الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) أَنْ (يَقُولَ عَقِبَ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ فِطْرِهِ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت» لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ لَكِنَّهُ مُرْسَلٌ (وَ) أَنْ (يُكْثِرَ فِي رَمَضَانَ صَدَقَةً وَتِلَاوَةً) لِقُرْآنٍ (وَاعْتِكَافًا لَا سِيَّمَا) فِي (الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) لِلِاتِّبَاعِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ
. (شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ) وَلَوْ فِيمَا مَضَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (وَتَكْلِيفٌ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ فِيهِمَا (وَإِطَاقَةٌ) لَهُ وَصِحَّةٌ وَإِقَامَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ حِسًّا، أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَا عَلَى مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ بِقَيْدٍ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يُفْطِرُ لِعُذْرِهِ فَلْيُحْمَلْ هَذَا عَلَى مُبَالَغَةٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا، أَوْ نَحْوِهَا. (قَوْلُهُ: عَقِبَ فِطْرِهِ) أَيْ عَقِبَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَإِنْ لَمْ يُنْدَبْ كَجِمَاعٍ، أَوْ إدْخَالِ نَحْوِ عُودٍ فِي أُذُنِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بَلْ نَقَلَ أَنَّهُ يَكْفِي دُخُولُ وَقْتِ الْإِفْطَارِ لَكِنْ رُبَّمَا يُنَافِيه لَفْظُ وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَتَأَمَّلْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ) لِأَنَّهَا تَصْدُقُ بِالْقَبْلِيَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ ذَلِكَ) وَوَرَدَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ «ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ» وَلَكِنَّ هَذَا رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي خُصُوصِ مَنْ أَفْطَرَ عَلَى الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ ق ل.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْثِرَ فِي رَمَضَانَ) صَرَّحَ بِهِ هُنَا لِطَلَبِ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِيهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ: صَدَقَةً؛ لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ فِيهِ يَضْعُفُونَ عَنْ الْكَسْبِ وَلِيَحْصُلَ أَجْرُ فِطْرِ الصَّائِمِ وَلِأَنَّ الْحَسَنَاتِ فِيهِ تُضَاعَفُ اهـ عَمِيرَةُ، وَمِنْهَا التَّوْسِعَةُ عَلَى عِيَالِهِ وَالْإِحْسَانُ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَإِفْطَارُ الصَّائِمِينَ بِعَشَاءٍ، أَوْ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا فِي ق ل.
(قَوْلُهُ: وَتِلَاوَةً لِقُرْآنٍ) وَلَوْ فِي حَمَّامٍ، أَوْ طَرِيقٍ لَا نَحْوِ حُشٍّ وَهِيَ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَى الْقِبْلَةِ وَجَهْرًا أَفْضَلُ إلَّا لِخَوْفِ رِيَاءٍ، أَوْ تَشْوِيشٍ وَلَوْ عَلَى نَائِمٍ ق ل. (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا قَبْلَهَا وَلَا يُسْتَثْنَى بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالسِّيُّ بِالْكَسْرِ فَتَشْدِيدٍ الْيَاءِ الْمِثْلُ وَمَا مَوْصُولَةٌ، أَوْ زَائِدَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُ مَا بَعْدَهَا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَنَصْبُهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ وَجَرُّهُ عَلَى الْإِضَافَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ وَزِيَادَةُ مَا اهـ إمْدَادٌ شَوْبَرِيٌّ، وَهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتُ فِي غَيْرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ لَا سِيَّمَا زَيْدٌ وَأَمَّا فِيهَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً وَفِي الْعَشْرِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ صِلَتُهَا وَسِيَّ اسْمُ لَا مَنْصُوبٌ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَا وَخَبَرُهَا مَخْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلَ الصَّدَقَةِ وَالتِّلَاوَةِ وَالِاعْتِكَافِ اللَّاتِي هِيَ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مَوْجُودٌ.
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ]
. (فَصْلٌ: فِي وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ)
أَيْ وَمَا يَتَّبِعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ ع ش.
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِيمَا مَضَى) أَيْ فَدَخَلَ الْمُرْتَدُّ وَفِيهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْقَرِينَةُ قَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدُ لَا بِكُفْرٍ أَصْلِيٍّ فَيَكُونُ لَفْظُ إسْلَامٍ فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَكَأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إلَى مَا هُنَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَاكَ عَبَّرَ بِالْمُشْتَقِّ وَهُنَا بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْأَزْمِنَةِ الثَّلَاثَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَقَرِينَةُ التَّعْمِيمِ وَلَا يَقُولُ وَقَرِينَةُ الْمَجَازِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَصِحَّةٌ) قَدْ يُقَالُ تُغْنِي الْإِطَاقَةُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْإِطَاقَةُ حِسًّا، أَوْ شَرْعًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا لَمْ تَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ، ثُمَّ رَأَيْت بِهَامِشٍ قَوْلَهُ: وَإِطَاقَةٌ أَيْ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَدَخَلَ الْمَرِيضُ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ لِأَنَّهُ مُطِيقٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ وَصِحَّةٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْمُحْتَرَزَاتِ الْآتِيَةِ اهـ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ إطَاقَةٌ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فَيَدْخُلُ الْمَرِيضُ إذَا صَامَ وَتَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ فَأَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ وَصِحَّةٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِقَامَةٌ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْعَاصِي بِالسَّفَرِ وَالْمُسَافِرَ سَفَرًا قَصِيرًا فَإِنَّهُمَا فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَقَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي أَيْ حَالَ كَوْنِ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ مَأْخُوذَيْنِ مِمَّا يَأْتِي أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِمَرَضٍ إلَخْ وَإِنَّمَا ارْتَكَبَ الْمَتْنُ ذَلِكَ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى التَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِمَا فَلَمْ يُغْنِ ذِكْرُ الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ عَنْ ذِكْرِ مَفْهُومِهِمَا بِخِلَافِ ذِكْرِ الْمَفْهُومِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ فَيُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْمَنْطُوقِ.
(قَوْلُهُ: وَمَجْنُونٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَعَدِّيًا ثُمَّ رَأَيْت عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَسَكْرَانَ) سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُتَعَدِّيًا أَمْ لَا إذْ الْكَلَامُ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا وَأَمَّا وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَسَيَأْتِي فَتَقْيِيدُ الشَّوْبَرِيِّ بِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي لَا يُنَاسِبُ إذْ التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْيِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ) رَاجِعَانِ لِلْحِسِّيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نَحْوِهِ) رَاجِعَانِ لِلشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَرِيضٍ) يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ: يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) وَهُوَ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا بُدَّ أَنْ يُخَافَ مَحْذُورٍ تَيَمَّمَ وَالْمُسَافِرُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ سَفَرَ قَصْرٍ ح ل
وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْحَائِضِ، وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا فَإِنَّ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ (وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) بِنِيَّةِ التَّرَخُّصِ (لِمَرَضٍ يَضُرُّ مَعَهُ صَوْمٌ) ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الصَّوْمِ لِآيَةِ {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا} [البقرة: 185] ثُمَّ الْمَرَضُ إنْ كَانَ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ، أَوْ مُتَقَطِّعًا فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ وَقْتَ الشُّرُوعِ فَلَهُ تَرْكُهَا وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ عَادُوا وَاحْتَاجَ إلَى الْإِفْطَارِ أَفْطَرَ (وَسَفَرُ قَصْرٍ) فَإِنْ تَضَرَّرَ لَهُ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.
(لَا إنْ طَرَأَ) السَّفَرُ عَلَى الصَّوْمِ (أَوْ زَالَا) أَيْ الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ مَنْ صَائِمٍ فَلَا يُبَاحُ تَرْكُهُ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ فِي الْأُولَى وَزَوَالِ الْعُذْرِ فِي غَيْرِهَا (وَيَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ وَلَوْ بِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ إذْ تَقْدِيرُهَا فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَكَحَيْضٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَإِغْمَاءٌ وَتَرْكُ نِيَّةٍ وَلَوْ نِسْيَانًا بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْإِغْمَاءِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهَا وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ مِنْ بَابِ الْمَأْمُورَاتِ وَالْأَكْلُ مِنْ بَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَالنِّسْيَانُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِي وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ لَا بِكُفْرٍ أَصْلِيٍّ أَيْ لَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَرْغِيبًا فِيهِ (وَ) لَا (صِبًا، وَ) لَا (جُنُونٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى السَّكْرَانِ) قَيَّدَهُ حَجّ بِالْمُتَعَدِّي شَوْبَرِيٌّ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مُطْلَقًا بِتَعَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ وَهُوَ يُوجِبُ الْقَضَاءَ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهِ وُجُودُهُ وَإِضَافَةُ وُجُوبٍ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ، أَوْ بَيَانِيَّةٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ) إشَارَةً إلَى رَدِّ مَا فِي الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ قَالَ ق ل عَلَيْهِ وَإِلْحَاقُهُ بِهِمْ فِي كَوْنِهِ انْعِقَادُ سَبَبٍ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مُخَاطَبًا خِطَابَ تَكْلِيفٍ فَلَا سَهْوَ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) أَيْ يَجِبُ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبِعَهُ الزِّيَادِيُّ فَقَالَ الْمَرَضُ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ يُوجِبُ الْفِطْرَ وَمَا دُونَهُ حَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً يُجَوِّزُهُ اهـ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَرَضَ الَّذِي يُبِيحُ التَّيَمُّمَ يُجَوِّزَ الْفِطْرِ وَلَا يُوجِبُهُ عِنْدَ م ر وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف وَنَقَلَهُ ق ل عَلَى الْخَطِيبِ وَعَزَاهُ لِشَيْخِهِ م ر نَعَمْ إنْ خَافَ الْهَلَاكَ أَوْ فَوَاتَ مَنْفَعَةِ عُضْوٍ وَجَبَ الْفِطْرُ كَمَا فِي م ر.
(قَوْلُهُ بِنِيَّةِ التَّرْخِيصِ) أَيْ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ الشَّارِعَ رَخَّصَ لَهُ فِي الْفِطْرِ أَيْ أَبَاحَهُ لَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: مُطْبِقًا) أَيْ مُسْتَمِرًّا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمِنْهُ أُخِذَ أَنَّ نَحْوَ الْحَصَّادِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ وَإِذَا حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الصَّوْمِ مَشَقَّةٌ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ أَفْطَرُوا ح ل وَسَوَاءٌ كَانَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ، أَوْ بِأُجْرَةٍ، أَوْ تَبَرُّعًا وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَا فِي ع ش. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يُوجَدُ وَقْتُ الشُّرُوعِ) أَيْ وَقْتُ صِحَّةِ النِّيَّةِ ق ل
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قُبَيْلَ الْفَجْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) وَإِنْ عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ عَوْدَ الْمَرَضِ أَثْنَاءَ النَّهَارِ م ر.
(قَوْلُهُ وَسَفَرِ قَصْرٍ) وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْقَصْرِ فَحَيْثُ جَازَ جَازَ الْفِطْرُ وَحَيْثُ لَا فَلَا نَعَمْ سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ شَرْطَ الْفِطْرِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ سَفَرِهِ أَنْ يُفَارِقَ مَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهُ لِلْقَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَقِينًا فَلَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَشَكَّ أَسَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُفْطِرْ ذَلِكَ الْيَوْمَ لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ ابْنُ حَجَرٍ وز ي، وَمَحَلُّ جَوَازِ فِطْرِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيمَ السَّفَرِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجُ زَمَنًا يَقْضِي فِيهِ م ر وَز ي. (قَوْلُهُ: لَا إنْ طَرَأَ السَّفَرُ) وَلِكَوْنِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَارَقَ الْمَرَضُ. (قَوْلُهُ: كَمَرَضٍ) أَيْ يُرْجَى بُرْؤُهُ إذْ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ مُوجِبٌ لِلْفِدْيَةِ فَقَطْ م ر. (قَوْلُهُ: وَسُكْرٍ وَإِغْمَاءٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فِيهِمَا وَالْمَجْنُونُ إذَا تَعَدَّى يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي ع ش فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ بِأَنْ يَقُولَ: وَجُنُونٍ بِتَعَدٍّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا وَبِهِ صَرَّحَ حَجّ وَشَيْخُنَا وَنَازَعَهُ سم فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُتَعَدِّي، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِغْمَاءِ وَالسُّكْرِ بِتَعَدٍّ، أَوْ دُونِهِ إنْ اسْتَغْرَقَ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ وَإِلَّا وَقَدْ نَوَى لَيْلًا أَجْزَأَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: وَإِغْمَاءٍ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ فَانْدَرَجَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا} [البقرة: 184] شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نِسْيَانًا) فَهُوَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ قَضَاءَ تَارِكِ النِّيَّةِ وَلَوْ عَمْدًا عَلَى التَّرَاخِي بِلَا خِلَافٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْعَمْدِ وَفِي غَيْرِهِ عَلَى التَّرَاخِي وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ تَرْكَ النِّيَّةِ يُشْعِرُ بِتَرْكِ الِاهْتِمَامِ بِالْعِبَادَةِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فَاتَ مِنْ الصَّلَاةِ بِالْإِغْمَاءِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَدَّ ح ل. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الْأَكْلِ نَاسِيًا) اُنْظُرْ أَيَّ مَوْقِعٍ لِهَذَا هُنَا مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ وَهَذَا لَا يُفْطِرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَتَى بِهِ لِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نِسْيَانِ النِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِي) أَيْ يُصَيِّرُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَيْ كَأَنَّ الْأَكْلَ مَثَلًا نَاسِيًا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ أَكْلٌ أَيْ يُؤَثِّرُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ) وَلَا يُسَنُّ وَلَا يَنْعَقِدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا ح ل أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَنِّ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ فِي زَمَنِ الصِّبَا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ شَأْنِهِ الْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَمَحَلُّ عَدَمِ قَضَاءِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ أَمَّا هُوَ فَيُسَنُّ قَضَاؤُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَا صِبًا)