الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس
في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب والتصرف في الكون للصالحين بل للطالحين
وفيه ثلاثة فصول:
-
الفصل الأول: في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله
.
- الفصل الثاني: في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في التصرف في الكون لغير الله.
- الفصل الثالث: في جهود علماء الحنفية في إبطال شبهات القبورية التي تشبثوا بها في علم الغيب والتصرف في الكون لغير الله.
الفصل الأول
في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله سبحانه
وفيه مطالب ثلاثة:
- المطلب الأول: في استدلال علماء الحنفية ببعض الآيات الكريمة على إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله.
- المطلب الثاني: في استدلال علماء الحنفية ببعض الأحاديث الصحيحة على إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله تعالى.
- المطلب الثالث: في نصوص علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله وتصريحهم بأن هذه العقيدة شرك وكفر.
كلمة بين يدي هذا الفصل
لقد ذكرت أمثلة من أعاجيب غلو القبورية في زعمهم أنواعا من العلوم بالمغيبات للصالحين [بل للطالحين] :
من علم ما في اللوح المحفوظ، وعلم ما في الكون كله، وعلم ما في الدنيا والآخرة، وعلم ما كان وما يكون أزلا وأبدا- إلى غير ذلك من الغلو الذي هو شرك صراح، وكفر بواح، وقد ذكرت بعض جهود علماء الحنفية إجمالا في إبطال عقيدة القبورية في غلوهم في الصالحين، وفي هذا الفصل أذكر بعض جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب للصالحين أحياءً وأمواتا من الأنبياء والأولياء، وكل ما سبق من جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في حياة الأموات وسماع الموتى- فهو أيضا دليل ساطع على إبطال عقيدتهم في علم الغيب لغير الله تعالى، وسيف قاطع لدابرهم؛
وأريد أن أذكر تعريف الشرك بالله تعالى في علم الغيب عند الحنفية ليُحدَّدَ بذلك موضوع علم الغيب؛ لأن أهل السنة يرون أن اطلاع الأنبياء على بعض المغيبات أمر حق، وكذا الاطلاع على شيء من الأمور الغائبة بواسطة الأسباب العادية التي هي تحت قدرة الإنسان - لا يدخل في باب الشرك بالله تعالى.
قال الإمام إسماعيل المجاهد الدهلوي (1246هـ) ، وتبعه الشيخ أبو الحسن الندوي، واللفظ للأخير:
(
…
الإشراك في العلم المحيط لغير الله تعالى: وإن كان هذا الإثبات لنبي، أو ولي، أو شيخ، أو شهيد، أو إمام، أو سليل إمام، أو عفريت أو جنية- سواء اعتقد أنه يعلم من ذاته أو يعلم أنه منحة من الله وعطاء منه.... كل ذلك شرك) .
وقال غلام الله الملقب عند الحنفية بشيخ القرآن (1980م) : المراد من الشرك بالله في العلم:
اعتقاد ثبوت علم الغيب لغير الله تعالى من نبي أو ملك أو مرشد أو فقير، وليس المراد: أن يعتقد المرء أن علم الرسول صلى الله عليه وسلم، أو علم المرشد مساوٍ لعلم الله تعالى؛ فإن هذا الاعتقاد لم يقع لأحد،
بل المراد: أن يعتقد أن غير الله تعالى يعلم ما في السموات والأرض، أو يعلم أعمالنا وأفعالنا، أو يعلم ما في الصدور، فإن هذا شرك في العلم؛ لأن هذا العلم من صفات الله تعالى الخاصة به، وسواء في ذلك أن يعتقد أن فلانا يعلم الغيب في كل وقت، أو يعتقد أنه لا يعلم الغيب كل وقت؛ ولكن الله تعالى أعطاه قدرة يستطيع بها أن يعلم كل ما يشاء، كما أن الله تعالى أعطى أحدنا قوة باصرة، يستطيع أن يبصر بها، فاعتقاد ثبوت علم الغيب لغير الله تعالى على هذه الطريقة كفر وشرك.
وقال ابن آصف الملقب عند الحنفية بشيخ القرآن (1407هـ) :
(الشرك في العلم: وهو أن يعتقد غيره تعالى عالما بكل ما كان وما يكون وبكل ما يستتر الإنسان ويجهر به
…
) .
وقال العلامة الرستمي الملقب عند الحنفية المعاصرة بشيخ القرآن، وشيخ الحديث:
(فالشرك في العلم: هو أن يعتقد أن غيره تعالى يعلم الغيب، ويعلم
جميع ما كان وما يكون
…
؛ والمراد بالغيب: ما لا يدرك بالحس، ولا بالعقل، ولا بالوحي
…
، وهو العلم بلا سبب) .
وبعد تبيين موضوع النزاع ننتقل إلى ذكر بعض جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في زعمهم علم الغيب للصالحين.