الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ.
فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ نَقَصَتْ وَلَا لِلْمُفْلِسِ (أَوْ) صَبَغَهُ (بِصَبْغٍ اشْتَرَاهُ مِنْهُ) أَيْضًا (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَصَبَغَهُ بِهِ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ) غَيْرِ مَصْبُوغٍ كَأَنْ صَارَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً (فَالصَّبْغُ مَفْقُودٌ) يُضَارِبُ بِثَمَنِهِ صَاحِبُهُ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ وَاجِدٌ لَهُ فَيَرْجِعُ فِيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ كَمَا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا عَلَى قِيمَتِهِ (أَخَذَ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ) مِنْ الثَّوْبِ أَوْ الصَّبْغِ سَوَاءً أَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا مَا بَعْدَ الصَّبْغِ قِيمَتَهُمَا قَبْلَهُ أَمْ نَقَصَتْ عَنْهَا أَمْ زَادَتْ عَلَيْهَا كَأَنْ صَارَتْ قِيمَتُهُمَا سِتَّةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ ثَمَانِيَةً (لَكِنَّ الْمُفْلِسَ شَرِيكٌ) لَهُمَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى الصِّبْغَ مِنْ آخَرَ وَلِبَائِعِ الثَّوْبِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ (بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِمَا) فَلَهُ فِي الْأَخِيرَةِ رُبْعُ ثَمَنِ الثَّوْبِ أَوْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا.
وَذِكْرُ أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي الثَّانِيَةِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الصِّبْغَ مِنْ آخَرَ مَعَ ذِكْرِ كَوْنِ الْمُفْلِسِ شَرِيكًا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى الصِّبْغَ مِنْ بَائِعِ الثَّوْبِ مِنْ زِيَادَتِي وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَإِنْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ السُّوقِ فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ
(بَابُ: الْحَجْرِ)
هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَشَرْعًا الْمَنْعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَكُلُّ الصَّبْغِ لِلْمُفْلِسِ وَيَشْهَدُ لِلثَّانِي إلَخْ اهـ فَلَا مُخَالَفَةَ وَلَا تَضْعِيفَ (قَوْلُهُ: فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْغَصْبِ) أَيْ فِيمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ.
وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ هُنَاكَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِرَاكُهُمَا عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ بَلْ أَحَدُهُمَا بِثَوْبِهِ وَالْآخَرُ بِصَبْغِهِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالصَّنْعَةِ بِأَنْ سَاوَتْ أَوْ نَقَصَتْ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ) الْمُنَاسِبُ لِلْمَفْهُومِ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُفْلِسَ بِأَنْ يَقُولَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُفْلِسِ وَلَا لِلْبَائِعِ إلَخْ.
وَأَتَى بِالْبَائِعِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ فِي صُورَةِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الزِّيَادَةِ يَصْدُقُ بِالنَّقْصِ فَالْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ ثُبُوتُ شَيْءٍ لِلْبَائِعِ حَتَّى يَنْفِيَ إلَّا فِي صُورَةِ النَّقْصِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَصَبَغَهُ بِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ صَبَغَهُ بِصَبْغٍ اشْتَرَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُمَا) الْمُرَادُ قِيمَةُ الثَّوْبِ مَصْبُوغًا عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَخَذَ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الصَّبْغِ فِي صُورَتَيْ الزِّيَادَةِ وَالْمُسَاوَاةِ أَمَّا فِي صُورَةِ النَّقْصِ الَّتِي مَثَّلَ لَهَا الشَّارِحُ بِالْخَمْسَةِ فَالْبَائِعُ يَأْخُذُ بَعْضَ مَبِيعِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْوَاحِدَ الزَّائِدَ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِ الصَّبْغِ عَلَى الْمُفْلِسِ بَلْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنْ شَاءَ قَنَعَ بِالْوَاحِدِ الزَّائِدِ وَإِنْ شَاءَ ضَارَبَ بِثَمَنِ الصَّبْغِ بِتَمَامِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ الثَّوْبِ أَوْ الصَّبْغِ) أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ أَيْ مِنْ الثَّوْبِ فَقَطْ أَوْ مِنْ الصَّبْغِ فَقَطْ إذَا كَانَ لِكُلِّ مَالِكٍ وَمَعْنَى كَوْنِ هَذَا يَأْخُذُهَا وَهَذَا يَأْخُذُ هَذَا أَنَّهُمَا يَأْخُذَانِ الثَّوْبَ بِتَمَامِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَإِذَا كَانَا لِوَاحِدٍ فَالْأَمْرُ وَاضِحٌ وَرُجُوعُهُ فِي الصَّبْغِ إمَّا حَقِيقَةً إذَا أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَوْ حُكْمًا فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ وَلَوْ اتَّفَقَ الْغُرَمَاءُ وَالْمُفْلِسُ عَلَى قَلْعِ الصَّبْغِ وَغَرَامَةِ نَقْصِ الثَّوْبِ جَازَ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلِصَاحِبِ الصَّبْغِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُفْلِسُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ، وَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ وَلِمَالِكِ الثَّوْبِ قَلْعُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصِ الصَّبْغِ نَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ قَلْعُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَإِلَّا فَيُمْنَعُونَ مِنْهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ فِي الْأُولَى وَفِي مَعْنَاهُ الْأَخِيرَتَانِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَخْذَ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ فِي الثَّانِيَةِ) هِيَ مَا بَعْدَ إلَّا وَهِيَ شَامِلَةٌ لِصُورَةِ مَا إذَا اشْتَرَى الصَّبْغَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلِهَذَا صَحَّ قَوْلُهُ: فِيمَا لَوْ اشْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ) هَذَا التَّقْيِيدُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ؛ لِأَنَّ فِيهَا عَيْنًا أُخْرَى زَائِدَةً عَلَى الصَّنْعَةِ قَدْ تُنْسَبُ الزِّيَادَةُ إلَيْهَا وَقَدْ تُنْسَبُ إلَى الصَّنْعَةِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ وَالْقَصْرِ فَلَيْسَ هُنَاكَ إلَّا الصَّنْعَةُ يُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ فَالزِّيَادَةُ لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) بِقَوْلِهِ وَزَادَتْ قِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ ح ل وَفِيهِ أَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ لَا إشَارَةٌ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ ارْتَفَعَ سِعْرُ سِلْعَتِهِ) عِبَارَةُ م ر فَلَوْ زَادَتْ بِارْتِفَاعِ سُوقِهِمَا وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالنِّسْبَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ صُورَتَيْ الطَّحْنِ وَالْقِصَارَةِ فَإِذَا سَاوَى الثَّوْبَ قَبْلَ نَحْوِ الصَّبْغِ خَمْسَةً وَارْتَفَعَ سُوقُهُ فَصَارَ يُسَاوِي سِتَّةً وَبِنَحْوِ الصَّبْغِ سَبْعَةً فَلِلْمُفْلِسِ سُبْعٌ فَإِنْ سَاوَى مَصْبُوغًا سَبْعَةً دُونَ ارْتِفَاعِ سُوقِهِ كَانَ لَهُ سُبْعَانِ اهـ.
[بَابُ الْحَجْرِ]
(بَابُ الْحَجْرِ)(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْمَنْعُ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الْمَنْعُ إلَخْ) مِثْلُهُ م ر.
وَعِبَارَةُ حَجَرٍ مَنْعٌ مِنْ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ بِسَبَبٍ خَاصٍّ وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي تَعْرِيفِ الشَّارِحِ ظَاهِرَةٌ فِي الِاسْتِغْرَاقِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي جَمِيعِهَا إذْ الصِّبَا وَالسَّفَهُ يَصِحُّ فِيهِمَا بَعْضُ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ كَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ مِنْ الثَّانِي وَكَإِيصَالِ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْأَوَّلِ فَيُحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ التَّعْرِيفِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ ع ش هَذَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَلْ فِي التَّصَرُّفَاتِ لِلْجِنْسِ.
وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ أَيْ وَلَوْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ الْآتِيَةِ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُ تَعْرِيفُ مَقْصُودِ الْبَابِ خَاصَّةً فَهُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ آيَةُ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] وَآيَةُ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} [البقرة: 282] وَفَسَّرَ الشَّافِعِيُّ السَّفِيهَ بِالْمُبَذِّرِ وَالضَّعِيفَ بِالصَّبِيِّ وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ وَاَلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ بِالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ وَالْحَجْرُ نَوْعَانِ: نَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ لِلْغُرَمَاءِ وَالرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْمَرْهُونِ وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ وَالْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَالْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرْتَدِّ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَهَا أَبْوَابٌ تَقَدَّمَ بَعْضُهَا وَبَعْضُهَا يَأْتِي، وَنَوْعٌ شُرِعَ لِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَجْرُ (بِجُنُونٍ وَصِبًا وَسَفَهٍ فَالْجُنُونُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ عَدَمُ صِحَّةِ أَقْوَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِسَلْبِ عِبَارَتِهِمَا وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْحَجْرِ سم شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] كُنِّيَ عَنْ الْحَجْرِ بِالِابْتِلَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الِابْتِلَاءِ تَقَدُّمُ الْحَجْرِ وَكُنِّيَ عَنْ الْبُلُوغِ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ شَرْحُ م ر بِزِيَادَةِ وَوَجْهُ التَّكْنِيَةِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِاخْتِبَارِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ ع ش. قَوْلُهُ: وَآيَةُ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي إمْلَاءِ الْحَقِّ لِلْكَاتِبِ كَمَا قَالَ {فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] ثُمَّ قَالَ {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] أَيْ يُمْلِلْ الْكَاتِبُ أَيْ يُمْلِي عَلَيْهِ مَا يَكْتُبُهُ إلَّا أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ التَّصَرُّفَاتِ شَيْخُنَا.
وَانْظُرْ وَجْهُ دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْحَجْرِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الدَّلَالَةِ قَوْلُهُ: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَاللَّامُ الثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْ الْيَاءِ وَالْأَصْلُ فَلْيُمْلِي.
وَعِبَارَةُ الْجَلَالَيْنِ قَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} [البقرة: 282] أَيْ مُبَذِّرًا أَوْ ضَعِيفًا عَنْ الْإِمْلَاءِ بِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ لِخَرَسٍ أَوْ جَهْلٍ بِاللُّغَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلِيُمْلِلْ وَلِيُّهُ مُتَوَلِّي أَمْرِهِ مِنْ وَالِدٍ وَوَصِيٍّ وَقَيِّمٍ وَمُتَرْجِمٍ.
قَالَ ع ش: وَفَائِدَةُ ذِكْرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْأُولَى أَنَّهَا أَفَادَتْ مَا لَمْ تُفِدْهُ الْأُولَى وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى الثَّانِيَةِ مَعَ شُمُولِهَا لِمَا فِي الْأُولَى بِنَاءً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْأُولَى التَّصْرِيحُ بِالْيَتِيمِ وَبِأَنَّ مَالَهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بَعْدَ رُشْدِهِ اهـ (قَوْلُهُ: وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ) أَيْ مُخْتَلِّ النَّظَرِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ فَيُغَايِرُ مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلٌّ بِالْجُنُونِ ح ف (قَوْلُهُ: بِالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ) بِأَنْ زَالَ شُعُورُهُ بِالْمَرَّةِ سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا وَبِهَذَا يُغَايِرُ تَفْسِيرَ الضَّعِيفِ بِالصَّبِيِّ وَبِالْكَبِيرِ الْمُخْتَلِّ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالِاخْتِلَالِ فِيهِ نُقْصَانُ عَقْلِهِ لَا زَوَالُهُ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَيْ قَصْدًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةٌ مَا لِلْمَحْجُورِ أَيْضًا كَسَلَامَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْغَيْرِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِضِيَعِهِ فِي غَيْرِ بَرَاءَتِهَا فَتَبْقَى مُرْتَهِنَةً بِدَيْنِهَا فِي الْآخِرَةِ.
وَالثَّالِثُ يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْضُ خَيْرٍ فَاتَهُ لِوَرَثَتِهِ وَفِي الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ يَبْقَى عَلَيْهِ حَقُّ سَيِّدِهِ اهـ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ) أَشَارَ بِالْكَافِ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ هَذَا النَّوْعِ فِيمَا ذَكَرَهُ فَقَدْ أَنْهَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى نَحْوِ سَبْعِينَ صُورَةً بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا تَنْحَصِرُ أَفْرَادُ مَسَائِلِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا الْحَجْرُ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي كَاتَبَهُ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَالْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ رُبَّمَا تَدْخُلُ فِي عِبَارَةِ الشَّيْخِ وَأَصْلِهِ.
وَالْحَجْرِ الْغَرِيبِ وَالْحَجْرِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ وَعَلَى السَّابِي لِلْحَرْبِيِّ فِي مَالِهِ إذَا كَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ دَيْنٌ وَالْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَعَلَى السَّيِّدِ فِي نَفَقَةِ الْأَمَةِ لَا الْمُزَوَّجَةِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا بَدَلَهَا، وَدَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ، وَعَلَى السَّيِّدِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ سم مَعَ زِيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَرِيضِ لِلْوَرَثَةِ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثِ كَالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ ح ل.
(قَوْلُهُ: فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ وَلِلَّهِ) أَيْ إذَا تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا فِيهِ خَطَرٌ كَالْقَرْضِ أَوْ تَبَرَّعَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَصِحُّ لِبَقَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ ح ل وَجَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحَجْرَ فِيهِ شَرْعٌ لِلْأَمْرَيْنِ أَيْ لِمَصْلَحَةِ الْغَيْرِ وَلِمَصْلَحَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ نَوْعًا ثَالِثًا كَمَا قَالَهُ س ل (قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ بَعْضُهَا) وَهُوَ الْحَجْرُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَالرَّاهِنِ وَالْعَبْدِ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ وَيَأْتِي بَعْضُهَا وَهُوَ حَجْرُ الْمَرَضِ فِي الْفَرَائِضِ وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ فِي الرِّدَّةِ وَحَجْرُ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ وَمُرَادُهُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الِاعْتِذَارُ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي الْمَتْنِ هُنَا مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ ذِكْرُهَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَجْرُ بِجُنُونٍ إلَخْ) وَالْحَجْرُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ، وَلِبَعْضِهِمْ:
ثَمَانِيَةٌ لَا يَشْمَلُ الْحَجْرُ غَيْرَهُمْ
…
تَضَمَّنَهَا بَيْتٌ وَفِيهِ مَحَاسِنُ
يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) كَعِبَارَةِ الْمُعَامَلَةِ، وَالدَّيْنُ كَالْبَيْعِ وَالْإِسْلَامِ (وَالْوِلَايَةَ) كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْإِيصَاءِ وَالْأَيْتَامِ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّمَلُّكُ وَالِاحْتِطَابُ وَنَحْوُهُ، وَالْإِتْلَافُ فَيَنْفُذُ مِنْهُ الِاسْتِيلَادُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِزِنَاهُ وَيَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ وَيَسْتَمِرُّ سَلَبُهُ ذَلِكَ (إلَى إفَاقَةٍ) مِنْهُ فَيَنْفَكُّ بِلَا فَكِّ قَاضٍ بِلَا خِلَافٍ
(وَالصِّبَا) الْقَائِمُ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ مُمَيِّزًا (كَذَلِكَ) أَيْ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ وَالْوِلَايَةَ (إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) مِنْ عِبَادَةٍ مِنْ مُمَيِّزٍ وَإِذْنٍ فِي دُخُولٍ وَإِيصَالِ هَدِيَّةٍ مِنْ مُمَيِّزٍ مَأْمُونٍ وَقَوْلِي كَذَلِكَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
وَيَسْتَمِرُّ سَلَبُهُ لِمَا ذُكِرَ (إلَى بُلُوغٍ) فَيَنْفَكُّ بِلَا قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِلَا قَاضٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ كَحَجْرِ الْجُنُونِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ كَكَثِيرٍ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا مُحَقَّقًا بَلْ مَنْ عَبَّرَ بِالثَّانِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ سَفِيهٌ وَمُفْلِسٌ
…
رَقِيقٌ وَمُرْتَدٌّ مَرِيضٌ وَرَاهِنٌ
فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ حُجِرَ عَلَيْهِمْ لِحَقِّهِمْ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِحَقِّ غَيْرِهِمْ وَالرَّقِيقُ فِي الْبَيْتِ شَامِلٌ لِلْقِنِّ وَالْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُ كَالْإِسْلَامِ أَوْ عَلَيْهِ كَالرِّدَّةِ فَقَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامِ أَيْ فِعْلًا وَتَرْكًا وَقَوْلُهُ: وَالْوِلَايَةُ أَيْ الثَّابِتَةُ بِالشَّرْعِ كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ أَوْ بِالتَّفْوِيضِ كَالْإِيصَاءِ وَالْقَضَاءِ وَعَبَّرَ بِالسَّلْبِ دُونَ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُفِيدُ السَّلْبَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ وَلَا يَسْلُبُهَا وَلِهَذَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ فِي حَالَ إحْرَامِ الْوَلِيِّ دُونَ الْأَبْعَدِ شَرْحُ م ر مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ الشَّوْبَرِيِّ وَمِثْلُ الْجُنُونِ الْخَرَسُ حَيْثُ لَا إشَارَةَ مُفْهِمَةً فَوَلِيُّهُ وَلِيُّ الْمَجْنُونِ وَلَوْ طَرَأَ وَإِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ كَانَ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِيمَا يَأْتِي ح ل (قَوْلُهُ: وَالدِّينُ) بِكَسْرِ الدَّالِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى التَّكْلِيفِ زي (قَوْلُهُ: وَالْإِيصَاءِ) أَيْ لَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِغَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْأَيْتَامِ) أَيْ وَوِلَايَةِ الْأَيْتَامِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنُونُ مُوصًى لَهُ عَلَى الْأَيْتَامِ أَوْ فِيمَا عَلَيْهِ حَتَّى إذَا جُنَّ انْعَزَلَ ح ل (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ مِنْهَا التَّمَلُّكُ) أَيْ حُصُولُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِزِنَاهُ) كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا يُقَالُ وَلَدُ الزِّنَا لَا يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إطْلَاقُ الزِّنَا عَلَى فِعْلِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ لَا الْحَقِيقَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِ شَوْبَرِيٌّ فَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ زَوَالَ عَقْلِهِ صَيَّرَ زِنَاهُ كَوَطْئِهِ بِشُبْهَةٍ لِعَدَمِ قَصْدِهِ ع ش فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُطَاوِعَةً وَإِذَا وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحُرِّمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ (قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ) نَعَمْ لَا يَضْمَنُ صَيْدًا أَتْلَفَهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْتَمِرُّ سَلْبُهُ ذَلِكَ) لَمْ يَقُلْ لِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَعَدَّاهُ فِيمَا بَعْدَهُ بِاللَّامِ إشَارَةً إلَى جَوَازِهِ أَيْضًا وَغَايَرَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِقَوْلِهِ لِمَا ذُكِرَ لَعَلَّهُ لِلتَّفَنُّنِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى إفَاقَةٍ) أَيْ صَافِيَةٍ مِنْ خَبَلٍ يُؤَدِّي حِدَّةً فِي الْخَلْقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي النِّكَاحِ هـ ع ش (قَوْلُهُ: بِلَا فَكِّ قَاضٍ) ، لِأَنَّهُ حَجْرٌ ثَبَتَ بِلَا حَجْرِ قَاضٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ أَيْ وَكُلُّ حَجْرٍ ثَبَتَ بِقَاضٍ تَوَقَّفَ زَوَالُهُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ فَهَاتَانِ قَاعِدَتَانِ نَعَمْ لَا تَعُودُ وِلَايَتُهُ السَّابِقَةُ عَلَى الْجُنُونِ إلَّا بِوِلَايَةٍ جَدِيدَةٍ ح ل
(قَوْلُهُ: أَيْ يَسْلُبُ الْعِبَارَةَ) أَيْ فِي الْمُعَامَلَةِ كَالْبَيْعِ وَفِي الدِّينِ كَالْإِسْلَامِ، وَإِسْلَامُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ صَبِيٌّ لِكَوْنِ الْأَحْكَامِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ مَنُوطَةً بِالتَّمْيِيزِ ثُمَّ أُنِيطَتْ بِالتَّكْلِيفِ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّهُ كَانَ بَالِغًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مِنْ عِبَادَةٍ مِنْ مُمَيَّزٍ) لَكِنْ يُثَابُ عَلَى الْفَرِيضَةِ أَقَلَّ مِنْ ثَوَابِ الْبَالِغِ عَلَى النَّافِلَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ عَدَمُ خِطَابِهِ بِهَا؛ وَلِأَنَّهَا نَافِلَةٌ مِنْهُ وَهُوَ نَاقِصٌ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا ثَوَابَ لَهُ أَصْلًا لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْعِبَادَةِ لَكِنْ أُثِيبَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْعِبَادَةِ فَلَا يَتْرُكُهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَأْمُونٍ) أَيْ لَمْ يُجَرَّبْ عَلَيْهِ كَذِبٌ وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ أَيْضًا سم ع ش؛ (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي كَذَلِكَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إلَخْ لَفْظَةُ إلَّا مَا اسْتَثْنَى فَقَطْ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: سَلَبَهُ لِمَا ذُكِرَ) عَدَّاهُ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّقْوِيَةِ وَإِلَّا فَهُوَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ أَوَّلًا سَلْبُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَى بُلُوغٍ) لَوْ بَلَغَ وَادَّعَى الرُّشْدَ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ لَمْ يَنْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَلَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ كَالْقَاضِي وَالْقَيِّمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي قَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْبُلُوغِ عَدَمُ الرُّشْدِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بِهِ بَيِّنَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ اسْتِصْحَابُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ رُشْدُهُ م ر س ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ عَلَى فَكِّ قَاضٍ) فِي كَلَامِهِ إظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ وَلَمْ يَقُلْ بِلَا خِلَافٍ كَمَا سَبَقَ وَقَدْ يُقَالُ عَوْدُ الْوِلَايَةِ وَالْعِبَارَةِ بِالْإِفَاقَةِ قَدْ يُتَوَهَّمُ خِلَافُهُ بِخِلَافِ زَوَالِ حَجْرِ الصِّبَا بِالْبُلُوغِ لَا يُتَوَهَّمُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ حُكِيَ فِي الثَّانِي خِلَافٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِ الْحَجْرِ بِالصِّبَا خِلَافٌ ح ل (قَوْلُهُ: كَحَجْرِ الْجُنُونِ) لَمْ يَقُلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي الْمَجْنُونِ حَتَّى يَنْظُرَ بِهِ ح ل أَقُولُ قَدْ قَالَهَا فِي الْمَجْنُونِ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ إلَى إفَاقَةٍ.
وَقَدْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِالْعِبَارَةِ التَّعْلِيلُ بِتَمَامِهِ أَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ حَجْرٌ إلَخْ وَهَذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ بِتَمَامِهِ
أَرَادَ الْإِطْلَاقَ الْكُلِّيَّ. وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ أَرَادَ حَجْرَ الصِّبَا وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصِّبَا سَبَبٌ مُسْتَقِلٌّ بِالْحَجْرِ وَكَذَا التَّبْذِيرُ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ وَمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ لَا حُكْمُ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ انْتَهَى وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرْت بِالْأَوَّلِ
، وَبُلُوغٌ يَحْصُلُ إمَّا (بِكَمَالِ خَمْسِ عَشْرَةَ سَنَةً) قَمَرِيَّةً تَحْدِيدِيَّةً لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «عَرَضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعِ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْت وَعَرَضْت عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي وَرَآنِي بَلَغْت» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِ الْوَلَدِ (أَوْ إمْنَاءٍ) لِآيَةِ {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] وَالْحُلُمُ الِاحْتِلَامُ وَهُوَ لُغَةً مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ بِجِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَإِمْكَانُهُ) أَيْ وَقْتَ إمْكَانِ الْإِمْنَاءِ (كَمَالُ تِسْعِ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقْرِيبِيَّةٌ كَمَا فِي الْحَيْضِ (أَوْ حَيْضٍ) فِي حَقِّ أُنْثَى بِالْإِجْمَاعِ (وَحَبَلِ أُنْثَى أَمَارَةٌ) أَيْ عَلَامَةٌ عَلَى بُلُوغِهَا بِالْإِمْنَاءِ فَلَيْسَ بُلُوغًا؛ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْإِنْزَالِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ أَرَادَ الْإِطْلَاقَ) أَيْ الِانْفِكَاكَ الْكُلِّيَّ وَقَوْلُهُ: وَمَنْ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ أَيْ بِالْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِهِ بِالرُّشْدِ أَرَادَ حَجْرَ الصِّبَا أَيْ أَرَادَ زَوَالَ حَجْرِ الصِّبَا وَلَوْ خَلَفَهُ حَجْرٌ آخَرُ بِسَبَبِ السَّفَهِ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ وَالصُّلْحُ عَنْ قِصَاصٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِزَائِدٍ عَلَى الدِّيَةِ وَالْعَفْوُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ كَالنِّكَاحِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَكَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ بَلَغَ مُبَذِّرًا) كَأَنَّ الْمَقَامُ لِلتَّفْرِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ وَأَحْكَامُهُمَا مُتَغَايِرَةٌ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُ تَصَرُّفِهِ حُكْمُ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُقَالُ هُوَ سَفِيهٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَتَصَرُّفُهُ تَصَرُّفُ السَّفِيهِ إلَّا أَنْ يُرَادَ السَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ح ل (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ وَهَذَا أَوْلَى إلَخْ عَبَّرْت بِالْأَوَّلِ أَيْ إلَى بُلُوغٍ
(قَوْلُهُ: بِكَمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) وَقِيلَ بِأَوَّلِهَا. وَقِيلَ بِنِصْفِهَا سم (قَوْلُهُ: عَرَضْتُ) أَيْ فِيمَنْ عَرَضَ مِنْ الْجَيْشِ هَلْ يَصْلُحُ لِلْقِتَالِ فَيُؤْذَنُ لَهُ أَوْ لَا فَيُمْنَعُ وَأُحُدٌ جَبَلٌ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ فَرْسَخٍ مِنْهَا وَبِهِ قَبْرُ هَارُونَ عليه السلام وَكَانَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنْ الْهِجْرَةِ. اهـ. ع ن وب ر (قَوْلُهُ: يَوْمَ أُحُدٍ) أَيْ زَمَنَ غَزْوَةِ أُحُدٍ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ اتِّفَاقًا ق ل (قَوْلُهُ: وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً) أَيْ طَعَنْت فِيهَا شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فَلَمْ يُجِزْنِي) أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لِي فِي الْخُرُوجِ لِلْغَزْوِ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ بُلُوغِي ع ش وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مَعَ أَنَّ خُرُوجَ الصَّبِيِّ لِلْجِهَادِ جَائِزٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ فَانْظُرْ هَلْ عَدَمُ إذْنِهِ لَهُ لِعَدَمِ إذْنِ وَلِيِّهِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُمْتَنِعًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ؟ حَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْت) أَيْ لَمْ يَجِدْنِي وَهُوَ عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَنِي وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَرَآنِي إلَخْ (تَنْبِيهٌ)
الرُّشْدُ ضِدُّ الضَّلَالِ وَالسَّفَهُ لُغَةً الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَلِيُّ بِرُشْدِ الْوَلَدِ انْعَزَلَ عَنْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّشْدُ بِهِ وَلَوْ أَنْكَرَ رُشْدَ الْوَلَدِ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ بَلَغَ وَهُوَ غَائِبٌ لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَلِيُّ إلَّا إنْ عَلِمَ بِرُشْدِهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ الْوَلِيُّ فَبَانَ رُشْدُهُ فَالْقِيَاسُ فَسَادُ تَصَرُّفِهِ.
وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا رُشْدٍ وَسَفَهٍ قُدِّمَتْ النَّاقِلَةُ مِنْهُمَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) أَيْ اسْتَكْمَلْتُهَا؛ لِأَنَّ غَزْوَةَ أُحُدٍ كَانَتْ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَالْخَنْدَقِ فِي جُمَادَى سَنَةَ خَمْسٍ م ر ع ش أَيْ فَبَيْنَهُمَا سَنَتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ إمْنَاءٍ) ضَابِطُهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَوْ أَحَسَّ بِالْمَنِيِّ فِي قَصَبَةِ الذَّكَرِ فَقَبَضَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ مَنِيٌّ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ لِاخْتِلَافِ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي الْغُسْلِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الظَّاهِرِ وَفِي الْبُلُوغِ عَلَى الْإِنْزَالِ قَالَهُ م ر وَلَا يَرِدُ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّ ضَابِطَهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَكُونُ شَأْنُهُ إيجَابُ الْغُسْلِ لَوْ خَرَجَ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: مَا يَرَاهُ النَّائِمُ) أَيْ مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ شَوْبَرِيٌّ وَقِيلَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا إلَخْ) فَالْمَعْنَى الشَّرْعِيُّ أَعَمُّ مِنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ عَلَى كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ وَهَذَا عَكْسُ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ مِنْ طَرِيقَةِ الْمُعْتَادِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي الْغُسْلِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي تَحَقُّقَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فَلَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ الصَّبِيِّ بِوَلَدٍ لَحِقَهُ وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَالْبُلُوغُ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَحَقُّقِهِ وَعَلَى هَذَا لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي ثُبُوتِ إيلَادِهِ وَالْحُكْمِ بِبُلُوغِهِ شَرْحُ م ر اهـ وَالْفَرْضُ أَنَّ الصَّبِيَّ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَقْتَ) قَدْرِ الْمُضَافِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الْإِمْكَانَ لَيْسَ عَيْنَ كَمَالِ التِّسْعِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَيْضِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَحْدِيدِيَّةٌ هُنَا وَتَقْرِيبِيَّةٌ فِي الْحَيْضِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَيْضَ ضُبِطَ لَهُ أَقَلُّ وَأَكْثَرُ فَالزَّمَنُ الَّذِي لَا يَسَعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وُجُودُهُ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ شَرْحُ م ر وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ الْحَيْضِ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ فِي خُصُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ إلَّا إنْ طَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ كَأَنْ كَانَ مِنْ الْغُزَاةِ أَوْ طَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لِلتُّهْمَةِ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ حَيْضٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى إمْنَاءٍ
فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ بِالْبُلُوغِ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَشَيْءٍ وَذِكْرُ كَوْنِهِ أَمَارَةً مِنْ زِيَادَتِي.
وَلَوْ أَمْنَى الْخُنْثَى مِنْ ذَكَرِهِ وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَجَعَلَهُ الْإِمَامُ بُلُوغًا فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ غُيِّرَ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهُوَ الْحَقُّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إنْ تَكَرَّرَ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ غَرِيبٌ (كَنَبْتِ عَانَةِ كَافِرٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (خَشِنَةٍ) فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ لِخَبَرِ «عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ قَالَ كُنْت مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَانُوا يَنْظُرُونَ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَفَادَ كَوْنُهُ أَمَارَةً أَنَّهُ لَيْسَ بُلُوغًا حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْتَلِمْ وَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَحَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: فَيُحْكَمُ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَخْ) وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِفَاخًا (قَوْلُهُ: قَبْلَهُ بِسِتِّ أَشْهُرٍ) مَا لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً فَإِنْ كَانَتْ حَكَمْنَا بِبُلُوغِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِلَحْظَةٍ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَضْعَ تَأَخَّرَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُدَّةُ مُلَفَّقَةٌ مِمَّا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَمَا بَعْدَهُ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَشَيْءٍ) عِبَارَةُ م ر وَلَحْظَةٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَاضَ مِنْ فَرْجِهِ) أَوْ أَمْنَى مِنْ ذَكَرِهِ وَفَرْجِهِ جَمِيعًا رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: حُكِمَ بِبُلُوغِهِ) أَيْ وَإِشْكَالِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَصْدُقُ بِسِتِّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْمَنِيِّ وَحْدَهُ إمَّا مِنْ الذَّكَرِ أَوْ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ مِنْهُمَا وَكَذَا يُقَالُ فِي وُجُودِ الْحَيْضِ فَقَطْ وَيُزَادُ عَلَى هَذِهِ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا وُجِدَا مَعًا مِنْ الذَّكَرِ أَوْ الْفَرْجِ أَوْ الْمَنِيُّ مِنْ الْفَرْجِ وَالْحَيْضُ مِنْ الذَّكَرِ وَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ فَلَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ الْإِمَامُ) أَيْ جَعَلَ وُجُودَ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ غُيِّرَ) أَيْ فَإِذَا أَمْنَى مِنْ ذَكَرِهِ حَكَمْنَا بِذُكُورَتِهِ وَبُلُوغِهِ فَإِذَا حَاضَ مِنْ فَرْجِهِ حَكَمْنَا بِأُنُوثَتِهِ وَبُلُوغِهِ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْإِمْنَاءَ كَانَ مِنْ آلَةِ الرِّجَالِ وَهِيَ زَائِدَةٌ حِينَئِذٍ ح ل.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ مَثَلًا حَكَمْنَا بِبُلُوغِهِ فَلَوْ حَاضَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَرْجِهِ غُيِّرَ الْحُكْمُ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمِ وَجُعِلَ الْبُلُوغُ مِنْ الْآنَ لِمُعَارَضَةِ الْحَيْضِ لِلْمَنِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ قُلْت لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْحَيْضِ وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَر لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ قُلْت ذَاكَ مَحَلُّهُ مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ انْفِتَاحِ الْمُعْتَادِ لَا يَكُونُ بُلُوغًا.
وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ س ل قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ بُلُوغًا إلَّا إنْ تَكَرَّرَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي اهـ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى غَرِيبٌ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ ع ش (قَوْلُهُ: كَنَبْتِ) وَيُصَدَّقُ وَلَدُ كَافِرٍ سُبِيَ فَادَّعَى الِاسْتِعْجَالَ بِدَوَاءٍ بِيَمِينِهِ لِدَفْعِ الْقَتْلِ لَا لِإِسْقَاطِ جِزْيَةٍ لَوْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَطُولِبَ بِهَا وَالْفَرْقُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ فِي الْحَالَيْنِ وَيَجِبُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ، وَلَا يُشْكِلُ تَحْلِيفُهُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ صِبَاهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَحْلِفُ لِمَنْعِ كَوْنِهِ يُثْبِتُهُ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ بِالْأَصْلِ وَإِنَّمَا الْعَلَامَةُ وَهِيَ الْإِنْبَاتُ عَارَضَهَا دَعْوَاهُ الِاسْتِعْجَالَ فَضَعُفَتْ دَلَالَتُهَا عَلَى الْبُلُوغِ فَاحْتِيجَ لِمُعَيَّنٍ لِمَا عَارَضَهَا وَهُوَ الْيَمِينُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَانَةِ) وَهِيَ الشَّعْرُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْأَشْهَرُ أَنَّ النَّابِتَ عَانَةٌ وَالْمَنْبَتَ شِعْرَةٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ح ل وم ر (قَوْلُهُ: خَشِنَةٍ) أَيْ تَحْتَاجُ فِي إزَالَتِهَا إلَى حَلْقٍ وَإِنْ كَانَتْ نَاعِمَةً س ل (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى بُلُوغِهِ) فَإِذَا ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ لَمْ يُصَدَّقْ ح ل (قَوْلُهُ: قُتِلَ) تَرَتُّبُ الْقَتْلِ عَلَى الْإِنْبَاتِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْبُلُوغَ بِهِ قَطْعِيٌّ فَيُخَالِفُهُ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَّامَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ قَدْ يُوجَدُ مَعَ الْعَلَامَةِ قَرَائِنُ تَقْتَضِي الْيَقِينَ وَهَذَا مِنْهَا فَتَأَمَّلْ أَوْ يُطْلَقُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَانَةِ عَلَامَةٌ وَأَنَّهَا مَعَ الْخُشُونَةِ قَطْعِيَّةٌ وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ) أَيْ مَعَ السَّبْيِ أَيْ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَيْسَ بُلُوغًا) أَيْ لِجَوَازِ تَخَلُّفِهِ عَنْهَا وَفِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ الْعَلَامَةُ وُجِدَ الْمُعَلَّمُ ح ل وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَمَارَةٌ لَا عَلَامَةٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَارَةِ الْعَلَامَةُ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ إنْبَاتِهَا لَيْسَ بُلُوغًا وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ عُمْرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَيْ وَكَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ بِالْإِنْبَاتِ إذْ لَوْ كَانَ بُلُوغًا حَقِيقِيًّا لَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ وَحِينَئِذٍ تَخَلَّفَ الشَّيْءُ عَنْ عَلَامَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِمْ الْعَلَامَةُ تَطَّرِدُ ح ل وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّا نَحْكُمُ بِبُلُوغِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ س ل وز ي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ انْتَهَى وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ خُرُوجُ مَنِيِّهِ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ فَيُشْتَرَطُ إمْكَانُ الْإِمْنَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْإِنْبَاتِ) مِنْ أَنْبَتَ اللَّازِمُ كَ " نَبَتَ " يُقَالُ أَنْبَتَ الْبَقْلُ وَنَبَتَ وَيَصِحُّ مِنْ الْمُتَعَدِّي وَيَشْهَدُ لَهُ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ فِي الْحَدِيثِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَوْلِهِمْ وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ إذْ لَوْ كَانَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ لَحُكِمَ بِبُلُوغِهِ لِجَوَازِ
أَحَدُهُمَا هَذَا، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ أَمَارَةُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيُتَّجَهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَمَارَةً فِي حَقِّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ عَلَى فَرْجَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُسْلِمُ لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِ وَأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَلِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالْإِنْبَاتِ فَرُبَّمَا تَعَجَّلَهُ بِدَوَاءٍ دَفْعًا لِلْحَجْرِ وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يُفْضِي بِهِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ، وَهَذَا جَرْيٌ عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى وَالطِّفْلُ الَّذِي تَعْذُرُ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِالْكَافِرِ مِنْ جُهِلَ إسْلَامُهُ وَوَقْتُ إمْكَانِ نَبَاتِ الْعَانَةِ وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ، وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى مَنْبَتِ عَانَةٍ إنْ احْتَجْنَا إلَى مَعْرِفَةِ بُلُوغِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِالْعَانَةِ غَيْرُهَا كَشَعْرِ الْإِبْطِ وَاللِّحْيَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَنْ يَكُونَ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ احْتَلَمَ فَلَا يُقَالُ الْفَرْضُ فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْتَلِمْ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَلِمَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ح ل وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَقَضِيَّتُهُ رَاجِعٌ لِكَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ سم وَفِي دَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّتُهُ نَظَرٌ دَقِيقٌ اهـ أَقُولُ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ لَكَانَ وُجُودُهُ جَارِحًا فِي شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ بِالسِّنِّ إذْ قَضِيَّةُ قَبُولِهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَخَلُّفُ الْمُعَلِّمِ وَهُوَ الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ عَنْ عَلَامَتِهِ وَهُوَ الْإِنْبَاتُ نَعَمْ يَظْهَرُ كَوْنُهُ عَلَامَةً عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الشُّهُودِ الْمَذْكُورِينَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْعَلَامَةَ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا لِجَوَازِ سَبْقِهَا عَلَى سِنِّهِ فِيمَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ لِزِيَادَةِ حَرَارَةٍ وَنَحْوِهَا فِيهِ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ وَهُوَ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى هَذَا الْقِيلِ إلَّا أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِسَابِقِ الْكَلَامِ وَلَاحِقِهِ أَنْ يُقَالَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ فَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ نَظَرِ الْمُحَشِّي.
(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا هَذَا) أَيْ أَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ عَدْلَانِ بِأَنَّ عُمُرَهُ دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ح ل فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ عَدْلَانِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْإِنْبَاتُ أَمَارَةٌ لِلْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِهِ أَمَارَةً عَلَى الْحَيْضِ أَيْضًا وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ مُبْهَمًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْآرَاءُ ثَلَاثَةٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَشَوُّفًا لِلْوِلَايَاتِ) أَيْ لِجَمِيعِهَا شَرْعِيَّةً أَوْ جَعْلِيَّةً فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى كُلٌّ مِنْهُمَا يَصِحُّ كَوْنُهُ وَصِيًّا وَنَاظِرَ مَسْجِدٍ ح ل (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُسْلِمِ بِقَوْلِهِ لِسُهُولَةِ إلَخْ وَفِي الْكَافِرِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْخُنْثَى وَالْأُنْثَى أَيْ الْكَافِرَانِ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي وَقَوْلُهُ: وَالطِّفْلُ مُحْتَرَزُ الْغَالِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ.
وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ لِسُهُولَةِ مُرَاجَعَةِ آبَائِهِ إلَى آخِرِ التَّعَالِيلِ وَهُوَ جَيِّدٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ الْكُفَّارِ أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْتَلَانِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمَا فَالتَّعْلِيلُ بِالْإِفْضَاءِ إلَى الْقَتْلِ أَوْ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِمُشَارَكَتِهِمَا الذَّكَرَ فِي دَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَةِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُمَا الْوِلَايَةَ بِنَحْوِ وِصَايَةٍ وَشَرْطِ نَظَرِ وَقْفٍ فَلَيْسَ التَّعْلِيلُ بِدَفْعِ الْحَجْرِ وَتَشَوُّفِ الْوِلَايَةِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ كَتَبَهُ ابْنُ قَاسِمٍ بِهَامِشِ الْإِمْدَادِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِلَّا فَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ هَذِهِ التَّعَالِيلُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ بَلْ كَانَتْ مُطَّرِدَةً دَائِمًا فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى وَالْأُنْثَى الْكَافِرَيْنِ يَكُونُ الْإِنْبَاتُ أَمَارَةً عَلَى الْبُلُوغِ فِي حَقِّهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُفْضِي بِهِمَا إلَى الْقَتْلِ وَلَا إلَى طَلَبِ الْجِزْيَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ س ل وَشَوْبَرِيٍّ فَقَوْلُهُ: حُكْمُهُمْ كَذَلِكَ أَيْ يَكُونُ الْإِنْبَاتُ عَلَامَةً عَلَى بُلُوغِ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْكَافِرَيْنِ وَلَا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَى بُلُوغِ الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ الَّذِي تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ أَقَارِبِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّوْبَرِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي ح ل وع ش (قَوْلُهُ: وَوَقْتُ إمْكَانِ إنْبَاتِ الْعَانَةِ إلَخْ) هَذَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ دُونَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَوْ دَلِيلُ الْبُلُوغِ بِأَحَدِهِمَا فَالْجَزْمُ بِهَذَا مَعَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ نَظَرٌ.
؛ لِأَنَّ هَذَا كَمَا عَلِمْت لَا يَأْتِي عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ بِالسِّنِّ وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ نَبَاتِهَا قَبْلَ كَمَالِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَقْتُ إمْكَانِ الِاحْتِلَامِ) فَلَوْ نَبَتَ قَبْلَ إمْكَانِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ النَّظَرُ) أَيْ وَكَذَا الْمَسُّ لِيُعْلَمَ كَوْنُهُ خَشِنًا شَوْبَرِيٌّ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى حَالَةٍ لَمْ يَكْتَفِ فِيهَا بِالنَّظَرِ فِي حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَإِلَّا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِالْمَسِّ يَحْرُمُ النَّظَرُ ع ش (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِالْعَانَةِ أَيْ بِنَبْتِهَا؛ لِأَنَّ النَّبْتَ هُوَ الْأَمَارَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَشَعْرِ الْإِبْطِ) بِسُكُونِ الْبَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَاللِّحْيَةِ) أَيْ فَلَيْسَ دَلِيلًا لِنُدْرَتِهَا دُونَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَوْ جُعِلَتْ أَمَارَةً لَأَدَّى إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ بِخِلَافِ نَبَاتِ الْعَانَةِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ قَبْلَ خَمْسَ
وَثِقَلِ الصَّوْتِ وَنُهُودِ الثَّدْيِ
(فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا أُعْطِيَ مَالَهُ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ (وَالرُّشْدُ) ابْتِدَاءً (صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) حَتَّى مِنْ كَافِرٍ كَمَا فَسَّرَ بِهِ آيَةَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6](بِأَنْ لَا يَفْعَلَ) فِي الْأَوَّلِ (مُحَرَّمًا يَبْطُلُ عَدَالَةً) مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ (وَلَا يُبَذِّرُ) فِي الثَّانِي (بِأَنْ يُضَيِّعَ مَالًا بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي مُعَامَلَتِهِ) وَهُوَ مَا لَا يُحْتَمَلُ غَالِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِتِسْعَةٍ (أَوْ رَمْيِهِ) وَإِنْ قَلَّ (فِي بَحْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَشْرَةَ سَنَةً زي (قَوْلُهُ: وَثِقَلُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى غَيْرُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَرِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ: وَنُهُودُ الثَّدْيِ) أَيْ زِيَادَةُ ارْتِفَاعِهِ عَمَّا كَانَ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا) وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالرُّشْدِ بِاعْتِبَارِ مَا يُرَى مِنْ أَحْوَالِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيهَا عُرْفًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِخُصُوصِ الْوَقْتِ الَّذِي بَلَغَ فِيهِ كَوَقْتِ الزَّوَالِ مَثَلًا ع ش (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) خَرَجَ بِهِ دَوَامًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فَلَوْ فَسَقَ بَعْدَ أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا فَلَا حَجْرَ أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ وَأَعْمَالُهُ بَلْ صَلَاحُ الْمَالِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَوْبَرِيٍّ مَعَ زِيَادَةِ (قَوْلُهُ: صَلَاحُ دِينٍ وَمَالٍ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ حَيْثُ اعْتَبَرَا صَلَاحَ الْمَالِ فَقَطْ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَاعْتُرِضَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الْآيَةِ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمُّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ وَأَيْضًا الرُّشْدُ مَجْمُوعُ أَمْرَيْنِ لَا كُلُّ وَاحِدٍ سم وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَبَرَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ صَلَاحَ الْمَالِ وَحْدَهُ وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: حَتَّى مِنْ كَافِرٍ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ مَا هُوَ صَلَاحٌ عِنْدَهُمْ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إلْحَاقِ الِاخْتِصَاصِ هُنَا بِالْمَالِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. اهـ. م ر وع ش وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر الْمُعْتَمَدُ إلْحَاقُهُ بِالْمَالِ فَيَحْرُمُ إضَاعَةُ مَا يُعَدُّ مُنْتَفَعًا بِهِ مِنْهُ عُرْفًا وَيُحْجَرُ بِسَبَبِهِ اهـ. قَوْلُهُ:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] : لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهِيَ لِلْعُمُومِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا) أَيْ عِنْدَ الْبُلُوغِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ فَسَقَ أَيْ بِفِعْلِ الْكَبِيرَةِ أَوْ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ الصَّادِقُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْبُلُوغِ وَبَيْنَ الْفِسْقِ وَبِكَثْرَتِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ السَّفَهُ إلَّا مِمَّنْ أَتَى بِالْفِسْقِ مُقَارِنًا لِلْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَالْبُلُوغُ فِي حَالَةِ السَّفَهِ فِي غَايَةِ النُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُنْظَرْ هَلْ هَذَا الِاقْتِضَاءُ مُرَادٌ أَمْ لَا رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر.
وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ مَشَايِخُنَا كَلَامُ ع ش الْمُتَقَدِّمِ وَخَرَجَ بِالْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ فَلَا يَمْنَعُ الرُّشْدَ؛ لِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِالْمُرُوءَةِ لَا يُحَرَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا إنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً لَكِنْ الْحُرْمَةُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَلَوْ ادَّعَى بُلُوغَهُ سَفِيهًا قُبِلَ قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُبَذِّرُ فِي الثَّانِي) وَهُوَ صَلَاحُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: بِاحْتِمَالِ) لَمْ يَظْهَرْ لِلَفْظَةِ الِاحْتِمَالِ فَائِدَةٌ فَلَعَلَّهَا زَائِدَةٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: غَبْنٍ فَاحِشٍ) أَيْ وَقَدْ جَهِلَ حَالَ الْمُعَامَلَةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ عَالِمًا وَأَعْطَى أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ الزَّائِدُ صَدَقَةً خَفِيَّةً مَحْمُودَةً فَلَا يَكُونُ تَبْذِيرًا بَلْ هُوَ بَيْعُ مُحَابَاةٍ ح ل وخ ط وَلَوْ كَانَ يُغْبَنُ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ كَمَا رَجَّحَهُ الْقَمُولِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْأَغْلَبِ انْتَهَى س ل قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ قَاسِمٍ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قِصَّةُ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ مَنْ بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ إلَخْ فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ وَفِي صِحَّةِ بَيْعِهِ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَقَرَّهُ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ مِنْ أَيْنَ أَنَّهُ كَانَ يُغْبَنُ غَبْنًا فَاحِشًا فَلَعَلَّهُ إنَّمَا كَانَ يُغْبَنُ غَبْنًا يَسِيرًا وَلَوْ سُلِّمَ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ غَبْنَهُ كَانَ عِنْدَ بُلُوغِهِ؟ فَلَعَلَّهُ عَرَضَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ سَفِيهًا مُهْمِلًا وَهُوَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى الْجَوَابِ مَا ذُكِرَ أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ وَقَدْ أَقَرَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُبَايَعَةِ وَأَرْشَدَهُ إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ عَنْ حَالِهِ هَلْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا أَوْ لَا؟ ، وَلَا هَلْ كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا اهـ؟ وَلَوْ غُبِنَ فِي تَصَرُّفٍ دُونَ تَصَرُّفٍ آخَرَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ.
لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ الْحَجْرِ وَعَدَمِهِ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: عَشَرَةٌ بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَرَجَ بِهَا الْقُرُوشُ وَالدَّنَانِيرُ فَلَا يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَوْ رَمْيِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى احْتِمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ الْمُتَمَوَّلُ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَحَبَّةِ بُرٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْغَبْنَ بِالْقَلِيلِ يَجُرُّ إلَيْهِ بِالْكَثِيرِ وَيُؤَيِّدُهُ جَعْلُهُمْ اسْتِحْلَالَهُ كُفْرًا فَلَا بِدْعَ حِينَئِذٍ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي أَنَّ إلْفَاءَ كُلٍّ مُفَسِّقٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ
(أَوْ صَرْفِهِ) وَإِنْ قَلَّ (فِي مُحَرَّمٍ لَا) صَرْفِهِ فِي (خَيْرٍ) كَصَدَقَةٍ (وَ) لَا فِي (نَحْوِ مُلَابِسٍ وَمَطَاعِمَ) كَهَدَايَا وَشِرَاءِ إمَاءٍ كَثِيرَةٍ لِلتَّمَتُّعِ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُتَّخَذُ لِيُنْتَفَعَ وَيُلْتَذَّ بِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ صَرْفَهُ فِي ذَلِكَ بِطَرِيقِ الِاقْتِرَاضِ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَحَرَامٌ، وَنَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِي
(وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي الدِّينِ وَالْمَالِ لِيُعْرَفَ رُشْدُهُ وَعَدَمُ رُشْدِهِ (قَبْلَ بُلُوغِهِ) لِآيَةِ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] إنَّمَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ (فَوْقَ مَرَّةٍ) بِحَيْثُ يُظَنُّ رُشْدُهُ لَا مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ فِيهَا اتِّفَاقًا أَمَّا فِي الدِّينِ فَبِمُشَاهَدَةِ حَالِهِ فِي الْعِبَادَاتِ بِقِيَامِهِ بِالْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابِهِ الْمَحْظُورَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَيَخْتَلِفُ بِمَرَاتِبِ النَّاسِ (فَ) يُخْتَبَرُ (وَلَدُ تَاجِرٍ بِمُمَاكَسَةٍ) أَيْ مُشَاحَّةٍ (فِي مُعَامَلَةٍ) وَيُسَلَّمُ لَهُ الْمَالُ لِيُمَاكِسَ لَا لِيَعْقِدَ (ثُمَّ) إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ (يَعْقِدُ وَلِيُّهُ وَ) يُخْتَبَرُ وَلَدُ (زَرَّاعٍ بِزِرَاعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الزِّرَاعَةِ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقِوَامِ بِمَصَالِحِ الزَّرْعِ كَالْحَرْثِ وَالْحَصْدِ وَالْحِفْظِ.
(وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ) كَقُمَاشٍ (عَنْ نَحْوِ هِرَّةٍ) كَفَأْرَةٍ كُلُّ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ عَلَى الْعَادَةِ فِي مِثْلِهِ وَنَحْوِ الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِي. وَيُخْتَبَرُ الْخُنْثَى بِمَا يُخْتَبَرُ بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى
(فَلَوْ فَسَقَ بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (فَلَا حَجْرَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَيْنِ لَمْ يَحْجُرُوا عَلَى الْفَسَقَةِ (أَوْ بَذَّرَ) بَعْدَ ذَلِكَ (حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) لَا غَيْرُهُ وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ التَّبْذِيرَ يَتَحَقَّقُ بِهِ تَضْيِيعُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ (وَهُوَ وَلِيُّهُ) وَتَقْيِيدُ الْحَجْرِ بِالْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ جُنَّ) بَعْدَ ذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: أَوْ صَرْفِهِ فِي مُحَرَّمٍ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرَةً كَإِعْطَائِهِ أُجْرَةً لِصَوْغِ إنَاءِ نَقْدٍ أَوْ لِمُنَجِّمٍ أَوْ لِرِشْوَةٍ عَلَى بَاطِلٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ ع ش
(قَوْلُهُ: وَيُخْتَبَرُ رُشْدُهُ) أَيْ يَخْتَبِرُهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرُ أَصْلٍ وُجُوبًا قَبْلَ بُلُوغِهِ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ لِلْبُلُوغِ ح ل (قَوْلُهُ: قَبْلَ بُلُوغِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْقَبْلِيَّةِ الزَّمَنُ الْمُقَارِبُ لِلْبُلُوغِ بِحَيْثُ يَظْهَرُ رُشْدُهُ لِيُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] أَيْ اخْتَبِرُوهُمْ (قَوْلُهُ: وَالشُّبُهَاتِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ارْتَكَبَ الشُّبُهَاتِ لَا يَكُونُ رَشِيدًا وَلَيْسَ مُرَادًا لِمَا مَرَّ أَنَّ صَلَاحَ الدِّينِ أَنْ لَا يَفْعَلَ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةُ فِي اسْتِكْشَافِ حَالِ الصَّبِيِّ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُخْتَبَرُ وَلَدُ تَاجِرٍ) وَيَكْفِي اخْتِبَارُهُ فِي نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حِرْفَةٌ وَإِلَّا اُخْتُبِرَ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحِرْفَةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِحِرْفَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتَطَلَّعُ إلَيْهَا وَلَا يُحْسِنُهَا س ل وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ يُخْتَبَرُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْعِيَالِ وَيُخْتَبَرُ وَلَدُ الْفَقِيهِ فِي نَحْوِ شِرَاءِ الْكُتُبِ وَنَفَقَةِ الْعِيَالِ، وَوَلَدُ الْأَمِيرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْجُنْدِ وَغَيْرِهِمْ ق ل (قَوْلُهُ: أَيْ مُشَاحَّةٍ) بِالنُّقْصَانِ عَمَّا يَطْلُبُ الْبَائِعُ وَالزِّيَادَةُ عَمَّا يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَالَ) قَالَ سم أَيْ حَاجَةً لِتَسْلِيمِ الْمَالِ مَعَ أَنَّ الْمُمَاكَسَةَ بِدُونِهِ مُمْكِنَةٌ اهـ وَقَدْ يُقَالُ فِي تَسْلِيمِهِ قُوَّةٌ دَاعِيَةٌ لَهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَتَنْشِيطٌ لَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ وَزِيَادَةُ رَغْبَةٍ وَأَقْدَمُ عَلَى إجَابَتِهِ مِمَّنْ يُمَاكِسُهُ شَوْبَرِيٌّ قَالَ س ل.
وَلَا يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ إنْ تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَلَوْ قِيلَ يَلْزَمُهُ مُرَاقَبَتُهُ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ إغْفَالُهُ حَامِلًا عَلَى تَضْيِيعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَهُ لَمْ يَبْعُدْ اهـ (قَوْلُهُ: يَعْقِدُ وَلِيُّهُ) وَهَلْ بَعْدَ عَقْدِ وَلِيِّهِ يَدْفَعُ الْمَالَ أَوْ يَدْفَعُهُ مَنْ فِي يَدِهِ أَوْ يَدْفَعُهُ الْوَلِيُّ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل عَقْدُ الْوَلِيِّ ثُمَّ يَدْفَعُ الْوَلِيُّ الْمَالَ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ يَأْخُذُهُ مِنْ الصَّبِيِّ وَيَدْفَعُهُ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَيَصِحُّ دَفْعُ الصَّبِيِّ بِأَمْرِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لِمُعَيَّنٍ اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْقَوَّامِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُسَلِّمُ النَّفَقَةَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ حَجّ وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يُمَاكِسُ فَقَطْ وَالْوَلِيُّ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ وَيُسَلِّمُ الْأُجْرَةَ اهـ شَوْبَرِيٌّ فَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الْأُجْرَةُ (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ بِأَمْرِ غَزْلٍ) بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَوْ بِمَعْنَى الْمَغْزُولِ فِيمَنْ يَلِيقُ بِهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ وَالْمُخْتَبِرُ لَهَا الْوَلِيُّ وَالْمَحَارِمُ أَوْ غَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَجَانِبِ لَهَا بِالرُّشْدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ح ل.
وَعِبَارَةُ ق ل بِالْغَزْلِ أَيْ الْمَغْزُولِ مِنْ عَمَلٍ وَحِفْظٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ وَهَذَا فِي غَيْرِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ فَهُنَّ يُخْتَبَرْنَ بِمَا يُنَاسِبُهُنَّ اهـ (قَوْلُهُ: وَصَوْنِ نَحْوِ أَطْعِمَةٍ) يُشَارِكُهَا فِيهِ الذَّكَرُ
وَقَوْلُهُ كَقُمَاشٍ فَإِنَّهُ يُصَانُ عَنْ الْفَأْرِ (قَوْلُهُ: هِرَّةٍ) هِيَ الْأُنْثَى وَجَمْعُهَا هِرَرٌ كَقِرْبَةٍ وَقِرَبٍ وَالذَّكَرُ هِرٌّ وَجَمْعُهُ هِرَرَةٌ كَقِرْدٍ وَقِرَدَةٍ ق ل وز ي
(قَوْلُهُ: فَلَوْ فَسَقَ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالرُّشْدُ ابْتِدَاءً وَالْمُرَادُ فَسَقَ بِغَيْرِ التَّبْذِيرِ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَذَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا (قَوْلُهُ: حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ أَثِمَ وَإِذَا رَشَدَ بَعْدَ هَذَا الْحَجْرِ لَمْ يَنْفَكَّ إلَّا بِفَكِّ الْقَاضِي لِلِاحْتِيَاطِ لِلِاجْتِهَادِ حِينَئِذٍ س ل وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ هَذَا مَا دَامَ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ مُلْحَقٌ بِالرَّشِيدِ.
فَمَتَى أَطْلَقُوا السَّفِيهَ الْمُهْمَلَ اخْتَصَّ بِهَذَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَلِيُّهُ) فَإِذَا جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ مِنْ الْقَاضِي لِلْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَمَا اعْتَمَدَهُ زي وَيُقَالُ ارْتَفَعَ حَجْرُ السَّفَهِ وَخَلَفَهُ حَجْرُ الْجُنُونِ كَمَا فِي خَطِّ شَيْخِنَا م ر شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ جُنَّ) لَوْ أَفَاقَ مِنْ هَذَا الْجُنُونِ مُبَذِّرًا فَهَلْ الْوِلَايَةُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ اسْتِصْحَابًا لِمَا قَبْلَ الرُّشْدِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مُبَذِّرًا أَوْ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ وَلِيَّهُ قَبْلَ الْجُنُونِ فِيهِ نَظَرٌ
(فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرٍ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّبْذِيرَ لِكَوْنِهِ سَفَهًا مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ فَلَا يَعُودُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَاضٍ بِخِلَافِ الْجُنُونِ (كَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) لِجُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِاخْتِلَالِ صَلَاحِ الدِّينِ أَوْ الْمَالِ فَإِنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ فَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ مَنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِمَفْهُومِ آيَةِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ وَيُسَمَّى مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَلَمْ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَلِيُّ هـ بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا لَا حِسًّا، وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ وَلِيُّهُ فِي الصِّغَرِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ سَفِهَ) شَرْعًا أَوْ حِسًّا (إقْرَارٌ بِنِكَاحٍ) كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافُ مَالٍ) قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ.
نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ فِي الْبَاطِنِ فَيَغْرَمُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ (وَلَا) يَصِحُّ مِنْهُ (تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ) غَيْرَ مَا يُذْكَرُ فِي أَبْوَابِهِ كَبَيْعٍ وَلَوْ بِغِبْطَةٍ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ [دَرْس](وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ) أَوْ بِإِقْبَاضِهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (وَتَلَفٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
سم (قَوْلُهُ فَوَلِيُّهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرٍ) شَمِلَ الْوَصِيَّ قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَسَكَتُوا عَنْ الْوَصِيِّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا تَعُودَ إلَيْهِ الْوِلَايَةُ س ل (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ التَّبْذِيرِ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَالْإِينَاسُ هُوَ الْعِلْمُ) أَيْ فِي الْآيَةِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْأَصْلُ اسْمٌ لِلْإِبْصَارِ قَالَ تَعَالَى {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص: 29] أَيْ أَبْصَرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَجْرِ الْوَلِيِّ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ) الْمَشْهُورُ إطْلَاقُ هَذَا الِاسْمِ عَلَى مَنْ بَذَّرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي م ر شَوْبَرِيٌّ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَعَ الْمَشْهُورِ أَنَّ لَهُ إطْلَاقَيْنِ أَيْ فَتَارَةً يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا الْمَشْهُورِ وَتَارَةً لَا يَصِحُّ.
وَقَوْلُهُ: لَا حِسًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ وَلِيَّهُ) أَيْ التَّصْرِيحُ الَّذِي أَفَادَ التَّشْبِيهَ
(قَوْلُهُ: شَرْعًا) بِأَنْ بَلَغَ غَيْرَ مُصْلِحٍ لِدِينِهِ وَمَالِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حِسًّا أَيْ بِأَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَّرَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ شَوْبَرِيٌّ وَفِيهِ أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِنِكَاحٍ) إيجَابًا مُطْلَقًا أَيْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ كَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ أَوْ مُوَلِّيَةَ غَيْرِهِ بِوَكَالَتِهِ؛ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفَهِ يَمْنَعُ وِلَايَةَ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ قَبُولًا لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ قَبُولِهِ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ وَمَحَلُّهُ فِي الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ ح ل وم ر وَقَوْلُهُ: إيجَابًا مُطْلَقًا إلَخْ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَدِّ ذَاتِهِ لَكِنْ كِتَابَتُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اشْتِبَاهٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَسُوقٌ فِي الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُبَاشَرَةِ أَيْ إنْشَاءُ النِّكَاحِ كَمَا ذَكَرَهُ م ر. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ كَإِنْشَائِهِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَهُ م ر وَمَا قَالَهُ ح ل فِي نَفْسِ مُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ الْأَصْلِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ وَلَا إعْتَاقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا نِكَاحٌ يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ أَمَّا قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَصَحِيحٌ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا مُطْلَقًا لَا أَصَالَةً وَلَا وَكَالَةً وَلَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِنِكَاحٍ كَمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْشَاؤُهُ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَالِ حَيْثُ يُزَوِّجُ بِلَا مَصْلَحَةٍ أَوْ مَظِنَّةُ إتْلَافِهِ إنْ فُرِضَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ بِدَيْنٍ أَيْ أَوْ بِعَيْنٍ هِيَ فِي يَدِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِ مَالٍ أَيْ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا شَرْحُ م ر وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَأَعَادَ الْبَاءَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى إقْرَارِ الْحَجْرِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ زي أَيْ حَيْثُ كَانَ بِدِينِ مُعَامَلَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ بِإِتْلَافِهِ فَيَلْزَمُهُ بَاطِنًا أَوْ تَقَدَّمَ سَبَبُهُ عَلَى الْحَجْرِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ؛ وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ أَوْ مَظِنَّةُ الْإِتْلَافِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَهُ إيجَارُ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ التَّطَوُّعُ بِمَنْفَعَتِهِ حِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ عَمَلَهُ إذْ لِوَلِيِّهِ إجْبَارُهُ عَلَى الْكَسْبِ حِينَئِذٍ لِيَرْتَفِقَ بِهِ فِي النَّفَقَةِ فَلَا يَتَعَاطَى إيجَارُهُ غَيْرَهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَا يُذْكَرُ فِي أَبْوَابِهِ) مِنْ ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالصُّلْحُ عَنْ قِصَاصٍ لَهُ وَلَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَالصُّلْحُ عَنْ قِصَاصٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَتَوَكُّلُهُ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ وَعَقْدِ الْجِزْيَةِ بِدِينَارٍ وَقَبْضُهُ دَيْنًا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَقَبُولُ الْهِبَةِ زي وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ الْمَوْهُوبُ وَبَحَثَ فِي الْمَطْلَبِ جَوَازَ تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَنْزِعُهُ مِنْهُ عَقِبَ تَسْلِيمِهِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ) وَمِثْلُهُ النِّكَاحُ فَلَوْ نَكَحَ رَشِيدَةً مُخْتَارَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَالْمُكْرَهَةِ وَنَحْوِهِمَا فَيَجِبُ لَهُنَّ مَهْرُ الْمِثْلِ ع ش.
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ وَكَشِرَاءٍ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ وَقَدَّرَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ مَعْنَى الْحَجْرِ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ أَيْ فَإِنْ وَقَعَ قَبْضٌ فَلَا يَضْمَنُ إلَخْ وَالْمُرَادُ
وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَهُ فِي غَيْرِ أَمَانَةٍ (قَبْلَ طَلَبِ) وَإِنْ جُهِلَ مِنْ عَامِلِهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِقْبَاضُهُ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ رَدِّهِ أَوْ أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ نَعَمْ كَالرَّشِيدِ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَسَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالرُّشْدِ وَبِالْإِذْنِ وَيُقْبَلُ الطَّلَبُ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالِاقْتِرَاضِ
. (وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِ) مُوجِبِ (عُقُوبَةٍ) كَحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِنْ عَفَا عَنْهُ عَلَى مَالٍ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَالِ وَلِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ، وَلُزُومُ الْمَالِ فِي الْعَفْوِ يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لَا بِإِقْرَارِهِ فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ كَالْعَبْدِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ (وَ) يَصِحُّ (نَفْيُهُ نَسَبًا) لِمَا وَلَدَتْهُ حَلِيلَتُهُ بِلِعَانٍ فِي الزَّوْجَةِ وَبِحَلِفِهِ فِي الْأَمَةِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِاللِّعَانِ، وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يَضْمَنُ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فِي كُلٍّ مِنْ التَّلَفِ وَالْإِتْلَافِ فَلَا يُطَالَبُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَا فِي التَّلَفِ وَلَا فِي الْإِتْلَافِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَفَائِدَتُهُ عَدَمُ الْمُطَالَبَةِ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ زي (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ) أَيْ قَبْلَ رُشْدِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ م ر أَمَّا لَوْ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ ثُمَّ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ اهـ.
وَدَخَلَ فِي عُمُومِهِ مَا لَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَيْسَتْ أَمَانَةً وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ) أَيْ أَوْ قَبْلَ طَلَبِهِ وَأَمْكَنَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الرُّشْدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ طَلَبِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ حَالَ سَفَهِهِ أَوْ بَعْدَ رُشْدِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ أَوْ الْآخِذُ؟ الْأَصَحُّ الثَّانِي ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ أَتْلَفَهُ فِي أَمَانَةٍ كَوَدِيعَةٍ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعِ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافٍ ح ل وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ شَيْئًا إلَى مَحَلِّهِ فَأَتْلَفَهُ؟ (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ) يُقَالُ سَفُهَ بَعْدَ رُشْدِهِ بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ صَارَ سَفِيهًا وَيَجُوزُ كَسْرُهَا؛ لِأَنَّهُ ضِدُّ حَلُمَ قَالَهُ ابْنُ ظَرِيفٍ فِي الْأَفْعَالِ م ر شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ سَفِهَ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ صَارَ سَفِيهًا وَبَابُهُ ظَرُفَ وَطَرِبَ فَإِنْ قِيلَ سَفِهَ نَفْسَهُ فَبِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّ فَعُلَ بِالضَّمِّ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَسَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ يَنْبَغِي أَنَّ الْحَاصِلَ إنْ قَبَضَ دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ مُطْلَقًا أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيُعْتَدُّ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ بِأَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ نَزْعِهَا، وَإِنَّ قَبْضَ أَعْيَانِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ فِي نَزْعِهَا ضَمِنَ وَإِلَّا ضَمِنَ الدَّافِعُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَنَّ الذِّمَّةَ فِي الدَّيْنِ مَشْغُولَةٌ بِهِ لَا تَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ يَعْنِي حَجّ كَلَامٌ فِي الْخُلْعِ يُوَافِقُ ذَلِكَ ابْنُ الشَّوْبَرِيِّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ قَبَضَ دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَخْذُهُ مِنْهُ وَرَدُّهُ لِلْمَدْيُونِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ أَوْ يَأْذَنُ فِي دَفْعِهِ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثَانِيًا لِيَعْتَدَّ بِقَبْضِهِ فَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ رَدِّهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَمْ يَصِحَّ ع ش عَلَى م ر.
وَقَوْلُهُ: وَسَفِيهٌ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي قَبْضِ دَيْن لَهُ أَيْ لِلسَّفِيهِ وَمِثْلُهُ دَيْنُ الْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْخُلْعِ أَنَّ الْمَدِينَ يَبْرَأُ بِدَفْعِ ذَلِكَ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ وَمَا قَبْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ مِنْ رَشِيدٍ أَيْ عَلَى مَفْهُومِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ ذَلِكَ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ ح ل وَإِنْ كَانَ اللَّفُّ وَالنَّشْرُ الْمُشَوَّشُ جَائِزًا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَبْضَ الدَّيْنِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَفِيهِ شَيْءٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بِعُقُوبَةٍ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ إتْلَافِ مَالٍ (قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ) فِيهِ إشْكَالٌ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي السَّرِقَةِ بِأَنَّهُ لَا قَطْعَ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِ وَحَيْثُ لَمْ يَطْلُبْ لَا قَطْعَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَإِنْ قِيلَ شَرْطُ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً قُلْت يُمْكِنُ أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ كَمَا قَالُوهُ فِي بَابِ الدَّعْوَى فِيمَنْ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ. وَفِيهِ أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ.
وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُقْطَعُ مَعَ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِكِ الْمَالَ وَهُنَا لَا طَلَبَ وَأَيْضًا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ مُلْغًى قُلْت هُنَا طَلَبٌ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُقِرِّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ أَيْ الَّذِي قُطِعَ بِسَبَبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ) الْوَجْهُ لُزُومُهُ بَاطِنًا إنْ كَانَ صَادِقًا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَبْدِ) أَيْ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ حَالًّا وَلَا يُطْلَبُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ وَيَسَارِهِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَنَفْيُهُ نَسَبًا) هُوَ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَالِيٍّ وَأَخَّرَ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ إلَى هُنَا لِتَكُونَ مَسَائِلُ الصِّحَّةِ مَعَ بَعْضِهَا وَمَسَائِلُ الْبُطْلَانِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِحَلِفِهِ فِي الْأَمَةِ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ كَوْنُهَا فِرَاشًا إلَّا بِإِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ ثُمَّ إنْ وَلَدَتْ لِمُدَّةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَإِلَّا فَهُوَ وَلَدُهُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا وَوَلَدَتْهُ لِمُدَّةٍ يُمْكِنُ فِي الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ س ل (قَوْلُهُ: وَيَصْلُحُ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ) أَيْ وَلَوْ ضِمْنًا بِأَنْ أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِ أَمَتِهِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ لَكِنْ
وَيُنْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَسَتَعْلَمُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَطَلَاقِهِ وَخُلْعِهِ وَظِهَارِهِ وَإِيلَائِهِ مِنْ أَبْوَابِهَا (وَ) تَصِحُّ (عِبَادَتُهُ بَدَنِيَّةً) كَانَتْ (أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةٌ لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ) مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَلِيِّهِ (وَلَا تَعْيِينٍ) مِنْهُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَالِيٌّ.
أَمَّا الْمَالِيَّةُ الْمَنْدُوبَةُ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ، وَتَقْيِيدُ الْمَالِيَّةِ بِالْوَاجِبَةِ مَعَ قَوْلِي بِلَا إذْنٍ وَلَا تَعْيِينٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَعْبِيرِي بِدَفْعِ الْمَالِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ
(وَإِذَا سَافَرَ لِنُسُكٍ وَاجِبٍ) وَلَوْ بِنَذْرٍ أَحْرَمَ بِهِ أَوْ لِيُحْرِمَ بِهِ (فَقَدْ مَرَّ) حُكْمُهُ فِي الْحَجِّ وَهُوَ أَنْ يَصْحَبَ وَلِيُّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ مَا يَكْفِيهِ فِي طَرِيقِهِ، وَتَعْبِيرِي بِنُسُكٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحَجٍّ (أَوْ) سَافَرَ لِنُسُكِ (تَطَوُّعٍ وَزَادَتْ مُؤْنَةُ سَفَرِهِ) لِإِتْمَامِ نُسُكِهِ أَوْ إتْيَانِهِ بِهِ (عَلَى نَفَقَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) حَضَرًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
إذَا كَانَتْ ذَاتَ فَرَاشٍ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْإِمْكَانِ لَحِقَهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ س ل (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا؛ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ تَبَيَّنَ لِلْمُسْتَلْحَقِ مَالٌ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ لَهُ أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ أَوْ صَارَ الْمُسْتَلْحَقُ لَهُ رَشِيدًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَسَتَعْلَمُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ إلَخْ) إشَارَةٌ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ حَذْفِهِ لَهُمَا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ شَوْبَرِيٌّ وَمُرَادُهُ أَنَّ الشَّارِحَ يُرِيدُ الِاعْتِذَارَ عَنْ عَدَمِ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي الْمَتْنِ هُنَا مَعَ ذِكْرِ الْأَصْلِ لَهَا هُنَا تَأَمَّلْ وَفِي ح ل قَوْلُهُ: وَسَتَعْلَمُ صِحَّةَ نِكَاحِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا عَدَا الْخُلْعَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَالِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ وَأَمَّا الْخُلْعُ فَكَالطَّلَاقِ بَلْ أَوْلَى انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَخُلْعِهِ) وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيُسَلَّمُ الْمَالُ لِوَلِيِّهِ ح ل أَوْ إلَيْهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِإِعْطَائِهَا لَهُ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِإِعْطَائِهَا لَهُ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا بُدَّ فِي الْوُقُوعِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ بِتَسْلِيمِهِ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ حَجّ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَالِيَّةً وَاجِبَةً) الْمُرَادُ بِالْمَالِيَّةِ الْوَاجِبَةِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِتَخْرُجَ الْمَنْذُورَةُ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ حَالَ الْحَجْرِ بَلْ تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ لِمَا بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ انْتَهَى رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَالزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهَا اهـ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْ إنْ قُلْنَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ أَمَّا إذَا قُلْنَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ فَلَا إلْحَاقَ نَعَمْ يُحْمَلُ عَلَى كَفَّارَةٍ لَزِمَتْهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ مُرَتَّبَةً شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُكَفِّرُ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ كَالْيَمِينِ بِالصَّوْمِ كَالْمُعْسِرِ لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَالَهُ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يَعْتِقُ عَنْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ حَصَلَ بِهِ قَتْلُ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْجُورِيِّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا قَرَّرْنَاهُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ فِيهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْقَتْلِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ فِيمَا ذُكِرَ زَجْرًا لَهُ عَنْ الْقَتْلِ لِتَضَرُّرِهِ بِإِخْرَاجِ مَالِهِ فِي كَفَّارَتِهِ مَعَ عِظَمِ الْقَتْلِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِحِفْظِ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهِ) فَلَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ وَعَيَّنَ لَهُ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتْلِفُ الْمَالَ إذَا خَلَا بِهِ أَوْ يَدَّعِي صَرْفَهُ كَاذِبًا س ل فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْوَلِيُّ وَلَا نَائِبُهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَرَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ أَثِمَ بِعَدَمِ الْحُضُورِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِلْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا ضَمِنَ سم فَتَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ لَهُ لِدَفْعِ الْإِثْمِ لَا لِصِحَّةِ الدَّفْعِ فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمَدْفُوعَ لَهُ وَدَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّ صَحَّ الدَّفْعُ وَأَجْزَأَ.
(قَوْلُهُ: كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ نَفَقَتِهِ وَمِثْلُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ مَنْذُورُهُ الْمَالِيُّ م ر وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ أَمَّا نَذْرُهُ بِالْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ فَصَحِيحٌ وَالْمُرَادُ بِصِحَّتِهِ ثُبُوتُهُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى زَوَالِ حَجْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ حَجًّا وَلَمْ تَزِدْ مُؤْنَةُ السَّفَرِ عَلَى الْحَضَرِ أَوْ زَادَتْ وَكَانَ لَهُ كَسْبٌ فِي طَرِيقِهِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا التَّقْيِيدِ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ تَطَوُّعٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا سَافَرَ) لَعَلَّ الْأَنْسَبَ أَنْ يَقُولَ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُ سَفَرِهِ لِنُسُكٍ وَاجِبٍ (قَوْلُهُ: لِنُسُكٍ وَاجِبٍ) أَيْ أُصَلِّي أَوْ قَضَاءٍ أَوْ مَنْذُورٍ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِنَذْرٍ) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ م ر (قَوْلُهُ: أَحْرَمَ بِهِ) أَيْ قَبْلَ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ مَرَّ) فِيهِ أَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَوَابَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَقُولُ قَدْ مَرَّ أَوْ فَلَا أَذْكُرُهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَصْحَبَ وَلِيُّهُ إلَخْ) وَلَا يَدْفَعَهُ لَهُ خَوْفًا مِنْ تَفْرِيطِهِ فِيهِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ السَّفَرَ إذَا قَصُرَ وَرَأَى الْوَلِيُّ دَفْعَ ذَلِكَ لَهُ جَازَ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ فِي مَالِ السَّفِيهِ ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا يَكْفِيه) مَفْعُولُ يَصْحَبُ أَيْ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ مُصَاحِبًا لِمَا يَكْفِيه وَإِذَا كَانَ مُصَاحِبًا لِمَا يَكْفِيه يَكُونُ مُصَاحِبًا لَهُ شَيْخُنَا قَالَ ع ش وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ خُرُوجِهِ مَعَهُ وَصَرْفِهِ عَلَيْهِ إنْ فَوَّتَ