات.
8 -
ومنهم: الميرغني الحنفي الوثني (1207هـ) ؛ فقد ألف كتابا سماه: " تحريض الأغبياء على الاستغاثة بالأنبياء والأولياء ".
9 -
ومنهم: الحموي الحنفي القبوري (1098هـ)، له كتاب وثني سماه:
" نفحات القرب والاتصال بإثبات التصرف للأولياء بعد الانتقال ".
وأما عقد القبورية أبوابا وفصولا في كتبهم الوثنية للاستغاثة بالأموات عند الكربات- فحدث ولا حرج.
المبحث الثاني
في أن الاستغاثة بغير الله ولا سيما الأموات
أنفع للمكروب وأسرع لقضاء الحاجات عند القبورية
من الاستغاثة بخالق الكائنات
تمهيد: لذكر عدة أمثلة لعقيدة القبورية: من أن الاستغاثة بغير الله أنفع للمكروب، وأسرع لقضاء الحاجات*- من الاستغاثة برب البريات* تعتقد القبورية أن الاستغاثة بالله تضر بالمكروب، وتؤخر جلاء كربته، وأن الاستغاثة بغير الله تعالى أنفع للمكروب، وأسرع لقضاء حاجته، فإن الله لا يهمه أمر المبتلى بالمصائب، أما الولي فيهتم بأمر من يستغيث به، بل الاستغاثة بالله تعالى قد تؤدي إلى عدم استجابة دعاء المضطر عندهم؛ ولذلك ترى القبورية يرجحون الاستغاثة بالأموات على الاستغاثة برب البريات جهارا دون إسرار، جرأة على الله بلا حياء من العباد، ولا من رب العباد، ولا خجل ولا ندامة، وإليك بعض الأمثلة من وثنياتهم لتحقيق ذلك:
المثال الأول:
ما قاله أحمد رضا خان الأفغاني، الملقب بعبد المصطفى، إمام البريلوية (1340هـ) :
إن سيد الطائفة: الجنيد البغدادي (298هـ) - جاء إلى نهر دجلة ليعبره، فقال:" يا الله "، ومشى عليه كما يمشي على الأرض!!! فرآه شخص، وأراد أن يعبره فلم يجد سفينة، فقال للجنيد: إني أريد أن أعبر هذا النهر، فكيف السبيل..؟ فقال له الجنيد:" قل: يا جنيد. يا جنيد - مُرَدِّدا لهذا النداء، فتعبره ".
فقال الرجل: يا جنيد، يا جنيد - مُرَدِّدا له ومكررا له كالورد والذكر، ومشى على النهر كما يمشي على الأرض، فلما وصل إلى وسط النهر- وسوس إليه الشيطان، وقال له:
إن الجنيد كان يقول: " يا الله. يا الله. "، ويقول لك:" قل: يا جنيد. يا جنيد! فَلمَ لا تقول أيضا: يا الله.يا الله "؟؟؟.
فجعل الرجل يقول: " يا الله، يا الله "،
فغرق في الماء، فصرخ ونادى الجنيد وقال:" أيها الحضرة!! قد غرقتُ "!!! فقال له الجنيد: " قل: يا جنيد. يا جنيد.، مكررا مرارا ".
فجعل الرجل يقول: " يا جنيد. يا جنيد. "مرارا وتكرارا، فنجا من الغرق، وعبر النهر، ثم قال الرجل للجنيد: " أيها الحضرة، ما السر في أنك كنت تقول: يا الله. فتعبر النهر.؟؟ ولما قلتُ: يا الله
…
غرقتُ!!! فقال له الجنيد: نعم أيها الأحمق! إنك لم تصل بعد إلى منزلة الجنيد، وتطمع في الوصول إلى الله مباشرة؟؟؟ الله أكبر!!!
المثال الثاني: ما استدل به النبهاني (1350هـ) قائلا:
(إن سيدي محمد الحنفي قدس الله سره (؟؟؟) فرش سجادته على البحر وقال لمريده: قل: يا حنفي، وامش، فمشى المريد خلفه، فخطر له: لِمَ تقول: يا حنفي؟؟؟ هلا قلت: يا الله؟؟؟؟
فلما قالها (أي قال: يا الله) - غرق، فأمسك الشيخ (الحنفي) بيده وقال له:
" أنت الحنفي تعرفه، فكيف بالله؟؟؟ فإذا عرفت الله فقل: يا الله ".
يشير إلى أن الوسائط لا بد منهم
…
، لولا الوسائط لكنا من الوسائط
…
)
المثال الثالث: ما قاله الإمام الآلوسي (1270هـ) في تفسير قوله تعالى:
{ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} [54 من سورة النحل] :
(وفي الآية ما يدل على أن صنيع أكثر العوام اليوم: من اللجوء إلى غيره تعالى ممن لا يملك لهم، بل ولا لنفسه نفعا ولا ضرا- عند إصابة الضر لهم، وإعراضهم عن دعائه تعالى عند ذلك بالكلية- سفه عظيم،
وضلال جديد، لكنه أشد من الضلال القديم، ومما تقشعر منه الجلود* وتصعر له الخدود الكفرة* أصحاب الأخدود * فضلا عن المؤمنين باليوم الموعود * أن بعض المتمشيخين قال لي وأنا صغير:
" إياك ثم إياك [و] أن تستغيث بالله تعالى- إذا خطب دهاك، فإن الله تعالى لا يعجل في إغاثتك * ولا يهمه سوء حالتك* وعليك بالاستغاثة بالأولياء السالفين، فإنهم يعجلون في تفريج كربك* ويهمهم سوء ما حل بك* فمج ذلك سمعي* وهمي ودمعي * وسألت الله تعالى أن يعصمني والمسلمين* من أمثال هذا الضلال المبين * ولكثير من المتمشيخين اليوم كلمات مثل ذلك) .
المثال الرابع: ما قاله الآلوسي أيضا في تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45]- وتبعه ابنه نعمان الآلوسي (1317هـ)، وحفيده شكري الآلوسي (1342هـ) :
(وقد رأينا كثيرا من الناس على نحو هذه الصفة التي وصف الله تعالى بها المشركين: يهشون لذكر أموات يستغيثون بهم، ويطلبون منهم، ويطربون من سماع حكايات كاذبة عنهم توافق هواهم، واعتقادهم فيهم،
ويعظمون من يحكي لهم ذلك، وينقبضون من ذكر الله تعالى وحده، ونسبة الاستقلال بالتصرف إليه عز وجل، وسرد ما يدل على مزية عظمته وجلاله، وينفرون ممن يفعل ذلك كل النفرة، وينسبونه إلى ما يكره، وقد قلت- يوما لرجل يستغيث في شدة ببعض الأموات، وينادي: يا فلان! أغثني- فقلت: له: قل: يا الله، فقد قال سبحانه:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]- فغضب، وبلغني أنه قال: فلان [الآلوسي] منكر على الأولياء، وسمعتُ عن بعضهم أنه قال:
" الولي أسرع إجابة من الله عز وجل "!!! وهذا من الكفر بمكان * نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزيغ
والطغيان *) .
المثال الخامس: ما قاله كثير من القبورية الصوفية في تحريف قوله تعالى: {عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا} [النجم: 29] :
(أي أعرض عمن استغرق واستهلك في ذات الله تعالى، فلا يذكره.
وإن ذكره حصل له فتور في الشهود، فلا تكلفه بالذكر!!، وإليه يشير خاتم الأولياء الشيخ الأكبر محيي الدين رضي الله عنه بقوله:
بذكر الله تزداد الذنوب
…
وتنطمس البصائر والقلوب
وترك الذكر أفضل منه حالا
…
فإن الشمس ليس لها غروب
المثال السادس: ما استدل به النابلسي الحنفي الوثني (1143هـ) ؛ قال: (وكذلك وقع لسيدي محمد الحنفي الشاذلي:
أنه كان يعدي من مصر إلى الروضة ماشيا على الماء هو وجماعته، فكان يقول لهم:
" قولوا: يا حنفي، وامشوا خلفي، وإياكم أن تقولوا: يا الله، تغرقوا "، فخالف شخص منهم وقال: يا الله، فزلقت رجله فنزل إلى لحيته في الماء، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا ولدي إنك لا تعرف الله تعالى، حتى تمشي باسمه على الماء، فاصبر حتى أعرفك بعظمة الله تعالى، ثم أسقط الوسائط ". انتهى) .
المثال السابع: ما قال واستدل به ذلكم النابلسي الحنفي الوثني المذكور:
(إن معروف الكرخي كان يقول لأصحابه:
" إن كان لكم إلى الله تعالى حاجة فأقسموا عليه بي، ولا تقسموا عليه به تعالى "، فقيل له في ذلك:[لِمَ] ؟.
فقال: " هؤلاء لا يعرفون الله تعالى، فلم يجبهم، ولو أنهم عرفوه لأجابهم "
…
)
المثال الثامن: أن بعض كبار الصوفية القبورية الوثنية ركب البحر ومعه مريد، فهاجت ريح خيف منها، فجعل يقول:" يا الله "، فطفق المريد يقول " يا الله " أيضا، فكاد أن يغرق؛ فأشار إليه الشيخ: أن يهتف باسمه، فهتف باسمه فنجا.
المثال التاسع: ما اطلعتُ عليه من عجائب الوثنية:
وهو: (أن امرأة كف بصرها، ومات ولدها، فنادت وليها [أي إلههَا ومعبودَها الباطلَ] وقالت:" أما الله، فقد صنع ما ترى!!! ولم يبق إلى حسبك فيّ"
…
) .
المثال العاشر: ما قالوه من أنّ (الاستغاثة بالمخلوق ليكون شافعا إلى الله ووسيلة إليه لا شك أن ذلك أرجح، لا كراهة فيه، إذا كان المستغاث أهلا لذلك) .
المثال الحادي عشر: ما قاله القضاعي أحد أئمة القبورية الوثنية (1376هـ) ونصه:
(إن الاستغاثة به [صلى الله عليه وسلم] من موجبات تنزل الرحمات وسرعة قضاء
الحاجات) .
المثال الثاني عشر: قوله:
(إن زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء والصالحين، ونداءَهم والاستغاثةَ بهم، والتوسل بهم إلى الله عز وجل، وبما يتعلق بهم [كالتوسل، والتبرك بآثارهم، وقبورهم، ومجالسهم، ونحوها]- من أقوى الأسباب التي وضعها الحكيم العليم لاجتلاب البركات واستنزال الرحمات، واستجابة الدعوات، وسرعة قضاء الحاجات) .
المثال الثالث عشر: عنوان القضاعي بقوله:
بيان أن من ودِّه عز وجل لأحبائه سرعة إغاثة المستغيثين بهم في غيبتهم وبعد وفاتهم) .
المثال الرابع عشر: قول هذا الوثني جهارا بدون حياء:
(إن دعاءهم [أي دعاء المضطرين] لله [بدون الواسطة مباشرة] من غير توسل به [صلى الله عليه وسلم] كالمفتاح بلا أسنان، أو بأسنان غير تامة، والمفتاح إذا كان كذلك [بلا أسنان
…
] قلما يقع الفتح به) .
المثال الخامس عشر: ما قاله هذا القضاعي أيضا بدون حياء:
(إن المجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والشكوى إليه والاستغاثة به في الملمات* من أقوى الأسباب التي وضعها الله لإزالة البليات، وكشف الكربات *
ونيل الحاجات، والفوز بسعادة الدارين) .
المثال السادس عشر: ما قاله أيضا، [وتبعه محمد علوي المالكي القبوري المعاصر] :
(إن الاستغاثة بأكابر المقربين من أعظم مفاتيح الفرج، ومن موجبات رضى رب العالمين) .
المثال السابع عشر:
ما قاله أيضا دعوةَ منه إلى الشرك السافر:
إنّ التوجهَ إليه صلى الله عليه وسلم ونداءَه بقوله: " يا محمد! "والاستنجادَ به - ليس شركا، ولا حراما، ولا مكروها، ولا خلاف الأولى؛ بل ذلك أفضل في الأدب من الربوبية، وأشد اجتلابا للرحمة، واستنزالا للقبول، وأقوى مظنة بالإجابة، وأدنى للرشد، وأبعد من الرد والحرمان.
المثال الثامن عشر:
ما قاله الكوثري، إمام الجهمية والقبورية * ومجدد الماتريدية وشيخ عصبة العصبية والوالغ في أئمة السلفية * (1371هـ)، وهذا نصه:
(لا بد لأهل السلوك والرشاد من التوسل والاستغاثة والاستمداد بأرواح الأجلة، والسادة الأمجاد، إذ هم المالك لأزمة الأمور في نيل ذلك المراد) .
قلت: إنما أطلت بعض الإطالة في ذكر الأمثلة من اهتمام القبورية بالاستغاثة بغير الله تعالى، وترجيحها على الاستغاثة بالله تعالى مباشرة - ليعلم المسلمون أن هؤلاء القبورية قد وصلوا في الوثنية إلى حد رجحوا الاستغاثة بالأموات* على الاستغاثة برب البريات*
بل صرحوا بدون حياء من العباد* ولا من رب العباد* مستخفين برب الكائنات* بأن الاستغاثة بالله تضر المكروب، وتمنع قضاء الحاجات* وأن الاستغاثة بغير الله أنفع للمضطر، وأسرع لدفع الملمات* فإن الله لا يهمه سوء حالة المضطرين * وإن الأولياء يهتمون بإزالة كرب المكروبين* إلى آخر إلحادهم الشنيع* وشركهم الفظيع* والله المستعان على ما يصفون *وتعالى الله عما يشركون*