الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. (وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةٌ) لِغَيْرِ مَا مَرَّ (تَلِيقُ) بِهِ فَيُعْتَبَرُ فِي الدَّارِ رُؤْيَةُ الْبُيُوتِ وَالسُّقُوفِ وَالسُّطُوحِ وَالْجُدَرَانِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَالْبَالُوعَةِ،، وَفِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ الْأَشْجَارِ وَالْجُدَرَانِ وَمَسَايِلِ الْمَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ رُؤْيَةُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ، وَفِي الدَّابَّةِ رُؤْيَةُ كُلِّهَا لَا رُؤْيَةُ لِسَانِهِمْ وَلَا أَسْنَانِهِمْ، وَفِي الثَّوْبِ نَشْرُهُ لِيَرَى الْجَمِيعَ، وَرُؤْيَةُ وَجْهَيْ مَا يَخْتَلِفُ مِنْهُ كَدِيبَاجٍ مُنَقَّشٍ، وَبِسَاطٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَخْتَلِفُ كَكِرْبَاسَ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ أَحَدِهِمَا، وَفِي الْكُتُبِ وَالْوَرَقِ الْبَيَاضُ، وَالْمُصْحَفِ رُؤْيَةُ جَمِيعِ الْأَوْرَاقِ.
(وَصَحَّ سَلَمُ أَعْمَى) وَإِنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ أَيْ: أَنْ يُسْلِمَ، أَوْ يُسْلَمَ إلَيْهِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي:(بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ) يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ، وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ، أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ يَعْتَمِدُ الْوَصْفَ لَا الرُّؤْيَةَ أَمَّا غَيْرُهُ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ كَبَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَرَهْنٍ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَسَبِيلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ وَيُؤَجِّرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُهَا، وَلَوْ كَانَ رَأَى قَبْلَ الْعَمَى شَيْئًا مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ قَبْلَ عَقْدِهِ صَحَّ عَقْدُهُ عَلَيْهِ كَالْبَصِيرِ.
(بَابُ الرِّبَا)
بِالْقَصْرِ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ع ش ثُمَّ قَالَ ع ش: وَذَلِكَ الزَّبِيبُ يُسَمَّى بِالْفُقَّاعِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْهُ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ رُؤْيَةٌ تَلِيقُ) كَانَ الظَّاهِرُ جَعْلَ قَوْلِهِ: وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِغَيْرِ مَا مَرَّ احْتِرَازًا عَنْ هَذَا خَوْفًا مِنْ التَّكْرَارِ وَإِلَّا فَالرُّؤْيَةُ فِي هَذَا تَلِيقُ بِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمَسَايِلِ الْمَاءِ) وَفِي السَّفِينَةِ رُؤْيَةُ جَمِيعِهَا حَتَّى مَا فِي الْمَاءِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فَتُبَاعُ السَّفِينَةُ، وَبَعْضُهَا مَسْتُورٌ بِالْمَاءِ ز ي.
(قَوْلُهُ: رُؤْيَةُ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ) أَفْتَى الشِّهَابُ م ر بِعَدَمِ رُؤْيَةِ قَدَمَيْهَا وَقَالَ وَلَدُهُ: إنَّ الدَّابَّةَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ، وَقَوْلُهُ: رُؤْيَةُ كُلِّهَا أَيْ: حَتَّى شَعْرَهَا فَيَجِبُ رَفْعُ السَّرْجِ، وَالْإِكَافِ، وَالْجُلِّ شَرْحُ الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا رُؤْيَةُ لِسَانِهِمْ) عَبَّرَ بِضَمِيرِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ تَغْلِيبًا لِلْعَاقِلِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِسَاطٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ. (قَوْلُهُ: كَكِرْبَاسٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَخْتَلِفُ وَجْهَاهُ وَلَوْ كَانَتْ أَقْمِشَةً رَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: وَالْوَرَقِ الْبَيَاضِ) أَيْ: ذِي الْبَيَاضِ فَهُوَ صِفَةٌ لِلْوَرَقِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَيَاضِ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْأَصْفَرَ وَغَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُصْحَفِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَفِي الْكُتُبِ
. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ سَلَمُ أَعْمَى) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ: أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ: إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ، أَوْ خُلِقَ أَعْمَى فَلَا يَصِحُّ سَلَمُهُ. انْتَهَى. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ هُنَا غَيْرُ التَّمْيِيزِ الشَّرْعِيِّ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ: فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَفِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِ إنْ كَانَ الْأَعْمَى مُسْلَمًا إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُ السَّلَمِ مَعَهُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ، أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: يُعَيَّنُ فِي الْمَجْلِسِ) هَلْ يَكْفِي أَنْ يُعَيِّنَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يُوَكِّلَ؟ صَنِيعَهُ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ حَيْثُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ، وَالْإِقْبَاضِ، وَسَكَتَ عَنْ التَّعْيِينِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ) أَيْ: إذَا كَانَ مُسْلِمًا بِكَسْرِ اللَّامِ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ يَقْبِضُ لَهُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَيْ: إذَا كَانَ مُسْلَمًا إلَيْهِ فَقَوْلُهُ: رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَالْمُسْلَمَ فِيهِ أَيْ: يُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ إنْ كَانَ هُوَ مُسْلَمًا إلَيْهِ، وَمَنْ يَقْبِضُ لَهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ إذَا كَانَ هُوَ مُسْلَمًا. فَفِي هَذِهِ أَيْ: قَوْلِهِ وَالْمُسْلَمَ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ، وَشِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَيْ: يُحْكَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلٍ، أَوْ فَرْعٍ أَوْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ، أَوْ شَهِدَ بِهَا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَيَصِحُّ مِنْهُ ذَلِكَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ كَمَا فِي الزَّرْكَشِيّ ع ش.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ)، وَكَذَا إقَالَةٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ) أَيْ: الْغَيْرُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ تُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ بِخِلَافِ الْأَعْمَى فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَرَى شَيْخَنَا. (قَوْلُهُ: وَسَبِيلُهُ) أَيْ: وَطَرِيقُ صِحَّةِ غَيْرِ السَّلَمِ مِنْ الْأَعْمَى كَالْبَيْعِ، وَغَيْرِهِ مِمَّا يَعْتَمِدُ الرُّؤْيَةَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ إلَخْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ) أَيْ: وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. (قَوْلُهُ: كَالْبَصِيرِ) تَشْبِيهُهُ بِالْبَصِيرِ يُفِيدُ اعْتِبَارَ تَذَكُّرِ الْأَوْصَافِ حَالَةَ الْعَقْدِ ق ل.
[بَابُ الرِّبَا]
بِالْقَصْرِ مَعَ كَسْرِ الرَّاءِ، أَمَّا مَعَ فَتْحِهَا فَبِالْمَدِّ، وَتُبْدَلُ الْبَاءُ مِيمًا مَعَ فَتْحِ الرَّاءِ، وَكَسْرِهَا، وَمَعَ الْقَصْرِ وَالْمُدِّ فَفِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ شَيْخُنَا ح ف وَقِيلَ فِيهِ ثَمَانُ لُغَاتٍ: كَسْرُ الرَّاءِ وَفَتْحُهَا مَعَ الْقَصْرِ، وَالْمَدِّ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مَعَ الْبَاءِ، أَوْ الْمِيمِ أَيْ: بَابُ بَيَانِ حُكْمِ الرِّبَا، وَحُكْمِ بَيْعِ الرِّبَوِيِّ مَعَ بَعْضِهِ قَالَ ح ل: وَظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَخْبَارِ رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّ الرِّبَا أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ لَكِنْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا بِخِلَافِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ وَمَا أَبْدَى لَهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً لَا عِلَّةً وَفِيهِ أَنَّ عِلْمَ الْحِكْمَةِ رُبَّمَا يُخْرِجُهُ
وَيُكْتَبُ بِهِمَا وَبِالْيَاءِ وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، وَشَرْعًا: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ، أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَآيَةِ {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا. (قَوْلُهُ: وَيُكْتَبُ بِهِمَا) أَيْ: الْأَلْفِ وَالْوَاوِ مَعًا ع ش عَلَى م ر أَيْ: نَظَرًا لِأَصْلِهِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ رَبَوَ فَرُوعِيَ الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ، وَهُوَ انْقِلَابُ الْوَاوِ أَلِفًا وَلَيْسَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فَتُكْتَبُ الْوَاوُ أَوَّلًا فِي الْبَاءِ، وَالْأَلِفُ بَعْدَهَا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ. وَقَوْلُهُ: وَبِالْيَاءِ أَيْ: فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ رَسْمَهُ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُ بِالْأَلِفِ وَحْدَهَا لَكِنَّ الْعُرْفَ عَلَى كِتَابَتِهِ بِهَا وَحْدَهَا نَظَرًا لِلَفْظِهِ شَيْخُنَا ح ف. وَقَوْلُهُ: وَبِالْيَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَلِفَ تُمَالُ نَحْوَ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: الزِّيَادَةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ بِعَقْدٍ، أَوْ لَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُنَاسِبُ رِبَا الْفَضْلِ،
وَقَوْلُهُ: عَقْدٌ فَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ إعْطَاءِ دَرَاهِمَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا لِأَجَلٍ بِلَا عَقْدٍ لَيْسَ مِنْ الرِّبَا بَلْ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ عَزِيزِيٌّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ إثْمُ الرِّبَا الشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا عَقْدٌ إلَخْ) هَذَا الْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ إذْ يَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ أَجَّلَا الْعِوَضَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِقِصَرِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلتَّبَرُّعِ بِالْإِقْبَاضِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا أَعَمُّ مِنْ تَأْخِيرِ اسْتِحْقَاقِ الْقَبْضِ، أَوْ تَأْخِيرِ نَفْسِ الْقَبْضِ سم. وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: غَيْرُ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ يَصْدُقُ بِالتَّفَاضُلِ فِي غَيْرِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ كَأَنْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ أَيْ: التَّمَاثُلُ الْمَعْهُودُ شَرْعًا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ أَيْضًا بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَانَ مَعْلُومَ التَّمَاثُلِ لَكِنْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ خَاصًّا بِمُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ مِنْ الرِّبَوِيِّ فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا لَوْ حَصَلَ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ لِلْعِوَضَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ أَيْ: عَقْدٌ وَاقِعٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ، أَوْ وَاقِعٌ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ، أَوْ اخْتَلَفَ. فَإِنْ قِيلَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ. أُجِيبُ بِأَنَّ أَلْ فِي الْبَدَلَيْنِ لِلْعَهْدِ الشَّرْعِيِّ أَيْ: الرِّبَوِيَّيْنِ الْمَعْهُودَيْنِ سم.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِأَرْبَعِ صُوَرٍ: بِأَنْ عَلِمَ التَّفَاضُلَ، أَوْ جَهِلَ التَّمَاثُلَ، وَالتَّفَاضُلَ، أَوْ عَلِمَ التَّمَاثُلَ لَا فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ بِأَنْ كَيَّلَ الْمَوْزُونَ، أَوْ وَزَنَ الْمَكِيلِ، أَوْ عَلِمَ التَّمَاثُلَ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ لِإِحَالَةِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ بَاعَ بُرًّا بِمِثْلِهِ جُزَافًا ثُمَّ خَرَجَا سَوَاءٌ كَمَا سَيَأْتِي شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ) فِي سَبَبِيَّةٌ، وَمِعْيَارُهُ الْكَيْلُ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنُ فِيمَا يُوزَنُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ) وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَالسَّرِقَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ أَمْوَاتًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْذَنْ بِالْمُحَارَبَةِ إلَّا فِيهِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 279] وَقَالَ: «مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْته بِالْحَرْبِ» وَحُرْمَتُهُ تَعَبُّدِيَّةٌ، وَمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّضْيِيقِ وَنَحْوِهِ حِكَمٌ لَا عِلَلٌ،
وَقَوْلُهُ: حُكْمُ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحِكْمَةِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا سم وع ش عَلَى م ر. وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] أَيْ: فِي الْكُتُبِ السَّابِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي بَعْضِ أَقْسَامِهِ وَهُوَ رِبَا الزِّيَادَةِ، وَأَمَّا الرِّبَا مِنْ أَجْلِ التَّأْخِيرِ، أَوْ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ مِنْ قَبِيلِ الصَّغَائِرِ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا» اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالرِّبَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ فَلَا يَصِحُّ لِقُصُورِهِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ، وَأَيْضًا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّعْنَ عَلَى أَكْلِ الزِّيَادَةِ فَقَطْ دُونَ بَاقِي الْعِوَضِ وَإِنْ أُرِيدَ بِالرِّبَا الْعَقْدُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِأَكْلِ الْعَقْدِ. وَأُجِيبُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالتَّقْدِيرُ آكِلَ مُتَعَلِّقِ الرِّبَا وَهُوَ الْعِوَضُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: آكِلَ الرِّبَا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَمْدُودَةِ، وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ: مُتَنَاوِلَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَخَصَّ الْأَكْلَ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْمَالِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمُوكِلَهُ) أَيْ: دَافِعَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَاتِبَهُ) أَيْ: الَّذِي
وَشَاهِدَهُ» وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ: الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ: الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا، أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا، وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ: الْبَيْعُ لِأَجَلٍ، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ.
(إنَّمَا يَحْرُمُ) الرِّبَا (فِي نَقْدٍ) أَيْ: ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَوْ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ كُحْلِيٍّ، وَتِبْرٍ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ كَفُلُوسٍ وَإِنْ رَاجَتْ وَذَلِكَ لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ الْغَالِبَةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهَا أَيْضًا بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ غَالِبًا وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْعُرُوضِ. (وَ) فِي (مَا قُصِدَ لِطُعْمٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ مَصْدَرُ طَعِمَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ بَيْنَ الْمُرَابِيَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَشَاهِدَهُ) بِالْإِفْرَادِ أَيْ: حَاضِرَهُ وَلَوْ غَيْرَ شَاهِدٍ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَشَرْحِ مُسْلِمٍ وَشَاهِدَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ، وَهُمَا اللَّذَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى الْعَقْدِ إذَا عَلِمَا ذَلِكَ أَيْ: بِأَنَّهُ رِبًا وَأَنَّهُ بَاطِلٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِثْمُ الْكَاتِبِ وَالشَّاهِدِ أَخَفُّ مِنْ إثْمِ الْآكِلِ وَالْمُوكِلِ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا الْإِقْرَارُ فَقَطْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَمَحَلُّ إثْمِهِمَا إذَا رَضِيَا بِهِ، وَأَقَرَّا عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَرْضَيَا وَلَمْ يَنْهَيَا مَعَ قُدْرَتِهِمَا عَلَى النَّهْيِ ع ش مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ) وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى بُطْلَانِهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: رِبَا الْفَضْلِ) وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُقْرِضِ غَيْرُ نَحْوِ الرَّهْنِ شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا جُعِلَ رِبَا الْقَرْضِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّهُ بَاعَ مَا أَقْرَضَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ) وَلَوْ احْتِمَالًا، وَمِنْهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ مَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَرِبَا الْيَدِ) إنَّمَا نُسِبَ إلَيْهَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ بِهَا حَالًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: بِلَا تَأْجِيلٍ. (قَوْلُهُ: وَرِبَا النَّسَاءِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمَدِّ أَيْ: الْأَجَلِ، وَأَمَّا النَّسَا بِالْقَصْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَرَضِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي يُقَالُ: فِيهِ عِرْقُ الْأُنْثَى، وَمِمَّا جُرِّبَ لَهُ أَنْ يُؤْخَذَ الْوَزَغُ الصَّغِيرُ وَيُوضَعُ فِي غَابَةِ بُوصٍ وَيُسَدُّ فَمُهَا وَتُرْبَطُ عَلَى الْمَوْضِعِ فَيَبْرَأُ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ) وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ تَبْوِيبَ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ غَيْرِهِ لَهُ فَصْلًا كَالْمُحَرَّرِ،
وَقَوْلُهُ: بَيْعُ الرِّبَوِيِّ أَيْ: بَيَانُ بَيْعِهِ أَيْ: بَيَانُ مَا يَصِحُّ مِنْهُ مَعَ الْحِلِّ وَمَا يَفْسُدُ مَعَ الْحُرْمَةِ فَإِذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْآتِي بَيَانُهَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا حَلَالًا وَإِنْ اخْتَلَّ مِنْهَا وَاحِدٌ كَانَ فَاسِدًا حَرَامًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَيْعِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ مِنْ كَوْنِهِ طَاهِرًا إلَخْ
. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْرُمُ الرِّبَا فِي نَقْدٍ) أَيْ: إنَّمَا يُوجَدُ، وَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا الْحَرَامُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَحْصُورُ فِيهِ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا دُونَ الْحُرْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ،
وَقَوْلُهُ: الْحَرَامُ صِفَةٌ لَازِمَةٌ، وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِإِنَّمَا لِلرَّدِّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الرِّبَا يُوجَدُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ كَالْجِبْسِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا عِنْدَهُمْ الْكَيْلُ لَا الطَّعْمُ، وَلَوْ قَالَ: إنَّمَا يُوجَدُ فِي نَقْدٍ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: إنَّمَا يَحْرُمُ الرِّبَا أَيْ: إنَّمَا يُوجَدُ وَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا الْحَرَامُ فِي نَقْدٍ إلَخْ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ كُلَّهَا حَرَامٌ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ الْإِثْمِ عَنْ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالرِّبَا اللُّغَوِيِّ وَهُوَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي التَّرْجَمَةِ بِمَعْنًى وَهُوَ: الرِّبَا الشَّرْعِيُّ، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ: الرِّبَا اللُّغَوِيُّ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا يُقَالُ: عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الرِّبَا قِسْمَانِ: قِسْمٌ حَرَامٌ وَهُوَ: مَا كَانَ فِي النُّقُودِ، وَالْمَطْعُومَاتِ، وَالْآخَرُ جَائِزٌ وَهُوَ: مَا كَانَ فِي غَيْرِهِمَا وَلَيْسَ مُرَادًا، وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَرَّمَ إنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ مَعَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ الْعَقْدُ فَتَأَمَّلْ، وَأَيْضًا يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى رِبَا الْفَضْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعُرُوضِ) أَيْ: فَلَا رِبَا فِيهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: اخْتِصَاصُ الرِّبَا بِالنَّقْدِ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِعِلَّةِ الثَّمَنِيَّةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ: وَفِي بَيْعِ بَعْضِ النَّقْدِ بِبَعْضِهِ تَضْيِيقٌ لِلْأَثْمَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَ كُلُّهُ ثَمَنًا لِغَيْرِهِ، وَالْعِلَّةُ مَعْنَاهَا الْحِكْمَةُ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ حُرْمَةِ الرِّبَا مِنْ الْأُمُورِ التَّعَبُّدِيَّةِ شَيْخُنَا.
وَمِثْلُهُ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِجَوْهَرِيَّةِ الْأَثْمَانِ) أَيْ: أَعْلَاهَا. (قَوْلُهُ: غَالِبًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْفُلُوسِ إذَا رَاجَتْ فَإِنَّهُ لَا رِبَا فِيهِ خ ط.
(قَوْلُهُ: وَمَا قُصِدَ لِطُعْمٍ) أَيْ: قَصَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمًا ضَرُورِيًّا لِبَعْضِ أَصْفِيَائِهِ كَآدَمَ بِأَنَّ هَذَا لِلْآدَمِيِّينَ، وَهَذَا لِلْبَهَائِمِ، وَخَرَجَ بِهِ الزَّيْتُ الْحَارُّ فَلَا رِبَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قُصِدَ لِلِاسْتِصْبَاحِ بِهِ ز ي.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الطَّاءِ) وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ مَا يُدْرَكُ بِالذَّوْقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَصْدَرُ طَعِمَ) أَيْ: مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ، وَالْقِيَاسُ الْفَتْحُ. قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
فَعَلَ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى
…
مِنْ ذِي ثَلَاثَةٍ كَرَدَّ رَدَّا
أَيْ: أَكَلَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا كَالْبَلُّوطِ (تَقَوُّتًا أَوْ تَفَكُّهًا، أَوْ تَدَاوِيًا) كَمَا تُؤْخَذُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْخَبَرِ الْآتِي فَإِنَّهُ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُمَا التَّقَوُّتُ فَأُلْحِقَ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْفُولِ، وَالْأُرْزِ، وَالذُّرَةِ وَعَلَى التَّمْرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ التَّفَكُّهُ وَالتَّأَدُّمُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَعَلَى الْمِلْحِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ فَأُلْحِقَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ كَالسَّقَمُونْيَا، وَالزَّعْفَرَانِ وَخَرَجَ بِقَصْدِ مَا لَا يُقْصَدُ تَنَاوُلُهُ مِمَّا يُؤْكَلُ كَالْجُلُودِ، وَالْعَظْمِ الرَّخْوِ فَلَا رِبَا فِيهِ، وَالطُّعْمُ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ مَطْعُومِ الْآدَمِيِّينَ وَإِنْ شَارَكَهُمْ فِيهِ الْبَهَائِمُ كَثِيرًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَيْ: أَكْلٍ) تَفْسِيرٌ لِطُعْمٍ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَتَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْضًا وَاللَّامِ، وَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ طَعِمَ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَظْهَرُ) اسْمُ يَكُونُ وَالطَّعْمَ خَبَرٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَهُوَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا) أَيْ: فَالْأَكْلُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ غَلَبَةٌ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ الْغَلَبَةُ قَصْدُ الطُّعْمِ فَمَا كَانَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الطُّعْمَ رِبَوِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا نَادِرًا وَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ رِبَوِيٌّ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ أَغْلِبُ، وَإِنْ كَانَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ يَكُونُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَمْ يُقْصَدْ لِطُعْمِ الْآدَمِيِّ غَالِبًا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ، وَالنَّوَى إيعَابٌ بِاخْتِصَارٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَالْبَلُّوطِ) أَيْ: كَثَمَرِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ كَتَنُّورٍ، وَبِضَمِّهَا كَعُصْفُورٍ شَجَرٌ لَهُ حَمْلٌ يُؤْكَلُ، وَيُدْبَغُ بِقِشْرِهِ، وَقِيلَ: شَجَرٌ لَهُ ثَمَرٌ يُشْبِهُ الْبَلَحَ فِي الصُّورَةِ بِأَرْضِ الشَّامِ كَانُوا يَقْتَاتُونَ ثَمَرَهُ قَدِيمًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِثَمَرِ الْفُؤَادِ. (قَوْلُهُ: تَقَوُّتًا) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: قَصَدَ تَقَوُّتَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدَاوِيًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي: وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِصْلَاحُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ إصْلَاحًا بَدَلَ قَوْلِهِ: أَوْ تَدَاوِيًا؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ نَصَّ عَلَى الْجَامِعِ بَيْنَ الْمَقِيسِ، وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْمِلْحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ لَا التَّدَاوِي إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّدَاوِي لَازِمُهُ وَهُوَ الْإِصْلَاحُ فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَمَا تُؤْخَذُ الثَّلَاثَةُ) الْكَافُ بِمَعْنَى لَامِ التَّعْلِيلِ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَخْذِ الثَّلَاثَةِ إلَخْ أَيْ: أَخْذِ بَعْضِ أَفْرَادِهَا بِالنَّصِّ، وَالْبَعْضَ الْآخَرَ بِالْقِيَاسِ. (قَوْلُهُ: فَأَلْحَقَ بِهِمَا) إنْ قِيلَ قَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ تَحْرِيمَ الرِّبَا تَعَبُّدِيٌّ، وَالْأُمُورُ التَّعَبُّدِيَّةُ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ. أُجِيبُ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ حُكْمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِحَيْثُ لَا يُزَادُ نَوْعٌ ثَالِثٌ عَلَى النَّقْدِ، وَالْمَطْعُومِ فَلَا يُنَافِي الْقِيَاسَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ كَمَا قِيلَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْفُولِ) أَيْ: وَالْحِمَّصِ م ر وَالتُّرْمُسِ، وَالْمَاءِ الْعَذْبِ عِنْدَ أَهْلِ مَحَلِّ الْعَقْدِ إذْ الْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ يُسَمَّى عَذْبًا عِنْدَ مَحَلِّ أَهْلِ الْعَقْدِ، وَبَعْضُهُمْ قَالَ: يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ الْعَامِّ كَمَا قَالَهُ م ر وع ش عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَاءُ الْعَذْبُ مُصْلِحٌ لِلْبَدَنِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّدَاوِي، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُوَافِقُهُ، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّهُ لِلْقُوتِ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَطْعُومِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] انْتَهَى. وَالْبُنُّ رِبَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا لِلتَّفَكُّهِ، أَوْ لِلتَّدَاوِي، وَكُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ فِي الْمَطْعُومِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمِلْحِ) وَمِثْلُهُ النَّطْرُونُ؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ الْإِصْلَاحُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ.
قَالَ ع ش: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَيَّ إصْلَاحٍ يُرَادُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَطْعُومَاتِ مِنْ الِاقْتِيَاتِ، وَالتَّفَكُّهِ، وَالتَّدَاوِي، وَالتَّأَدُّمِ وَاَلَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْغِشِّ فِي الْبِضَاعَةِ الَّتِي يُضَافُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: كَالسَّقَمُونْيَا) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْقَافِ، وَضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ النُّونِ مَقْصُورًا وَهِيَ السَّنَامِكِيُّ، أَوْ شَيْءٌ يُشْبِهُ بِرْمَاوِيٌّ وَالْحُلْبَةُ الْيَابِسَةُ رِبَوِيَّةٌ وَكَذَلِكَ الْكِيزَانُ؛ لِأَنَّهَا نَاشِئَةٌ مِنْهَا بِخِلَافِ الْخَضْرَاءِ. (قَوْلُهُ: كَالْجُلُودِ) إذَا غَلُظَتْ وَخَشُنَتْ وَإِلَّا فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ م ر وَقِ ل.
(قَوْلُهُ: وَالْعَظْمِ الرَّخْوِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالطُّعْمُ) أَيْ: فِي قَوْلُهُ: قَصَدَ لِطُعْمٍ ظَاهِرٌ فِي إرَادَةِ إلَخْ أَيْ: الْمُرَادُ مِنْهُ مَطْعُومُ الْآدَمِيَّيْنِ أَيْ: مَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ، وَإِنْ شَارَكَهُمْ فِيهِ الْبَهَائِمُ كَثِيرًا بَلْ، وَإِنْ غَلَبَ تَنَاوُلُهَا لَهُ كَثِيرًا كَالْفُولِ، وَالشَّعِيرِ كَمَا سَيَذْكُرُ فَخَرَجَ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ دَلِيلَ الِاخْتِصَاصِ لَيْسَ إلَّا مُشَاهَدَةُ تَنَاوُلِ مَنْ ذُكِرَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَارَكَهُمْ فِيهِ الْبَهَائِمُ) أَيْ: قَصْدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مُقْتَضَى السِّيَاقِ. وَالِاشْتِرَاكُ يَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ: بِأَنْ كَانَ قَصْدُ الْآدَمِيِّينَ لَهُ أَغْلَبَ، أَوْ الْبَهَائِمِ، أَوْ هُمَا عَلَى السَّوَاءِ. وَالْمَطْوِيُّ قَبْلَ الْغَايَةِ قَصْدُ الْآدَمِيِّينَ فَقَطْ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ فِي الْقَصْدِ تُضْرَبُ فِي خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ بِعِشْرِينَ. بَيَانُ الْخَمْسَةِ الَّتِي
فَخَرَجَ مَا اخْتَصَّ بِهِ الْجِنُّ كَالْعَظْمِ، أَوْ الْبَهَائِمُ كَالْحَشِيشِ، وَالتِّبْنِ وَالنَّوَى فَلَا رِبَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَذَا مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْآدَمِيُّونَ، وَالْبَهَائِمُ رِبَوِيٌّ وَإِنْ كَانَ أَكْلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ: الْحُكْمُ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ لِلْأَغْلَبِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قُصِدَ لِطُعْمِ الْبَهَائِمِ كَعَلَفٍ رَطْبٍ قَدْ تَأْكُلُهُ الْآدَمِيُّونَ لِحَاجَةٍ كَمَا مَثَّلَ هُوَ بِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي التَّنَاوُلِ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ، أَوْ يَغْلِبَ تَنَاوُلُهُمْ لَهُ، وَمِثْلُهُمَا فِي الْبَهَائِمِ، أَوْ يَتَنَاوَلَاهُ عَلَى السَّوَاءِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِشْرِينَ كُلَّهَا رِبَوِيَّةٌ إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِي التَّنَاوُلِ، وَأَخْرَجَ مَا اُخْتُصَّ بِهِ الْبَهَائِمُ فَقَطْ أَيْ: قُصِدَ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ هَذَا مَا تُعْطِيهِ الْعِبَارَةُ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف صُوَرَ الْمَقَامِ أَخْذًا مِنْ الرَّشِيدِيِّ فَقَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطُّعْمَ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الْآدَمِيَّ، أَوْ اخْتَصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ قَصْدًا، وَمِثْلُهُمَا فِي الْبَهَائِمِ، أَوْ اسْتَوَى " الْأَمْرَانِ قَصْدًا هَذِهِ خَمْسَةٌ، وَفِي التَّنَاوُلِ خَمْسَةٌ: مَا اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّ لَهُ، وَمِثْلُهُمَا فِي الْبَهَائِمِ اسْتَوَيَا فِي التَّنَاوُلِ، وَخَمْسَةٌ فِي مِثْلِهَا بِخَمْسَةٍ، وَعِشْرِينَ فَغَيْرُ الرِّبَوِيِّ سِتُّ صُوَرٍ وَهِيَ: فِيمَا إذَا قُصِدَ لِلْبَهَائِمِ فَقَطْ، أَوْ كَانَ أَظْهَرُ مَقَاصِدِهِ الْبَهَائِمَ، أَوْ قُصِدَا مَعًا، لَكِنْ فِي الثَّلَاثَةِ اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ، وَبَقِيَّةُ الصُّوَرِ وَهِيَ تِسْعَ عَشْرَةَ فِيهَا الرِّبَا فَتَأَمَّلْ. وَهَذَا يُخَالِفُ حَاصِلَ الشَّوْبَرِيِّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَبْدُ رَبِّهِ الدِّيوِيِّ أَنَّ مَا قُصِدَ لِلْآدَمِيِّينَ، أَوْ كَانُوا أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا أَيْ: فِي جَمِيعِ خَمْسَةِ التَّنَاوُلِ وَأَنَّ مَا قُصِدَ لِلْبَهَائِمِ، أَوْ كَانَتْ أَظْهَرَ مَقَاصِدِهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ مُطْلَقًا، وَمَا قُصِدَ لَهُمَا إنْ اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ، أَوْ غَلَبَ فِيهِمْ، أَوْ اسْتَوَوْا مَعَ الْبَهَائِمِ فِيهِ فَرِبَوِيٌّ، وَإِنْ اخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْبَهَائِمُ، أَوْ غَلَبَ فِيهَا فَغَيْرُ رِبَوِيٍّ فَيَكُونُ الرِّبَوِيُّ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَغَيْرُهُ اثْنَيْ عَشَرَ. (قَوْلُهُ:، أَوْ الْبَهَائِمُ) أَيْ: قَصْدًا إذْ الْكَلَامُ فِيهِ لَكِنْ هَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَخْتَصَّ بِتَنَاوُلِهِ الْآدَمِيُّونَ، أَوْ يَغْلِبُ تَنَاوُلُهُمْ أَخْذًا مِنْ حَمْلِهِ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ وَمِنْ تَسْلِيمِهِ أَنَّ الْحُكْمَ لِلْأَغْلَبِ شَيْخُنَا.
وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ رَبِّهِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَوْلِهِ: وَالطَّعْمُ إلَخْ فَالْغَايَةُ ضَعِيفَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْآدَمِيُّونَ إلَخْ) أَيْ: قَصْدًا،
وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ أَيْ: لِصُورَةِ الِاشْتِرَاكِ مِنْ حَيْثُ هِيَ لَا بِقَيْدِ قَوْلِهِ: قَصْدًا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ لِئَلَّا يُنَافِيَ الْحَمْلَ عَلَى مَا اخْتَصَّ بِهِ الْبَهَائِمُ يَعْنِي قَصْدًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَكْلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلِبَ) أَيْ: وَإِنْ اخْتَصَّ بِأَكْلِهِ هَذَا كُلُّهُ مَا تُعْطِيهِ الْعِبَارَةُ، وَأَمَّا تَحْرِيرُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَدْ عَلِمْته مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ، وَعَنْ الشَّيْخِ الدِّيوِيِّ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ) أَيْ: مَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ، وَالْبَهَائِمُ. الْحُكْمُ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ أَيْ: قُصِدَا بِهِ لِلْأَغْلَبِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قُصِدَ بِهِ الْبَهَائِمُ أَيْ: فَقَطْ وَوَافَقَ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا شَيْخَنَا. اهـ. ح ل فَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ مُعْتَمَدٌ، وَالْحَمْلُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قُصِدَ لَهُمَا وَكَانَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ أَغْلَبَ يَكُونُ رِبَوِيًّا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ ع ش بِزِيَادَةٍ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ قُصِدَ لِلنَّوْعَيْنِ فَرِبَوِيٌّ إلَّا إنْ غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ اعْتَمَدَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ: الْمَطْعُومَاتُ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: مَا يَخْتَصُّ بِالْآدَمِيِّينَ، وَمَا يَغْلِبُ فِيهِمْ، وَمَا يَسْتَوِي فِيهِ الْآدَمِيُّونَ، وَغَيْرُهُمْ، وَمَا يَخْتَصُّ بِغَيْرِهِمْ، وَمَا يَغْلِبُ فِي غَيْرِهِمْ. فَالثَّلَاثَةُ الْأُولَى فِيهَا الرِّبَا، وَالْبَاقِيَانِ لَا رِبَا فِيهِمَا. انْتَهَى وَهَلْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَصْدِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّنَاوُلِ؟ اسْتَوْجَهَ شَيْخُنَا ح ف الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ لَنَا، وَالْقَصْدُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْحَوَاشِي ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْقَصْدِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ قَبْلَ الْحَمْلِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْقَصْدِ فَيُنَافِي مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ إذَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ، وَلَوْ مَعَ الْبَهَائِمِ رِبَوِيٌّ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي التَّنَاوُلِ فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قُصِدَ بِهِ الْبَهَائِمُ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ يَفْصِلُ فِي التَّنَاوُلِ فَقَوْلُهُ: لِلْأَغْلَبِ أَيْ: فَإِذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْآدَمِيِّينَ لَهُ، وَبِالْأَوْلَى مَا إذَا اخْتَصُّوا بِهِ فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَإِذَا غَلَبَ تَنَاوُلُ الْبَهَائِمِ لَهُ، وَاخْتَصُّوا بِهِ فَهُوَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، وَأَمَّا صُورَةُ الِاشْتِرَاكِ عَلَى السَّوَاءِ يَعْنِي: فِي التَّنَاوُلِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُصِدَ بِهِ الْبَهَائِمُ فَقَطْ فَلَمْ تُؤْخَذْ مِنْ كَلَامِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا قُصِدَ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَأَتَّى هَذَا الْحَمْلُ مَعَ قَوْلِهِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ أَيْ: مَا قُصِدَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ، وَالْبَهَائِمُ كَمَا قَالَهُ ح ل اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْآدَمِيُّونَ، وَالْبَهَائِمُ أَيْ: تَنَاوَلَا خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَظْهَرُ الْحَمْلُ حَرِّرْ
وَالتَّفَكُّهُ يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّيَ بِحَلْوَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الطَّعَامُ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةِ هِيَ عَلَيْهِ.
(فَإِذَا بِيعَ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ، وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ (شُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:(حُلُولٌ، وَتَقَابُضٌ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) وَلَوْ بَعْدَ إجَازَةٍ لِلْعَقْدِ (وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ جُزَافًا فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءً لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ. وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ نَعَمْ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ مَثَلًا بِأُخْرَى مُكَايَلَةً، أَوْ صُبْرَةَ دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً صَحَّ إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَلَا، أَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَهُمَا، ثُمَّ تَبَايَعَا جُزَافًا صَحَّ وَلَا يُحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا إلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِلِاشْتِرَاكِ لَا بِقَيْدِ الْقَصْدِ. (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤْكَلُ لِلِالْتِذَاذِ بِهِ لَا أَكْلُ الْفَاكِهَةِ فَقَطْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحَلْوَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْحَلْوَا الَّتِي تُؤْكَلُ تُمَدُّ، وَتَقْصَرُ، وَجَمْعُ الْمَمْدُودِ حَلَاوِيّ مِثْلُ: صَحْرَاءَ وَصَحَارِيِ بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ حَلَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَلْوَا اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ مُعَالَجًا بِحَلَاوَةٍ ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ أُمُورٍ) لَكِنَّ الْأَوَّلَ، وَالثَّالِثَ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ ابْتِدَاءً، وَالثَّانِيَ شَرْطٌ لَهَا دَوَامًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: حُلُولٌ) أَيْ: بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَجَلٌ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: فَمَتَى اقْتَرَنَ بِأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ تَأْجِيلٌ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ كَدَرَجَةٍ، وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا لَمْ يَصِحَّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٌ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) يَعْنِي: الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ: حَوَالَةٍ وَإِنْ حَصَلَ مَعَهَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نَحْوُ حَوَالَةٍ وَمِثْلُهَا الْإِبْرَاءُ، وَالضَّمَانُ لَكِنْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِالْحَوَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ لِتَضَمُّنِهِمَا الْإِجَازَةَ، وَهِيَ قَبْلَ التَّقَابُضِ مُبْطِلَةٌ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ إنْ حَصَلَ التَّقَابُضُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَ بِالتَّفَرُّقِ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ إجَازَةٍ لِلْعَقْدِ) ضَعِيفٌ أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَهَا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ كَالتَّفَرُّقِ. (قَوْلُهُ: وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا) أَيْ: حَالَةَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَعْلَمَهَا كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ) أَيْ: بِالْيَقِينِ. (قَوْلُهُ: جُزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ جَازَفَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
لِفَاعَلَ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَهْ
وَالْآخَرَانِ مَصْدَرَانِ سَمَاعِيَّانِ، وَضَابِطُ الْجُزَافِ هُوَ مَا لَمْ يُقَدَّرْ بِكَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا كَيْلُهُ، أَوْ وَزْنُهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ مَثَلًا بِأُخْرَى إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْجُزَافِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَدَمَ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَدَمُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً وَهَذَا لَا يُخْرِجُ مَا ذُكِرَ عَنْ كَوْنِهِ جُزَافًا ح ل. قَالَ شَيْخُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى اسْتِدْرَاكًا عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُمَاثَلَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ جُزَافًا، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَا إلَخْ) وَلَوْ بِإِخْبَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَيْثُ صَدَّقَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَانَ الْبُطْلَانُ ع ش وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ يُفِيدُ الظَّنَّ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُمَاثَلَةُ يَقِينًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أُقِيمَ هَذَا الظَّنُّ مَقَامَ الْيَقِينِ
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَايَعَا لَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْدَ زَمَنٍ يَبْعُدُ فِيهِ احْتِمَالُ النَّقْصِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا) أَيْ: الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَمَتَى حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ بِغَيْرِ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ اسْتَمَرَّتْ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَلَا يَضُرُّ تَفَرُّقُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ فِيهَا مَعْلُومٌ قَبْلُ، وَأَمَّا الْأُولَى فَفِيهَا خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ الْمُسَاوَاةُ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الصِّحَّةُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَدَارَ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ عَلَى الْقَبْضِ النَّاقِلِ لِلضَّمَانِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ، وَدَوَامُ الصِّحَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ فَإِذَا حَصَلَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ وَخَرَجَا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ، وَالْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَهُوَ مَحَلُّ كَلَامِ الْمَتْنِ الْآتِي فِي الْفُرُوعِ حَيْثُ قَالَ: وَشُرِطَ فِي قَبْضِ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا مَعَ مَا مَرَّ نَحْوُ ذَرْعٍ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً بِمَثَابَةِ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ بِالْفِعْلِ أَيْ: الْقَبْضِ النَّاقِلِ لِلضَّمَانِ لَا الْمُفِيدِ لِلتَّصَرُّفِ لِمَا سَيَأْتِي. إذْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ لِلْمَكِيلِ، أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ.
وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى بِقِسْمَيْهَا دُونَ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ) قِيلَ لَعَلَّ إيثَارَهُمْ التَّقَابُضَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّعْبِيرُ بِالْقَبْضِ الِاكْتِفَاءَ بِهِ مِنْ أَحَدِ
كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ، وَيَكْفِي قَبْضُ مَأْذُونِ الْعَاقِدِ وَهُمَا بِالْمَجْلِسِ، وَكَذَا قَبْضُ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْمَجْلِسِ، وَلَوْ تَقَابَضَا الْبَعْضَ صَحَّ فِيهِ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ (بِكَيْلٍ فِي مَكِيلِ غَالِبِ عَادَةِ الْحِجَازِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِوَزْنٍ فِي مَوْزُونِهِ) أَيْ: مَوْزُونِ غَالِبِهَا لِظُهُورِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَقَرَّهُ فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ (وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ) بِأَنْ جُهِلَ حَالُهُ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ، أَوْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحِجَازِ، أَوْ اُسْتُعْمِلَ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ فِيهِ سَوَاءً، أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلَا فِيهِ يُعْتَبَرُ (بِوَزْنٍ إنْ كَانَ) الْمَبِيعُ (أَكْبَرَ) جُرْمًا (مِنْ تَمْرٍ) كَجَوْزٍ، وَبَيْضٍ إذْ لَمْ يُعْهَدْ الْكَيْلُ بِالْحِجَازِ فِيمَا هُوَ أَكْبَرُ جُرْمًا مِنْهُ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلَهُ كَاللَّوْزِ، أَوْ دُونَهُ (فَبِعَادَةِ بَلَدِ الْبَيْعِ) حَالَةَ الْبَيْعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْجَانِبَيْنِ. اهـ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ يُعَبِّرُ بِالْقَبْضِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ: مِنْهُمَا فَالْوَجْهُ أَنَّ إيثَارَهُ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ. اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَفَى الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَبْضِ النَّاقِلِ لِلْمِلْكِ لَا الْمُفِيدِ لِلتَّصَرُّفِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي قَبْضُ مَأْذُونِ الْعَاقِدِ إلَخْ) كَأَنَّهُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَكُونُ مِنْ الْعَاقِدِ، أَوْ مَأْذُونِهِ، أَوْ أَحَدِ وَرَثَتِهِ شَيْخُنَا.
قَالَ سم عَلَى حَجّ: وَحَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ كَمَا تَرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمَأْذُونِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْآذِنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْوَارِثِينَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُورَثِينَ الْمَيِّتِينَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُورَثَ بِالْمَوْتِ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْخِطَابِ بِالْقَبْضِ، وَعَدَمِهِ وَالْتَحَقَ بِالْجَمَادَاتِ بِخِلَافِ الْآذِنِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: مَأْذُونِ الْعَاقِدِ) وَلَوْ سَيِّدَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْعَاقِدُ رَقِيقًا مَأْذُونًا لَهُ فَقَبَضَ سَيِّدُهُ، أَوْ وَكِيلًا فَقَبَضَ مُوَكِّلُهُ أَيْ: بِالْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْقَبْضِ لَا يَكْفِي ح ل.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا قَبْضُ وَارِثِهِ) نَقَلَ ابْنُ شُهْبَةَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ تَصْوِيرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ فِي الْمَجْلِسِ وَذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّهُ يُتَّجَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ، وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَجْلِسَ بُلُوغِ الْخَبَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْبِضَ فِيهِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ. وَإِلْزَامُ الْعَقْدِ قَالَهُ الشَّيْخُ سم. وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا ابْنُ م ر. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ فَارَقَ أَحَدُهُمَا مُكْرَهًا، ثُمَّ زَالَ الْإِكْرَاهُ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ مَجْلِسُ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ فَيَحْتَاجُ لِتَوْكِيلِ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ، أَوْ يَقْبِضُ مِنْ وَكِيلِ الْآخَرِ، وَهَذَا حَاصِلُ مَا ظَهَرَ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُ الْمُحَشِّي فَلَا بُدَّ أَنْ يَقْبِضَ فِيهِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ أَيْ: بِأَنْ يُوَكِّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْإِقْبَاضِ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُمْكِنُهُمَا التَّقَابُضُ بِأَنْفُسِهِمَا. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ: مَجْلِسِ الْعَقْدِ إنْ كَانَ فِيهِ، أَوْ مَجْلِسِ بُلُوغِ الْخَبَرِ إنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ م ر ع ش؛ لِأَنَّهُ أَيْ: الْوَارِثَ فِي مَعْنَى الْمُكْرَهِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ بُلُوغِ الْخَبَرِ بِمَنْزِلَةِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَإِمَّا أَنْ يَحْضُرَ الْمَبِيعُ لَهُ فِيهِ، أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ لَهُ شَرْحُ م ر.
وَقَوْلُهُ: بِالْمَجْلِسِ مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضِهِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْوَارِثُ اُعْتُبِرَ مُفَارَقَةُ آخِرِهِمْ، وَلَا تُعْتَبَرُ مُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ لِقِيَامِ الْجُمْلَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَمُفَارَقَةُ بَعْضِهِمْ كَمُفَارَقَةِ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُوَرِّثِ مَجْلِسَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْإِقْبَاضِ عَنْ الْكُلِّ وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ لِوَاحِدٍ يَقْبِضُ عَنْهُمْ فَلَوْ أَقْبَضَ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ فِي حِصَّةِ مَنْ لَمْ يَقْبِضْ كَمَا لَوْ أَقْبَضَ الْمُورَثُ بَعْضَ عِوَضِهِ، وَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: بِكَيْلٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ الْكَيْلَ بِهِ كَقَصْعَةٍ،
وَقَوْلُهُ: وَيُوزَنُ وَلَوْ بِالْقَبَّانِ شَرْحُ م ر أَيْ: فَمَتَى كَانَ الشَّيْءُ يُكَالُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مِعْيَارَهُ عِنْدَنَا الْكَيْلُ، وَلَوْ بِغَيْرِ الْآلَةِ الَّتِي كِيلَ بِهَا فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِغَيْرِ الْآلَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْكَيْلِ الْآنَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْوَزْنِ. (قَوْلُهُ: عَادَةِ الْحِجَازِ) الْمُرَادُ بِالْحِجَازِ مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ، وَقُرَاهَا أَيْ: الثَّلَاثَةُ كَالطَّائِفِ، وَجُدَّةَ وَخَيْبَرَ، وَيَنْبُعَ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَحْدَثَ النَّاسُ خِلَافَهُ) أَيْ: بِأَنْ وَزَنُوا الْمَكِيلَ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ أَوْ كَالُوا الْمَوْزُونَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اُسْتُعْمِلَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فِيهِ سَوَاءً) لَا يَشْكُلُ عَلَى مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوَى نَقْدَانِ فِي الْغَلَبَةِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ مَأْخَذِ الْبَابَيْنِ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. فَزَعْمُ الزَّرْكَشِيّ اسْتِوَاءَهُمَا عَجِيبٌ شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَيْضًا هَلَّا قِيلَ: فِي هَذَا بِالتَّخْيِيرِ لِوُرُودِ كُلٍّ عَنْ الشَّارِعِ. (قَوْلُهُ: سَوَاءً) خَرَجَ بِقَوْلِهِ غَالِبِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُسْتَعْمَلَا) بِأَنْ كَانَ يُبَاعُ جُزَافًا مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ فَهِيَ خَمْسُ صُوَرٍ ح ف.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ تَمْرٍ) أَيْ: تَمْرٍ مُعْتَدِلٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي. (قَوْلُهُ: كَاللَّوْزِ) فِي الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ مَكِيلٌ كَمَا ذَكَرَهُ ح ل، وَاعْتَمَدَهُ ع ش، وَالتَّمْثِيلُ بِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَكِيلًا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ لَا الْحُكْمِ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي التَّمْثِيلِ نَحْوُ ذَلِكَ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا بِأَنَّ قَوْلَهُ: كَاللَّوْزِ تَنْظِيرٌ فِي كَوْنِهِ كَالتَّمْرِ جِرْمًا لَا فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ اللَّوْزَ مَكِيلٌ كَمَا قَالَهُ ع ش وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَهُ) كَالْبُنِّ وَالْبُنْدُقِ. (قَوْلُهُ: بَلَدِ الْبَيْعِ) فَإِنْ اخْتَلَفَتْ
وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا جُهِلَ يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ. فَعُلِمَ أَنَّ الْمَكِيلَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَزْنًا، وَأَنَّ الْمَوْزُونَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَيْلًا، وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا، وَلَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ التَّفَاوُتُ كَيْلًا، وَالْأَصْلُ فِي الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ: مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ أَيْ: غَالِبًا.
(أَوْ) إذَا بِيعَ رِبَوِيٌّ (بِ) رِبَوِيٍّ (غَيْرِ جِنْسِهِ وَاتَّحِدَا عِلَّةً) كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ، وَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (وَشُرِطَ حُلُولٌ وَتَقَابُضٌ) قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَا مُمَاثَلَةٌ (كَأَدِقَّةِ أُصُولٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ، وَخُلُولِهَا، وَأَدْهَانِهَا، وَلُحُومِهَا وَأَلْبَانِهَا) وَبُيُوضِهَا فَيَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْحُلُولُ، وَالتَّقَابُضُ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِ الْبُرِّ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ، وَخَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ مُتَفَاضِلَيْنِ وَخَرَجَ بِمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ مُتَّحِدَتُهُ كَأَدِقَّةِ أَنْوَاعِ الْبُرِّ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ [دَرْسٌ] وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ طَعَامٌ بِغَيْرِهِ كَنَقْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ غَيْرُ طَعَامٍ بِغَيْرِ طَعَامٍ وَلَيْسَا نَقْدَيْنِ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ.
(وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) فِي الثَّمَرِ، وَالْحَبِّ، وَاللَّحْمِ (فِي غَيْرِ الْعَرَايَا) الْآتِي بَيَانُهَا فِي بَابِ الْأُصُولِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْأَغْلَبِ فِيهِ فَإِنْ فُقِدَ الْأَغْلَبُ أُلْحِقَ بِالْأَكْثَرِ شَبَهًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ وَيَظْهَرُ فِي مُتَبَايِعَيْنِ فِي طَرَفِ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْعَادَةِ التَّخْيِيرُ أَيْضًا حَجّ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ تَبَايَعَا شَيْئًا كَذَلِكَ بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ. فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ؟ الْقِيَاسُ التَّعْيِينُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمَكِيلَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ أَضْبَطَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى هَذَا الْبَابِ التَّعَبُّدُ وَبِهِ فَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَكِيلِ، وَزْنًا وَفِي الْمَوْزُونِ كَيْلًا إنْ عُدَّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا دُونَ مَا لَا يُعَدُّ فِيهِ ضَابِطًا كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِالذَّهَبِ) أَيْ: يُبَاعُ بِالذَّهَبِ وَكَذَا الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: سَوَاءً بِسَوَاءٍ) تَأْكِيدٌ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ ح ل وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الْمِثْلِيَّةِ إلَى الْمَكِيلِ، وَالتَّسْوِيَةِ إلَى الْمَوْزُونِ وَنُصِبَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِمُشْتَقٍّ أَيْ: مُتَمَاثِلَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ مُتَقَابَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِعْلَامِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ) أَيْ: الرِّبَوِيَّةُ، وَأَرَدْتُمْ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا بِآخَرَ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مُمَاثَلَةٍ وَقَدْ اتَّحَدَا عِلَّةً ح ل وَقِ ل.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهِ) أَيْ: الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ.
. (قَوْلُهُ: وَخُلُولِهَا) أَيْ: فَإِنَّ كُلَّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا، وَاتَّحَدَ جِنْسُهُمَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْمُمَاثَلَةُ، وَكُلَّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ، أَوْ اخْتَلَفَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَكُلَّ خَلَّيْنِ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ لَمْ يُبَعْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لِمَنْعِ الْمَاءِ لِلْمُمَاثَلَةِ وَإِلَّا بِيعَ انْتَهَى حَجّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: حَاصِلُ صُوَرِ الْخُلُولِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا سِتَّةَ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا إمَّا مِنْ عِنَبٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ تَمْرٍ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا مَعَ نَفْسِهِ، أَوْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا يَسْقُطُ مِنْهَا سِتَّةٌ مُكَرَّرَةٌ، وَيَبْقَى عَشَرَةٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ، وَخَمْسَةٌ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَلَّيْنِ مَاءٌ، أَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا، وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ عَذْبًا، أَوْ غَيْرَ عَذْبٍ خِلَافًا لِابْنِ شُهْبَةَ فِي اعْتِمَادِهِ الصِّحَّةَ فِي غَيْرِ الْعَذْبِ إذْ قَاعِدَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِ بَلْ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَلُحُومِهَا) يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ، وَلَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الضَّأْنِ، وَبَيْضِ دَجَاجٍ بِبَيْضِ إوَزٍّ مَعَ تَفَاضُلٍ. وَلَحْمُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جِنْسٌ وَكَذَا لَبَنُهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ يَشْمَلُ الْمَعْزَ، وَلَحْمُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ، وَكَذَا لَبَنُهُمَا لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْبَقَرِ لَهُمَا، وَبَيَاضُ الْبَيْضِ وَصِفَارُهُ جِنْسٌ ح ل وَقَرَّرَهُ ح ف.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ: فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِتَفَاوُتِهَا فِي النُّعُومَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَا عِلَّةً
. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَرَايَا فِيهَا مُمَاثَلَةٌ لَكِنْ مُقَدَّرَةً أَيْ: بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ فِيهَا تَفَاوُتُ الْعِوَضَيْنِ بَعْدَ الْجَفَافِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَا مَوْجُودَةً حَالَ الْعَقْدِ فَتَكُونُ أَلْ فِيهَا لِلْعَهْدِ أَيْ: الْمُمَاثَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ لَا بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ: الْيَابِسُ، فَيَضِيعُ قَوْلُهُ: بِجَفَافٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ الثَّمَرِ عَنْ اللَّحْمِ لِيَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِهِ وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ، أَوْ عِنَبٍ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا بِتَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَأَخَذَ الشَّارِحُ التَّقْيِيدَ بِالثَّلَاثَةِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ: بِجَفَافٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ وَمِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: وَلَا يَكْفِي فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِهِ: وَتُعْتَبَرُ فِي لَبَنٍ إلَخْ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَمَالِ لَشَمِلَ اللَّبَنَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَالْخَلِّ،
وَقَوْلُهُ: بِجَفَافٍ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ بِمَعْنَى وَقْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ
وَالثِّمَارِ (بِجَفَافٍ) لَهَا إذْ بِهِ يَحْصُلُ الْكَمَالُ (فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا) مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (رَطْبٌ بِرَطْبٍ) بِفَتْحِ الرَّاءَيْنِ (وَلَا بِجَافٍّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جَفَافٌ كَقِثَّاءٍ، وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ، وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ طَرِيُّ اللَّحْمِ فَلَا يُبَاعُ بِطَرِيِّهِ، وَلَا بِقَدِيدِهِ مِنْ جِنْسِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقْتَ الْجَفَافِ أَيْ: تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ،
وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَذْكُورَاتِ حَالٌ مِنْ الْغَيْرِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ غَيْرِهَا أَيْ: غَيْرِ الْعَرَايَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ: الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ،
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيْ: لِلثَّلَاثَةِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لَهَا جَفَافٌ، أَوْ لَا وَهَذَا التَّعْمِيمُ إنَّمَا يَأْتِي فِي الثَّمَرِ لَا فِي الْحَبِّ، وَلَا فِي اللَّحْمِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَأَتَّى تَجْفِيفُهُ وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَالَةُ جَفَافٍ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَوْ رُطَبًا، وَتَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. .
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَا لَا جَفَافَ لَهُ كَقِثَّاءٍ، وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ لَا يُبَاعُ أَصْلًا، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ تَكْفِي مُمَاثَلَتُهُ رَطْبًا بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ حَالَ رُطُوبَتِهِ فَكَانَ كَاللَّبَنِ فَيُبَاعُ وَزْنًا، وَإِنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ، وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ انْتَهَى وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الرُّطُوبَةِ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ ع ش عَلَيْهِ،
وَقَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ الْآنَ أَيْ: حَالَ الرُّطُوبَةِ،
وَقَوْلُهُ: وَقْتَ الْجَفَافِ ظَرْفٌ لِلْمُمَاثَلَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِجَفَافٍ لَهَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ نَادِرًا كَالْقِثَّاءِ فَإِنَّهَا إذَا جَفَّتْ صَحَّ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر شَيْخُنَا.
وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ عَدَمُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلْفَسَادِ، وَيُشْتَرَطُ فِي اللَّحْمِ انْتِفَاءُ عَظْمٍ وَمِلْحٍ يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ وَتَنَاهِي جَفَافِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ. وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّمْرِ شَرْحُ م ر وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: إذْ بِهِ يَحْصُلُ الْكَمَالُ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي كَامِلَيْنِ، وَضَابِطُ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ كَسَمْنٍ، أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ كَلَبَنٍ شَرْحُ م ر أَيْ: مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ لِيُخْرِج نَحْوُ الْقِثَّاءِ، وَالْبِطِّيخِ فَإِنَّهَا مُتَهَيِّئَةٌ لِلِانْتِفَاعِ لَكِنْ لَا تُعْلَمُ الْمُمَاثَلَةُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ع ش وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلَهُ: إذْ بِهِ يَحْصُلُ إلَخْ الْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ إضَافِيٌّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرِ، وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بِجَفَافٍ لَهَا فَلَا يُنَافِي حُصُولَ الْكَمَالِ بِغَيْرِ الْجَفَافِ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ كَاللَّبَنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْعَرَايَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ: لِلْمَذْكُورَاتِ الَّتِي هِيَ الْحَبُّ، وَاللَّحْمُ، وَالثَّمَرُ أَيْ: لِمَجْمُوعِهَا كَبَعْضِ أَفْرَادِ الثَّمَرِ ح ل بِزِيَادَةٍ.
وَعِبَارَةُ ع ش وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيْ: لِلْمَذْكُورَاتِ وَالْمُرَادُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْهَا، وَلَوْ ذُكِرَ الضَّمِيرُ لَمْ يَحْتَجْ لِهَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الرُّطَبِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَقِثَّاءٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ الْمَدِّ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَاحِدَة قِثَّاءَةٍ بِالْمَدِّ أَيْضًا وَهِيَ تَشْمَلُ الْخِيَارَ، وَالْعَجُّورَ، وَالْفَقُّوسَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ) الْمُرَادُ بِالْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهَا لِيَشْمَلَ حَالَ تَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْجَفَافِ) أَيْ: فِيمَا لَهُ جَفَافٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَفَافٌ فَلَا تَكُونُ الْعِلَّةُ قَاصِرَةً كَمَا قَالَهُ ح ل، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْمُعْتَبَرَةُ وَقْتَ الْجَفَافِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ بِالْجَفَافِ، وَفِي قَوْلِهِ فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ) أَيْ: بِقَدْرِهِ مِنْ التَّمْرِ، أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ ح ل. وَالْأَوْلَى قَصْرُ الْحَدِيثِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ: قَوْلِهِ: أَيْ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَوَهَّمَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ. (قَوْلُهُ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ لِيُنَبِّهَهُمْ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ لَا اسْتِفْهَامٌ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: قَالَ فَلَا إذْنَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَيَنْقُصُ إلَخْ إشَارَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِيهِ إيمَاءٌ إذْ هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ لَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ نُقْصَانَ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ الْإِشَارَةَ إلَى هَذَا وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ، وَامْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ وَالشَّارِحُ اقْتَصَرَ فِي الْكُلِّ عَلَى جَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي الْحَدِيثِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَمْ يَقُلْ
وَيُبَاعُ قَدِيدُهُ بِقَدِيدِهِ بِلَا عَظْمٍ، وَلَا مِلْحٍ يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَبِّ وَالتَّمْرِ تَنَاهِي جَفَافِهِمَا بِخِلَافِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ الزَّيْتُونُ فَإِنَّهُ لَا جَفَافَ لَهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ)
نَزْعُ نَوَى التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ يُبْطِلُ كَمَالَهُمَا بِخِلَافِ مُفَلَّقِ الْمِشْمِشِ، وَنَحْوِهِ وَيَمْتَنِعُ بَيْعُ بُرٍّ بِبُرٍّ مَبْلُولٍ وَإِنْ جَفَّ.
(وَلَا تَكْفِي) أَيْ: الْمُمَاثَلَةُ (فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأُلْحِقَ بِهِ أَيْضًا طَرِيُّ بَاقِي الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ الْإِلْحَاقَ فِي ذَلِكَ وَاضِحٌ أَيْ:؛ لِأَنَّهَا كُلُّهَا ثِمَارٌ بِخِلَافِ اللَّحْمِ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَيُبَاعُ قَدِيدُهُ بِقَدِيدِهِ) أَيْ: إذَا قُدِّرَ بِغَيْرِ النَّارِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَا يَكْفِي فِيمَا أَثَّرَتْ فِيهِ نَارٌ بِنَحْوِ طَبْخٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِلَا عَظْمٍ) أَيْ: مُطْلَقًا كَثُرَ، أَوْ قَلَّ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ كَكَثِيرِهِ، وَمِنْ الْعَظْمِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مَعَ اللَّحْمِ كَأَطْرَافِهِ الرِّقَاقِ،
وَقَوْلُهُ: يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ قَيْدٌ فِي الْمِلْحِ فَقَطْ لَا فِي الْعَظْمِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ خُلُوُّهُ مِنْ الْعَظْمِ فَلَمْ يُغْتَفَرْ مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْمِلْحِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ مَصَالِحِهِ اُغْتُفِرَ الْقَلِيلُ مِنْهُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنُ الْمِلْحِ مَوْجُودَةً كَأَنْ شَرِبَهُ اللَّحْمُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ ظُهُورٌ لَهُ وَقْعٌ. وَهَلْ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ وَقْعًا فِي نَفْسِهِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ فَيَخْتَلِفُ بِقِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ حَرِّرْ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْحَبِّ وَالتَّمْرِ إلَخْ) صَنِيعُ ع ش عَلَى م ر يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: بِخِلَافِ نَحْوِ التَّمْرِ مِمَّا مِعْيَارُهُ الْكَيْلُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَنَاهِي جَفَافِهِ، وَيُشِيرُ لِهَذَا الضَّبْطِ قَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ فَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّمْرَ بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُكَالُ، وَأَمَّا الثَّمَرُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فَغَالِبُهُ مَوْزُونٌ. اهـ لَكِنْ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى التَّمْرِ فَلَا يَشْمَلُ بَاقِيَ الثِّمَارِ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ يَكُونُ شَامِلًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تَنَاهِي جَفَافِهِمَا) الْمُرَادُ بِتَنَاهِي الْجَفَافِ وُصُولُهُ إلَى حَالَةٍ يَتَأَتَّى فِيهَا ادِّخَارُهُ عَادَةً. ع ش وَقَالَ سم: يَنْبَغِي أَنَّ ضَابِطَ جَفَافِهِمَا أَنْ لَا يَظْهَرَ بِزَوَالِ الرُّطُوبَةِ الْبَاقِيَةِ أَثَرٌ فِي الْمِكْيَالِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَنَاهِي الْجَفَافِ شَرْطٌ فِي الْمَوْزُونِ لَا فِي الْمَكِيلِ. (قَوْلُهُ: يَظْهَرُ أَثَرُهُ) أَيْ: اللَّحْمِ أَيْ: أَثَرُ بَاقِي رُطُوبَتِهِ كَمَا يَدُلُّ لِذَلِكَ عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ الزَّيْتُونُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُبَاعُ الزَّيْتُونُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَالَ اسْوِدَادِهِ وَنُضْجِهِ؛ لِأَنَّهُ كَامِلٌ وَلَا يُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّهُ جَافٌّ وَتِلْكَ الرُّطُوبَاتُ الَّتِي فِيهَا إنَّمَا هِيَ الزَّيْتُ وَلَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَائِيَّةٌ لَجَفَّ انْتَهَى. قَالَ ز ي: وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا وُضِعَ عَلَيْهِ مِلْحٌ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ صِرْفٌ يُشَاهَدُ انْتَهَى. ع ش عَلَى م ر وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ نَوْعَانِ نَوْعٌ لَا مَائِيَّةَ فِيهِ وَنَوْعٌ فِيهِ مَائِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ) أَيْ: حَالَ اسْوِدَادِهِ وَنُضْجِهِ؛ لِأَنَّهُ كَامِلٌ م ر وع ش، وَمِعْيَارُهُ الْكَيْلُ، وَيُضَمُّ إلَى الزَّيْتُونِ الْبَيْضُ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِي قِشْرِهِ وَزْنًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ نَزْعُ نَوَى التَّمْرِ إلَخْ) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى شَرْطٍ آخَرَ زَائِدٍ عَلَى اشْتِرَاطِ الْجَفَافِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَيْ: الْجَفَافِ عَدَمُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ إلَخْ. اهـ وَهَلْ مِنْ التَّمْرِ الْعَجْوَةُ الْمَنْزُوعَةُ النَّوَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ تُدَّخَرُ عَادَةً وَلَا يَسْرُعُ إلَيْهَا الْفَسَادُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ نَزْعَ نَوَاهَا يُعَرِّضُهَا لِلْفَسَادِ أَيْ: شَأْنُهَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ أَنْ تَكُونَ رُطَبًا نُزِعَ نَوَاهُ، أَوْ تَمْرًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ التَّمْرِ فَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الرُّطَبِ فَالْفَسَادُ فِيهَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُبَاعُ رُطَبٌ بِرُطَبٍ، وَلَا بِجَافٍّ. وَالرُّطُوبَةُ فِيهَا مُتَفَاوِتَةٌ، وَمِثْلُهَا بِالْأَوْلَى الَّتِي بِنَوَاهَا؛ لِأَنَّ النَّوَى فِيهَا غَيْرُ كَامِنٍ ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: يُبْطِلُ كَمَالَهُمَا) أَيْ: الَّذِي كَانَ حَاصِلًا؛ لِأَنَّهُمَا يَسْرُعُ إلَيْهِمَا الْفَسَادُ بِنَزْعِ النَّوَى وَلَا يَصْلُحَانِ لِلِادِّخَارِ ح ف أَيْ: فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ بَيْعُهُمَا بِمِثْلِهِمَا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ تَمْرٌ وَزَبِيبٌ لَا نَوَى لَهُ بِأَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ لِكَمَالِهِ شَوْبَرِيٌّ نَقْلًا عَنْ م ر.
(قَوْلُهُ: مُفَلَّقِ الْمِشْمِشِ) بِكَسْرِ الْمِيمَيْنِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهِمَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ كَالْخَوْخِ وَالْكُمَّثْرَى؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي تَجْفِيفِهِمَا نَزْعُ النَّوَى ح ل. (قَوْلُهُ: بِبُرٍّ مَبْلُولٍ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا م ر، أَوْ أَحَدُهُمَا ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَفَّ) أَيْ: لِتَفَاوُتِ انْكِمَاشِهِ عِنْدَ الْجَفَافِ، وَمِثْلُهُ الْفَرِيكُ بِالْفَرِيكِ أَيْ: فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ فَإِنْ جُفِّفَ بِالشَّمْسِ، أَوْ فِي النَّارِ اللَّيِّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا ح ف. وَكَالْمَبْلُولِ الْمَقْلِيُّ وَالْمَقْشُورُ بِرْمَاوِيٌّ
. (قَوْلُهُ: فِيمَا) أَيْ: فِي رِبَوِيٍّ ح ل فَخَرَجَ الزَّيْتُ الْحَارُّ، وَالزَّيْتُ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقُرْطُمِ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَلَا يُبَاعُ رِبَوِيٌّ بِمَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ فَبَيْعُ اللَّبَنِ بِالسَّمْنِ، وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ
كَدَقِيقٍ، وَخُبْزٍ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَا حَبُّهُ بِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِتَفَاوُتِ الدَّقِيقِ فِي النُّعُومَةِ، وَالْخُبْزِ فِي تَأْثِيرِ النَّارِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ بِالنُّخَالَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً (إلَّا فِي دُهْنٍ وَكُسْبٍ صِرْفٍ) أَيْ: خَالِصٍ مِنْ دُهْنِهِ كَدُهْنِ سِمْسِمٍ وَكُسْبِهِ فَتَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِيهِمَا.
(وَتَكْفِي) أَيْ: الْمُمَاثَلَةُ (فِي الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ عَصِيرًا، أَوْ خَلًّا) ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ حَالَاتُ كَمَالٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَتَا كَمَالٍ فَأَكْثَرُ فَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ، وَكُسْبِهِ بِبَعْضٍ، وَبَيْعُ كُلٍّ مِنْ عَصِيرٍ، أَوْ خَلِّ الْعِنَبِ، أَوْ الرُّطَبِ بِبَعْضِهِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ السِّمْسِمِ، وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ بِبَعْضِهِ بِخِلَافِ خَلِّ الزَّبِيبِ، أَوْ التَّمْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَاءً فَيَمْتَنِعُ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَكَعَصِيرِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ عَصِيرُ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ كَعَصِيرِ الرُّمَّانِ، وَقَصَبِ السُّكَّرِ، وَالْمِعْيَارُ فِي الدُّهْنِ، وَالْخَلِّ، وَالْعَصِيرِ الْكَيْلُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ وَالْخُبْزِ، وَذِكْرُ الْكُسْبِ وَعَصِيرِ الرُّطَبِ وَخَلِّهِ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَبِالْكَسْبِ بَاطِلٌ لَكَانَ أَوْلَى بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: كَدَقِيقٍ) وَمِثْلُهُ جَرِيشُ الْفُولِ، وَالْعَدَسُ، وَالْكُنَافَةُ، وَالشَّعِيرِيَّةُ.
وَقَوْلُهُ: وَخُبْزٍ أَيْ: إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ كَخُبْزِ بُرٍّ بِخُبْزِ شَعِيرٍ جَازَ، وَمِثْلُ الْخُبْزِ الْعَجِينُ وَالنَّشَا بِفَتْحِ النُّونِ مَعَ الْقَصْرِ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْمَدُّ أَيْضًا بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَا حَبُّهُ بِهِ) وَأَمَّا بِالنَّقْدِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَوْ كَانَ مَخْلُوطًا بِالنُّخَالَةِ؛ لِأَنَّ النُّخَالَةَ قَدْ تُقْصَدُ أَيْضًا لِلدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا، وَيُمْكِنُ تَمْيِيزُهَا مِنْ الدَّقِيقِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِالْمَاءِ فَإِنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْمَاءِ لَا يُقْصَدُ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَحْدَهُ أَلْبَتَّةَ لِتَعَذُّرِ تَمْيِيزِهِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا حَبُّهُ بِهِ) لَمْ يَقُلْ وَلَا بِحَبَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي شُمُولَ الْمَتْنِ لَهَا وَعَلَى جَعْلِهَا مِنْ أَفْرَادِ الْمَتْنِ عَلَى التَّسْلِيمِ يَقْصُرُ الِاسْتِثْنَاءُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: إلَّا فِي دُهْنٍ عَلَى أَنَّ بَيْعَ بَعْضِ كُلٍّ بِبَعْضِهِ الْآخَرِ دُونَ بَيْعِ كُلٍّ بِحَبِّهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَتَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِيهِمَا ح ل مُلَخَّصًا أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ الشَّيْءُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ ز ي
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي شُمُولَ الْمَتْنِ إلَخْ أَيْ: مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا قَبْلُ، وَيُمْكِنُ تَحَمُّلُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: فِيمَا يُتَّخَذُ شَامِلٌ لِمَا إذَا بِيعَ الْمُتَّخَذُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، أَوْ بِيعَ بِحَبِّهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ) تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِحَبِّهِ وَعِلَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الشَّيْءُ بِمَا اتَّخَذَ مِنْهُ إذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ حَرَّرَهُ ح ل اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لِلْأَكْلِ وَبِهَذَا تُفَارِقُ الْكَسْبَ، وَمِثْلُ النُّخَالَةِ الْحَبُّ الْمُسَوَّسُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ لُبٌّ أَصْلًا وَيَصِحُّ بَيْعُ التَّمْرِ بِطَلْعِ الذُّكُورِ دُونَ طَلْعِ الْإِنَاثِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَكَسْبٍ) وَلَوْ مِنْ لَوْزٍ، أَوْ جَوْزٍ بِخِلَافِ مَا لَا يَأْكُلُهُ غَالِبًا إلَّا الْبَهَائِمُ كَكَسْبِ الْقُرْطُمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ رِبَوِيًّا سم، وَكَذَا كَسْبُ الْكَتَّانِ. اهـ سُلْطَانٌ.
وَقَوْلُهُ: صِرْفٍ رَاجِعٌ لِلْكَسْبِ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ لَكِنَّ الْحُكْمَ مِنْ خَارِجٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَيْضًا فِي الدُّهْنِ مِنْ كَوْنِهِ خَالِصًا فَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى الْكَسْبِ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: خَالِصٌ مِنْ دُهْنِهِ وَكَسْبِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلِاثْنَيْنِ شَيْخُنَا.
. (قَوْلُهُ: عَصِيرًا، أَوْ خَلًّا) أَيْ: وَحَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَائِرًا عَصِيرًا، أَوْ خَلًّا وَهُمَا جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِهِمَا اسْمًا وَصِفَةً فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلَيْنِ ح ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ الدُّهْنِ، وَالْكَسْبِ، وَعَصِيرِ الْعِنَبِ، وَالْخَلِّ وَإِلَّا لَقَالَ حَالَتَا كَمَالٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ: مِنْ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ: وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ بِجَفَافٍ،
وَقَوْلُهُ: فَأَكْثَرُ أَيْ: كَالسِّمْسِمِ يَكُونُ حَبًّا، وَدُهْنًا وَكَسْبًا، وَكَالْعِنَبِ يَكُونُ زَبِيبًا، وَعَصِيرًا، وَخَلًّا، وَكَاللَّبَنِ يَكُونُ حَلِيبًا، وَخَاثِرًا، وَمَخِيضًا، وَسَمْنًا، وَجُبْنًا. وَدُهْنُ السِّمْسِمِ هُوَ الشَّيْرَجُ وَاَلَّذِي لَهُ حَالَتَانِ فَقَطْ كَعِنَبٍ وَرُطَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ وَلَا يَتَتَمَّرُ لَهُ الْعَصِيرُ وَالْخَلُّ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ إلَخْ) حَاصِلُ مَسْأَلَةِ السِّمْسِمِ وَمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ أَنَّ السِّمْسِمَ، وَالشَّيْرَجَ، وَالْكَسْبَ الْخَالِصَ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ، وَكَذَا الشَّيْرَجُ بِالْكَسْبِ الْخَالِصِ مِنْ الدُّهْنِ وَلَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي الْأَخِيرَةِ، وَيُمْتَنَعُ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ وَبِالطَّحِينَةِ وَبِالْكَسْبِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلَا حَبُّهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُهْنِيَّةٌ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الطَّحِينَةِ بِمِثْلِهَا وَلَا بِكَسْبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُهْنِيَّةٌ، وَلَا بِالشَّيْرَجِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا تَكْفِي فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ إلَخْ فَصُوَرُهُ عَشَرَةٌ. أَرْبَعَةٌ صَحِيحَةٌ، وَسِتَّةٌ بَاطِلَةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشُّرَّاحِ. اهـ. سم عَلَى حَجّ. وَالشَّيْرَجُ بِفَتْحِ الشِّينِ بِوَزْنِ جَعْفَرٍ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر عَنْ الْمِصْبَاحِ. .
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَيْسَ لِلطَّحِينَةِ الْمَعْرُوفَةِ قَبْلَ اسْتِخْرَاجِ دُهْنِهَا حَالَةُ كَمَالٍ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُبَاعُ سِمْسِمٌ بِشَيْرَجٍ إذْ هُوَ فِي مَعْنَى بَيْعِ كَسْبٍ، وَدُهْنٍ بِدُهْنٍ وَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ وَالْكَسْبُ الْخَالِصُ وَالشَّيْرَجُ جِنْسَانِ. وَحَاصِلُ مَا فِي بَيْعِ الْكَسْبِ بِالْكَسْبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ فَقَطْ كَكَسْبِ الْكَتَّانِ جَازَ مُتَفَاضِلًا، وَمُتَسَاوِيًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَأْكُلُهُ النَّاسُ كَكَسْبِ السِّمْسِمِ، وَاللَّوْزِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَلْطٌ يَمْنَعُ التَّمَاثُلَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا فَيَجُوزُ. (قَوْلُهُ: أَوْ خَلِّ الْعِنَبِ) . (قَاعِدَةٌ)
كُلُّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ، أَوْ اخْتَلَفَ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ، وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَكُلُّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ
(وَتُعْتَبَرُ) أَيْ: الْمُمَاثَلَةُ (فِي لَبَنٍ لَبَنًا) بِحَالِهِ (أَوْ سَمْنًا، أَوْ مَخِيضًا صِرْفًا) أَيْ: خَالِصًا مِنْ الْمَاءِ أَوَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ اللَّبَنِ بِبَعْضٍ كَيْلًا سَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ، وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُغْلَ بِالنَّارِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَا يُبَالَى بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْ الْخَاثِرِ أَكْثَرَ وَزْنًا، وَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِ السَّمْنِ بِبَعْضٍ وَزْنًا إنْ كَانَ جَامِدًا، أَوْ كَيْلًا إنْ كَانَ مَائِعًا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ تَوَسُّطٌ بَيْنَ وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي تَمْشِيَتِهِ التَّوَسُّطَ، وَبَيْعَ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِخَالِصٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ (فَلَا تَكْفِي) الْمُمَاثَلَةُ (فِي بَاقِي أَحْوَالِهِ كَجُبْنٍ) ، وَأَقِطٍ، وَمَصْلٍ، وَزُبْدٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ مُخَالَطَةِ شَيْءٍ فَالْجُبْنُ يُخَالِطُهُ الْإِنْفَحَةُ، وَالْأَقِطُ يُخَالِطُهُ الْمِلْحُ، وَالْمَصْلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ اخْتَلَفَ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهِمَا بِبَعْضٍ فَلَا يُبَاعُ خَلُّ التَّمْرِ بِخَلِّ الزَّبِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهِمَا وَهُوَ رِبَوِيٌّ فَيَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ عَذْبًا ح ل.
. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ فِي لَبَنٍ) أَيْ: فِي هَذِهِ الْمَاهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ بَعْدُ لَبَنًا، أَوْ سَمْنًا. (قَوْلُهُ: لَبَنًا) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ أَحْوَالٌ لَكِنْ عَلَى التَّأْوِيلِ فِي كُلٍّ فَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ تَقْدِيرُهُ بَاقِيًا بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرَيْنِ تَقْدِيرُهُ صَائِرًا سَمْنًا، أَوْ مَخِيضًا شَيْخُنَا. (فَائِدَةٌ)
سَمْنُ الْبَقَرِ إذَا شُرِبَ مَعَ الْعَسَلِ نَفَعَ مِنْ شُرْبِ السُّمِّ الْقَاتِلِ، وَمِنْ لَدْغِ الْحَيَّاتِ، وَالْعَقْرَبِ. انْتَهَى عَبْدُ الْبَرِّ.
وَقَرَّرَهُ ح ف.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَخِيضًا) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ فَلَيْسَ قَسِيمًا لِلَبَنٍ فَيُبَاعُ بِمِثْلِهِ، وَبِالسَّمْنِ وَبِالزُّبْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ زَبَدٌ لَمْ يُبَعْ بِمِثْلِهِ، وَلَا بِزَبَدٍ وَلَا بِسَمْنٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ ز ي، وَكَوْنُهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ هُوَ مُغَايِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَبَنًا بِحَالِهِ أَيْ: لَيْسَ سَمْنًا، وَلَا مَخِيضًا فَيَكُونُ الْمَخِيضُ قَسِيمًا لِلَبَنِ الثَّانِي، وَقِسْمًا مِنْ الْأَوَّلِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر ثُمَّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَخِيضَ قَسِيمًا لِلَّبَنِ مَعَ أَنَّهُ قِسْمٌ مِنْهُ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الْمَخْضِ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ قِسْمٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ قِسْمًا فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ كَثِيرٍ. اهـ وَلَعَلَّ هَذَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا بِحَالِهِ. (قَوْلُهُ: صِرْفًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ إذَا اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ بَلْ وَلَا بِالنَّقْدِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: أَمَّا الْمَشُوبُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ أَيْضًا إذْ هُوَ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الرَّاجِعِ لِلثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ إيهَامٌ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ فَقَطْ لَكِنْ لَا نَظَرَ إلَى هَذَا الْإِيهَامِ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلثَّلَاثَةِ أَفْيَدُ وَفِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُشِيرُ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ السَّمْنِ صِرْفًا حَيْثُ قَالَ: أَمَّا قَبْلَ التَّمْيِيزِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ. وَفِي شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا صَافِيًا مِنْ الْمَاءِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: بِيَعُ بَعْضِ اللَّبَنِ) عِبَارَةُ م ر أَنْوَاعُ اللَّبَنِ أَيْ: فَيَجُوزُ بَيْعُ الرَّائِبِ بِالْحَلِيبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَالِي بِكَوْنِ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ إلَخْ) أَيْ: لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا لَكِنْ فِي أَنَّ الْخَاثِرَ أَكْثَرُ كَيْلًا أَيْضًا مِنْ غَيْرِهِ أَيْ: أَنَّ مَا يَحْوِيهِ الْمِكْيَالُ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْوِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ عَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهَذَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْخَاثِرِ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ قَالُوا: الْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ الْحَلِيبِ وَالرَّائِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ ذَاكَ لَا يَتَرَاكَمُ عَلَى الْمِكْيَالِ لِكَوْنِهِ مَائِعًا، فَالْأَحْسَنُ حَمْلُ الْخَاثِرِ هُنَا عَلَى الرَّائِبِ إذْ هُوَ لِجُمُودِهِ يَتَرَاكَمُ عَلَى الْمِكْيَالِ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: خَثَرَ اللَّبَنُ مِنْ بَابِ قَعَدَ أَيْ: ثَخُنَ. (قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُمَا الْعِرَاقِيُّونَ) أَيْ: عَنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ. (قَوْلُهُ: الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا الْوَزْنُ) أَيْ: الْمُرَجَّحُ لَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فَلَا يُقَالُ: كَيْفَ أَطْلَقَ الْعِرَاقِيُّونَ الْوَجْهَيْنِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ؟ وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى النَّصِّ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالنَّصِّ حَقِيقَتُهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالتَّوَسُّطَ) وَهُوَ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ الْمَائِعِ وَالْجَامِدِ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ بَعْضِ الْمَخِيضِ الصِّرْفِ بِبَعْضٍ) وَكَذَا بِالسَّمْنِ، وَالزُّبْدِ مُتَفَاضِلًا، وَبَيْعُهُ بِالزُّبْدِ حَكَى الْإِمَامُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَشُوبُ بِمَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ) مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا يَظْهَرُ فِي الْكَيْلِ أَمَّا الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش عَلَيْهِ: وَمَحَلُّهُ فِي نَحْوِ الْمَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مَصَالِحِهِ كَاَلَّذِي يُقْصَدُ بِهِ حُمُوضَتُهُ. اهـ وَيَدْخُلُ فِي الْمَشُوبِ مَا لَوْ خُلِطَ بِالسَّمْنِ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يُقْصَدُ لِلْبَيْعِ مَعَ السَّمْنِ كَالدَّقِيقِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَخْلُوطِ لَا بِمِثْلِهِ، وَلَا بِدَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ يَمْنَعُ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: كَجُبْنٍ) بِإِسْكَانِ الْبَاءِ مَعَ تَخْفِيفِ النُّونِ وَبِضَمِّهَا مَعَ تَشْدِيدِ النُّونِ، وَتَرَكَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَصْلٍ) هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمِشِّ الْحَصِيرِ. وَعِبَارَةُ ز ي الْمَصْلُ وَالْمُصَالَةُ: مَا سَالَ مِنْ مَاءِ الْأَقِطِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ. اهـ بِحُرُوفِهِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِمَا تَقَدَّمَ وَالْأَقِطُ كِنَايَةٌ عَنْ اللَّبَنِ إذَا وُضِعَ فِي النَّارِ، وَجَمَدَ وَيُوضَعُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمِلْحِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: الْإِنْفَحَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَيُقَالُ: مِنْفَحَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَعَ فَتْحِ الْفَاءِ
يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ، وَالزُّبْدُ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالسَّمْنِ، وَلَا اللَّبَنُ بِمَا يُتَّخَذُ مِنْهُ كَسَمْنٍ وَمَخِيضٍ.
(وَلَا) تَكْفِي (فِيمَا أَثَّرَتْ فِيهِ نَارٌ بِنَحْوِ طَبْخٍ) كَقَلْيٍ وَشَيٍّ، وَعَقْدٍ كَلَحْمٍ، وَدِبْسٍ، وَسُكَّرٍ فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِاخْتِلَافِ تَأْثِيرِ النَّارِ قُوَّةً، وَضَعْفًا وَخَرَجَ بِنَحْوِ طَبْخٍ الْمَاءُ الْمَغْلِيُّ فَيُبَاعُ بِمِثْلِهِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. (وَلَا يَضُرُّ تَأْثِيرُ تَمْيِيزٍ) وَلَوْ بِنَارٍ (كَعَسَلٍ وَسَمْنٍ) مُيِّزَا بِهَا عَنْ الشَّمَعِ، وَاللَّبَنِ فَيُبَاعُ بَعْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِبَعْضٍ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ نَارَ التَّمْيِيزِ لَطِيفَةٌ أَمَّا قَبْلَ التَّمْيِيزِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ.
(وَإِذَا جَمَعَ عَقْدٌ جِنْسًا رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ) وَلَيْسَ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَقْصُودِ (وَاخْتَلَفَ الْمَبِيعُ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ شَيْءٌ يُؤْخَذُ مِنْ كَرِشِ الْجَدْيِ مَثَلًا أَصْفَرُ مَا دَامَ يَرْضِعُ فَيُوضَعُ عَلَى اللَّبَنِ فَيَجْمُدُ. (قَوْلُهُ: يُخَالِطُهُ الدَّقِيقُ) كَأَنَّ مُرَادَهُ بِالدَّقِيقِ فُتَاتٌ لَطِيفٌ يَحْصُلُ مِنْ اللَّبَنِ عِنْدَ جَعْلِهِ فِي الْحَصِيرِ، وَإِرَادَةِ جَعْلِهِ جُبْنًا فَكَأَنَّ مُرَادَهُ بِالدَّقِيقِ مَا دَقَّ وَلَطَفَ شَيْخُنَا.
وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ الْمُرَادُ دَقِيقُ الْبُرِّ؛ لِأَنَّ الْأَقِطَ لَبَنٌ يُضَافُ إلَيْهِ دَقِيقٌ فَيَجْمُدُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى الْحَصِيرِ الَّتِي يُعْصَرُ عَلَيْهَا سَالَ مِنْهُ الْمَصْلُ مَخْلُوطًا بِالدَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالسَّمْنِ) أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّمْنَ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَلَا يُبَاعُ الزُّبْدُ بِالنَّقْدِ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ كَاللَّبَنِ الْمَشُوبِ بِالْمَاءِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ قِيلَ بِصِحَّتِهِ ح ل وَيَشْكُلُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ صِحَّةُ بَيْعِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ رَوَاجَهُ سَوَّغَ بَيْعَهُ وَاعْتَمَدَ الْبَابِلِيُّ صِحَّةَ بَيْعِ الزُّبْدِ بِالدَّرَاهِمِ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الزِّيَادِيِّ بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْمَنْعِ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا اللَّبَنُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ أَيْ: لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُبَاعُ الشَّيْرَجُ، وَالْكَسْبُ بِالسِّمْسِمِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً، وَالْعِنَبُ، وَالرُّطَبُ بِعَصِيرِهِ، أَوْ خَلِّهِ وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً لِاشْتِمَالِ السِّمْسِمِ عَلَى الشَّيْرَجِ وَالْكَسْبِ، وَاشْتِمَالِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ عَلَى الْعَصِيرِ وَالْخَلِّ ح ل بِاخْتِصَارٍ. (قَوْلُهُ: وَمَخِيضٍ) وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَخِيضِ الْمَنْزُوعِ الزُّبْدَ بِالسَّمْنِ مُتَفَاضِلًا اتِّفَاقًا، وَبِالزُّبْدِ كَذَلِكَ سم عَلَى حَجّ، وَقَدْ يَشْكُلُ بِأَنَّ الزُّبْدَ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَخِيضٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَيَصِيرُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَوْ بُولِغَ فِي مَخْضِهِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ مَخِيضٌ أَصْلًا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ.
. (قَوْلُهُ: كَلَحْمٍ) مِثَالٌ لِلطَّبْخِ، وَمِثَالُ الْقَلْيِ كَالسِّمْسِمِ، وَمِثَالُ الشَّيِّ كَالْبَيْضِ، وَمِثَالُ الْعَقْدِ كَالدِّبْسِ، وَالسُّكَّرِ ز ي وَإِنَّمَا صَحَّ السَّلَمُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لِانْضِبَاطِ نَارِهَا وَلِأَنَّهُ أَوْسَعُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَدِبْسٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِكِسْرَتَيْنِ عَسَلُ التَّمْرِ، وَعَسَلُ النَّحْلِ. اهـ قَامُوسٌ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ عَصِيرُ الرُّطَبِ، وَقِيلَ: عَصِيرُ الْعِنَبِ إذَا طُبِخَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَارٍ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ بِنَارٍ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّأْثِيرِ بِالنَّارِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّمَعِ) بِفَتْحَتَيْنِ الَّذِي يُسْتَصْبَحُ بِهِ قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ وَالْمُوَلِّدُونَ يُسَكِّنُونَهُ، وَالشَّمَعَةُ بَعْضٌ مِنْهُ. اهـ مُخْتَارٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الشَّمْعَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْضًا وَأَنَّهُ مِمَّا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ ع ش.
(قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَ التَّمْيِيزِ إلَخْ) وَفَارَقَ بَيْعَ التَّمْرِ بَيْعُ التَّمْرِ بِبَعْضِهِ وَفِيهِ نَوَاهُ بِأَنَّ النَّوَى غَيْرُ مَقْصُودٍ بِخِلَافِ الشَّمَعِ فِي الْعَسَلِ فَاجْتِمَاعُهُمَا مُفْضٍ لِلْجَهَالَةِ. شَرْحُ م ر وَانْظُرْ مَا فِي ق ل
. (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَمَعَ عَقْدٌ) أَيْ: وَاحِدٌ وَسَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ: بِخِلَافِ تَعَدُّدِهِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: مِنْ الْجَانِبَيْنِ نَعْتُ " جِنْسًا " وَمِنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ: جِنْسًا كَائِنًا فِي الْجَانِبَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمَبِيعُ أَيْ: تَعَدَّدَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ، وَتَعَدُّدُهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّهُ رِبَوِيًّا كَأَمْثِلَةِ الْمَتْنِ، وَبِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ رِبَوِيًّا وَبَعْضُهُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ كَمِثَالِ الشَّارِحِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَمُدِّ عَجْوَةٍ وَثَوْبٍ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَيْ: مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِاخْتَلَفَ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى تَعَدَّدَ أَيْ: وَتَعَدَّدَ الْمَبِيعُ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَمِنْ بِمَعْنَى فِي.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: وَإِذَا جَمَعَ عَقْدٌ جِنْسًا رِبَوِيًّا. . . إلَخْ. خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ جَمَعَ ذَلِكَ عَقْدَانِ بِأَنْ قُوبِلَ كُلُّ جِنْسٍ بِجِنْسِهِ، أَوْ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: جِنْسًا مَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ جِنْسَيْنِ فِي كُلِّ جَانِبٍ جِنْسٌ كَصَاعِ بُرٍّ، وَصَاعِ شَعِيرٍ بِصَاعَيْ تَمْرٍ كَمَا يَأْتِي أَيْضًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: رِبَوِيًّا مَا لَوْ جَمَعَ جِنْسًا غَيْرَ رِبَوِيٍّ كَثَوْبٍ، وَسَيْفٍ بِثَوْبَيْنِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَوْ جَمَعَ عَقْدٌ جِنْسًا رِبَوِيًّا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ كَثَوْبٍ، وَدِرْهَمٍ بِثَوْبَيْنِ فَلَوْ فَعَلَ الشَّارِحُ هَكَذَا مُرَاعِيًا الْمَتْنَ لَكَانَ أَحْسَنَ بِطَرِيقَةِ الشَّارِحِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيِّدَةٌ لِلتَّمَاثُلِ الْمُشْتَرَطِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ بِجِنْسِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: مَحَلُّ كَوْنِ الْمُمَاثَلَةِ تَكْفِي إنْ لَمْ يَنْضَمَّ لِلرِّبَوِيِّ شَيْءٌ آخَرُ وَإِلَّا فَلَا تُعْتَبَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ تَابِعًا) الْمُرَادُ بِالتَّابِعِ مَا لَا يُقْصَدُ بِمُقَابِلٍ.
وَقَوْلُهُ: بِالْإِضَافَةِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ الْمَبِيعُ) أَيْ: تَعَدَّدَ وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّهُ رِبَوِيًّا كَمِثَالِ الْمَتْنِ، وَبِأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ رِبَوِيًّا، وَبَعْضُهُ غَيْرَهُ كَمِثَالِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَكَمُدِّ عَجْوَةٍ وَثَوْبٍ. . . إلَخْ.
وَقَوْلُهُ: بِأَنْ اشْتَمَلَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِقَوْلِهِ جَمَعَ، أَوْ لِقَوْلِهِ: وَاخْتَلَفَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُيُودَ سِتَّةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْمَبِيعِ
جِنْسًا، أَوْ نَوْعًا، أَوْ صِفَةً مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِأَنْ اشْتَمَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى جِنْسَيْنِ، أَوْ نَوْعَيْنِ، أَوْ صِفَتَيْنِ اشْتَمَلَ الْآخَرُ عَلَيْهِمَا، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ (كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا، أَوْ بِمُدَّيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ)[دَرْسٌ] ، وَكَمُدِّ عَجْوَةٍ وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا، أَوْ بِمُدَّيْنِ (وَكَجَيِّدٍ وَرَدِيءٍ) مُتَمَيِّزَيْنِ (بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا) وَقِيمَةُ الرَّدِيءِ دُونَ قِيمَةِ الْجَيِّدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ (فَبَاطِلٌ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَا يَشْمَلُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: جِنْسًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ) هُوَ اسْمٌ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ تَمْرِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ يُقَالُ لِشَجَرَتِهِ: لِينَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ قَالَ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} [الحشر: 5] . . . إلَخْ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إضَافَةُ الْمُدِّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَجْوَةَ الْمَعْرُوفَةَ لَا تُكَالُ وَسَمَّاهُ عَجْوَةً؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهَا، أَوْ أَنَّهَا تَسْمِيَةٌ اصْطِلَاحِيَّةٌ، وَالصَّيْحَانِيُّ نَوْعٌ مِنْهُ، وَسَبَبُ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ مَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ أَنَّ ابْنَ الْمُؤَبَّدِ الْمَحْمُودِيَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ فَضْلِ أَهْلِ الْبَيْتِ «عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ بَسَاتِينِ الْمَدِينَةِ وَيَدُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ فَمَرَرْنَا بِنَخْلٍ فَصَاحَ ذَلِكَ النَّخْلُ وَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ، وَهَذَا عَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَبُو الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ ثُمَّ مَرَرْنَا بِنَخْلٍ آخَرَ فَصَاحَ وَقَالَ: هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَهَذَا عَلِيٌّ سَيْفُ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ سَمِّهِ الصَّيْحَانِيَّ فَسَمَّاهُ بِذَلِكَ» فَالْمُسَمِّي لَهُ حَقِيقَةً هُوَ النَّبِيُّ. صلى الله عليه وسلم قَالَ شَيْخُنَا وَقَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ أَنْوَاعَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ إلَى مِائَةٍ وَنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ نَوْعًا بِرْمَاوِيٌّ.
وَمَا ذَكَرَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمُدِّ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الدِّرْهَمِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَنْقَصَ فَهَذِهِ تِسْعٌ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَمِثْلُهَا فِي اخْتِلَافِ النَّوْعِ كَمُدٍّ بَرْنِيِّ وَمَعْقِلِيٍّ بِمِثْلِهِمَا، أَوْ بِبَرْنِيَّيْنِ، أَوْ مَعْقِلِيَّيْنِ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْبَرْنِيِّ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْمَعْقِلِيِّ، أَوْ أَنْقَصَ، أَوْ أَزْيَدَ فَهَذِهِ تِسْعٌ، وَمِثْلُهَا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ كَدِينَارٍ صَحِيحٍ، وَمُكَسَّرٍ بِمِثْلِهِمَا، أَوْ بِصَحِيحَيْنِ أَوْ مُكَسَّرَيْنِ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الصَّحِيحِ مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْمُكَسَّرِ، أَوْ أَنْقَصَ، أَوْ أَزْيَدَ فَهَذِهِ تِسْعٌ فَالْمَجْمُوعُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَاطِلَةٌ، وَثَلَاثَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ صُوَرُ التَّسَاوِي فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ صُوَرِ التَّسَاوِي فِي اخْتِلَافِ النَّوْعِ، وَبَيْنَهَا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ أَنَّ الصِّحَاحَ، وَالْمُكَسَّرَةَ لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِفَاتِ النَّقْدِ كَانَتْ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ مُحَقَّقَةً فَصَحَّ فِي حَالِ التَّسَاوِي، وَنَقَلَ سم عَنْ شَيْخِهِ عَمِيرَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَسَّرِ الْقِرَاضَةُ الَّتِي تُقْرَضُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالْفِضَّةِ. اهـ وَنَقَلَهُ ع ش وَمَا عَدَا ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ نِصْفَ شَرِيفِيٍّ، أَوْ رُبْعَ رِيَالٍ يُقَالُ: لَهُ صَحِيحٌ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمُدَّيْنِ) لَمْ يَقُلْ: أَوْ بِثَوْبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ الْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَجَيِّدٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ وَلِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ بِحَسَبِ اعْتِبَارِ الْمُعْتَبَرِ.
وَقَوْلُهُ: وَقِيمَةُ. . . إلَخْ قَيْدٌ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ. اهـ شَيْخُنَا لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ مِثَالٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: مُتَمَيِّزَيْنِ) وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْجِنْسَيْنِ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فِيهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَا أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِحَبَّاتٍ مِنْ الْآخَرِ. . . إلَخْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِي مَفْهُومِ هَذَا الْقَيْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجِنْسِ تَفْصِيلًا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْمُتَمَيِّزَيْنِ فَبَيْعُهُمَا بِمِثْلِهِمَا صَحِيحٌ سَوَاءٌ ظَهَرَ الرَّدِيءُ فِي الْمِكْيَالِ أَوْ لَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ لِيُؤْكَلَ وَحْدَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْجِنْسِ بِهِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ بِأَنْ يُقَالَ: إنْ كَثُرَ الْمُخْتَلَطُ بِحَيْثُ يُقْصَدُ إخْرَاجُهُ لِيُؤْكَلَ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي جَعْلِ قَوْلِهِ: وَكَجَيِّدٍ إلَخْ مِثَالًا لِلنَّوْعِ كَبُرِّ أَبْيَضَ بِبُرٍّ أَسْوَدَ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الرَّدِيءِ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ صُوَرَ النَّوْعِ التِّسْعَ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ مَا ذُكِرَ مِثَالًا لِلصِّفَةِ، وَقَيَّدَ بِالنَّقْدِ لَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: مُتَمَيِّزَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُتَمَيِّزَيْنِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ النُّقُودِ فَتَدَبَّرْ. شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَوْلُهُ: مُتَمَيِّزَيْنِ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي كُلٍّ مِنْ النَّوْعَيْنِ، وَالصِّفَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَيْدٌ فِي النَّوْعَيْنِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ الرَّدِيءِ إلَخْ) . فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ حَيْثُ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِمَا إلَى اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ الصِّفَةِ حَيْثُ نَظَرَ فِيهَا إلَيْهِ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ مَظِنَّةُ الِاخْتِلَافِ كَثِيرًا، وَإِنْ وَقَعَ عَدَمُ اخْتِلَافٍ فَهُوَ نَادِرٌ فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِالْمَظِنَّةِ. وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ قَالَهُ ز ي، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّدِيءَ وَالْجَيِّدَ مِثَالٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ. وَقَوْلُهُ: مُتَمَيِّزَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِثَالٌ لِاخْتِلَافِ النَّوْعِ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ لَيْسَ شَرْطًا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: دُونَ قِيمَةِ الْجَيِّدِ) أَيْ: أَوْ أَزْيَدُ وَمَفْهُومُهُ
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقِلَادَةٍ فِيهَا خَرَزٌ، وَذَهَبٌ تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ» ؛ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَالِ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ تَوْزِيعُ مَا فِي الْآخَرِ عَلَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي بَيْعِ شِقْصٍ مَشْفُوعٍ، وَسَيْفٍ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ مِائَةٌ، وَالسَّيْفِ خَمْسُونَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَالتَّوْزِيعُ هُنَا يُؤَدِّي إلَى الْمُفَاضَلَةِ، أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فَفِي بَيْعِ مُدٍّ، وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ الَّذِي مَعَ الدِّرْهَمِ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ لَزِمَتْ الْمُفَاضَلَةُ، أَوْ مِثْلَهُ لَزِمَ الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ فَالْمُدُّ ثُلُثَا طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثَا الْمُدَّيْنِ، أَوْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَالْمُدُّ ثُلُثُ طَرَفِهِ فَيُقَابِلُهُ ثُلُثُ الْمُدَّيْنِ فَتَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ، أَوْ مِثْلَهُ فَالْمُمَاثَلَةُ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ التَّقْوِيمَ وَهُوَ تَخْمِينٌ قَدْ يُخْطِئُ، وَتَعَدُّدُ الْعَقْدِ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَاتِّحَادِهِ بِخِلَافِ تَعَدُّدِهِ بِتَفْصِيلِ الْعَقْدِ بِأَنْ جُعِلَ فِي بَيْعِ مُدٍّ، وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا الْمُدُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمُدِّ، أَوْ الدِّرْهَمِ، وَالدِّرْهَمُ فِي مُقَابَلَةِ الدِّرْهَمِ، أَوْ الْمُدِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِثْلَهَا لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الرَّدِيءَ وَالْجَيِّدَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ قِيمَةً إمَّا أَنْ يُبَاعَا بِمِثْلِهِمَا، أَوْ بِجَيِّدَيْنِ، أَوْ رَدِيئَيْنِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ جُعِلَ مِثَالًا لِلصِّفَةِ وَقُيِّدَ بِالنَّقْدِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ: مُتَمَيِّزَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْمُتَمَيِّزِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ النُّقُودِ شَيْخُنَا ح ف.
(قَوْلُهُ: عَنْ فَضَالَةَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِقِلَادَةٍ) هِيَ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ الْخَرَزِ، وَالذَّهَبِ مَعَ الْخَيْطِ. وَقَوْلُهُ: فِيهَا. . . إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا اسْمٌ لِلْخَيْطِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ أَيْ: كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ فِي الْكُلِّ. (قَوْلُهُ: تُبَاعُ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِلْبَيْعِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا صُورَةُ عَقْدٍ.
وَعِبَارَةُ م ر فِي الشَّرْحِ: ابْتَاعَهَا رَجُلٌ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا صُورَةُ عَقْدٍ مِنْ الرَّجُلِ وَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ يَكُونُ غَرَضُهُ صلى الله عليه وسلم بَيَانَ أَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي ظَهَرَ مِنْهُ فَاسِدٌ وَأَنَّ الطَّرِيقَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا إفْرَادُ كُلٍّ مِنْ الذَّهَبِ وَالْخَرَزِ بِعَقْدٍ ع ش. (قَوْلُهُ: فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالذَّهَبِ) أَيْ: بِنَزْعِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) أَيْ: بَدَلَ قَوْلِهِ: فَأَمَرَ بِالذَّهَبِ. . . إلَخْ. وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَمَرَ بِالذَّهَبِ وَحْدَهُ. . . إلَخْ. لِجَوَازِ أَنَّهُ قَالَ: لَا تُبَاعُ حَتَّى تُفْصَلَ فَامْتَنَعُوا مِنْ الْبَيْعِ فَأَمَرَ بِنَزْعِ الذَّهَبِ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ إلَخْ ع ش. (قَوْلُهُ: حَتَّى تُفْصَلَ) أَرَادَ التَّفْصِيلَ بِالْعَقْدِ أَيْ: بِأَنْ يُفَصِّلَ هَذَا بِعَقْدٍ، وَهَذَا بِعَقْدٍ م ر وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ: لَا التَّفْصِيلِ بِالْقَطْعِ، ثُمَّ بِيعَ الْجَمِيعُ بِذَهَبٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَتَّى تُفْصَلَ أَيْ: تُخْرَجَ مِنْ الْخَيْطِ لِتُوزَنَ، وَتُفْصَلَ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ تُفْصَلَ فِي الْعَقْدِ كَأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك الذَّهَبَ بِمِثْلِهِ ذَهَبًا مُوَازَنَةً ثُمَّ تُوزَنُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ) أَيْ: لَازِمَهُ وَحَقَّهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ) قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى الْقِيمَةِ فِي بَابِ الرِّبَا وَإِنَّمَا نَظَرُوا إلَى مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَتَّى يَصِحَّ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ الرَّدِيءِ بِجِنْسِهِ الْجَيِّدِ مَعَ الْمُمَاثَلَةِ إلَّا فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فَإِنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى الْقِيمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ. انْتَهَى عَبْدُ الْبَرِّ عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّوْزِيعُ إلَخْ) وَإِنْ اتَّحَدَتْ شَجَرَةُ الْمُدَّيْنِ، وَضَرْبِ الدِّرْهَمَيْنِ وَالْكَلَامُ فِي الْمُعَيَّنِ فَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ أَلْفٍ دِرْهَمٍ وَخَمْسِينَ دِينَارًا بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ، وَخَرَجَ بِالصُّلْحِ مَا لَوْ عَوَّضَ دَائِنَهُ عَنْ دَيْنِهِ النَّقْدَ نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ وَغَيْرِهِ، أَوْ وَفَّاهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْوِيضٍ أَيْ: لَفْظِهِ بَلْ بِلَفْظٍ بِمَعْنَاهُ كَخُذْهُ عَنْ دَيْنِك مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ أَيْ: مُمَاثَلَةِ الْجُمْلَةِ لِلنَّقْدِ الْمُعَوَّضِ عَنْهُ فَلَا يَصِحُّ وَفَارَقَ صِحَّةَ الصُّلْحِ عَنْ أَلْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ بِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي مُسَامَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ فَيَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الْبَاقِي ز ي وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: مَعَ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْعِوَضَ مِنْ جِنْسَيْنِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَلَامُ م ر حَيْثُ قَالَ: مَا لَوْ عَوَّضَ دَائِنَهُ نَقْدًا مِنْ جِنْسِهِ وَلَمْ يَقُلْ: وَغَيْرِهِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَاعِدَةَ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ فَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَى الْمُفَاضَلَةِ) أَيْ: فِي ثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً، وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ سِتَّ صُوَرٍ فِيهَا الْمُفَاضَلَةُ مُحَقَّقَةٌ، وَثَلَاثٌ فِيهَا الْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ. (قَوْلُهُ: فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ إلَخْ) أَيْ: فَبَيَانُ أَدَاءِ التَّوْزِيعِ هُنَا إلَى الْمُفَاضَلَةِ، أَوْ الْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ فِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ إلَخْ، وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا إذَا بِيعَا بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بِمُدٍّ وَدِرْهَمٍ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَيُقَالُ: مِثْلُهُ فِي اخْتِلَافِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَهَذَا الْمِثَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُقَاسُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ صُوَرِ الْقَاعِدَةِ. (قَوْلُهُ: ثُلُثَا طَرَفِهِ) أَيْ: طَرَفِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: بِتَفْصِيلِ الْعَقْدِ) الْأَوْلَى بِتَفْصِيلِ الْعِوَضِ، وَأَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ ظَاهِرًا وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: عَقْدٌ. وَقَوْلُهُ: بِأَنْ جُعِلَ فِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ. . . إلَخْ أَيْ: صَرِيحًا فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِ نِيَّةِ التَّفْصِيلِ كَذِكْرِهِ، وَأَقَرَّهُ جَمْعٌ مَحَلُّ نَظَرٍ كَمَا
وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ أَحَدُ جَانِبَيْ الْعَقْدِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْآخَرُ كَبَيْعِ دِينَارٍ، وَدِرْهَمٍ بِصَاعِ بُرٍّ وَصَاعِ شَعِيرٍ، أَوْ بِصَاعَيْ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ وَبَيْعِ دِينَارٍ صَحِيحٍ، وَآخَرَ مُكَسَّرٍ بِصَاعِ تَمْرٍ بَرْنِيِّ وَصَاعٍ مَعْقِلِيٍّ، أَوْ بِصَاعَيْنِ بُرْنِيٍّ، أَوْ مَعْقِلِيٍّ جَازَ فَلِهَذَا زِدْت جِنْسًا لِئَلَّا يُرَدَّ ذَلِكَ وَعَبَّرْت بِالْمَبِيعِ بَدَلَ تَعْبِيرِهِ بِالْجِنْسِ الظَّاهِرِ تَقْدِيرُهُ بِجِنْسِ الرِّبَوِيِّ لِئَلَّا يُرَدَّ بَيْعُ نَحْوِ دِرْهَمٍ، وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا فَإِنَّهُ مُمْتَنِعٌ مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الضَّابِطِ؛ لِأَنَّ جِنْسَ الرِّبَوِيِّ لَمْ يَخْتَلِفْ بِخِلَافِ جِنْسِ الْمَبِيعِ، وَقَوْلِي رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الرِّبَوِيُّ ضِمْنًا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَبَيْعِ سِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ فَيَبْطُلُ لِوُجُودِ الدُّهْنِ فِي جَانِبٍ حَقِيقَةً، وَفِي آخَرَ ضِمْنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ضِمْنًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَبَيْعِ سِمْسِمٍ بِسِمْسِمٍ فَيَصِحُّ أَمَّا لَوْ كَانَ الرِّبَوِيُّ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَقْصُودِ كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ عَذْبٍ بِمِثْلِهَا فَيَصِحُّ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنَّهُ لَوْ كَانَ نَقْدَانِ مُخْتَلِفَانِ لَمْ تَكْفِ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِالْكِنَايَةِ لِلِاغْتِفَارِ فِي الصِّيغَةِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَشْتَمِلْ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: جِنْسًا رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَفِي الْإِيعَابِ الصَّحِيحُ جَوَازُ بَيْعِ خُبْزِ الْبُرِّ بِخُبْزِ الشَّعِيرِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَاءٍ وَمِلْحٍ لِاسْتِهْلَاكِهِمَا فَلَيْسَ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ ح ل.
(قَوْلُهُ: بَرْنِيِّ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً لِشَخْصٍ يُقَالُ: لَهُ رَأْسُ الْبَرْنِيَّةِ نُسِبَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَرَسَ ذَلِكَ الشَّجَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَعْقِلِيٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْقَافِ نِسْبَةً لِمَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الصَّحَابِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلِهَذَا) أَيْ: لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ زِدْت جِنْسًا أَيْ: عَلَى عِبَارَةِ الْأَصْلِ وَنَصُّهَا، وَإِذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَمَّا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ بِعِبَارَةِ الْأَصْلِ وَحْدَهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ يَصْدُقُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّ الْعَقْدَ جَمَعَ رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ النَّقْدُ فِي جَانِبٍ، وَالْمَطْعُومُ فِي آخَرَ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا يَقْتَضِي أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَمَّا ذُكِرَ حَصَلَ بِلَفْظَةِ الْجِنْسِ الَّتِي زَادَهَا فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ صَحَّ الِاحْتِرَازُ عَمَّا ذُكِرَ بِهَا وَحْدَهَا لَكَانَ مُعْظَمُ مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ خَارِجًا بِهَا كَبَيْعِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَمَعَ جِنْسَيْنِ فِي كُلِّ جَانِبٍ فَهَذِهِ الصُّورَةُ كَصُورَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ بِصَاعِ بُرٍّ، وَصَاعِ شَعِيرٍ فِي أَنَّ كُلًّا قَدْ جَمَعَ الْعَقْدُ فِيهِ جِنْسَيْنِ لَا جِنْسًا وَاحِدًا، فَالْحَقُّ أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَمَّا ذُكِرَ حَصَلَ بِمَجْمُوعِ الْمَزِيدِ، وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ فَالْقَيْدُ الْمُخْرِجُ لِمَا ذُكِرَ هُوَ جُمْلَةُ قَوْلِهِ: جِنْسًا رِبَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَوَجْهُ الِاحْتِرَازِ أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يَجْمَعْ جِنْسًا كَائِنًا فِي الْجَانِبَيْنِ بَلْ الْجِنْسُ الَّذِي فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الْجِنْسِ الَّذِي فِي الْآخَرِ تَأَمَّلْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ ذَلِكَ) أَيْ: دُخُولًا وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلِهَذَا؛ لِأَنَّهَا عِلَّةٌ لَزِدْت. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَرِدَ بَيْعُ. . . إلَخْ) أَيْ: خُرُوجًا أَيْ: لِيَنْتَفِيَ خُرُوجُهُ،
وَقَوْلُهُ: مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الضَّابِطِ أَيْ: عَلَى كَلَامِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَوْ كَانَ الرِّبَوِيُّ ضِمْنًا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الضِّمْنُ غَيْرَ مُتَهَيِّئٍ لِلِانْفِصَالِ وَالْبُرُوزِ كَالْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ، أَوْ كَانَ مُتَهَيِّئًا لَهُ كَبَيْعِ لَبَنٍ بِشَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ مِنْ جِنْسِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الدُّهْنِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ ضِمْنِيًّا كَسِمْسِمٍ بِدُهْنِهِ إذْ بُرُوزُ مِثْلِ الْكَامِنِ فِيهِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ ذَلِكَ الْكَامِنِ بِخِلَافِهِ بِمِثْلِهِ فَإِنَّهُ مُسْتَتِرٌ فِيهِمَا فَلَا مُقْتَضَى لِتَقْدِيرِ بُرُوزِهِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ضِمْنِيًّا) أَيْ: وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لِلْخُرُوجِ لِيَخْرُجَ بَيْعُ بَقَرَةٍ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا فَهُوَ بَاطِلٌ مَعَ أَنَّ الرِّبَوِيَّ ضِمْنِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ. ح ف.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعِ سِمْسِمٍ بِسِمْسِمٍ) هَذَا يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَلَفَ الْمَبِيعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الِاخْتِلَافُ فَهُوَ مُدْخَلٌ وَمُخْرَجٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ تَأَمَّلْ. (فَرْعٌ)
لَوْ بَاعَ فِضَّةً مَغْشُوشَةً بِمِثْلِهَا، أَوْ بِخَالِصَةٍ فَإِنْ كَانَ الْغِشُّ قَدْرًا يَظْهَرُ فِي الْوَزْنِ امْتَنَعَ وَإِلَّا جَازَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ سم.
(قَوْلُهُ كَبَيْعِ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَيَجُوزُ بَيْعُ دَارٍ فِيهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ مَثَلًا جَهِلَاهُ بِذَهَبٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ، وَالذَّهَبِ الَّذِي هُوَ الثَّمَنُ خَاصَّةٌ فَصَحَّ. وَقَوْلُهُمْ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ أَمَّا التَّابِعُ فَيُتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ، وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمْلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ، وَغَيْرِهِ وَلَا يُنَافِيهِ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ ذَاتِ اللَّبَنِ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَلِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنَ فَلَا بُطْلَانَ أَمَّا لَوْ عَلِمَا بِالْمَعْدِنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوْ كَانَ فِيهَا تَمْوِيهُ ذَهَبٍ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ فَجَرَتْ فِيهِ الْقَاعِدَةُ. اهـ بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ: كَمَا أَوْضَحْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى الدَّارِ لِعَدَمِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَشْتَرِطَ التَّعَرُّضَ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ. ز ي