المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) ؛ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ «إنَّ - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ الْأَرْض]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) [

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ)

- ‌(فَرْعٌ)إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً]

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌[شُرُوط السَّلَم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌(بَابُ: الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

الفصل: بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) ؛ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ «إنَّ

بِلَا شَرْطٍ فَحَسَنٌ) ؛ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ «إنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَلَا يُكْرَهُ لِلْمُقْرِضِ أَخْذُ ذَلِكَ (أَوْ شُرِطَ) أَنْ يَرُدَّ (أَنْقَصَ) قَدْرًا أَوْ صِفَةً كَرَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ (أَوْ أَنْ يَقْرِضَهُ غَيْرَهُ أَوْ أَجَلًا بِلَا غَرَضٍ) صَحِيحٍ أَوْ بِهِ وَالْمُقْتَرِضُ غَيْرُ مَلِيءٍ (لَغَا الشَّرْطُ فَقَطْ) أَيْ لَا الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ مَا جَرَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَ لِلْمُقْرِضِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ أَوْ لَهُمَا وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ وَالْعَقْدُ عَقْدُ إرْفَاقٍ فَكَأَنَّهُ زَادَ فِي الْإِرْفَاقِ وَوَعَدَهُ وَعْدًا حَسَنًا وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ مِثْلَهُ يُفْسِدُ الرَّهْنَ كَمَا سَيَأْتِي وَيُجَابُ بِقُوَّةِ دَاعِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَتَعْبِيرِي بِأَنْقَصَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مُكَسَّرًا عَنْ صَحِيحٍ.

(وَصَحَّ) الْإِقْرَاضُ (بِشَرْطِ رَهْنٍ وَكَفِيلٍ وَإِشْهَادٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ زَائِدَةٌ فَلِلْمُقْرِضِ إذَا لَمْ يُوَفِّ الْمُقْتَرِضَ بِهَا الْفَسْخُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِلَا شَرْطٍ كَمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْإِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِي

(كِتَابُ الرَّهْنِ)

هُوَ لُغَةً: الثُّبُوتُ، وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهِ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ م ر شَوْبَرِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا كَأَنْ اقْتَرَضَ دَرَاهِمَ فَرَدَّهَا وَمَعَهَا نَحْوُ سَمْنٍ وَيُصَدَّقُ الْآخِذُ فِي كَوْنِ ذَلِكَ هَدِيَّةً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ لَذَكَرَهُ وَمَعْلُومٌ مِمَّا صَوَّرْنَا بِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمُقْرَضَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ هَدِيَّةً، أَمَّا لَوْ دَفَعَ إلَى الْمُقْرِضِ وَنَحْوِهِ مَعَ كَوْنِ الدَّيْنِ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الدَّيْنِ لَا هَدِيَّةً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ الدَّافِعُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرُهُ) أَيْ أَنْ يُقْرِضَ الْمُقْرِضُ الْمُقْتَرِضَ قَرْضًا آخَرَ ح ل وز ي وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ يُقْرِضَ الْمُقْتَرِضُ الْمُقْرِضَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُرُّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ فَلَا يَصِحُّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرَضُ غَيْرُ مَلِيءٍ) أَيْ بِالْمُقْرَضِ أَوْ بِبَدَلِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: لَغَا الشَّرْطُ) أَيْ فَقَطْ وَيُسَنُّ الْوَفَاءُ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ) لَوْ قُلْنَا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَهُوَ لَاغٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ وَكَوْنُهُ لِلْمُقْتَرِضِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَهُمَا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَالْمُقْتَرِضُ غَيْرُ مَلِيءٍ بِأَنْ كَانَ مُعْسِرًا.

وَعِبَارَةُ م ر وَلَا عِبْرَةَ بِجَرِّهَا لِلْمُقْرِضِ فِي الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَمَّا كَانَ مُعْسِرًا كَانَ الْجَرُّ إلَيْهِ أَقْوَى فَغَلَبَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُقْتَرِضُ مُعْسِرٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَهُمَا فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ) وَهُوَ كَوْنُ جَرِّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ لَا يُفْسِدُ الْقَرْضَ الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ بَلْ لِلْمُقْتَرِضِ بِأَنَّ مِثْلَهُ وَهُوَ كَوْنُ الْمَنَافِعِ لِلْمُرْتَهِنِ يُفْسِدُ الرَّهْنَ وَمِنْهُ الْغَارُوقَةُ الْمَشْهُورَةُ فَهِيَ رِبًا؛ لِأَنَّ دَافِعَ الدَّرَاهِمِ يَنْتَفِعُ بِالطِّينِ الْمَرْهُونِ وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعِيرَهُ الْأَرْضَ أَوْ يُؤَجِّرَهَا لَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّ وَضْعَ الْفَرْضِ عَلَى جَرِّ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُقْتَرِضِ فَلَمْ يَفْسُدْ بِاشْتِرَاطِهِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: دَاعِي الْقَرْضِ) أَيْ الْبَاعِثِ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّوَابُ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ رَهْنٍ) مِنْ فَوَائِدِهِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا قَبْلَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِلَا شَرْطٍ) فَإِنَّهُ قَدْ يَسْتَحْيِي مِنْهُ إذَا كَانَ بِلَا سَبَبٍ وَأَيْضًا فَالرُّجُوعُ حِينَئِذٍ جَائِزٌ قَطْعًا بِخِلَافِ بِلَا سَبَبٍ بِرْمَاوِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ح ل: فَإِنَّ الْحَيَاءَ وَالْمُرُوءَةَ يَمْنَعَانِهِ مِنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ فَإِذَا وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ الْمُقْرِضُ مَعْذُورًا فِي الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ غَيْرَ مَلُومٍ وَمِنْ فَوَائِدِ الشَّرْطِ أَيْضًا الْأَمْنُ مِنْ الْجُحُودِ، وَالْبَعْثُ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ، وَصَوْنُ الْعِرْضِ عَنْ الرُّجُوعِ بِلَا سَبَبٍ.

[كِتَابُ الرَّهْنِ]

(قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ) أَيْ: وَالْحَبْسُ هَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ رَهَنَ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ، وَلَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ الْآتِيَ بِمَعْنَاهُ فَارْهَنُوا وَأَقْبِضُوا أَمَّا إذَا جُعِلَ مَصْدَرًا لِرَهَنَ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّهُ يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ لُغَةً الْإِثْبَاتُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَهَنَ يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا بِمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ وَمُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ: رَهَنْت الشَّيْءَ عِنْدَهُ، وَمَعْنَاهُ أَثْبَتُّهُ عِنْدَهُ، وَالثُّبُوتُ إنَّمَا يُنَاسِبُ اللَّازِمَ دُونَ الْمُتَعَدِّي الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ الثُّبُوتَ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْإِثْبَاتِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِثْبَاتَ نَفْسَهُ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ رَهَنَ بِمَعْنَى ثَبَتَ، وَدَامَ لِأَنَّ الْأَرْكَانَ الْأَتِيَةَ لَا تُنَاسِبُهُ.

ع ش (فَائِدَةٌ)

رَهَنَ أَفْصَحُ مِنْ أَرْهَنَ بَلْ مَنَعَ الْأَزْهَرِيُّ الثَّانِيَةَ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْأَوَّلِ، وَمِنْ الثَّانِي «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ» أَيْ: مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِ نَحْوِ الصِّبْيَانِ كَأَنْ لَزِمَهُمْ دَيْنٌ بِإِتْلَافِهِمْ كَمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى مَنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْأَدَاءِ أَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ ح ل وَم ر وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً لَا يُحْبَسُ، وَإِنْ لَمْ يُقْضَ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ حِينَئِذٍ مِنْ الْوَرَثَةِ، فَالْإِثْمُ عَلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ، فَإِذَا تَصَرَّفُوا فِيهَا تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِذِمَّتِهِمْ، وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهِ فَلَا تَكُونُ نَفْسُهُ مَرْهُونَةً لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ اهـ عَنَانِيٌّ.

وَعِبَارَةُ خ ط مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ، وَفِي الْآخِرَةِ مَعُوقَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ قَالَ ع ش: الْبَرْزَخُ

ص: 356

وَشَرْعًا: جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ فَارْهَنُوا ` وَأُقْبِضُوا لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ جُعِلَ جَزَاءً لِلشَّرْطِ بِالْفَاءِ فَجَرَى مَجْرَى الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92]، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ يَهُودِيٍّ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الشَّحْمِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ لِأَهْلِهِ» وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ ثَلَاثَةٌ: شَهَادَةٌ وَرَهْنٌ وَضَمَانٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ أُدْخِلَ الْبَرْزَخَ. (قَوْلُهُ جَعْلُ عَيْنِ) قَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ الْجَعْلَ بِصِيغَةٍ، وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ مُوجِبًا وَقَابِلًا وَقَوْلُهُ عَيْنِ مَالٍ أَيْ: مُتَمَوِّلَةٍ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْهُونِ

وَقَوْلُهُ بِدَيْنٍ إشَارَةٌ إلَى الْمَرْهُونِ بِهِ، وَقَوْلُهُ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ أَيْ: وَلَوْ مَنْفَعَةً بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَنْفَعَةً. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ يُسْتَوْفَى مِنْهَا) أَيْ: مِنْ ثَمَنِهَا وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ بَيَانٌ لِفَائِدَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِنْهُ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ كَالْمَوْقُوفِ وَالْمَغْصُوبِ، وَمِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْهَا لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَيْنِ زَائِدَةً عَلَى الدَّيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ

وَقَوْلُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَالضَّمِيرُ فِي وَفَائِهِ عَائِدٌ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ الصَّادِقِ بِبَعْضِهِ شَيْخُنَا قَالَ الْعَلَّامَةُ ق ل: وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَّا فِي رَهْنِ وَلِيٍّ عَلَى مَالِ مَحْجُورِهِ. .

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ: فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ وَطَلَبِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ جَعْلُ الْمَصْدَرِ فِي الْآيَةِ دَالًّا عَلَى الْأَمْرِ. (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي) أَيْ: الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَلَى مَا هُوَ الْقَاعِدَةُ مِنْ انْصِرَافِ هَذَا الِاسْمِ إلَيْهِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْبَيْضَاوِيَّ كَمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ تَفْسِيرِ الْآيَةِ،

وَقَوْلُهُ مَعْنَاهُ غَرَضُهُ بِهَذَا تَصْحِيحُ كَوْنِهِ جَزَاءً لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً، وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِهِ بِمَعْنَى الْأَمْرِ بَلْ يُمْكِنُ جَعْلُهُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَيْ: فَعَلَيْكُمْ رَهْنٌ أَيْ أَعْيَانٌ مَرْهُونَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ " مَقْبُوضَةٌ " وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 283] أَيْ: عَازِمِينَ عَلَى سَفَرٍ وَقَوْلُهُ {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا} [البقرة: 283] قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْكِتَابَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ.

وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ أَيْ: بِاعْتِبَارِ مُفْرَدِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ رَهْنًا هُنَا لَيْسَ مَصْدَرًا، بَلْ هُوَ جَمْعُ رَهْنٍ بِمَعْنَى مَرْهُونٍ بِدَلِيلِ وَصْفِهِ بِمَقْبُوضَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ هُوَ كَمَا نُظِرَ بِهِ مِنْ الْآيَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِصِحَّةِ كَوْنِهِ جَمْعَ رَهْنٍ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ وَلَا يُنَافِيهِ مَقْبُوضَةٌ لِأَنَّ وَزْنَ مَفْعُولٍ يَأْتِي مَصْدَرًا أَيْضًا إيعَابٌ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا عَبْدُ رَبِّهِ إنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِمَقْبُوضَةٍ، لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَصْفُهُ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ مُتَعَلِّقُهُ الْعَيْنُ أَوْ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ بِمَعْنَى أَنَّا جَعَلْنَا الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَأَعَدْنَا الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ فِي " مَقْبُوضَةٌ " عَلَيْهِ بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ هَذَا كُلُّهُ جَارٍ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ، وَأَمَّا إذَا جَعَلْنَاهُ بِمَعْنَى الْأَعْيَانِ فَلَا إشْكَالَ. اهـ.

وَعِبَارَةُ سم فِيهِ أَنَّ وَصْفَهُ بِ " مَقْبُوضَةٌ " يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ، إذْ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَبْضُ إنَّمَا هُوَ الْعَيْنُ لَا الْحَدَثُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: وَصْفُهُ بِالْقَبْضِ مِنْ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَالْأَصْلُ مَقْبُوضٌ مُتَعَلِّقُهَا أَيْ: وَهُوَ الْأَعْيَانُ أَوْ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ مَجَازٌ عَنْ الْمَصْدَرِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أَيْ: فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ فَلْيُحَرِّرْ رَقَبَةً. (قَوْلُهُ أَبُو الشَّحْمِ) لِكَوْنِهِ كَانَ سَمِينًا. (قَوْلُهُ عَلَى ثَلَاثِينَ) أَيْ: عَلَى ثَمَنِ ثَلَاثِينَ،

وَقَوْلُهُ لِأَهْلِهِ أَيْ: اشْتَرَاهَا لِأَهْلِهِ وَافْتَكَّهُ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: عَلِيٌّ وَقِيلَ: غَيْرُهُمَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَالْبِرْمَاوِيُّ.

وَخَالَفَ ع ش فَقَالَ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَلَمْ يَفْتَكَّهُ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ ق ل، وَعِبَارَتُهُ عَلَى الْجَلَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ افْتَكَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا رَأَيْته مُصَرَّحًا بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَكَوْنُ الدِّرْعِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الْيَهُودِيِّ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى الرَّهْنِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ لِأَخْذِهِ بَعْدَ فَكِّهِ وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْيَهُودِيَّ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْهُ صَدَقَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ رَدُّ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَوْ اقْتَرَضَ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانُوا يُبَرِّئُونَهُ فَتَأَمَّلْ، وَإِنَّمَا آثَرَ الْيَهُودِيَّ بِالرَّهْنِ مِنْهُ عَلَى أَصْحَابِهِ لِبَيَانِ جَوَازِ مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ لَا يَسْتَرْهنُونَهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لِيَسْلَمَ مِنْ الْمِنَّةِ اهـ بِحُرُوفِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْوَثَائِقُ بِالْحُقُوقِ) أَيْ: بِجِنْسِ الْحُقُوقِ إذْ مِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الثَّلَاثَةُ كَالْبَيْعِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ

ص: 357

كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ، فَالشَّهَادَةُ لِخَوْفِ الْجَحْدِ وَالْآخَرَانِ لِخَوْفِ الْإِفْلَاسِ

(أَرْكَانُهُ) أَرْبَعَةٌ (عَاقِدٌ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ وَصِيغَةٌ وَشَرَطَ فِيهَا) أَيْ: فِي الصِّيغَةِ (مَا) مَرَّ فِيهَا. (فِي الْبَيْعِ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي

(فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ: فِي الرَّهْن (مُقْتَضَاهُ كَتَقَدُّمِ مُرْتَهِنٍ بِهِ) أَيْ: بِالْمَرْهُونِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ (أَوْ) شُرِطَ فِيهِ (مَصْلَحَةٌ لَهُ كَإِشْهَادٍ بِهِ أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ) كَأَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ كَذَا (صَحَّ) الْعَقْدُ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ

(لَا) إنْ شَرَطَ (مَا يَضُرُّ أَحَدَهُمَا) أَيْ: الْمُرْتَهِنَ وَالرَّاهِنَ. (كَأَنْ لَا يُبَاعَ) عِنْدَ الْمَحَلِّ وَالتَّمْثِيلُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَكَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ.

(أَوْ) شَرْطِ (أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَثَمَرِ الشَّجَرَةِ وَنِتَاجِ الشَّاةِ (مَرْهُونَةً) ، فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي الثَّلَاثَةِ لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ وَعَدَمِهَا فِي الثَّالِثَةِ فَإِنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي الثَّانِيَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّهَادَةُ فَقَطْ وَهُوَ الْمُسَاقَاةُ وَنُجُومُ الْكِتَابَةِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الشَّهَادَةُ وَالْكَفَالَةُ دُونَ الرَّهْنِ، وَهُوَ الْجِعَالَةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ، وَمِنْهَا مَا تَدْخُلُهُ الْكَفَالَةُ فَقَطْ كَضَمَانِ الدَّرْكِ ع ش عَلَى م ر وَشَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ الْبَابِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهَا تَوْثِيقَاتٌ لَا مَنَافِعُ، وَلَكِنَّ مَا سَبَقَ لَا يُفِيدُ الْحَصْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مِنْ كَوْنِهَا تَوْثِيقَاتٍ أَوْ أَنَّ الْحَصْرَ اُسْتُفِيدَ مِمَّا سَبَقَ مَعَ رِعَايَةِ الْمَقَامِ، وَالْبَابُ وَالْكِتَابُ يُطْلَقُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُقَالُ: الْمُعَبَّرُ بِهِ الْكِتَابُ دُونَ الْبَابِ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ وَمَرْهُونٌ وَمَرْهُونٌ بِهِ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ بَدَلَهُمَا وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرُ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْآخَرِ فَكَانَ التَّفْصِيلُ أَوْلَى لِمُطَابَقَتِهِ لِمَا بَعْدُ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطٌ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ) قَدَّمَ شُرُوطَ الصِّيغَةِ اهْتِمَامًا بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا اشْتِرَاطُ مُخَاطَبَةِ مَنْ وَقَعَ مَعَهُ الْعَقْدُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ: رَهَنْت مُوَكِّلَك لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وَقَدْ يُفْهَمُ أَيْضًا تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّهْنَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ عَدَمُ التَّوَافُقِ كَمَا فِي الْهِبَةِ فَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا صَحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ بِخَمْسِمِائَةٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي عَلَيْهِ كَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت وَرَهَنْت صَحَّ، وَلَيْسَ هُنَا قَبُولٌ، وَكَانَ مَا صَدَرَ مِنْ الْبَائِعِ مُغْنِيًا عَنْهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَالْقَاضِي لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا طب الْأَوَّلَ وَفِي تَصْحِيحِ ابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ وَاعْتَمَدَهُ م ر أَيْضًا. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ شُرِطَ فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ أَيْ: مِنْ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ وَمِنْ صِحَّتِهِ بِشَرْطِ مُقْتَضَاهُ أَوْ مَا لَا غَرَض فِيهِ، وَبُطْلَانٌ بِغَيْرِهِ فَجَمِيعُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ يَجْرِي هُنَا وَلَوْ قَالَ: يَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْبَيْعِ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّ صِحَّتَهُ بِالشَّرْطِ وَعَدَمِهَا بِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي مَقَامِ الشُّرُوطِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مَقَامٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ يَئُولُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا. (قَوْلُهُ مُقْتَضَاهُ) الْمُقْتَضَى وَالْمَصْلَحَةُ مُتَبَايِنَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُقْتَضَى عِبَارَةٌ عَمَّا يَلْزَمُ الْعَقْدَ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ، وَأَمَّا الْمَصْلَحَةُ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا مَا ذُكِرَ كَالْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ بَلْ مُسْتَحَبٌّ فِيهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَصْلَحَةِ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مُسْتَحَبًّا كَانَ أَوْ مُبَاحًا ع ش عَلَى م ر.

1 -

. (قَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ فِيهِ) أَيْ: الرَّهْنِ أَيْ: فِي عَقْدِهِ وَقَوْلُهُ مَصْلَحَةٌ لَهُ أَيْ: لِلْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي قَوْلِهِ كَإِشْهَادٍ بِهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ) قَدْ يُقَالُ: كَوْنُ هَذَا الشَّرْطِ مِمَّا لَا غَرَضَ فِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ لِجَوَازِ أَنَّ أَكْلَ غَيْرِ مَا شُرِطَ يَضُرُّ الْعَبْدَ مَثَلًا فَرُبَّمَا نَقَصَتْ بِهِ الْوَثِيقَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ فِيمَا يَأْكُلُهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلَغَا الشَّرْطُ الْأَخِيرُ) أَيْ: فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ تَأْكِيدٌ، وَالثَّانِي مُعْتَبَرٌ ق ل وَبِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَيْ: الْمُرْتَهِنُ وَالرَّاهِنُ) تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ هُمَا مِنْ لَفْظِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ بِالْجَرِّ، وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ أَحَدٌ، وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الشَّارِحِ لِلْأَوَّلِ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِأَوْ ع ش (قَوْلُهُ كَأَنْ لَا يُبَاعَ) أَيْ: أَصْلًا أَوْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ ق ل (قَوْلُهُ وَكَشَرْطِ مَنْفَعَتِهِ) أَعَادَ الْكَافَ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا يَضُرُّ الرَّاهِنَ وَمَا قَبْلَهُ يَضُرُّ الْمُرْتَهِنَ. ع ن

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً) أَيْ: أَنْ تَكُونَ زَوَائِدُهُ مَرْهُونَةً حَالَ حُدُوثِهَا لَا أَنَّهَا تَحْدُثُ مَوْصُوفَةً بِالرَّهْنِ وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ الْأَكْسَابِ وَالْمَنَافِعِ قَطْعًا ق ل.

(قَوْلُهُ لِإِخْلَالِ الشَّرْطِ بِالْغَرَضِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ بَيْعُهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ ح ل (قَوْلُهُ وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْمَرْهُونِ لِلرَّاهِنِ ح ل لِأَنَّ التَّوَثُّقَ إنَّمَا هُوَ بِالْعَيْنِ، وَالْمَنَافِعُ لِلرَّاهِنِ وَقَدْ يُقَالُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي الثَّالِثَةِ أَيْضًا، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَقُولَ: وَلِتَغْيِيرِ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلِجَهَالَةِ الزَّوَائِدِ فِي الثَّالِثَةِ فَتَكُونُ الثَّالِثَةُ مُعَلَّلَةً بِعِلَّتَيْنِ فَافْهَمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ: أَنَّ كَوْنَ الْمَنْفَعَةِ لِلرَّاهِنِ لَيْسَ قَضِيَّةَ عَقْدِ الرَّهْنِ بَلْ لَهُ مُطْلَقًا رَهَنَ أَوْ لَمْ يُرْهَنْ لِأَنَّهَا فَرْعُ مِلْكِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَضِيَّةَ عَقْدِ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ فَقَطْ وَشَرْطُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُرْتَهِنِ تَغْيِيرٌ لِقَضِيَّةِ

ص: 358

وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْعَاقِدِ) مِنْ رَاهِنٍ وَمُرْتَهِنٍ (مَا) مَرَّ (فِي الْمُقْرِضِ) مِنْ الِاخْتِيَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي، وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ (فَلَا) يَرْهَنُ مُكْرَهٌ وَلَا يَرْتَهِنُ كَسَائِرِ عُقُودِهِ وَلَا (يَرْهَنُ وَلِيٌّ) أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا أَوْ أَمِينَهُ. (مَالُ مَحْجُورِهِ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ (وَلَا يَرْتَهِنُ لَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْعَقْدِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ) يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَرَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك سُكْنَاهَا سَنَةً بِدِينَارٍ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ هَذَا وَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ فَلْيُرَاجَعْ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي ح ل.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ إنْ قُدِّرَتْ الْمَنْفَعَةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَسَنَةٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْن بَيْعٍ وَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مَمْزُوجًا بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَشَرْطِ رَهْنٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا م ر فِي شَرْحِهِ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِسَنَةٍ مَثَلًا، وَكَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا وَسَكَتَ عَنْ اشْتِمَالِهِ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَشْرُوطَ فِي الْبَيْعِ يَحْتَاجُ إلَى عَقْدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَمْزُوجِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلهمْ إنَّ الْمَشْرُوطَ عَلَيْهِ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَال: إنْ اسْتَحَقَّ الْمَنْفَعَة بِالْعَقْدِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْجَمْعِ الْمَذْكُور فَلَيْسَ مِنْ إجَارَةِ مَرْهُونٍ وَإِلَّا فَلَا جَمْعَ لِتَوَقُّفِ الْإِجَارَةِ عَلَى وُجُودِ الرَّهْنِ وَلَمْ يُوجَدْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ اتِّصَال الْمَنْفَعَة بِالْعَقْدِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الشَّرْطَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَزْجِ حَيْثُ قَالَ: مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرَتْ وَرَهَنْت صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآخِر بَعْده: قَبِلْتُ أَوْ ارْتَهَنْتُ لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطَ الِاسْتِيجَاب. اهـ، وَعَلَى هَذَا فَلْيُنْظَرْ مَا صُورَةُ الشَّرْطِ الْمُحْتَاجِ إلَى عَقْدِ رَهْنٍ بَعْده الْمُشَار إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ.

وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ وَالرَّهْنُ مَشْرُوطٌ فِي بَيْعٍ حَذَفَ هَذَا الْقَيْدُ فِي الْغُرَرِ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ الصِّحَّةَ مُطْلَقًا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) بِأَنْ يَقُولَ: بِعْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ تَرْهَنَنِي بِهَا دَارَك وَأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً فَبَعْضُ الْعَبْدِ مَبِيع وَبَعْضُهُ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الدَّارِ فَلَوْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ الدَّارِ فِي هَذَا الْمِثَالِ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَالْعَبْدُ مُوَزَّعٌ عَلَى الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ بِالْجُزْئِيَّةِ، فَثُلُثَاهُ مَبِيعٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمِائَةِ وَثُلُثُهُ أُجْرَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ تَأَمَّلْ.

هَذَا التَّصْوِيرَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَجَزَ عَنْهُ، وَقَدْ ظَفَرْت بِهِ فِي بَعْضِ شُرُوحِ التَّنْبِيهِ لِلزَّنْكَلُونِيِّ بَعْدَ التَّوَقُّفِ كَثِيرًا وَالسُّؤَالِ عَنْهُ كَثِيرًا، فَيُوَزَّعُ الْعَبْدُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَالْمِائَةِ زي

وَقَوْلُهُ بِعْتُك عَبْدِي بِمِائَةٍ يُعْلَمُ مِنْ بَقِيَّةِ عِبَارَتِهِ أَنَّ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ مُسَامَحَةً، وَأَنَّ الْمَعْنَى بِعْتُك بَعْضَهُ بِمِائَةٍ

وَقَوْلُهُ وَأَنْ تَكُونَ مَنْفَعَتُهَا لِي سَنَةً أَيْ: بِبَقِيَّةِ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمِائَةَ وَمَنْفَعَةَ الدَّارِ سَنَةٌ مَجْمُوعُهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ، وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ إبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ كَلَامِ ز ي آخِرًا؟ . حُرِّرَ قَالَ ح ل فَلَوْ عَرَضَ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخُ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْبَيْع فِيمَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ مِثْلِ الدَّارِ سَنَةً مِنْ الْعَبْد اهـ كَلَامُهُ وَصَوَابُهُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْفَسِخْ وَلَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ عِنْد انْفِسَاخ الْإِجَارَة وَلَوْ فَاتَهُ بَعْض الْعَبْد وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّفْقَة لَمْ تَتَحَدَّ إذْ مَا هُنَا بَيْع وَإِجَارَةٌ، وَالْخِيَارُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ) أَيْ: لِعَقْدِهِ عَقْدًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِضَرُورَةٍ وَلَا غِبْطَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَا يَرْهَنُ وَلِيٌّ إلَخْ، وَإِلَّا فَمُقْتَضَى اشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ فِي الْعَاقِدِ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مُطْلَقًا. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَأَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) لَمْ يَظْهَرْ لِهَذَا الِاشْتِرَاطِ فِي الْمُرْتَهِنِ وَجْهٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِشَيْءٍ بَلْ تَوَثَّقَ عَلَى دَيْنِهِ وَكَذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي الرَّاهِنِ وَجْهٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ وَلِأَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ بِالِاسْتِرْدَادِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا بِشَيْءٍ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي الرَّهْنِ نَوْعُ تَبَرُّعٍ لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ. اهـ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا أَنَّ التَّبَرُّعَ بِأَيِّ شَيْءٍ حَصَلَ. وَكَوْنُ الْحَبْسِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا يَظْهَرُ فِيهِ تَبَرُّعٌ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ إلَّا لَوْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ تَفُوتُ عَلَى الْمَالِكِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت اهـ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ التَّبَرُّعَ لِأَنَّ فِيهِ نَقْلَ عَيْنٍ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَالْمُرْتَهِنُ مُتَبَرِّعٌ بِبَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَرْهَنُ مُكْرَهٌ) أَيْ: وَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ جَدًّا) أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ،

وَقَوْلُهُ أَوْ وَصِيًّا أَيْ: عَمَّنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ مِنْهُمَا

وَقَوْلُهُ أَوْ حَاكِمًا أَيْ: عِنْدَ فَقْدِ الثَّلَاثَةِ أَيْ: إنْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ

وَقَوْلُهُ أَوْ أَمِينِهِ أَيْ: إنْ أَقَامَةَ نَائِبًا عَنْهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ أَوْ غِبْطَةٌ ظَاهِرَةٌ)

ص: 359

، فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ فِيهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِثَالُهُمَا لِلضَّرُورَةِ أَنْ يَرْهَنَ عَلَى مَا يُقْتَرَضُ لِحَاجَةِ الْمُؤْنَةِ لِيُوَفِّيَ مِمَّا يُنْتَظَرُ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ حُلُولِ دَيْنٍ أَوْ نَفَاقِ مَتَاعٍ كَاسِدٍ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى مَا يُقْرِضُهُ أَوْ يَبِيعُهُ مُؤَجَّلًا لِضَرُورَةِ نَهْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمِثَالُهُمَا لِلْغِبْطَةِ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةً عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً، وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَأَنْ يَرْتَهِنَ عَلَى ثَمَنِ مَا يَبِيعُهُ نَسِيئَةً بِغِبْطَةٍ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَإِذَا رَهَنَ فَلَا يَرْهَنُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ آمِنٍ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا يَتَضَمَّنُ أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَبَرَّعُ بِهِ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْغِبْطَةَ مَالٌ لَهُ وَقْعٌ فَانْظُرْ مُفَادَ قَوْلِهِ هُنَا ظَاهِرَةٌ شَوْبَرِيٌّ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِظُهُورِهَا ظُهُورُ نَفْعِهَا لِلْمَوْلَى فَقَدْ يَكُونُ مَالٌ لَهُ وَقْعٌ لَكِنْ يُعَارَضُ بِمَضَارَّ. (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ) هَذَا جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ؛ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ

لِلْمَصْلَحَةِ

بِرْمَاوِيٌّ بِخِلَافِ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُقْرِضُ مَالَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ وَالرَّهْنُ غَيْرُ مَضْمُونٍ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَقْتَرِضُ لِحَاجَةٍ) أَيْ: شَدِيدَةٍ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُ التَّفَكُّهَ، وَثِيَابَ الزِّينَةِ مَثَلًا فَكَيْفَ فَسَّرَ الضَّرُورَةَ بِذَلِكَ؟ . (قَوْلُهُ أَوْ نَفَاقٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: رَوَاجٍ، وَقَوْلُهُ كَاسِدٍ أَيْ: بَائِرٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ نَفَقَ الْمَبِيعُ يَنْفُقُ بِالضَّمِّ نَفَاقًا رَاجَ وَفِي الْمِصْبَاحِ نَفَقَتْ السِّلْعَةُ وَالْمَرْأَةُ نَفَاقًا بِالْفَتْحِ كَثُرَ طُلَّابُهَا وَخُطَّابُهَا ا. هـ وَفِيهِ أَيْضًا كَسَدَ الشَّيْءُ يَكْسُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ كَسَادًا لَمْ يَنْفُقْ لِقِلَّةِ الرَّغَبَاتِ فِيهِ فَهُوَ كَاسِدٌ. ح ل.

(قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) كَسَرِقَةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَا يُسَاوِي مِائَةَ) لِأَنَّ الْمَرْهُونَ إنْ سُلِّمَ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَا يَجْبُرُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ إلَّا بِرَهْنِ مَا يَزِيدُ عَلَى الْمِائَةِ تَرَكَ الشِّرَاءَ إذْ قَدْ يَتْلَفُ الْمَرْهُونُ فَلَا يُوجَدُ جَابِرٌ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ بِمِائَةٍ نَسِيئَةٍ) أَيْ: وَقَدْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ الرَّهْنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مِثْلِ الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ يَسْتَفِيدُ الْمَبِيعُ فَأَيُّ حَاجَةٍ لَهُ فِي الرَّهْنِ حِينَئِذٍ؟ . وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فِي الْحَالِ أَيْضًا بِأَنْ اشْتَرَى بِمِائَةٍ حَالَّةٍ فَطُلِبَتْ فَتَعَذَّرَتْ فَرَهَنَ عَلَيْهَا فَيُشْتَرَطُ فِي الرَّهْنِ مَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ) أَيْ: حَالَّتَيْنِ عَمِيرَةُ وَشَوْبَرِيٌّ وَع ش وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا حَالَّتَيْنِ.

وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ تَشْمَلُ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَتَمْثِيلُهُمْ بِالْحَالِّ لَعَلَّهُ لَيْسَ قَيْدًا. اهـ (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِ الْحَجْرِ) رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ ارْتِهَانِ الْوَلِيِّ أَيْ: ارْتِهَانِهِ لِأَجْلِ الْغِبْطَةِ وَارْتِهَانِهِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَيَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ

لِمَصْلَحَةٍ

وَلَوْ نَسِيئَةً، وَمِنْ مَصَالِحِ النَّسِيئَةِ أَنْ يَكُونَ بِزِيَادَةٍ أَوْ لِخَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ نَهْبٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ مَلِيئًا ثِقَةً، وَيَشْهَدُ حَتْمًا فِي بَيْعِهِ نَسِيئَةً وَيَرْتَهِنُ كَذَلِكَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا وَافِيًا. (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ أَمِينٍ) أَيْ: يَجُوزُ إيدَاعُهُ بِأَنْ يَكُونَ عَدْلَ رِوَايَةٍ آمِنًا أَيْ: لَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ الْخَوْفُ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَكَوْنِ الْأَجَل قَصِيرًا عُرْفًا كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الْبَيْعُ فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ لِاحْتِمَالِ رَفْعِهِ بَعْدَ تَلَفِهِ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ م ر ع ش وَإِنْ ارْتَهَنَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ وَافِيًا بِالدَّيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَصِيرًا وَيُشْهِدُ فَشُرُوطُ الِارْتِهَانِ ثَلَاثَةٌ، وَشُرُوطُ الرَّهْنِ أَرْبَعَةٌ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كَلَامِهِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي الِارْتِهَانِ شَرْطًا رَابِعًا، وَهُوَ أَنْ لَا يَخَافَ تَلَفَ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى سُقُوطَ الدَّيْنِ بِتَلَفِ الْمَرْهُونِ س ل لَكِنَّ الَّذِي فِي ع ش فَإِنْ خَافَ تَلَفَ الرَّهْنِ فَالْأَوْلَى عَدَمُ الِارْتِهَانِ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْعَاقِدِ مَا مَرَّ فِي الْمُقْرِضِ. (قَوْلُهُ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُ مَنْعِ رَهْنِ الْوَلِيِّ وَارْتِهَانِهِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ كَوْنِهِ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ إذْ حَقِيقَةُ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ هُوَ مَنْ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ أَصْلًا، وَهُوَ حَجْرٌ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُطْلَقِهِ حَقِيقَةً إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَهَذَا التَّفْرِيعُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ إلَخْ أَوْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْلَى وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ إنَّمَا هِيَ بِالنَّظَرِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَإِلَّا فَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ عَلَى مَا يُسَاوِي أَهْلِيَّةَ التَّبَرُّعِ وَقَدْ أَجَابَ بِذَلِكَ الشَّارِحُ بِهَامِشِ الدَّمِيرِيِّ حَيْثُ بُيِّنَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي الصَّرْفِ لِلِاسْتِغْرَاقِ أَيْ: بِأَنْ يَصِحَّ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ، وَهَذَا عَيْنُ أَهْلِيَّةِ التَّبَرُّعِ. اهـ. ع ش مَعَ زِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ وَكَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ الْمُكَاتَبُ) إلَّا مَعَ السَّيِّدِ فَيَجُوزُ رَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ مَعَهُ، وَمَعَ غَيْرِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ ح ل وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُخَالِفُهُ مِنْ اقْتِضَاءِ جَوَازِ رَهْنِ الْمُكَاتَبِ وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمُ الْأَخِيرُ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ

ص: 360

إنْ أَعْطَى مَالًا أَوْ رَبِحَ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ عَيْنًا) يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ دَيْنٍ وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَا رَهْنُ مَنْفَعَةٍ كَأَنْ يَرْهَنَ سُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً؛ لِأَنَّ: الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ فَلَا يَحْصُلُ بِهَا اسْتِيثَاقٌ وَلَا رَهْنُ عَيْنٍ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا كَوَقْفٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ، (وَلَوْ) كَانَ (مُشَاعًا) فَيَصِحُّ رَهْنُهُ مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَيَقْبِضُ بِتَسْلِيمِ كُلِّهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَيَكُونُ بِالتَّخْلِيَةِ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَبِالنَّقْلِ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ أَبَى الْإِذْنَ فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِكَوْنِهِ فِي يَدِ الشَّرِيكِ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ وَإِنْ تَنَازَعَا نَصَّبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا يَكُونُ فِي يَدِهِ لَهُمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

إنْ كَانَ مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ، وَعِبَارَتُهُ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْمُكَاتَبَ فَيُسْتَثْنَى رَهْنُهُ، وَارْتِهَانُهُ مَعَ السَّيِّدِ وَمَا لَوْ رَهَنَ مَعَ غَيْرِ السَّيِّدِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْعِتْقِ. أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ بِجَعْلِ قَوْلِهِ عَلَى مَا يُؤَدِّي بِهِ النَّجْمَ الْأَخِيرَ رَاجِعًا لِلْغَيْرِ،

وَقَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ أَيْ: فِي كَوْنِهِ لَا يَرْهَنُ وَلَا يَرْتَهِنُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ إنْ أَعْطَى مَالًا أَوْ رَبِحَ) قَيْدٌ فِي الْعَبْدِ فَقَطْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُعْطِ مَالًا وَلَا رَبِحَ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا، وَالرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ أَمْ لَا ح ل كَأَنْ اشْتَرَى دَابَّةً بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَى شَيْئًا آخَرَ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَرَهَنَ هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى الثَّمَنِ فَيَجُوزُ لَهُ الرَّهْنُ مُطْلَقًا شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ أَوْ رَبِحَ) أَيْ: أَوْ لَمْ يُعْطِ مَالًا لَكِنْ حَصَلَ لَهُ رِبْحٌ بِأَنْ صَارَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي الذِّمَّةِ، وَحَصَلَ لَهُ رِبْحٌ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ عَيْنًا) وَلَوْ مَوْصُوفَةً فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَمِ أَوْ مَشْغُولَةً بِنَحْوِ زَرْعٍ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمَشْغُولَةِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ قِيلَ: وَالْمُرَادُ كَوْنُهُ عَيْنًا ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَقَدْ يَصِيرُ الْمَرْهُونُ دَيْنًا كَمَا سَيَأْتِي كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَرْهُونُ بِإِتْلَافٍ فَبَدَلُهُ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي رَهْنٌ قَالَ ع ش عَلَى م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَبْضِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ، وَمَا دَامَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى التَّوَثُّقِ، وَالْغَرَضُ مِنْ الْقَرْضِ دَفْعُ الْحَاجَةِ وَالْغَالِبُ عَدَمُ بَقَائِهَا مَعَ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ التَّفَرُّقِ وَالْقَبْضِ بَلْ إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَالْغَالِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ إعْرَاضُهُ عَمَّا اقْتَرَضَهُ وَالسَّعْيُ فِي تَحْصِيلِ غَيْرِهِ لِظَنِّهِ امْتِنَاعَ الْمُقْرِضِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى الْقَرْضِ، وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا لِذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ لِأَنَّهُ بِتَمَيُّزِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِ الْمُقْرِضِ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ مَا قَبَضَهُ فِي تَعَلُّقِ نَفْسِهِ بِهِ، وَعَدَمِ الْتِفَاتِهَا إلَى غَيْرِهِ مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً. اهـ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ دَيْنٍ) الْكَلَامُ فِي الرَّهْنِ الْجَعْلِيِّ فَلَا يُنَافِي فِي صِحَّةِ رَهْنِهِ شَرْعًا فِيمَا لَوْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ دَيْنٌ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلِأَنَّهُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَبَعْدَهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا. اهـ.

وَعِبَارَةُ ح ل لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَإِذَا قَبَضَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا (قَوْلُهُ وَلَا رَهْنُ مَنْفَعَةٍ) أَيْ: وَلَوْ فِي الذِّمَّةِ أَيْ: ابْتِدَاءً أَيْضًا فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ كَانَتْ تَرِكَةً ق ل. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَتْلَفُ) فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ مَثَلًا بَلْ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَنْفَعَةِ ذَلِكَ الرَّاهِنِ كَأَنْ يَرْهَنَهُ مَنْفَعَةَ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ السَّنَةِ. سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَيْنِ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْعَقْدِ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى فَوَاتِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا قَبْلَ وَقْتِ الْبَيْعِ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَشَاعًا) فَلَوْ رَهَنَ حِصَّةً مِنْ بَيْتٍ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقُسِّمَتْ إفْرَازًا فَوَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا رَهْنًا مَكَانَهَا لِأَنَّهُ يُعَدُّ إتْلَافًا. ق ل (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَخْ) أَيْ: يَحْرُمُ وَيَصِحُّ وَخَرَجَ بِهِ الْعَقَارُ، فَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ لَيْسَتْ حِسِّيَّةً، وَأَنَّهُ لَا تَعَدِّيَ فِي قَبْضِهِ لِجَوَازِهِ. ع ش (قَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ) فَإِنْ نَقَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَصَلَ قَبْضُهُ، وَصَارَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ مَضْمُونَةً عَلَى الرَّاهِنِ، وَعَلَى مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ النَّقْلُ يَحْصُلُ بِهِ الْقَبْضُ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَكِنْ لَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنِهِ، فَالْمَوْقُوفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْمَنْقُولِ حِلُّ الْقَبْضِ لَا صِحَّتُهُ، كَذَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ ع ش عَلَى الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ جَازَ وَنَابَ عَنْهُ فِي الْقَبْضِ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ بِنَفْسِ الرِّضَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَعَدَمُ الرَّدِّ مِنْ الْآخَرِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ: الْمُرْتَهِنُ وَشَرِيكُ الرَّهْنِ. (قَوْلُهُ نَصَبَ الْحَاكِمُ عَدْلًا) أَيْ: عَدْلَ شَهَادَةٍ لَا رِوَايَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَتَكُونُ يَدُهُ نَائِبَةً عَنْ أَحَدِهِمَا وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ عَنْهُمَا وَيُؤَجِّرُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤَجَّرُ أَيْ: الْحَاكِمُ أَوْ الْعَدْلُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَبَيَا الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَة وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِمَا كَامِلَيْنِ فَكَيْفَ يُجْبِرُهُمَا عَلَى ذَلِكَ؟ .

ص: 361

(أَوْ) كَانَ (أَمَةً دُونَ وَلَدِهَا) الَّذِي يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ.

(أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ: كَانَ الْمَرْهُونُ وَلَدَهَا دُونَهَا (وَيُبَاعَانِ) مَعًا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَى تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ (وَيَقُومُ الْمَرْهُونُ) مِنْهُمَا مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ حَاضِنًا أَوْ مَحْضُونًا (ثُمَّ) يَقُومُ (مَعَ الْآخَرِ فَالزَّائِدُ) عَلَى قِيمَتِهِ (قِيمَةُ الْآخَرِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ مِائَةً وَقِيمَتُهُ مَعَ الْآخَرِ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالنِّسْبَةُ بِالْأَثْلَاثِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ، وَالتَّقْوِيمُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَرَهْنُ جَانٍ وَمُرْتَدٍّ كَبَيْعِهِمَا) وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَانِي الْمُتَعَلَّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بِخِلَافِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا قَوَدٌ أَوْ بِذِمَّتِهِ مَالٌ، وَفِي الْخِيَارِ أَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَدِّ وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ الْجَانِي لَا يَكُونُ بِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ بِخِلَافِ بَيْعِهِ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّ: مَحَلَّ الْجِنَايَةِ بَاقٍ فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ

(وَرَهْنُ مُدَبَّرٍ) أَيْ: مُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ. (وَمُعَلَّقٍ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّهُمَا بِامْتِنَاعِهِمَا صَارَا كَالنَّاقِصَيْنِ بِنَحْوِ صِفَةٍ فَمَكَّنَهُ الشَّارِعُ مِنْ جَبْرِهِمَا رِعَايَةً لِمَصْلَحَتِهِمَا. فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ أَوَاخِرَ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ يُعْرِضُ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا. قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَالَ كُلٍّ ثَمَّ فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَزْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لَهُ فَجَازَ لَهُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمَا، وَأَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ وَضْعِهِ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا أَخَذَهُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَهُوَ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْأَصْلَحِ لِمَالِكِهَا، وَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ وُجُوبُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهَا أَصْلَحُ لَهُمَا إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَمَةً) فِي جَعْلِهِ غَايَةً لِقَوْلِهِ كَوْنُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ وَحْدَهَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا الْوَلَدُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأُمَّ يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي حَدِّ ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ حُرْمَةِ التَّفْرِيقِ أَوْ أَنَّ الْغَايَةَ رَاجِعَةٌ لِلْمُقَيَّدِ لَا بِقَيْدِهِ أَوْ أَنَّ هَذَا إشَارَةٌ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا. اهـ. ع ش وَهَذَا أَيْ: كَوْنُ الْمَرْهُونِ أَمَةً دُونَ وَلَدِهَا عَيْبٌ فِيهَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ بِهِ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الرَّهْنُ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ جَاهِلًا كَوْنُهَا ذَاتَ وَلَدٍ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ فَسْخُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ إذَا أَتَى بِهِ الرَّاهِنُ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي بِأَمَةٍ فَرَهَنَهَا عِنْدَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا ذَاتُ وَلَدٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ. اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَع ش قَالَ ق ل: وَمِثْلُ الْأَمَةِ غَيْرُهَا مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ وَيُبَاعَانِ مَعًا) أَيْ: إنْ كَانَا مِلْكًا لِلرَّاهِنِ، وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْهُونُ وَحْدَهُ ح ل، وَلَوْ رُهِنَتْ الْأُمُّ عِنْدَ وَاحِدٍ وَالْوَلَدُ عِنْدَ آخَرَ، وَاخْتَلَفَ وَقْتُ اسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا الدَّيْنَ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالَّا، وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُبَاعُ مَنْ اسْتَحَقَّ دَيْنَهُ دُونَ الْآخَرِ لِلْحَاجَةِ أَوْ يَنْتَظِرُ حُلُولَ الْمُؤَجَّلِ لِيَبِيعَهَا أَوْ يُبَاعَانِ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ؟ . فَمَا يَخُصُّ الْحَالَّ يُوفِي بِهِ وَمَا يَخُصُّ الْمُؤَجَّلَ يُرْهَنُ بِهِ إلَى حُلُولِهِ احْتِمَالَاتٌ أَقْرَبُهَا الثَّالِثُ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ عَهْدُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ، وَيُحْفَظُ ثَمَنُهُ إلَى الْحُلُولِ، وَلَمْ يُعْهَدْ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ حُلُولِهِ حَتَّى لَوْ شُرِطَ فِي الْعَقْدِ تَأْخِيرُ بَيْعِ الْمَرْهُونِ عَنْ الْحُلُولِ بِمُدَّةٍ لَمْ يَصِحَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَعَ الْآخَرِ) وَعَكْسُ هَذَا التَّقْوِيمِ صَحِيحٌ فَثُمَّ لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ، وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْأُمِّ بِكَوْنِهَا حَاضِنَةً، وَالْوَلَدُ بِكَوْنِهِ مَحْضُونًا. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا) وَفَائِدَةُ هَذَا التَّوْزِيعِ مَعَ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِكُلِّ حَالٍ تَظْهَرُ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَرَهْنُ جَانٍ) هَذَا الْحُكْمُ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَوْنُهُ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَصِحَّةُ رَهْنِ الْمُرْتَدِّ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُهَا الْمَنْطُوقُ، وَعَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ الْجَانِي مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ يَصِحُّ بَيْعُهَا، ع ش (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ) أَيْ: صَرِيحًا، وَقَوْلُهُ وَفِي الْخِيَارِ أَيْ: ضِمْنًا فَالْأَوَّلُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقَدَّرَهُ تُسَلِّمُهُ إلَى أَنْ قَالَ: وَمَرْهُونٌ عَلَى مَا يَأْتِي وَلَا جَانٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ قَبْلَ اخْتِيَارِ فِدَاءٍ وَالثَّانِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيَضْمَنُهُ الْبَائِعُ بِقَتْلِهِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ. (قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ الْجَانِي) أَيْ: الْمُتَعَلِّق بِرَقَبَتِهِ مَالٌ، وَهُوَ الْمَرْجُوحُ الْمَبْنِيُّ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الشَّارِحِ إسْقَاطُ هَذَا لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَمِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ الضَّعِيفَ وَلَا مَا يَنُبْنِي عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْفَرْقُ عَلَى الضَّعِيفِ فِيهِ غُمُوضٌ احْتَاجَ لِذِكْرِهِ تَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: إذَا قُلْنَا: بِصِحَّتِهِ وَذَلِكَ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِهِ قَوَدٌ أَوْ بِذِمَّتِهِ مَالٌ كَذَا يَتَبَادَرُ الْفَهْمُ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ الْفِدَاءَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ لَا بِذِمَّتِهِ مَالٌ وَلَا بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ بَلْ الْمُرَادُ إذَا قُلْنَا: بِصِحَّةِ رَهْنِ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ، وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْأَصْلِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْجَانِي الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ بِالرَّهْنِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ صِحَّةُ رَهْنِ الْجَانِي الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ بِأَنْ جَنَى خَطَأً أَوْ شَبَهَ عَمْدٍ أَمَّا الْجَانِي الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهِ قِصَاصٌ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَهْنُهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ: لَا يَكُونُ بِهِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مِنْ سَيِّدِهِ ز ي.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ بَيْعِهِ عَلَى وَجْهٍ) أَيْ: عَلَى الْوَجْهِ الْمُصَحِّحِ لِبَيْعِهِ يَكُونُ بِالْبَيْعِ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَحَلَّ

ص: 362

لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ) لِلدَّيْنِ (قَبْلَهَا) بِأَنْ عُلِمَ حُلُولَهُ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَوْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا (بَاطِلٌ) ؛ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ مِنْ الرَّهْنِ فِي بَعْضِهَا وَلِلْغَرَرِ فِي الْبَاقِي وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَبَّرِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً فَإِنْ عَلِمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةِ الْحُلُولِ قَبْلَهَا أَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا صَحَّ رَهْنُهُ وَكَذَا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إنْ شَرَطَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ فِي الْمُرْشِدِ فِيمَا يَصْدُقُ بِالِاحْتِمَالَاتِ غَيْرِ الْأَخِيرِ، وَمِثْلُهُ الْبَقِيَّةُ بَلْ أَوْلَى، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ تَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِصِفَةٍ يُمْكِنُ سَبَقَهَا حُلُولُ الدَّيْنِ لِاقْتِضَاءِ تَعْبِيرِهِ الصِّحَّةَ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ بِالْمُقَارَنَةِ وَاحْتِمَالِ الْمُقَارَنَةِ وَالتَّأَخُّرِ هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْقَوِيُّ فِي الدَّلِيلِ صِحَّةُ رَهْنِ الْمُدَبَّرِ انْتَهَى وَاسْتُشْكِلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْجِنَايَةِ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ مُتَعَلِّقًا بِكُلٍّ مِنْ صَحَّ رَهْنُهُ وَبِيعَ أَيْ: وَإِذَا صَحَّ رَهْنُ جَانٍ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ ح ل.

(قَوْلُهُ لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ قَبْلَهَا) أَيْ: وَكَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْحُلُولِ، وَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ ثَلَاثُ قُيُودٍ تُعْلَمُ مِنْ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ عُلِمَ حُلُولُهُ بَعْدَهَا إلَخْ) هَذِهِ وَمَا بَعْدَهَا مَأْخُوذَتَانِ مِنْ رُجُوعِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ، وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا وَصُوَرُ الِاحْتِمَالِ الْأَرْبَعَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ رُجُوعِ النَّفْيِ لِلْمُقَيَّدِ وَهُوَ عِلْمُ الْحُلُولِ. (قَوْلُهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ) أَيْ: الْبَعْدِيَّةُ وَالْمَعِيَّةُ

وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَيْ: الْحُلُولِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَقَطْ أَيْ: اُحْتُمِلَ الْبَعْدِيَّةُ وَالْمَعِيَّةُ، وَالسَّبْقُ

وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا أَيْ: أَوْ قَبْلَهَا وَمَعَهَا فَالصُّوَرُ سَبْعَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ وَالسِّتَّةُ بَاطِلَةٌ. ح ل

وَقَوْلُهُ سَبْعَةٌ بَلْ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ صُورَتَيْنِ،

وَقَوْلُهُ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ مِنْ الرَّهْنِ فِي بَعْضِهَا أَيْ: الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ: بِعِتْقِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ ح ل وَقَوْلُهُ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآتِي فِي الرَّوْضَةِ فَهُوَ مَفْرُوضٌ فِي الْحَالِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَلَّقِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْمَفْهُومِ وَهُوَ صُورَتَانِ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إلَخْ فَهُوَ صُورَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ أَشَارَ بِهِ إلَى قَيْدٍ مُلَاحَظٍ فِي الْمَنْطُوقِ تَقْدِيرُهُ لَمْ يُعْلَمْ الْحُلُولُ قَبْلَهَا وَلَمْ يَشْرِطْ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهَا فَشُرِطَ بَيْعُهُ مَعَ الِاحْتِمَالِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ شُعُورٌ بِالصِّفَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُوَرَ الْمُعَلَّقِ تِسْعَةٌ سِتَّةٌ فِي الْمَنْطُوقِ بَاطِلَةٌ، وَثِنْتَانِ فِي الْمَفْهُومِ صَحِيحَتَانِ وَوَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، وَهِيَ مُحْتَرَزُ الْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ. (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا) مَفْهُومُ الْمُؤَجَّلِ الْمَعْلُومُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْحُلُولِ. (قَوْلُهُ إنْ شُرِطَ بَيْعُهُ) أَيْ: وَبِيعَ قَبْلَهَا، وَإِلَّا عَتَقَ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الرَّهْنِ،

وَقَوْلُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَيْ: بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ. (قَوْلُهُ فِيمَا) أَيْ: فِي تَعْبِيرٍ يَصْدُقُ أَيْ: ذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِالِاحْتِمَالَاتِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَ سَبْقِهِ أَوْ اُحْتُمِلَ قَبْلَهَا، وَبَعْدَهَا وَالْأَخِيرُ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ.

(قَوْلُهُ الْبَقِيَّةُ) أَيْ: مَا زَادَ عَلَى مَسَائِلِ الِاحْتِمَالَاتِ غَيْرُ الْأَخِيرِ، وَهُمَا مَسْأَلَتَا الْعِلْمِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَخِيرُ وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي مَسْأَلَتَيْ الْعِلْمِ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ إذَا عُلِمَ حُلُولُ الدَّيْنِ بَعْدَهَا أَوْ مَعَهَا يَحْرِصُ عَلَى بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ تِلْكَ الصِّفَةِ لِتَحَقُّقِ الْفَوَاتِ عِنْدَ الْحُلُولِ بِخِلَافِ مَسَائِلِ الِاحْتِمَالِ رُبَّمَا تَهَاوُن وَتَرَاخَى، وَأَمَّا أَوْلَوِيَّةُ الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ، وَالثَّانِي فَوَاضِحَةٌ أَيْضًا دُونَ الثَّالِثِ ح ل وَس ل وَوَجْهُ أَوْلَوِيَّةِ الْأَخِيرِ عَلَى بَاقِي الِاحْتِمَالَاتِ أَنَّ مَا قَلَّ فِيهِ الِاحْتِمَالُ أَوْلَى مِمَّا كَثُرَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إيهَامًا وَقَالَ: بَعْضُهُمْ وَأَمَّا وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ فِي الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَظَاهِرٌ: أَمَّا فِي الِاحْتِمَال الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الْمَعِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَهُمَا أَكْثَرُ غَرَرًا مِنْ احْتِمَالِ الْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ فِيهِ احْتِمَالَ الْبَعْدِيَّةِ بِخِلَافِ الْأَخِيرِ وَكَذَلِكَ الثَّالِثُ فِيهِ احْتِمَالُ الْبَعْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ بِالْمُقَارَنَةِ) هَذِهِ هِيَ الثَّانِيَةُ،

وَقَوْلُهُ وَاحْتِمَالُ إلَخْ هَذِهِ هِيَ السَّادِسَةُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّأْخِيرِ هُنَا تَأْخِيرُ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ مُتَقَدِّمًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ فِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مِنْ صُوَرِ الِاحْتِمَالَاتِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ، وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْأَوْلَى مِنْ صُورَتَيْ الْعِلْمِ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى أَوْ دَاخِلَةٌ فِيهِ بِحَمْلِ الْإِمْكَانِ عَلَى الْعَامِّ، وَيَبْقَى ثِنْتَانِ قَدْ نَاقَشَ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ) غَرَضُهُ بِهَذَا التَّنْبِيهُ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا فِي مَسْأَلَةٌ الْمُدَبَّرِ. (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْفَرْقُ) أَيْ: عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْمَتْنُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا. أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ رَهْنُهُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَفَرَّقَ الشَّارِحُ بَيْنَهُمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ إلَخْ وَصَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ) أَمَّا لَوْ بَنَيْنَا عَلَى مُقَابِلِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِعِتْقِهِ فَلَا يَتَأَتَّى الْإِشْكَالُ لِأَيِّهِمَا لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ وَاَلَّذِي يَنُبْنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِ م ر فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ، وَعِبَارَتِهِ هُنَاكَ مَعَ الْمَتْنِ وَالتَّدْبِيرُ

ص: 363

فَلْيَصِحَّ رَهْنُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا مَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ مُقْتَضَى إطْلَاقِ النُّصُوصِ انْتَهَى، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ فِي الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ بَيْعِهِ دُونَ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ رَهْنِ مَا لَا يُبَاعُ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمَوْقُوفٍ.

[دَرْس](وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ) كَرُطَبٍ وَعِنَبٍ يَتَجَفَّفَانِ (أَوْ رَهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا)

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ لِأَنَّ صِيغَتَهُ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ، وَفِي قَوْلٍ وَصِيَّةٌ لِلْعَبْدِ بِالْعِتْقِ نَظَرًا إلَى أَنَّ إعْتَاقَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَمِثْلُهُ إشَارَةُ أَخْرَسَ وَكِتَابَةٌ مَعَ نِيَّةٍ كَأَبْطَلْتُهُ فَسَخْته نَقَضْته رَجَعْت فِيهِ صَحَّ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا: بِالْمَرْجُوحِ إنَّهُ وَصِيَّةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْهَا بِالْقَوْلِ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ نَقُلْ وَصِيَّةٌ بَلْ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ نَحْوُ بَيْعِهِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ. (قَوْلُهُ فَلْيُصَحِّحْ رَهْنَهُمَا) أَيْ: مُطْلَقًا أَوْ يَمْنَعْ رَهْنَهُمَا أَيْ: مُطْلَقًا أَيْ: فَكَيْفَ بَطَلَ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ مُطْلَقًا وَصَحَّ رَهْنُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ عُلِمَ الْحُلُولُ قَبْلَ الصِّفَةِ؟ . ح ل (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) قَدَّمَ الْبُلْقِينِيُّ مَعَ تَأَخُّرِهِ عَنْ السُّبْكِيّ لِجَزْمِهِ بِمَا قَالَهُ، وَتَرَدُّدِ السُّبْكِيّ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا مَال إلَيْهِ السُّبْكِيُّ ع ش (قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ: كَلَامُ الْمُسْتَشْكِلِ أَوْ كَلَامُ السُّبْكِيّ.

(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ) هَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً فَتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمُدَبَّرِ آكَدُ مِنْهُ) اُنْظُرْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ فَإِنَّهُ جَعَلَ جَرَيَانَ الْخِلَافِ دَلِيلًا عَلَى الْآكَدِيَّةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الْآكَدِيَّةِ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جَرَيَانُ الْخِلَافِ. ع ش وَوَجَّهَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ. وَهِيَ الْمَوْتُ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَكَانَ الْغَرَرُ فِيهِ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْمَرْهُونِ كَوْنه عَيْنًا يَصِحّ بَيْعُهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ اُنْظُرْ هَلْ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنُهُ عَيْنًا إلَخْ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَظْهَرُ إلَّا تَكْرَارُهُ لَكِنْ أَخْبَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ مَضْرُوبٌ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ انْتَهَى. وَقَالَ س ل: ذَكَرَهُ جَوَابًا عَنْ كَوْنِهِ أَسْقَطَ مِنْ شُرُوطِ الْمَرْهُونِ كَوْنَهُ يَصِحُّ بَيْعُهُ. اهـ (قَوْلُهُ وَمَوْقُوفٌ) هَذَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عِنْدَ شَرْحٍ قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ كَوْنِهِ عَيْنًا يَصِحُّ بَيْعُهَا فَهُوَ مُكَرَّرٌ زي ع ش.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ) يَنْتَظِمُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ كَلَامِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُمْكِنَ تَجْفِيفُهُ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ إمَّا أَنْ يَرْهَنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عُلِمَ حُلُولُهُ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ اثْنَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ أَيْ: اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ هَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَاعْتُبِرَ مِثْلُهَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ ثُمَّ الْكَلَامُ فِيهَا فِي مَقَامَيْنِ الْأَوَّلُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ، وَالثَّانِي فِيمَا يُفْعَلُ فِيهَا بَعْدَ الرَّهْنِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِهَا لَكِنْ بِشَرْطِ فِي الْبَعْضِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ فِيهِ ثَمَانِ صُوَرٍ تُعْلَمُ مِنْ الْبَيَانِ السَّابِقِ وَأَشَارَ إلَى خَمْسَةٍ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ رُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٌ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا أَيْ: يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا فَالْحَالُّ وَاحِدَةٌ، وَالْمُؤَجَّلُ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ أَوْ يُحْتَمَلُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ الثَّلَاثَةُ،

وَقَوْلُهُ أَوْ شُرِطَ إلَخْ إشَارَةً إلَى ثَلَاثَةٍ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْر أَنْ يَجْعَلَ أَوْ مَانِعَةَ خُلُوٍّ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَقَامِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُجَفَّف فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ فِي قَوْلِهِ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ صَادِقٌ بِأَنْ حَلَّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ وَيُبَاعُ فِي ثَلَاثَةَ عَشْرَةَ دَاخِلَةٍ تَحْتَ الْغَيْرِ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا الَّتِي هِيَ صُوَرُ الشَّرْطِ السَّابِقَةُ، وَيُحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ رَهْنٍ لِلثَّمَنِ فِي الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ.

(قَوْلُهُ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) أَيْ: بِزَمَنٍ يَسَعُ الْبَيْعَ عُرْفًا شَيْخُنَا ح ف

وَقَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا الْمَعْنَى أَوْ احْتِمَالًا أَيْ: احْتِمَالًا لِلْقَبْلِيَّةِ بِأَنْ اُحْتُمِلَ الْحُلُولُ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ وَخَرَجَ مَا إذَا انْتَفَتْ الْقَبْلِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ وَالْمُحْتَمَلَةُ بِأَنْ عُلِمَ الْحُلُولُ بَعْدَ الْفَسَادِ أَوْ عُلِمَ مَعَهُ أَوْ احْتَمَلَ أَنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ الْفَسَادِ وَمَعَهُ، فَالْمَنْفِيُّ ثَلَاثُ صُوَرٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِاللَّازِمِ إذَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْقَبْلِيَّةِ يَقِينًا

ص: 364

بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ: الْأَصْلَ عَدَمُ فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُلُولِ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ رَهْنِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ، وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ (أَوْ) يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ لَكِنْ (شَرَطَ بَيْعَهُ) عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ (وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ، وَاغْتُفِرَ هُنَا شَرْطُ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لِلْحَاجَةِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْ احْتِمَالًا لِانْتِفَاءِ عِلْمِ الْبَعْدِيَّةِ وَانْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَعِيَّةِ وَانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فَقَطْ إذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ: بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ مَعَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ انْتَفَى هَاتَانِ الصُّورَتَانِ: وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: أَيْضًا وَبِأَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْبَعْدِيَّةَ وَالْمَعِيَّةَ مَعًا؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِالْقَبْلِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْمُحْتَمَلَةِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلِمْت، وَأَمَّا صُورَةُ الْقَبْلِيَّةِ الَّتِي نَفَاهَا بِقَوْلِهِ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَهِيَ الْمَطْلُوبَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا فَهِيَ مُرَادَةٌ فِي الْعِبَارَةِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَتْ صُورَةُ الِاحْتِمَالِ) الْإِضَافَة لِلْجِنْسِ لِأَنَّ صُورَةَ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْغَايَةِ كَمَا عَلِمْت،

وَقَوْلُهُ يُحْتَمَلُ سَبْقُهَا الْحُلُولَ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَعِيَّةٍ أَوْ مَعَهَا فَعِبَارَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ لِصُورَتَيْنِ مِنْ السِّتَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ صُوَرِ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فَإِذَا كَانَ بِدُونِ مَعِيَّةٍ فَهِيَ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ هُنَاكَ، وَإِذَا كَانَ مَعَهَا فَالرَّابِعَةُ هُنَاكَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِعِبَارَةٍ تَصْدُقُ بِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ، وَهِيَ السَّادِسَةُ مِنْ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ احْتِمَالُ سَبْقِ الْحُلُولِ عَلَى الصِّفَةِ وَمُقَارَنَتِهِ لَهَا كَأَنْ يَقُولَ: يُمْكِنُ سَبْقُهَا حُلُولَ الدَّيْنِ وَتَأَخُّرُهَا عَنْهُ أَوْ يُمْكِنُ تَأَخُّرُهَا عَنْهُ وَمُقَارَنَتُهَا لَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِشْكَالَ هُنَا فِي صُوَرِ الِاحْتِمَالِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ مُشْكِلَةٌ بِصُوَرٍ ثَلَاثَةٍ مُنَاظِرَةٍ لَهَا مِنْ صُوَرِ الصِّفَةِ لَا اثْنَتَيْنِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ) وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ عَلَامَةَ الْفَسَادِ هُنَا تَظْهَرُ دَائِمًا بِخِلَافِهِ س ل. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسَادِ ثَمَّ وَهُوَ التَّعْلِيقُ مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا انْتَهَى شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَلَّا فَرَّقَ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَجْأَةً (قَوْلُهُ أَوْ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ) أَيْ: يَقِينًا

وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ احْتَمَلَ حُلُولَهُ بَعْدَهُ وَمَعَهُ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ ح ل (قَوْلُهُ لَكِنْ شُرِطَ بَيْعُهُ) كَأَنْ قَالَ: رَهَنْتُك هَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَبِيعَهُ إذَا أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ شُرِطَ بَيْعُهُ الْآنَ بَطَلَ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ قَطْعًا وَبَيْعُهُ الْآنَ أَحَظُّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَحَلِّ الْمَنْعِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَسَادِ وَتَرَكَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعَهُ حِينَئِذٍ ضَمِنَ وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ سَيَأْتِي لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ بِالِاسْتِعْجَالِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ غَرَضَهُ الِاسْتِيثَاقُ بِثَمَنِهِ فَهُوَ يَطْلُبُ زِيَادَتَهُ. انْتَهَى شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ عِنْدَ إشْرَافِهِ) ظَرْفٌ لِلْبَيْعِ لَا لِلشَّرْطِ إذْ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ، وَأَمَّا الْبَيْعُ فَعِنْدَ خَوْفِ الْفَسَاد وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ إشْرَافِهِ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَوْ عَرَضَ مَا يَقْتَضِي بَيْعَهُ فَيُبَاعُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَيْعَهُ وَقْتَ الرَّهْنِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ حُكْمًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ قِيَامِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ وَأَخْذِ مَا بِأَيْدِيهِمْ، فَإِذَا كَانَ مَنْ أُرِيدَ الْأَخْذُ مِنْهُ مَرْهُونًا عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَثَلًا وَأُرِيدَ أَخْذُهَا مِنْهُ أَوْ عَرَضَ إبَاقُ الْعَبْدِ مَثَلًا جَازَ لَهُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَجَعَلَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الْحِنْطَةِ الْمُبْتَلَّةِ الْآتِيَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا مَكَانَهُ) بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ: شَرْطِ بَيْعِهِ وَشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ هَذَا الْجَعْلِ حَتَّى يَكُونَ رَهْنًا خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَكُونُ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ رَهْنًا وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ بَيْعِهِ انْفِكَاكُ رَهْنه. ح ل.

(قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ) أَيْ: مِنْ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ صِحَّةِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ جَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا لَا يَصِحُّ أَيْ: الْإِذْنُ فَمَا هُنَا كَانَ أَوْلَى بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَتَأَثُّرُ الْعُقُودِ بِالشُّرُوطِ أَكْثَرُ، وَالْفَارِقُ الْحَاجَةُ شَيْخُنَا، وَعِبَارَتُهُ

ص: 365

(وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ) وَمُؤْنَةُ تَجْفِيفِهِ عَلَى مَالِكِهِ الْمُجَفِّفِ لَهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَبِيعَ) وُجُوبًا (فِي غَيْرِهَا عِنْدَ خَوْفِهِ) أَيْ: فَسَادِهِ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ وَعَمَلًا بِالشَّرْطِ. (وَيَكُونُ فِي الْأَخِيرَةِ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا ثَمَنُهُ رَهْنًا) مَكَانَهُ وَذَكَرَ الْبَيْعَ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى مَعَ قَوْلِي فِي الْأَخِيرَةِ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي ثَمَنُهُ تَنَازَعَهُ يَكُونُ وَيُجْعَلُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيمَا سَيَأْتِي لِأَبِيعَهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ مُؤَجَّلٍ أَوْ بِشَرْطِ رَهْنِ ثَمَنِهِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَوَجَّهُوا فَسَادَ الشَّرْطِ فِي الثَّانِيَةِ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِذْنِ. اهـ فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فَفَرَّطَ بِأَنْ تَرَكَهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَتَرَكَ الرَّفْعَ إلَى الْقَاضِي كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ ضَمِنَ. اهـ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ إنْ أَمْكَنَ تَجْفِيفُهُ أَيْ: يُجْبَرُ عَلَيْهِ،

وَقَوْلُهُ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ بِأَنْ كَانَ يَحِلُّ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ يَحِلُّ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يَسَعُ الْبَيْعَ، وَخَرَجَ بِالْمُؤَجَّلِ الْحَالُّ، وَبِقَوْلِهِ لَا يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ مَا إذَا كَانَ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَمَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وَمَعَهُ، فَصُوَرُ الِاحْتِمَالِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا تُضَمُّ إلَى الْقَبْلِيَّةِ يَقِينًا وَإِلَى الْحُلُولِ؛ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسُ صُوَرٍ لَيْسَ فِيهَا تَجْفِيفٌ بَلْ يُبَاعُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَذَكَرَ الْبَيْعُ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى، فَمُرَادُهُ بِمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى هَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ مِمَّا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا أَيْ: فِي غَيْرِ الْأُولَى بِقَيْدِهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِانْتِفَائِهَا مَعَ قَيْدِهَا أَوْ بِانْتِفَاءِ قَيْدِهَا فَقَطْ، وَيُبَاعُ أَيْضًا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَعْنِي قَوْلَ الْمَتْنِ أَوْ رَهْنٌ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ فَسَادِهِ وَكَذَا إذَا شُرِطَ بَيْعُهُ، وَكَانَ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ أَوْ يَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةَ، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ، وَهِيَ صُوَرُ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ فَتُضَمُّ هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْهَا ثَلَاثَةُ شُرِطَ فِيهَا الْبَيْعُ وَالتَّجْفِيفُ فِي ثَلَاثَةٍ،

وَقَوْلُهُ وَجَفَّفَ فِي الْأُولَى أَيْ: وُجُوبًا (قَوْلُهُ عَلَى مَالِكِهِ) وَلَوْ مُعَيَّرًا وَقَوْلُهُ الْمُجَفَّفُ لَهُ أَيْ: الْآمِرُ بِتَجْفِيفِهِ، وَإِنَّمَا جُفِّفَ حِفْظًا لِلرَّهْنِ فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ بَاعَ الْحَاكِمُ جُزْءًا مِنْهُ وَجَفَّفَ بِثَمَنِهِ وَلَا يَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا رَاجَعَ الْحَاكِمَ ح ل.

وَقَوْلُهُ أَيْ الْآمِرُ بِهِ أَيْ: عَلَى وَجْهٍ يَسْتَلْزِمُ الْعِوَضَ أَيْ بِأَنْ سَمَّى أُجْرَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يُسَمِّ أُجْرَةً، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً لَزِمَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ ع ش (قَوْلُهُ وَبِيعَ فِي غَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْأُولَى وَهِيَ مَا لَا يُمْكِنُ تَجْفِيفُهُ وَرُهِنَ بِحَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ. ح ل أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَشُرِطَ بَيْعُهُ، فَيُبَاعُ فِي صُوَرِ عَدَمِ إمْكَانِ التَّجْفِيفِ الثَّمَانِيَةِ، وَفِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى وَهُوَ قَوْلُهُ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَالْخَارِجُ بِهِ خَمْسُ صُوَرٍ الْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ الَّذِي يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ يَقِينًا أَوْ احْتِمَالًا وَالِاحْتِمَالُ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ أَوْ الْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ أَوْ الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ خَوْفِهِ) مَحَلُّهُ فِي صُورَةِ الْحَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ التَّوْفِيَةَ، وَإِلَّا فَيُبَاعُ مِنْ الْآنِ (قَوْلُهُ حِفْظًا لِلْوَثِيقَةِ) رَاجِعٌ لِكُلِّ الصُّوَرِ

وَقَوْلُهُ وَعَمَلًا بِالشَّرْطِ أَيْ: فِي مَسْأَلَتِهِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي الْأَخِيرَةِ) وَهِيَ مَا إذَا كَانَ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ أَوْ مَعَهُ وَشَرْطُ بَيْعِهِ أَيْ: يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ. ح ل (قَوْلُهُ وَيُجْعَلُ فِي غَيْرِهَا) وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَا يَتَجَفَّفُ، وَإِلَّا فَهِيَ ثَانِيَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُسْرِعُ فَسَادُهُ، وَهِيَ مَا إذَا رَهَنَهُ بِحَالٍ وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا رَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ فَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ عَقَدَ رَهْنِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِلشَّيْخِ خ ط، حَيْثُ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ إنْشَاءُ عَقْدٍ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فِيمَا خَرَجَ بِقَيْدِ الْأُولَى) هُوَ قَوْلُهُ إنْ رَهَنَ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ وَالْخَارِجُ بِهِ مَا إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ يَحِلُّ قَبْلَ الْفَسَادِ قَالَهُ ح ل، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِلْبَيْعِ حِينَئِذٍ وَجُعِلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا لِوُجُوبِ وَفَاءِ الدَّيْنِ؛ فَالْوَاجِبُ بَيْعُهُ لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ دَفْعُ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ حَالًّا، وَفِيهِ أَيْضًا أَنْ هَذَا لَيْسَ قَيْدًا فِي الْأُولَى بَلْ قَيْدٌ فِي التَّجْفِيفِ فِي الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. فَفِي التَّعْبِيرُ مُسَامَحَةً، وَالتَّقْدِير وَخَرَجَ بِقَيْدِ التَّجْفِيفِ فِي الْأُولَى.

(قَوْلُهُ وَقَوْلِي ثَمَنُهُ تَنَازَعَهُ إلَخْ) وَكَذَا قَوْلُهُ رَهْنًا إلَّا أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِضَمِيرِ الرَّهْنِ وَيُؤَخِّرُهُ وَيَقُولُ: ثَمَنُهُ رَهْنًا إيَّاهُ وَيَكُونُ إيَّاهُ مَعْمُولًا لِلْمُهْمَلِ

ص: 366

وَفُهِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ مَنْعَ بَيْعِهِ قَبْلَ الْفَسَادِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ لِمَقْصُودِ التَّوْثِيقِ فِي الْأُولَى وَمَا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الْمَرْهُونِ عِنْدَ الْمَحَلِّ، وَالْبَيْعِ قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ فِيهَا وَعَزَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ وَمُقَابِلُهُ يَصِحُّ وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّ: الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ إفْسَادَ مَالِهِ، وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ. .

(وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَّضَهُ لَهُ) أَيْ: لِلْفَسَادِ قَبْلَ الْحُلُولِ (كَبُرٍّ ابْتَلَّ)، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَجْفِيفُهُ؛ لِأَنَّ: الدَّوَامَ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَجْفِيفِهِ عَلَى بَيْعِهِ، وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ

(وَصَحَّ رَهْنٌ مُعَارٍ بِإِذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّوْثِقَةُ وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِهِ (وَتَعَلَّقَ بِهِ) لَا بِذِمَّةِ الْمُعِيرِ. (الدَّيْنُ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ (وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ) كَحُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ وَصِحَّةٍ وَتَكْسِيرٍ (وَمُرْتَهِنٍ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَرَهَنَ بِدُونِهِ جَازَ.

(وَبَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمُرْتَهِنِ الْمُعَارَ. (لَا رُجُوعَ فِيهِ) لِمَالِكِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الرَّهْنِ مَعْنَى أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ. (وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الرَّاهِنِ (لَوْ تَلِفَ) الْمُعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ: الْحَقَّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ ذِمَّتِهِ وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَهُوَ يَكُونُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ ابْنِ مَالِكٍ

وَأَخِّرْنَهُ إنْ يَكُنْ هُوَ الْخَبَرْ

وَالْخَبَرُ شَامِلٌ لِلْمَنْسُوخِ، فَانْظُرْ وَجْهَهُ وَلَعَلَّهُ حَذْفٌ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِهِمْ. (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لَكِنْ شَرْطُ بَيْعِهِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ بَيْعًا وَلَا عَدَمَهُ، وَلَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ الْآنَ فَهَلْ يَصِحُّ حَمْلًا لِلْبَيْعِ عَلَى كَوْنِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْفَسَادِ أَوْ لَا لِاحْتِمَالِهِ لِبَيْعِهِ الْآنَ؟ فِيهِ نَظَرٌ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُكَلَّفِ تُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَنْعُ الْبَيْعِ وَالثَّانِيَةُ الْإِطْلَاقُ،

وَقَوْلُهُ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَيْ: لِفَسَادِ الْمَرْهُونِ قَبْلَهُ إذْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ بَعْدَ فَسَادِهِ،

وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ: الثَّانِيَةِ وَهِيَ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ) مُعْتَمَدٌ،

وَقَوْلُهُ وَعَزَاهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ ضَعِيفٌ ع ش (قَوْلُهُ وَيُبَاعُ عِنْدَ تَعَرُّضِهِ لِلْفَسَادِ) وَيَصِيرُ ثَمَنُهُ رَهْنًا عَلَى دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدِ اكْتِفَاءٍ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مُقْتَضِيًا لِهَذِهِ الصَّيْرُورَةِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ طُرُوُّ مَا عَرَضَهُ لَهُ) أَيْ: فِي دَوَامِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَيْ: لَا يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الرَّهْنِ م ر (قَوْلُهُ كَبُرٍّ ابْتَلَّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَابْتِلَالِ بُرٍّ شَوْبَرِيُّ؛ لِأَنَّ الِابْتِلَالَ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ قَوْلُهُ كَبُرٍّ ابْتَلَّ مِثَالٌ لِلْمَرْهُونِ الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ مَا عَرَّضَهُ لِلْفَسَادِ لَا لِلسَّبَبِ فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى كَابْتِلَالِ بُرٍّ. اهـ.

وَمِثْلُ هَذَا مَا لَوْ مَرِضَ الْحَيَوَانُ مَرَضًا مَخُوفًا فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِهِ، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا فَلَوْ قَالَ: الرَّاهِنُ أَنَا أَبْذُلُ الْقِيمَةَ لِتَكُونَ رَهْنًا وَلَا أَبِيعُ، فَالظَّاهِرُ إجَابَتُهُ كَمَا فِي سم وَق ل (قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّوَامَ أَقْوَى) أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ بَاطِلٌ وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ رَهْنًا) أَيْ: بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ ع ش وَفِي الشَّوْبَرِيِّ نَقْلًا عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ عَقْدٍ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ رَهْنُ مُعَارٍ) وَلَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ ضِمْنِيَّةً نَحْوُ ارْهَنْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى دَيْنِي فَفَعَلَ فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ قَبَضَهُ وَرَهَنَهُ ح ل، وَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُعَارِ الَّذِي رَهَنَهُ لِبَقَاءِ الْإِعَارَةِ م ر قَالَ ع ش: وَيُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَرْهُونِ مِلْكًا لِلرَّاهِنِ بَلْ يَصِحُّ وَلَوْ مُعَارًا. (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ جِنْسِهِ) أَيْ: لِلْمُعِيرِ وَعِلْمُ الْمُعِيرِ بِالدَّيْنِ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَقَدَّرَهُ) وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ: ارْهَنْ عَبْدِي بِمَا شِئْت صَحَّ أَنْ يَرْهَنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ. ح ل (قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ) وَمِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُ عَنْ دَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِ فِيمَا لَوْ كَانَا عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ. ح ل (قَوْلُهُ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) وَلَوْ بِأَنْ يُعَيِّنَ لَهُ زَيْدًا فَيُرْهَنُ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ عَلَى مَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ أَوْ يُعَيِّنُ لَهُ وَلِيٌّ مَحْجُورٌ فَيَرْهَنُ مِنْهُ بَعْدَ كَمَالِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ) فَلَوْ خَالَفَ بِزِيَادَةٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ لَا الزَّائِدِ فَقَطْ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ شَوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ نِعْمَ لَوْ عَيَّنَ لَهُ قَدْرًا) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا عَيَّنَ شَيْئًا قَالَ ح ل، وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ عَيَّنَ لَهُ أَجَلًا فَرَهَنَ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَازَ وَنَازَعَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ قَدْ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ. انْتَهَى (قَوْلُهُ فَرَهَنَ بِدُونِهِ) أَيْ: مِنْ جِنْسِهِ فَلَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَرَهَنَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ. اهـ. س ل وَكَذَا لَوْ طَلَبَهُ مِنْهُ لِيَرْهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِ ثِقَةٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ لِسُهُولَةِ مُعَامَلَةِ غَيْرِ الثِّقَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى حَالَ فَرَهَنَهُ بِمُؤَجَّلٍ بِرْمَاوِيٌّ بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ فَاسِدًا لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ بِهِ الْإِذْنُ لِلرَّاهِنِ بِوَضْعِ الْمَرْهُونِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ ح ل لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَ الْخُصُوصُ وَهُوَ التَّوَثُّقُ لَا يَبْطُلُ الْعُمُومُ وَهُوَ إذْنُ الْمَالِكِ بِوَضْعِهِ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ) أَمَّا لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الرَّاهِنِ قَبْلَ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ انْفِكَاكِهِ فَيَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْعَوَارِيِّ. س ل (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ:

ص: 367

(وَبَيْعُ) الْمُعَارِ. (بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ فِي) دَيْنٍ (حَالٍّ) ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِهِ. (ثُمَّ رَجَعَ) أَيْ الْمَالِكُ عَلَى الرَّاهِنِ (بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ سَوَاءٌ أَبِيعَ بِقِيمَتِهِ أَمْ بِأَكْثَرَ أَمْ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَرْهُونِ بِهِ) لِيَصِحَّ الرَّهْنُ (كَوْنُهُ دَيْنًا) وَلَوْ مَنْفَعَةً، فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا، وَلَوْ مَضْمُونَةً كَمَغْصُوبَةٍ وَمُعَارَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِغَرَضِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا لِتَرُدَّ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّوَثُّقِ بِأَنَّ ضَمَانَهَا لَا يَجُرُّ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ إلَى ضَرَرٍ بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِهَا فَيَجُرُّ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ فِي الْمَرْهُونِ.

(مَعْلُومًا) لِلْعَاقِدَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً هُوَ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ كَضَمَانِهِ. (ثَابِتًا) أَيْ: مَوْجُودًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَا لَمْ يُقَصِّرَا فَإِنْ قَصَّرَا ضَمِنَا.

(قَوْلُهُ وَبِيعَ بِمُرَاجَعَةٍ إلَخْ) هُوَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّ الْعَيْنِ، وَقَدْ أَلْغَزَ الْعَلَّامَةُ الدَّمِيرِيُّ هُنَا فَقَالَ: لَنَا مَرْهُونٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ جَزْمًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَصُورَتُهُ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ بِشُرُوطِهِ فَفَعَلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمُعِيرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِعَدَمِ تَفْوِيتِ الْوَثِيقَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ تَرَدَّدَ شَرْحُ م ر ع ش وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

عَيْنٌ لَنَا مَرْهُونَةٌ قَدْ صَحَّحُوا

بَيْعًا لَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنْ

ذَاكَ مُعَارٌ بَاعَهُ الْمُعِيرُ مِنْ

مَنْ اسْتَعَارَ لِلرِّهَانِ فَارْتَهَنْ

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ أَيْ: يَبِيعُهُ الْحَاكِم بِمُرَاجَعَةِ مَالِكِهِ لَعَلَّهُ يَفْدِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي بَيْعِهِ بِيعَ قَهْرًا عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَانَ حَالًّا وَأَمْهَلَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ رُوجِعَ الْمَالِكُ لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْدِي مِلْكَهُ.

(قَوْلُهُ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ) أَيْ: يَتَسَامَحُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عُبَابٌ.

(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْمَرْهُونِ بِهِ) أَيْ: عَلَيْهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ سَبَبِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لِيَصِحَّ الرَّهْنُ دُفِعَ بِهِ مَا يُقَالُ: الشُّرُوطُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتُ وَالْمَرْهُونُ بِهِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: شَرْطُ صِحَّةِ الرَّهْنِ. إلَخْ ع ن (قَوْلُهُ دَيْنًا) قَالَ الْخَطِيبُ وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ بُطْلَانُ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ أَيْ: بُطْلَانُ الشَّرْطِ لَا الْوَقْفِ مِنْ كَوْنِهِ يَقِفُ كِتَابًا، وَيَشْرِطُ أَنْ لَا يُعَارَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَان يُحْبَسُ فِيهِ إلَّا بِرَهْنٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِخِلَافِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ الرَّهْنَ اللُّغَوِيَّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْهُونُ تَذْكِرَةً لِأَجْلِ رَدِّهِ صَحَّ وَكَذَا إنْ لَمْ تُعْرَفْ لَهُ إرَادَةٌ وَيُحْمَلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ مَا أَمْكَنَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. س ل وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَنْفَعَةً) وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: أَلْزَمَتْ ذِمَّتَك حَمْلِي إلَى الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ وَيَدْفَعُهَا لَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى الْمَنْفَعَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِعَيْنٍ) أَيْ: عَلَى عَيْنٍ بِأَنْ يُعِيرَهُ عَيْنًا وَيَأْخُذَ عَلَيْهَا رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَلَا بِمَنْفَعَتِهَا أَيْ: وَلَا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَالْبَاءُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى عَلَى كَأَنْ يُؤَجِّرَهُ دَابَّةً، وَيَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى مَنْفَعَتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ دَيْنًا. (قَوْلُهُ وَلَوْ مَضْمُونَةً) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعَيْنِ، وَمِثْلُهَا مَنْفَعَتُهَا وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّهُمَا إذْ الْمُدَّعَى عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْعَيْنِ وَمَنْفَعَتِهَا.

(قَوْلُهُ وَفَارَقَ صِحَّةَ ضَمَانِهَا إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ كَالضَّمَانِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَضَمَانِهَا وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِهَا، فَيَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ بِالضَّمَانِ، وَحُصُولُ الْعَيْنِ مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ ضَمَانَهَا لَا يَجُرُّ إلَخْ) وَصُورَتُهَا أَنْ يَغْصِبَ شَخْصٌ دَابَّةَ آخَرَ فَيَقُولُ رَجُلٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ: ضَمَانُهَا عَلَيَّ لِأَرُدَّهَا لَك لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ بَاقِيَةً لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ سِوَى الرَّدِّ، وَإِذَا تَلِفَتْ انْفَكَّ الضَّمَانُ، وَيَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى بَدَلِهَا مِنْ الْغَاصِبِ فَيُسْتَوَى الضَّمَانُ حِينَئِذٍ مَعَ الرَّهْنِ اهـ عَبْدُ رَبِّهِ.

(قَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ) وَكَذَا لَوْ تَلِفَتْ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا رَدَّ الْعَيْنِ لَا الْبَدَلِ س ل؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ انْفَكَّ الضَّمَانُ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِيَتَأَتَّى الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَيْنِ الْمَرْهُونِ عَلَيْهَا أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ فَلَا جَامِعَ فَلَا فَرْقَ.

وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ لَوْ لَمْ تَتْلَفْ مَفْهُومُهُ الضَّمَانُ لَوْ تَلِفَتْ وَلَيْسَ مُرَادًا لِأَنَّ؛ الضَّامِنَ لِلْعَيْنِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا بِتَلَفِهَا، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ صُورَةَ الضَّمَانِ لَا تُخَالِفُ الرَّهْنَ بَعْد التَّلَفِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ فَإِنَّ الضَّامِنَ لَا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً، وَالرَّاهِنُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِدَوَامِ حَبْسِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ إلَى ضَرَرِ دَوَامِ الْحَجْرِ فِي الْمَرْهُونِ لَا إلَى غَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَمَا عَلِمْت لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُ الْعَيْنِ وَلَا مَنْفَعَتِهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَرْهُونِ.

(قَوْلُهُ قَدْرًا وَصِفَةً) أَيْ: وَعَيْنًا (قَوْلُهُ ثَابِتًا) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لَنَا دَيْنٌ غَيْرُ ثَابِتٍ ح ل (قَوْلُهُ أَيْ مَوْجُودًا)

ص: 368

فَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيَثْبُتُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ وَثِيقَةُ حَقٍّ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الْحَقِّ كَالشَّهَادَةِ (لَازِمًا وَلَوْ مَآلًا) كَالثَّمَنِ بَعْدَ اللُّزُومِ أَوْ قَبْلَهُ، فَلَا يَصِحُّ بِنُجُومِ كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لِلتَّوَثُّقِ، وَالْمُكَاتَبُ لَهُ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ فَتَسْقُطُ بِهِ النُّجُومُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْثِيقِهَا وَلَا بِجُعْلِ جِعَالَةٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ وَإِنْ شَرَعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا فَسْخَهَا فَيَسْقُطُ بِهِ الْجُعْلُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ بِفَسْخِهِ وَحْدَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ.

(وَصَحَّ مَزْجُ رَهْنٍ بِنَحْوِ بَيْعٍ) كَقَرْضٍ (إنْ تَوَسَّطَ طَرَفُ رَهْنٍ وَتَأَخَّرَ) الطَّرَفُ (الْآخَرُ) كَقَوْلِهِ بِعْتُك هَذَا بِكَذَا أَوْ أَقْرَضْتُك كَذَا وَارْتَهَنْت بِهِ عَبْدَك، فَيَقُولُ الْآخَرُ ابْتَعْت أَوْ اقْتَرَضْت وَرَهَنْت؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ فَمَزْجُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّوَثُّقَ فِيهِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ قَالَ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: الْآنَ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ لَفْظُ الدَّيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّسْمِيَةِ الْوُجُودُ، وَإِلَّا لَمْ يُسَمَّ الْمَعْدُومُ مَعْدُومًا شَرْحُ م ر وَفِيهِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَعْدُومِ وَالدَّيْنِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بِمَا سَيَثْبُتُ) كَنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فِي الْغَدِ. (قَوْلُهُ لَازِمًا وَلَوْ مَآلًا) أَيْ: آيِلًا إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ جَعْلَ الْجِعَالَةِ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ بِوَاسِطَةِ الْعَمَلِ لَا بِنَفْسِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ: وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِيَتَمَلَّكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى يَرْتَهِنَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ لَهُ الْفَسْخُ مَتَى شَاءَ) وَلَا يُقَالُ: يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَضَعَهُ عَلَى اللُّزُومِ فَهُوَ أَقْوَى. (قَوْلُهُ وَلَا يَجْعَلُ جِعَالَةً) صُورَةُ الْجِعَالَةِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَيَقُولُ: شَخْصٌ ائْتِنِي بِرَهْنٍ وَأَنَا أَرُدُّهُ وَمِثْلُهُ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ وَهَذَا رَهْنٌ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ جَاءَ بِهِ فَلَهُ دِينَارٌ، وَهَذَا رَهْنٌ عَلَيْهِ. س ل.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَزِمَ الْجَاعِلَ) أَيْ: يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ إنْ ظَهَرَ أَثَرٌ فِي الْعَمَلِ كَأَنْ جَاعَلَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارٍ مَثَلًا فَبَنَى بَعْضَهَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ فِي الْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَشَرَعَ فِي رَدِّهِ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ وَفُسِخَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ مَزْجُ رَهْنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ: وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ إلَّا مِنْ صُورَةِ مَزْجِ الرَّهْنِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ بِشَرْطِ تَأْخِيرِ أَحَدِ طَرَفَيْ فِي الرَّهْنِ انْتَهَى وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْ: مِنْ شَرْطِ الثُّبُوتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّمَحُّلَاتِ وَالتَّكَلُّفَاتِ شَوْبَرِيٌّ.

وَاسْتُفِيدَ مِنْ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ وُقُوعُ أَحَدِ شِقَّيْ الرَّهْنِ بَيْنَ شِقَّيْ نَحْوِ الْبَيْعِ، وَالْآخَرُ بَعْدَهُمَا فَيَصِحُّ إذَا قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ هَذَا فَقَالَ: بِعْت وَارْتَهَنْت وَلَوْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ أَجَّرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا فَقَالَ: اشْتَرَيْت أَوْ تَزَوَّجْت أَوْ اسْتَأْجَرْت وَرَهَنْت صَحَّ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي وَمِنْ صُوَر الْمَزْجِ أَنْ يَقُولَ: بِعْنِي عَبْدَك بِكَذَا وَرَهَنْت بِهِ الثَّوْبَ فَيَقُولُ: بِعْت وَارْتَهَنْت اهـ مِنْ شَرْحِ م ر.

(قَوْلُهُ فَيَقُولُ الْآخَرُ) وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ الْبَيْعِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمُطَابَقَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّهْنِ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي نَحْوِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ: الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُقْتَرِضَ الْمَعْلُومَيْنِ مِنْ الْمَقَامِ

وَقَوْلُهُ قَدْ لَا يَفِي بِالشَّرْطِ أَيْ: بِخِلَافِ الْمَزْجِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت الْبَيْعَ وَلَا يَقُولُ: وَرَهَنْت إذْ لَوْ فَعَلَ كَذَلِكَ بَطَلَ عَقْدُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ تَوَافُقِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ وَاغْتُفِرَ تَقَدُّمُ أَحَدِ طَرَفَيْهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنْتُمْ قَدْ شَرَطْتُمْ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ ثُبُوتَ الدَّيْنِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَكَمْتُمْ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ مَعَ أَنَّ الدَّيْنَ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَمَامِ صِيغَةِ الْبَيْعِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ

وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي إلَخْ جَوَابٌ آخَرُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَ ثَابِتٌ تَقْدِيرًا وَأَنَّ الرَّهْنَ انْعَقَدَ بَعْدَ الثُّبُوتِ تَقْدِيرًا أَيْضًا شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يُقَالُ: بَلْ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا مُتَقَدِّمَانِ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ إذْ مُقْتَضَى تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ تَوَقُّفُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ يَثْبُتُ بِدُونِ الْمِلْكِ؟ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ ذَلِكَ بِمَا إذَا وَقَعَ الْقَبْضُ بَيْنَ الشِّقَّيْنِ بِأَنْ عَقَّبَ قَوْلَهُ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِتَسْلِيمِهَا لَهُ، وَقَدْ يُمْنَعُ مِلْكُهَا بِهَذَا التَّسْلِيمِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَكْفِي مِلْكُهُ مَعَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا أَحَدُ الشِّقَّيْنِ سم.

(قَوْلُهُ لِحَاجَةِ التَّوَثُّقِ) أَيْ: التَّأَكُّدِ، وَإِلَّا فَالتَّوَثُّقُ يَحْصُلُ بِالِاشْتِرَاطِ مَعَ تَأَخُّرِ طَرَفَيْهِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ.

وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْقَاضِي وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ أَيْ: لِتَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ هُنَا لِاغْتِفَارِ التَّقَدُّمِ فِيهِ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِ، وَقَدْ يُقَالُ: فِي الْجَوَابِ عَنْ الشَّارِحِ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ إلَخْ بَلْ الْمُرَادُ حِكَايَةُ قَوْلٍ آخَرَ لِتَوْجِيهِ الصِّحَّةَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَاغْتُفِرَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُمْهُورَ اغْتَفَرُوا مِثْلَ هَذَا وَاكْتَفَوْا بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَمَامُ الصِّيغَةِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ طَرَفَيْ الرَّهْنِ فَكَأَنَّ صِيغَةَ الرَّهْنِ لَمْ تَقَعْ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ صِيغَةِ الْبَيْعِ. ع ش فَهُوَ جَوَابٌ ثَانٍ؛ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ

ص: 369

وَيُقَدَّرُ وُجُوبُ الثَّمَنِ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ كَمَا لَوْ قَالَ اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ الْمِلْكُ لَهُ ثُمَّ يُعْتِقُ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ الْعِتْقِ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ.

(وَ) صَحَّ (زِيَادَةُ رَهْنٍ) عَلَى رَهْنٍ (بِدَيْنٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوْثِقَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ رَهَنَهُمَا بِهِ مَعًا. (لَا عَكْسُهُ) أَيْ: زِيَادَةُ دَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ وَفَّى بِهِمَا فَلَا تَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ، وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ هَذَا شُغْلٌ مَشْغُولٌ وَذَاكَ شُغْلٌ فَارِغٌ. نَعَمْ يَجُوزُ الْعَكْسُ فِيمَا لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ؛ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ وَفِيمَا لَوْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ

(وَلَا يَلْزَمُ) الرَّهْنَ (إلَّا بِقَبْضِهِ) بِمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ إقْبَاضٍ) مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ فَلَوْ أَذِنَ أَوْ أَقْبَضَ فَجُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ وَاللُّزُومُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، وَالْقَبْضُ وَالْإِذْنُ أَوْ الْإِقْبَاضُ إنَّمَا يَكُونُ (مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ) لِلرَّهْنِ، فَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ غَيْرِهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْوَاوِ كَأَنْ يَقُولَ: وَقَالَ الْقَاضِي. (قَوْلُهُ وُجُوبُ الثَّمَنِ) أَيْ: ثُبُوتُهُ.

(قَوْلُهُ وَانْعِقَادُ الرَّهْنِ عَقِبَهُ) أَيْ: الْوُجُوبُ وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا يَنْفَعُ فِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَيَحْتَاجُ الْقَاضِي فِي صُورَةِ الرَّهْنِ إلَى التَّوْجِيهِ السَّابِقِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ زِيَادَةُ رَهْنٍ) هَذِهِ تَنَاسُبُ قَوْلَهُ ثَابِتًا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لَا عَكْسُهُ بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ رَهْنًا عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ. (قَوْلُهُ أَيْ: زِيَادَةُ دَيْنٍ عَلَى دَيْنٍ بِرَهْنٍ وَاحِدٍ) فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا رَهَنَهُ ثَانِيًا مَعَ إرَادَةِ بَقَائِهِ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُرِدْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنْ فَسَخَ الْأَوَّلَ أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْفَسْخِ الْمَذْكُورِ صَحَّ، وَكَانَ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي ح ل قَالَ م ر: وَمِنْ هَذَا مَا لَوْ رَهَنَ الْوَارِثُ التَّرِكَةَ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لَهَا مِنْ غَرِيمِ الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ كَالْعَبْدِ الْجَانِي وَتَنْزِيلًا لِلرَّهْنِ الشَّرْعِيِّ مَنْزِلَةَ الْجَعْلِيِّ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا شُغْلُ مَشْغُولٍ) أَيْ: فَهُوَ نَقْصٌ مِنْ الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَعْضُهَا رَهْنًا عَلَى الدَّيْنِ الْآخَرِ

وَقَوْلُهُ وَذَاكَ شُغْلٌ فَارِغٌ أَيْ: فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي التَّوْثِقَةِ شَرْحُ م ر وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي الْعِلَّةِ بِأَنْ يُقَالَ: بِأَنَّ هَذَا شَغْلُ مَشْغُولٍ أَيْ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِدْرَاكِ.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ مَشْغُولٌ وَالْمَشْغُولُ لَا يَجُوزُ شَغْلُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَالْأُولَى. وَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. اهـ (قَوْلُهُ فَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) فَلَوْ فَدَاهُ بِلَا إذْنٍ فَهَلْ يَصِحُّ الْقَبْضُ لِلْفِدَاءِ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ كَمَنْ وَفَّى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ يَبْطُلُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ لَهُ بِمَا دَفَعَهُ؟ . فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَلَا سِيَّمَا إذَا شُرِطَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِالدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ) وَقَوْلُهُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِقَدْرِ الْفِدَاءِ وَالنَّفَقَةِ حَالَ الْإِذْنِ، وَقَدْ يُلْتَزَمُ وَيُغْتَفَرُ الْجَهْلُ مُحَافَظَةً عَلَى مَصْلَحَةِ حِفْظِ الرَّهْنِ. حَجّ شَوْبَرِيُّ

(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ: الْإِنْفَاقِ أَيْ: بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فِيهِ وَهُوَ إذْنُ الْمَالِكِ أَوْ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِذْنِ مِنْ الْمَالِكِ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ شَرْطَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا أَوْ يُغْتَفَرُ هَذَا لِوُقُوعِهِ تَابِعًا؟ . كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ شَوْبَرِيٌّ وَع ش وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ الْأَيَّامِ الَّتِي يُنْفِقُ فِيهَا أَيْضًا لِيَكُونَ الْمَرْهُونُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا كَمَا قَالَهُ س ل.

. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ إلَّا بِقَبْضِهِ) فَلَوْ أَقْبَضَ الْمَرْهُونَ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ الرَّهْنِ فَوَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ قَالَ م ر: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْ الرَّهْنِ سم ع ش وَهَلْ يَكْتَفِي بِقَبْضِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ لِيَلْزَم الرَّهْنُ؟ . الْمَنْقُولُ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ إذْنِ الْغَيْرِ لِدَفْعِ الْإِثْمِ لَا لِلُزُومِ الرَّهْنِ وَفِي الْإِيعَابِ خِلَافُهُ ح ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالرَّاهِنُ فِي الْإِذْنِ لَهُ فِي وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ أَوْ رَهْنِهِ وَعَدَمِهِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَرْهُونُ ضَمِنَ بِأَقْصَى الْقِيَمِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ) أَيْ: مَحَلَّ كَوْنِ الرَّهْنِ يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَبِالْإِقْبَاضِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ، وَالْمُنَاسِبُ لَهُ أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُ بِقَبْضِهِ.

وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ نَحْوِ مَجْنُونٍ وَلَا مِنْ وَكِيلِ رَاهِنٍ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ إقْبَاضِ وَكِيلِهِ، وَلَا مِنْ مُرْتَهِنٍ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ أَوْ أَقْبَضَهُ فَطَرَأَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِ.

(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَعْرِضْ مَانِعٌ) أَيْ: قَبْلَ وُجُودِ الْقَبْضِ

وَقَوْلُهُ أَوْ أَقْبَضَ أَيْ: شَرَعَ فِي الْإِقْبَاضِ وَقَوْلُهُ فَجُنَّ إلَخْ أَيْ: قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ. (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ قَبْضُهُ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا قَبَضَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ عَدَمُ اللُّزُومِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَلْزَمْ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ. (قَوْلُهُ وَاللُّزُومُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ) أَمَّا الْمُرْتَهِنُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ فَسْخُ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ كَأَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ وَيَقْبِضُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْبَيْعَ فَيَنْفَسِخُ الرَّهْنُ تَبَعًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْخِيَارِ شَرْحُ م ر، وَاللُّزُومُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ أَوْ مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ أَنَّ أَيْ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللُّزُومَ إلَخْ أَوْ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ أَيْ: وَمَعْلُومٌ

ص: 370

(وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَاقِدِ (إنَابَةُ غَيْرِهِ) فِيهِ كَالْعَقْدِ (لَا) إنَابَةُ (مُقْبِضٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ، فَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِغَيْرِهِ فِي الْإِقْبَاضِ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الرَّهْنِ فَقَطْ فَتَعْبِيرِي بِالْمُقْبِضِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالرَّاهِنِ (وَ) لَا إنَابَةَ (رَقِيقِهِ) أَيْ: الْمُقْبِضِ وَلَوْ كَانَ رَقِيقُهُ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ: يَدَهُ كَيَدِهِ (لَا مُكَاتَبَهُ) فَتَصِحُّ إنَابَتُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَمِثْلُهُ مُبَعَّضٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَتْ الْإِنَابَةُ فِي نَوْبَتِهِ

. (وَلَا يَلْزَمُ رَهْنُ مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ) كَمُودَعٍ وَمَغْصُوبٍ وَمُعَارٍ (إلَّا بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ قَبْضِهِ) أَيْ: الْمَرْهُونِ (وَإِذْنُهُ) أَيْ: الرَّاهِنِ. (فِيهِ) أَيْ: قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ: الْيَدَ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الرَّهْنِ وَلَمْ يَقَعْ تَعَرُّضٌ لِلْقَبْضِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِمُضِيِّ ذَلِكَ مُضِيُّهُ مِنْ الْإِذْنِ (وَيُبَرِّئُهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ إيدَاعِهِ لَا ارْتِهَانِهِ) ؛ لِأَنَّ: الْإِيدَاعَ ائْتِمَانٌ يُنَافِي الضَّمَانَ، وَالِارْتِهَانُ تَوَثُّقٌ لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّى فِي الْمَرْهُونِ صَارَ ضَامِنًا مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ بِحَالِهِ وَلَوْ تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ ارْتَفَعَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً، وَفِي مَعْنَى ارْتِهَانِهِ قِرَاضُهُ وَتَزَوُّجُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَوْكِيلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ عَنْ ضَمَانِهِ وَتَعْبِيرِي فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَيَحْصُلُ رُجُوعٌ) عَنْ الرَّهْنِ (قَبْلَ قَبْضِهِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَنَّ مَحَلَّ اللُّزُومِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْقَبْضُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ مِمَّنْ يَصِحُّ عَقْدُهُ مُتَعَلِّقٌ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ. اهـ.

. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ: لِلْعَاقِدِ مُطْلَقًا إنَابَةُ غَيْرِهِ فِيهِ أَيْ: فِي الْقَبْضِ أَوْ الْإِقْبَاضِ وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الْعَاقِدَ بِالْمُرْتَهِنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.

وَعِبَارَةُ م ر وَيَجْرِي فِيهِ أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ النِّيَابَةُ لَكِنْ لَا يَسْتَنِيبُ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ رَاهِنًا. اهـ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْرِ مَنْ يَصِحُّ قَبْضُهُ لِيَخْرُجَ نَحْوُ مَحْجُورِ السَّفَهِ كَمَا فِي ع ش.

(قَوْلُهُ امْتَنَعَتْ إنَابَتُهُ فِي الْقَبْضِ) أَيْ: إنَابَةُ الْمُرْتَهِنِ كُلًّا مِنْ الرَّاهِنِ وَالْغَيْرِ

وَقَوْلُهُ وَلَا إنَابَةُ رَقِيقِهِ أَيْ: وَلَا أَنْ يُنِيبَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ رَقِيقَ الْمُقْبِضِ، وَإِنَّمَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ مَوْلَاهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ إلَى تَنْزِيلِ الْعَبْدِ مَنْزِلَةَ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ. اهـ. ح ل

وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّ إلَخْ أَيْ: مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ تَوْكِيلٌ لِسَيِّدِهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَ الْعَبْدَ وَكَّلَ سَيِّدَهُ فَصَارَ بَائِعًا مُشْتَرِيًا. (قَوْلُهُ لَا مُكَاتَبِهِ) أَيْ: الصَّحِيحُ الْكِتَابَةُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَوَقَعَتْ الْإِنَابَةُ) الْأَوْلَى الْقَبْضُ

وَقَوْلُهُ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ نَوْبَةِ السَّيِّدِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْقَبْضَ فِيهَا وَقَبَضَ فِي نَوْبَتِهِ ح ل.

وَعِبَارَةُ م ر وَمِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ وَلَمْ يُشْرَطْ فِيهِ الْقَبْضُ فِي نَوْبَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ رَهْنُ مَا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْهُ) أَيْ: لَهُ (قَوْلُهُ وَإِذْنُهُ) عُطِفَ عَلَى مُضِيٍّ لَا عَلَى زَمَنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ قَدَّمَهُ كَانَ أَظْهَرَ. (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) قِيلَ: لَوْ قُدِّمَ الْإِذْنُ فِي الْمَتْنِ عَلَى مُضِيٍّ لَفُهِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ وَفِيهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ وَيُبَرِّئُهُ) أَيْ: يُبَرِّئُ الشَّخْصَ الَّذِي عِنْدَهُ شَيْءٌ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ كَالْمَغْصُوبِ إيدَاعُهُ أَيْ: إيدَاعُ الْمَالِكِ إيَّاهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بَعْدَ حَذْفِ الْفَاعِلِ. (قَوْلُهُ إيدَاعُهُ) أَيْ: إيدَاعُ الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ الْمَفْهُومِ مِنْ ضَمَانٍ. (قَوْلُهُ لَا ارْتِهَانُهُ) أَيْ: لَا ارْتِهَانُ الشَّخْصِ إيَّاهُ فَهُوَ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ أَيْضًا وَحُذِفَ الْفَاعِلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي قِرَاضِهِ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُقْتَضِي لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الرَّهْنِ فَلَوْ قَدَّمَ الِارْتِهَانَ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا يُبَرِّئَهُ عَنْ ضَمَانِ يَدِ ارْتِهَانِهِ بِخِلَافِ إيدَاعِهِ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا فَعَلَ الْأَصْلُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُضْمَنُ ضَمَانَ يَدٍ إلَّا أَرْبَعَةٌ الْمَغْصُوبُ وَالْمُعَارُ وَالْمُسْتَامُ وَالْمَقْبُوضُ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَمَا عَدَاهَا يُضْمَنُ بِالْمُقَابِلِ ح ف.

(قَوْلُهُ قِرَاضُهُ) نَعَمْ إنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بَرِئَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ لِأَنَّهُ تَسَلَّمَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ، وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ ز ي وَكَذَا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ. (قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَهُ) بِأَنْ كَانَ أَمَةً (قَوْلُهُ وَتَوْكِيلُهُ) أَيْ: فِي بَيْعِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ وَإِبْرَاؤُهُ عَنْ ضَمَانِهِ) لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَلِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَنْ عَيْنٍ، وَالْإِبْرَاءُ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ دَيْنٍ وَيُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْقِرَاضِ وَالْعَارِيَّةِ فِي إعَارَةِ النَّقْدِ لِلتَّزَيُّنِ أَوْ لِرَهْنِهِ أَوْ لِلضَّرْبِ عَلَى طَبْعِهِ وَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ بَرِئَ مِنْهُ ح ل وَم ر.

(قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ رُجُوعٌ عَنْ الرَّهْنِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا) كَنَحْوِ بَيْعٍ بُتَّ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا م ر.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر بَعْدَ قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ رُجُوعٌ، وَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُزِيلٍ لِلْمِلْكِ مَا دَامَ الْخِيَارُ بَاقِيًا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ خِلَافُهُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ، وَالرَّهْنُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَقْرَبُ مِنْ تَرَتُّبِهِ عَلَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْهِبَةُ

ص: 371

كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) لِزَوَالِ مَحَلِّ الرَّهْنِ (وَبِرَهْنٍ كَذَلِكَ) أَيْ: مَقْبُوضِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَتَقْيِيدُهُمَا بِالْقَبْضِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهَا الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ بِدُونِ قَبْضٍ لَا يَكُونُ رُجُوعًا وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرُّبَيِّعِ لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا قَبُولٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا الْقَبْضُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ.

(وَكِتَابَةٌ وَتَدْبِيرٌ وَإِحْبَالٌ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْعِتْقُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِتَصَرُّفٍ يُزِيلُ مِلْكًا مَعْنَاهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ زَوَالُ الْمِلْكِ أَوْ تَصَرُّفٌ هُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ. اهـ.

(قَوْلُهُ كَهِبَةٍ مَقْبُوضَةٍ) أَيْ: مَقْبُوضٍ مُتَعَلَّقُهَا وَهُوَ الْمَوْهُوبُ، وَقَيْدُ الْقَبْضِ فِيهَا وَفِي الرَّهْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَهُمَا رُجُوعٌ وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ وَتَقْيِيدُ الشَّيْخَيْنِ بِالْقَبْضِ لِكَوْنِهِمَا مِثَالَيْنِ لِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ حَقِيقَةً، وَشَمِلَ الرَّهْنُ مَا لَوْ كَانَ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ الْأَوَّلِ ق ل. (قَوْلُهُ وَبِرَهْنٍ) أَعَادَ الْعَامِلَ إشَارَةً إلَى اسْتِقْلَالِهِ أَيْ: فَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بَلْ عَلَى تَصَرُّفٍ، وَبِهِ يَسْقُطُ مَا قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كَهِبَةٍ وَرَهْنٍ مَقْبُوضَيْنِ لَكَانَ أَخْصَرَ أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ،.

وَعِبَارَةُ ع ش أَعَادَ الْعَامِلَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مِمَّا يُزِيلُ الْمِلْكَ.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ: قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ أَنَّ ذَلِكَ أَيْ: الْمَذْكُورَ مِنْ الْهِبَةِ وَالرَّهْنِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِتَخْرِيجِ الرَّبِيعِ) أَيْ: لِمَا اسْتَنْبَطَهُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ رُجُوعَ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ بِهِبَتِهِ لِغَيْرِهِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِقَبْضِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِخِلَافِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْهِبَةِ لِفَرْعِهِ قَطْعًا؛ فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لَهُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْ الرَّهْنِ بِمَا ذُكِرَ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَالتَّخْرِيجُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ لِلْمُجْتَهِدِ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا إلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى نَظِيرُهُ لَهَا، وَأَشَارَ ابْنُ السُّبْكِيّ إلَى ضَابِطِ التَّخْرِيجِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمُجْتَهِدِ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ لَكِنْ عُرِفَ فِي نَظِيرَتِهَا فَهُوَ قَوْلُهُ الْمُخَرَّجُ فِيهَا عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ، وَحَاصِلُهُ كَمَا أَوْضَحَهُ شَارِحُهُ وَحَوَاشِيهِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَسْأَلَتَانِ مُتَشَابِهَتَانِ فَيَنُصُّ الْمُجْتَهِدُ فِي كُلٍّ عَلَى حُكْمٍ غَيْرِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُخْرَى فَيَخْرُجُ الْأَصْحَابُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلًا آخَرَ اسْتِنْبَاطًا لَهُ مِنْ الْمَنْصُوصِ فِي الْأُخْرَى، وَمِثَالُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الرَّهْنِ بِهِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ عَلَى أَنَّهُ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ، وَنَصَّ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ هِبَةُ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ عَنْهَا بِهِبَةٍ أُخْرَى أَوْ رَهْنٍ إلَّا مَعَ الْقَبْضِ عَلَى قَوْلٍ فَخَرَّجَ الرَّبِيعُ فِي مَسْأَلَتِنَا لِلشَّافِعِيِّ قَوْلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا إلَّا مَعَ الْقَبْضِ اسْتِنْبَاطًا مِنْ الْمَنْصُوصِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْهِبَةُ لِلْفَرْعِ، وَمُقْتَضَى الضَّابِطِ أَنَّ الرَّبِيعَ خَرَّجَ لِلشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ قَوْلًا بِأَنَّهُ يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِهِمَا وَلَوْ بِدُونِ قَبْضٍ اسْتِنْبَاطًا مِمَّا هُنَا لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ م ر فِي الْهِبَةِ إنَّهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَكُونُ رُجُوعُهُ قَطْعًا. (قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيَكُونُ الْقَبْضُ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ لِنَظِيرِهِ فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِهَذَا الْعَبْدِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِعَمْرٍو فَيَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ لَهُ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ ذَلِكَ إلَخْ، وَالثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ.

إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا قَبُولٌ) بَلْ مُجَرَّدُ الْإِيجَابِ وَهُوَ فِيهَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقَبُولِ، وَالْقَبُولُ يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ شَوْبَرِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ) فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ قَبُولٌ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيُبْطِلُهُ مُجَرَّدُ الْهِبَةِ وَالرَّهْنُ لِلْغَيْرِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا وَذَكَرَ شَيْخُنَا لِمَا لَا يَبْطُلُ، وَلِمَا يَبْطُلُ ضَابِطًا، وَهُوَ كُلُّ تَصَرُّفٍ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَبْطَلَهُ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ إذَا طَرَأَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الرَّهْنُ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ كَشَيْخِنَا الْمَذْكُورِ فَلْيُحَرَّرْ ح ل وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ التَّخَمُّرُ وَالْإِبَاقُ مَعَ أَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَهُ وَلَا يُبْطِلَانِهِ، وَإِذَا طَرَآ قَبْلَ الْقَبْضِ، لِأَنَّهُمَا لَيْسَا دَاخِلَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ،

وَقَوْلُهُ إلَّا الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ وَمِثْلُهُمَا الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَالْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْجِنَايَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْمَالِ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) وَلَوْ فَاسِدَةً كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ وَم ر وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ أَنَابَ مُكَاتَبَهُ فِي الْقَبْضِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْكِتَابَةِ صَحِيحَةً أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى مَا يُشْعِرُ بِالرُّجُوعِ، وَثَمَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ، وَهُوَ لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً. ع ش (قَوْلُهُ وَإِحْبَالٍ) أَيْ: مِنْهُ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْأَوْلَى وَحَبَلٍ لِيَشْمَلَ مَا إذَا حَبِلَتْ بِإِحْبَالِهِ أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر أَوْ أَطْلَقَ الْإِحْبَالَ، وَأَرَادَ بِهِ الْحَبَلَ

ص: 372

وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ (لَا بِوَطْءٍ وَتَزْوِيجٍ) لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِمَا لَهُ. (وَمَوْتُ عَاقِدٍ) مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ (وَجُنُونِهِ) وَإِغْمَائِهِ؛ لِأَنَّ: مَصِيرَهُ اللُّزُومِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَيَقُومُ فِي الْمَوْتِ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ مَقَامَهُمَا فِي الْإِقْبَاضِ وَالْقَبْضِ، وَفِي غَيْرِهِ مَنْ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ (وَتَخَمُّرٍ) لِعَصِيرٍ كَتَخَمُّرِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى؛ وَلِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ وَإِنْ ارْتَفَعَ بِالتَّخَمُّرِ عَادَ بِانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا (وَإِبَاقٍ) لِرَقِيقٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّخَمُّرِ

(وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مُقْبِضٍ رَهْنٌ) لِئَلَّا يُزَاحِمَ الْمُرْتَهِنَ (وَ) لَا (وَطْءَ) لِخَوْفِ الْإِحْبَالِ فِيمَنْ تَحْبَلُ وَحَسْمًا لِلْبَابِ فِي غَيْرِهَا (وَ) لَا (تَصَرُّفَ يُزِيلُ مِلْكًا) كَوَقْفٍ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الرَّهْنَ (أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ) وَكَإِجَارَةٍ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ يَحِلُّ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ، وَيُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ مَعَ فَرَاغِهَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اسْتِعْمَالًا لِلْمَصْدَرِ فِي أَثَرِهِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ الْمُحْتَرَمَ أَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ: كَانَ اللَّائِقُ التَّعْبِيرَ بِالْحَبَلِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُنَافٍ لِلرَّهْنِ) أَيْ: مِنْ ضَعْفِهِ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ الْقَبْضِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْإِحْبَالَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُنَافِيهِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ لَا بِوَطْءٍ) أَيْ: بِلَا إحْبَالٍ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَقَوْلُهُ وَتَزْوِيجٌ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَوْرِدِ الرَّهْنِ بَلْ رَهْنُ الْمُزَوَّجِ ابْتِدَاءً جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوَّجُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً م ر وَمَعْنَى كَوْنِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَحْصُلُ بِهَا الرُّجُوعُ أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْفَسِخُ بِهَا بَلْ هُوَ بَاقٍ كَمَا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ مِنْ رَاهِنٍ أَوْ مُرْتَهِنٍ) أَيْ: أَوْ وَكِيلُهَا أَوْ وَكِيلُ أَحَدِهِمَا م ر. (قَوْلُهُ وَجُنُونُهُ وَإِغْمَائِهِ) أَيْ: أَوْ حَجْرٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إلَخْ) قَدْ يَمْنَعُ هَذَا التَّعْلِيلَ لِأَنَّ مَعْنَى مَصِيرِ الْعَقْدِ إلَى اللُّزُومِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَلْزَمُ بِنَفْسِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ إذَا انْقَضَى الْخِيَارُ ثَبَتَ بِنَفْسِهِ، وَالرَّهْنُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالْإِقْبَاضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا رَهَنَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبِضَ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ. ع ش (قَوْلُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ فَيَقُومُ فِي الْمَوْتِ وَرَثَةُ الرَّاهِنِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ لَا يَتَقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ بِالْمَوْتِ كَذَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِالْمَرْهُونِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِجَرَيَانِ الْعَقْدِ. ح ل (قَوْلُهُ وَالْمَغْمِيُّ عَلَيْهِ) الْمُعْتَمَدُ انْتِظَارُ إفَاقَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. اهـ. ح ف وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ مَا إذَا أَيِسَ مِنْ إفَاقَتِهِ أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

(قَوْلُهُ كَتَخَمُّرِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ) الْكَافُ لِلْقِيَاسِ بِدَلِيلِ الْعَطْفِ وَهُوَ قِيَاسٌ أَدْوَنُ فَقَوْلُهُ وَكَتَخَمُّرِهِ عِلَّةٌ أُولَى، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ) وَهُوَ التَّوَثُّقُ. (قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ: يَعُودُ بِانْقِلَابِ الْخَمْرِ خَلًّا مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ حَالَ التَّخَمُّرِ فَإِنْ فَعَلَ اُسْتُؤْنِفَ الْقَبْضُ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ. ح ل قَالَ م ر: لَكِنْ مَا دَامَ خَمْرًا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ حُكْمُ الرَّهْنِ بَاطِلٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا تَخَلَّلَ عَادَتْ الرَّهْنِيَّةُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ وَإِبَاقٍ لِرَقِيقٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ، وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَةَ الرَّاهِنِ بِالدَّيْنِ حَيْثُ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّخَمُّرِ) بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا انْتَهَى إلَى حَالَةٍ تَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا الْجَامِعُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلًّا مِنْ التَّخَمُّرِ، وَالْإِبَاقِ يُزِيلُ الرَّهْنَ كَمَا عُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ الَّذِي ذَكَرَهُ ع ش مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُمَا لَا يُزِيلَانِهِ فَالْأَوْلَى أَنَّ الْجَامِعَ رَجَاءُ الْعَوْدِ فِي كُلٍّ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ إلَخْ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ إلَّا مَا سَيَأْتِي بِخِلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ سَوَاءٌ حَصَلَ بِهِ الرُّجُوعُ أَمْ لَا شَيْخُنَا

وَقَوْلُهُ لِئَلَّا يُزَاحِمَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْمِصْبَاحِ زَحَمْته زَحْمًا مِنْ بَابِ نَفَعَ دَفَعْته فَيُزَاحِمُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ: لِئَلَّا يَكُونَ سَبَبًا فِي مُزَاحَمَتِهِ

(قَوْله وَلَا وَطِئَ) أَيْ: لِلْمُعْسِرِ وَخَرَّجَ بِالْوَطْءِ الِاسْتِخْدَامُ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي نَعَمْ لَوْ خَافَ الزِّنَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ وَطْؤُهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ بَقِيَّةُ التَّمَتُّعَاتِ فَإِنْ خَافَ الْوَطْءَ إذَا تَمَتَّعَ حَرُمَ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَاسْتَظْهَرَهُ م ر ع ش (قَوْلُهُ أَوْ يَنْقُصُهُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ مَا بَعْدَهَا مُوَافَقَةً. لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [التوبة: 4] (قَوْلُهُ كَتَزْوِيجٍ) سَوَاءٌ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ، وَخَرَجَ بِالتَّزْوِيجِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَقَدُّمِ حَقّ الزَّوْجِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّتْ: الْمُدَّةُ كَأَنْ حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِلَحْظَةٍ، وَقَضِيَّةُ الْعِلَّةِ خِلَافُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فِيهِ، وَلَا يَنْقُصُ الْقِيمَةَ بَلْ هُوَ كَالْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَن الْمِثْلِ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُوَجَّهُ الْبُطْلَانُ بِبَقَاءٍ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ حَائِلَةً بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. ع ش.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ اُحْتُمِلَ حُلُولُهُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا بِأَنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُقَدَّرَةً بِمَحَلِّ عَمَلٍ كَبِنَاءٍ وَخِيَاطَةٍ، وَقَوْلُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ أَيْ: إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ عَدْلًا أَوْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِيَدِهِ ح ل وَانْظُرْ لِمَ أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ وَهَلَّا قَالَ: جَازَتْ فَلَوْ فَرَضَ حُلُولَ الدَّيْنِ قَبْلَ فَرَاغِهَا كَأَنْ مَاتَ الرَّاهِنُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا وَيُنْتَظَرُ

ص: 373

وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَمَعَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَلَا يَنْفُذُ) بِمُعْجَمَةٍ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لِتَضَرُّرِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ وَإِيلَادُهُ) فَيَنْفُذَانِ تَشْبِيهًا لَهُمَا بِسِرَايَةِ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ حَالًا أَوْ مَآلًا مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ بِغُرْمِ الْقِيمَةِ كَمَا يَأْتِي. نَعَمْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ فَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِهَا نَفَذَ فِيمَا أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ. (وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إعْتَاقِهِ وَإِحْبَالِهِ) وَتَكُونُ (رَهْنًا) مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ، وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَلَا إيلَادٌ وَذِكْرُ الْغُرْمِ فِي الْإِيلَادِ مِنْ زِيَادَتِي

(وَالْوَلَدُ) الْحَاصِلُ مِنْ وَطْءِ الرَّاهِنِ (حُرٌّ) نَسِيبٌ، وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ لَكِنْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ، وَيَكُونُ رَهْنًا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

انْقِضَاؤُهَا لِأَنَّ الشَّيْءَ يُغْتَفَرُ دَوَامًا فَيُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا يَقْضِي بَاقِيَ دَيْنِهِ مِنْ الرَّهْنِ شَوْبَرِيٌّ أَوْ يَصْبِرُ إلَى انْقِضَائِهَا.

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ) لَكِنْ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا. سم (قَوْلُهُ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ: الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِ أَوْ الْمُنَقِّصَةِ لَهُ بِقَرِينَةِ تَمْثِيلِهِ. ح ل (قَوْلُهُ إلَّا إعْتَاقُ مُوسِرٍ) أَيْ: وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَكَذَا الْإِيلَادُ وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُهُ إقْدَامُ الْمُوسِرِ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّ غَايَتَهُ الْإِحْبَالُ، وَإِحْبَالُهُ نَافِذٌ كَإِعْتَاقِهِ يَظْهَرُ الْآنَ نَعَمْ جَزَمَ بِهِ س ل لَكِنْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا قُصِدَ بِهِ الْإِيلَادُ، وَحِينَئِذٍ يَنْحَصِرُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ الْوَطْءُ خَوْفَ الْإِحْبَالِ إلَخْ فِي الْمُعْسِرِ سم، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ نَاجِزَةٌ فِي الْعِتْقِ فَقَوِيَ نَظَرُ الشَّارِعِ إلَيْهَا، وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْبَالُ فَإِنَّهُ مُنْتَظَرٌ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ وَيُؤَيِّدُ أَنَّ الْعِتْقَ النَّاجِزَ هُوَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ بِشَرْطِ إعْتَاقِهِ مُنَجَّزًا صَحَّ أَوْ غَيْرَ مُنَجَّزٍ كَإِعْتَاقِهِ غَدًا لَمْ يَصِحَّ. ع ش.

(قَوْلُهُ بِسِرَايَةِ إعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ كَأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ حَالًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِعْتَاقِ

وَقَوْلُهُ أَوْ مَآلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِيلَادِ. شَوْبَرِيٌّ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَوْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَشْبِيهًا وَلِمَا وَرَدَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ إحْبَالُ الْمُعْسِرِ وَإِعْتَاقُهُ، فَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُمَا يَنْفُذَانِ أَيْضًا دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْوَثِيقَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ وَكَانَ بِعِوَضٍ كَانَ بَيْعًا، وَإِلَّا كَانَ هِبَةً وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُرْتَهِنَ جَازَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ جَائِزٌ مَعَهُ، وَيَنْفُذُ عَنْ كَفَّارَتِهِ. اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ) ضَعِيفٌ وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارَ يَسَارِهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَمِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ التَّحْقِيقُ ع ش سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ

وَقَوْلُهُ الْمُوسِرُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ أَيْ: فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِمَا فِي الْفِطْرَةِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَمْلِكُ قَدْرَ مَا يَغْرَمُهُ زِيَادَةً عَلَى مَا يَتْرُكُ لِلْمُفْلِسِ. (قَوْلُهُ نَفَذَ فِيمَا أَيْسَرَ بِقِيمَتِهِ) هَذَا يَجْرِي فِي الْعِتْقِ وَالْإِيلَادِ فَيَنْفُذُ الْإِيلَادُ فِي الْبَعْضِ فَيُعْتَقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَتَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ بِغَيْرِ عَقْدٍ إلَخْ) عَبَّرَ عَنْهَا بِالْمُضَارِعِ، وَفِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا، وَكَانَتْ رَهْنًا مَكَانَهَا بِالْمَاضِي لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي تَحَقَّقَ فِيهِ وُجُوبُ الْقِيمَةِ بِمَوْتِ الْأَمَةِ، وَأَمَّا هُنَا فَالْإِحْبَالُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا رَهْنًا لِجَوَازِ عُرُوضِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ بَيْعِ الْأَمَةِ بَعْدَ حَمْلِهَا وَبَيَانُ مَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعِتْقِ فَنَاسَبَ التَّعْبِيرُ فِيهِ الْمُسْتَقْبَلَ الْمُحْتَمِلَ لِعَدَمِ الْوُقُوعِ ع ش.

(قَوْلُهُ وَقَبْلَ الْغُرْمِ يَنْبَغِي إلَخْ) وَلَا يَضُرُّ فِي كَوْنِ الْقِيمَةِ قَبْلَ الْغُرْمِ دَيْنًا مَا تَقَدَّمَ مِنْ امْتِنَاعِ رَهْنِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا يَمْتَنِعُ رَهْنُهُ ابْتِدَاءً، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَعَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَيْسَ لَهُ سِوَى قَدْرِ الْقِيمَةِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ كَالْأَرْشِ فِي ذِمَّةِ الْجَانِي) كَأَنْ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّ أَرْشَ الْيَدِ، وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَكُونُ رَهْنًا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي قَبْلَ الْغُرْمِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ كَالْفَائِدَةِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ الْمُعْسِرُ) أَيْ: وَقْتَ الْإِعْتَاقِ وَالْإِيلَادِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ كَمَا فِي ح ل (قَوْلُهُ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَلَا إيلَادٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْوَطْءَ لِخَوْفِ الزِّنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي سم عَلَى حَجّ نُفُوذُ الْإِيلَادِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ النُّفُوذِ لِأَنَّ فِي النُّفُوذِ تَفْوِيتًا لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ فَلْيُتَأَمَّلْ ع ش.

(قَوْلُهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُهُ؛ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ حَجّ فَقَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ الرَّاهِنِ أَيْ: وَلَوْ مُعْسِرًا. (قَوْلُهُ لَكِنْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْبَكَارَةِ) أَيْ: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا بِكْرًا، وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ بِكْرٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ سُقُوطُهُ أَوْ يُقَالُ: هُوَ رَاجِعٌ لِلْمُعْسِرِ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَفَائِدَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ نُفُوذِ إيلَادِهِ عَدَمُ غُرْمِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ رَهْنًا) أَيْ: مَعَ

ص: 374

(وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ الْإِعْتَاقُ وَالْإِيلَادُ (فَانْفَكَّ) الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ (نَفَذَ الْإِيلَادُ) لَا الْإِعْتَاقُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ قَوْلٌ يَقْتَضِي الْعِتْقَ فِي الْحَالِّ، فَإِذَا رُدَّ لَغَا وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ فِي الْحَالِّ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَإِذَا زَالَ الْحَقُّ ثَبَتَ حُكْمُهُ فَإِنْ انْفَكَّ بِبَيْعٍ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا أَنَّ مِلْكَ الْأَمَةِ.

(فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ ثُمَّ أَيْسَرَ (غَرِمَ قِيمَتَهَا) وَقْتَ الْإِحْبَالِ وَكَانَتْ (رَهْنًا) مَكَانَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي إهْلَاكِهَا بِالْإِحْبَالِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ

(وَلَوْ عَلَّقَ) عِتْقَ الْمَرْهُونِ (بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ قَبْلَ الْفَكِّ) لِلرَّهْنِ (فَكَإِعْتَاقٍ) فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ كَالتَّنْجِيزِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الْفَكِّ أَوْ مَعَهُ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي (نَفَذَ) الْعِتْقُ مِنْ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ

(وَلَهُ) أَيْ: لِلرَّاهِنِ (انْتِفَاعٌ) بِالْمَرْهُونِ (لَا يُنْقِصُهُ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» (لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) لِأَنَّهُ مَا يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَقَالَ: أَنَا أَقْلَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَهُ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَعَ مَا قَبْلَهُمَا وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أُعِيدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذَا) أَيْ: لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَالْمُحْبِلِ مُعْسِرًا الْأَوَّلُ وَقْتِ الْإِعْتَاق وَالثَّانِي وَقْتُ الْوَطْءِ الَّذِي مِنْهُ الْإِحْبَالُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْآتِي أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ الْإِيلَادُ إلَّا إنْ انْفَكَّ الرَّهْنُ بِغَيْرِ بَيْعٍ. ح ل وَحَيْثُ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ تَضَعَ وَلَدَهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَأَنْ تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ، وَأَنْ تُوجَدَ لَهُ مُرْضِعَةٌ تَكْفِيهِ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا لِكَوْنِ الْوَلَدِ حُرًّا. اهـ. ح ف.

(قَوْلُهُ فَإِذَا رُدَّ) الْمُرَادُ بِرَدِّهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَقَوْلُهُ وَالْإِيلَادُ فِعْلٌ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِدَلِيلِ نُفُوذِهِ مِنْ السَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ إعْتَاقِهِمَا. ح ل وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ حُكْمَهُ. وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَمُنِعَ عَدَمُ صِحَّتِهِ كِنَايَةً عَنْ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَلَكَ الْأَمَةَ إلَخْ) فَلَوْ مَلَكَ بَعْضَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ فِيهِ، وَسَرَى إنْ كَانَ مُوسِرًا حِينَئِذٍ وَكَذَا لَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ فِيمَا يَظْهَرُ كَذَا فِي شَرْحِ الْغَايَةِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ) مُفَرَّعٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذَا إنْ بَقِيَتْ، وَإِلَّا فَتَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيلَ: إنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ أَيْ: مَحَلِّ كَوْنِ الْأَمَةِ الَّتِي أَحْبَلَهَا الْمُعْسِرُ بَاقِيَةً عَلَى الرَّهْنِ مِنْ غَيْرِ غُرْمِ قِيمَتِهَا إنْ لَمْ تَمُتْ بِالْوِلَادَةِ وَلَوْ وَطِئَ حَرَّةً بِشُبْهَةٍ فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَالْعُلُوقُ مِنْ آثَارِهِ وَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ وَالِاسْتِيلَاءَ وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مَوْتِ زَوْجَتِهِ أَمَةً كَانَتْ أَوْ حُرَّةً بِالْوِلَادَةِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ. شَرْحُ م ر وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْتُ بِنَفْسِ الْوَطْءِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَدِيَتُهَا دِيَةَ خَطَأٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَاطِئُ وَالْوَارِثُ فِي مَوْتِهَا بِهِ، فَالْمُصَدَّقُ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْمَوْتِ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ) كَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوسِرَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِحْبَالِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى مَوْتٍ بِالْوِلَادَةِ. انْتَهَى سم (قَوْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهَا) أَيْ: إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُ إلَّا قَدْرَ الدَّيْنِ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمَرْهُونِ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الرَّهْنِ بِأَنْ عَلَّقَ بِصِفَةٍ يُعْلَمُ حُلُولُ الدَّيْنِ قَبْلَهَا، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ قَبْلَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ أَمْ كَانَ بَعْدَهُ. ع ش (قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ الْمُوسِرِ) وَلَا يَنْفُذُ مِنْ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ وُجِدَتْ ثَانِيًا بَعْدَ الْفَكِّ لِانْحِلَالِ التَّعْلِيقِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ. سم (قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ: مِنْ غُرْمِ قِيمَتِهِ وَقْتَ إعْتَاقِهِ، وَيَصِيرُ رَهْنًا ح ل (قَوْلُهُ إذْ لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ: لَا يَحْصُلُ بِهِ فَوَاتُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ لِاسْتِيفَائِهِ لَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ أَوْ مَعَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ أَيْ: لِلرَّاهِنِ) وَمِثْلُهُ مُعِيرُهُ فَلَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ انْتِفَاعٌ بِهِ) فَإِنْ تَلِفَ بِالِانْتِفَاعِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ نَظِيرُ عَكْسِهِ. اهـ. ح ف (قَوْلُهُ كَرُكُوبٍ) أَيْ: لِغَيْرِ سَفَرٍ، وَإِنْ قَصُرَ جِدًّا لَا فِي الْبَلَدِ وَإِنْ اتَّسَعَتْ جِدًّا. ح ل (قَوْلُهُ إذَا كَانَ مَرْهُونًا) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهِ شَوْبَرِيٌّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ.

(قَوْلُهُ لَا بِنَاءٌ وَغَرْسٌ) بِالرَّفْعِ أَخَذْته مِنْ ضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ بِنَاءٍ خَفِيفٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ؛ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِهِ وَلَهُ زَرْعُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ مَعَهُ وَلَمْ تَنْقُصْ بِهِ قِيمَةَ الْأَرْضِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لِعَارِضٍ تَرَكَهُ إلَى الْإِدْرَاكِ.

(قَوْلُهُ يُنْقِصَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ) لِكَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ الْخَارِجَيْنِ عَنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِالْأَرْضِ خَالِيَةً مِنْهُمَا فَتُبَاعُ لِلدَّيْنِ وَحْدَهَا مَعَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً بِهِمَا؛ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ يُزِيدَانِ قِيمَةَ الْأَرْضِ لَا يُنْقِصَانِهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا لَمْ يُنْقِصْ قِيمَةَ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ ح ل.

(قَوْلُهُ مَا قَبْلَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَهُ انْتِفَاعٌ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عُلِمَ) أَيْ: الْحُكْمُ مِمَّا مَرَّ أَيْ: قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَاهِنٍ مُقْبِضُ رَهْنٍ وَلَا تَصَرُّفٌ يُزِيلُ مِلْكًا أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْقِصُهُ ح ل فَحُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عُلِمَ مِنْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ السَّابِقِ أَوْ يُنْقِصُهُ كَتَزْوِيجٍ، وَحُكْمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ مِنْ الرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى

ص: 375

لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي (فَإِنْ فَعَلَ) ذَلِكَ (لَمْ يُقْلَعْ قَبْلَ حُلُولِ) الْأَجَلِ (بَلْ) يُقْلَعُ (بَعْدَهُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ: قِيمَتُهَا. (بِالدَّيْنِ وَزَادَتْ بِهِ) أَيْ: بِقَلْعِ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِأَرْضٍ فَارِغَةٍ فَإِنْ وَفَّتْ الْأَرْضُ بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ تَزِدْ بِالْقَلْعِ أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِيمَا ذُكِرَ أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْلَعْ بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَيُحْسَبُ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، (ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ بِلَا اسْتِرْدَادٍ) لِلْمَرْهُونِ (انْتِفَاعٌ يُرِيدُهُ) الرَّاهِنُ مِنْهُ كَأَنْ يَكُونَ عَبْدًا يَخِيطُ، وَأَرَادَ مِنْهُ الْخِيَاطَةَ (لَمْ يَسْتَرِدَّ) ؛ لِأَنَّ: الْيَدَ لِلْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلِي يُرِيدُهُ مِنْ زِيَادَتِي. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْتِفَاعُ بِهِ بِلَا اسْتِرْدَادٍ (فَيُسْتَرَدُّ) كَأَنْ يَكُونَ دَارًا يَسْكُنُهَا أَوْ دَابَّةً يَرْكَبُهَا أَوْ عَبْدًا يَخْدُمُهُ، وَيَرُدُّ الدَّابَّةَ وَالْعَبْدَ إلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْلًا، وَشَرْطُ اسْتِرْدَادِهِ الْأَمَةَ أَمْنُ غَشَيَانِهَا كَكَوْنِهِ مُحْرِمًا لَهَا أَوْ ثِقَةً وَلَهُ أَهْلٌ.

(وَيَشْهَدُ) عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ بِالِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ شَاهِدَيْنِ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادَةٍ. (إنْ اتَّهَمَهُ) فَإِنْ وَثِقَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الشَّهَادَةِ (وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ تَصَرُّفٍ وَانْتِفَاعٍ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ فَإِنْ لَمْ يُحْبِلْ فَالرَّهْنُ بِحَالِهِ وَإِنْ أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ نَفَذَتْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ) أَيْ: حُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَيَنْبَنِي عَلَى حُكْمُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ. (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) وَيَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ مَا قَبْلَهُمَا وَهُوَ الِانْتِفَاعُ قَوْلُهُ بَعْدُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ أَيْ: فَلِهَذَا قَالَ: مَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ: لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُقْلَعُ بَعْدَهُ) أَيْ يُكَلِّفُ الْقَلْعَ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَفِ الْأَرْضُ) أَيْ: وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِهِمَا. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) أَيْ: بِفَلَسٍ ح ل (قَوْلُهُ بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ وَيُوَزَّعُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْأَخِيرَةِ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَوْبَرِيٍّ وَتُبَاعُ الْأَرْضُ وَحْدَهَا فِي الْأَوْلَيَيْنِ. (قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ النَّقْصُ) أَيْ: فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَهِيَ الثَّالِثَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ. اهـ عَزِيزِيٌّ.

وَعِبَارَةُ م ر بَلْ يُبَاعُ مَعَ الْأَرْضِ. أَيْ: فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا وَيُحْسَبُ النَّقْصُ فِي الثَّالِثَةِ عَلَى الزَّرْعِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ، وَكَذَا فِي الرَّابِعَةِ كَمَا فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ. اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَيُحْسَبُ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ.) صُورَتُهُ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ خَالِيَةً عَنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ، ثُمَّ تُقَوَّمُ مَشْغُولَةً بِهِمَا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ خَالِيَةً عِشْرِينَ مَثَلًا وَمَعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِيمَتِهِمَا عَشْرَةً أَيْ: وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ عِشْرُونَ ثُمَّ بِيعَا مَعًا بِثَلَاثِينَ مَثَلًا فَاَلَّذِي يَخُصُّ الْأَرْضَ الثُّلُثَانِ، فَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِهِمَا وَالْبِنَاءَ، وَالْغِرَاسَ الثُّلُثُ هَذَا إنْ حُسِبَ النَّقْصُ عَلَى الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَلَوْ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمَا لَكَانَ يَخُصُّ الْأَرْضَ النِّصْفُ وَهُمَا النِّصْفُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ بِلَا اسْتِرْدَادٍ انْتِفَاعٌ يُرِيدُهُ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ حَرْفٌ لَا يُمْكِنُهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَدْنَاهَا جَازَ لَهُ نَزْعُهُ لِاسْتِيفَاءِ أَعْلَاهَا. اهـ فَتْحُ الْجَوَادِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ أَعْلَاهَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يُجَابُ لِأَدْنَاهَا عِنْدَهُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَسْتَرِدُّ) أَيْ: وَقْتَ الِانْتِفَاعِ، وَأَفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِوَقْتِ الِانْتِفَاعِ أَنَّ مَا يَدُومُ اسْتِيفَاءُ مَنَافِعِهِ عِنْدَ الرَّاهِنِ لَا يَرُدُّهُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ غَيْرَهُ يَرُدُّهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ، فَيَرُدُّ الْخَادِمَ وَالْمَرْكُوبَ الْمُنْتَفِعَ بِهِمَا نَهَارًا فِي الْوَقْتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّاحَةِ فِيهِ لَا وَقْتَ الْقَيْلُولَةِ فِي الصَّيْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ، وَيَرُدُّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَيْلًا كَالْحَارِسِ نَهَارًا وَفَارَقَ هَذَا الْمَحْبُوسَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ يَدَ الْبَائِعِ لَا تُزَالُ عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهِ بَلْ يَكْتَسِبُ فِي يَدِهِ لِلْمُشْتَرِي بِأَنَّ مِلْك الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ بِخِلَافِ مِلْكِ الرَّاهِنِ. شَرْحُ م ر وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ فَلَا ضَمَانَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ لَيْلًا) مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَ عَمَلُ الْعَبْدِ لَيْلًا رَدَّهُ نَهَارًا. (قَوْلُهُ أَوْ ثِقَةً) أَيْ: وَكَوْنُهُ ثِقَةً (قَوْلُهُ وَلَهُ أَهْلٌ) أَيْ: حَلِيلَةٌ، وَهَلْ مِثْلُ ذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي بَعْدُ؟ ح ل.

وَعِبَارَةُ م ر أَوْ ثِقَةً عِنْدَهُ نَحْوُ حَلِيلَةٍ يُؤْمَنُ مَنْ مَعَهَا مِنْهُ عَلَيْهَا، فَالْمُرَادُ حِينَئِذٍ بِالْأَهْلِ مَنْ يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجَةً. (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ) أَيْ: لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الدَّفْعِ إلَى أَنْ يَشْهَدَ لَا أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ ذَلِكَ أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ دَفْعِهِ إلَى أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى ح ل فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ أَصْلًا كَمَا فِي م ر.

(قَوْلُهُ شَاهِدَيْنِ) أَيْ: أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَمَا فِي الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُ فِي الْمَالِ، وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ لِيَحْلِفَ مَعَهُ شَرْحُ. م ر (قَوْلُهُ فِي كُلِّ اسْتِرْدَادِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الْمَرَّةِ الْأُولَى، ح ل وَكَلَامُ الشَّارِحِ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ اتَّهَمَهُ فِي كُلِّ مُرَّةٍ. (قَوْلُهُ إنْ اتَّهَمَهُ) أَيْ: فِي أَنَّهُ أَخَذَهُ لِلِانْتِفَاعِ شَرْحُ م ر، وَاتِّهَامُهُ بِأَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَيْرِ الِانْتِفَاعِ كَادِّعَائِهِ انْفِكَاكَ الرَّهْنِ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخِيَانَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّهُ لَهُ، وَإِنْ أَشْهَدَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تُحِيلُ فِي إتْلَافِهِ بَلْ يَرُدُّ لِعَدْلٍ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر. اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ فَإِنْ وَثِقَ) بِأَنْ كَانَ ظَاهِرُ حَالِهِ الْعَدَالَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ بَاطِنَهُ. اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ مَا مَنَعْنَاهُ) مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الرَّهْنِ فَيَجُوزُ وَيَنْفُذُ وَيَكُونُ فَسْخًا لِلْأَوَّلِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. . اهـ. ح ل (قَوْلُهُ بِإِذْنِ) وَإِنْ رَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ لَا تَزِيدُ بِالرَّدِّ، وَفَارَقَ الْوَكَالَةَ بِأَنَّهَا عَقْدٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَيَحِلُّ الْوَطْءُ) وَلَا يَتَنَاوَلُ الْإِذْنَ فِيهِ.

ص: 376