الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَمَرَضٍ وَعِدَّةٍ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الزَّمَنَ الْمَصْرُوفَ إلَى مَا شُرِطَ مِنْ عَارِضٍ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(كِتَابُ الْحَجِّ)
دَرْسٌ هُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ، (وَالْعُمْرَةُ) هِيَ لُغَةً: الزِّيَارَةُ وَشَرْعًا: قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ. وَذِكْرُهَا فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي. (يَجِبُ كُلٌّ) مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] وقَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] أَيْ: ائْتُوا بِهِمَا تَامَّيْنِ فِي الْعُمُرِ (مَرَّةً) وَاحِدَةً بِأَصْلِ الشَّرْعِ؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «خَطَبَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَكُلَّ عَامٍ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فِيهِ) أَيْ حُكْمًا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَضُرُّ فِيهِ مَا يَضُرُّ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْ يُبْطِلُهُ وَإِلَّا فَلَا ثَوَابَ لَهُ ح ل وح ف. (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ تَدَارُكُهُ) مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا يُضَمُّ إلَى الْمُسْتَثْنَى فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[كِتَابُ الْحَجِّ]
هُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ لِمَا صَحَّ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِآدَمَ لَمَّا حَجَّ: لَقَدْ طَافَتْ الْمَلَائِكَةُ بِهَذَا الْبَيْتِ قَبْلَك سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الطَّوَافُ لَيْسَ حَجًّا وَلِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ إلَخْ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ بِهَذِهِ الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ فَالْمَخْصُوصُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا عُدَّ الطَّوَافُ مِنْهُ، أَوْ كَوْنُهُ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الْعُمْرَةِ كَذَلِكَ. وَنَزَلَتْ آيَتُهُ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَفُرِضَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ التَّنَاقُضِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَدْ جَاءَ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَحَجَّ»
وَاسْتِثْنَاءُ هُودٍ وَصَالِحٍ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَهُوَ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ حَتَّى التَّبَعَاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ "، إنْ مَاتَ فِي حَجِّهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا ز ي (قَوْلُهُ: قَصْدُ الْكَعْبَةِ) أَيْ: مَعَ فِعْلِ أَعْمَالِ الْحَجِّ ع ش فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَجَّ الشَّرْعِيَّ قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي بَيَانُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْقَاصِدُ بِالنُّسُكِ أَيْ: الْأَرْكَانِ فَإِذَا قَصَدَهَا أَيْ: الْكَعْبَةَ لِلنُّسُكِ يُقَالُ لَهُ حَجٌّ وَإِنْ كَانَ مَاكِثًا فِي بَيْتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَالْمُوَافِقُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَلِقَوْلِهِمْ: أَرْكَانُ الْحَجِّ وَسُنَنُ الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ شَرْعًا عِبَارَةً عَنْ الْأَعْمَالِ الْمَخْصُوصَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ سم
وَأَجَابَ م ر بِأَنَّ هَذِهِ أَرْكَانٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْهُ وَهُوَ فِعْلُ الْأَعْمَالِ لَا لِلْقَصْدِ الَّذِي هُوَ الْحَجُّ فَتَسْمِيَتُهَا أَرْكَانَ الْحَجِّ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَشْتَمِلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَزِيَادَةِ التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: لِلنُّسُكِ الْآتِي) وَهُوَ نَفْسُ الْأَفْعَالِ فَإِنْ قُلْت كَلَامُهُ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ قُلْت لَا إذْ قَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ الْحَجِّ الْآتِي بَيَانُهُ يُخْرِجُ الْعُمْرَةَ وَقَوْلُهُ: فِي تَعْرِيفِ الْعُمْرَةِ الْآتِي بَيَانُهُ يُخْرِجُ الْحَجَّ فَلَا اتِّحَادَ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: فَمَا وَعَدَ بِإِتْيَانِهِ فِي كُلِّ قَيْدٍ مُخْرِجٌ لِلْآخَرِ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ) سُمِّيَتْ عُمْرَةً لِأَنَّهَا تُفْعَلُ فِي الْعُمْرِ كُلِّهِ مَرَّةً م ر. (قَوْلُهُ: يَجِبُ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ، وَلَمَّا كَانَ الْوُضُوءُ بَدَلًا عَنْ الْغُسْلِ؛ أَغْنَى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ كَانَ وَاجِبًا لِكُلِّ صَلَاةٍ فَسَقَطَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدَثِ الْأَصْغَرِ؛ تَخْفِيفًا فَصَارَ الْوُضُوءُ بَدَلًا عَنْهُ، ثُمَّ سَقَطَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَبَقِيَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ: لِلَّهِ) إنْ قُلْت: إنَّ الْعِبَادَةَ كُلَّهَا لِلَّهِ جل جلاله فَلِمَ أَضَافَهُمَا إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا؟ قُلْت: حِكْمَةُ ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ يُطْلَبُ فِيهِمَا إخْلَاصُ النِّيَّةِ؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِمَا الرِّيَاءُ وَالسُّمْعَةُ. (قَوْلُهُ: أَيْ ائْتُوا بِهِمَا تَأْمِينٌ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيُتِمَّ بِهَا الِاسْتِدْلَالَ فَإِنَّ ظَاهِرَهَا وُجُوبُ الْإِتْمَامِ إذَا شَرَعَ فِيهِمَا وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الشُّرُوعِ فَإِنَّ الْمَعْنَى يَصِيرُ عَلَيْهِ إنْ شَرَعْتُمْ فَأَتِمُّوا ع ش. (قَوْلُهُ: خَطَبَنَا) أَيْ: خَطَبَ لَنَا وَعَدَّاهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّنَهُ مَعْنَى وَعَظَنَا. (قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَهَا) أَيْ: قَالَ هَذَا الرَّجُلُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ، وَسُكُوتُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْوَحْيَ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا عَنْ الْجَوَابِ بِأَمْرٍ أَهَمَّ كَمَا قَالَهُ ع ش لَكِنَّ انْتِظَارَهُ الْوَحْيَ لَا يَحْسُنُ مَعَ قَوْلِهِ: لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لَوَجَبَتْ) أَيْ: الْحَجَّةُ كُلَّ عَامٍ، أَوْ الْفَرِيضَةُ، أَوْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَيْ: مُقْتَضَاهَا وَهُوَ الْوُجُوبُ كُلَّ عَامٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ مُعَلَّقًا بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَيْ: نَعَمْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ صلى الله عليه وسلم مُشَرَّعٌ لَا مُوجَبٌ، وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم كَانَ مُفَوَّضًا لَهُ الْفَرْضُ كُلَّ عَامٍ وَعَدَمُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ أَيْ: إنَّ اللَّهَ خَيَّرَهُ فِي ذَلِكَ، وَانْظُرْ هَلْ كَانَ التَّخْيِيرُ عِنْدَ السُّؤَالِ، أَوْ قَبْلَهُ؟ حَرِّرْ
وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ النَّاسِ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ: يَا حَاجُّ فُلَانٍ تَعْظِيمًا لَهُ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ لَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرْمَةُ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ فَإِنَّ مَعْنَى يَا حَاجُّ يَا مَنْ أَتَى بِالنُّسُكِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ، وَقَصَدَ مَعْنًى صَحِيحًا كَأَنْ أَرَادَ يَا قَاصِدَ
وَلَمَّا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «عَنْ سُرَاقَةَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ عُمْرَتُنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ» (بِتَرَاخٍ بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ، وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ، أَوْ خَوْفِ عَضَبٍ، أَوْ قَضَاءِ نُسُكٍ وَقَوْلِي: مَرَّةً إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَشُرِطَ إسْلَامٌ) فَقَطْ (لِصِحَّةٍ) مُطْلَقَةٍ أَيْ: صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ أَصْلِيٍّ، أَوْ مُرْتَدٍّ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَكْلِيفٌ
. (فَلِوَلِيِّ مَالٍ) وَلَوْ بِمَأْذُونِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ نُسُكَهُ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِ (إحْرَامٌ عَنْ صَغِيرٍ) وَلَوْ مُمَيِّزًا وَإِنْ قَيَّدَ الْأَصْلُ بِغَيْرِهِ؛ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَفَزِعَتْ امْرَأَةٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ مِحَفَّتِهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ» (وَ) عَنْ (مَجْنُونٍ) قِيَاسًا عَلَى الصَّغِيرِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مَالُ غَيْرِ وَلِيِّ الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَلَا يُحْرَمُ عَمَّنْ ذُكِرَ؛ (وَصِفَةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ) أَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ مُحْرِمًا فَيَصِيرُ مَنْ أَحْرَمَ عَنْهُ مُحْرِمًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّوَجُّهِ إلَى كَذَا كَالْجَمَاعَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فَلَا حُرْمَةَ ع ش م ر. .
(قَوْلُهُ: وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ) فِيهِ أَنَّ عَدَمَ الِاسْتِطَاعَةِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ مِنْ أَصْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ الْمَشَقَّةُ أَيْ: وَلَشَقَّ عَلَيْكُمْ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ وَجْهَ تَرَتُّبِ قَوْلِهِ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ عَلَى الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ لَوْ قُلْت نَعَمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ (قَوْلُهُ: فَقَالَ: لَا بَلْ لِلْأَبَدِ) اُنْظُرْ مَا النُّكْتَةُ فِي أَنَّهُ عليه السلام أَتَى فِي الْجَوَابِ بِالنَّفْيِ وَالْإِضْرَابِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِلْأَبَدِ لَكَفَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِتَرَاخٍ) لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِيَجِبُ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ حَالًّا وَالتَّرَاخِي فِي الْفِعْلِ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيُفْعَلُ بِتَرَاخٍ وَقِيلَ إنَّهُ حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ أَيْ: كُلٌّ وَالْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: مَصْحُوبًا بِتَرَاخٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِتَرَاخٍ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فُرِضَ سَنَةَ سِتٍّ وَلَمْ يَحُجَّ عليه السلام إلَّا سَنَةَ عَشْرٍ وَمَعَهُ مَيَاسِيرُ لَا عُذْرَ لَهُمْ. وَقِيسَ بِهِ الْعُمْرَةُ م ر وَحَجَّ النَّبِيُّ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا
وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الشَّرْعِ ع ش. (قَوْلُهُ: بَعْدُ) أَيْ: الْآنَ، أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ع ش وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِيَعْزِمُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِالْفِعْلِ عَلَى الثَّانِي. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَ بِنَذْرٍ) كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَذَرَ الْحَجَّ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ مِنْهُ عَلَى التَّعْجِيلِ؛ فَقَدْ ضَيَّقَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعْيِينِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي نَذْرِهِ وَتُجْزِئُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ نَذْرِهِ قَالَ فِي الْبَهْجَةِ: وَأَجْزَأَتْ فَرِيضَةُ الْإِسْلَامِ عَنْ نَذْرِ حَجٍّ وَاعْتِمَارِ الْعَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ سَنَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ النَّذْرِ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ) بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ لُحُوقِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الرَّاكِبِ أَوْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّيَمُّمِ حَيْثُ يَكْفِي عَدْلٌ وَاحِدٌ يُعَظِّمُ أَمْرَ الْحَجِّ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ: عَنْ الْمُبَاشَرَةِ وَعَنْ الْوُقُوعِ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ: فِي صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا ذَكَّرَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ بِإِضَافَتِهَا إلَى كُلٍّ كَمَا قَالَ ز ي: أَيْ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِلْمُسْلِمِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ لِكُلٍّ فَتَأَمَّلْ.
. (قَوْلُهُ: فَلِوَلِيِّ مَالٍ) بَلْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ لِلصَّبِيِّ ش وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ وَلِيِّ النِّكَاحِ إذْ ذَاكَ يَشْمَلُ الْحَوَاشِي قَالَ م ر: وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ صِحَّةِ إحْرَامِ غَيْرِ الْوَلِيِّ كَالْجَدِّ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَق ل: وَمِنْهُ السَّيِّدُ لِيُحْرِمْ عَنْ قِنِّهِ الصَّغِيرِ دُونَ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ وَيُشْتَرَطُ إحْرَامُ السَّيِّدَيْنِ مَعًا فِي الْمُشْتَرَكِ، أَوْ إذْنُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَلَا دَخْلَ لِلْمُهَايَأَةِ هُنَا لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِي الْأَكْسَابِ وَنَحْوِهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْرَامِ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ، أَوْ إذْنِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ
(قَوْلُهُ: إحْرَامٌ) أَيْ: بَعْدَ تَجْرِيدِهِ مِنْ ثِيَابِهِ الْمُحِيطَةِ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِالرَّوْحَاءِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ اسْمُ وَادٍ مَشْهُورٍ عَلَى نَحْوِ أَرْبَعِينَ مِيلًا مِنْ الْمَدِينَةِ وَقِيلَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَقِيلَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَفَزِعْت بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: أَسْرَعْت. .
(قَوْلُهُ: بِعَضُدِ صَبِيٍّ) أَيْ: غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِيمَنْ يُؤْخَذُ بِعَضُدِهِ كَمَا فِي ح ل قَالَ: أَيْ: ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِعُ وَلَا يَتَقَيَّدُ الْحُكْمُ بِهِ إذْ مِثْلُهُ الصَّبِيَّةُ (قَوْلُهُ: مِحَفَّتِهَا) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَرْكَبٌ مِنْ مَرَاكِبِ النِّسَاءِ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: قَالَ: نَعَمْ) فَيُكْتَبُ لِلصَّبِيِّ ثَوَابُ مَا عَمِلَهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ كَمَا قَالَ م ر وَحَجّ. (قَوْلُهُ: وَلَك أَجْرٌ) أَيْ: عَلَى تَرْبِيَتِهِ، أَوْ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأُمَّ لَا وِلَايَةَ لَهَا، أَوْ يُقَالُ يَجُوزُ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيَّةً ع ش وَعِبَارَةُ حَجّ وَأَجَابُوا عَمَّا تَقَرَّرَ مِنْ اعْتِبَارِ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْأُمُّ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ، أَوْ أَنَّ وَلِيَّهُ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُحْرِمَ عَنْهُ، أَوْ أَنَّ الْحَاصِلَ لَهَا أَجْرُ الْحَمْلِ وَالنَّفَقَةِ لَا الْإِحْرَامِ إذْ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهَا أَحْرَمَتْ عَنْهُ اهـ. أَيْ: وَإِنْ كَانَ يُوهِمُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَصِفَةُ إحْرَامِهِ عَنْهُ) أَيْ: عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَنْوِيَ) أَيْ يَقُولُ نَوَيْت الْإِحْرَامَ عَنْ هَذَا، أَوْ فُلَانٍ أَوْ جَعَلْته مُحْرِمًا
بِذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَمُوَاجَهَتُهُ وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَيَسْعَى بِهِ وَيُحْضِرُهُ الْمَوَاقِفَ وَلَا يَكْفِي حُضُورُهُ بِدُونِهِ وَيُنَاوِلُهُ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ.
وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ وَيُصَلِّي وَيَسْعَى وَيَحْضُرُ الْمَوَاقِفَ وَيَرْمِي الْأَحْجَارَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا يُحْرِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَائِلِ الْعَقْلِ وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ عَلَى الْقُرْبِ
. (وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ (مَعَ تَمْيِيزٍ) وَلَوْ مِنْ صَغِيرٍ، أَوْ رَقِيقٍ (لِمُبَاشَرَةٍ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ (فَلِمُمَيِّزٍ إحْرَامٌ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) مِنْ أَبٍ، ثُمَّ جَدٍّ، ثُمَّ وَصِيٍّ، ثُمَّ حَاكِمٍ، أَوْ قَيِّمِهِ لَا كَافِرٍ وَلَا غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَلَا مُمَيِّزٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) شُرِطَ إسْلَامٌ وَتَمْيِيزٌ (مَعَ بُلُوغٍ وَحُرِّيَّةٍ لِوُقُوعٍ عَنْ فَرْضِ إسْلَامٍ) مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ، وَتَعْبِيرِي بِفَرْضِ إسْلَامٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. (فَيُجْزِئُ) ذَلِكَ (مِنْ فَقِيرٍ) لِكَمَالِ حَالِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَكَلَّفَ مَرِيضٌ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ الْجُمُعَةَ (لَا) مِنْ (صَغِيرٍ وَرَقِيقٍ) إنْ كَمَلَا بَعْدَهُ لِخَبَرِ «أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى، وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ، ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ؛ وَلِنَقْصِ حَالِهِمَا. فَإِنْ كَمَلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، أَوْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِكَذَا وَلَا يَصِيرُ الْوَلِيُّ مُحْرِمًا بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ جَعَلَهُ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتِّعًا فَالدَّمُ عَلَى الْأُولَى وَإِذَا ارْتَكَبَ مَحْظُورًا بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ وَلَوْ إتْلَافًا، أَوْ بِغَيْرِهِ فَعَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا وَيَفْسُدُ حَجُّهُ بِالْجِمَاعِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَالِمًا مُخْتَارًا وَيَقْضِيهِ وَلَوْ فِي حَالَةِ الصِّبَا قَالَهُ ق ل.
وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ عَدَمِ صَيْرُورَةِ الْوَلِيِّ مُحْرِمًا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أُحْرِمَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ كَمَا فِي ح ل خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ع ش فَرَاجِعْهُ. . (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِالنِّيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ) أَيْ: حَالَ الْإِحْرَامِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: وَمُوَاجَهَتُهُ أَيْ: مُوَاجَهَةُ الْوَلِيِّ لَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ) بِشَرْطِ طَهَارَتِهِمَا أَيْ: الْوَلِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا شُرُوطُ الطَّوَافِ كَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الصَّبِيِّ؟ قُلْت: الظَّاهِرُ نَعَمْ ح ل، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِهِ أَيْ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يَكْفِي فِعْلُ أَحَدِهِمَا حَتَّى لَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّةً اُعْتُبِرَ كَوْنُهُ قَائِدًا لَهَا، أَوْ سَائِقًا وَيُشْتَرَطُ طَهَارَتُهُمَا مِنْ حَدَثٍ وَنَجَسٍ وَسَتْرُ عَوْرَتِهِمَا نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ جَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِ الْوَلَدِ؛؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَصَالَةً هُوَ الْوَلِيُّ انْتَهَى. وَيَصِحُّ أَنْ يُعْطِيَهُ لِغَيْرِهِ لِيَطُوفَ بِهِ وَيُبَاشِرَ بِهِ بَقِيَّةَ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ الْوَلِيُّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ يَفْعَلَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ كَالرَّمْيِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي عَنْهُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) أَيْ: وَالْإِحْرَامِ. (قَوْلُهُ: وَيَسْعَى بِهِ) إنْ كَانَ سَعَى عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا الطَّوَافُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَكَذَا الرَّمْيُ ح ل. (قَوْلُهُ: وَيُحْضِرُهُ الْوَاقِفُ) أَيْ: وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي حُضُورُهُ) أَيْ: الْوَلِيِّ بِدُونِهِ أَيْ: غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. (قَوْلُهُ: وَيُنَاوِلُهُ) أَيْ: غَيْرَ الْمُمَيِّزِ الْأَحْجَارَ فَيَرْمِيهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي مُنَاوَلَةِ الْوَلِيِّ الْأَحْجَارَ أَنْ يَكُونَ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ وَبَحَثَ حَجّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مُنَاوَلَةَ الْأَحْجَارِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الرَّمْيِ فَتُعْطَى حُكْمَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاوَلَةِ وَلَا يَجْزِي أَخْذُهُ الْأَحْجَارَ مِنْ الْأَرْضِ ح ل وَاعْتَمَدَهُ ح ف وَاعْتَمَدَ أَيْضًا مَا بَحَثَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ قَدَرَ) وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْمُبَاشَرَةِ التَّمْيِيزُ اط ف، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُنَاوِلُهُ أَيْ: يُنَاوِلُ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ نَدْبًا الْأَحْجَارَ لِيَرْمِيَهَا إنْ قَدَرَ فَمُنَاوَلَتُهُ لَهُ كَرَمْيِهِ عَنْهُ فَلَيْسَ مُسْتَثْنًى كَمَا قِيلَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ) وَإِلَّا وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ نَوَى الصَّبِيُّ.
(قَوْلُهُ: مَنْ لَا رَمْيَ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْوَلِيِّ وَمَأْذُونِهِ فَقَطْ كَمَا فِي حَجّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُمَيِّزُ يَطُوفُ إلَخْ) أَتَى بِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَيَطُوفُ الْوَلِيُّ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَإِلَّا فَمَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِسْلَامٌ مَعَ تَمْيِيزٍ لِمُبَاشَرَةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) رَاجِعٌ لِلْأَفْعَالِ الْخَمْسَةِ. (قَوْلُهُ: وَبُرْؤُهُ مَرْجُوٌّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ عَلَى الْقُرْبِ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ عَنْهُ غَيْرُهُ وَيَكُونُ كَالْمَجْنُونِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَذَلِكَ بِأَنْ أَيِسَ مِنْهُ، أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. اهـ. ع ش
. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ إسْلَامٌ مَعَ تَمْيِيزٍ) لَمْ يَقُلْ وَمَعَ إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ شَرْطٌ فِي الْإِحْرَامِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمُبَاشَرَةٍ) أَيْ: لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِقْلَالُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ فِيمَا إذَا أَحْرَمَ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ يُبَاشِرَانِ لَكِنْ مَعَ الْوَلِيِّ لَا اسْتِقْلَالَ حَتَّى فِي صُورَةِ الرَّمْيِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مُنَاوَلَتِهِ لَهُمَا الْأَحْجَارَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) إنَّمَا احْتَاجَ لِإِذْنِهِ فِي هَذَا لِاحْتِيَاجِهِ لِلْمَالِ فَلَيْسَ عِبَادَةً بَدَنِيَّةً مَحْضَةً بَلْ فِيهَا شَائِبَةُ مَالٍ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ لِكَوْنِهَا بَدَنِيَّةً مَحْضَةً، وَالْإِضَافَةُ فِي وَلِيِّهِ لِلْعَهْدِ وَالْمَعْهُودُ هُوَ وَلِيُّ الْمَالِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ أَبٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَا كَافِرٍ) اُنْظُرْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَلِمُمَيِّزٍ مُسْلِمٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إنْ كَمَلَا) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّبِيِّ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْوُقُوفِ) أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ كَمَلَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِالْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَهُمَا فِي الْمَوْقِفِ وَأَدْرَكَا زَمَنًا يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْوُقُوفِ، أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ عَادَا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهِ أَجْزَأَهُمَا. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي أَثْنَائِهِ)
أَجْزَأَهُمَا وَأَعَادَا السَّعْيَ
(وَ) شُرِطَتْ الْمَذْكُورَاتُ (مَعَ اسْتِطَاعَةٍ الْوُجُوبِ) فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُعْسِرٌ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَا أَثَرَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ فَإِنَّ النُّسُكَ يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي الرِّدَّةِ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُمَيِّزٍ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ لِسَيِّدِهِ فَلَيْسَ مُسْتَطِيعًا، وَلَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ؛ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ فَالْمَرَاتِبُ الْمَذْكُورَةُ أَرْبَعٌ الصِّحَّةُ الْمُطْلَقَةُ وَصِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ وَالْوُقُوعُ عَنْ فَرْضِ الْإِسْلَامِ وَالْوُجُوبِ (وَهِيَ) أَيْ: الِاسْتِطَاعَةُ (نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا: (اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ وَشُرُوطُهَا) سَبْعَةٌ أَحَدُهَا: (وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا) كَزَادٍ وَأَوْعِيَتِهِ وَأُجْرَةِ خِفَارَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِبَلَدِهِ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ (إلَّا إنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَكَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ ذَلِكَ بَلْ لَزِمَهُ النُّسُكُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ سَفَرُهُ، أَوْ قَصُرَ وَكَانَ يَكْتَسِبُ فِي الْيَوْمِ مَا لَا يَفِي بِأَيَّامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ فِيهِمَا عَنْ كَسْبِهِ لِعَارِضٍ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ فِي الْأَوَّلِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ وَالْكَسْبِ تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ.
وَقَدَّرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَيَّامَ الْحَجِّ بِمَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَزَوَالِ ثَالِثَ عَشَرَهِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ
(وَ) ثَانِيهَا (وُجُودُ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ، أَوْ) دُونَهُمَا (وَضَعُفَ عَنْ مَشْيٍ) بِأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ، أَوْ يَنَالَهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْوُقُوفِ وَطَوَافِ الْعُمْرَةِ ع ش. (قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُمَا) وَيُعِيدَانِ مَا مَضَى قَبْلَ كَمَالِهِمَا. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: وَأَعَادَا السَّعْيَ) أَيْ: إنْ كَانَا سَعَيَا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ لِوُقُوعِهِ فِي حَالِ النُّقْصَانِ، وَفَارَقَ عَدَمَ إعَادَةِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَدَامٌ بَعْدَ الْكَمَالِ اط ف
(قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ رِقٌّ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَعَّضُ وَقَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ تَسَعُ الْحَجَّ فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ مُسْتَحَقَّةٌ إلَخْ أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ فِي نَوْبَةِ الْحُرِّيَّةِ كَذَا بِهَامِشٍ عَنْ شَيْخِنَا. اهـ. ح ل. أَقُولُ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ لَا تَلْزَمُ بَلْ لِأَحَدِ الْمُتَهَايِئَيْنِ الرُّجُوعُ وَلَوْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْآخَرِ، وَيَغْرَمُ لَهُ حِصَّةَ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ فَمُجَرَّدُ الْمُهَايَأَةِ لَا يُفَوِّتُ اسْتِحْقَاقَ الْمَنْفَعَةِ بَلْ يَجُوزُ رُجُوعُ السَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهِ وَيَمْنَعُ الْمُبَعَّضَ مِنْ اسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ فِي حِصَّتِهِ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: أَرْبَعٌ) وَبَقِيَ خَامِسَةٌ وَهِيَ صِحَّةُ النَّذْرِ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ وَالتَّكْلِيفُ فَيَصِحُّ نَذْرُ الرَّقِيقِ لَهُمَا وَيَكُونَانِ فِي ذِمَّتِهِ. (قَوْلُهُ: اسْتِطَاعَةٌ بِنَفْسِهِ) وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِطَاعَةِ امْتِدَادُهَا مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ لِلْحَجِّ إلَى عَوْدِهِمْ إلَيْهِ فَمَنْ أَعْسَرَ فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِيَسَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَشُرُوطُهَا) أَيْ: الْأُمُورِ الَّتِي لَا تُوجَدُ إلَّا بِهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِطَاعَةِ لَا تُوجَدُ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ فَتَأَمَّلْ. وَظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ كَسَائِرِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُدْرَةِ وَلِيٍّ عَلَى الْوُصُولِ إلَى مَكَّةَ وَعَرَفَةَ فِي لَحْظَةِ كَرَامَةٍ وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ الْعَادِيِّ فَلَا يُخَاطَبُ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِالْوُجُوبِ إلَّا إنْ قَدَرَ كَالْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ حَجّ. (قَوْلُهُ: وُجُودُ مُؤْنَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مِنْ الْحَرَمِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْ: وُجُودُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الْمُؤْنَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهَا أَوْ ثَمَنِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَوْعِيَتِهِ) وَمِنْهَا السُّفْرَةُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: خِفَارَةٍ) أَيْ: حِرَاسَةٍ وَهِيَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا فَقَطْ وَأَمَّا الْخَفَارَةُ الَّتِي هِيَ اسْمٌ لِلْأَجْرِ فَهِيَ مُثَلَّثَةٌ ح ف وَمُخْتَارٌ، وَفِي الْمِصْبَاحِ خَفَرْته حَمَيْته مِنْ طَالِبِيهِ فَأَنَا خَفِيرٌ وَالِاسْمُ الْخُفَارَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْخَفَارَةُ مُثَلَّثَةُ الْخَاءِ جُعْلُ الْخَفِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ: ذَهَابًا وَإِيَابًا) وَكَذَا إقَامَةٌ بِمَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهَا ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِيَابًا لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ وَعَشِيرَةٌ فِي الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمُؤْنَةِ إيَابًا إذْ الْمَحَالُّ فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ حَجّ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَنَصُّهَا وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ مُؤْنَةِ الْإِيَابِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذَا كَانَ لَهُ وَطَنٌ وَنَوَى الرُّجُوعَ لَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَمَنْ لَا وَطَنَ لَهُ وَلَهُ بِالْحِجَازِ مَا يُقِيتهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ مُؤْنَةُ الْإِيَابِ قَطْعًا لِاسْتِوَاءِ سَائِرِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ نَوَى الِاسْتِيطَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبِهَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ يَكْتَسِبُ) أَيْ: بِحَسَبِ عَادَتِهِ، أَوْ ظَنِّهِ فِي يَوْمٍ أَيْ: فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا لِلْكَسْبِ فِي الْحَضَرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا بُدَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْكَسْبِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَيَسَّرَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَائِقًا بِهِ م ر ع ش (قَوْلُهُ: كِفَايَةَ أَيَّامٍ) أَيْ: أَيَّامِ الْحَجِّ الْآتِيَةِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: زَوَالِ سَابِعِ إلَخْ) فَهِيَ سِتَّةٌ وَوَجْهُ اعْتِبَارِ مَا بَعْدَ زَوَالِ السَّابِعِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِي أَسْبَابِ تَوَجُّهِهِ مِنْ الْغَدِ إلَى مِنًى وَالثَّالِثَ عَشَرَ أَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ الْأَفْضَلَ وَهُوَ إقَامَتُهُ بِمِنًى ز ي وَمِقْدَارُ الْعُمْرَةِ نِصْفُ يَوْمٍ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفْرَ الْأَوَّلَ) أَمَّا هُوَ فَالثَّانِي عَشَرَ فَتَكُونُ خَمْسَةً فِي حَقِّهِ وَالنَّفْرُ الذَّهَابُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ وَقَوْلُهُ: يَنْفِرُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَابُهُ ضَرَبَ يَضْرِبُ
. (قَوْلُهُ: مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) بِأَنْ لَا يُحْتَمَلَ مِثْلُهَا فِي جَانِبِ النُّسُكِ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ هِيَ مَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجّ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا م ر مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِيكِ أَيْ: الْمُعَادِلِ لَهُ أَنْ تَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ نَحْوُ بَرَصٍ
رَاحِلَةٌ مَعَ شَقِّ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ وَقِيلَ عَكْسُهُ فِي حَقِّ رَجُلٍ اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ وَفِي حَقِّ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ وَأَحْوَطُ (لَا فِي) حَقِّ (رَجُلٍ لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِهَا) فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الشِّقِّ. وَإِطْلَاقِي اشْتِرَاطُهُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى، أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْمَشَقَّةِ. (وَ) مَعَ (عَدِيلٍ يَجْلِسُ) فِي الشِّقِّ الْآخَرِ لِتَعَذُّرِ رُكُوبِ شِقٍّ لَا يُعَادِلُهُ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ النُّسُكُ قَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ فِي مِثْلِهِ بِالْمُعَادَلَةِ بِالْإِثْقَالِ وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ فَلَا يَبْعُدُ لُزُومُهُ وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ وَهِيَ أَعْوَادٌ مُرْتَفِعَةٌ مِنْ جَوَانِبِ الْمَحْمِلِ عَلَيْهَا سِتْرٌ يَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ أَمَّا مَنْ قَصُرَ سَفَرُهُ وَقَوِيَ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ فَيُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ. (وَشُرِطَ كَوْنُهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ مُؤْنَةٍ وَغَيْرِهَا (فَاضِلًا عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) ذَهَابُهُ وَإِيَابُهُ (وَغَيْرُهَا مِمَّا) ذُكِرَ (فِي الْفِطْرَةِ) مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ مَلْبَسٍ، وَمَسْكَنٍ، وَخَادِمٍ يَحْتَاجُهَا لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَاجِزٌ وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي، وَعَنْ كُتُبِ الْفَقِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ تَصْنِيفٍ وَاحِدٍ نُسْخَتَانِ فَيَبِيعُ إحْدَاهُمَا وَعَنْ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ وَسِلَاحِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا وَهَذَانِ يَجْرِيَانِ فِي الْفِطْرَةِ وَمَا زِدْته ثَمَّ غَيْرُ الدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي هُنَا.
(لَا عَنْ مَالِ تِجَارَتِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي مُؤْنَةِ نُسُكِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ فِي دَيْنِهِ وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ) ؛ لِأَنَّهَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلنِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ لِخَائِفِ الْعَنَتِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَيْضًا إنْ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِهَا انْتَهَى. (قَوْلُهُ: رَاحِلَةٍ) يَلِيقُ بِهِ رُكُوبُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمُعَةِ. لَكِنْ جَرَى حَجّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاحِلَةِ هُنَا مَا يُرْكَبُ وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَهَا بَدَلٌ وَلَا كَذَلِكَ الْحَجُّ شَوْبَرِيٌّ وَع ش عَلَى م ر. وَالْمُرَادُ بِوُجُودِهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا بِشِرَاءٍ، أَوْ اسْتِئْجَارٍ كَمَا قَالَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ بِثَمَنٍ، أَوْ أُجْرَةِ مِثْلٍ لَا بِزِيَادَةٍ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَدَرَ عَلَيْهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مَعَ شِقِّ) أَيْ: نِصْفِ مَحْمِلٍ وَهُوَ خَشَبٌ وَنَحْوُهُ يُجْعَلُ فِي جَانِبِ الْبَعِيرِ لِلرُّكُوبِ فِيهِ كَمَا يُفْعَلُ فِي السَّيِّدِ الْبَدَوِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ رَجُلٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا فِي حَقِّ رَجُلٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ وَهَذَا الْمُقَدَّرُ مَفْهُومُهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: اشْتَدَّ ضَرَرُهُ بِالرَّاحِلَةِ) أَيْ: بِرُكُوبِهَا مِنْ غَيْرِ مَحْمِلٍ بِأَنْ يُبِيحَ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ م ر خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: وَاسْتَطَاعَ ذَلِكَ) أَيْ: بِحَيْثُ لَمْ يَخْشَ مَيْلًا وَرَأَى مَنْ يَمْسِكُهُ لَهُ لَوْ مَالَ عِنْدَ نُزُولٍ لِنَحْوِ قَضَاءِ حَاجَةٍ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ) وَهِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، أَوْ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: سِتْرٌ) بِكَسْرِ السِّينِ الَّذِي يُسْتَرُ بِهِ وَيُسَمَّى الْآنَ بِالْمَحَارَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ بِالْجُحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) أَيْ مِنْ الشِّقِّ وَالْعَدِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهَا) وَهِيَ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. (قَوْلُهُ: عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِهِ) شَمِلَ الْمُؤْنَةُ إعْفَافَ الْأَبِ وَأُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَرِيبِهِ وَمَمْلُوكِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الصَّرْفُ إلَيْهِ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَيْنٍ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا، أَوْ أَمْهَلَ بِهِ رَبُّهُ سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ، أَوْ لِلَّهِ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ شَرْحُ م ر وَقَالَ ع ش عَلَى الشَّارِحِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ مَلْبَسٍ) إلَى قَوْلِهِ وَسِلَاحِهِ وَالِاحْتِيَاجُ إلَى ثَمَنِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ كَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ النُّسُكُ حِينَئِذٍ شَرْحٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ) أَيْ: إنْ لَاقَا بِهِ وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِهِمَا، أَوْ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُمَا بِلَائِقٍ وَكَفَى لِتَفَاوُتِ مُؤَنِ الْحَجِّ تَعَيُّنٌ وَإِنْ أَلِفَهُمَا قَطْعًا هُنَا لَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا أَيْ: مُجْزِئًا فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْمَرْتَبَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْهَا شَرْحٌ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: يَحْتَاجُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةَ وَقَوْلُهُ: لِزَمَانَتِهِ وَمَنْصِبِهِ رَاجِعَانِ لِلْخَادِمِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَيُمْكِنُ رُجُوعُ الثَّلَاثَةِ لِلْمَنْصِبِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ يَحْتَاجُهَا فِي الْحَالِ فَيَخْرُجُ مَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا فِي الْحَالِ كَامْرَأَةٍ لَهَا مَسْكَنٌ وَخَادِمٌ وَهِيَ مَكْفِيَّةٌ بِإِسْكَانِ الزَّوْجِ وَإِخْدَامِهِ وَكَالسَّاكِنِ بِالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ يَمْلِكُهُ فَيُكَلَّفُ بَيْعَ الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ لِلنُّسُكِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَنْصِبِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ. (قَوْلُهُ: وَالنُّسُكُ عَلَى التَّرَاخِي) أَيْ: أَصَالَةً فَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ لَوْ تَضَيَّقَ فِيمَا يَظْهَرُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ تَصْنِيفٍ) أَيْ: كِتَابٍ. (قَوْلُهُ: وَعَنْ خَيْلِ الْجُنْدِيِّ) وَعَنْ آلَةِ الْحِرْفَةِ لِلْمُحْتَرِفِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَا زِدْته ثَمَّ غَيْرَ الدَّيْنِ إلَخْ) لِأَنَّ الْأَصْلَ ذَكَرَهُ هُنَا وَاشْتِرَاطُ الْفَضْلِ عَنْ الدَّيْنِ هُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ سم فَتَضْعِيفُ ع ش كَلَامَ الشَّارِحِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَمَا زِدْته ثَمَّ أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِهِ هُنَاكَ وَنَصُّهُ وَقَوْلِي: وَمَا يَلِيقُ بِهِمَا مَعَ ذِكْرِ الْمَلْبَسِ وَالتَّقْيِيدِ بِالْحَاجَةِ فِي الْمَسْكَنِ وَذِكْرِ الِابْتِدَاءِ بِالدَّيْنِ مِنْ زِيَادَتِي اهـ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَّخِذُ ذَخِيرَةً) أَيْ: وَالْحَجُّ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمُسْتَقْبِلَاتِ وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى مَنْ نَظَرَ لَهَا فَقَالَ
تَقْدِيمُ النِّكَاحِ وَلِغَيْرِهِ تَقْدِيمُ النُّسُكِ
(وَ) ثَالِثُهَا: (أَمِنْ طَرِيقٍ) وَلَوْ ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ (نَفْسًا وَبَعْضًا) وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَمَالًا) وَلَوْ يَسِيرًا فَلَوْ خَافَ سَبْعًا، أَوْ عَدُوًّا، أَوْ رَصَدِيًّا وَهُوَ مَنْ يَرْصُدُ أَيْ: يَرْقُبُ مَنْ يَمُرُّ؛ لِيَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا لَهُ وَلَا طَرِيقَ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ أَكَانُوا مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا، لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطْلَقَ الْخَائِفُونَ مُقَاوَمَتَهُمْ سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلنُّسُكِ وَيُقَاتِلُوهُمْ لِيَنَالُوا ثَوَابَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ (وَيَلْزَمُ رُكُوبُ بَحْرٍ تَعَيَّنَ) طَرِيقًا (وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَقَوْلِي: تَعَيَّنَ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) رَابِعُهَا: (وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ بِمَحَالَّ يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا بِثَمَنِ مِثْلٍ) وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ (زَمَانًا وَمَكَانًا) فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ بِهَا، أَوْ يُوجَدَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ (وَ) وُجُودِ (عَلَفِ دَابَّةِ كُلِّ مَرْحَلَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ وَفِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمِيَاهِ
(وَ) خَامِسُهَا: (خُرُوجُ نَحْوِ زَوْجِ امْرَأَة كَمَحْرَمِهَا) وَعَبْدِهَا وَمَمْسُوحٍ (أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ) ثِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ (مَعَهَا) لِتَأْمِينٍ عَلَى نَفْسِهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَحْرَمٌ» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ بِحَالٍ لَا سِيَّمَا وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي شَرْحُ حَجّ وَالذَّخِيرَةُ بِالْمُعْجَمَةِ وَاحِدَةُ الذَّخَائِرِ، وَفِعْلُهُ ذَخَرَ يَذْخَرُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا ذُخْرًا بِالضَّمِّ مُخْتَارٌ ع ش لَكِنْ فِيهِ أَنَّ كَوْنَهُ بِالْمُعْجَمَةِ يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الدَّخَرُ بِالْمُهْمَلَةِ لِمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا وَبِالْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الْآخِرَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ النِّكَاحِ) فَلَوْ قَدَّمَهُ وَلَمْ يَحُجَّ وَمَاتَ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ عَلَيْهِ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ خِلَافًا لحج ح ل
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالسَّفَرِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمَالًا إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ وَمَا يَحْتَاجُ لِاسْتِصْحَابِهِ لَا عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ مَالِ تِجَارَتِهِ وَنَحْوِهِ إنْ أَمِنَ عَلَيْهِ بِبَلَدِهِ وَلَا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ إلَّا إذَا لَزِمَهُ حِفْظُهُ وَالسَّفَرُ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا وُجُودُ رُفْقَةٍ يَخْرُجُ مَعَهُمْ وَقْتَ الْعَادَةِ إنْ خَافَ وَحْدَهُ وَلَا أَثَرَ لِلْوَحْشَةِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ الْوُضُوءَ أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُطْلَبُ الْمَاءُ لَهُ مَا لَمْ يَحْصُلُ لَهُ وَحْشَةٌ فِي الذَّهَابِ لِطَلَبِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ خَافَ) وَإِنْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ نُسُكٌ) حَتَّى لَوْ انْدَفَعَ الرَّصَدِيُّ بِمَالٍ طَلَبَهُ لَمْ يَجِبْ النُّسُكُ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامَ، أَوْ نَائِبَهُ وَجَبَ وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدَ الرَّعِيَّةِ وَبَذَلَهُ عَنْ الْجَمِيعِ م ر سم. (قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ) أَيْ: قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُكْرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا) كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ حَجَّ، أَوْ أَنَّ السُّنَّةَ مِنْ حَيْثُ الْجَمْعُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالْجِهَادِ شَوْبَرِيٌّ وح ف. (قَوْلُهُ: رُكُوبُ بَحْرٍ) خَرَجَ بِهِ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ وَالنِّيلِ فَيَجِبُ رُكُوبُهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَالْخَوْفُ لَا يَعْظُمُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ يَقْطَعُهَا عَرْضًا وَإِلَّا فَهِيَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ كَالْبَحْرِ وَأَخْطَرُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْبَرَّ فِيهَا قَرِيبٌ غَالِبًا شَرْحُ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: وَغَلَبَتْ سَلَامَةٌ) فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ يَحْرُمُ كَذَا فِي كَلَامِ شَيْخِنَا كحج. اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وُجُودُ مَاءٍ وَزَادٍ إلَخْ) لَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: سَابِقًا وُجُودُ مُؤْنَتِهِ سَفَرًا؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُوهِمُ أَنَّهُ مَتَى وَجَدَ الْمُؤْنَةَ لَزِمَهُ وَإِنْ عُدِمَتْ فِي الْمَحَالِّ الَّتِي يُعْتَادُ حَمْلُهَا مِنْهَا فَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ ح ف؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يَصْدُقُ بِوُجُودِ ثَمَنِ الْمُؤْنَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ) أَيْ: مِمَّا ذُكِرَ مِنْ الْمَاءِ وَالزَّادِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا لَا يُوجَدَانِ بِهَا) أَيْ: أَوْ بِبَعْضِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَعِبَارَةُ م ر هُنَا نَعَمْ تُغْتَفَرُ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ وَقَدَّمَ فِي الرَّاحِلَةِ عَدَمَ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ قَلَّتْ. قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَاءَ وَالزَّادَ لِكَوْنِهِمَا لَا تَقُومُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِهِمَا وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا لَمْ تُعَدَّ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ خُسْرَانًا بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِعِظَمِ تَحَمُّلِ الْمُؤْنَةِ) عِبَارَةُ حَجّ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ مَعَهُ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ حَمَلَهُ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ. (قَوْلُهُ: كُلَّ مَرْحَلَةٍ) مَرْجُوحٌ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ مُعْتَمَدٌ
. (قَوْلُهُ: زَوْجٍ) وَلَوْ فَاسِقًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ فِسْقِهِ يَغَارُ عَلَيْهَا مِنْ مَوَاقِعِ الرِّيَبِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا غَيْرَةَ لَهُ لَا يُكْتَفَى بِهِ شَرْحُ حَجّ قَالَ ع ش: وَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي عَبْدِهَا وَالْمَمْسُوحِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّوْجِ فِي قَافِلَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ قُرْبُهُ بِحَيْثُ تَمْتَنِعُ الرِّيبَةُ بِوُجُودِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ جَمْعٌ عَبْدَهَا الثِّقَةَ أَيْ: إذَا كَانَتْ هِيَ ثِقَةً أَيْضًا وَالْأَجْنَبِيَّ الْمَمْسُوحَ إذَا كَانَا ثِقَتَيْنِ أَيْضًا لِحِلِّ نَظَرِهِمَا لَهَا وَخَلْوَتِهِمَا بِهَا كَمَا يَأْتِي شَرْحُ حَجّ وَم ر. (قَوْلُهُ: وَمَمْسُوحٍ) وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمْ مُرَاهِقًا أَوْ أَعْمَى لَهُ وَجَاهَةٌ، وَفِطْنَةٌ بِحَيْثُ تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا مَعَهُ م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ نِسْوَةٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا أَيْ: وَلَوْ إمَاءً عَلَى الْأَوْجَهِ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ نِسْوَةٌ بَالِغَاتٌ كَمَا قَالَهُ حَجّ وَقَالَ م ر: يَتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُرَاهِقَاتِ عِنْدَ حُصُولِ الْأَمْنِ بِهِنَّ. (قَوْلُهُ: ثِقَاتٍ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْمَحَارِمِ أَمَّا فِيهِنَّ فَلَا يُشْتَرَطُ قِيَاسًا عَلَى الذُّكُورِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حَمْلُهُنَّ لَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ فِيهِنَّ الثِّقَةُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا مَحْرَمٍ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ: إلَّا وَمَعَهَا زَوْجٌ) مَحْمُولٌ عَلَى سَفَرِهَا لِغَيْرِ الْوَاجِبِ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ اط ف. (قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ) أَتَى بِهَا لِعَدَمِ
«لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا امْرَأَةً وَاحِدَةً وَسَفَرُهَا وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَوْ) كَانَ خُرُوجُ مَنْ ذُكِرَ (بِأُجْرَةٍ) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ النُّسُكِ لَهَا قُدْرَتُهَا عَلَى أُجْرَتِهِ فَيَلْزَمُهَا أُجْرَتُهُ إذْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ أُهْبَةِ سَفَرِهَا. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ. (كَقَائِدِ أَعْمَى) فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مَعَهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ
(وَ) سَادِسُهَا: (ثُبُوتٌ عَلَى مَرْكُوبٍ) وَلَوْ فِي مَحْمِلٍ (بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ) فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ أَصْلًا، أَوْ يَثْبُتُ بِضَرَرٍ شَدِيدٍ لِمَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ نُسُكٌ. بِنَفْسِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَرْكُوبٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاحِلَةِ (وَ) سَابِعُهَا: وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي: (زَمَنٌ يَسَعُ سَيْرًا مَعْهُودًا لِنُسُكٍ) كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِاسْتِقْرَارِهِ لَا لِوُجُوبِهِ فَقَدْ صَوَّبَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا يَشْهَدُ لَهُ (وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (بِسَفَهٍ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَصْحَبُهُ وَلِيٌّ) بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ مَنْ يَخْرُجُ مَعَ الْمَرْأَةِ
. (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي (اسْتِطَاعَةٌ بِغَيْرِهِ فَتَجِبُ إنَابَةٌ عَنْ مَيِّتٍ) غَيْرِ مُرْتَدٍّ (عَلَيْهِ نُسُكٌ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، سُنَّ لِوَارِثِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْهُ فَلَوْ فَعَلَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا تُقْضَى دُيُونُهُ بِلَا إذْنٍ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَ) عَنْ (مَعْضُوبٍ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: عَاجِزٍ عَنْ النُّسُكِ بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) فَأَكْثَرُ إمَّا
ــ
[حاشية البجيرمي]
التَّقْيِيدِ فِيهَا بِالْيَوْمَيْنِ فَأَشَارَ بِهَا إلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِقَيْدٍ. قَوْلُهُ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تُسَافِرَ لِلْفَرْضِ إلَّا مَعَ مَنْ ذُكِرَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ لَهُ وَحْدَهَا إنْ أَمِنَتْ كَمَا يَأْتِي وَلَا نَاهِيَةٌ وَهُوَ مَعَ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ الْمُطْلَقِ مَعَ الْمُقَيَّدِ حَتَّى يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُهُ بِرْمَاوِيٌّ وَح ف؛؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ وَهِيَ بَعْدَ النَّفْيِ تَعُمُّ فَقَوْلُهُ: يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) أَيْ: ذِي مَحْرَمِيَّةٍ أَيْ: قَرَابَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ صَاحِبُ مَحْرَمٍ مَعْنًى ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِفَرْضِهَا) وَلَوْ نَذْرًا وَأَمَّا لِغَيْرِ فَرْضِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مَعَ مَحْضِ النِّسَاءِ وَإِنْ كَثُرْنَ ح ل حَتَّى يَحْرُمُ عَلَى الْمَكِّيَّةِ التَّطَوُّعُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ مَعَ النِّسَاءِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ، نَعَمْ لَوْ مَاتَ الْمَحْرَمُ وَهِيَ فِي تَطَوُّعٍ فَلَهَا إتْمَامُهُ حَجّ وَم ر وَيَحْرُمُ خُرُوجُهُنَّ لِزِيَارَةِ الْقُبُورِ بِلَا نَحْوِ مَحْرَمٍ حَيْثُ كَانَتْ خَارِجَ السُّورِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَتْ) وَالْمُرَادُ بِالْأَمْنِ هُنَا أَمْنُهَا مِنْ الْخَدِيعَةِ وَالِاسْتِمَالَةِ إلَى الْفَوَاحِشِ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ، وَأَمَّا الْأَمْنُ عَلَى الْمَالِ وَالنَّفْسِ فَقَدْ تَقَدَّمَ ح ف
. (قَوْلُهُ: وَسَادِسُهَا إلَخْ) كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ) أَيْ: لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ) فَعَلَيْهِ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ قَطْعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ ح ل وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُدْرِكْ زَمَنًا يَسَعُ السَّيْرَ لِلنُّسُكِ بَعْدَ وُجُودِ الِاسْتِطَاعَةِ بِأَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْحَاجِّ فَابْنُ الصَّلَاحِ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: إنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ يُوصَفُ بِالْإِيجَابِ وَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ قَطْعًا وَعَلَى كَلَامِ غَيْرِ ابْنِ الصَّلَاحِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا قَالَ سم: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَبْقَ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ السَّفَرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ بِعَدَمِ الْوُصُولِ فِيهِ، أَوْ لَا لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَأَوْهَمَتْ عِبَارَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ مَنْ اسْتَطَاعَ الْحَجَّ قَبْلَ عَرَفَةَ بِيَوْمٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ شَهْرٌ وَمَاتَ تِلْكَ السَّنَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ، ثُمَّ سَقَطَ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَرُدَّ بِأَنَّ السَّرَخْسِيَّ وَغَيْرَهُ قَالُوهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا لِوُجُوبِهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا لِوُجُوبِهِ بَلْ جَعَلَهُ شَرْطًا لِلِاسْتِطَاعَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَشَرْطُ الشَّرْطِ شَرْطٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ مَالٌ لِمَحْجُورٍ إلَخْ) الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ وَخُرُوجُ نَحْوِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مَعَهُ لِيَكُونَ شَرْطًا. (قَوْلُهُ: أَنَّ أُجْرَتَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ، أَوْ نَائِبِهِ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا ح ل
. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مُرْتَدٍّ) أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا تَجُوزُ الْإِنَابَةُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ سم وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِتَرِكَتِهِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا تَرِكَةَ لَهُ لِتُبَيِّنَ زَوَالَ مِلْكِهِ بِالرِّدَّةِ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهَا وُقُوعُهَا لِلْمُسْتَنَابِ عَنْهُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ وَبِهِ فَارَقَ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ مِنْ تَرِكَتِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ نُسُكٌ) لَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمَا لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّوْمِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْقَرِيبِ بِأَنَّهُ هُنَا وَظِيفَةُ الْعُمْرِ وَأَيْضًا ذَلِكَ الْوَاجِبُ شَيْئَانِ الْفِدْيَةُ، أَوْ الصَّوْمُ فَأُنِيطَا بِالْقَرِيبِ لِيَخْتَارَ أَيُّهُمَا شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِضَادٍ) مِنْ الْعَضْبِ وَهُوَ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ عَنْ كَمَالِ الْحَرَكَةِ وَيُقَالُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ كَأَنَّهُ قَطَعَ عَصَبَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: أَيْ: عَاجِزٍ) أَيْ: حَالًا وَمَآلًا شَرْحُ م ر فَيُقَيَّدُ الْمَرَضُ بِأَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا قَالَهُ حَجّ. (قَوْلُهُ: مَرْحَلَتَانِ) أَمَّا لَوْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ أَوْ كَانَ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ إلَّا إنْ أَنْهَاهُ الضَّنَى إلَى حَالَةٍ لَا يَحْتَمِلُ الْحَرَكَةَ مَعَهَا بِحَالٍ فَتَجُوزُ النِّيَابَةُ حِينَئِذٍ م ر مُلَخَّصًا فَيَكُونُ فِي مَفْهُومِ الْقَيْدِ تَفْصِيلٌ