المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ آنَسَ النَّجَابَةَ - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ الْأَرْض]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) [

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ)

- ‌(فَرْعٌ)إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً]

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌[شُرُوط السَّلَم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌(بَابُ: الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

الفصل: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ آنَسَ النَّجَابَةَ

وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ قَطْعُ تَعَلُّمِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ آنَسَ النَّجَابَةَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مَطْلُوبَةٍ بِرَأْسِهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ غَيْرِهَا وَلَا قَطْعُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي صِفَةٍ لَا أَصْلٍ وَالصِّفَةُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ صَحَّحَهُ التَّاجُ السُّبْكِيّ تَبَعًا لِمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَأَشَارَ فِيهِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ إلَى أَنَّ عَدَمَ حُرْمَتِهِ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ جَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَالْحَاوِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا.

وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِفَرْضٍ عَيْنِيٍّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَضَاءٍ.

(فَرْعٌ)

لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ»

(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

هُوَ لُغَةً اللُّبْثُ وَشَرْعًا اللُّبْثُ بِمَسْجِدٍ مِنْ شَخْصٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] وقَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ} [البقرة: 125] وَالِاتِّبَاعُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (سُنَّ) الِاعْتِكَافُ (كُلَّ وَقْتٍ) لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عُذْرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعِبَ الْحَامِلُ فَتَرَكَ الْحَمْلَ لِغَيْرِهِ أَوْ الْحَافِرُ فَتَرَكَ الْحَفْرَ لِغَيْرِهِ، أَوْ تَرَكَ الْحَامِلُ الْحِمْلَ لِمَنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ بِالْحَمْلِ أَوْ إكْرَامَهُ بِالْحَمْلِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الْمُخْرِجَةِ لِلتَّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَتْكُ الْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ إيرَادَ الْأَوَّلِ بِالنَّظَرِ لِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ وَبِالنَّظَرِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْهُ يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ فَالْأَحْسَنُ جَعْلُ الْإِيرَادِ وَارِدًا عَلَى الْقِيلِ وَالْمَتْنِ لَكِنَّ رَدَّ الشَّارِحِ لِلْقِيلِ بَعْدَ الْإِيرَادِ الْمَذْكُورِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَارِدٌ عَلَيْهِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ آنَسَ) بِالْمَدِّ أَيْ عَلِمَ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] أَيْ عَلِمْتُمْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ) مُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِهَا) مِنْهُ يُعْلَمُ حُرْمَةُ قَطْعِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ بِرْمَاوِيٌّ وق ل وَقَالَ ع ش قَضِيَّتُهُ حُرْمَةُ قَطْعِ الْمَسْأَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ الْكِفَائِيِّ وَهُوَ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ نَعَمْ يَحْرُمُ قَطْعُهَا عَلَى هَذَا الْقِيلِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ قَطْعِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَيْ الْمُقَابِلِ لِمَا بَحَثَهُ الْإِمَامُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ أَكْثَرَ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ كَالْحِرَفِ وَالصَّنَائِعِ وَالْعُقُودِ تَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا وَلَا وَجْهَ لَهُ بِرْمَاوِيٌّ

[فَرْعٌ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ]

. (قَوْلُهُ: لَا تَصُومُ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِعْلُ غَيْرِ الرَّوَاتِبِ مِنْ الصَّوْمِ وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج وَلَا يُلْحَقُ بِالصَّوْمِ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ لِقِصَرِ زَمَنِهَا فَلْيُحَرَّرْ ح ل.

(قَوْلُهُ: الْمَرْأَةُ) وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ الَّتِي يُبَاحُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَالْكَلَامُ فِي أَمَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمُعَدَّةُ لِلْخِدْمَةِ غَالِبًا فَالظَّاهِرُ جَوَازُ صَوْمِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا ع ش بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: تَطَوُّعًا) أَيْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ كَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَمَّا مَا لَا يَتَكَرَّرُ كَصَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَهَا صَوْمُهُ بِلَا إذْنٍ إلَّا إنْ مَنَعَهَا وَكَالتَّطَوُّعِ الْقَضَاءُ الْمُوَسَّعُ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَاضِرٌ) أَيْ فِي الْبَلَدِ وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِأَنْ يَغِيبَ عَنْهَا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَطْرَأَ لَهُ قَضَاءُ وَطَرِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) فَإِنْ صَامَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا كَالصَّلَاةِ فِي دَارٍ مَغْصُوبَةٍ وَعِلْمُهَا بِرِضَاهُ كَإِذْنِهِ لَهَا بِرْمَاوِيٌّ وَإِنَّمَا حَرُمَ مَعَ كَوْنِ قَطْعِ النَّفْلِ جَائِزًا لِأَنَّهُ يُهَابُ قَطْعُ الْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ وَقَعَ زِفَافٌ فِي أَيَّامَ صَوْمِ تَطَوُّعٍ مُعْتَادٍ نُدِبَ فِطْرُهَا قَالَ ح ل قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ أَيْ إلَّا فِيمَا لَا يَتَكَرَّرُ فِي الْعَامِ كَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ فِيهَا نَعَمْ إنْ مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَصُمْ.

[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]

وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] الْآيَةَ شَرْحُ م ر قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ بِدَلِيلِ آيَةِ {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} [طه: 91] أَيْ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ {عَاكِفِينَ} [طه: 91] وَأَمَّا كَوْنُهُ بِالْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَرَاجِعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: اللُّبْثُ) أَيْ الدَّوَامُ عَلَى الشَّيْءِ خَيْرًا أَوْ شَرًّا

وَعِبَارَةُ حَجّ وَهُوَ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَلَوْ شَرًّا. (قَوْلُهُ: مِنْ شَخْصٍ) أَيْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ خَالٍ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ ح ل وَتُؤْخَذُ الْأَرْكَانُ مِنْ التَّعْرِيفِ. قَوْلُهُ آيَةُ {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ} [البقرة: 187] هَذِهِ الْآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا لَا تَدُلَّانِ إلَّا عَلَى جَوَازِ الِاعْتِكَافِ لَا عَلَى نَدْبِهِ فَتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَسَاجِدِ مُتَعَلِّقٌ بِعَاكِفُونَ لَا بِتُبَاشِرُوهُنَّ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْمُعْتَكِفِ تَحْرُمُ حَتَّى خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَيْضًا إذَا خَرَجَ لِنَحْوِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَغَيْرُ الْمُعْتَكِفِ مَمْنُوعٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْمَسَاجِدِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهَا لِاشْتِرَاطِ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ اهـ زِيَادِيٌّ مُلَخَّصًا.

قَوْلُهُ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: 125] هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا إذَا وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ وَقَوْلُهُ: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ} [البقرة: 125] أَيْ نَزِّهَاهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ

ص: 91

(وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ أَفْضَلُ) مِنْهُ فِي غَيْرِهِ لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ (لِلَيْلَةِ) أَيْ لِطَلَبِ لَيْلَةِ (الْقَدْرِ) الَّتِي هِيَ كَمَا قَالَ: تَعَالَى {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَهِيَ فِي الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ (وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ، أَوْ ثَالِثٍ وَعِشْرِينَ) مِنْهُ دَلَّ لِلْأَوَّلِ خَبَرُ الشَّيْخَيْنِ وَلِلثَّانِي خَبَرُ مُسْلِمٍ فَكُلُّ لَيْلَةٍ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا لَكِنْ أَرْجَاهَا لَيَالِي الْوِتْرِ وَأَرْجَاهَا مِنْ لَيَالِي الْوِتْرِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ فَمَذْهَبُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا.

وَقَالَ الْمُزَنِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا: إنَّهَا تَنْتَقِلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَتَّى أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ تَحَرَّاهَا وَلَوْ بِلَا صَوْمٍ أَوْ اللَّيْلِ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي خِلَافًا لِلْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ شَرْطَهُ الصَّوْمُ عِنْدَهُمَا وَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا مَا ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ» وَفِيهِ يَوْمُ الْعِيدِ قَطْعًا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ اتِّفَاقًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَفِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ) لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا مَرَّ أَيْ قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ إذْ ذَاكَ فِي اسْتِحْبَابِهِ فِي رَمَضَانَ وَمَا هُنَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ م ر وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ أَعَادَهُ هُنَا لِبَيَانِ طَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الصَّوْمِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلٌ شَرْطُ وُجُوبِهِ إسْلَامٌ ع ش. (قَوْلُهُ وَقَالُوا فِي حِكْمَتِهِ) أَشَارَ بِذَلِكَ أَعْنِي التَّبْرِيزِيّ إلَى أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَعَلَ فِعْلَ بِرٍّ وَاظَبَ عَلَيْهِ» فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُوَاظَبَتَهُ كَانَتْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ عَمَلَ بِرٍّ فَتَأَمَّلْ وَقَدْ يُقَالُ الْحِكْمَةُ الْمَذْكُورَةُ لِاخْتِيَارِ الْعَشْرِ لَا لِلْمُوَاظَبَةِ عَلَى اعْتِكَافِهِ وَهَذَا أَنْسَبُ مِمَّا قَبْلَهُ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي حِكْمَتِهِ رَاجِعٌ لِلْمُوَاظَبَةِ وَهُوَ يُبْعِدُ رَبْطَ الشَّرْحِ بِالْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهُ حِكْمَةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّ قَوْلَهُ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ عِلَّةٌ لِلْأَفْضَلِيَّةِ فَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ هَذِهِ حِكْمَةٌ وَأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ الْمُوَاظَبَةُ وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ رَبِّهِ وَجْهُ التَّبْرِيزِيّ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَآهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الْعَشْرِ لَا يُسَنُّ لَهُ قِيَامُ بَقِيَّتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُسَنُّ قِيَامُ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَاتِ مُطْلَقًا وَإِنْ رَآهَا فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ شَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَقِيلَ وَجْهُ التَّبَرُّؤ أَنَّ هَذِهِ الْحِكْمَةَ إنَّمَا تَتَأَتَّى عَلَى مُخْتَارِ الْإِمَامِ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ. (قَوْلُهُ: فِي حِكْمَتِهِ) أَيْ حِكْمَةِ كَوْنِ الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ أَفْضَلَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْعَمَلُ فِيهَا) وَلَوْ قَلِيلًا أَيْ لِمَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا ح ل وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الثَّوَابِ الْكَامِلِ. (قَوْلُهُ فِي أَلْفِ شَهْرٍ) وَهِيَ ثَلَاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَثُلُثٌ بِرْمَاوِيٌّ. نُقِلَ فِي الْمَوَاهِبِ الْقَسْطَلَّانِيَّة عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَيَّدَ ذَلِكَ بِأُمُورٍ فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَكَيْفَ التَّفْضِيلُ بَيْنَ مَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَيْلَةُ مَوْلِدِهِ لَا نَظِيرَتُهَا مِنْ كُلِّ عَامٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَفْضِيلُهَا عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً إذْ ذَاكَ وَقَوْلُهُ: لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَإِلَّا لَزِمَ تَفْضِيلُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ بِمَرَاتِبَ قَالَ ق ل ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأَلِفَ كَامِلَةٌ وَأَنَّهَا تُبْدَلُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بِلَيْلَةٍ غَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ نَقْصُهَا مِنْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشُّهُورِ الْعَرَبِيَّةِ لِأَنَّهَا الْمُنْصَرِفُ إلَيْهَا الِاسْمُ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: مَنْ قَامَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت لَفْظُ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ هَلْ يَقْتَضِي قِيَامَ تَمَامِ اللَّيْلَةِ، أَوْ يَكْفِي أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقِيَامِ فِيهَا. قُلْت يَكْفِي الْأَقَلُّ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ حَتَّى قِيلَ بِكِفَايَةِ أَدَاءِ فَرْضِ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ عَنْ الْقِيَامِ فِيهَا لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ عُرْفًا أَنَّهُ لَا يُقَالُ قَامَ اللَّيْلَةَ إلَّا إذَا قَامَ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا فَإِنْ قُلْت مَا مَعْنَى الْقِيَامِ فِيهَا إذْ ظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا قُلْت الْقِيَامُ الطَّاعَةُ فَإِنَّهُ مَعْهُودٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] وَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِيهِ كَرْمَانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْإِيمَانِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إيمَانًا) أَيْ تَصْدِيقًا بِأَنَّهَا حَقٌّ وَطَاعَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَاحْتِسَابًا) أَيْ طَلَبًا لِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابِهِ وَهُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ، أَوْ الْحَالِ بِتَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَعَلَيْهِ فَهُمَا حَالَانِ مُتَدَاخِلَانِ، أَوْ مُتَرَادِفَانِ بِرْمَاوِيٌّ وَفِيهِ أَنَّ الْعَطْفَ يَمْنَعُ كَوْنَهَا مُتَدَاخِلَةً. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَنْبِهِ) أَيْ مِنْ صَغَائِرِ ذَنْبِهِ بِقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ بِمَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَالنُّكْتَةُ فِي وُقُوعِ الْجَزَاءِ مَاضِيًا مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَيَقُّنُ الْوُقُوعِ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ بِرْمَاوِيٌّ وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهَا لَا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا خَيْرٌ إلَخْ لِأَنَّهُ وَارِدٌ بِالْقُرْآنِ فَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ وَأَيْضًا هُوَ لَا يُنْتِجُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ الْأَنْسَبُ فِي الْحَدِيثِ الْعَطْفَ لِأَنَّهُ مَسُوقٌ لِمَا سِيقَتْ لَهُ الْآيَةُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ) هُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ إلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ حَادٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَمَذْهَبُهُ) الْمُنَاسِبُ وَمَذْهَبُهُ بِدُونِ تَفْرِيعٍ لِعَدَمِ تَفَرُّعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةٌ بِعَيْنِهَا أَيْ لَيَالِي

ص: 92

كُلَّ سَنَةٍ إلَى لَيْلَةٍ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ قَالَ: فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَوِيٌّ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْفَتَاوَى وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِيهِ وَعَلَامَاتُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ شُعَاعٍ

(وَأَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (نِيَّةٌ) كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَتَجِبُ نِيَّةٌ فَرْضِيَّةٌ فِي نَذْرِهِ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِهَا مِنْ زِيَادَتِي.

(وَإِنْ أَطْلَقَهُ) أَيْ الِاعْتِكَافَ بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مُدَّةً (كَفَتْهُ نِيَّةٌ) وَإِنْ طَالَ مُكْثُهُ (لَكِنْ لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ وَعَادَ جَدَّدَ) هَا لُزُومًا سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى عِبَادَةٌ تَامَّةٌ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْعَشْرِ مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْوَاقِعِ لَيْلَةَ حَادِي وَعِشْرِينَ مَثَلًا تَكُونُ كُلَّ عَامٍ كَذَلِكَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَمَنْ عَرَفَهَا فِي سَنَةٍ عَرَفَهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعُلُوِّ قَدْرِهَا أَوْ لِشَرَفِهَا، أَوْ لِفَصْلِ الْأَقْدَارِ فِيهَا كَمَا قِيلَ وَتُرَى حَقِيقَةً وَيُنْدَبُ لِمَنْ رَآهَا كَتْمُهَا وَيُنْدَبُ إحْيَاؤُهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَيَتَأَكَّدُ هُنَا اللَّهُمَّ إنَّك عَفْوٌ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا. (قَوْلُهُ: كُلَّ سَنَةٍ) لَوْ تَرَكَ هَذَا الْقَيْدَ لَكَانَ أَوْلَى لِيَدْخُلَ تَوَافُقُ سَنَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ التَّوَافُقَ فِيهَا مُحَقَّقٌ بِكَثْرَةِ الْأَعْوَامِ إمَّا مَعَ التَّوَالِي أَوْ التَّفَرُّقِ ق ل.

(قَوْلُهُ: إلَى لَيْلَةٍ) أَيْ مِنْ الْعَشْرِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا أَوْ مُفْرَدَاتِهِ كَمَا اخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالُوا إنَّمَا تُعْلَمُ فِيهِ بِالْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ، أَوْ الْأَرْبِعَاءِ فَهِيَ لَيْلَةُ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَهِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، أَوْ الْجُمُعَةِ فَهِيَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهِيَ لَيْلَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ فَهِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ: وَمُذْ بَلَغْت سِنَّ الرِّجَالِ مَا فَاتَتْنِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل.

(قَوْلُهُ وَعَلَامَتُهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ) وَيَسْتَمِرُّ ذَلِكَ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ كَمَا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَلَامَتُهَا عَدَمُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فِيهَا وَيُنْدَبُ صَوْمُ يَوْمِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ فِي رَمَضَانَ وَكَثْرَةُ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَعَلَامَتُهُ طُلُوعُ شَمْسِهِ مُنْكَسِرَةَ الشُّعَاعِ لِمَا قِيلَ مِنْ كَثْرَةِ تَرَدُّدِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِ وَيُسْتَفَادُ بِعَلَامَتِهَا أَيْ مَعَ فَوَاتِهَا مَعْرِفَتُهَا فِي بَاقِي الْأَعْوَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ

وَعِبَارَةُ ع ش وَفَائِدَةُ مَعْرِفَةِ عَلَامَتِهَا بَعْدَ فَوَاتِهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا كَاجْتِهَادِهِ فِيهَا م ر وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْعَمَلُ فِي يَوْمِهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا صَبِيحَةُ يَوْمِ قَدْرٍ قِيَاسًا عَلَى اللَّيْلَةِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فَلْيُرَاجَعْ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْلَقَهُ) أَيْ فِي إرَادَتِهِ، أَوْ نَذْرِهِ بِأَنْ أَرَادَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ أَوْ نَذَرَهُ فَهُوَ شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَقَوْلُهُ: كَفَتْهُ نِيَّتُهُ أَيْ عَنْ تَجْدِيدِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرْضِيَّةِ فِي الْمَنْذُورِ زِيَادَةً عَلَى أَصْلِ النِّيَّةِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يُطْلَقَ، أَوْ يُقَيَّدَ بِمُدَّةٍ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ، أَوْ مُتَتَابِعَةٍ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْذُورًا، أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ مَنْذُورًا خَرَجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِقَدْرِ لَحْظَةٍ فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَعَ قَدْرُ لَحْظَةٍ مِنْهُ فَرْضًا وَالْبَاقِي مَنْدُوبًا قِيَاسًا عَلَى الرُّكُوعِ إذَا طَوَّلَهُ كَذَا قِيلَ وَاعْتَمَدَ ع ش وُقُوعَ الْكُلِّ وَاجِبًا هُنَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ بِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لِأَقَلِّ الرُّكُوعِ قَدْرًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِأَقَلِّ الِاعْتِكَافِ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: بِلَا عَزْمِ عَوْدٍ) أَيْ لِلِاعْتِكَافِ. (قَوْلُهُ لُزُومًا) أَيْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ إنْ أَرَادَهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ) اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الْعَزْمَ السَّابِقَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ خَالَفَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَقَالَ إنَّ الِاكْتِفَاءَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ وُجِدَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَصَارَ كَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَوَى قَبْلَ السَّلَامِ زِيَادَةً اهـ. أَقُولُ قَدْ يُفَرَّقُ بِاتِّصَالِ الزِّيَادَةِ بِالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْخُرُوجُ لَا يُنَافِي الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ سم وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ وُجِدَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَكَانَتْ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ مَعًا وَلَوْ دَخَلَ بَعْدَ عَزْمِهِ، وَخُرُوجِهِ لِمَسْجِدٍ آخَرَ صَارَ مُعْتَكِفًا فِيهِ فَلَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهُ فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ كَفَى عَزْمُهُ عَنْ النِّيَّةِ بَعْدَ عَوْدِهِ وَإِلَّا انْقَطَعَ اعْتِكَافُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ إنْ أَرَادَ وَهَكَذَا شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ أَيْ لِلِاعْتِكَافِ وَإِذَا جَامَعَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ إذَا عَادَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّائِمِ إذَا نَوَى لَيْلًا ثُمَّ جَامَعَ لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَإِنَّهُ إذَا جَامَعَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ عَازِمًا عَلَى الْعَوْدِ فَإِنَّ زَمَنَ الْخُرُوجِ لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَصْلًا هَذَا مَا بَحَثَ. اهـ. ز ي وَالْبَاحِثُ لِذَلِكَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ قِيَاسًا عَلَى الصَّائِمِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ

ص: 93

(وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ) كَيَوْمٍ، أَوْ شَهْرٍ (وَخَرَجَ لِغَيْرِ تَبَرُّزٍ وَعَادَ جَدَّدَ) النِّيَّةَ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ لِتَبَرُّزٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَجْدِيدُهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (لَا إنْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَعَادَ) فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِتَبَرُّزٍ أَمْ لِغَيْرِهِ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ.

وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ وَالرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ

(وَ) ثَانِيهَا (مَسْجِدٌ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَا يَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ (وَالْجَامِعُ أَوْلَى) مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَاجِدِ لِكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ لِلْجُمُعَةِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ بَلْ لَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فِيهَا يَوْمُ جُمُعَةٍ وَكَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخُرُوجُ لَهَا وَجَبَ الْجَامِعُ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَهَا يُبْطِلُ تَتَابُعَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إذْ كَيْفَ يَكُونُ الْجِمَاعُ غَيْرَ مُنَافٍ لِلنِّيَّةِ مَعَ كَوْنِ الشَّخْصِ مُعْتَكِفًا حُكْمًا حَالَ خُرُوجِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ كَانَتْ هَذِهِ الْعَزِيمَةُ قَائِمَةً مَقَامَ النِّيَّةِ، وَكَيْفَ يُقَاسُ عَلَى الصَّائِمِ مَعَ كَوْنِ الصَّائِمِ غَيْرَ صَائِمٍ حُكْمًا لَيْلًا؟ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَقَوْلُ ز ي لَا اعْتِكَافَ فِيهِ أَصْلًا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُجَامِعَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ إذَا عَادَ بَعْدَ جِمَاعِهِ لِلِاعْتِكَافِ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مُتَتَابِعَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ إمَّا مُتَتَابِعَةٌ، أَوْ لَا مَنْذُورَةٌ، أَوْ لَا اسْتَثْنَى مِنْهَا صُورَةً بِقَوْلِهِ لَا إنْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: جَدَّدَ النِّيَّةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْعَزْمُ هُنَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ مَا نُقِلَ أَنَّ شَيْخَنَا الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِهِ وَعَلَيْهِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا تَأَمَّلْ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ يَكْفِي الْعَزْمُ هُنَا بِالْأَوْلَى فَلْيُحَرَّرْ شَوْبَرِيٌّ وَبِهِ قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، ثُمَّ قَالَ وَشَيْخُنَا لَمْ يُوَافِقْ فِي هَذِهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ

وَعِبَارَةُ م ر جَدَّدَ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَزْمُ كَافِيًا فِي الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْمُدَّةِ فَيَكْفِي فِي الْمُقَيَّدِ بِمُدَّةٍ بِالْأَوْلَى وَقَرَّرَ شَيْخُنَا ح ف كَلَامَ الشَّوْبَرِيِّ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ: لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ) أَيْ لَا يَكُونُ زَمَنُهُ مَحْسُوبًا مِنْ زَمَنِ الِاعْتِكَافِ ح ل وح ف. (قَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى) أَيْ لَفْظًا وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَثْنًى شَرْعًا فَالْمَنْوِيُّ اعْتِكَافُ مَا عَدَا ذَلِكَ الزَّمَنَ فَإِنْ جَامَعَ حَالَ خُرُوجِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ حُكْمًا ح ل وَبِهِ حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) كَالتَّبَرُّزِ وَالْمَرَضِ وَالْحَيْضِ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لَنَا مُعْتَكِفٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ ح ل.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدٌ إلَخْ) وَيَلْزَمُهُ مُبَادَرَةٌ الْعَوْدِ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ فَإِنْ أَخَّرَ عَامِدًا عَالِمًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ. (قَوْلُهُ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ مُعْتَكِفًا حُكْمًا فِي زَمَنِ الْخُرُوجِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَيَّدَ بِمُدَّةٍ إلَخْ فَإِنَّ النِّيَّةَ وَإِنْ شَمِلَتْ جَمِيعَ الْمُدَّةِ لَكِنَّهُ لَيْسَ مُعْتَكِفًا حُكْمًا زَمَنَ الْخُرُوجِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى بَقِيَتْ النِّيَّةُ وَلَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُهَا كَانَ مُعْتَكِفًا حُكْمًا فِي خُرُوجِهِ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فِي الْإِطْلَاقِ إذَا عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ نَذْرِ تَتَابُعٍ إذَا خَرَجَ لِلتَّبَرُّزِ وَفِي التَّقْيِيدِ بِهَا مُتَتَابِعَةً إذَا خَرَجَ لِمَا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ) اسْتَشْكَلَ ذِكْرُهُمَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّيَّةِ وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهُمَا فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمُعْتَكِفُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذِكْرَهُمَا هُنَا لِبَيَانِ أَنَّ صِحَّةَ النِّيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ طَاعَةً بَلْ تَصِحُّ وَلَوْ عَصَى بِهِ كَالْمَرْأَةِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ وَالرَّقِيقِ كَذَلِكَ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالنِّيَّةِ وَبِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لِاسْتِحْبَابِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ تُسْتَحَبُّ نِيَّتُهُ كُلَّ وَقْتٍ إلَّا الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ فَبَعْدَ الْإِذْنِ لَهُمَا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ وَالتَّمَتُّعُ مُسْتَحَقٌّ لِلزَّوْجِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِمَا مَنْفَعَةً كَأَنْ حَضَرَ الْمَسْجِدَ بِإِذْنِهِمَا فَنَوَيَا الِاعْتِكَافَ فَلَا رَيْبَ فِي جَوَازِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ

. (قَوْلُهُ: وَمَسْجِدٌ) وَمِنْهُ رَوْشَنُهُ وَرَحْبَتُهُ الْقَدِيمَةُ وَمِنْهُ مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا مِنْ نَحْوِ سَابَاطٍ أَحَدُ جَنَاحَيْهِ عَلَى غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الصِّحَّةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَفِي حَجّ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَذَلِكَ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ ق ل وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجَهِ وَأَصْلُهَا فِيهِ كَعَكْسِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْخَالِصُ فَلَا يَصِحُّ فِي الْمُشَاعِ وَإِنْ طُلِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهَا التَّعْظِيمُ وَهُوَ حَاصِلٌ مَعَ ذَلِكَ وَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسْجِدِيَّةِ اجْتَهَدَ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا أَرْضُهُ مَمْلُوكَةٌ أَوْ مُحْتَكَرَةٌ نَعَمْ إنْ بَنَى فِيهَا دَكَّةً وَوَقَعَتْ مَسْجِدًا صَحَّ فِيهَا وَكَذَا مَنْقُولُ أَثْبَتُهُ وَوَقَفَهُ مَسْجِدًا، ثُمَّ نَزَعَهُ وَلَا يَصِحُّ فِيمَا بُنِيَ فِي حَرِيمِ النَّهْرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: وَيَصِحُّ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ فَلَوْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِي هَوَائِهَا وَأَصْلُهُ خَارِجٌ عَنْهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يَكْفِي فَإِنْ وَقَفَ عَلَى غُصْنٍ فِيهَا وَأَصْلُهُ فِي أَرْضِهَا كَفَى؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَاكَ بِالْأَرْضِ وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ هُيِّئَ لِلصَّلَاةِ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ الْقَائِلِ إنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هَيَّأَتْهُ لِلصَّلَاةِ فِي بَيْتِهَا بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى

ص: 94

(وَلَوْ عَيَّنَ) النَّاذِرُ (فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ مَكَّةَ، أَوْ الْمَدِينَةِ، أَوْ الْأَقْصَى تَعَيَّنَ) فَلَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا لِمَزِيدِ فَضْلِهَا قَالَ: صلى الله عليه وسلم «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيَقُومُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ مَسْجِدُ مَكَّةَ (مَقَامَ الْأَخِيرَيْنِ) لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِمَا وَتَعَلُّقِ النُّسُكِ بِهِ (وَ) يَقُومُ (الثَّانِي) وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ (مَقَامَ الثَّالِثِ) لِمَزِيدِ فَضْلِهِ عَلَيْهِ قَالَ: صلى الله عليه وسلم «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِي» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ مَاجَهْ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَقُومُ الْأَخِيرَانِ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَلَا الثَّالِثُ مَقَامَ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَوْ عَيَّنَ زَمَنَ الِاعْتِكَافِ فِي نَذْرِهِ تَعَيَّنَ

(وَ) ثَالِثُهَا (لُبْثُ قَدْرٍ يُسَمَّى عُكُوفًا) أَيْ إقَامَةً وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ بِحَيْثُ يَكُونُ زَمَنُهَا فَوْقَ زَمَنِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَنَحْوِهِ فَيَكْفِي التَّرَدُّدُ فِيهِ لَا الْمُرُورُ بِلَا لُبْثٍ وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا كَفَاهُ لَحْظَةٌ

(وَ) رَابِعُهَا (مُعْتَكِفٌ وَشَرْطُهُ إسْلَامٌ وَعَقْلٌ وَخُلُوٌّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ اتَّصَفَ بِضِدِّ شَيْءٍ مِنْهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ نِيَّةِ الْكَافِرِ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَحُرْمَةُ مُكْثِ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ بِالْمَسْجِدِ وَتَعْبِيرِي بِخُلُوٍّ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ، وَالْجَنَابَةِ

(وَيَنْقَطِعُ) الِاعْتِكَافُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّ الْمَرْأَةَ عَوْرَةٌ بِخِلَافِهِمَا شَيْخُنَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْقَدِيمِ هَلَّا جَعَلَ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ عَمَلًا بِالْأَحْوَطِ فِي حَقِّهِ

. (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ مَكَّةَ) الْمُرَادُ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْكَعْبَةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَسْجِدِ لَا الْمَطَافِ خَاصَّةً خِلَافًا لِلْجَوْجَرِيِّ مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِهِ حَوْلَهَا قَالَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ حَتَّى لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي الْكَعْبَةِ أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدُ حَوْلَهَا وَإِنْ اتَّسَعَ وَالْمُرَادُ بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَيْثُ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْمَوْجُودِ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم ح ل وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْخَبَرِ أَشَارَ فَقَالَ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا فَلَمْ يَتَنَاوَلْ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ، وَفِي الْأَوَّلِ عَبَّرَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالزِّيَادَةُ تُسَمَّى بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: قَالَ صلى الله عليه وسلم) دَلِيلٌ عَلَى مَزِيدِ فَضْلِهَا.

(قَوْلُهُ: لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ) هَذَا خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَالْمُرَادُ لَا تُشَدُّ لِلصَّلَاةِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ فَهُوَ وَارِدٌ فِي الْمَسَاجِدِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاجِدَ بَعْدَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مُتَمَاثِلَةٌ فِي الْفَضْلِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَلَا مَعْنَى لِلرَّحِيلِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ لِيُصَلِّيَ فِيهِ اهـ مِنْ ذَخَائِرِ الْمُلُوكِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْبَغِي شَدُّ الرِّحَالِ لِغَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِأَجْلِ الزِّيَارَةِ كَشَدِّهَا لِزِيَارَةِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدَوِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّدَّ لِمَنْ فِي الْمَكَانِ لَا لِلْمَكَانِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْخَوَارِجِ حَيْثُ تَمَسَّكُوا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ سَنِّ زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ شَيْخُنَا ح ف وَمِثْلُ الصَّلَاةِ الِاعْتِكَافُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) أَيْ وَالْأَقْصَى فَإِنَّهُ لَيْسَ أَفْضَلَ مِنْ الْأَقْصَى إلَّا بِصَلَاتَيْنِ فَقَطْ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى أَفْضَلُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ فِيمَا سِوَاهُ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَالصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ كَصَلَاتَيْنِ فِي الْأَقْصَى وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وَفِي الْأَقْصَى بِمِائَتَيْنِ ح ل وَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِي غَيْرِ الْمَدَنِيِّ وَالْأَقْصَى م ر وَقَالَ حَجّ: الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ صَلَاةٍ ثَلَاثًا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدَيْنِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْكَعْبَةُ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَتَعَيَّنُ جُزْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالتَّعْيِينِ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا فِي الْكَعْبَةِ أَجْزَأَهُ فِي أَطْرَافِ الْمَسْجِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ شَرْحُ م ر مُلَخَّصًا

. (قَوْلُهُ: وَلُبْثُ قَدْرٍ يُسَمَّى عُكُوفًا) فَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَاصِدًا الْجُلُوسَ فِي مَحَلٍّ مِنْهُ اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الِاعْتِكَافِ تَأْخِيرُ النِّيَّةِ إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ، أَوْ لُبْثِهِ عَقِبَ دُخُولِهِ قَدْرًا يُسَمَّى عُكُوفًا لِتَكُونَ النِّيَّةُ مُقَارِنَةً لِلِاعْتِكَافِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى حَالَ دُخُولِهِ وَهُوَ سَائِرٌ لِعَدَمِ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلِاعْتِكَافِ كَذَا بُحِثَ فَلْيُرَاجَعْ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَاكِثًا، أَوْ سَائِرًا مَعَ التَّرَدُّدِ لِتَحْرِيمِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْجُنُبِ حَيْثُ جَعَلُوهُ مُكْثًا، أَوْ بِمَنْزِلَتِهِ ع ش عَلَى م ر بِخِلَافِهِ مَعَ الْمُرُورِ بِأَنْ يَدْخُلَ مِنْ بَابٍ وَيَخْرُجَ مِنْ آخَرَ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْعُبُورِ فَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى اعْتِكَافًا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي التَّرَدُّدُ فِيهِ) إنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ لُبْثُ قَدْرٍ مَعَ أَنَّ التَّرَدُّدَ لَا لُبْثَ فِيهِ؟ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ عَطْفَ التَّرَدُّدِ عَلَى اللُّبْثِ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَنَصُّهُ وَلُبْثُ قَدْرٍ يُسَمَّى عُكُوفًا، أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ شَيْخُنَا وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَطْلَقَ اللُّبْثَ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّرَدُّدَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِلَا سُكُونٍ فَتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ) وَمَحَلُّ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى الِاعْتِكَافِ لَمْ يَبْطُلْ وَيُحْسَبُ زَمَنُهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَحُرْمَةِ مُكْثٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ فَلَا يُقَالُ حُرْمَةُ اللُّبْثِ بِالْمَسْجِدِ تُوجَدُ بِمَسْجِدٍ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِنَحْوِ قُرُوحٍ سَيَّالَةٍ تُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ مَعَ صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ الْمُكْثُ ح ل وَصَرَّحَ م ر بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ مَنْ بِهِ قُرُوحٌ سَيَّالَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ رحمه الله أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ صِحَّةُ الِاعْتِكَافِ وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ع ش

. (قَوْلُهُ: وَيَنْقَطِعُ الِاعْتِكَافُ) أَيْ لَا يَكُونُ

ص: 95

كَتَتَابُعِهِ بِرِدَّةٍ وَسُكْرٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ تَخْلُو مُدَّةُ اعْتِكَافٍ عَنْهُ غَالِبًا) بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا كَشَهْرٍ (وَجَنَابَةٍ) مُفْطِرَةٍ لِلصَّائِمِ، أَوْ غَيْرِ (مُفْطِرَةٍ) وَلَمْ يُبَادِرْ بِطُهْرِهِ وَإِنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ لِتَبَرُّزٍ، أَوْ نَحْوِهِ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ (لَا) بِجَنَابَةٍ (غَيْرِ مُفْطِرَةٍ إنْ بَادَرَ بِطُهْرِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُبَادِرْ (وَلَا جُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ) لِلْعُذْرِ.

وَقَوْلِي لَا غَيْرِ مُفْطِرَةٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا فَكَجِمَاعِ الصَّائِمِ وَقَوْلِي: نَحْوُ مَعَ إنْ بَادَرَ مِنْ زِيَادَتِي (وَيَجِبُ خُرُوجُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ أَكْبَرُ مِنْ مَسْجِدٍ) ؛ لِأَنَّ مُكْثَهُ بِهِ مَعْصِيَةٌ إنْ (تَعَذَّرَ طُهْرُهُ فِيهِ بِلَا مُكْثٍ) وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ خُرُوجُهُ بَلْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَادِرَ بِهِ كَيْ لَا يُبْطِلَ تَتَابُعَ اعْتِكَافِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَيْضِ وَالْجَنَابَةِ وَالْغُسْلِ وَقَوْلِي بِلَا مُكْثٍ مِنْ زِيَادَتِي

(وَيُحْسَبُ) مِنْ الِاعْتِكَافِ (زَمَنُ إغْمَاءٍ) كَالنَّوْمِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ كَجُنُونٍ وَنَحْوِ حَيْضٍ لَا تَخْلُو الْمُدَّةُ عَنْهُ غَالِبًا لِمُنَافَاتِهِ لَهُ (وَلَا يَضُرُّ تَزَيُّنٌ) بِطِيبٍ وَلُبْسِ ثِيَابٍ وَتَرْجِيلُ شَعْرٍ (وَفِطْرٌ) بَلْ يَصِحُّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الصَّوْمُ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ لِخَبَرِ «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ

(وَلَوْ نَذْر اعْتِكَافَ يَوْمٍ هُوَ فِيهِ صَائِمٌ لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ يَوْمَ صَوْمِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَائِمًا عَنْ رَمَضَانَ أَمْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ، أَوْ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا (لَزِمَاهُ) أَيْ الِاعْتِكَافُ وَالصَّوْمُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ فِي عَامِلِهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

زَمَنُهُ مَحْسُوبًا ح ل أَيْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَيَنْقَطِعُ اسْتِمْرَارُهُ أَيْ فَإِذَا نَذَرَ شَهْرًا مَثَلًا مُبْهَمًا، ثُمَّ إنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَيْ الرِّدَّةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنَّ زَمَنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ الشَّهْرِ فَإِذَا زَالَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى. (قَوْلُهُ: كَتَتَابُعِهِ) أَيْ إذَا نَذَرَ شَهْرًا مَثَلًا مُتَتَابِعًا ثُمَّ إنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ انْقَطَعَ تَتَابُعُ الِاعْتِكَافِ فَإِذَا زَالَ اسْتَأْنَفَ الشَّهْرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ انْقِطَاعُ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْقِطَاعِ أَصْلِ الِاعْتِكَافِ انْقِطَاعُ التَّتَابُعِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا كَزَمَنِ الْجُنُونِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ وَلَا يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَسُكْرٍ) أَيْ بِتَعَدٍّ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي فَيُشْبِهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا) ضَبْطُ جَمِيعِ الْمُدَّةِ الَّتِي لَا تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَنَظَرَ فِيهِ آخَرُونَ بِأَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْعِشْرِينَ وَالْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ تَخْلُو عَنْهُ غَالِبًا إذْ هِيَ غَالِبُ الطُّهْرِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَهَا وَمَا دُونَهَا الْحَيْضُ وَلَا يَقْطَعُ مَا فَوْقَهَا مَعَ أَنَّ الضَّابِطَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهَا. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ هُنَا: أَنْ لَا يَسَعَ زَمَنُ أَقَلِّ الطُّهْرِ الِاعْتِكَافَ لَا الْغَالِبَ الْمَفْهُومَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مَتَى زَادَ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ عَلَى أَقَلِّ الطُّهْرِ كَانَتْ مَعْرُوضَةً لِطُرُوقِ الْحَيْضِ فَعُذِرَتْ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ غَالِبَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَالِبَ قَدْ يَنْخَرِمُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ لَا يَنْقَطِعُ اعْتِكَافُهَا إذَا زَادَتْ مُدَّةُ اعْتِكَافِهَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا فَكَذَلِكَ هَذِهِ لَا يَلْزَمُهَا إيقَاعُهُ فِي زَمَنِ طُهْرِهَا وَإِنْ وَسِعَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: كَشَهْرٍ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْحَيْضِ دُونَ النِّفَاسِ ح ل. (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ) فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَأْتِي فِي الْجِنَايَةِ الْآتِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَقْطَعُ التَّتَابُعَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ عَارَضَهُ وُجُودُ الْعُذْرِ فِيهَا تَأَمَّلْ فَالْعِلَّةُ نَاقِصَةٌ فَالْمُرَادُ لِمُنَافَاةِ كُلٍّ مِنْهَا الْعِبَادَةَ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ لِلْعُذْرِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا جُنُونٍ) لَمْ يَتَعَدَّ بِسَبَبِهِ فَلَا يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ وَلَا تَتَابُعَهُ أَيْ مَجْمُوعُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ. الْمَعْلُومُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: إنْ تَعَذَّرَ طُهْرُهُ فِيهِ بِلَا مُكْثٍ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ أَصْلًا، أَوْ أَمْكَنَ مَعَ الْمُكْثِ؛ لِأَنَّ تَعَذَّرَ بِمَعْنَى لَمْ يُمْكِنْ فَيَصْدُقُ بِصُورَتَيْنِ نَفْيِ الْمُقَيَّدِ مَعَ الْقَيْدِ وَنَفْيِ الْقَيْدِ وَحْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِأَنْ أَمْكَنَ بِلَا مُكْثٍ كَأَنْ غَطَسَ بِبِرْكَةٍ فِيهِ وَهُوَ مَاشٍ أَوْ عَائِمٍ، أَوْ عَجَزَ عَنْ الْخُرُوجِ ز ي مَعَ زِيَادَةٍ

. (قَوْلُهُ: وَيُحْسَبُ زَمَنُ إغْمَاءٍ) أَيْ مَا دَامَ مَاكِثًا بِالْمَسْجِدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ الِاعْتِكَافَ) أَيْ تَتَابُعَهُ وَإِلَّا فَالْجُنُونُ يَقْطَعُ الِاعْتِكَافَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ زَمَنُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ كَجُنُونٍ) أَيْ وَجَنَابَةٍ غَيْرِ مُفْطِرَةٍ إنْ بَادَرَ بِطُهْرِهِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ) وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ بِرْمَاوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: يَوْمَ صَوْمِهِ) أَيْ بِتَمَامِهِ. (قَوْلُهُ: أَمْ غَيْرِهِ) وَلَوْ نَفْلًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ الْفَجْرِ، أَوْ مَعَهُ ح ل وَمِثْلُهُ فِي ق ل وَوَجْهُ ذَلِكَ تَحَقُّقُ كَوْنِهِ صَائِمًا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إذْ لَوْ نَوَاهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَائِمٌ حَقِيقَةً جَمِيعَ نَهَارِهِ الْمُعْتَكِفِ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا) الْأَنْسَبُ وَلَيْسَ لَهُ إفْرَادُهُ أَيْ الِاعْتِكَافِ عَنْ الصَّوْمِ لِأَنَّهُ الْمُلْتَزَمُ رَشِيدِيٌّ فَالْمُرَادُ بِالْأَحَدِ الِاعْتِكَافُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَاهُ وَجَمَعَهُمَا) هَلَّا قَالَ لَزِمَهُ جَمْعُهُمَا وَلَا حَاجَةَ لِلْعَطْفِ.؟ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ أَتَى بِذَلِكَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ لُزُومُهُمَا مَعًا وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ لُزُومُ الْجَمْعِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَيْ الِاعْتِكَافُ) وَلَوْ لَحْظَةً ح ل. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَالَ) غَرَضُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ نَذَرَ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ أَنَا فِيهِ صَائِمٌ وَبَيْنَ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَعْتَكِفَ إلَخْ كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ صَائِمًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ الِاعْتِكَافُ فِي يَوْمٍ

ص: 96