المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل)في أركان الحج والعمرة وبيان أوجه أدائهما - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ الْأَرْض]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) [

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ)

- ‌(فَرْعٌ)إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً]

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌[شُرُوط السَّلَم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌(بَابُ: الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

الفصل: ‌(فصل)في أركان الحج والعمرة وبيان أوجه أدائهما

وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي» وَخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَسُنَّ لِمَنْ قَصَدَ الْمَدِينَةَ الشَّرِيفَةَ لِزِيَارَتِهِ أَنْ يُكْثِرَ فِي طَرِيقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا رَأَى حَرَمَ الْمَدِينَةِ وَأَشْجَارَهَا زَادَ فِي ذَلِكَ وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَهُ بِهَذِهِ الزِّيَارَةِ وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ وَيَغْتَسِلُ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَصَدَ الرَّوْضَةِ وَهِيَ بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ كَمَا مَرَّ وَصَلَّى تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ وَشَكَرَ اللَّهَ بَعْدَ فَرَاغِهَا عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ وَقَفَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ رَأْسِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ وَيَبْعُدُ مِنْهُ نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ نَاظِرًا لِأَسْفَلِ مَا يَسْتَقْبِلُهُ فَارِغَ الْقَلْبِ مِنْ عَلَقِ الدُّنْيَا وَيُسَلِّمُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَأَقَلُّهُ السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ صَوْبَ يَمِينِهِ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ قَدْرَ ذِرَاعٍ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنهما، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مَوْقِفِهِ الْأَوَّلِ قُبَالَةَ وَجْهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَتَوَسَّلُ بِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إلَى رَبِّهِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَإِذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَدَّعَ الْمَسْجِدَ بِرَكْعَتَيْنِ وَأَتَى الْقَبْرَ الشَّرِيفَ وَأَعَادَ نَحْوَ السَّلَامِ الْأَوَّلِ.

(فَصْلٌ)

فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. (أَرْكَانُ الْحَجِّ سِتَّةٌ)(إحْرَامٌ) بِهِ أَيْ: نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَوُقُوفٌ) بِعَرَفَةَ لِخَبَرِ الْحَجُّ عَرَفَةَ (وَطَوَافٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29](وَسَعْيٌ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي الْمَسْعَى وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْعَوْا فَإِنَّ السَّعْيَ قَدْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ» (وَحَلْقٌ، أَوْ تَقْصِيرٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّرِيفِ صلى الله عليه وسلم سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَضْرِبُونَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ وَيَحُفُّونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُمْسُوا عَرَجُوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كَذَلِكَ حَتَّى يُصْبِحُوا لَا يَعُودُونَ إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ» اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي) الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْبَرُهُ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا بِعَيْنِهِ وَقِيلَ: إنَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْبَرًا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ قَصْدَ مِنْبَرِهِ لِأَجْلِ الْجُلُوسِ عِنْدَهُ لِمُلَازَمَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ يُورِدُ صَاحِبَهُ الْحَوْضَ وَيَقْتَضِي شُرْبَهُ مِنْهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى سَنِّ الزِّيَارَةِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ أَيْ: لِلصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ إلَّا لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: وَيَلْبَسُ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ) وَهَلْ الْأَوْلَى هُنَا الْأَعْلَى قِيمَةً كَالْعِيدِ، أَوْ الْأَبْيَضُ كَالْجُمُعَةِ؟ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ إذْ هُوَ أَلْيَقُ بِالتَّوَاضُعِ الْمَطْلُوبِ شَوْبَرِيٌّ.

[فَصْلٌ فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا]

(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ)(قَوْلُهُ: أَرْكَانُ الْحَجِّ إلَخْ) وَأَفْضَلُهَا الطَّوَافُ، ثُمَّ الْوُقُوفُ، ثُمَّ السَّعْيُ، ثُمَّ الْحَلْقُ أَمَّا النِّيَّةُ فَهِيَ وَسِيلَةٌ لِلْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ رُكْنًا اج وَهَلَّا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الطَّوَافَ عَلَى الْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ رَاعَى التَّرْتِيبَ الْخَارِجِيَّ وَانْظُرْ لِمَ أَخَّرَ الْأَرْكَانَ هُنَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمَهَا أَوَّلَ الْبَابِ؟ . (قَوْلُهُ: أَيْ: نِيَّةُ الدُّخُولِ فِيهِ) فَسَّرَهُ فِيمَا سَبَقَ بِالدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَعَدَلَ هُنَا إلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ الْمُلَائِمُ لِلرُّكْنِيَّةِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر (فَرْعٌ) .

أَتَى بِأَعْمَالِ الْحَجِّ وَتَوَابِعِهِ، ثُمَّ شَكَّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ هَلْ كَانَ أَتَى بِهَا، أَوْ لَا؟ الْقِيَاسُ عَدَمُ إجْزَائِهِ وَهُوَ نَظِيرُ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ الْإِجْزَاءِ فَارَقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ يَشُقُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ سم عَلَى حَجّ قَالَ ع ش عَلَى م ر: الْأَقْرَبُ الْإِجْزَاءُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّوْمِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ بِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي نِيَّةِ الْحَجِّ مَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» أَيْ: مَعَ عَدَمِ جَبْرِهَا بِالدَّمِ وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ وَحْدَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهَا رُكْنًا بَلْ عَلَى وُجُوبِهَا.

(قَوْلُهُ: وَوُقُوفٌ بِعَرَفَةَ) فَإِنْ قُلْت فَلِمَ كَانَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ أَوَّلَ أَرْكَانِ الْحَجِّ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لِلْآتِي مِنْ طَرِيقِ مِصْرَ دُونَ الطَّوَافِ، أَوْ السَّعْيِ مَثَلًا. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَوَّلَ الْأَرْكَانِ الْوُقُوفَ اقْتِدَاءً بِأَبِينَا آدَمَ عليه الصلاة والسلام لِأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ بَعْدَ هُبُوطِهِ مِنْ الْجَنَّةِ إلَى مَكَّةَ كَانَ أَوَّلُ مَا لَاقَاهُ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهَا كَالْبَابِ الْأَوَّلِ لِلْمُلْكِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَيَلِيهِ مُزْدَلِفَةُ وَهِيَ كَالْبَابِ الثَّانِي لِازْدِلَافِهَا وَقُرْبِهَا مِنْ مَكَّةَ. فَإِنْ قُلْت فَلِمَ سُومِحَ الْحَاجُّ الْمِصْرِيُّ وَغَيْرُهُ بِالدُّخُولِ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ إنَّمَا سَامَحَهُمْ الْحَقُّ تَعَالَى بِالدُّخُولِ رَحْمَةً بِالْخَلْقِ لِمَا عِنْدَ هُمْ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ إلَى رُؤْيَةِ بَيْتِ رَبِّهِمْ الْخَاصِّ فَكَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ مَنْ هَاجَرَ إلَى دَارِ سَيِّدِهِ فَمَكَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَنْتَظِرُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ السَّيِّدُ مِنْ الْأَعْمَالِ فَلَمَّا قَالَ لَهُ اذْهَبْ إلَى عَرَفَاتٍ الَّتِي ابْتَدَأَ مِنْهَا آدَم عليه الصلاة والسلام مَا وَسِعَهُ إلَّا امْتِثَالُ أَمْرِ رَبِّهِ ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِيزَانِ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمِصْرِيَّ لَمْ يَبْتَدِئْ بِالطَّوَافِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ اقْتِدَاءً بِأَبِينَا آدَمَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ابْتِدَائِهِ بِالطَّوَافِ اخْتِلَافُ التَّرْتِيبِ فِي الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ} [الحج: 29] فِيهَا أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ رُكْنًا وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهَا الْوُجُوبُ وَهُوَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الرُّكْنِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي دَلِيلِ السَّعْيِ تَأَمَّلْ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُضَمُّ لِلدَّلِيلِ قَوْلُنَا مَعَ عَدَمِ جَبْرِ كُلٍّ بِدَمٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَحَلْقٌ) فَإِنْ قُلْت لِمَ جَعَلَ رُكْنًا وَكَانَ لَهُ دَخْلٌ

ص: 141

لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِهِ بِدَمٍ كَالطَّوَافِ وَالْمُرَادُ إزَالَةُ الشَّعْرِ كَمَا مَرَّ (وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ) بِأَنْ يُقَدِّمَ الْإِحْرَامَ عَلَى الْجَمِيعِ وَالْوُقُوفَ عَلَى طَوَافِ الرُّكْنِ وَالْحَلْقِ، أَوْ التَّقْصِيرِ، وَالطَّوَافَ عَلَى السَّعْيِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَدَلِيلُهُ الِاتِّبَاعُ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَقَدْ عَدَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا رُكْنًا وَفِي الْمَجْمُوعِ شَرْطًا وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَوْلِي: أَوْ تَقْصِيرٌ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَلَا تُجْبَرُ) أَيْ: الْأَرْكَانُ أَيْ: لَا دَخْلَ لِلْجَبْرِ فِيهَا وَتَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ وَيُسَمَّى بَعْضًا وَغَيْرُهُمَا يُسَمَّى هَيْئَةً (وَغَيْرُ الْوُقُوفِ) مِنْ السِّتَّةِ (أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ) لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ لَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَلْقَ، أَوْ التَّقْصِيرَ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ سَعْيِهَا فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مُطْلَقٌ.

(وَيُؤَدَّيَانِ) أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا، أَوْ يَبْدَأَ بِحَجٍّ، أَوْ بِعُمْرَةٍ «قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَحَدُهَا: أَنْ يُؤَدَّيَا (بِإِفْرَادٍ بِأَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ) بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجّ بِالْعُمْرَةِ وَيَأْتِيَ بِعَمَلِهَا (وَ) ثَانِيهَا: (بِتَمَتُّعٍ بِأَنْ يَعْكِسَ) بِأَنْ يَعْتَمِرَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتِ بَلَدِهِ، ثُمَّ يَحُجَّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ أَمْ مِنْ مِثْلِ مَسَافَتِهِ أَمْ مِنْ مِيقَاتٍ أَقْرَبَ مِنْهُ وَإِنْ، أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ وَكَوْنِ الْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ.

وَيُسَمَّى الْآتِي بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. قُلْت أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ الطَّوَافَ مِنْ حَيْثُ أَعْمَالِ النَّفْسِ فِي الْمَشْيِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْعِبَادَةِ إمَّا بِالْإِعْلَامِ بِغَايَتِهَا كَالْغُلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ الْمُعَلَّمِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ لِلْمُصَلِّي وَإِمَّا بِتَعَاطِي ضِدِّهَا كَتَعَاطِي الْمُفْطِرِ فِي الصَّوْمِ وَدُخُولِ وَقْتِهِ وَالْحَلْقُ مِنْ جِهَةِ مَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ ضِدُّ الْإِحْرَامِ الْمُوجِبِ لِكَوْنِ الْمُحْرِمِ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي تَحَلُّلِهِ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ شَرْحُ حَجّ.

وَقَوْلُهُ: فَلِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ هَذَا لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الرُّكْنِيَّةِ وَأَيْضًا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِالتَّجَرُّدِ عَنْ الْمُحِيطِ فَإِنَّ فِيهِ وَضْعَ زِينَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ وَاجِبٌ لَا رُكْنٌ. (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ جَبْرِهِ بِدَمٍ) أَخْرَجَ بِهِ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ لَكِنْ يُجْبَرُ بِدَمٍ فَتَأَمَّلْ. شَوْبَرِيٌّ وَزي

(قَوْلُهُ: وَتَرْتِيبُ الْمُعَظَّمِ) أَقُولُ: لِي هُنَا شُبْهَةٌ وَهِيَ أَنَّ شَأْنَ رُكْنِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا انْعَدَمَ انْعَدَمَ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ إذَا حَلَقَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، ثُمَّ وَقَفَ وَأَتَى بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ حَصَلَ الْحَجُّ وَكَانَ الْحَلْقُ سَاقِطًا لِعَدَمِ إمْكَانِهِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَيَفُوتُ مَعَ انْتِفَاءِ التَّرْتِيبِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَيُمْكِنُ انْدِفَاعُهَا بِأَنْ يُقَالَ: الْحَلْقُ إنَّمَا سَقَطَ لِعَدَمِ شَعْرٍ بِرَأْسِهِ لَا لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْوُقُوفِ لِأَنَّ حَلْقَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ رُكْنًا وَالْإِثْمُ إنَّمَا هُوَ لِتَرَفُّهِهِ بِإِزَالَةِ الشَّعْرِ قَبْلَ الْوُقُوفِ وَهَذَا كَمَا لَوْ اعْتَمَرَ وَحَلَقَ لِلْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ عَقِبَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَإِنَّ الْحَلْقَ سَاقِطٌ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِحَلْقِ الْعُمْرَةِ بَلْ لِعَدَمِ شَعْرٍ يُزِيلُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَدِّمَ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَلْقَ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْيِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَرَجَ بِالْمُعَظَّمِ فَالْمُرَادُ بِالْمُعَظَّمِ مَا عَدَا الْحَلْقَ وَالطَّوَافَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَفْعَلْ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ التَّرْتِيبِ فِي الْمُعَظَّمِ إذَا أَخَّرَ السَّعْيَ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَلَا يَكُونُ التَّرْتِيبُ فِي الْمُعَظَّمِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَدَّهُ) أَيْ: التَّرْتِيبَ. (فَقَوْلُهُ: أَيْ: لَا دَخْلَ لِلْجَبْرِ فِيهَا) أَيْ: لِانْعِدَامِ الْمَاهِيَّةِ بِانْعِدَامِهَا حَجّ فَلَوْ جُبِرَتْ بِالدَّمِ مَعَ عَدَمِ فِعْلِهَا لَلَزِمَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ بِدُونِ أَرْكَانِهَا وَهُوَ مُحَالٌ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ مَا يُجْبَرُ بِدَمٍ) وَهِيَ الْوَاجِبَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْمَبِيتِ بِمِنًى وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالرَّمْيِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ ز ي.

(قَوْلُهُ: لِشُمُولِ الْأَدِلَّةِ) أَيْ: الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ وَقَوْلُهُ: لَهَا أَيْ: لِلْعُمْرَةِ أَيْ: لِوُجُوبِهَا فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَالتَّرْتِيبُ فِيهَا مُطْلَقٌ) أَيْ: فِي كُلِّ أَرْكَانِهَا لَا مُقَيَّدٌ بِالْمُعَظَّمِ

(قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّيَانِ أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) يَرِدُ عَلَى الْحَصْرِ مَا لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا. قُلْت هُوَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِصَرْفِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَالْإِحْرَامُ مُطْلَقًا مَعَ الصَّرْفِ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فِي مَعْنَى الْإِحْرَامِ ابْتِدَاءً بِذَلِكَ الْوَاحِدِ سم. (قَوْلُهُ: قَالَتْ عَائِشَةُ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْحَصْرِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَ هَذَا الدَّلِيلِ عَنْ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى عَادَتِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ أَهَلَّ) أَيْ: أَحْرَمَ بِحَجٍّ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا أَنْ يُؤَدَّيَا إلَخْ) فَالْكَلَامُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَيَانُ الْجَوَازِ وَبَيَانُ الْأَفْضَلِ وَوُجُوبُ الدَّمِ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: بِإِفْرَادٍ) أَيْ: مُتَلَبِّسِينَ بِإِفْرَادٍ، أَوْ الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيْ بِأَنْ يَخْرُجَ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ وَيُحْرِمَ بِهَا ز ي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيَفْرُغُ مِنْهَا، ثُمَّ يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ وَأَنْ لَا يَعُودَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ أَيْ: الَّذِي أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ. اهـ. ز ي وَيُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ مَكَّةَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ

ص: 142

لِتَمَتُّعِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، أَوْ لِتَمَتُّعِهِ بِسُقُوطِ الْعَوْدِ لِلْمِيقَاتِ عَنْهُ (وَ) ثَالِثُهَا:(بِقِرَانٍ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا) فِي أَشْهُرِ حَجٍّ (أَوْ بِعُمْرَةٍ) وَلَوْ قَبْلَ أَشْهُرِهِ (ثُمَّ يَحُجَّ) فِي أَشْهُرِهِ (قَبْلَ شُرُوعٍ فِي طَوَافٍ، ثُمَّ يَعْمَلَ عَمَلَهُ) أَيْ: الْحَجِّ فِيهِمَا فَيَحْصُلَانِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِخَبَرِ عَائِشَةَ السَّابِقِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا رَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّ عَائِشَةَ أَحْرَمَتْ بِعُمْرَةٍ فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَهَا تَبْكِي فَقَالَ: مَا شَأْنُكِ قَالَتْ: حِضْت وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ وَلَمْ أَحْلُلْ وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَهِلِّي بِالْحَجِّ فَفَعَلَتْ وَوَقَفَتْ الْمَوَاقِفَ حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا» وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي قَبْلَ الشُّرُوعِ مَا إذَا شَرَعَ فِي الطَّوَافِ فَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ لِاتِّصَالِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِمَقْصُودِهِ وَهُوَ أَعْظَمُ أَفْعَالِهَا فَيَقَعُ عَنْهَا وَلَا يَنْصَرِفُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى غَيْرِهَا.

وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ الْإِحْرَامُ بِهِمَا بِكَوْنِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ بِكَوْنِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ اقْتِصَارٌ عَلَى الْأَفْضَلِ (وَيَمْتَنِعُ عَكْسُهُ) بِأَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ، ثُمَّ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ طَوَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوُقُوفَ وَالرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ. (وَأَفْضَلُهَا) أَيْ: هَذِهِ الْأَوْجُهِ (إفْرَادٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ اعْتَمَرَ عَامَهُ) فَلَوْ أُخِّرَتْ عَنْهُ الْعُمْرَةُ كَانَ الْإِفْرَادُ مَفْضُولًا؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْهُ مَكْرُوهٌ (ثُمَّ تَمَتُّعٌ) أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ عَلَى خِلَافٍ فِي أَفْضَلِيَّةِ مَا ذُكِرَ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرُّوَاةِ فِي إحْرَامِهِ صلى الله عليه وسلم رَوَى الشَّيْخَانِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ الْحَجَّ» وَرَوَيَا أَيْضًا «أَنَّهُ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا» وَرَجَحَ الْأَوَّلُ؛ بِأَنَّ رُوَاتَهُ أَكْثَرُ، وَبِأَنَّ جَابِرًا مِنْهُمْ أَقْدَمُ صُحْبَةً، وَأَشَدُّ عِنَايَةً بِضَبْطِ الْمَنَاسِكِ، وَبِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اخْتَارَهُ أَوَّلًا كَمَا بَيَّنْته مَعَ فَوَائِدَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. وَأَمَّا تَرْجِيحُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْقِرَانِ فَلِأَنَّ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ فِيهِ أَكْمَلُ مِنْهَا فِي الْقِرَانِ.

(وَعَلَى) كُلٍّ مِنْ (الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ دَمٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْ نِسَائِهِ الْبَقَرَ يَوْمَ النَّحْرِ» قَالَتْ وَكُنَّ قَارِنَاتٍ (إنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

يُنْشِئُ حَجًّا مِنْ مَكَّةَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ لَا لِتَسْمِيَتِهِ تَمَتُّعًا كَمَا قَالَهُ حَجّ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَعُودَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَمَتُّعِهِ بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ) أَيْ بِفِعْلِهَا، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِي الْإِفْرَادِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُ التَّسْمِيَةَ ح ف.

(قَوْلُهُ: بِسُقُوطِ الْعَوْدِ لِلْمِيقَاتِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمُتَمَتِّعِ أَيْ: لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ كَأَهْلِ مَكَّةَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعْمَلُ عَمَلَهُ) أَيْ: الْحَجِّ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ مِيقَاتِهِمَا فِي الْمَكِّيِّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَنَّ الْمُغَلَّبَ حُكْمُ الْحَجِّ فَيَجْزِيهِ الْإِحْرَامُ بِهِمَا مِنْ مَكَّةَ لَا الْعُمْرَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى أَدْنَى الْحِلِّ شَرْحُ حَجّ وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: ثُمَّ يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَيَكْفِي عَنْهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ وَهَلْ هُمَا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا، أَوْ لِلْحَجِّ فَقَطْ وَالْعُمْرَةُ لَا حُكْمَ لَهَا لِانْغِمَارِهَا أَيْ: لِانْدِرَاجِهَا فِيهِ لَمْ يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِذَلِكَ؟ وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ الثَّانِي سم ز ي. (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلَانِ) انْدِرَاجًا لِلْأَصْغَرِ فِي الْأَكْبَرِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» شَرْحُ حَجّ، وَفِي الْعُبَابِ يُنْدَبُ لِلْقَارِنِ أَنْ يَطُوفَ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: مَا شَأْنُك) أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ شَأْنُك فَهُوَ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ كَمَا قَالَهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَحْلُلْ) بِضَمِّ اللَّامِ الْأُولَى وَحُكِيَ كَسْرُهَا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ أَطُفْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهَا لَمْ أَحْلُلْ كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ لِأَنَّهَا إذَا طَافَتْ تَحَلَّلَتْ مِنْ الْعُمْرَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَطْفَ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلْقِ مَعَ الطَّوَافِ فِي التَّحَلُّلِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا طَهُرَتْ طَافَتْ) فَقَدْ أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الطَّوَافِ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ صُورَتَيْ الْقِرَانِ

(قَوْلُهُ: وَبِالصَّفَا) أَيْ: وَسَعَتْ مُتَلَبِّسَةً بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْ: بَيْنَهُمَا ح ف (قَوْلُهُ: بِمَقْصُودِهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ أَيْ: بِأَوَّلِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ الطَّوَافُ وَقَدْ يُقَالُ الطَّوَافُ هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَرْكَانِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ الْمُضَافِ وَهُوَ أَوَّلٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ عُمْرَةً وَالْعُمْرَةُ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَشْهُرِهِ انْعَقَدَ حَجًّا وَهَذِهِ هِيَ صُورَةُ الْعَكْسِ قَالَهُ الزِّيَادِيُّ قَالَ ع ش: وَإِنَّمَا أَخَذَهُ غَايَةً لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِهِ فِي أَشْهُرِهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَيْهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِهِ الْمَطْلُوبَةِ بِإِحْرَامِهِ، أَوْ الْوَاوُ لِلْحَالِ اهـ وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ كَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ هَذِهِ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ يَقَعُ عُمْرَةً كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: عَامَهُ) وَهُوَ بَقِيَّةُ الْحَجَّةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَفْضُولًا) أَيْ: عَنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ ح ل (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ) ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَأْتِي بِعَمَلَيْنِ كَامِلَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَسْلُكُ لَهُمَا مِيقَاتَيْنِ وَالْقَارِنُ يَأْتِي بِعَمَلٍ وَاحِدٍ مِنْ مِيقَاتٍ وَاحِدٍ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافٍ فِي أَفْضَلِيَّةِ مَا ذُكِرَ) أَيْ: الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ فَبَعْضُهُمْ فَضَّلَ الْإِفْرَادَ عَلَى التَّمَتُّعِ وَبَعْضُهُمْ عَكَسَ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَفْضَلُهَا إفْرَادٌ، ثُمَّ تَمَتُّعٌ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ رُوَاتَهُ) بِفَتْحِ التَّاءِ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ أَصْلِيَّةٌ لِانْقِلَابِهَا عَنْ أَصْلِيٍّ كَقُضَاةٍ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَرْجِيحُ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ أَمَّا تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا أَيْ: الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ عَلَى الْآخَرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ وَأَمَّا إلَخْ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: دَمٌ) وَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: فَمَنْ تَمَتَّعَ) أَيْ: اسْتَمْتَعَ بِالْعُمْرَةِ

ص: 143

لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُتَمَتِّعِ {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196] وَقِيسَ بِهِ الْقَارِنُ فَلَا دَمَ عَلَى حَاضِرِيهِ (وَهُمْ مِنْ) مَسَاكِنِهِمْ (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْحَرَمِ لِقُرْبِهِمْ مِنْهُ، وَالْقَرِيبُ مِنْ الشَّيْءِ يُقَالُ إنَّهُ حَاضِرُهُ قَالَ تَعَالَى {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف: 163] أَيْ: قَرِيبَةً مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِنْ الْآفَاقِيِّينَ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدٍ نُسُكًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ دُخُولِ مَكَّةَ، أَوْ عَقِبَ دُخُولِهَا لِزْمَة دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاضِرِينَ لِعَدَمِ الِاسْتِيطَانِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ بِالْمُرِيدِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مَفْهُومٌ بِالْمُوَافَقَةِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ كَمَا هُنَا قَوْله تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بَدَلَ الْحَرَمِ بِمَكَّةَ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِيهِ فَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ مِنْ الْحَرَمِ يُؤَدِّي إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: بِسَبَبِ فَرَاغِهِ مِنْهَا بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ إلَى الْحَجِّ أَيْ الْإِحْرَامِ بِهِ اهـ جَلَالَيْنِ أَيْ: وَاسْتَمَرَّ تَمَتُّعُهُ بِالْمَحْظُورَاتِ إلَى الْحَجِّ وَقَوْلُهُ: فَمَا اسْتَيْسَرَ السِّينُ زَائِدَةٌ أَيْ: تَيَسَّرَ وَمَا اسْمٌ مَوْصُولٌ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَاَلَّذِي تَيَسَّرَ كَائِنٌ عَلَيْهِ وَمِنْ الْهَدْيِ بَيَانٌ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: الْهَدْيُ، أَوْ الصَّوْمُ عِنْدَ الْعَجْزِ وَقَوْلُهُ: لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَيْ: عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى شَرْحُ حَجّ. (قَوْلُهُ: الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) الْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ مِنْ إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَطَابَقَ الدَّلِيلُ الْمُدَّعِيَ. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهِ الْقَارِنُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لِأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ فَرْعُ دَمِ التَّمَتُّعِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ وَدَمُ التَّمَتُّعِ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاضِرِ فَفَرْعُهُ أَوْلَى اهـ بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ مِنْهُ) فَلَوْ كَانَ لَهُ مَسْكَنَانِ بَعِيدٌ وَقَرِيبٌ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْحَاضِرِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ كَثْرَةُ إقَامَتِهِ بِأَحَدِهِمَا فَإِنْ اسْتَوَتْ إقَامَتُهُ بِهِمَا اُعْتُبِرَ بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ فَإِنْ كَانَ أَهْلُهُ بِأَحَدِهِمَا وَمَالُهُ بِالْآخَرِ اُعْتُبِرَ مَكَانُ الْأَهْلِ ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَالْأَوْلَادُ الَّذِينَ تَحْتَ حِجْرِهِ دُونَ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ اُعْتُبِرَ بِعَزْمِ الرُّجُوعِ إلَى أَحَدِهِمَا لِلْإِقَامَةِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ فِي الذَّخَائِرِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْمٌ وَاسْتَوَيَا فِي كُلِّ شَيْءٍ اُعْتُبِرَ بِمَوْضِعِ إحْرَامِهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا) أَيْ: عَامًا لِأَهْلِهِ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ فَلَا يَشْكُلُ بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ، أَوْ الْحَرَمِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذَا عَنَّ لَهُ النُّسُكُ فَإِنَّهُ وَإِنْ رَبِحَ مِيقَاتًا بِتَمَتُّعِهِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مِيقَاتًا عَامًّا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْقَارِنُ إذَا أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا مِنْ مَسْكَنِهِ فَإِنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتًا عَامًّا وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَيَمْنَعُ كَوْنُهُ عَامًّا؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِمَنْ فِي الْحَرَمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَلِمَنْ بِحَرَمٍ حَلَّ وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ: قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبَحُوا مِيقَاتًا أَيْ: لَمْ يَسْتَفِيدُوا تَرْكَ مِيقَاتٍ أَيْ: لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ مِيقَاتٌ عَامٌّ كَانَ يَلْزَمُهُمْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْآفَاقِيِّ فَإِنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتًا أَيْ: اكْتَسَبَ رَاحَةً بِسُقُوطِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ فَمَعْنَى رَبِحَ الْمِيقَاتَ رَبِحَ الرَّاحَةَ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَمَتِّعِ وَلِلْقَارِنِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِلْقِرَانِ فَإِنَّهُمَا يُحْرِمَانِ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّهُمَا صَارَا فِي حُكْمِ أَهْلِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِيقَاتَ الْحَجِّ لِمَنْ بِمَكَّةَ نَفْسِ مَكَّةَ وَأَمَّا الْقَارِنُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ رَبِحَ مِيقَاتَ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِمَا مِنْ مِيقَاتٍ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ لِأَدْنَى الْحِلِّ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ جَاوَزَ) تَفْرِيعٌ عَلَى النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ وَلِمَا كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِ حَالَ النِّيَّةِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَاضِرِيهِ وَلَمَّا كَانَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ مُخَالِفًا لَهُ أَتَى بِهِ وَحَمَلَهُ عَلَى الْمُسْتَوْطِنِ وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ دَمُ التَّمَتُّعِ أَيْ: وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ أَيْضًا إذَا جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ) وَارِدٌ عَلَى الصُّورَةِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الْغَايَةِ أَيْ: قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُرِيدِ نُسُكًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ، أَوْ غَيْرَ مُرِيدًا لَهُ وَقَوْلُهُ: فِي دُونِ الْمَرْحَلَتَيْنِ أَيْ: فِي شَأْنِ مَنْ دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَوْطَنَ) أَيْ: اسْتَوْطَنَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا لِلْفَهَّامَةِ فِي الْحَاشِيَةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ التَّقْيِيدُ) أَيْ: فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: بِالْمُوَافَقَةِ) أَيْ: مُوَافَقَةِ الْمَفْهُومِ لِلْمَنْطُوقِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ قِيَاسٌ أَوْلَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْوُجُوبُ عَنْ مُرِيدِ النُّسُكِ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ فَعَنْ غَيْرِهِ أَوْلَى تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ إطْلَاقِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى جَمِيعِ الْحَرَمِ) وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَالْمُرَادُ بِهِ جَمِيعُ الْحَرَمِ إلَّا قَوْلَهُ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] فَالْمُرَادُ بِهِ الْكَعْبَةُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ مَوْضِعًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] فَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ فِيهِ حَقِيقَتُهُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِيهِ) ضَعِيفٌ عَشْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارَ ذَلِكَ) أَيْ: دُونَ الْمَرْحَلَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَى إدْخَالِ الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ) أَيْ: إدْخَالِهِ فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ (قَوْلُهُ: عَنْ مَكَّةَ) أَيْ: الْقَرِيبِ مِنْ الْحَرَمِ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَبَيْنَ طَرَفِ الْحَرَمِ الَّذِي يَلِيهِ

ص: 144

وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ لِاخْتِلَافِ الْمَوَاقِيتِ وَعَطَفْت عَلَى مَدْخُولِ إنْ قَوْلِي:

(وَاعْتَمَرَ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ) فَلَوْ وَقَعَتْ الْعُمْرَةُ قَبْلَ أَشْهُرِهِ، أَوْ فِيهَا وَالْحَجُّ فِي عَامٍ قَابِلٍ فَلَا دَمَ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ وَأَتَى بِجَمِيعِ أَفْعَالِهَا فِي أَشْهُرِهِ، ثُمَّ حَجَّ (وَلَمْ يَعُدْ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى مِيقَاتٍ) وَلَوْ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ عُمْرَتِهِ، أَوْ إلَى مِثْلِ مَسَافَةِ مِيقَاتِهَا فَلَوْ عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ وَتَرَفُّهِهِ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَة، ثُمَّ عَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى مِيقَاتٍ

. (وَوَقْتُ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُتَمَتِّعِ (إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَوَقْتُ جَوَازِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَلَا يَتَأَقَّتُ ذَبْحُهُ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْجُبْرَانَاتِ بِوَقْتٍ (وَ) لَكِنَّ (الْأَفْضَلَ ذَبْحُهُ يَوْمَ نَحْرٍ) لِلِاتِّبَاعِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ فِيهِ (فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ) حِسًّا، أَوْ شَرْعًا (بِحَرَمٍ صَامَ) بَدَلَهُ وُجُوبًا (قَبْلَ) يَوْمِ (نَحْرٍ) مِنْ زِيَادَتِي. (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تُسَنُّ قَبْلَ) يَوْمِ (عَرَفَة) ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ لِلْحَاجِّ فِطْرُهُ وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ شَيْءٍ مِنْهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي بَابِهِ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى وَقْتِهَا (وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي الطَّرِيقِ. فَإِنْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ مَثَلًا وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ الْحَجَّ صَامَ بِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَبَيْنَ مَكَّةَ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ فَهُوَ مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ سِتَّةٌ وَخَمْسِينَ مِيلًا وَقَوْلُهُ: وَإِخْرَاجُ الْقَرِيبِ أَيْ: مِنْ مَكَّةَ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَبَيْنَ طَرَفِ الْحَرَمِ الَّذِي يَلِيهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ فَجُمْلَةُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ مِيلًا س ل. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَكَّةَ وَالْحَرَمَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَالْقَرِيبُ مِنْهُ كَالْقَرِيبِ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: وَإِخْرَاجِ الْقَرِيبِ) أَيْ: مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ.

(قَوْلُهُ: الْمَوَاقِيتِ) أَيْ: حُدُودِ الْحَرَمِ لَا الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ حُدُودَ الْحَرَمِ بِقَوْلِهِ:

وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ثَلَاثَةُ

أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ

وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ

وَجُدَّةُ عَشْرٍ، ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ

. (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي أَشْهُرِ حَجٍّ وَقَوْلُهُ: أَوْ فِيهَا إلَخْ مُحْتَرَزُ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ حَجَّ عَامَهُ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا فَصَّلَهُ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَاعْتَمَرَ أَتَى بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَتْ إلَخْ فَلَوْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا وَأَتَى بِأَعْمَالِهَا فِي أَشْهُرِ حَجِّ عَامِهِ كَانَ قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ مُحْتَرَزَهُ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَعُدْ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ عَلَى مَا يَأْتِي ع ش فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَمَرَ وَالْمُتَمَتِّعُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُونَا إلَخْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَامٌّ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ وَلَمْ يَعُدْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمُتَمَتِّعِ وَالْقَارِنِ اهـ وَقَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَمَدَ الْمُتَمَتِّعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقِرَانِ دُونَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا عَوْدٌ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِهِمَا مَعًا فَلَا يَتَأَتَّى عَوْدُهُ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مَعَ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمِيقَاتِ قَبْلَ الِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّمُ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ إلَخْ

فَيُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ أَنَّ قَوْلَهُ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْعُودِ إلَى الْمِيقَاتِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ، أَوْ لِيُحْرِمَ مِنْهُ بِهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى التَّحْرِيرِ قَوْلُهُ: لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى مِيقَاتٍ وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ: لِإِحْرَامِ الْحَجِّ لِيَشْمَلَ مَنْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا، ثُمَّ عَادَ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مَدَّ الْعُمْرَةَ، ثُمَّ عَادَ، أَوْ أَدْخَلَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ عَادَ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ تَمَتُّعِهِ) أَيْ تَنَعُّمِهِ بِسَبَبِ عَدَمِ رِبْحِ تَرْكِ مِيقَاتٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَهَا الْقَارِنُ) أَيْ: الَّذِي أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ لِيَكُونَ الْعَوْدُ لِلْمِيقَاتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْأَعْمَالِ تَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرْعًا) بِأَنْ وَجَدَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ وَلَوْ بِمَا يُتَغَابَنُ بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ أَيْ: وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى ثَمَنِهِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِي هُنَا مَا ذَكَرُوهُ فِي الْكَفَّارَةِ مِنْ ضَابِطِ الْحَاجَةِ وَمِنْ اعْتِبَارِ سَنَةٍ، أَوْ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا الْوُجُوبِ حَجّ وَقَوْلُهُ: بِمَا يُتَغَابَنُ بِهِ خَالَفَ ع ش فَقَالَ وُجُودُهُ بِزِيَادَةٍ لَا يُتَغَابَنُ بِهَا اهـ وَلَوْ عَدِمَ الدَّمَ فِي الْحَالِ وَعَلِمَ وُجُودَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الصَّوْمِ فَلَهُ الصَّوْمُ فِي الْأَظْهَرِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ فِي مَوْضِعِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يُحْرِمُ) أَيْ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَسَبْعَةً فِي وَطَنِهِ) لَوْ قَصَدَ التَّوَطُّنَ بِمَكَّةَ وَصَامَ بَعْضَ السَّبْعَةِ فِيهَا ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْ تَوَطُّنِهَا وَسَافَرَ قَبْلَ فَرَاغِهَا إلَى وَطَنِهِ فَهَلْ يُعْتَدُّ بِمَا صَامَهُ وَيُكْمِلُ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي السَّفَرِ أَوْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ السَّبْعَةِ إذَا وَصَلَ وَطَنَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ الظَّاهِرُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَطَّنَ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ عَازِمًا عَلَى الرَّحِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَصُومُ السَّبْعَةَ إلَّا إذَا رَجَعَ إلَى وَطَنِهِ سم.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ فَرَاغِهِ الْحَجَّ) أَيْ: مِنْ الْحَجِّ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ. (قَوْلُهُ: صَامَ بِهَا) أَيْ: وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ع ش فَإِذَا أَقَامَ فِي مَكَّةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ أَيْ: يَوْمُ الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ع ش وَق ل عَلَى التَّحْرِيرِ

ص: 145