المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القسم الأولفي عرض أمثلة لغلو القبورية في الصالحين بل في الطالحين - جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية - جـ ٢

[شمس الدين الأفغاني]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأولفي جهود علماء الحنفية في التحذير من الشرك

- ‌ المبحث الأول: في ذكر بعض الآيات المباركة التي تحذر من الشرك

- ‌المبحث الثانيفي ذكر بعض الأحاديث الصحيحة التي تبين عواقب الشرك الوخيمة

- ‌المبحث الثالثفي نصوص علماء الحنفية في التحذير من الشرك

- ‌الفصل الثانيفي عدة قواعد وضوابط فقهية لعلماء الحنفية

- ‌الفصل الثالثفي بيان عدة ذرائع الشرك التي صرح علماء الحنفية بوجوب سدها

- ‌القسم الأولفي عرض أمثلة لغلو القبورية في الصالحين بل في الطالحين

- ‌القسم الثانيغلو القبورية في تصرفه صلى الله عليه وسلم في الكون

- ‌القسم الثالثغلو القبورية في سماعه صلى الله عليه وسلم لنداء المستغيثين به

- ‌القسم الرابعغلو القبورية في حياته صلى الله عليه وسلم البرزخية

- ‌الفصل الثانيفي غلو القبورية في بعض الأولياء خاصة

- ‌الثاني الرفاعي مؤسس الطريقة الرفاعية

- ‌الثالثالبدوي

- ‌الفصل الثالثفي غلو القبورية في الأولياء عامة

- ‌المبحث الثانيفي التنبيه على أمر مهم

- ‌المبحث الثالثفي التنبيه على أمر أهم من الأول

- ‌القسم الثانيفي جهود علماء الحنفية في إبطال غلو القبورية في الصالحين

- ‌ الفصل الأول: في جهود علماء الحنفية في إبطال الغلو إجمالا

- ‌المطلب الأولفي استدلال علماء الحنفية بالكتاب على إبطال الغلو في الصالحين

- ‌المطلب الثانيفي استدلال علماء الحنفية بالسنة على إبطال الغلو في الصالحين

- ‌المطلب الثالثفي نصوص علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في الغلو في الصالحين

- ‌الفصل الثانيفي جهود علماء الحنفية في إبطال غلو القبورية في حياة الأموات

- ‌ المبحث الأول: في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في حياة الأموات

- ‌المبحث الثانيفي جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في سماع الموتى

- ‌المبحث الثالثفي إبطال علماء الحنفية لشبهات القبورية

- ‌المبحث الثانيفي تنبيهات ثلاثة على فوائد ثلاث لشرح الكلام السابق

- ‌ الفصل الأول: في جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله

- ‌المطلب الأولفي استدلال علماء الحنفية ببعض الآيات على إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله تعالى

- ‌المطلب الثالثفي ذكر بعض نصوص علماء الحنفيةفي إبطال عقيدة القبورية في علم الغيب لغير الله

- ‌الفصل الثانيفي جهود علماء الحنفية لإبطال عقيدة القبوريةفي التصرف في الكون لغير الله سبحانه

- ‌المبحث الثالثفي نصوص علماء الحنفية ردا على عقيدة القبوريةفي زعمهم التصرف في الكون للصالحين

- ‌الفصل الثالثفي جهود علماء الحنفية في إبطال شبهات القبورية

- ‌ الفصل الأول: في عرض أمثلة لعقيدة القبورية في استغاثتهم بغير الله

- ‌المبحث الثالثفي بيان أمثلة متفرقة لعقيدة القبوريةفي استغاثتهم بغير الله عند الكربات

- ‌لمطلب الأول: في عرض عقيدة القبورية في الاستغاثة بالأحياء الغائبين وبالأموات

- ‌المطلب الثانيفي بيان ترجيح القبورية الاستغاثة والتوسل بالأموات

- ‌المطلب الثالثفي بيان استغاثات القبورية المتفرقات

- ‌الفصل الثانيفي جهود علماء الحنفية في إبطال عقيدة القبورية

- ‌ المبحث الأول: في استدلال علماء الحنفية بالكتاب والسنة على إبطال عقيدة القبورية

- ‌المطلب الأولفي استدلال علماء الحنفية بعدة آيات من كتاب اللهعلى إبطال عقيدة القبورية

- ‌المطلب الثانيفي ذكر بعض الأحاديث التي استدل بها علماء الحنفية علىإبطال عقيدة القبورية

- ‌ المطلب الأول: في نصوص علماء الحنفية على أن الاستغاثة بغير الله أمر محرم

- ‌الفصل الثالثفي جهود علماء الحنفية في تحقيقهم أن القبورية أشد شركامن الوثنية الأولى

- ‌ المبحث الأول: في جهود علماء الحنفية في تحقيق أن القبورية أشد شركا من الوثنية الأولى

الفصل: ‌القسم الأولفي عرض أمثلة لغلو القبورية في الصالحين بل في الطالحين

‌القسم الأول

في عرض أمثلة لغلو القبورية في الصالحين بل في الطالحين

وفيه فصول ثلاثة:

- الفصل الأول: في بيان غلوهم في رسول الله.

- الفصل الثاني: في بيان غلوهم في بعض الأولياء خاصة.

- الفصل الثالث: في بيان غلوهم في الأولياء عامة.

ص: 687

القسم الأول

في عرض نماذج من غلو القبورية في الصالحين بل الطالحين

لقد غالت القبورية في تعظيم الصالحين* بل الطالحين* ومحبتهم ورفعهم فوق منزلتهم- كدأب الوثنية الأولى، بل أشد- فاعتقدوا فيهم عجائب من العلم بالمغيبات* وأثبتوا لهم غرائب من التصرفات في الكون، وغير ذلك من الصفات *؛ بحيث جعلوهم آلهة يعبدونهم خصوصا عند الكربات * وإلمام الملمات، لدفع المضرات، وجلب الخيرات* بل جعلوهم أربابا لهذا الكون يتصرفون فيه كيف يشاؤون* يدمرون ويعمرون، يمنعون ويعطون، يعلمون ويسمعون كما يريدون* كل ذلك تمهيدا للاستغاثة بهم عند الملمات* طلبا لحاجات ورفعا لمضرات* وفيما يلي بعض الأمثلة لغلو القبورية في الصالحين*، ووصفهم إياهم بصفات رب العالمين*:

ويقتضي هذا القسم أن يشتمل على فصول ثلاثة:

الفصل الأول: في بيان غلو القبورية في رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 689

الفصل الثاني: في غلوهم في بعض الأولياء خاصة.

الفصل الثالث: في غلوهم في الأولياء عامة.

*********

ص: 690

الفصل الأول

في بيان غلو القبورية في رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفيه خمسة أقسام من الغلو:

- القسم الأول: في علم الغيب له صلى الله عليه وسلم.

- القسم الثاني: في التصرف في الكون له صلى الله عليه وسلم.

- القسم الثالث: في سماع أصوات المستغيثين به صلى الله عليه وسلم.

- القسم الرابع: في حياته صلى الله عليه وسلم حياة دنيوية في البرزخ.

- القسم الخامس: في جعلهم إياه صلى الله عليه وسلم نورا لا بشرا.

ص: 691

كلمة بين يدي هذا الفصل

لقد غالت القبورية في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطروه بعدة أنواع من الغلو وأصناف من الإطراء - أجملها في خمسة أقسام:

- القسم الأول: غلوهم في علم الغيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

- القسم الثاني: غلوهم في تصرفه صلى الله عليه وسلم في الكون.

- القسم الثالث: غلوهم في سماعه صلى الله عليه وسلم لأصوات المستغيثين به صلى الله عليه وسلم.

- القسم الرابع: غلوهم في حياته صلى الله عليه وسلم البرزخية بجعلها دنيوية.

القسم الخامس: غلوهم من ناحية جعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نورا لا بشرا.

ص: 693

القسم الأول

غلو القبورية في علم الغيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم

لقد غالت القبورية في علم الغيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فوصفوه بأنه عالم بجميع ما كان وما يكون أزلا وأبدا، وأنه يعلم جميع ما في اللوح المحفوظ؛ بل هذا بعض علومه صلى الله عليه وسلم؟ وأنه صلى الله عليه وسلم يعلم ما في الضمائر والقلوب من الأسرار، وأنه لا تخفى عليه خافية، وأنه لا يخرج من علمه شيء، والكلام ههنا في عدة أنواع:

النوع الأول: علم ما كان وما يكون:

تعتقد القبورية أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم جميع ما كان وما يكون من المخلوقات والموجودات أزلا وأبدا لا تخفى عليه منها خافية، وهذه العقيدة من أعظم عقائد البريلوية خاصة، صراحة.

ص: 695

وتوجد عند غيرهم أيضا، وقالوا:إن الله تعالى أعطى المصطفى صلى الله عليه وسلم علم الأولين والآخرين، وعلم ما كان وما يكون وعلم ما في السماوات وما في الأرض؛ فمن اعتقد هذا فهو مؤمن ومن لم يعتقد هذا فهو كافر خارج عن دائرة الإسلام.

النوع الثاني: علم جميع ما في اللوح والقلم وزيادة:

تعتقد القبورية: أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم جميع ما في اللوح والقلم، وأن هذا العلم جزء من بحر علومه صلى الله عليه وسلم، قلت: وأول من عرفته قال بهذه الخرافة- هو البوصيري (694هـ) ؛ حيث قال:

فإن من جودك الدنيا وضرتها

ومن علومك علم اللوح والقلم

ص: 696

وتبعه الكوثرية وزادت عليهم البريلوية: أن علم اللوح والقلم سطر من سطور علمه صلى الله عليه وسلم ونهر من بحور علمه بل ذرة منها.

النوع الثالث: علمه صلى الله عليه وسلم محيط بجميع الكون.

لم يحجب عن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، فهو المطلع على عرشه، وعلوه وسفله ودنياه وآخرته وناره وجنته؛ فعلمه محيط بجميع المعلومات الغيبية الملكوتية.

النوع الرابع: أنه صلى الله عليه وسلم يعلم علم جميع علوم المخلوقين من الأولين والآخرين والجن والإنس والملائكة وغيرهم من العالمين.

قلت: يدخل في ذلك علوم السحرة والكهنة والمغنين والمطربين والشعراء والعشاق، والمعشوقات والماجنين والشياطين والكافرين والمنجمين والمهندسين والفلاحين والصناعيين والبنائين وغيرهم؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم جميع علوم هؤلاء أجمعين عند هؤلاء القبورية الخرقاء * الوثنية الحمقاء *؟!؟

النوع الخامس: أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم جميع المخلوقات وجميع أحوالهم تماما وكمالا في الماضي والحال والمستقبل، فلا تخفى عليه خافية.

ص: 697

النوع السادس: علمه بخفيات الأمور وضمائر القلوب.

قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لو وضع يده على حيوان- لعلم الحاضر والغائب؛ فما ظنك بالولي الذي وضع عليه النبي صلى الله عليه وسلم يده -؟! ألا يصير عالما بالشاهد والغائب، والذي يعلم أحوال قلوب الجمادات والحيوانات- ألا يعلم أحوال قلوب عشاقه؟!؟

تنبيه مهم: أقدم من عرفته ممن ارتكب هذه الخرافة الوثنية باهتمام وتفصيل الدعوة السافرة إليها- هو ابن الحاج (737هـ) ، فقد قال في بيان آداب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وشد الرحال إليه للاستغاثة به: (فصل: وأما في زيارة سيد الأولين والآخرين صلوات الله وسلامه- فكل ما ذكر يزيد عليه أضعافه أعني في الانكسار والذل والمسكنة؛ لأنه الشافع المشفع الذي لا ترد شفاعته، ولا يخيب من قصده،

ص: 698

ولا من نزل بساحته، ولا من استعان به أو استغاث به؛ إذ أنه عليه الصلاة والسلام قطب دائرة الكمال، وعروس المملكة

؛ فمن توسل به، أو استغاث به أو طلب حوائجه منه فلا يرد، ولا يخيب

؛

وقد قال علماؤنا رحمة الله عليهم: " إن الزائر يشعر نفسه بأنه واقف بين يديه عليه الصلاة والسلام، كما هو في حياته؛ إذ لا فرق بين موته وحياته "؛ أعني في مشاهدته لأمته، ومعرفته بأحوالهم ونياتهم، وعزائمهم، وخواطرهم، وذلك عنده جلي، لا خفاء فيه

) إلى آخر خرافاته.

وقد تبعه في هذه الخرافات جمع من القبورية؛ فنقلوا كلامه هذا بنصه وفصه، واستدلوا به وعدوه رطبا جنيّا* ونعمة غير مرتقبة وغنيمة باردة ولحما طريّا* منهم القسطلاني (923هـ) .

ص: 699

فقد وقع في طامتين:

الأولى: خرافة قبورية.

والثانية: خيانة علمية حيث نقل كلامه بالنص والفص بدون العزو إليه.

ومنهم الزرقاني (1122 هـ) ، ومنهم النبهاني (1350 هـ) وغيرهم من القبورية ولا سيما البريلوية، والكوثرية.

النوع السابع: قولهم إن النبي صلى الله عليه وسلم حاضر وناظر في كل مكان وزمان وهو يشاهد العالم كله من المدينة.

لا تستقر نطفة في فرج أنثى إلا ينظر إليها.

وقولهم: إن السماء والأرض والعرش والكرسي مملوءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى جميع الناس في زمان واحد وفي جميع الأقطار المتباعدة بدون أي إشكال كما قيل:

كالشمس في كبد السماء وضوؤها

يغشى البلاد مشارقا ومغاربا

ص: 700

روح النبي صلى الله عليه وسلم حاضر في بيوت أهل الإسلام، وإن القطب يملأ الكون ويكون حاضرا وناظرا وشاهدا في كل مكان في الكون فما بالك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقالوا: كل ما يحدث في الكون من المشرق إلى المغرب ومن السماء إلى الأرض حتى قبل إبراهيم بآلاف السنين فهو صلى الله عليه وسلم يعلمه ويراه حيث إنه موجود في كل مكان وزمان.

النوع الثامن: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم الأمور الخمسة: وقت الساعة، وقت نزول الغيث، وما في الأرحام، وأوقات موت الأنفس، وأين تموت.

ولم يكن يعلم علوم هذه الأمور الخمسة فحسب، بل كان يعطي علوم هذه الخمسة من يشاء من خدمه.

النوع التاسع: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم علم كل شيء ويعلم كل شيء، لأن الله تعالى قال:{وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

ص: 701

قالوا: إن ضمير " هو " يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم بكل شيء عليم.

وقد أعطي صلى الله عليه وسلم علم كل شيء قبل أن يفارق الدنيا.

النوع العاشر: أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم القرآن قبل ولادته لأنه كان يعلم جميع ما في اللوح المحفوظ.

ص: 702