المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ (اُعْتُبِرَتْ اسْتَطَاعَتْهُ - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ الْأَرْض]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) [

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ)

- ‌(فَرْعٌ)إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً]

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌[شُرُوط السَّلَم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌(بَابُ: الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

الفصل: كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ (اُعْتُبِرَتْ اسْتَطَاعَتْهُ

كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ (اُعْتُبِرَتْ اسْتَطَاعَتْهُ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ إنْ وُجِدَتْ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.

(وَعَلَى مَنْ فَاتَهُ وُقُوفٌ) بِعَرَفَةَ (تَحَلُّلٌ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِحْرَامِ كَابْتِدَائِهِ وَابْتِدَاؤُهُ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ. وَذِكْرُ وُجُوبِ التَّحَلُّلِ مِنْ زِيَادَتِي. وَيَحْصُلُ (بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) بِأَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِ قُدُومٍ، وَيَحْلِقُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَمَلُ عُمْرَةٍ تَحَلَّلَ بِمَا مَرَّ فِي الْمُحْصَرِ (وَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ (وَإِعَادَةٌ) فَوْرًا لِلْحَجِّ الَّذِي فَاتَهُ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ تَطَوُّعًا كَانَ، أَوْ فَرْضًا كَمَا فِي الْإِفْسَادِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعَدَّ، وَكُنَّا نَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اذْهَبْ إلَى مَكَّةَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك، وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَانْحَرُوا هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَكُمْ ثُمَّ احْلِقُوا، أَوْ قَصِّرُوا، ثُمَّ ارْجِعُوا فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا، وَأَهْدُوا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرُوهُ. وَإِنَّمَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ فِي فَوَاتٍ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ حَصْرٍ، فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ بِأَنْ حُصِرَ فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ أَطْوَلَ، أَوْ أَصْعَبَ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ صَابَرَ الْإِحْرَامَ مُتَوَقِّعًا زَوَالَ الْحَصْرِ فَفَاتَهُ، وَتَحَلَّلَ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ كَمَنْ أُحْصِرَ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْبَيْعِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنْ نَذْرَهُ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَفَوَّتَهُ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ، أَوْ أَطْلَقَ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ النُّسُكُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى) وَكَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. سم (قَوْلُهُ: أَيْ: بَعْدَ زَوَالِ الْحَصْرِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي زَمَنِ الْإِحْصَارِ، وَلَوْ خَاصًّا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَرَاجِعْهُ. ب ر

(قَوْلُهُ: وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ: مِنْ هَذَا الْمُحْرِمِ، أَوْ ابْتِدَاؤُهُ حَجًّا س ل وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ أَيْ: لِمَا فِيهِ مِنْ إدْخَالِ حَجٍّ عَلَى حَجٍّ، أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّلَاعُبِ فَانْدَفَعَ بِكَلَامِ س ل الِاعْتِرَاضُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ، وَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ ابْتِدَاءَهُ حِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لِهَذَا الْمُحْرِمِ، أَوْ ابْتِدَاؤُهُ حَجًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِشَخْصٍ آخَرَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَيَنْعَقِدُ عُمْرَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ) أَيْ: لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ عَلَيْهِ. ح ل (قَوْلُهُ: بِعَمَلِ عُمْرَةٍ) وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نِيَّتِهَا لَكِنْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. ز ي، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كَانَ قَارِنًا. ح ل (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) فَإِنْ كَانَ سَعَى لَمْ يُعِدْهُ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَوَاجِبُهُ الصَّوْمُ أَيْ: صَوْمُ الْعَشَرَةِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ وُجُوبِهِ بِالدُّخُولِ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ، وَجَوَازِهِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِهَا مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ مَشَى بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ذَبْحُهُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ فَاتَهُ وُقُوفٌ تَحَلُّلٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَخْطَأْنَا الْعَدَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ: الْعَدَدَ فِي أَيَّامِ الشَّهْرِ، وَضَمِيرُ الْمُتَكَلِّمِ إمَّا لِهَبَّارٍ بِتَعْظِيمِهِ نَفْسَهُ، أَوْ لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ وَهَبَّارُ بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ. ق ل فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ لِخَطَئِهِمْ فِي الْحِسَابِ فَهُمْ مُقَصِّرُونَ فَلَا يَرِدُ مَا يُقَالُ: إنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ لَوْ وَقَفُوا الْعَاشِرَ غَلَطًا أَجْزَأَهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا، أَوْ وُجُوبُ الْقَضَاءِ لِقِلَّتِهِمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ سُؤَالُهُ لِعُمَرَ (قَوْلُهُ: وَاسْعَوْا بَيْنَ الصَّفَا إلَخْ) لَعَلَّ عُمَرَ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا سَعَوْا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، أَوْ أَنَّهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُمْ طَوَافُ الْقُدُومِ لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَثَلًا. ب ر (قَوْلُهُ وَانْحَرُوا هَدْيًا) أَيْ: وَلْيَنْحَرْ كُلٌّ مِنْكُمْ هَدْيًا، وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ مَعَهُمْ لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مَعَكُمْ) أَيْ: حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مَعَهُمْ مَا يَشْتَرُونَهُ بِهِ،

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اُحْلُقُوا، أَوْ قَصِّرُوا أَيْ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ الْحَلْقَ فَلْيَحْلِقْ، وَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ التَّقْصِيرَ فَلْيُقَصِّرْ. ق ل (قَوْلُهُ: فَحُجُّوا) فِيهِ إفَادَةُ الْفَوْرِيَّةِ فِي الْقَضَاءِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْفَاءِ فِي فَحُجُّوا وَقَيَّدَ الْعَامَ بِالْقَابِلِ. ب ر (قَوْلُهُ: وَأَهْدُوا) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ يُقَالُ: أَهْدَى لَهُ وَإِلَيْهِ مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) أَيْ: حَجِّ الْقَضَاءِ أَيْ: بَعْدَ الْإِحْرَامِ حَجّ فَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ صَوْمِهَا عَلَيْهِ. سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرُوهُ) أَيْ: فَكَانَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا. (قَوْلُهُ: بِأَنْ حُصِرَ فَسَلَكَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: نَعَمْ إنْ سَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ مُسَاوِيًا إلَخْ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَهُ فَعُلِمَ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا أَنَّ الْفَوَاتَ إذَا نَشَأَ مِنْ حَصْرٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً تَجِبُ مَعَهُ الْإِعَادَةُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِالِاسْتِدْرَاكِ الْمُتَقَدِّمِ، وَتَارَةً لَا تَجِبُ مَعَهُ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ هُنَا. ع ش (قَوْلُهُ: أَطْوَلَ، أَوْ أَصْعَبَ) أَيْ: وَقَدْ أَلْجَأَهُ نَحْوُ الْعَدُوِّ إلَى سُلُوكِهِ. اهـ. حَجّ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: حَصْرًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُصَابَرَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا ع ش وَقِيلَ: فِي تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ أَيْ: مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الْبَيْعِ]

(كِتَابُ الْبَيْعِ)[دَرْسٌ]

أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ، وَهُوَ بَيْعُ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهُ أَفْرَدَ السَّلَمَ بِكِتَابٍ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يُطَابِقُ

ص: 164

يُطْلَقُ الْبَيْعُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ وَهُوَ: تَمْلِيكٌ بِثَمَنٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَالشِّرَاءُ تَمَلُّكٌ بِذَلِكَ، وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّرْجَمَةِ وَهُوَ لُغَةً: مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا: مُقَابَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ؟ فَقَالَ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّفْظُ الْمَعْنَى الْمُرَادَ، وَقِيلَ: إنَّمَا أَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ انْتَهَى حَلَبِيٌّ

وَقَوْلُهُ: فِي الْأَصْلِ أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْآنَ مُسْتَعْمَلًا فِي الْعَقَدِ الْمُرَكَّبِ وَفِيهِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ أَيْضًا. (قَوْلُهُ يُطْلَقُ الْبَيْعُ) أَيْ: الْبَيْعُ الصَّادِقُ بِقَسِيمِ الشِّرَاءِ، وَبِالْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ لَا الْمُرَكَّبِ فَقَطْ، وَهَذِهِ حِكْمَةُ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ كَمَا قَالَهُ ع ن.

وَعِبَارَةُ ع ش يُطْلَقُ الْبَيْعُ أَيْ: شَرْعًا وَأَعَادَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ مَعَ كَوْنِ الْمَقَامِ يَقْتَضِي الْإِضْمَارَ؛ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ الْمُقَسَّمِ إلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ، وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي التَّرْجَمَةِ هُوَ الْعَقْدُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ دُونَ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ) قَسِيمُ الشَّيْءِ مَا كَانَ مُبَايِنًا لَهُ، وَانْدَرَجَ مَعَهُ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ هُنَا تَصَرُّفٌ لَهُ دَخْلٌ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي، وَهُوَ شَامِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الشِّرَاءِ، وَقَسِيمِهِ إذْ يُقَالُ: الشِّرَاءُ تَصَرُّفٌ لَهُ دَخْلٌ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ، وَكَذَا الْبَيْعُ ذَكَرَهُ ع ش وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الِانْعِقَادِ، أَوْ الْمِلْكِ النَّاشِئِ عَنْ الْعَقْدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَسَخْت الْبَيْعَ إذْ الْعَقْدُ الْوَاقِعُ لَا يُمْكِنُ فَسْخُهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ. حَجّ سم وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ إطْلَاقَاتٌ ثَلَاثَةٌ: عَلَى التَّمْلِيكِ، وَعَلَى الْعَقْدِ، وَعَلَى مُطْلَقِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الشِّرَاءِ الَّذِي هُوَ التَّمَلُّكُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَعِبَارَتُهُ بَاعَ الشَّيْءَ اشْتَرَاهُ فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ، كَمَا أَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ قَالَ تَعَالَى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ} [يوسف: 20] أَيْ: بَاعُوهُ فَيَكُونُ لَهُ عَلَى هَذَا إطْلَاقَاتٌ سِتَّةٌ.

(قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ بِثَمَنٍ) التَّمْلِيكُ: دُخُولُ الْمِلْكِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ بَلْ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْلِيكِ مَا يَحْصُلُ بِهِ النَّقْلُ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ ع ش، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ بِثَمَنٍ كَقَوْلِك: بَاعَ فُلَانٌ فَرَسَهُ لِزَيْدٍ أَيْ: مَلَّكَهَا لَهُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّمْلِيكَ فِيهِ تَمَلُّكُ الثَّمَنِ، وَالتَّمَلُّكَ فِيهِ تَمْلِيكُ الثَّمَنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُشْتَمِلٌ عَلَى التَّمْلِيكِ، وَالتَّمَلُّكِ فَلِمَ ذَكَرَ التَّمْلِيكَ فِي الْأَوَّلِ، وَالتَّمَلُّكَ فِي الثَّانِي. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ الْأَعْيَانُ الْمَبِيعَةُ، وَالثَّمَنُ وَسِيلَةٌ فَلَمْ يَنْظُرْ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ التَّمْلِيكُ بِالثَّمَنِ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْعًا، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَقْعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، أَوْ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ الثَّمَنُ فِي مُطْلَقِ الْعِوَضِ، فَيَكُونُ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ نَحْوِ الْإِجَارَةِ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالشِّرَاءُ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَيُطْلَقُ الشِّرَاءُ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ} [يوسف: 20] وَقَالَ: م ر لَفْظُ كُلٍّ يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا) أَيْ: التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكِ ح ل، وَالْمُرَادُ مِنْ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَعَانِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً) أَيْ: الْبَيْعُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا، وَأَمَّا بِمَعْنَى قَسِيمِ الشِّرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى فِي اللُّغَةِ حَرَّرَهُ ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمُطْلَقِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ مُقَابَلَةُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ) أَيْ: مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ التَّبَادُلُ لَا نَحْوُ سَلَامٍ بِسَلَامٍ، وَقِيَامٍ بِقِيَامٍ، وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَإِنْ جَرَى فِي تَدْرِيبِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَهُ الشَّيْخُ انْتَهَى. شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ التَّبَادُلُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى بَقَاءُ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِي تَقْيِيدِ كَلَامِ اللُّغَوِيِّينَ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا مُقَابَلَةُ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ الْعَقْدُ لَيْسَ نَفْسَ الْمُقَابَلَةِ لَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُهَا؛ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ م ر بِقَوْلِهِ: وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إلَخْ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ ذُو مُقَابَلَةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ شَيْخُنَا.

وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَعَلَى الْعَقْدِ إلَخْ، وَلَا يَبْعُدُ اشْتِرَاطُ الصِّيغَةِ فِي نَقْلِ الْيَدِ فِي الِاخْتِصَاصِ كَأَنْ يَقُولَ: رَفَعْت يَدِيَ عَنْ هَذَا الِاخْتِصَاصِ، وَلَا يَبْعُدُ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى نَقْلِ الْيَدِ كَمَا فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ انْتَهَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْعُقُودِ. (قَوْلُهُ: أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ) أَيْ: أَيُّ أَنْوَاعِ الْكَسْبِ أَطْيَبُ أَيْ: أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْحِرَفَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، فَالتَّفَاضُلُ إنَّمَا هُوَ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ لَا فِي الْمُبَاحَاتِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ حَيْثُ اعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّفَاضُلَ لَا يَكُونُ فِي الْمُبَاحَاتِ، فَالْكَسْبُ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَمَلُ الرَّجُلِ إلَخْ وَإِنَّمَا قُدِّرَ الْمُضَافُ؛ لِأَنَّ أَيًّا لَا تُضَافُ لِمُفْرَدٍ

ص: 165

عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ أَيْ: لَا غِشَّ فِيهِ، وَلَا خِيَانَةَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. (أَرْكَانُهُ) كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ (عَاقِدٌ) بَائِعٌ، وَمُشْتَرٍ (، وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ) ثَمَنٌ، وَمُثَمَّنٌ (وَصِيغَةٌ وَلَوْ كِنَايَةً) وَسَمَّاهَا الرَّافِعِيُّ شُرُوطًا، وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِشَرْطِيَّةِ الصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرَيْنِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُعَرَّفٍ إلَّا إذَا تَكَرَّرَتْ أَوْ نُوِيَتْ الْأَجْزَاءُ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ::

وَلَا تُضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ

أَيًّا وَإِنْ كَرَّرْتهَا فَأَضِفْ

أَوْ تَنْوِ الْإِجْزَاءَ. . .

وَالْأَنْوَاعُ الْمُقَدَّرَةُ هُنَا كَالْأَجْزَاءِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْ: أَيُّ طُرُقِ الْكَسْبِ أَطْيَبُ أَيْ: أَحْسَنُ وَإِنَّمَا قَدَّرَ الْمُضَافَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَالْكَسْبُ بِمَعْنَى الْمَكْسُوبِ. (قَوْلُهُ عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ) وَهُوَ الصِّنَاعَةُ وَقِيلَ: يَشْمَلُ الزِّرَاعَةَ وَحِينَئِذٍ لَا يُوجَدُ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الصِّنَاعَةِ، وَيُسْتَفَادُ فَضْلُهَا مِنْ التَّقْدِيمِ عَلَى التِّجَارَةِ ح ل. (قَوْلُهُ بِيَدِهِ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) وَهُوَ التِّجَارَةُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّنَاعَةِ، وَالتِّجَارَةِ أَفْضَلُ مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَأَنَّهُ لَا تَفَاضُلَ بَيْنَ الصِّنَاعَةِ، وَالتِّجَارَةِ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ تَقْدِيمُ الصِّنَاعَةِ عَلَى التِّجَارَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى بَاقِيهَا، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ تَفْضِيلَ التِّجَارَةِ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ الْقَوْلَ بِأَفْضَلِيَّةِ الزِّرَاعَةِ لِعُمُومِ نَفْعِهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالتِّجَارَةِ مَنْ لَهُ مَنْ يَتَّجِرُ لَهُ، وَمِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالصِّنَاعَةِ مَنْ لَهُ صُنَّاعٌ تَحْتَ يَدِهِ وَهُوَ لَا يُبَاشِرُ، وَمِمَّنْ يَكْتَسِبُ بِالزِّرَاعَةِ مَنْ لَهُ مَنْ يَزْرَعُ لَهُ وَهُوَ لَا يُبَاشِرُ فَلْيُحَرَّرْ ح ل،.

وَعِبَارَةُ ع ش أَفْضَلُ الْكَسْبِ الزِّرَاعَةُ أَيْ: بَعْدَ الْغَنِيمَةِ ثُمَّ الصِّنَاعَةُ، ثُمَّ التِّجَارَةُ أَيْ: لِمَا فِي الزِّرَاعَةِ مِنْ مَزِيدِ التَّوَكُّلِ، وَنَفْعِ الطُّيُورِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا التَّرْتِيبُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: أَيْ: لَا غِشَّ إلَخْ) الْغِشُّ: تَدْلِيسٌ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْمَبِيعِ كَأَنْ يُجَعِّدَ شَعْرَ الْجَارِيَةِ، وَيُحَمِّرَ وَجْهَهَا، وَالْخِيَانَةُ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهَا تَدْلِيسٌ فِي ذَاتِهِ، أَوْ فِي صِفَتِهِ، أَوْ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ كَأَنْ يَصِفَهُ بِصِفَاتٍ كَاذِبًا، وَكَأَنْ يَذْكُرَ لَهُ ثَمَنًا كَاذِبًا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَقِيلَ: تَفْسِيرِي كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ: فِي الْبَيْعِ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ فِيهِ غِشٌّ أَيْضًا فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ حَيْثُ ذَكَرَ الْبَيْعَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ بِمَعْنَى الْمَبِيعِ، أَوْ الثَّمَنِ فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَرْكَانُهُ) أَيْ: الْأُمُورِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا لِيَتَحَقَّقَ الْعَقْدُ فِي الْخَارِجِ. وَتَسْمِيَةُ الْعَاقِدِ رُكْنًا أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ وَإِلَّا فَلَيْسَ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْبَيْعِ الَّتِي تُوجَدْ فِي الْخَارِجِ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ، وَإِنَّمَا أَجْزَاؤُهُ: الصِّيغَةُ، وَاللَّفْظُ الدَّالُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ رُكْنًا حَقِيقِيًّا أَيْ: جُزْءًا مِنْ الْمَاهِيَّةِ الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ فَكَانَ رُكْنًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُذْكَرُ فِي الْعَقْدِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَرْكَانُهُ أَيْ: إنَّمَا سَمَّيْتهَا أَرْكَانًا، وَخَالَفْت كَلَامَهُ هُنَا حَيْثُ سَمَّاهَا شُرُوطًا اتِّبَاعًا لِصَنِيعِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ ثَلَاثَةٌ إذْ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتَّةٌ) وَإِنَّمَا رَدَّهَا لِثَلَاثَةٍ اخْتِصَارًا، وَهَكَذَا يَفْعَلُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ اشْتَرَكَ فِيهِ الْمُوجِبُ وَالْقَابِلُ فِي الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِمَا كَمَا هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الشُّرُوطُ كَمَا فِي الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُقْرِضِ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، وَفِي الْمُقْتَرِضِ أَهْلِيَّةُ الْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ اقْتِرَاضُ الْمُفْلِسِ فَيَفْصِلُ الْأَرْكَانَ وَلَا يُجْمِلُهَا كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَرْكَانُهُ: مُقْرِضٌ، وَمُقْتَرِضٌ إلَخْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كِنَايَةً) أَيْ: فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي حُصُولِ الصِّيغَةِ، وَأَتَى بِذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي الْكِنَايَةِ أَيْ: وَلَوْ مِنْ سَكْرَانَ مُتَعَدٍّ إنْ أَقَرَّ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ وَسَمَّاهَا) أَيْ: الْأَرْكَانَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَيْهِ) يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَّحَ بِشَرْطِيَّةِ الصِّيغَةِ) عِبَارَتُهُ شَرْطُهُ: الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ.

وَقَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِينَ أَيْ: عَنْ تَسْمِيَتِهِمَا شَرْطَيْنِ، أَوْ رُكْنَيْنِ أَيْ: وَلَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ ح ل وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُعَاطَاةَ بَيْعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا صِيغَةَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ) وَجْهُ الْأَصَالَةِ تَوَقُّفُ وَصْفِ الْبَائِعِ بِكَوْنِهِ بَائِعًا، وَالْمُشْتَرِي بِكَوْنِهِ مُشْتَرِيًا عَلَى وُجُودِهَا ح ل.

(قَوْلُهُ وَسَكَتَ عَنْ الْآخَرِينَ) أَيْ: فَتُفْهَمُ شَرْطِيَّتُهُمَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ شَرْطًا، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ كَانَ غَيْرُهُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الرُّكْنَ شَرْحُ م ر.

ص: 166

وَالصِّيغَةُ (إيجَابٌ) وَهُوَ: مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ السَّابِقِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً (كَبِعْتُكَ، وَمَلَّكْتُك، وَاشْتَرِ مِنِّي) كَذَا بِكَذَا وَلَوْ مَعَ إنْ شِئْت، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ (وَكَجَعَلْتُهُ لَك بِكَذَا) نَاوِيًا الْبَيْعَ (وَقَبُولٌ) وَهُوَ: مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمَلُّكِ السَّابِقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةُ) لَمْ يُضْمِرْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْكِنَايَةِ، وَمِنْ الصِّيَغِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا بِالْكَافِ لَفْظُ التَّعْوِيضِ، وَالْمُصَارَفَةِ أَيْ: فِي النَّقْدِ كَقَوْلِهِ صَارَفْتُك ذَا بِكَذَا، وَالتَّوْلِيَةِ، وَالْإِشْرَاكِ كَمَا سَيَأْتِي م ر وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَشَارَ بِكَافِ الْخِطَابِ فِي صِيَغِ الْإِيجَابِ إلَى اعْتِبَارِ الْخِطَابِ فِيهِ، وَإِسْنَادِهِ لِجُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ فَلَا يَكْفِي بِعْت يَدَك انْتَهَى أَيْ: وَلَوْ أَرَادَ التَّعْبِيرَ بِهَا عَنْ الْجُمْلَةِ مَجَازًا كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ.

وَمِثْلُ ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ الْإِشَارَةُ، وَالنَّعْتُ وَلَوْ قَالَ: بِعْت نَفْسَك، وَأَرَادَ الذَّاتَ صَحَّ، وَلَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ لِلْجُزْءِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَبْقَى بِدُونِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَصِحُّ إضَافَتُهُ لِلْجُزْءِ إذَا أَرَادَ بِهِ الْكُلَّ وَلَوْ كَانَ يَعِيشُ بِدُونِهِ. (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: الْمُشْتَرِي نَعَمْ، أَوْ قَالَ: الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا فَقَالَ: الْبَائِعُ نَعَمْ صَحَّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. ح ل

وَقَوْلُهُ: فَالصَّرِيحُ كَبِعْتُك، وَكَذَا وَهَبْتُك صَرِيحٌ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الثَّمَنِ، وَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ فِي الْهِبَةِ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ م ر وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ الْخِطَابِ بَيْعُ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: نَعَمْ. (قَوْلُهُ: دَلَالَةً ظَاهِرَةً) أَيْ: وَلَوْ بِوَاسِطَةِ ذِكْرِ الْعِوَضِ فِي الْكِنَايَةِ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ دَلَالَةَ الصَّرِيحِ أَقَوَى ح ل بِخِلَافِ مَا لَا يَدُلُّ دَلَالَةً ظَاهِرَةً كَمَلَّكْتُك وَجَعَلْته لَك مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ عِوَضٍ، فَلَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: كَذَا بِكَذَا قِيلَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: دَلَالَةً ظَاهِرَةً مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ بِثَمَنٍ، وَدَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ ذُكِرَ لِلْإِيضَاحِ. (قَوْلُهُ: كَبِعْتُك) يُشِيرُ إلَى شَرْطَيْنِ فِي الصِّيغَةِ وَهُمَا الْخِطَابُ وَوُقُوعُهُ عَلَى جُمْلَةِ الْمُخَاطَبِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ الثَّمَنَ، وَالْمُثَمَّنَ بِقَوْلِهِ كَذَا بِكَذَا، وَبَقِيَ رَابِعٌ وَهُوَ قَصْدُ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ فَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ، أَوْ قَصَدَهُ لَا لِمَعْنَاهُ كَتَلَفُّظِ أَعْجَمِيٍّ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ تُضَمُّ لِلتِّسْعَةِ الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ تَصِيرُ جُمْلَةُ الشُّرُوطِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ مِنْ الْعَامِّيِّ فَتْحُ التَّاءِ فِي التَّكَلُّمِ، وَضَمُّهَا فِي التَّخَاطُبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إبْدَالُ الْكَافِ أَلِفًا، وَنَحْوُهُ سم وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَافِ مِنْ الْعَامِّيِّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهَا مِنْ غَيْرِ الْعَامِّيِّ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ بِالْكَافِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَمَلَّكْتُك) أَيْ: وَوَهَبْتُك كَذَا بِكَذَا، وَكَوْنُهُمَا صَرِيحَيْنِ فِي الْهِبَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ. (فَرْعٌ)

لَوْ أَتَى بِالْمُضَارِعِ فِي الْإِيجَابِ كَأَبِيعُك، أَوْ فِي الْقَبُولِ كَأَقْبَلُ صَحَّ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ سم، وَقَوْلُهُ: صَحَّ لَكِنَّهُ كِنَايَةٌ فَمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِصِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الصَّرَاحَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ تَعْلِيلُهُمْ بِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ، وَالْإِنْشَاءَ وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةً قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَوْ قَالَ: لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك عَلَى كَذَا فَقَالَتْ أُطَلِّقُ عَلَيْهِ كَانَ كِنَايَةً انْتَهَى. فَلْيَكُنْ هَذَا كَذَلِكَ أَفَادَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ وَاشْتَرِ مِنِّي) هُوَ اسْتِقْبَالٌ أَيْ: طَلَبُ الْقَبُولِ قَائِمٌ مَقَامَ الْإِيجَابِ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَذَا بِكَذَا) صَوَابُهُ ذَا بِكَذَا إذْ لَا مَحَلَّ لِلْكَافِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ إنْ شِئْت) أَيْ: بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ. فَإِنْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ وَهِيَ: أَنْ يَذْكُرَهَا الْمُبْتَدِئُ، وَأَنْ يُخَاطِبَ بِهَا مُفْرَدًا، وَأَنْ يَفْتَحَ التَّاءَ إذَا كَانَ نَحْوِيًّا، وَأَنْ يُؤَخِّرَهَا عَنْ صِيغَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ إيجَابًا، أَوْ قَبُولًا ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَأْخِيرِهَا أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْمَشِيئَةِ تَعْلِيقَ أَصْلِ الْبَيْعِ، وَفِي تَأْخِيرِهَا تَعْلِيقُ تَمَامِهِ فَاغْتُفِرَ ز ي، وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الْإِيجَابِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّ الْقَبُولَ مُتَقَدِّمٌ بِأَنْ قَالَ: الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ مِنْك إنْ شِئْتَ فَقَالَ: بِعْتُكَ وَحِينَئِذٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ عَلَى الْإِيجَابِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَجَعَلْتُهُ) أَتَى بِالْكَافِ إشَارَةً إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّرِيحِ، وَالْكِنَايَةِ شَوْبَرِيٌّ.

وَمِنْ الْكِنَايَةِ خُذْهُ، أَوْ تَسَلَّمْهُ، أَوْ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِيهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: نَاوِيًا الْبَيْعَ) وَإِنْ قَارَنَتْ النِّيَّةُ جُزْءًا مِنْ الصِّيغَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ م ر خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَقْتَرِنَ بِجَمِيعِ اللَّفْظِ، وَتَبِعَ بَعْضَ نُسَخِ م ر الْغَيْرِ

ص: 167

كَذَلِكَ (كَاشْتَرَيْتُ وَتَمَلَّكْت، وَقَبِلْت وَإِنْ تَقَدَّمَ) عَلَى الْإِيجَابِ (كَبِعْنِي بِكَذَا) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَنُوطٌ بِالرِّضَا لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» وَالرِّضَا خَفِيٌّ. فَاعْتُبِرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ اللَّفْظِ فَلَا بَيْعَ بِمُعَاطَاةٍ، وَيَرُدُّ كُلَّ مَا أَخَذَهُ بِهَا، أَوْ بَدَلَهُ إنْ تَلِفَ، وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ بِهَا فِي كُلِّ مَا يُعَدُّ فِيهِ بَيْعًا كَخُبْزٍ، وَلَحْمٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالدَّوَابِّ وَالْعَقَارِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَالتَّصْرِيحُ بِاشْتَرِ مِنِّي مِنْ زِيَادَتِي. وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّتِهِ بِالْكِنَايَةِ بَيْعُ الْوَكِيلِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بِهَا؛ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَيْهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ فَالظَّاهِرُ انْعِقَادُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُعْتَمَدَةِ ح ف.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: دَلَالَةً ظَاهِرَةً بِخِلَافِ غَيْرِ الظَّاهِرَةِ كَأَنْ قَالَ: تَمَلَّكْت فَقَطْ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الشِّرَاءَ، وَالْهِبَةَ، وَغَيْرَهُمَا. (قَوْلُهُ وَقَبِلْت) لَمْ يَقُلْ كَذَا بِكَذَا فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّمَنِ، وَالْبَيْعِ يُكْتَفَى بِذِكْرِهِ فِي جَانِبِ الْبَادِئِ. فَالْمَتْنُ كَأَصْلِهِ لَمْ يَأْتِيَا بِصِيغَةٍ كَافِيَةٍ ح ل.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَلْيَذْكُرْ الْمُبْتَدِئُ الثَّمَنَ. اهـ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا يَشْمَلُ الْمُثَمَّنَ قَالَ سم: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يَذْكُرَهُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: كَبِعْنِي) هَذَا اسْتِيجَابٌ أَيْ: طَلَبُ الْإِيجَابِ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ، وَصَحَّ جَعْلُهُ مِنْ أَفْرَادِهِ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ أَيْ: مَعَ صِيغَةِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ صِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْمَلْفُوظِ بِهِ، أَوْ الْمُقَدَّرِ نَحْوَ أَتَبِيعُنِيهِ، أَوْ تَبِيعُنِيهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَيْعَ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الصِّيغَةُ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إلَخْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ع ش. قَوْلُهُ «إنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ» أَيْ: صَادِرٌ عَنْ تَرَاضٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ اللَّفْظِ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَلَا بَيْعَ بِمُعَاطَاةٍ) تَفْرِيعٌ عَلَى الصِّيغَةِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا. وَالْمُعَاطَاةُ أَنْ يَتَرَاضَيَا بِثَمَنٍ وَلَوْ مَعَ السُّكُوتِ مِنْهُمَا حَجّ وَهِيَ مِنْ الصَّغَائِرِ عَلَى الرَّاجِحِ لِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَكَذَا كُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ، وَلَوْ وَقَعَ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ بَيْنَ شَافِعِيٍّ وَمَالِكِيٍّ حَرُمَ عَلَى الْمَالِكِيِّ لِإِعَانَتِهِ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَمَا فِي ع ش، وَيَجِبُ عَلَى الشَّافِعِيِّ الرَّدُّ دُونَ الْمَالِكِيِّ فَإِذَا رَدَّ الشَّافِعِيُّ أَتَى فِيهِ الظَّفَرُ وَلَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، أَوْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَيُرَدُّ كُلٌّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ وَلَا مُطَالَبَةَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِطِيبِ النَّفْسِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ مَضْمُونًا أَيْ: ضَمَانَ الْغُصُوبِ أَنْ يَضْمَنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ لَا بِالْبَدَلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالْبَدَلِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ ح ل وَاَلَّذِي فِي ع ش عَلَى م ر نَقْلًا عَنْ سم أَنَّهُ يَضْمَنُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ وَمِثْلُهُ كُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعَلَى الْأَصَحِّ لَا مُطَالَبَةَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَالُ بِخِلَافِ تَعَاطِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُكَفِّرٌ، وَصَرَّحَ م ر فِي بَيْعِ الْمَنَاهِي بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَلَوْ اشْتَرَى زَرْعًا بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُدَهُ الْبَائِعُ إلَخْ بِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا لَهُ الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِرَدِّهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِهَا) عِبَارَةُ شَرْح م ر وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ كَجَمْعٍ انْعِقَادِهِ بِهَا فِي كُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا، وَآخَرُونَ فِي كُلِّ مُحَقَّرٍ كَرَغِيفٍ. أَمَّا الِاسْتِجْرَارُ مِنْ بَيَّاعٍ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا أَيْ: مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ كُلَّ مُرَّةٍ عَلَى أَنَّ الْغَزَالِيَّ سَامَحَ فِيهِ أَيْ: فِي الِاسْتِجْرَارِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَاطَاةِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُقَدِّرْ الثَّمَنَ أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ مِقْدَارُهُ مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي بَيْعِ مِثْلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَوْ قَدَّرَ مِنْ غَيْرِ صِيغَةِ عَقْدٍ كَانَ مِنْ الْمُعَاطَاةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ فَمُخْتَارُهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّتِهِ) أَيْ: الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ بَيْعُ الْوَكِيلِ، وَكَذَا شِرَاؤُهُ. (قَوْلُهُ: الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِيهِ) أَيْ: صَرِيحًا بِأَنْ صَرَّحَ لَهُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ أَيْ: جِيءَ لَهُ بِمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الِاشْتِرَاطِ بِأَنْ قِيلَ: لَهُ مَعَ شَرْطِ أَنْ تَشْهَدَ، أَوْ عَلَى أَنْ تَشْهَدَ فَإِنْ قِيلَ: لَهُ وَتَشْهَدُ لَمْ يَكُنْ مُشْتَرِطًا ح ل. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشُّهُودَ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ قَرِينَةٌ عَلَى النِّيَّةِ فَيَطَّلِعُ الشُّهُودُ عَلَيْهَا ح ل بِزِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَفَّرَتْ) أَيْ: اجْتَمَعَتْ، أَوْ دَلَّتْ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى الْبَيْعِ أَيْ: عَلَى إرَادَتِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْقَرَائِنُ) كَذِكْرِ الْخِيَارِ، وَأَوْصَافِ الْمَبِيعِ، وَالْإِقْبَاضِ. وَالْمُرَادِ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِوَاحِدَةٍ أَيْ: قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ الْبَيْعَ، وَالْمُرَادُ زِيَادَةً عَلَى ذِكْرِ الْعِوَضِ إنْ قُلْنَا إنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى صِيغَةِ الْكِنَايَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ. ح ل وع ش وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: فَإِنْ تَوَفَّرَتْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ،

وَقَوْلُهُ: قَالَ الْغَزَالِيُّ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ، وَتَشْدِيدِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الشِّفَاءِ فَالْأَوَّلُ نِسْبَةً إلَى غَزَالَةَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى طُوسَ بِالْعَجَمِ، وَالثَّانِي أَيْ: التَّشْدِيدُ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَغْزِلُ الصُّوفَ، وَيَبِيعُهُ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى طُوسَ فَنُسِبَ إلَى أَبِيهِ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الْغَزْلِ.

ص: 168

وَلَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ، وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى الْكِتَابِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُ مَجْلِسِهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْقَبُولِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَلَوْ كَتَبَ إلَى حَاضِرٍ فَوَجْهَانِ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ الصِّحَّةُ، وَاعْتِبَارُ الصِّيغَةِ جَارٍ حَتَّى فِي بَيْعِ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَبَيْعِ مَالِهِ مِنْ طِفْلِهِ وَفِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا كَأَنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ الطَّالِبِ، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْنِيهِ، وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ.

(وَشَرَطَ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ كَمَا سَيَأْتِي حُكْمُهُمَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ) هُمَا (كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْعَقْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ) أَيْ: عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْكِتَابَةُ لَا عَلَى مَاءٍ، أَوْ هَوَاءٍ كِنَايَةٌ، فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ، وَلَوْ لِحَاضِرٍ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ فَلْيَقْبَلْ فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِهِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُهُمَا لِانْقِضَاءِ مَجْلِسِ قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: بَيْعٌ، أَوْ غَيْرُهُ) ذِكْرُ الْغَيْرِ اسْتِطْرَادِيٌّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ ع ش. (قَوْلُهُ: قَبُولُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) أَيْ: فَوْرًا فَلَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ ضَرَّ ح ل.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْكِتَابِ) أَيْ: عَلَى صِيغَةِ الْبَيْعِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى بَاقِي الْكِتَابِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ خِيَارُ مَجْلِسِهِ) أَيْ: الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْقَبُولِ أَيْ: مَا لَمْ يَخْتَرْ لُزُومَهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ خِيَارُهُ إذْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ يَنْقَطِعُ بِالْمُفَارَقَةِ، أَوْ الْإِلْزَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: إلَى انْقِطَاعٍ إلَخْ تَقْتَضِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ شَيْئَيْنِ: الْأَوَّلَ: أَنَّ الْكَاتِبَ لَوْ فَارَقَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، أَوْ أَلْزَمَ الْبَيْعَ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَنْقَطِعُ، وَالثَّانِيَ: أَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَوْ أَلْزَمَ الْعَقْدَ، أَوْ فَارَقَ مَجْلِسَهُ وَالْكَاتِبُ بَاقٍ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ انْقَطَعَ خِيَارُ الْكَاتِبِ. وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا عَدَمُ الِانْقِطَاعِ بَلْ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا بِإِلْزَامِهِ الْعَقْدَ، أَوْ مُفَارَقَتِهِ مَجْلِسَ نَفْسِهِ. وَمَجْلِسُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَبِلَ فِيهِ، وَمَجْلِسُ الْكَاتِبِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَأَوَّلُهُ مِنْ حِينِ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُوجَدُ إلَّا حِينَئِذٍ شَيْخُنَا وسم، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي م ر وحج وَلَكِنْ نَقَلَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ الشَّيْخِ الدِّيوِيِّ أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ خِيَارَ كُلٍّ يَنْقَطِعُ بِمُفَارَقَةِ مَجْلِسِهِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَبُولُ وَقَالَ ز ي: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ امْتِدَادِهِ بِهِ حَجّ فَالشَّيْخُ تَابِعٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَتَبَ إلَى حَاضِرٍ) أَيْ: فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي بَيْعِ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ إلَخْ) مِنْهُ الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً فَتَقُولُ: بِعْته لَهُ بِكَذَا وَقَبِلْته لَهُ فَالصِّيغَةُ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ لَكِنْ لَا خِطَابَ فِيهَا فَهَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخِطَابِ كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعُ الْمُتَوَسِّطِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِلْبَائِعِ بِعْت هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَوْ بِعْت وَيَقُولُ: لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَوْ اشْتَرَيْت لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ الصِّيغَةِ فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ رحمه الله شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ طِفْلِهِ) أَيْ: لِطِفْلِهِ وَهُوَ مِثَالٌ فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى لِمَحْجُورِهِ. وَالطِّفْلُ: الْوَلَدُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَالدَّوَابِّ مِصْبَاحٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَعْتَقَ) وَهَلْ مِثْلُ الْعِتْقِ الْوَقْفُ، وَالصَّدَقَةُ كَأَنْ قَالَ: تَصَدَّقَ عَنِّي بِثَوْبِك مَثَلًا، أَوْ أَوْقِفْ عَنِّي عَبْدَك مَثَلًا. الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا لَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَهَلْ يَأْتِي الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَرْعُ الْإِمْكَانِ، وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ ح ل بَلْ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهُ. وَالْمُعْتَمَدُ لَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَفَعَلَ) فِي الْإِتْيَانِ بِالْفَاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ، وَمِثْلُهُ الْكَلَامُ الْأَجْنَبِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعَيْنِهِ) فَإِنْ صَرَّحَ بِهَذَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ كَمَا فِي ع ش لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ.

وَعِبَارَةُ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْنِيهِ، وَأَعْتِقْهُ عَنِّي بِكَذَا فَقَالَ: أَعْتَقَتْهُ عَنْك هَلْ يُعْتَقُ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكِتَابَةٍ) صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْغَائِبِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ، وَالْقَبُولِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُعْتَبَرَانِ فِي الْحَاضِرِ لَا فِي الْغَائِبِ وَهُوَ نَاظِرٌ لِأَوَّلِ كِتَابَتِهِ بِالْبَيْعِ فَافْهَمْ. وَحَاصِلُ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَوْ بِكِتَابَةِ تِسْعِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ إمَّا بِلَفْظٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةٍ وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ، وَثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) الْكَافُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: هَذَا الِاشْتِرَاطُ جَارٍ وَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ حُكْمِ الْإِشَارَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، أَوْ الْفَطِنُ وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ.

وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ لَا فِي صَلَاةٍ، وَشَهَادَةٍ وَحِنْثٍ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَخَلَّلَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ)

ص: 169

مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ، وَلَوْ يَسِيرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فِي الْخُلْعِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ شَائِبَةَ جَعَالَةٍ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلْجَهَالَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَ) أَنْ (لَا) يَتَخَلَّلَهُمَا (سُكُوتٌ طَوِيلٌ) وَهُوَ: مَا أَشْعَرَ بِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ، وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْأَوَّلُ قَبْلَ الثَّانِي، وَأَنْ يَتَلَفَّظَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ كَقَبْضٍ، وَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ كَشَرْطِ خِيَارٍ، وَإِشْهَادٍ وَرَهْنٍ، وَلَا مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ كَخُطْبَةٍ فَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ تَقَدُّمِ الْإِيجَابِ: بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْت صَحَّ، وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ، أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ أَكْثَرُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اسْتِحْبَابِهِ ثَمَّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبَطَلَ بِهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ هُنَا شَرْحُ م ر قَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ بِالتَّخَلُّلِ مَا لَيْسَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ الْمُقَارِنَ لِأَحَدِهِمَا فَلَوْ تَكَلَّمَ الْمُشْتَرِي بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ مُقَارِنٍ لِإِيجَابِ الْبَائِعِ، أَوْ عَكْسِهِ بَطَلَ الْعَقْدُ قَالَ ع ش: وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا الْغَائِبُ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الْكَلَامِ مِنْ الْكَاتِبِ، وَلَا مِنْ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْكِتَابِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْعِبْرَةُ فِي التَّخَلُّلِ فِي الْغَائِبِ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ عَقِبَ عِلْمِهِ، أَوْ ظَنِّهِ بِوُقُوعِ الْبَيْعِ لَهُ. اهـ وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا يَضُرُّ تَكَلُّمُهُ قَبْلَ عِلْمِ الْغَائِبِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَلَامٌ) وَأَلْحَقَ بِهِ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ، وَلَيْسَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ذِكْرُ حُدُودِ الْمَبِيعِ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ طَالَ، وَإِنْ كَانَا عَارِفَيْنِ بِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ) اعْتَمَدَ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُتِمَّ الْعَقْدَ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَسِيرًا) اُنْظُرْ وَلَوْ سَهْوًا، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إنْ أَفْهَمَ قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ وَمِنْهُ أَيْ: الْقِيَاسِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ هُنَا تَخَلُّلُ الْيَسِيرِ سَهْوًا، أَوْ جَهْلًا إنْ عُذِرَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ نَعَمْ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ قَدْ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّحْقِيقِ فَلَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ حَجّ لَا نَحْوُ قَدْ. اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَحْوُهَا أَنَا كَأَنْ يُقَالَ: وَأَنَا قَبِلْت كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فَلْيُحَرَّرْ لَكِنْ قَالَ ق ل وَعَبْدُ الْبَرِّ: يَضُرُّ أَنَا وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ فِي قَوْلِ م ر أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الدَّقَائِقِ الَّتِي تَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إعْرَاضًا) هَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُتَأَخِّرُ هُوَ الْقَابِلُ فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ: مِمَّنْ يُرِيدُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ فِيهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ) أَيْ: إذَا كَانَ بَادِئًا وَكَذَا قَوْلُهُ: وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ فَقَوْلُهُ: مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ حَالٌ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ أَيْ: صَادِرًا مِنْهُ، أَوَّلًا وَمُبْتَدِئًا بِهِ وَكَذَلِكَ يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهُ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ فِي بَابِ الْخُلْعِ مَتْنًا، وَشَرْحًا وَإِذَا بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَطَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَمُعَاوَضَةٌ؛ لِأَخْذِهِ عِوَضًا فِي مُقَابَلَةِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِشَوْبِ تَعْلِيقٍ لِتَوَقُّفِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ عَلَى الْقَبُولِ فَلَهُ رُجُوعٌ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِجِهَةِ الْمُعَاوَضَةِ إلَى أَنْ قَالَ: أَوْ بَدَأَتْ أَيْ: الزَّوْجَةُ بِطَلَبِ طَلَاقٍ كَطَلِّقْنِي بِكَذَا، أَوْ إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا فَأَجَابَهَا الزَّوْجُ فَمُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا لِمِلْكِهَا لِلْبُضْعِ بِعِوَضٍ بِشَوْبِ جَعَالَةٍ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ فَلَهَا رُجُوعٌ قَبْلَهُ أَيْ: قَبْلَ جَوَابِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجَعَالَاتِ (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلٌ لِلْجَهَالَةِ) أَيْ: جَهَالَةِ الْعِوَضِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُغْتَفَرُ فِيهِ التَّخَلُّلُ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ، وَوَجْهُ جَعْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ: الْكَلَامِ الْيَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْمَتْنِ أَنَّ إطْلَاقَ الْكَلَامِ يَشْمَلُهَا ع ش.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَسِيرِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ قَصَدَ بِهِ الْقَطْعَ وَجَزَمَ بِهِ ز ي وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ سَكَتَ يَسِيرًا فِي الْفَاتِحَةِ بِقَصْدِ الْقَطْعِ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَضُيِّقَ فِيهَا مَا لَمْ يُضَيِّقْ فِي غَيْرِهَا، وَفِي م ر خِلَافُ مَا قَالَهُ ز ي ع ش.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْأَوَّلُ) أَيْ: اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَإِنْ تَغَيَّرَ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِخَمْسِمِائَةٍ بَلْ بِأَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَأْتِ ثَانِيًا بِتَمَامِ الصِّيغَةِ فَإِنْ أَتَى بِتَمَامِهَا كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِخَمْسِمِائَةٍ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقِيلَ: صَحَّ بِالْأَلْفِ وَقَالَ شَيْخُنَا قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ الْأَوَّلُ أَيْ: لَفْظُ الْمُبْتَدِئِ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقَابِلُ فَإِنْ تَغَيَّرَ ذَاتًا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك ذَا الْعَبْدَ ثُمَّ أَضْرَبَ عَنْهُ وَقَالَ: بَلْ هَذِهِ الْأَمَةَ، أَوْ صِفَةً كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا حَالًّا بَلْ مُؤَجَّلًا، أَوْ بِعْنِي هَذَا بِكَذَا حَالًّا بَلْ مُؤَجَّلًا لَمْ يَصِحَّ،.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَنْ لَا يُغَيِّرَ شَيْئًا مِمَّا تَلَفَّظَ

ص: 170

بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ، وَبَقَاءُ الْأَهْلِيَّةِ إلَى وُجُودِ الشِّقِّ الْآخَرِ، وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ، فَلَوْ قَبِلَ غَيْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ نَعَمْ لَوْ قَبِلَ وَكِيلُهُ فِي حَيَاتِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ صِحَّتُهُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ وُقُوعِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ. قُلْتُ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَغَيْرِهِ. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا. (وَأَنْ يَتَوَافَقَا) أَيْ: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ (مَعْنًى فَلَوْ أَوْجَبَ) بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِهِ إلَى تَمَامِ الشِّقِّ الْآخَرِ. اهـ فَلَوْ أَوْجَبَ بِمُؤَجَّلٍ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ أَسْقَطَ الْأَجَلَ، أَوْ الْخِيَارَ، ثُمَّ قَبِلَ الْآخَرُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِضَعْفِ الْإِيجَابِ، وَهَذِهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ زَادَهَا الشَّارِحُ عَلَى الْمَتْنِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ تِسْعَةٌ: مِنْهَا فِي الْمَتْنِ خَمْسَةٌ، وَالْبَاقِي فِي الشَّرْحِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِ الْمَتْنِ، وَتَقَدَّمَ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَنْ يَذْكُرَ الْمُبْتَدِئُ الثَّمَنَ، وَأَنْ يَأْتِيَ بِكَافِ الْخِطَابِ، وَأَنْ يُضِيفَ الْبَيْعَ لِجُمْلَتِهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْت يَدَك لَمْ يَصِحَّ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّجَوُّزَ عَنْ الْجُمْلَةِ، وَأَنْ يَقْصِدَ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ كَمَا قَالَهُ م ر، فَتَكُونُ شُرُوطُ الصِّيغَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ. (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ مَنْ بِقُرْبِهِ) فَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ بِقُرْبِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ سَمِعَهُ صَاحِبُهُ لِحِدَةِ سَمْعِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ كَلَا لَفْظٍ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ. اهـ. ع ش اط ف.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ صَاحِبُهُ) بِأَنْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ إلَيْهِ فَقَبِلَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ز ي، أَوْ قَبِلَ اتِّفَاقًا، أَوْ بَلَّغَهُ غَيْرُهُ فَقَبِلَ فَوْرًا وَإِنْ كَانَ أَصَمَّ سم.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ إلَخْ) فِي هَذَا التَّعْبِيرِ قُصُورٌ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَنْ يُتِمَّ الْمُخَاطَبُ لَا وَكِيلُهُ، أَوْ مُوَكِّلُهُ، أَوْ وَارِثُهُ. اهـ قَالَ ع ش عَلَيْهِ: قَوْلَهُ وَأَنْ يُتِمَّ الْمُخَاطَبُ إلَخْ هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: وَأَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ لِشُمُولِ هَذَا لِمَا لَوْ سَبَقَ الِاسْتِيجَابُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْقَبُولِ كَبِعْنِي. (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَبُولِهِ) ظَرْفٌ لِلْمَوْتِ، وَهُوَ قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْغَيْرِ بَعْدَ قَبُولِ الْمُخَاطَبِ لَا تُتَوَهَّمُ صِحَّتُهُ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَجِبُ إسْقَاطُهُ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَبِلَ وَكِيلُهُ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَعْنِي قَوْلَهُ: فَلَوْ قَبِلَ غَيْرُهُ فِي حَيَاتِهِ.

وَقَوْلُهُ: فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَبِلَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَحْثَ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَبِلَ الْوَكِيلُ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَأَمَّا إذَا قَبِلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَصِحُّ لِانْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ. (قَوْلُهُ: وَكِيلُهُ) أَيْ: الْمُطْلَقُ، أَوْ فِي خُصُوصِ الْقَبُولِ كَمَا قَالَهُ ح ل. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ خَاطَبَ الْمَالِكَ فَقَبِلَ وَكِيلُهُ فِي الْقَبُولِ، وَأَمَّا إذَا خَاطَبَ الْوَكِيلَ بِأَنْ وَكَّلَهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَصِحَّتُهُ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ صِحَّتُهُ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ إلَخْ) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُوَكِّلُ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَبِلَ فَيَكُونُ الْجَوَابُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ بِالْقُوَّةِ، وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ الضَّعِيفِ مِنْ وُقُوعِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَا يَكُونُ الْمُوَكِّلُ كَأَنَّهُ الَّذِي قَبِلَ حَتَّى يَكُونَ الْجَوَابُ مِمَّنْ صَدَرَ مَعَهُ الْخِطَابُ بِالْقُوَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ فِيهِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْكِتَابَةَ وَالْإِشَارَةَ، وَيُوهِمُ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَجْنَبِيَّ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ، وَأَنَّ الْكَلَامَ الْمُقَارِنَ لِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ لَفْظَيْهِمَا) لِقُصُورِهِ إذْ لَا يَشْمَلُ الْكِتَابَةَ، وَالْإِشَارَةَ وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَى مُقْتَضَى اصْطِلَاحِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ: أَعَمَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: أَعَمَّ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْبِيرَ الْأَصْلِ بِمَا ذُكِرَ مُوهِمٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ السُّكُوتَ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ اللَّفْظِ قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ بِالْبَيْنِيَّةِ بِخِلَافِ التَّخَلُّلِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِذَلِكَ.

وَعِبَارَةُ ع ش وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ الطُّولِ بَيْنَ الْكِتَابَتَيْنِ، أَوْ نَحْوِهِمَا، وَبِقَوْلِنَا: يُوهِمُ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَانَ الْأَنْسَبُ بِطَرِيقَتِهِ أَنْ يَقُولَ: أَعَمَّ. وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يُعَبِّرُ فِيهِ بِالْأَعَمِّ أَنْ يَكُونَ لِإِدْخَالِ مَا سَكَتَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي عِبَارَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَوَافَقَا مَعْنًى) سَوَاءٌ تَوَافَقَا لَفْظًا أَمْ لَا كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك بِقِرْشٍ فَقَالَ: قَبِلْت بِثَلَاثِينَ نِصْفِ فِضَّةً.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَأَنْ يَتَوَافَقَا مَعْنًى بِأَنْ يَتَّفِقَا فِي الْجِنْسِ، وَالنَّوْعِ، وَالصِّفَةِ، وَالْعَدَدِ، وَالْحُلُولِ، وَالْأَجَلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا صَرِيحًا وَكِنَايَةً. اهـ. قَالَ ع ش عَلَيْهِ: قَوْلُهُ: مَعْنًى أَيْ: لَا لَفْظًا حَتَّى لَوْ قَالَ: وَهَبْتَكَهُ بِكَذَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت، أَوْ عَكَسَ صَحَّ مَعَ اخْتِلَافِ صِيغَتِهِمَا لَفْظًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْجَبَ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ

وَقَوْلُهُ: أَوْ قَبِلَ نِصْفَهُ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ وَجْهُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ قَبِلَ مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبِلَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَتَفْرِيعٌ عَلَى مَنْطُوقِ الشَّرْطِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ، وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا لَمْ تُسَاوِ قِيمَةُ الصِّحَاحِ قِيمَةَ الْمُكَسَّرَةِ، أَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَذَا قِيلَ لَكِنْ فِي الْبِرْمَاوِيِّ وح ل وَإِنْ تَسَاوَتْ

ص: 171

فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ) ، أَوْ عَكْسَهُ. الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى، أَوْ قَبِلَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ (لَمْ يَصِحَّ) ، وَلَوْ قَبِلَ نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا مُخَالَفَةَ بِذِكْرِ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ، وَنَظَرَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ عَدَّدَ الصَّفْقَةَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْبُطْلَانُ فِيمَا لَوْ قَبِلَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابَيْ الْوَكَالَةِ وَالْخُلْعِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَاسْتَغْرَبَا مَا نَقَلَاهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ الصِّحَّةِ. (وَعَدَمُ تَعْلِيقٍ) لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ كَمَا مَرَّ. (وَ) عَدَمُ (تَأْقِيتٍ) وَهُمَا مِنْ زِيَادَتِي. فَلَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ أَبِي فَقَدْ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا، أَوْ بِعْتُكَهُ بِكَذَا شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْعَاقِدِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

قِيمَتُهُمَا وَاعْتَمَدَ كَلَامَهُمَا شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ فَقَبِلَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) بِالنَّصْبِ أَيْ: أَوْ كَانَ عَكْسَهُ، أَوْ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ، أَوْ حَصَلَ عَكْسُهُ، وَالْجُمْلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى أَوْجَبَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَتَى بِغَرَضِ الْبَائِعِ وَزَادَ خَيْرًا لِكَوْنِ الصَّحِيحَةِ يُرْغَبُ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُكَسَّرَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ غَرَضِهِ وَهُوَ صُورَةُ الْعَكْسِ لَمْ يَصِحَّ بِالْأَوْلَى شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ) أَيْ: لِقَبُولِهِ مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ كَمَا قَالَهُ ع ش. قَالَ ح ل: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَسَاوَيَا قِيمَةً وَرَوَاجًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: وَنِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ) أَشْعَرَ التَّفْصِيلُ بِالْوَاوِ أَنَّهُ يَضُرُّ لَوْ كَانَ بِالْفَاءِ، أَوْ ثُمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ فَالْعَطْفُ بِالْوَاوِ قَيْدٌ لِلصِّحَّةِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ: بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: بِعْتُك نِصْفَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَقَالَ: قَبِلْت بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عُهِدَ التَّفْصِيلَ بَعْدَ الْإِجْمَالِ لَا الْإِجْمَالَ بَعْدَ التَّفْصِيلِ ز ي. (قَوْلُهُ: بِذِكْرِ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ مُطْلَقٌ، وَهُوَ ذِكْرُ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ التَّفْصِيلُ، وَتَنْصِيفُهُ نِصْفَيْنِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُوجِبِ، وَالْقَابِلِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ عَدَّدَ الصَّفْقَةَ) قَدْ يُقَالُ: مَحَلُّ تَعَدُّدِهَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي جَوَابِ كَلَامٍ سَابِقٍ مُجْمَلٍ أَيْ: فَجَازَ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا: بِعَدَمِ الضَّرَرِ وَلَوْ قُلْنَا: إنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَقْصِدُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ ح ل عَلَى أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ كَشَيْخِهِ الْقَفَّالِ لَا يَرَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ) أَيْ: مِنْ تَوْجِيهِ الْإِشْكَالِ، وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مُسَلَّمًا. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ الصِّحَّةُ) أَيْ: إذَا قَصَدَ تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَهُ الْبَائِعُ، أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ التَّعَدُّدَ لِلْعَقْدِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ ز ي وم ر، وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الْبُطْلَانُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ. (قَوْلُهُ: وَاسْتَغْرَبَا مَا نَقَلَاهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ مِنْ الصِّحَّةِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْت بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ الْبَيْعُ، وَهُوَ غَرِيبٌ انْتَهَى. وَعَلَيْهَا أَيْ: الصِّحَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَلْفُ وَحِينَئِذٍ قَدْ يُقَالُ: لَا اسْتِغْرَابَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذِهِ الصُّورَةِ وَصُورَةِ الْمَتْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْجَبَ بِأَلْفٍ مُكَسَّرَةٍ فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ لَمْ يَصِحَّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي تِلْكَ زِيَادَةُ صِفَةٍ غَيْرِ مُتَمَيِّزَةٍ فَبَطَلَ الْعَقْدُ فِيهَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي هَذِهِ فَإِنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَمْ يَفْسُدْ بِسَبَبِهَا الْعَقْدُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا أُلْغِيَتْ وَلَمْ تَلْتَزِمْ انْتَهَى ح ل.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ) كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ، أَوْ بِعْتُك إنْ شِئْت. اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ مَعَ إنْ شِئْت بِأَنْ قَالَ: بِعْتُك إنْ شِئْت بِخِلَافِ إنْ شِئْت بِعْتُك فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ تَمَامُ الصِّيغَةِ لَا أَصْلُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكِي فَقَدْ بِعْتُكَهُ أَنَّ الشَّرْطَ فِي هَذِهِ أَيْ: قَوْلِهِ: إنْ كَانَ مِلْكِي أَثْبَتَهُ اللَّهُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ كَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ إذْ لَا يَقَعُ عَقْدُ الْبَيْعِ لَهُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ بِعْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَأْقِيتٍ) وَلَوْ بِنَحْوِ حَيَاتِك، أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّكَاحِ عَلَى مَا فِيهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ لِانْتِقَالِهِ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ حَجّ ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَعَدَمُ تَعْلِيقٍ

. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ) لَمْ يَقُلْ أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ كَمَا قَالَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: خَمْسَةُ شُرُوطٍ، وَعَدَّهَا بِقَوْلِهِ: الْأَوَّلُ، وَبِقَوْلِهِ الثَّانِي إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ لَيْسَتْ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَوَّلَيْنِ

ص: 172

بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا (إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ، وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، وَتَعْبِيرِي بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرُّشْدِ. وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ. (وَعَدَمُ إكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْهَا عَامَّانِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْأَخِيرَيْنِ خَاصَّانِ بِالْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فِي قَوْلِهِ: وَإِسْلَامُ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ إلَخْ، وَلَمْ يَقُلْ وَإِسْلَامُهُ أَيْ: الْعَاقِدِ. وَالْمُرَادُ بِالْمُشْتَرِي مَنْ وَقَعَ لَهُ الشِّرَاءُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِسْلَامُ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ إلَخْ، وَخَرَجَ بِالْعَاقِدِ الْمُتَوَسِّطُ كَالدَّلَّالِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فِيهِمَا بَلْ الشَّرْطُ فِيهِ التَّمْيِيزُ فَقَطْ ع ش. (قَوْلُهُ: بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَدَمَ الْحَجْرِ مُعْتَبَرٌ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ.

وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَشَرْطُ الْعَاقِدِ الْبَائِعِ، أَوْ غَيْرِهِ. اهـ.

لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفَ الْأَلِفَ مِنْ، أَوْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَاقِدَ فِي بَيَانِ الْأَرْكَانِ شَامِلًا لِلْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّا نَقُولُ: نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فِي اللَّفْظِ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اثْنَانِ، وَأَرَادَ بِالْعَاقِدِ هُنَا مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَحْصِيلِ التَّمْلِيكِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي ع ش. (قَوْلُهُ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ) وَلَوْ احْتِمَالًا فِيمَنْ لَمْ يُعْلَمْ تَصَرُّفُ غَيْرِهِ عَنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ الْأَحْرَارِ، أَمَّا مَنْ عُلِمَ رِقُّهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ، وَالْإِذْنِ لَهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَالْمُرَادُ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ فِي التَّصَرُّفِ فَيَدْخُلُ الْوَلِيُّ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ، وَكَوْنُهُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ: وَقَوْلُهُ: مَنْ أَذِنَ لَهُ الشَّارِعُ إلَخْ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ كَمَا أَوْرَدَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ صِحَّتُهُ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا وَشَرَطَ أَيْضًا إبْصَارَ الْعِوَضِ، وَهُوَ شَرْطٌ خَامِسٌ مُعْتَبَرٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَسَيُشِيرُ إلَيْهِ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةٌ تَلِيقُ ع ش مَعَ زِيَادَةٍ،.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ أَيْ: صِحَّةُ تَصَرُّفٍ، وَلَوْ بِالْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: بِسَفَهٍ) مُطْلَقًا، أَوْ فَلَسٍ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ شَرْحُ م ر، أَمَّا شِرَاؤُهُ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ فَيَصِحُّ. (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرِي بِإِطْلَاقِ تَصَرُّفٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى مَفْهُومِهِ السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ، وَهُوَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ، وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَّرَ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَلَيْسَ بِرَشِيدٍ، وَأَوْرَدَ عَلَى مَفْهُومِ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ الْمُكَاتَبَ، وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْوَكِيلَ فَإِنَّ كُلًّا غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ، وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ ح ل. وَأَجَابَ الْمَحَلِّيُّ وم ر عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّشْدِ عَدَمُ الْحَجْرِ، وَأَجَابَ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ صِحَّتُهُ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَبْدِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِ التَّصَرُّفِ صِحَّتَهُ كَانَ هَذَا دَاخِلًا فَلَا يَرِدْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى مَفْهُومِ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ أَيْضًا ح ل، وَالْمُرَادُ بِالْبَيْعِ الشِّرَاءُ، وَمِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ فَقَوْلُهُ: بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُك بِجَامِعِ إزَالَةِ الرِّقِّ فِيهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَوْ سَفِيهًا وَهُوَ مُتَّجَهٌ بَلْ لَا يَظْهَرُ الْإِيرَادُ إلَّا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ وَهُوَ رَشِيدٌ لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُ السَّيِّدِ: بِعْتُك نَفْسَك يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ فِي الْقَبُولِ لَكِنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الرُّشْدِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ بِعِوَضٍ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْعِوَضِ إلَّا إذَا كَانَ رَشِيدًا ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَهُ) أَيْ: الْبَيْعِ أَيْ: الْمَقْصُودِ مِنْهُ الْعِتْقُ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ، وَقَدْ يُوهِمُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ بَيْعٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَكِنْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ الْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ هُوَ بَيْعٌ لَفْظًا حَصَلَ بِهِ الْعِتْقُ فَقَوْلُهُ: بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَعْتَقْتُك بِكَذَا وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ كَشَرْحِ م ر وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ سَفِيهًا لَكِنَّ كَوْنَهُ عَقْدَ عَتَاقَةٍ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الرُّشْدِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ثُمَّ رَأَيْت حَجّ صَرَّحَ بِهِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ ع ش وَفِيهِ عَلَى م ر قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْعِتْقُ هَذَا إذَا اشْتَرَى نَفْسَهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ آخَرُ: اشْتَرِ نَفْسَك عَنِّي مِنْ سَيِّدِك بِكَذَا فَاشْتَرَى كَذَلِكَ كَانَ بَيْعًا حَقِيقَةً، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْعَبْدِ مَحْجُورًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ السَّيِّدِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ إذْنِهِ لَهُ كَمَا لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إكْرَاهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ: فِي مَالِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَيِّدَ

ص: 173

فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ لِعَدَمِ رِضَاهُ قَالَ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] ، وَيَصِحُّ بِحَقٍّ كَأَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنٍ، أَوْ شِرَاءِ مَالٍ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَاعَ مَالً غَيْرِهِ بِإِكْرَاهِهِ لَهُ عَلَيْهِ صَحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِذْنِ. (وَإِسْلَامُ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ) وَلَوْ بِوَكَالَةٍ (مُصْحَفٌ، أَوْ نَحْوُهُ) كَكُتُبِ حَدِيثٍ، أَوْ كُتُبِ عِلْمٍ فِيهَا آثَارُ السَّلَفِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمَتْنَ بِهِ لِيَصِحَّ التَّفْرِيعُ بِقَوْلِهِ: فَلَا يَصِحُّ إلَخْ وَإِلَّا فَإِطْلَاقُهُ فِي الْمَتْنِ، وَتَفْرِيعُهُ فِي الشَّرْحِ صُورَةُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: فِي مَالِهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِغَيْرِ حَقٍّ لَهُ فَرْدَانِ: أَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَالِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ، وَالثَّانِي صَحِيحٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ) أَيْ: إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ صَحَّ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ ز ي ع ش، وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ مُكْرَهٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ: وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ الْبَيْعِ وَإِلَّا صَحَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ فَقَصَدَ إيقَاعَهُ صَحَّ الْقَصْدُ سم عَلَى حَجّ. فَالصَّرِيحُ فِي حَقِّ الْمُكْرَهِ كِنَايَةٌ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ تَقْيِيدَ الشَّارِحِ بِمَالِهِ، وَإِخْرَاجَهُ بِمُحْتَرَزِ مَالِ غَيْرِهِ الْآتِي لَا قَرِينَةَ فِي الْمَتْنِ تَدُلُّ عَلَيْهِ بَلْ عُمُومُهُ يَشْمَلُ الْبُطْلَانَ فِي الْمُحْتَرَزِ الْآتِي، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَالِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَرَابِعُهَا وِلَايَةٌ، وَبِالْإِكْرَاهِ تَنْتَفِي الْوِلَايَةُ، وَبِأَنَّ الْمُحْتَرَزَ الْآتِيَ مُسْتَثْنًى مِنْ الشَّرْطِ فَلْيُتَأَمَّلْ اط ف. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ رِضَاهُ) أَيْ: وَالرِّضَا شَرْطٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ تَكُونَ} [البقرة: 282] إلَخْ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ) أَيْ: عَقْدُ الْمُكْرَهِ بِحَقٍّ، وَمِنْ الْإِكْرَاهِ بِحَقٍّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ طَعَامٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ، فَيُكْرِهُهُ الْحَاكِمُ عَلَى بَيْعِ الزَّائِدِ عَلَى كِفَايَتِهِ سَنَةً قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا خَاصٌّ بِالطَّعَامِ فَلْيُرَاجَعْ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأَكْرَهَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ) أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَوْ بَاعَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ بِإِكْرَاهِ غَيْرِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِهُ مُسْتَحِقَّ الدَّيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ فَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ بِإِكْرَاهِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ قُدْرَةٌ كَمَنْ لَهُ شَوْكَةٌ مِثْلَ: شَادِّ الْبَلَدِ، وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، أَوْ بِتَعَاطِيهِ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ هَذَا، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَيَحْصُلُ حَقُّهُ بِهِ وَأَنْ يَتَمَلَّكَهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ ظَافِرٌ وَمِنْهُ مَا يَقَعُ فِي مِصْرِنَا مِنْ أَنَّ بَعْضَ الْمُلْتَزِمِينَ فِي الْبَلَدِ يَأْخُذُ غِلَالَ الْفَلَّاحِينَ؛ لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدَاءِ الْمَالِ أَيْ: الْوَاجِبِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: وَبَاعَ مَالَ غَيْرِهِ) الْبَيْعُ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ: الشِّرَاءُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ بِمَالِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ ع ش، وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِي مَالِهِ، وَمِثْلُهُ: وَكِيلٌ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ، وَعَبْدٌ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِسْلَامُ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ مُصْحَفٌ) أَيْ: وَحِلُّ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ صَيْدٌ مَأْكُولٌ بَرِّيٌّ وَحْشِيٌّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَكَالَةٍ) فَلَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ مَا ذُكِرَ لِمُسْلِمٍ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالسِّفَارَةِ أَيْ: وَقَدْ نَوَى الْمُوَكِّلُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَيُفَارِقُ مَنْعَ إنَابَةِ الْمُسْلِمِ كَافِرًا فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ بِاخْتِصَاصِ النِّكَاحِ بِالتَّعَبُّدِ لِحُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ، وَبِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُتَصَوَّرُ نِكَاحُهُ لِمُسْلِمَةٍ بِخِلَافِ مِلْكِهِ لِمُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ: أَمَّا شِرَاءُ الْكَافِرِ بِوَكَالَتِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ فَيَصِحُّ إنْ صَرَّحَ بِالْمُوَكِّلِ، أَوْ نَوَاهُ لَكِنْ لَا يَقْبِضُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَقْبِضُهُ الْمُوَكِّلُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مُسْلِمًا فِي قَبْضِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ، أَوْ يُقِيمَ الْقَاضِي مَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: مُصْحَفٌ) أَيْ: مَا فِيهِ قُرْآنٌ، وَلَوْ حَرْفًا إنْ قَصَدَ أَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ ح ل وَلَوْ فِي ضِمْنِ عِلْمٍ كَالنَّحْوِ، أَوْ فِي ضِمْنِ تَمِيمَةٍ لَا فِي الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَسُقُوفِ الْبُيُوتِ قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقُرْآنِيَّةَ، وَمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ لَا يَحْرُمُ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ الْقُرْآنِيَّةَ بِخِلَافِ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدٍ ح ل، وَخَرَجَ بِالْمُصْحَفِ جِلْدُهُ الْمُنْفَصِلُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَرُمَ لِلْمُحْدِثِ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْكَافِرِ، وَلَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ، وَكَافِرٌ مُصْحَفًا فَالْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهُ لِلْمُسْلِمِ فِي نِصْفِهِ م ر سم عَلَى حَجّ وع ش عَلَى م ر. وَهَذِهِ الصُّورَةُ يُشِيرُ لَهَا قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: وَشِرَاءُ الْبَعْضِ مِنْ ذَلِكَ كَشِرَاءِ الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: كَكُتُبِ حَدِيثٍ) وَلَوْ ضَعِيفَةً ع ش.

(قَوْلُهُ: آثَارُ السَّلَفِ) هِيَ: الْحِكَايَاتُ، وَالْأَخْبَارُ عَنْ الصَّالِحِينَ فَإِنْ خَلَتْ عَنْهَا جَازَ أَيْ: صَحَّ الْبَيْعُ، وَلَوْ كُتُبَ الْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ الَّتِي هِيَ الْفِقْهُ، وَمِثْلُ آثَارِ السَّلَفِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ الْمَلَائِكَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مَشْهُورٍ

ص: 174

(أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدٌّ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) لِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُصْحَفِ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْإِهَانَةِ، وَلِلْمُسْلِمِ مِنْ الْإِذْلَالِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] ، وَلِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ فَيَصِحُّ لِانْتِفَاءِ إذْلَالِهِ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ. وَقَوْلِي: أَوْ نَحْوُهُ مَعَ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ مِنْ زِيَادَتِي. وَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوع بِمَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ. (وَعَدَمُ حِرَابَةٌ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ عِدَّةُ حَرْبٍ) كَسَيْفٍ، وَرُمْحٍ، وَنُشَّابٍ، وَتُرْسٍ، وَدِرْعٍ، وَخَيْلٍ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِحَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ أَيْ: فِي دَارِنَا فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا، وَبِخِلَافِ غَيْرِ عِدَّةِ الْحَرْبِيِّ وَلَوْ مِمَّا يَتَأَتَّى مِنْهُ كَالْحَدِيدِ إذْ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ، وَتَعْبِيرِي بِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ مِنْ أَهْلِ الِاطِّلَاعِ، وَالْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ لَا يُعَظِّمُونَهُمْ بِخِلَافِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَهُودِ قَالَهُ ح ل. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّوْبَرِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ كُتُبِ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَقَاعَدُ أَيْ: لَا تَنْقُصُ عَنْ آثَارِ السَّلَفِ إذْ هُوَ أَثَرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِ آلَةِ الْفِقْهِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْآثَارِ، وَعَنْ الْقُرْآنِ يَصِحُّ بَيْعُهَا شَيْخُنَا. وَقَوْلُ ح ل: بِخِلَافِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ انْتَهَى. فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّ دُخُولَ الْأَسْمَاءِ الْمُعَظَّمَةِ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ إهَانَةٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ مُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدٌّ) أَيْ: وَلَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْمُتَنَقِّلِ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَا فِي ح ل؛ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ بَقَاءُ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ذَلِكَ لِكَافِرٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا اسْتَفْتَاهُ ذِمِّيٌّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ فِي السُّؤَالِ، أَوْ الْجَوَابِ لَفْظَ الْجَلَالَةِ فَتَنَبَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْخَطَأُ كَثِيرًا ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ تَعَالَى:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] . (قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْلِمِ مِنْ الْإِذْلَالِ) عَبَّرَ بِالْإِذْلَالِ فِي جَانِبِ الْمُسْلِمِ، وَبِالْإِهَانَةِ فِي جَانِبِ الْمُصْحَفِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِيقَةِ الْإِذْلَالِ أَنْ يَكُونَ لِلذَّلِيلِ شُعُورٌ يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ: وَفِي تَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْهُ إزَالَةٌ لَهَا شَرْحُ حَجّ، وَفَسَّرُوا الْعَلَقَةَ بِالْمُطَالَبَةِ بِالْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ إزَالَتِهَا بِتَمْكِينِ الْكَافِرِ مِنْهُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْكَافِرِ شَيْخُنَا.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا تَضْعُفُ حِينَئِذٍ، أَوْ تُعْدَمُ لِتَقَوِّيهِ بِالْكَافِرِ مَعَ بُعْدِهِ عَنَّا وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ الْمُرَادُ بِعَلَقَةِ الْإِسْلَامِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا مَضَى فِي حَالِ الرِّدَّةِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي إيضَاحِ هَذِهِ الْعِلَّةِ: إذَا كَانَ يُطَالَبُ بِالْإِسْلَامِ فَرُبَّمَا يُسْلِمُ إذَا طُولِبَ بِهِ فَيَبْقَى مُسْلِمًا تَحْتَ يَدِ الْكَافِرِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَأَبِيهِ، أَوْ ابْنِهِ) وَمِثْلُهُ: مَنْ أَقَرَّ، أَوْ شَهِدَ بِحُرِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِمَسْأَلَةِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ: فَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ لَا عَلَى النَّوَوِيِّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ حِرَابَةٌ) خَرَجَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ قَالَ السُّبْكِيُّ يَصِحُّ بَيْعُ عِدَّةِ الْحَرْبِ لَهُمْ، وَلَكِنْ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَهَا لِذَلِكَ حَرُمَ مَعَ الصِّحَّةِ سم.

(قَوْلُهُ: عِدَّةُ حَرْبِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَدِرْعٍ) دِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تُذَكَّرُ، وَتُؤَنَّثُ، وَدِرْعُ الْمَرْأَةِ قَمِيصُهَا، وَهُوَ مُذَكَّرٌ مُخْتَارٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَخَيْلٍ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ لِلرُّكُوبِ حَالًا، وَكَذَا مَا يُلْبَسُ لَهَا كَسَرْجٍ، وَلِجَامٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْخَيْلِ السُّفُنُ إذَا كَانُوا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ، وَخَرَجَ بِهِ نَحْوُ سِكِّينٍ صَغِيرٍ، وَمِقْشَطٍ، وَعَبْدٍ شُجَاعٍ، وَلَوْ كَبِيرًا إلَّا إنْ عُلِمَ مُقَاتَلَتُنَا بِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ) أَيْ: الْمَذْكُورِ لِحَرْبِيٍّ وَلَوْ كَانَ مُؤْمِنًا لِتَأَصُّلِ الْحِرَابَةِ فِيهِ فَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ فِي قَبْضَتِنَا. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى قِتَالِنَا) فَالْمَنْعُ مِنْهُ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِذَاتِهِ وَهُوَ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى قِتَالِنَا أَيْ: ظَنُّهَا فَأَلْحَقَ بِالذَّاتِيِّ فِي اقْتِضَاءِ الْمَنْعِ فِيهِ أَيْ: سَبَبُهُ الْفَسَادِ حَجّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) وَبِخِلَافِ الْبَاغِي، وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لِسُهُولَةِ تَدَارُكِ أَمْرِهِمَا شَرْحُ م ر وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ حِرَابَةٍ، أَوْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِحَرْبِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي دَارِنَا) أَيْ: فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتِنَا، وَلَيْسَتْ الْحِرَابَةُ مُتَأَصِّلَةً فِيهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَدُسُّهُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: بِحُرْمَةِ الشِّرَاءِ مَعَ الصِّحَّةِ، وَخَرَجَ بِدَارِنَا مَا لَوْ ذَهَبَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ مَعَ بَقَاءِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَدَفْعِ الْجِزْيَةِ فَلَا يَصِحُّ إذْ لَيْسَ فِي قَبْضَتِنَا، وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ فِي قَبْضَتِنَا مَا دَامَ مُلْتَزِمًا لِعَهْدِنَا، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَيِّدْ الْجَلَالُ بِدَارِنَا ح ل وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِي دَارِنَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَيَّنُ جَعْلُهُ عِدَّةَ حَرْبٍ) فَإِنْ ظُنَّ جَعْلُهُ سِلَاحًا حَرُمَ، وَصَحَّ بَيْعُهُ لِبَاغٍ، وَقَاطِعِ طَرِيقٍ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ مَعْصُومٌ بِجَعْلِهِمْ لَهُ عِدَّةَ حَرْبٍ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ لَهُمْ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ نَامَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ، وَأَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِعَدَمِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ بِالنَّقْضِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ النَّوْمَ نَفْسَهُ نَاقِضًا إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْيَقِينِ

ص: 175

أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسِّلَاحِ. وَشِرَاءُ الْبَعْضِ مِنْ ذَلِكَ كَشِرَاءِ الْكُلِّ. وَسَائِرُ التَّمَلُّكَاتِ كَالشِّرَاءِ، وَيَصِحُّ بِكَرَاهَةٍ اكْتِرَاءُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ لَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ مَنَافِعِهِ، وَبِلَا كَرَاهَةٍ ارْتِهَانُهُ، وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ الْمُصْحَفِ، وَشِرَاؤُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) مُثَمَّنًا، أَوْ ثَمَنًا خَمْسَةُ أُمُورٍ:

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالسِّلَاحِ) أَجَابَ عَنْهُ م ر بِقَوْلِهِ: وَهُوَ هُنَا كُلُّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ، وَلَوْ دِرْعًا، وَتِرْسًا بِخِلَافِهِ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ لِاخْتِلَافِ مَلْحَظِهِمَا. اهـ أَيْ: فَالْمُرَادُ بِهِ فِيهَا مَا يَدْفَعُ لَا مَا يَنْفَعُ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاءُ الْبَعْضِ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْمُصْحَفِ، وَمَا بَعْدَهُ، وَالْمُرَادُ الْبَعْضُ الشَّائِعُ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: عَلَى عَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ عَمَلُهُ كَالْأَعْمَالِ الْمُمْتَهَنَةِ، وَهُوَ شَرِيفٌ فِي قَوْمِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خِدْمَةُ مَسْجِدٍ، أَوْ عَالِمٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُسَلِّمُهُ لَهُ الْحَاكِمُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِمُنَاسَبَتِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ لِذِمِّيٍّ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ يَعْمَلُهُ بِنَفْسِهِ مَا لَوْ اكْتَرَاهُ عَلَى عَمَلٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعَمَلِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مَالِكًا لِمَنَافِعِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ إجَارَةِ الْعَيْنِ كَمَا قَالَهُ ح ل، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ مُكِّنَ مِنْ الْعَمَلِ، وَلَا يُمْتَنَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا اكْتِرَاءُ الْمُصْحَفِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مُصْحَفًا مَوْصُوفًا ثُمَّ عَيَّنَ، وَالْكَرَاهَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَالذِّمِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وس ل.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْ مَنَافِعِهِ) بِأَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُسْلِمٍ كَمَا قَالَهُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَمَفْهُومُهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ أَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ لِكَافِرٍ، ثُمَّ يَأْمُرُ ذَلِكَ الْكَافِرَ بِإِيجَارِهِ، وَهَكَذَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَعَلَّهُ حَيْثُ فُهِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ التَّلَاعُبُ بِالْمُسْلِمِ، وَإِبْقَاؤُهُ فِي سَلْطَنَةِ الْكُفَّارِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ إيجَارِهِ إلَى كَافِرٍ، وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ إلَى كَافِرٍ آخَرَ إنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ إلَى إيجَارِهِ لِمُسْلِمٍ، وَلَا يُمْكِنُ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ فِي الْعَارِيَّةُ وَحِفْظِهِ فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مُسْلِمًا فِي حِفْظِهِ، وَأَنْ يَدْفَعَهُ لِمُسْلِمٍ يَخْدُمُهُ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَبِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ: لَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ الْمُرْتَهِنِ، وَلَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ الرَّاهِنِ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ م ر وَشَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ بَيْعُ الْمُصْحَفِ) أَيْ: مَا يُسَمَّى عُرْفًا وَإِنْ كُتِبَ عَلَى هَيْئَةِ التَّمِيمَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَوْعَ امْتِهَانٍ حَيْثُ جَعَلَ الْمُصْحَفَ كَالسِّلَعِ الَّتِي تُعْرَضُ لِلْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ. انْتَهَى. ح ل وَقَالَ ع ش: الْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ هُنَا خَالِصُ الْقُرْآنِ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ: وَإِسْلَامُ مَنْ يُشْتَرَى لَهُ مُصْحَفٌ عَلَى مَا سَبَقَ عَنْ م ر فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَمِلُ عَلَى تَفْسِيرٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ التَّفْسِيرُ أَقَلَّ مِنْ الْقُرْآنِ، أَوْ أَكْثَرَ، وَكُتُبُ الْعِلْمِ، وَالْحَدِيثِ وَلَوْ قُدْسِيًّا فَلَا يُكْرَهُ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ: وَشِرَاؤُهُ) قِيلَ: وَثَمَنُهُ مُقَابِلٌ لِدَفَّتَيْهِ وَقِيلَ: بَدَلُ أُجْرَةِ نَسْخِهِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْبَيْعُ دُونَ الشِّرَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْإِعْرَاضِ، وَإِزَالَةِ الْمِلْكِ، وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ الرَّغْبَةِ، وَالتَّحْصِيلِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْقَصْدِينَ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكُرِهَ بَيْعُ الْمُصْحَفِ بِلَا حَاجَةٍ لَا شِرَاؤُهُ.

. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ قَبْلَ الصِّيغَةِ فَلَا تَكْفِي مُقَارَنَتُهَا، وَلَا بَعْضِهَا لِشَيْءٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِشَخْصٍ: بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا فَرَآهُ الْمُخَاطَبُ بِالْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَقَالَ: قَبِلْت لَمْ يَنْعَقِدْ وَهُوَ بَعِيدٌ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي ع ش عَلَى م ر فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ وَهُوَ الْعِلْمُ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَعُلِمَ بِهِ هَلْ يَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي بِهِ حَالَ الْقَبُولِ فَقَطْ دُونَ حَالَ الْإِيجَابِ، وَالْوَجْهُ لَا سم وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي التَّوْلِيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِجَاهِلٍ بِالثَّمَنِ: وَلَّيْتُك انْعَقَدَ وَعَلِمَ الْمَوْلَى بِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ صَحَّ فَإِنَّ قِيَاسَهُ هُنَا الصِّحَّةُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَمَّا سَبَقَ تَعَلُّقُ الْعِلْمِ بِهَا كَانَتْ كَالْمَعْلُومِ بِخِلَافِهِ هُنَا. (قَوْلُهُ: مُثَمَّنًا أَوْ ثَمَنًا) وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ كَوْنُ الثَّمَنِ مَنْفَعَةً، أَوْ لَا؟ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ مَا نَصُّهُ فَصْلٌ: كُلُّ عَمَلٍ يُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، وَخِيَاطَةٍ، وَخِدْمَةٍ، وَبِنَاءٍ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ ثَمَنًا. (قَوْلُهُ: خَمْسَةُ أُمُورٍ) أَيْ: فَقَطْ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ، وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ فَسَيَأْتِي لَهُ شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الْخَمْسَةَ تَرْجِعُ إلَى شَرْطَيْنِ فَقَطْ، وَهُمَا كَوْنُهُ مَمْلُوكًا مُنْتَفَعًا بِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَالْعِلْمَ بِهِ، وَكَوْنَ الْمِلْكِ لِمَنْ لَهُ الْعَقْدُ شُرُوطٌ فِي الْعَاقِدِ، وَشَرْطُ الطَّهَارَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِالْمِلْكِ؛ لِأَنَّ النَّجَسَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَأُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ اعْتِبَارِيَّةٌ تَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً لِلْعَاقِدِ، وَتَارَةً تُعْتَبَرُ مُضَافَةً لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ز ي، وَإِنَّمَا تُعْرَضُ لِعَدِّهَا هُنَا دُونَ مَا سَبَقَ لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِالتَّفْرِيعِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ فَرُبَّمَا يَنْسَى ارْتِبَاطَ الْمُتَأَخِّرِ بِسَابِقِهِ.

ص: 176

أَحَدُهَا: (طُهْرٌ) لَهُ (أَوْ إمْكَانٌ) لِطُهْرِهِ (بِغَسْلٍ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَجِسٍ) كَكَلْبٍ، وَخَمْرٍ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَمْكَنَ طُهْرُهُ بِالِاسْتِحَالَةِ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَقَالَ: إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْمَعْنَى فِي الْمَذْكُورَاتِ نَجَاسَةُ عَيْنِهَا فَأُلْحِقَ بِهَا بَاقِي نَجِسِ الْعَيْنِ، وَتَعْبِيرِي بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَبِيعِ، وَقَوْلِي بِغَسْلٍ مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَا) بَيْعُ (مُتَنَجِّسٍ لَا يُمْكِنُ طُهْرُهُ وَلَوْ دُهْنًا) تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَجِسِ الْعَيْنِ، وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ طُهْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِالْمُكَاثَرَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْخَمْرِ يُمْكِنُ طُهْرُهُ بِالتَّخَلُّلِ.

(وَ) ثَانِيهَا: (نَفْعٌ) بِهِ شَرْعًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: طُهْرٌ) وَلَوْ غَلَبَتْ النَّجَاسَةُ فِي مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ الطُّهْرُ بِالِاجْتِهَادِ فَبَيْعُ أَحَدِ الْمُشْتَبَهَيْنِ مِنْ الْمَاءِ، أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا قَالَ ح ل، وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُ طُهْرٌ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ نَحْوُ أَوَانِي الْخَزَفِ الْمَعْجُونَةِ بِالسِّرْجِينِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا لِلْعَفْوِ عَنْهَا فَهِيَ طَاهِرَةٌ حُكْمًا، وَقَوْلُ ح ل وَلَوْ كَانَ بِالِاجْتِهَادِ مِثْلُهُ فِي سم ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّهُ يُعْلِمُ الْمُشْتَرِيَ بِالْحَالِ. انْتَهَى أَيْ: وَمَعَ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ اعْتِمَادًا عَلَى اجْتِهَادِ الْبَائِعِ، أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا كَذَا نُقِلَ عَنْ ع ش فَرَاجِعْهُ هَذَا وَقَدْ قِيلَ: الْمِلْكُ يُغْنِي عَنْ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ نَجَسَ الْعَيْنِ لَا يُمْلَكُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ إغْنَاءَهُ عَنْهَا لَا يَسْتَدْعِي عَدَمَ ذِكْرِهَا لِإِفَادَتِهِ تَحْرِيرَ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَالْوِفَاقِ مَعَ الْإِشَارَةِ لِرَدِّ مَا عَلَيْهِ الْمُخَالِفُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا مِنْ أَصْلِهَا شَرْحُ حَجّ، وَشَرْحُ م ر وَمَحَلُّ الْخِلَافِ هُوَ الطَّهَارَةُ، وَمَحَلُّ الْوِفَاقِ هُوَ الْمِلْكُ، وَيَدْخُلُ فِي الطَّاهِرِ الْمَائِعُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ مَيْتَةٌ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةٌ، وَلَمْ تُغَيِّرْهُ وَيَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ الْبَائِعُ النَّجَاسَةُ دُونَ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ، وَيَصِحُّ نَظَرًا لِعَقِيدَتِهِ أَوْ لَا نَظَرًا لِعَقِيدَةِ الْبَائِعِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ مُعْتَقِدَ النَّجَاسَةِ إذَا قَصَدَ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ لَا يَصِحُّ، وَإِذَا قَصَدَ نَقْلَ الِاخْتِصَاصِ صَحَّ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ. (قَوْلُهُ: أَوْ إمْكَانٌ لِطُهْرِهِ) أَيْ: فَالشَّرْطُ الْأَحَدُ الدَّائِرُ، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ. (قَوْلُهُ: بِغُسْلٍ) أَيْ: كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ بِمَا لَا يَسْتُرُ شَيْئًا مِنْهُ قَالَ ع ش: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِعُسْرٍ، أَوْ بِمَئُونَةٍ لَهَا وَقَعَ وَهُوَ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا بِغُسْلٍ) هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَخَرَجَ إمْكَانُ طُهْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الْمُتَنَجِّسِ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَإِمْكَانُ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَجِلْدُ الْمَيِّتَةِ بِالدَّبْغِ. (قَوْلُهُ: نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ) أَيْ: وَالنَّهْيُ عَنْ ثَمَنِهِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ بَيْعِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَذْكُورَاتِ) أَيْ: فِي الْحَدِيثَيْنِ أَيْ: وَالْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهَا ع ش (قَوْلُهُ: نَجَاسَةُ عَيْنِهَا) لَا عَدَمُ النَّفْعِ بِهَا لِوُجُودِهِ فِيهَا ح ل، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَهَا مَنَافِعُ فَالْخَمْرُ يُطْفَأُ بِهِ النَّارُ، وَيُعْجَنُ بِهِ الطِّينُ، وَالْمَيْتَةُ تُطْعَمُ لِلْجَوَارِحِ، وَيُطْلَى بِشَحْمِهَا السُّفُنُ، وَيُسْرَجُ بِهِ، وَالْكَلْبُ يَصِيدُ فَعَلِمْنَا أَنَّ مَنْشَأَ النَّهْيِ نَجَاسَةُ الْعَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ: لِشُمُولِهِ لِلثَّمَنِ، وَهَذِهِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ لَفْظِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَبِالنَّظَرِ لِلْحَقِيقَةِ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ فَلَا عُمُومَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ، وَغَيْرِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ: بَيْعُهُ اسْتِقْلَالًا لَا تَبَعًا لِمَا هُوَ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَإِلَّا فَبَيْعُ أَرْضٍ بُنِيَتْ بِلَبِنٍ، أَوْ آجُرٍّ عُجِنَ بِسِرْجِينٍ صَحِيحٌ ح ل وَمِثْلُهُ م ر قَالَ ق ل عَلَى خ ط: قَالَ شَيْخُنَا م ر وَالْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَقَالَ سم: الْوَجْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَاقِعٌ عَلَى الطَّاهِرِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ غَيْرُهُ تَبَعًا بِنَقْلِ الْيَدِ فَرَاجِعْهُ. (تَنْبِيهٌ)

عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ بَيْعَ الْخَزَفِ الْمَخْلُوطِ بِالرَّمَادِ النَّجَسِ، أَوْ السِّرْجِينِ صَحِيحٌ كَالْأَزْيَارِ، وَالْجُرُرِ، وَالْمَوَاجِيرِ، وَالْقُلَلِ وَغَيْرِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّهُ يُعْفَى عَمَّا يُوضَعُ فِيهَا مِنْ الْمَائِعَاتِ فَلَا يَتَنَجَّسُ. (فَرْعٌ)

نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر صِحَّةُ بَيْعِ دَارٍ مَبْنِيَّةٍ بِسِرْجِينٍ فَقَطْ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ دُهْنًا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: بِصِحَّةِ بَيْعِهِ كَمَا فَهِمَهُ م ر مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَلِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ كَمَا فَهِمَهُ الْمَحَلِّيُّ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فَهُوَ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا يُمْكِنُ طُهْرُهُ، أَوْ فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ مُتَنَجِّسٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ ضَعِيفَيْنِ: الْقَوْلَ بِإِمْكَانِ طُهْرِهِ، وَالْقَوْلَ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ، وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِإِمْكَانِ طُهْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِمْكَانُ طُهْرِ قَلِيلِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ، وَكَثِيرِهِ بِزَوَالِ التَّغَيُّرِ كَإِمْكَانِ طُهْرِ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ إذْ طَهُرَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِحَالَةِ لَا مِنْ بَابِ التَّطْهِيرِ أَيْ: فَلَوْ كَفَى طُهْرُهُ هُنَا بِالْمُكَاثَرَةِ لَكَفَى طُهْرُ الْخَمْرِ بِالتَّخَلُّلِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مِنْ جِنْسِ الطَّاهِرِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ التَّفْرِيعَ فَتَأَمَّلْ. (فَرْعٌ)

لَوْ تَصَدَّقَ، أَوْ وَهَبَ، أَوْ أَوْصَى بِالنَّجَسِ كَالدُّهْنِ، وَالْكَلْبِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ عَلَى مَعْنَى نَقْلِ الْيَدِ لَا التَّمْلِيكِ سم. ع ش

. (قَوْلُهُ: وَنَفْعٌ بِهِ) أَيْ: بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ فِي حَدِّ ذَاتِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُنْتَفَعُ

ص: 177

(وَلَوْ مَاءً، وَتُرَابًا بِمَعْدِنِهِمَا) وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ إمْكَانُ تَحْصِيلِ مِثْلِهِمَا بِلَا تَعَبٍ، وَلَا مُؤْنَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ النَّفْعُ حَالًا أَمْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ حَشَرَاتٍ) لَا تَنْفَعُ وَهِيَ صِغَارُ دَوَابِّ الْأَرْضِ كَحَيَّةٍ، وَعَقْرَبٍ، وَفَأْرَةٍ، وَخُنْفُسَاءٍ إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا يُقَابَلُ بِالْمَالِ، وَإِنْ ذَكَرَ لَهَا مَنَافِعَ فِي الْخَوَاصِّ بِخِلَافِ مَا يَنْفَعُ كَضَبٍّ لِمَنْفَعَةِ أَكْلِهِ، وَعَلْقٍ لِمَنْفَعَةِ امْتِصَاصِ الدَّمِ (وَ) لَا بَيْعُ (سِبَاعٍ لَا تَنْفَعُ) كَأَسَدٍ، وَذِئْبٍ وَنَمِرٍ، وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ لَهَا مِنْ الْهَيْبَةِ، وَالسِّيَاسَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمُعْتَبَرَةِ بِخِلَافِ مَا يَنْفَعُ مِنْهَا كَضَبُعٍ لِلْأَكْلِ، وَفَهْدٍ لِلصَّيْدِ وَفِيلٍ لِلْقِتَالِ، (وَ) لَا بَيْعُ (نَحْوُ حَبَّتَيْ بُرٍّ) كَحَبَّتَيْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا وَإِنْ عُدَّ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ، وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَآلَةِ لَهْوٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَإِنْ تَأَتَّى النَّفْعُ بِهِ بِضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ: حَبَّتَيْ حِنْطَةٍ إذْ عَدَمُ النَّفْعِ إمَّا لِلْقِلَّةِ كَحَبَّتَيْ بُرٍّ، وَإِمَّا لِلْخِسَّةِ كَالْحَشَرَاتِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي تَعْلِيلِ شَيْخِنَا فِي الْحَاشِيَةِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ بِنَحْوِ تَسْخِينِ مَاءٍ إذْ مَا يُشْتَرَى بِنَحْوِ نِصْفٍ، أَوْ نِصْفَيْنِ لَا يُمْكِنُ التَّسْخِينُ بِهِ لِقِلَّتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ فَاسِدًا، وَالْحَقُّ فِي التَّعْلِيلِ أَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يُشْتَرَى لَهُ وَهُوَ شُرْبُهُ إذْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِعَدَمِ قِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى حُرْمَتِهِ فَتَعَاطِيهِ انْتِفَاعٌ بِهِ فِي وَجْهٍ مُبَاحٍ، وَلَعَلَّ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَبْنِيٌّ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر،.

وَعِبَارَةُ ع ش فَائِدَةٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَنْ الدُّخَانِ الْمَعْرُوفِ فِي زَمَانِنَا هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ لِتَسْخِينِ الْمَاءِ، وَنَحْوِهِ كَالتَّظْلِيلِ بِهِ. (قَوْله وَلَوْ مَاءً وَتُرَابًا) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ،

وَقَوْلُهُ: بِمَعْدِنِهِمَا أَيْ: مَكَانِهِمَا الَّذِي أُعِدَّ لَهُمَا، وَمَعْدِنُ الْمَاءِ الْبَحْرُ، وَمَعْدِنُ التُّرَابِ التَّلُّ مَثَلًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَحُوزَ الْمَاءَ فِي قِرْبَةٍ مَثَلًا، أَوْ يُكَوِّمَ التُّرَابَ كَمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ وم ر وحج فِي شُرُوحِهِمْ. فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَ قِرْبَةَ مَاءٍ مَثَلًا عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ) غَرَضُهُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ دَارٍ شَائِعٍ بِمِثْلِهِ لِآخَرَ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ مَنْعُ رُجُوعِ الْوَالِدِ، أَوْ بَائِعِ الْمُفْلِسِ شَرْحُ حَجّ.

(قَوْلُهُ: أَمْ مَآلًا) أَيْ: فِيمَا لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ النَّفْعُ حَالًا فَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ دَارٍ دُونَ مَمَرِّهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ اتِّخَاذُ مَمَرٍّ لَهَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَجَحْشٍ صَغِيرٍ) أَيْ: إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ بِأَنْ مَاتَتْ أُمُّهُ، أَوْ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَشَرَاتٍ) جَمْعُ حَشَرَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ مُخْتَارٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: كَحَيَّةٍ) وَمِمَّا جُرِّبَ لِلَسْعِهَا شُرْبُ مَاءِ الْكَادِي. (قَوْلُهُ: وَعَقْرَبٍ) وَمِمَّا جُرِّبَ لِلَسْعِهَا شُرْبُ مَاءِ الرَّجْلَةِ ح ف وَبِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَفَأْرَةٍ) بِالْهَمْزِ لَا غَيْرُ فِي الْحَيَوَانِ مُفْرَدًا، وَجَمْعًا وَجَمْعُهُ فِئْرَانٌ، وَأَمَّا فَأْرَةُ الْمِسْكِ فَبِالْهَمْزِ، وَتَرَكَهُ مُفْرَدًا، وَجَمْعًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَخُنْفَسَاءٍ) فِي الْمُخْتَارِ الْخُنْفَسَاءُ بِفَتْحِ الْفَاءِ مَمْدُودًا وَالْأُنْثَى خُنْفَسَاءَةٌ، وَالْخُنْفَسُ لُغَةٌ فِيهِ، وَالْأُنْثَى خُنْفَسَةٌ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا نَفْعَ فِيهَا يُقَابَلُ بِمَالٍ) أَيْ: لَا نَفْعَ يُعْتَبَرُ، وَيُقْصَدُ شَرْعًا بِحَيْثُ يُقَابَلُ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ مُعْتَدٌّ بِهَا شَرْعًا بِحَيْثُ تُقَابَلُ بِالْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فِي الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ مِنْ بَيْعِ الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَالثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ح ل.

(قَوْلُهُ: فِي الْخَوَاصِّ) وَهِيَ الَّتِي تُذْكَرُ فِي الطِّبِّ. (قَوْلُهُ: لِمَنْفَعَةِ أَكْلِهِ) الْإِضَافَةُ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بَيَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَنَمِرٍ) أَيْ: كَبِيرٍ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ لِلصَّيْدِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّمِ، أَوْ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَبِهِ جَمَعَ بَيْنَ التَّنَاقُضِ فِي كَلَامِهِمْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْمُلُوكِ إلَخْ) أَيْ: وَاقْتِنَاؤُهُمْ لَهَا حَرَامٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْهَيْبَةِ) أَيْ: هَيْبَةِ الْخَلْقِ لَهُمْ بِسَبَبِ اقْتِنَائِهِمْ لَهَا (قَوْلُهُ: وَالسِّيَاسَةِ) وَهِيَ إصْلَاحُ أُمُورِ الرَّعِيَّةِ، وَتَدْبِيرِ أُمُورِهِمْ بِامْتِثَالِهِمْ لَهُمْ بِسَبَبِ اقْتِنَائِهِمْ ذَلِكَ فَهُوَ عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ، أَوْ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ وَقَالَ ع ش: عَطْفُ تَفْسِيرٍ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ: سَاسَ النَّاسَ أَصْلَحَ أُمُورَهُمْ. (قَوْلُهُ: مَا يَنْفَعُ) ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَنْفَعَةً مُعْتَدًّا بِهَا شَرْعًا أَيْ: وَقِرْدٍ لِلْحِرَاسَةِ، وَهِرَّةٍ لِدَفْعِ الْفَأْرِ، وَنَحْوِهِ، وَعَنْدَلِيبِ وَهُوَ: الْبُلْبُلُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهِ وَطَاوُوسٍ لِلْأُنْسِ بِلَوْنِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَضَبُعٍ) جَعَلَهُ مِنْ السِّبَاعِ، وَجَعَلَ الضَّبَّ مِنْ الْحَشَرَاتِ لِكَوْنِهِ صَغِيرًا يُشْبِهُهَا. (قَوْلُهُ: وَفَهْدٍ) وَلَوْ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَبَّتَيْ بُرٍّ) وَلَا أَثَرَ لِوَضْعِهِمَا فِي فَخٍّ لِلِاصْطِيَادِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا) أَيْ: لِقِلَّتِهِ، وَخِسَّتِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْ الرِّجَالِ، وَهُوَ رَجُلٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَالٌ شَيْخُنَا وَقَالَ الْإِطْفِيحِيُّ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مَالًا أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْلِيلَ بِعَدَمِ النَّفْعِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْمُحْدِثَ عَنْهُ كَوْنُ الْمَبِيعِ مُنْتَفَعًا بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَ نَحْوُ حَبَّتَيْ الْبُرِّ يَنْتَفِعُ بِهِمَا لِنَحْوِ اصْطِيَادٍ بِفَخٍّ لَمْ يُعَلِّلْ بِعَدَمِ النَّفْعِ.

وَعِبَارَةُ م ر لِانْتِقَاءِ النَّفْعِ بِذَلِكَ لِقِلَّتِهِ. انْتَهَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ: لَا يُعَدُّ مَالًا مُنْتَفَعًا بِهِ فَطَابَقَ الدَّلِيلُ الْمُدَّعَى. (قَوْلُهُ: وَآلَةِ لَهْوٍ) لَمْ يُقَدِّرْ بَعْدَ الْعَاطِفِ لَفْظَةَ لَا بَيْعُ

ص: 178

مُحَرَّمَةٍ كَطُمْبُورٍ وَمِزْمَارٍ. (وَإِنْ تُمَوِّلَ رَضَاضُهَا) أَيْ: مُكَسَّرُهَا إذْ لَا نَفْعَ بِهَا شَرْعًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ نَفْعٌ مُتَوَقَّعٌ بِرَضَاضِهَا؛ لِأَنَّهَا بِهَيْئَاتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا غَيْرُ الْمَعْصِيَةِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ إنَاءِ ذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ.

(وَ) ثَالِثُهَا: (قُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ)(الْمَبِيع) فِي بَيْعٍ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ لِيُوثَقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ) كَآبِقٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَبَعِيرٍ نَدَّ (لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ) لِعَجْزِهِ عَنْ تَسَلُّمِهِ حَالًا بِخِلَافُ بَيْعِهِ لِقَادِرٍ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ إنْ احْتَاجَ فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

كَسَابِقِهِ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ، وَلَعَلَّهُ لِقُرْبِ هَذَا مِنْ الْمَعْطُوفِ قَبْلَهُ لَكِنْ تَشْكُلُ إعَادَتُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ جَانٍ مَعَ قُرْبِ هَذِهِ السَّابِقَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَعَادَهَا فِي قَوْلِهِ: وَلَا بَيْعُ جَانٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ فَلَوْ لَمْ يَعُدَّهَا لَتُوُهِّمَ رُجُوعُ الْقَيْدَيْنِ لِلْمَرْهُونِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: مُحَرَّمَةٍ) خَرَجَ غَيْرُهَا كَالنَّفِيرِ وَالطُّبُولِ غَيْرِ الدَّرَبُكَّةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تُمُوِّلَ رَضَاضُهَا) غَايَةٌ لِلرَّدِّ،

وَقَوْلُهُ: وَلَا يَقْدَحُ رَدٌّ لِمَا تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ عَدَّ رَضَاضَهَا مَالًا؛ لِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُتَوَقَّعًا كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا مَا دَامَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا لَا يُقْصَدُ مِنْهَا سِوَى الْمَعْصِيَةِ وَبِهِ فَارَقَتْ صِحَّةَ بَيْعِ إنَاءِ النَّقْدِ قَبْلَ كَسْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِبَقَائِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا مَا هِيَ لَهُ لَا تَحْتَاجُ إلَى صَنْعَةٍ، وَتَعَبٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ فَتَعْبِيرُ بَعْضِهِمْ هُنَا بِحِلِّ بَيْعِ الْمُرَكَّبَةِ إذَا فُكَّ تَرْكِيبُهَا مَحْمُولٌ عَلَى فَكٍّ لَا تَعُودُ بَعْدَهُ لِهَيْئَتِهَا إلَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ إنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَحِلُّ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الْجَلَالِ السُّيُوطِيّ ح ل. وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ عَلَى مَنْعِ آلَةِ اللَّهْوِ وَالْأَصْنَامِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ قَصْدُ الْمَصْنُوعِ، وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ اللَّذَانِ هُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَآلَةُ اللَّهْوِ غُلِّبَ فِيهَا اعْتِبَارُ قَصْدِ الصَّنْعَةِ الْمُحَرَّمَةِ الَّتِي إنَّمَا تُقْصَدُ الْآلَةُ لِأَجْلِهَا، وَكَذَا الْأَصْنَامُ غُلِّبَ فِيهَا النَّظَرُ إلَى الْمَحْذُورِ. انْتَهَى عَمِيرَةُ سم

(قَوْلُهُ: وَقُدْرَةُ تَسَلُّمِهِ) أَيْ: يَقِينًا حِسًّا، وَشَرْعًا، وَالْمُرَادُ الْقُدْرَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ بِلَا مُؤْنَةٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَسَلُّمِهِ حَالًا إلَخْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْقُدْرَةِ حِسًّا بِقَوْلِهِ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ إلَخْ، وَمَفْهُومَ الْقُدْرَةِ شَرْعًا بِقَوْلِهِ: وَلَا جُزْءَ مُعَيَّنٍ إلَى آخِرِ الْأَمْثِلَةِ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ غَيْرِ ضِمْنِيٍّ) أَمَّا هُوَ فَيَصِحُّ لِمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِزَاعِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ مَعَ كَوْنِهِ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ، وَيَصِحُّ أَيْضًا بَيْعُ الْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ انْتِزَاعِهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: لِيُوثِقَ بِحُصُولِ الْعِوَضِ) أَيْ: مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: يُشْتَرَطُ قُدْرَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسَلُّمِ الْمَبِيعِ لِيَثِقَ الْبَائِعُ بِحُصُولِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَلُّمِ يَرْجِعُ فِي ثَمَنِهِ فَلَا يَظْفَرُ بِهِ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ) وَهُوَ تَعْبِيرُهُ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لَيْسَتْ شَرْطًا لَكِنْ يُجَابُ عَنْ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ الْبَائِعُ قَادِرًا عَلَى التَّسْلِيمِ، وَالْمُشْتَرِي عَلَى التَّسَلُّمِ صَحَّ الْبَيْعُ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ، وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَادِرًا عَلَى التَّسَلُّمِ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الشَّرْحِ م ر وحج وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ ضَالٍّ) أَيْ: وَلَوْ لِمَنْفَعَةِ الْعِتْقِ وَإِنْ عُرِفَ مَحَلُّهُ، وَاسْتَشْكَلَ الْإِسْنَوِيُّ مَنْعَ بَيْعِ الضَّالِّ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ بِأَنَّ إعْتَاقَهُمْ جَائِزٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي شِرَائِهِ مَنْفَعَةٌ إلَّا حُصُولُ الثَّوَابِ بِالْعِتْقِ كَالْعَبْدِ الزَّمِنِ صَحَّ بَيْعُهُ، وَإِعْتَاقُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحِيحٌ، وَيَكُونُ قَبْضًا فَلِمَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ هَؤُلَاءِ إذَا كَانُوا زَمْنَى بَلْ مُطْلَقًا؛ لِوُجُودِ مَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَصِحُّ الشِّرَاءُ لَهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ هُنَا وُجِدَ حَائِلٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِخِلَافِ الزَّمِنِ لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حِيلَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَهَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنْ لَا مَنْفَعَةَ فِيمَا ذَكَرَ سِوَى الْعِتْقِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ انْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ م ر وَالْبِرْمَاوِيُّ وَمِثْلُهُ ز ي.

(قَوْلُهُ: كَآبِقٍ) بَيَانٌ لِلنَّحْوِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْآبِقِ وَالضَّالِّ، وَقَضِيَّةُ مَا فِي الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ اللَّامِ: وَالضَّالَّةُ مَا ضَلَّ أَيْ: ضَاعَ مِنْ الْبَهِيمَةِ لِلذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَفِي الْقَافِ أَبَقَ الْعَبْدُ يَأْبِقُ بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَضَمِّهَا أَيْ: هَرَبَ، وَاخْتِصَاصُ الْآبِقِ بِالرَّقِيقِ، وَالضَّالَّةِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ. (قَوْلُهُ: وَبَعِيرٍ نَدَّ) فِي الْمُخْتَارِ نَدَّ الْبَعِيرُ يَنِدُّ بِالْكَسْرِ نَدًّا بِالْفَتْحِ وَنِدَادًا بِالْكَسْرِ وَنُدُودًا بِالضَّمِّ: نَفَرَ، وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا. (قَوْلُهُ: لِقَادِرٍ) أَيْ: يَقِينًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ احْتَمَلَ قُدْرَتَهُ وَعَدَمَهَا لَمْ يَجُزْ ح ل، وَمِثْلُ الْقَادِرِ الْعَاجِزُ إذَا كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ الْبَيْعُ ضِمْنِيًّا شَوْبَرِيٌّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعَجْزِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَلَوْ قَالَ: كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَدَمُهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى الِانْتِزَاعِ، وَبِأَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ

ص: 179

إلَى مُؤْنَةٍ فَفِي الْمَطْلَبِ يَنْبَغِي الْمَنْعُ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الضَّالِّ، وَالْآبِقِ، وَالْمَغْصُوبِ. (وَلَا) بَيْعُ (جُزْءٍ مُعَيَّنٍ يُنْقِصُ فَصْلُهُ) قِيمَتُهُ، أَوْ قِيمَةُ الْبَاقِي كَجُزْءِ إنَاءٍ، أَوْ ثَوْبٍ نَفِيسٍ يُنْقِصُ فَصْلُهُ مَا ذُكِرَ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ ذَلِكَ شَرْعًا؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَفِيهِ نَقْصٌ وَتَضْيِيعُ مَالٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُنْقِصُ فَصْلُهُ مَا ذُكِرَ كَجُزْءِ غَلِيظِ كِرْبَاسٍ، وَذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَرْضٍ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ حُصُولُ التَّمْيِيزِ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ بِالْعَلَامَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قَدْ تَتَضَيَّقُ مَرَافِقُ الْأَرْضِ بِالْعَلَامَةِ، وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ فَلْيَكُنْ الْحُكْمُ فِي الْأَرْضَ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ النَّقْصَ فِيهَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الثَّوْبِ، وَبِهِ يُجَابُ عَمَّا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ أَحَدِ زَوْجَيْ خُفٍّ مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّفْرِيقِ، وَتَعْبِيرِي بِجُزْءٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِنِصْفٍ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ شِرَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ حَيْثُ قُلْنَا بِمَنْعِهِ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ عَلَى شِرَائِهِ، ثُمَّ يَقْطَعَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ فَيَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ. أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ ذَلِكَ فَيَصِحُّ، وَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا. (وَ) لَا بَيْعُ (مَرْهُونٍ عَلَى مَا يَأْتِي) فِي بَابِهِ مِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْبَيْعِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَبِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسَلُّمِهِ شَرْعًا، فَقَوْلِي عَلَى مَا يَأْتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْبَيْعِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: إلَى مُؤْنَةٍ) أَيْ: لَهَا وَقْعٌ، وَلَوْ تَحَمَّلَهَا الْبَائِعُ لِلْمِنَّةِ، وَالْمُؤْنَةُ إمَّا بِالْمَالِ، أَوْ إتْعَابِ الْبَدَنِ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي الْمَنْعُ) أَيْ: مَنْعُ صِحَّةِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: كَجُزْءِ إنَاءٍ) أَيْ: وَكَجُزْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ بِخِلَافِ الْمُذَكَّى بِالْفِعْلِ شَرْحُ م ر، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إنَاءُ النَّقْدِ فَيَصِحُّ بَيْعُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ لِحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ، وَوُجُوبِ كَسْرِهِ. فَالنَّقْصُ الْحَاصِلُ فِيهِ مُوَافِقٌ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ سم.

(قَوْلُهُ: نَفِيسٍ) لَمْ يَقُلْ نَفِيسَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النَّفَاسَةُ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ مُطْلَقًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْكَسْرِ، أَوْ الْقَطْعِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ مُعَيَّنٌ، وَقَبْضُهُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ فَصْلَهُ وَلَا يَكْتَفِي فِي تَسْلِيمِهِ بِتَسْلِيمِ الْجُمْلَةِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَمْتَنِعْ بَيْعُ أَحَدِ خُفَّيْنِ مَعَ نَقْصِ قِيمَةِ الْبَاقِي لِانْتِفَاءِ كُلٍّ مِنْ الْكَسْرِ، وَالْقَطْعِ وَهَذَا غَيْرُ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي ح ف.

(قَوْلُهُ: كِرْبَاسٍ) هُوَ الْقُطْنُ أَيْ: الثَّوْبُ مِنْ الْقُطْنِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ لَكِنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَعَمُّ مِنْهُ ع ش، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ الْكِرْبَاسُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْقُطْنِ الْأَبْيَضِ الثَّخِينِ، وَلَيْسَ هُوَ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ. (قَوْلُهُ: وَذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الذِّرَاعَ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ شَيْخُنَا. فَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْمُشَخَّصِ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ سَوَاءٌ عَلِمَتْ ذُرْعَانَ الْأَرْضِ أَوْ لَا، بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الذُّرْعَانِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْجُزْئِيَّةِ، وَيَنْزِلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الذُّرْعَانِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الِاخْتِلَافِ تَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ) أَيْ: النَّقْصِ وَتَضْيِيعِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ: انْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ. (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الْقِيمَةُ) أَيْ: بِسَبَبِ ذَلِكَ ح ل. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الثَّوْبِ) أَيْ: بَيْنَ كَوْنِ فَصْلِهِ يَنْقُصُ قِيمَتَهُ، أَوْ قِيمَةَ الْبَاقِي، أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ) أَيْ: بِإِزَالَةِ الْعَلَامَةِ، أَوْ بِشِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ بِجَانِبِهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: زَوْجَيْ خُفٍّ) أَيْ: فَرْدَتَيْ خُفٍّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا يُقَالُ: لَهَا زَوْجٌ؛ لِأَنَّهَا مُزَاوِجَةٌ لِصَاحِبَتِهَا، وَفِي الْمُخْتَارِ الزَّوْجُ: ضِدُّ الْفَرْدِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَمَّى زَوْجًا أَيْضًا يُقَالُ: لِلِاثْنَيْنِ هُمَا زَوْجَانِ قَالَ تَعَالَى: {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: 40] وَقَالَ: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الأنعام: 143] وَفَسَّرَهَا بِثَمَانِيَةِ أَفْرَادٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ نَقْصِ الْقِيمَةِ بِالتَّفْرِيقِ) ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِشِرَاءِ مِثْلِهَا. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ إنَّمَا هِيَ طَرِيقَةٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَا لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الْقَطْعِ الَّذِي فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ سُومِحَ لَهُ فِي الْقَطْعِ حِينَئِذٍ رَجَاءً لِغَرَضِ الشِّرَاءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ إنَّمَا تَحْرُمُ إنْ قُصِدَتْ عَبَثًا، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لِغَرَضٍ نَعَمْ لَوْ زِيدَ لَهُ عَلَى قِيمَةِ الْمَقْطُوعِ مَا يُسَاوِي النَّقْصَ الْحَاصِلَ فِي الْبَاقِي فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ فِي الْقَطْعِ إذْ لَا إضَاعَةَ مَالٍ حِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حِيلَةٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ) وَهَلْ مِثْلُ الثَّوْبِ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءُ، وَالسَّيْفُ، أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الثَّوْبَ يُنْسَجُ لِيُقْطَعَ بِخِلَافِ الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ اُنْظُرْهُ ح ل الظَّاهِرُ لَا. (قَوْلُهُ: حَيْثُ قُلْنَا يَمْنَعُهُ) بِأَنْ كَانَ فَصْلُهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ، أَوْ قِيمَةَ الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ إلَخْ) أَيْ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مُرِيدِ الشِّرَاءِ بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ مُوَاطَأَةُ الْبَائِعِ لِتَغْرِيرِهِ بِمُوَاطَأَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُرِيدًا ثُمَّ عُرِضَ لَهُ عَدَمُ الشِّرَاءِ بَعْدُ لَمْ تَحْرُمْ الْمُوَاطَأَةُ، وَلَا عَدَمُ الشِّرَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِالْقَطْعِ فِيهِمَا وَيَصْدُقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ مَوْجُودَةٌ فِي ذَلِكَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إلْزَامٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلَمْ يُنْظَرْ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِ مَنْ وَافَقَ عَلَى الشِّرَاءِ عَنْهُ لِمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ح ل، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ رَجَعَ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: أَمَّا بَيْعُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ،

وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِمَّا يَنْقُصُ فَصْلُ الْجُزْءِ مِنْهُ قِيمَتَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ مَرْهُونٍ) أَيْ: لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ ع ش.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْقَبْضِ) أَمَّا قَبْلَهُ

ص: 180

أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مُرْتَهِنِهِ. (وَلَا) بَيْعُ (جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي: (قَبْلَ اخْتِيَارِ فِدَاءٍ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ كَمَا فِي الْمَرْهُونِ وَأَوْلَى لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا، أَوْ بِجُزْئِهَا قَوَدٌ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِذِمَّتِهِ كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ، أَوْ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ، وَتَعَلَّقَتْ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، وَكِسْوَتُهَا بِكَسْبِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِهَا، وَبِخِلَافِ مَا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ فَيَصِحُّ، وَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ زَالَ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا مَا دَامَ الْجَانِي فِي مِلْكِهِ، وَإِذَا صَحَّ الْبَيْعُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْفِدَاءَ لَزِمَهُ الْمَالُ الَّذِي يَفْدِيهِ بِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ فَإِنْ أَدَّاهُ فَذَاكَ وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ، وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ.

(وَ) رَابِعُهَا: (وِلَايَةٌ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَيَصِحُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ: أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْمَرْهُونَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَصِحَّ وَلَيْسَ مُرَادًا انْتَهَى. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ جَانٍ) لِغَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ ح ل وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَانْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ، أَوْ يَبْقَى مُتَعَلِّقًا بِالرَّقَبَةِ، وَمَا مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِهَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ) أَيْ: ذَاتِهِ مَالٌ لِكَوْنِ الْجِنَايَةِ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ أَتْلَفَ مَالًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ أَتْلَفَ مَا سَرَقَهُ انْتَهَى. شَرْحُ م ر فَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبِ انْفَكَّ مِنْهُ بِقِسْطِهِ، وَيُفَارِقُ الْمَرْهُونَ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجِنَايَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الرَّهْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ فَقَطْ، وَفِي الرَّهْنِ بِالرَّقَبَةِ، وَالذِّمَّةِ مَعًا شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا، أَوْ بِجُزْئِهَا) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مَالٌ فَلَوْ قُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَ الْبَيْعِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَأَصْلِهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَرَجَعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ سم.

(قَوْلُهُ: مَا إذَا تَعَلَّقَ إلَخْ) كَأَنْ قَتَلَ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا عَمْدًا عُدْوَانًا،

وَقَوْلُهُ: أَوْ بِجُزْئِهَا كَأَنْ قَطَعَ يَدًا مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُرْجَى سَلَامَتُهُ بِالْعَفْوِ) أَيْ: مَجَّانًا فَإِنْ عَفَا أَيْ: بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى مَالٍ فَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ تَرْجِيحُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلُهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُوسِرًا شَوْبَرِيٌّ قَالَ ح ل: فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ. أُجِيبُ بِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْمَحُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْمَالِ، وَتَسْمَحُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ وَفِيهِ أَنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ إذَا تَحَتَّمَ قَتْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ قَدْ يَعْفُو عَلَى مَالٍ وَهُوَ ضَارٌّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ فَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى مَالٍ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَهَذَا الْإِيرَادُ الثَّانِي لَا يَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَعَلَّقَ الْمَالُ بِذِمَّتِهِ) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِرَقَبَتِهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فِيهَا) وَهَذَا الشِّرَاءُ فَاسِدٌ فَلِذَلِكَ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ: وَأَتْلَفَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْمَالُ بِذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لِفَسَادِهِ لَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ، وَعِبَارَتُهُ فِيمَا يَأْتِي الرَّقِيقُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ سَكَتَ عَلَيْهِ فَيُرَدُّ لِمَالِكِهِ فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ فِيمَا يَأْتِي أَنَّ قَوْلَهُ: أَتْلَفَهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا تَلِفَ بِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ) أَيْ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَعِبَارَتُهُ فِيمَا يَأْتِي فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ مَهْرًا، وَلَا مُؤْنَةً وَهُمَا فِي كَسْبِ الْعَبْدِ بَعْدَ وُجُوبِ دَفْعِهِمَا. اهـ.

وَحَيْثُ بَاعَهُ سَيِّدُهُ الْآذِنُ لَهُ فِي النِّكَاحِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ يَصْرِفُ كَسْبَهُ فِي مُؤْنَةِ زَوْجَتِهِ، أَوْ لَا؟ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ مُتَزَوِّجٌ لَزِمَهُ جَعْلُ مُؤْنَةٍ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَهُ الْخِيَارُ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: آنِفًا، أَوْ تَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ الَّذِي هُوَ جَانٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ كَوْنُ الْأَقْسَامِ أَعَمَّ مِنْ الْمُقْسِمِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي ذِمَّتِهِ، وَكَسْبِهِ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ جَانِيًا؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَتْ أَقْسَامًا، وَإِنْ كَانَتْ تَئُولُ إلَيْهَا، وَأَيْضًا كَوْنُ الْأَقْسَامِ أَعَمَّ مِنْ الْمُقْسِمِ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ كَقَوْلِنَا: الْحَيَوَانُ أَبْيَضُ، أَوْ غَيْرُ أَبْيَضَ، وَالْأَبْيَضُ إمَّا وَرَقٌ، أَوْ ثَلْجٌ، أَوْ غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ) أَيْ: إذَا كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا عُبَابٌ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَشْكُلُ) أَيْ: الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَانِعَ الصِّحَّةِ) وَهُوَ التَّعَلُّقُ بِالرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الْحَقُّ ذِمَّةَ السَّيِّدِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الْمَالُ) أَيْ: إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ. (قَوْلُهُ: فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ عَنْ الْفِدَاءِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ حَيْثُ كَانَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ فَيُتَّجَهُ الْمَنْعُ، وَيُحْتَمَلُ الْجَوَازُ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ. انْتَهَى. وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ) أَيْ: فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ،

وَقَوْلُهُ: وَبَيْعٌ فِي الْجِنَايَةِ أَيْ: بَاعَهُ الْحَاكِمُ. ع ش

. (قَوْلُهُ: وِلَايَةٌ) أَيْ: بِمِلْكٍ

ص: 181

لِلْعَاقِدِ عَلَيْهِ (فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ فُضُولِيٍّ) وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (وَيَصِحُّ بَيْعُ مَالِ غَيْرِهِ) ظَاهِرًا (إنْ بَانَ) بَعْدَ الْبَيْعِ [دَرْسٌ] أَنَّهُ (لَهُ) كَأَنْ بَاعَ مَالِ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَ) خَامِسُهَا: (عِلْمٌ) لِلْعَاقِدَيْنِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ وَكَالَةٍ، أَوْ إذْنِ الشَّارِعِ كَوِلَايَةِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي، وَالظَّافِرِ بِغَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَالْمُلْتَقِطُ لِمَا يَخَافُ فَسَادُهُ ز ي، وَالْمُرَادُ وِلَايَةٌ تَامَّةٌ لِيَخْرُجَ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَيَصِحُّ بَيْعُ مَالِ غَيْرِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِلْعَاقِدِ) بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا،

وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا، أَوْ مُثَمَّنًا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى عِوَضِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ فُضُولِيٍّ) لَوْ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ كَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ الْحِلَّ أَيْضًا كَأَنْ طَلَّقَ، أَوْ أَعْتَقَ لَكِنْ لَمَّا فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ فَسَّرَ الْعَاقِدَ بِالْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِيَ، وَالْمَعْقُودَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنَ كَانَ مُرَادُهُ بِالْعَاقِدِ خُصُوصَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّصَرُّفِ لَحُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ كَمَا قَالَهُ ع ش، وَغَيْرُهُ. وَالْمُرَادُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ فُضُولِيٍّ لِغَيْرِهِ أَمَّا وُقُوعُهُ لَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ مَالِهِ لِغَيْرِهِ، أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ قَالَ: فِي الذِّمَّةِ، أَوْ أَطْلَقَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ لِلْفُضُولِيِّ، وَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ صَحَّ لِلْغَيْرِ، وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا. وَالْفُضُولِيُّ مَنْ لَيْسَ مَالِكًا، وَلَا وَكِيلًا، وَلَا وَلِيًّا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ) هِيَ لِلرَّدِّ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي الْقَدِيمِ وَحُكِيَ عَنْ الْجَدِيدِ أَنَّ عَقْدَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ إنْ أَجَازَهُ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا. وَالْمُعْتَبَرُ إجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ بَاعَ مَالِ الطِّفْلِ فَبَلَغَ، وَأَجَازَ لَمْ يَنْفُذْ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ، فَلَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرًا) مُتَعَلِّقٌ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِيَصِحُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَعَاطِيهِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ، وَيَكُونُ صَغِيرَةً لِأَنَّهُ فَاسِدٌ فِي ظَنِّهِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ وز ي.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَهُ) أَيْ: أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكَهُ كَأَنْ بَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِيهِ، أَوْ وَصِيٌّ شَيْخُنَا.

، أَوْ بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَبَانَ إذْنُهُ لَهُ فِيهِ ح ل،

وَقَوْلُهُ: إنَّهُ لَهُ فِي كَلَامِهِ حَذْفُ أَنَّ وَاسْمِهَا فَهَلْ يَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى كَانَ، أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: ظَانًّا حَيَاتَهُ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ مِثْلُهُ إنْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا، أَوْ ظَنَّهُ مَيْتًا بِالْأَوْلَى ح ف،

وَقَوْلُهُ: فَبَانَ مَيْتًا بِسُكُونِ الْيَاءِ فِي الْأَفْصَحِ م ر؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مَيِّتًا بِالْفِعْلِ فِيهِ السُّكُونُ، وَالتَّشْدِيدُ، وَمَا سَيَمُوتُ فِيهِ التَّشْدِيدُ لَا غَيْرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ} [الزمر: 30] . (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِلْكُهُ) أَيْ: فَوِلَايَتُهُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِنِيَّةٍ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَحَسْبُ أَيْ: فَقَطْ فَلَا تَلَاعُبَ، وَبِفَرْضِهِ لَا يَضُرُّ لِصِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ الْهَازِلِ.

. (قَوْلُهُ: وَخَامِسُهَا عِلْمٌ لِلْعَاقِدَيْنِ إلَخْ) وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ بَيْعَ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْعِلْمُ وَصْفٌ لِلْعَاقِدَيْنِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا لِلْعَاقِدَيْنِ شَيْخُنَا.

فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ عِلْمِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَجْهُولِ لَا الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ، وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ الْوَاقِعَ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الزُّجَاجَةِ الَّتِي ظَنَّهَا جَوْهَرَةً بَلْ يَكْتَفِي بِرُؤْيَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ يَظُنَّ مِنْ أَيِّ الْأَجْنَاسِ هُوَ كَمَا فِي ح ل وز ي وع ش. وَقَدْ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ الْمُسَامَحَةِ كَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْفُقَّاعِ، وَفِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الْمَالِكَيْنِ بَيْعُ حَمَامِهِ لِلْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَاهُ، وَكَذَا مَا كَانَ قِشْرُهُ صُوَانًا لَهُ كَمَا يَأْتِي. انْتَهَى. س ل وَكَذَا مَاءُ السِّقَاءِ فِي الْكُوزِ شَرْحُ م ر. فَلَوْ انْكَسَرَ ذَلِكَ الْكُوزُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِلَا تَقْصِيرٍ كَانَ ضَامِنًا لِقَدْرِ كِفَايَتِهِ مِمَّا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَدُونَ الْكُوزِ لِكَوْنِهِمَا أَمَانَةً فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ دُونَ مَا فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَابَلٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ بِمَعْنَى الْإِبَاحَةِ شَرْحُ م ر. وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي فَنَاجِينِ الْقَهْوَةِ حَرْفًا بِحَرْفٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا انْكَسَرَ الْفِنْجَانُ مَثَلًا مِنْ يَدِ الشَّارِبِ، فَإِنْ انْكَسَرَ مِنْ يَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ دَفَعَهُ لِآخَرَ لِيَسْقِيَ غَيْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ أَيْ: الدَّافِعُ وَالْمَدْفُوعُ لَهُ رَشِيدِيٌّ.

وَقَدْ أَطَالَ الرَّشِيدِيُّ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: لِلْعَاقِدَيْنِ) ثَنَّى الْعَاقِدَ فِي جَانِبِ الْعِلْمِ، وَأَفْرَدَهُ فِي جَانِبِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ بِالثَّمَنِ، وَالْمُثَمَّنِ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ فَقَطْ

ص: 182

بِهِ عَيْنًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.» (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ صِيعَانُهَا) لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَلَا غَرَرَ، وَيَنْزِلُ الْمَبِيعُ مَعَ الْعِلْمِ بِصِيعَانِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِذَا عَلِمَا أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُهَا وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَا عَلَى صَاعٍ مِنْهَا، وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِهَا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: فَالشَّرْطُ وِلَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى الْمَبِيعِ، وَوِلَايَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَيْنًا) فِي الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ كَصُبْرَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْرًا أَيْ: مَعَ الْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُخْتَلَطِ كَصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ،

وَقَوْلُهُ: وَصِفَةً أَيْ: مَعَ الْقَدْرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ شَوْبَرِيٌّ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ: هُنَا فِي الْمُعَيَّنِ بِصُورَتَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي، وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ، وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ، وَفِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْغَرَرِ) وَهُوَ مَا انْطَوَتْ أَيْ: خَفِيَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لحج.

(قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ إلَخْ) دَلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْغَرَرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَبَيْعُهُ بَاطِلٌ لِمَا رُوِيَ إلَخْ، أَوْ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ،

وَقَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ أَيْ: الْبَيْعِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْغَرَرِ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) إلَى قَوْلِهِ: إنْ خَرَجَتْ مِائَةٌ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَعْنَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَنْطُوقِ الشَّرْطِ،

وَقَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ إلَى قَوْلِهِ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ هَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ إلَى قَوْلِهِ: اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ. هَاتَانِ صُورَتَانِ مُتَفَرِّعَتَانِ عَلَى الْمَنْطُوقِ كَالثَّلَاثِ الْأُوَلِ،

وَقَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ كَالْخَمْسَةِ الَّتِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ،

وَقَوْلُهُ: وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ. وَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ بَعْضَ مَبِيعٍ. هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَى الْمَنْطُوقِ ثَمَانَ صُوَرٍ، وَعَلَى الْمَفْهُومِ سِتَّةً لَكِنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ كُلٍّ فِي خِلَالِ الْآخَرِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ صُوَرَ الْمَنْطُوقِ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ صُوَرَ الْمَفْهُومِ كَذَلِكَ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعَ بِأَنْ يَقُولَ: فَيَصِحُّ بَيْعٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ: مِنْ بُرٍّ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ. وَالصُّبْرَةُ هِيَ الْكُوَمُ مِنْ الطَّعَامِ وَإِطْلَاقُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا مَجَازٌ وَجَمْعُهَا صُبَرٌ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ. ع ش وَخَرَجَ بِصُبْرَةٍ الْأَرْضُ، وَالدَّارُ، وَالثَّوْبُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ عُلِمَ ذُرْعَانُ ذَلِكَ صَحَّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مَثَلًا شَائِعٍ مِنْ كُلٍّ وَإِنْ جَهِلَا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الصُّبْرَةِ لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذُكِرَ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَتْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ: فَهَذَا مِنْ قُبَيْلِ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَقَدْرًا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَدْرَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَنْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ، وَهَذَا قَدْ انْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ أَيْ: فَكَأَنَّهُ عَلِمَ جَمِيعَهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مُبْهَمًا مِنْ أَرْضٍ، أَوْ شَاةٍ مُبْهَمَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنْمٍ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ لَمْ تَتَسَاوَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِشَاعَةِ) أَيْ: عَلَى صَاعٍ شَائِعٍ فَتَكُونُ شَرِكَةَ شُيُوعٍ، وَعَلَى الْجَهْلِ شَرِكَةَ جِوَارٍ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ) فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ أَيْ فَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ أَسْفَلِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ، وَإِنَّمَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى قِسْمَتِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا) أَيْ: حَقِيقَةً وَإِلَّا فَهُوَ مَرْئِيٌّ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِهَا) أَيْ: الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا أَيْ: كَأَنَّهُ مَرْئِيٌّ فَهُوَ مَرْئِيٌّ حُكْمًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ الظَّاهِرِ إذْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَوْنُهُ مَبِيعًا، وَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْ بَاطِنِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) الَّذِي يَأْتِي أَنَّ رُؤْيَةَ بَعْضِ الْمَبِيعِ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِيهِ، وَالْمَرْئِيُّ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرُ الصُّبْرَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَبِيعِ إذَا سَلَّمَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ أَجْزَاؤُهَا لَا تَخْتَلِفُ جَعَلَ الْمَرْئِيَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ خُصُوصِ الْمَبِيعِ كَأَنَّهُ مِنْهُ قَالَهُ ع ش.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَتَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ، وَفِيهِ أَنَّ الصُّبْرَةَ هُنَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ، وَثَمَّ مَبِيعَةٌ فَلَمْ تُوجَدْ هُنَا رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ الدَّالِّ عَلَى بَاقِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذُكِرَ هُنَا قَرِينَةٌ

ص: 183

(وَ) بَيْعُ (صُبْرَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ: وَإِنْ جُهِلَتْ صِيعَانُهَا (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ كُلِّ، وَلَا يَضُرُّ فِي مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ، أَوْ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ. (وَ) بَيْعُ صُبْرَةٍ (مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَتَفْصِيلِهِ (لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ) مَثَلًا مُبْهَمًا (وَلَا) بَيْعٌ (بِأَحَدِهِمَا) وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا. (أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ بُرًّا، أَوْ بِزِنَةِ ذِي الْحَصَاةِ ذَهَبًا) وَمِلْءُ الْبَيْتِ وَزِنَةُ الْحَصَاةِ مَجْهُولَانِ (أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ) لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ فِي الْأُولَى، وَبِعَيْنِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ: كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ أَيْ: الْمَبِيعَةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ، أَوْ الْإِبْهَامِ حَيْثُ تُعْرَضُ لِلْبَعْضِ هُنَا وَجَعَلَهُ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ صُبْرَةٍ كَذَلِكَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا، أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ بَلْ بَعْضَهَا الْمُحْتَمِلَ لِلْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ فَلَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ الْمَبِيعِ تَحْقِيقًا، وَلَا تَخْمِينًا. انْتَهَى مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَصْبِ كُلَّ) عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ صُبْرَةٍ أَيْ: يَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ حَالَ كَوْنِهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَيْ: مُسَعَّرَةً كُلَّ إلَخْ، وَأَمَّا رَفْعُهُ فَيُوهِمُ الِاسْتِئْنَافَ فَيَكُونُ لَيْسَ مِنْ الصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا، وَجَرُّهُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهُ بَدَلًا مِنْ صُبْرَةٍ فَيَصِيرُ الْبَيْعُ وَاقِعًا عَلَى الصَّاعِ لَا عَلَى الصُّبْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ مُنِعَ نَصْبُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ عَلَى الْمَحَلِّ أَيْ: مَحَلِّ الصُّبْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مَفْعُولٌ لِلْمَصْدَرِ فَمَحَلُّهَا نَصْبٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ صُبْرَةً ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَجَوَّزَ الشَّوْبَرِيُّ النَّصْبَ عَلَى الْبَدَلِيَّة؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ مُلَاحَظٌ، وَإِنْ كَانَ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ فِي مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ) قَيَّدَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِجُمْلَةِ الْمَبِيعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ غَيْرُ مُخْتَلَطٍ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ) وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْغَرَرُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا فَلَوْ وُجِدَتْ الصُّبْرَةُ دُونَ صَاعٍ، وَالثَّوْبُ دُونَ ذِرَاعٍ، أَوْ بَقِيَ دُونَ صَاعٍ وَدُونَ ذِرَاعٍ صَحَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّرْهَمِ ح ل وم ر وحج إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا الثَّوْبَ ثُمَّ قَالَ حَجّ: وَفَارَقَ بَيْعُ الْقَطِيعِ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَبَقِيَ بَعْضُ شَاةٍ بِأَنْ خَرَجَ بَاقِيهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ بِمَا لَمْ يَتَسَامَحْ بِهِ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ.

قَالَ م ر: وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طَرْحِ شَيْءٍ عِنْدَ نَحْوِ الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ لَا يُعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ طَرْحِ قَدْرٍ مُعْتَادٍ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ كَجَعْلِهِمْ لِكُلِّ مِائَةِ رِطْلٍ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ السَّمْنِ، أَوْ الْجُبْنِ، وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْ حُكْمَ الْغَصْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. اهـ ع ش وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ قَالَ ع ش: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْتُك الْمِائَةَ، وَالْخَمْسَةَ مَثَلًا بِكَذَا. اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْقَدْرَ الْمَطْرُوحَ صَارَ مَعْلُومًا عِنْدَ غَالِبِ النَّاسِ فَهُوَ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ لِعِلْمِهِمْ بِهِ مَعَ إقْرَارِهِمْ الْقَبَّانِيَّ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْغَصْبِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) لَمْ يُقَيَّدْ فِي هَذَا بِالنَّصْبِ كَسَابِقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ التَّفْصِيلِ بِالْإِجْمَالِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهَا بِدُونِ التَّفْصِيلِ لِعَدَمِ الْإِجْمَالِ هُنَاكَ فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: عَيْنًا، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعُ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ بَيْعُ إلَخْ،

وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَقَدْرًا. (قَوْلُهُ: بُرًّا) أَيْ: مَوْصُوفًا بِمَا يُعَيِّنُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَمِلْءُ الْبَيْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ مِلْءُ الْبَيْتِ مَعْلُومًا. (قَوْلُهُ: وَمِلْءُ الْبَيْتِ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: مَجْهُولَانِ) فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ وُصِفَ الْبُرُّ بِصِفَاتِ السَّلَمِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ) إلَّا إذَا اتَّفَقَ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ غَلَبَةً، وَرَوَاجًا، وَقِيمَةً، وَاطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ مَثَلًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ح ل.

(قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) أَيْ: مَعَ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْأُولَى مُعَيَّنٌ، وَالثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ عَيْنِهِمَا،

وَقَوْلُهُ: وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي أَيْ:؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الْجَمِيعِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ

ص: 184

وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي فَإِنَّ عَيَّنَ الْبُرَّ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) مَثَلًا (وَثَمَّ نَقْدٌ غَالِبٌ تَعَيَّنَ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ نَعَمْ لَوْ غَلَبَ الْمُكَسَّرُ وَتَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ، وَأَقَرَّاهُ (أَوْ نَقْدَانِ) مَثَلًا وَلَوْ صَحِيحًا، وَمُكَسَّرًا (وَلَا غَالِبٌ اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ) لَفْظًا لِأَحَدِهِمَا لِيُعْلَمَ بِقَيْدٍ زِدْتَهُ بِقُولِي (إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) فَإِنْ اسْتَوَتْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينٌ، وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَتَى كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ بُرًّا، وَالصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ هَذِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الدَّرَاهِمِ، وَبِقَدْرِ الدَّنَانِيرِ هَلْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْأَلْفِ، أَوْ ثُلُثُهَا مَثَلًا، وَإِلَّا فَالْعِلْمُ بِجُمْلَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّهُ أَلْفٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْبُرَّ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: مِلْءُ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْتُ، أَوْ الْبُرُّ غَائِبًا عَنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْيِينِ حَاضِرًا كَانَ، أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ حَتَّى لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ الْكُوزِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ، وَكَانَا غَائِبَيْنِ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ عَيَّنَ الْبُرَّ إلَخْ. فَإِنَّهُ جَعَلَ مُجَرَّدَ التَّعْيِينِ كَافِيًا لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْكُوزِ، أَوْ الْبُرِّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهِمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ الْغَرَرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَالصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْبَاطِلَةِ أَنَّ الْبَائِعَ هُنَا عَيْنُ الْبُرِّ، وَثَمَّ أَبْهَمَهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحِيطَا بِجَوَانِبِ الْبَيْتِ، وَيَعْرِفَا تَخْمِينًا أَنَّهُ يَأْخُذُ كَذَا، وَيَمْلَأُ الْبَيْتَ مِنْ الْبُرِّ الْمُعَيَّنِ حَالًّا قَبْلَ تَلَفِ الْبَيْتِ فَقَلَّ الْجَهْلُ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ لِأَنَّ الْبُرَّ مُبْهَمٌ، وَيُمْكِنُ تَلَفُ الْبَيْتِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالْبُرِّ فَكَثِيرُ الْجَهْلِ، وَلَوْ تَلِفَ الْبَيْتُ هُنَا فَالظَّاهِرُ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِنَحْوِ حِنْطَةٍ، وَذَهَبٍ مُنَكَّرٌ الْمُشِيرُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي الذِّمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَبِعْتُك مِلْءَ، أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ، أَوْ الذَّهَبِ فَيَصِحُّ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ لِإِحَاطَةِ التَّخْمِينِ بِرُؤْيَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ بِلَا غَرَرٍ. هَذَا وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ جَعَلَ الْمِلْءَ ثَمَنًا وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ مُثَمَّنًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي الْحُكْمِ. وَمِثْلُ الْبُرِّ الذَّهَبُ إذَا عَيَّنَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ) أَيْ: الْبَيْتِ حِينَئِذٍ أَيْ: وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَالْمُعَيَّنُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ تَحْقِيقًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ التَّخْمِينُ بِرْمَاوِيٌّ.

فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ بَعْضِهِمْ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ مَثَلًا) مِثْلُ الْبَيْعِ الشِّرَاءُ، وَمِثْلُ النَّقْدِ الْعَرْضُ كَالْبُرِّ فَمَثَلًا رَاجِعٌ لِكُلِّ مَنْ بَاعَ، وَنَقَدَ. (قَوْلُهُ: بِنَقْدٍ) كَدِينَارٍ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْمَحْبُوبَ، وَالْجَنْزِيرَ وَالْفُنْدُقْلِيَّ. (قَوْلُهُ: وَثَمَّ نَقْدٌ غَالِبٌ) أَيْ: فِي مَكَانِ الْبَيْعِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِهَا أَيْ: بَلَدِ الْبَيْعِ، وَيَعْلَمُ نَقُودَهَا، أَوْ لَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِمُنَافَاتِهِ لِلتَّعْلِيلِ الْآتِي؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَقْدَ الْبَلَدِ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا لَهُمَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ شَوْبَرِيٌّ.

وَكَلَامُ ح ل يُوَافِقُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمَا بِهِ،

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ أَيْ: شَأْنُهُ أَنْ يُرَادَ ح ف.

(قَوْلُهُ: وَثَمَّ نَقْدٌ) أَيْ: نَوْعٌ مِنْ النَّقْدِ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) نَعَمْ إنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ أَيْ: الْغَالِبِ، أَوْ رَوَاجِهَا وَجَبَ التَّعْيِينُ، وَذُكِرَ النَّقْدَ لِلْغَالِبِ، أَوْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ شَرْحُ حَجّ. .

وَعِبَارَةُ ع ش مَفْهُومَةٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي سم عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ لَمْ يَصِحَّ مَا نَصُّهُ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَجَابَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ) اُنْظُرْ لَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ بِاللَّفْظِ أَيْ: تَعْيِينِ عَيْنِ الَّذِي أَرَادَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَلَبَ الْمُكَسَّرُ وَتَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ) كَمَا إذَا غَلَبَ الرِّيَالُ الْمُكَسَّرُ، وَكَانَ أَنْصَافًا، وَأَرْبَاعًا، وَأَثْمَانًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْبَاعِ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَسَّرِ مَا قَابَلَ الرِّيَالَ الْكَامِلَ شَيْخُنَا ح ف. فَلَوْ تَبَايَعَا بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ شَيْئًا بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ، أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ: قَالَ الشَّيْخُ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِهَذَا الثَّالِثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ لَفْظًا) أَيْ: لَا نِيَّةً بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَهُنَا ذَاتُ الْعِوَضِ فَاغْتُفِرَ ثَمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مَبْنَاهُ

ص: 185

(وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) بِأَنْ لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَإِنْ وُصِفَ بِصِفَةِ السَّلَمِ لِلْغَرَرِ؛ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْعِيَانِ. (وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ) عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ اكْتِفَاءً بِالتَّخْمِينِ الْمَصْحُوبِ بِهَا فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الصُّبْرَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ، وَلَا يُكْرَهُ شِرَاءُ مَجْهُولِ الذَّرْعِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا تَعْرِفُ تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ. (وَ) تَكْفِي (رُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ فِيمَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ إلَى وَقْتِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَغْلِبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ كَأَرْضٍ، وَإِنَاءٍ وَحَدِيدٍ، أَوْ يَحْتَمِلَ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءً كَحَيَوَانٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ كَأَطْعِمَةٍ يُسْرِعُ فَسَادُهَا نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَ) تَكْفِي (رُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ) إنْ (دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ نَحْوِ بُرٍّ) كَشَعِيرٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ غَالِبًا بِخِلَافِ صُبْرَةِ بِطِّيخٍ، وَرُمَّانٍ، وَسَفَرْجَلٍ، وَنَحْوِهَا وَنَحْوِ بُرٍّ مِنْ زِيَادَتِي. (وَ) مِثْلُ (أُنْمُوذَجٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَالتَّعَبُّدُ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ شَرْحُ م ر وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ، أَوْ أَقْرَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ بِحَالٍ نَقَصَ سِعْرُهُ، أَوْ زَادَ أَمْ عَزَّ وُجُودُهُ فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ شَرْحُ م ر

. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) أَيْ: غَائِبٍ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: بِأَنْ لَمْ يَرَهُ إلَخْ ح ف وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا بَيْعُ عَيْنٍ مُتَمَيِّزَةٍ مَوْصُوفَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ وَيُشْبِهُ عَلَى الضَّعَفَةِ كَذَا بِخَطِّ م ر شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ إنْ ذُكِرَ جِنْسُهُ أَيْ: أَوْ نَوْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ وُصِفَ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخَبَرَ) لَيْسَ هَذَا حَدِيثًا بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ لَفْظُ الْحَدِيثِ «لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبِرِ» وَرِوَايَةٌ أُخْرَى «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» شَيْخُنَا ح ف، وَفِي شَرْحِ م ر «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» . (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ) عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشَّمِّ، وَالذَّوْقِ فِي الْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عِوَضٍ) ثَمَنًا، وَمُثَمَّنًا

وَقَوْلُهُ: عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ أَيْ: وَزْنًا، أَوْ عَدًّا، أَوْ كَيْلًا، أَوْ ذَرْعًا. (قَوْلُهُ: الْمَصْحُوبِ بِهَا) أَيْ: بِالْمُعَايَنَةِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ) فَلَوْ وَجَدَهَا عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ، وَانْخِفَاضٌ، وَقَدْ ظَنَّ اسْتِوَاءَ مَا تَحْتَهَا صَحَّ، وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ مِنْ إفَادَةِ التَّخْمِينِ ح ف.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا تَرَاكُمَ فِيهِ شَرْحُ م ر قَالَ ح ل: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ الْمَوْزُونُ، وَالْمَعْدُودُ. (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي رُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ) فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ، وَيُخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ، وَرَضِيَ بِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا صُدِقَ الْبَائِعُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ شَرْحُ م ر. وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِهِ) أَيْ: مِنْ حِينِ رُؤْيَتِهِ إلَى وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْلِبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ) أَيْ: وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالْفِعْلِ لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقِيصَةٍ ع ش وَقِ ل.

(قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ) رَآهُ مِنْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ إنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّمْثِيلَ لِمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ، وَالسَّقَمِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ وَلِهَذَا عَطَفَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَيْهِ فَأَلْحَقَهُ بِهِ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّنْظِيرَ فَظَاهِرٌ أَيْ: نَظِيرُهُ فِي الْحُكْمِ، وَمُلْحَقٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ لَكِنَّهُ يَفُوتُهُ التَّمْثِيلُ لِمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَغَيَّرَ فِيهَا، وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ شَوْبَرِيٌّ.

وَاخْتَارَ شَيْخُنَا ح ف كَوْنَهُ لِلتَّمْثِيلِ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ تَغَذِّيهِ فِي الصِّحَّةِ، وَالسَّقَمِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ تَغَيُّرَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَأَطْعِمَةٍ يَسْرُعُ فَسَادُهَا) أَيْ: رَآهَا مِنْ يَوْمٍ مَثَلًا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ. ح ل

. (قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ) . (فَرْعٌ)

سُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَنْ بَيْعِ السُّكَّرِ فِي قُدُورِهِ هَلْ يَصِحُّ، وَتَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ صَحَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهُ لَا تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِهِ إذَا كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ لِلضَّرُورَةِ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) أَيْ: عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ) مَبِيعَةٍ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ أَيْ: الْإِبْهَامِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَتَى بِهِ مَعَ الْكَافِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ غَالِبًا، وَمِنْ ذَلِكَ الدَّقِيقُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ اللَّبَنَ، وَسَائِرَ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى كَظَاهِرِ الْوَاقِعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَذَلِكَ كَظَاهِرِ وَمِثْلُ. وَقَدْ وَهَمَ

ص: 186

بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ (لِمُتَمَاثِلٍ) أَيْ: مُتَسَاوِي الْأَجْزَاءِ كَالْحُبُوبِ وَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْأُنْمُوذَجِ فِي الْبَيْعِ: وَإِنْ لَمْ يَخْلِطْهُ بِالْبَاقِي كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (أَوْ) لَمْ يَدُلَّ عَلَى بَاقِيهِ بَلْ (كَانَ صُوَانًا) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا (لِلْبَاقِي لِبَقَائِهِ كَقِشْرِ رُمَّانٍ، وَبَيْضٍ) وَخُشْكَنَانَ (وَقِشْرَةٍ سُفْلَى لِجَوْزٍ، أَوْ لَوْزٍ) فَتَكْفِي رُؤْيَتُهُ؛ لِأَنَّ صَلَاحَ بَاطِنِهِ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ هُوَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ، وَجِلْدِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِمَا، فَقَوْلِي لِبَقَائِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ خِلْقَةً. وَخَرَجَ بِالسُّفْلَى وَهِيَ: الَّتِي تُكْسَرُ حَالَةَ الْأَكْلِ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَصَالِحِ مَا فِي بَاطِنِهِ نَعَمْ إنْ لَمْ تَنْعَقِدْ السُّفْلَى كَفَتْ رُؤْيَةُ الْعُلْيَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ، وَيَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ وَيُتَسَامَحُ فِي فُقَّاعِ الْكُوزِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَعْضُهُمْ فَقَرَأَهُ بِالْجَرِّ. قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَقَصَدَ بِذِكْرِ مِثْلِ بَيَانَ مَعْنَى الْكَافِ فِي قَوْلِهِ: كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ إلَخْ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدِّرْ الْكَافَ فَيَقُولُ: وَكَالْأُنْمُوذَجِ؛ لِأَنَّ الْكَافَ حَرْفٌ لَا يَسْتَقِلُّ فَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ، وَالْمَجْرُورُ مُتَلَفِّقَيْنِ مِنْ مَتْنٍ وَشَرْحُ بِخِلَافِ مِثْلِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِلٌّ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّ مِثْلَ مُقَدَّرَةٌ فِي الْكَلَامِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ. (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ) أَيْ: مَعَ سُكُونِ النُّونِ، وَهَذَا هُوَ الشَّائِعُ عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْقَامُوسِ بِجَعْلِ هَذَا مِنْ اللَّحْنِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ كَوْنُهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالنُّونِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، أَوْ بِلَا هَمْزٍ. وَالْأُنْمُوذَجُ: هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْعَيِّنَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ قَدْرًا مِنْ الْبُرِّ وَيُرِيَهُ لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: لِمُتَمَاثِلٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ: بِصِيغَةٍ تَشْمَلُ الْجَمِيعَ بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك الْبُرَّ الَّذِي عِنْدِي مَعَ الْأُنْمُوذَجِ، فَلَوْ أَعْطَى لَهُ الْأُنْمُوذَجَ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ، وَبَاعَهُ مَا عِنْدَهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ مِنْ الْمَبِيعِ شَيْئًا، وَكَذَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ مُسْتَقِلًّا، وَعَلَى مَا عِنْدَهُ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا عِنْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِبَقَائِهِ) أَيْ: لِأَجْلِ بَقَائِهِ فَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: صُوَانًا فَاخْتَلَفَ الْمُتَعَلِّقَانِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لِلتَّعَدِّيَةِ، وَالثَّانِيَ لِلْعِلَّةِ،

وَقَوْلُهُ: لِبَقَائِهِ بِحَيْثُ إذَا فَارَقَ ذَلِكَ الصُّوَانَ لَا يَتَأَتَّى ادِّخَارُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَقِشْرِ رُمَّانٍ إلَخْ) وَكَقِشْرِ قَصَبِ السُّكْرِ الْأَعْلَى، وَطَلْعِ النَّخْلِ شَرْحُ م ر فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ قِشْرَ الْقَصَبِ صُوَانٌ لِبَاقِيهِ. (قَوْلُهُ: وَخُشْكَنَانَ) هُوَ اسْمٌ لِقِطْعَةِ عَجِينٍ يُوضَعُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ السُّكَّرِ، وَاللَّوْزِ، وَالْجَوْزِ، وَالْفُسْتُقِ وَفَطِيرَةٍ رَقِيقَةٍ، وَيُجْعَلُ الْمَجْمُوعُ فِي هَذِهِ الْفَطِيرَةِ، وَيُسَوَّى بِالنَّارِ. فَالْفَطِيرَةُ الرَّقِيقَةُ هِيَ الْقِشْرَةُ فَتَكْفِي رُؤْيَتُهَا عَنْ رُؤْيَةِ مَا فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صُوَانٌ لَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا ح ف: خُشْكُ مَعْنَاهُ يَابِسٌ، وَنَانَ مَعْنَاهُ عَجِينٌ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ جَوْزِ الْقُطْنِ) أَيْ: فَلَا يَكْتَفِي بِرُؤْيَتِهِ عَنْ الْقُطْنِ قَبْلَ تَفَتُّحِهِ وَقَدْ يُقَالُ: عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَجِلْدِ الْكِتَابِ) أَيْ: فَلَا يَكْتَفِي بِرُؤْيَتِهِ عَنْ الْكِتَابِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِمَا) أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ صُوَانًا لِمَا فِيهِ كَالصَّدَفِ لِدُرَّةٍ، وَالْفَأْرَةِ لِمِسْكِهَا، وَاللُّحُفِ وَالْفُرُشِ لِمَا فِيهَا، وَكَانَ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِرُؤْيَتِهَا عَنْ رُؤْيَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْقُطْنِ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ نَحْوَ الْقُطْنِ فِي اللُّحُفِ، وَالْفُرُشِ مَقْصُودٌ بِخِلَافِهِ فِي الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ فَسَامَحُوا فِيهَا ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ خِلْقَةً) أَيْ: لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ الْخُشْكُنَانُ فَإِنَّهُ مَصْنُوعٌ، وَلَيْسَ بِخِلْقِيٍّ، وَيَرِدُ عَلَيْهِ جَوْزُ الْقُطْنِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: لَهُ أَيْضًا صُوَانٌ أَيْ: مُطْلَقُ صُوَانٍ لَا صُوَانٌ لِبَقَائِهِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ.

وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ خِلْقَةً أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى طَرْدِهِ الْقُطْنُ فِي جَوْزِهِ، وَالدُّرُّ فِي صَدَفِهِ، وَالْمِسْكُ فِي فَأْرَتِهِ، وَعَلَى عَكْسِهِ الْخُشْكُنَانُ، وَنَحْوُهُ، وَالْفُقَّاعُ فِي كُوزِهِ، وَالْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْقُطْنِ لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ صُوَانَهَا خِلْقِيٌّ دُونَ الْآخَرِ مَعَ أَنَّ صُوَانَهَا غَيْرُ خِلْقِيٍّ، وَمِثْلُ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ الْفُرُشُ، وَاللُّحُفُ كَمَا بَحَثَهُ الدَّمِيرِيُّ.

وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ فَرَجَّحَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ الظَّاهِرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْبَاطِنِ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَأْكُولٌ) ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي بَابِ الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُ هَذَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُنَا أَنْ يَكُونَ قِشْرُهُ صُوَانًا لِمَا فِيهِ، وَقِشْرُ الْقَصَبِ الْأَعْلَى لَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ مَوْجُودَةٌ فِي الْبَاقِلَّا فَإِنَّ قِشْرَهَا الْأَسْفَلَ قَدْ يُؤْكَلُ مَعَهَا، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي قِشْرِهَا الْأَعْلَى فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَعْلَى لَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ، وَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ تَدُلُّ عَلَى رُؤْيَةِ بَاقِيهِ فَهُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ ح ل قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا بِخِلَافِ اللُّوبْيَاءِ الْخَضْرَاءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي قِشْرِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُتَسَامَحُ فِي فُقَّاعِ) أَيْ: فِي شِرَاءِ مَاءِ الْكُوزِ الَّذِي فِيهِ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ مَعْرُوفٌ يُبَاعُ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ فِي قِنَّانِيِّ الْقَزَّازِ، وَيُسَدُّ فَمُهَا خَوْفًا مِنْ حُمُوضَتِهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِهِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّغْوَةَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْكُوزِ تُسَمَّى فُقَّاعًا، وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ.

وَفِي الْقَامُوسِ الْفُقَّاعُ كَرُمَّانٍ هُوَ الَّذِي يُشْرَبُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِمَا يَرْتَفِعُ فِي رَأْسِهِ مِنْ الزَّبَدِ. انْتَهَى. وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الزَّبِيبِ فَيَكُونُ مِنْ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِاسْمِ جُزْئِهِ شَيْخُنَا ح ف. وَمِثْلُهُ

ص: 187