الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَك لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا وَمَعْنَى لَبَّيْكَ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك وَزَادَ الْأَزْهَرِيُّ إقَامَةً بَعْد إقَامَةٍ وَإِجَابَةً بَعْدَ إجَابَةٍ وَهُوَ مُثَنَّى أُرِيدَ بِهِ التَّكْثِيرُ وَسَقَطَتْ نُونُهُ لِلْإِضَافَةِ
(وَ) سُنَّ (لِمَنْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ، أَوْ يَكْرَهُهُ) أَنْ يَقُولَ «لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ» قَالَهُ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ وَرَأَى جَمْعَ الْمُسْلِمِينَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا وَقَالَهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمَطْلُوبَةَ الْهَنِيَّةَ الدَّائِمَةَ هِيَ حَيَاةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ وَقَوْلِي: أَوْ يَكْرَهُهُ مِنْ زِيَادَتِي.
(ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَلْبِيَتِهِ (يُصَلِّي) وَيُسَلِّمُ (عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْأَلُ اللَّهَ) تَعَالَى (الْجَنَّةَ وَرِضْوَانَهُ وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنْ النَّارِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ بِذَلِكَ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ
. (بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ)
(الْأَفْضَلُ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ وَلَوْ قَارِنًا (دُخُولُهُ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) بِعَرَفَةَ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِأَصْحَابِهِ وَلِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ السُّنَنِ الْآتِيَةِ (وَ) الْأَفْضَلُ دُخُولُهَا (مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِطَرِيقِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ «كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيَخْرُجُ مِنْ السُّفْلَى» وَالْعُلْيَا تُسَمَّى ثَنِيَّةَ كَدَاءٍ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ وَالسُّفْلَى ثَنِيَّةَ كُدًى بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ وَالتَّنْوِينِ وَهِيَ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ وَالثَّنِيَّةُ الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَاخْتَصَّتْ الْعُلْيَا بِالدُّخُولِ وَالسُّفْلَى بِالْخُرُوجِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ يَقْصِدُ مَكَانًا عَالِي الْمِقْدَارِ وَالْخَارِجَ عَكْسُهُ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَشْهُور وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَتَقْدِيرُهُ وَالْمُلْكُ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت لِمَ قَرَنَ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ وَأَفْرَدَ الْمُلْكَ؟ قُلْت: لِأَنَّ الْحَمْدَ مُتَعَلِّقُ النِّعْمَةِ وَلِهَذَا يُقَالُ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَمْدَ إلَّا لَك وَلَا نِعْمَةَ إلَّا لَك وَأَمَّا الْمُلْكُ فَهُوَ مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ ذُكِرَ لِتَحْقِيقِ أَنَّ النِّعْمَةَ كُلَّهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْمُلْكِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَسُنَّ تَكْرِيرُهَا ثَلَاثًا) اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِهَذَا مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَسُنَّ إكْثَارُ تَلْبِيَةٍ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِكْثَارَ سُنَّةٌ فِي الدَّوَامِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ وَهَذَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا، أَوْ إنَّ هَذَا بَيَانٌ لِأَقَلَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْثَارُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُثَنًّى) أَيْ: مُلْحَقٌ بِالْمُثَنَّى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُفْرَدٌ مِنْ لَفْظِهِ وَقَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ نُونُهُ أَيْ: نُونُ التَّثْنِيَةِ لِلْإِضَافَةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وُجُوبًا وَأَصْلُهُ أُلَبِّي لَبَّيْنَ لَك أَيْ: أُجِيبُ إجَابَتَيْنِ لَك حَيْثُ دَعَوْتَنَا لِلْحَجِّ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] فَحُذِفَتْ النُّونُ مِنْ الْمُثَنَّى لِلْإِضَافَةِ وَاللَّامُ لِلتَّخْفِيفِ
. (قَوْلُهُ: مَا يُعْجِبُهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ مُحْرِمًا وَإِلَّا قَالَ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَالْخَنْدَقُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ وَلَا يَقُولُ لَبَّيْكَ فَإِنْ قَالَهَا هَلْ يُكْرَهُ أَوْ لَا؟ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَرَأَى جَمْعُ الْمُسْلِمِينَ) وَكَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا اط ف. (قَوْلُهُ: وَقَالَ صلى الله عليه وسلم) وَكَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ إذْ ذَاكَ ح ف (قَوْلُهُ: فِي أَشَدِّ أَحْوَالِهِ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ م ر أَنَّهُ قَالَ هَذَا اللَّفْظَ وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُ الْإِتْيَانِ بِلَبَّيْكَ بِالْمُحْرِمِ فَغَيْرُهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ إلَخْ كَمَا جَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَنْدَقِ حَجّ وَع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ: بَعْدَ تَكْرِيرِهَا ثَلَاثًا ق ل. (قَوْلُهُ: وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى إكْثَارِ عَلَى حَدِّ
وَلَبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي
فَيُفِيدُ سَنَّ الْمَذْكُورَاتِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ بِصَوْتٍ أَخْفَضَ مِنْ صَوْتِ التَّلْبِيَةِ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزَانِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ) أَيْ: هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ السُّؤَالُ وَلَيْسَ التَّضْعِيفُ رَاجِعًا لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ.
وَقَالَ ح ف: قَوْلُهُ: وَضَعَّفَهُ أَيْ: الْحَدِيثَ الدَّالَ عَلَى ذَلِكَ لَا الْحُكْم؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]
(بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ) .
أَيْ: كَيْفِيَّتُهُ الْمَطْلُوبَةُ فِيهِ مِنْ حِينِ الْإِحْرَامِ بِهِ إلَى حِينِ التَّحَلُّلِ بَلْ وَبَعْدَ التَّحَلُّلِ لِيَدْخُلَ طَوَافُ الْوَدَاعِ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ النُّسُكَ قَصْدُ الْكَعْبَةِ مَعَ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهِ أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ تَارَةً يَذْكُرُونَ الصِّفَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا الْحَقِيقَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَتَارَةً يُرِيدُونَ بِهَا الْكَمَالَ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ، فَمُرَادُهُ بِالصِّفَةِ فِيهِ الصِّفَةُ الْكَامِلَةُ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ فَصْلَ الْأَرْكَانِ إذْ هَذَا الْبَابُ يَنْتَهِي إلَى بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ فُصُولٍ الْأَوَّلُ فَصْلُ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ وَالثَّانِي فَصْلُ سُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ الثَّالِثُ فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ الرَّابِعُ فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى الْخَامِسُ فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ اهـ فَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ صِفَةُ النُّسُكِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مَنْدُوبَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِمُحْرِمٍ) التَّقَيُّدُ بِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّنَّةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: قَبْلَ وُقُوفٍ وَغَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ لَا يَنْبَغِي بِالنَّظَرِ لِلسُّنَنِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَنِيَّةٍ كَدَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَنْ يَقُولَ إلَخْ وَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ قُدُومٍ فَهَذِهِ السُّنَنُ الْأَرْبَعُ لَا تَتَقَيَّدُهُ بِالْمُحْرِمِ.
(قَوْلُهُ: مَكَّةَ) هِيَ بِالْمِيمِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ لُغَتَانِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْبَلَدِ وَبِالْبَاءِ لِلْبَيْتِ وَحْدَهُ، أَوْ لِلْبَيْتِ وَالْمَطَافِ وَقِيلَ بِالْمِيمِ اسْمٌ لِلْحَرَمِ وَبِالْبَاءِ لِلْمَسْجِدِ وَهِيَ بِالْمِيمِ مِنْ الْمَكِّ بِمَعْنَى الْمَصِّ يُقَالُ مَكَّ الْبَعِيرَ مَا فِي ضَرْعِ أُمِّهِ إذَا مَصَّهُ لِقِلَّةِ مَائِهَا سَابِقًا وَبِالْبَاءِ
وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ لِقَائِهِ الْكَعْبَةَ رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ) أَيْ: الْكَعْبَةَ (تَشْرِيفًا إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ، أَوْ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ (اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ: وَمِنْك السَّلَامُ فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه رَوَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَإِسْنَادُهُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ مِنْ النَّقَائِصِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ وَقَوْلِي: عِنْدَ لِقَاءِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا أَبْصَرَ وَقَوْلِي: رَافِعًا يَدَيْهِ وَاقِفًا مِنْ زِيَادَتِي.
(فَيَدْخُلُ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ (الْمَسْجِدَ) الْحَرَامَ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّ بَابَ بَنِي شَيْبَةَ مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَأَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَابِ بَنِي سَهْمٍ إذَا خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ وَيُسَمَّى الْيَوْمَ بِبَابِ الْعُمْرَةِ (وَ) أَنْ (يَبْدَأَ بِطَوَافِ قُدُومٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إلَّا لِعُذْرٍ) كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الطَّوَافِ وَلَوْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ وَالطَّوَافُ لَا يَفُوتُ وَلَا يَفُوتُ بِالْجُلُوسِ وَلَا بِالتَّأْخِيرِ نَعَمْ يَفُوتُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَكَمَا يُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ يُسَمَّى طَوَافَ الْقَادِمِ وَطَوَافَ الْوُرُودِ وَطَوَافَ الْوَارِدِ وَطَوَافَ التَّحِيَّةِ (وَيَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ (حَلَالٌ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَحَاجٌّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ وُقُوفٍ) فَلَا يُطْلَبُ مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ وَلَا مِنْ الْمُعْتَمِرِ لِدُخُولِ وَقْتِ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ أَدَائِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ الْبَكِّ أَيْ: الْإِخْرَاجِ لِإِخْرَاجِهَا الْجَبَابِرَةَ وَقِيلَ مِنْ الْبَكِّ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَدَافَعُونَ فِيهَا فِي الْمَطَافِ اهـ وَهِيَ أَفْضَلُ بِلَادِ اللَّهِ إلَّا الْبُقْعَةَ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ صلى الله عليه وسلم فَهِيَ أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ. وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا، ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ رضي الله عنها، وَتُنْدَبُ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا إلَّا لِخَوْفِ انْحِطَاطِ رُتْبَةٍ، أَوْ مَحْذُورٍ مِنْ نَحْوِ مَعْصِيَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ) مُعْتَمَدٌ فَإِنْ قُلْت: حَيْثُ كَانَ قَضِيَّتُهُ ذَلِكَ فَلِمَ قَصَرَ الْمَتْنُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ قُلْت لَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَقُولَ إلَخْ) وَلِبَعْضِهِمْ:
بَنَى بَيْتَ رَبِّ الْعَرْشِ عَشْرٌ فَخُذْهُمْ
…
مَلَائِكَةُ اللَّهِ الْكِرَامُ وَآدَمُ
وَشِيثٌ وَإِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ عَمَالِقُ
…
قُصَيِّ قُرَيْشٍ قَبْلَ هَذَيْنِ جُرْهُمُ
وَعَبْدُ الْإِلَهِ بْنُ الزُّبَيْرِ بَنَى كَذَا
…
بِنَاءً لِحُجَّاجٍ وَهَذَا مُتَمِّمُ
(قَوْلُهُ: وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا) وَكَأَنَّ حِكْمَةَ تَقَدُّمِ التَّعْظِيمِ عَلَى التَّكْرِيمِ فِي الْبَيْتِ وَعَكْسِهِ فِي قَاصِدِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي الْبَيْتِ إظْهَارُ عَظَمَتِهِ فِي النُّفُوسِ حَتَّى تَخْضَعَ لِشَرَفِهِ وَتَقُومَ بِحُقُوقِهِ، ثُمَّ كَرَامَتُهُ بِإِكْرَامِ زَائِرِيهِ بِإِعْطَائِهِمْ مَا يَطْلُبُونَهُ وَإِنْجَازِهِمْ مَا أَمْلَوْهُ، وَفِي زَائِرِهِ وُجُودُ كَرَامَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِإِسْبَاغِ رِضَاهُ عَلَيْهِ وَعَفْوِهِ عَمَّا جَنَاهُ وَاقْتَرَفَهُ، ثُمَّ عَظَمَتِهِ بَيْنَ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ بِظُهُورِ تَقْوَاهُ وَهِدَايَتِهِ وَيُرْشِدُ إلَى هَذَا خَتْمُ دُعَاءِ الْبَيْتِ بِالْمَهَابَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ تِلْكَ الْعَظَمَةِ إذْ هِيَ التَّوْقِيرُ وَالْإِجْلَالُ وَدُعَاءُ الزَّائِرِ بِالْبِرِّ النَّاشِئِ عَنْ ذَلِكَ التَّكْرِيمِ إذْ هُوَ الِاتِّسَاعُ فِي الْإِحْسَانِ اهـ. شَرْحُ حَجّ. (قَوْلُهُ: فَحَيِّنَا) أَيْ: أَكْرِمْنَا. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى السَّلَامِ الْأَوَّلِ ذُو السَّلَامَةِ) عِبَارَةُ حَجّ أَنْتَ السَّلَامُ أَيْ: السَّالِمُ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِ الرُّبُوبِيَّةِ وَكَمَالِ الْأُلُوهِيَّةِ، أَوْ الْمُسَلِّمُ لِعَبِيدِك مِنْ الْآفَاتِ اهـ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْرِقَةِ لَا يَتَعَيَّنُ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى دُخُولِ فَيُفِيدُ سُنَّتَيْنِ فَوْرِيَّةَ الدُّخُولِ وَكَوْنَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ وَالْفَوْرِيَّةُ صَرَّحَ بِهَا ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِبَابِ السَّلَامِ. اهـ. حَجّ.
(قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ) وَهِيَ أَشْرَفُ جِهَاتِهَا. اهـ. حَجّ وَم ر وَأَيْضًا قَدْ أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُؤْتَى الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ح ف (قَوْلُهُ: بِطَوَافِ قُدُومٍ) إلَّا لِعُذْرٍ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الطَّوَافِ وَحِينَئِذٍ يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ وَكَذَا إنْ أَرَادَ عَدَمَ الطَّوَافِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ) أَيْ: الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّتُهَا فَقَطْ ح ف وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَتَحِيَّتُهُ الصَّلَاةُ كَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ: أَيْ: الْكَعْبَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَتَنْدَرِجُ فِي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا نَوَى بِهِمَا مَعَ الطَّوَافِ التَّحِيَّةَ أُثِيبَ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ الطَّلَبُ بِفِعْلِهِمَا. (قَوْلُهُ: كَإِقَامَةِ جَمَاعَةٍ) وَلَوْ فِي مَنْدُوبَةٍ وَقَوْلُهُ: وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَلَوْ نَافِلَةً مُؤَكَّدَةً، أَوْ رَاتِبَةً وَقَوْلُهُ: وَتَذَكَّرَ فَائِتَةً أَيْ: مَكْتُوبَةً شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الطَّوَافِ فَيَتْرُكُهُ وَيَأْتِي بِهَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمَذْكُورَ يَفُوتُ هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ لَا فِي الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَةَ لَا تَفُوتُ إلَّا أَنْ يُرَادَ؛ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ يَفُوتُ وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَقُدِّمَتْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَطْلُبُ) أَيْ: مُسْتَقِلًّا فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ يَحْصُلُ بِطَوَافِ الرُّكْنِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الدَّاخِلِ بَعْدَهُ أَيْ: وَبَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيُطْلَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ طَوَافِ الرُّكْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِالتَّعْلِيلِ شَوْبَرِيٌّ