المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق الثلاثة - حاشية البجيرمي على شرح المنهج = التجريد لنفع العبيد - جـ ٢

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الزَّكَاةِ)

- ‌[بَابُ زَكَاةِ النَّابِتِ مِنْ الْأَرْض]

- ‌بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ [

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَالتِّجَارَةِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ) [

- ‌(بَابُ مَنْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْمَالِ وَمَا تَجِبُ فِيهِ)

- ‌(بَابُ أَدَاءِ زَكَاةِ الْمَالِ)

- ‌(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ)

- ‌(كِتَابُ الصَّوْمِ)

- ‌(فَصْلٌ: فِي أَرْكَانِ الصَّوْمِ)

- ‌(فَرْعٌ)إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ حَرُمَ الصَّوْمُ بِلَا سَبَبٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي فِدْيَةِ فَوْتِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ

- ‌(بَابٌ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(فَرْعٌ)لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ

- ‌(كِتَابُ الِاعْتِكَافِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ

- ‌(كِتَابُ الْحَجِّ)

- ‌[بَابُ الْمَوَاقِيتِ لِلنُّسُكِ زَمَانًا وَمَكَانًا]

- ‌(بَابُ الْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ صِفَةِ النُّسُكِ الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا يُطْلَبُ فِي الطَّوَافِ مِنْ وَاجِبَاتٍ وَسُنَنٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَالدَّفْعِ مِنْهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

- ‌(فَصْلٌ)فِي أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَبَيَانِ أَوْجُهِ أَدَائِهِمَا

- ‌(بَابُ مَا حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ)

- ‌[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ لِلْحَجِّ]

- ‌(كِتَابُ الْبَيْعِ)

- ‌(بَابُ الرِّبَا)

- ‌(بَابٌ)فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ وَغَيْرِهَا كَالنَّجْشِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَتَعَدُّدِهَا

- ‌(بَابُ الْخِيَارِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي خِيَارٍ فِي الْعَيْبِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ أَوْ سَلِيمًا وَمَعِيبًا صَفْقَةً]

- ‌(بَابٌ) فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ

- ‌(بَابُ التَّوْلِيَةِ)

- ‌(بَابُ) بَيْعِ (الْأُصُولِ)

- ‌(فَصْلٌ) : فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا

- ‌(بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ)

- ‌(كِتَابُ السَّلَمِ)

- ‌[شُرُوط السَّلَم]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَدَاءِ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عَنْهُ وَوَقْتِ أَدَائِهِ وَمَكَانِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَرْضِ

- ‌(كِتَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى لُزُومِ الرَّهْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الِاخْتِلَافِ فِي الرَّهْنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ

- ‌(كِتَابُ التَّفْلِيسِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُفْعَلُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ مِنْ بَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ

- ‌(بَابُ: الْحَجْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَنْ يَلِي الصَّبِيَّ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ

الفصل: ‌(فصل) في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق الثلاثة

إلَّا النِّسَاءَ» وَرُوِيَ «إذَا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ» وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكِحُ» فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بِهِ اللُّبْسُ وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَكَذَا الصَّيْدُ (وَ) حَلَّ (بِالثَّالِثِ الْبَاقِي) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ وَمَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ دَمٍ، أَوْ صَوْمٍ تَوَقَّفَ التَّحَلُّلُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَدَلِهِ هَذَا فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَلَهَا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ وَتَكْثُرُ أَفْعَالُهُ بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ وَبَعْضُهَا فِي آخَرَ.

(فَصْلٌ) فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ

وَهِيَ الَّتِي عَقِبَ يَوْمِ الْعِيدِ وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (يَجِبُ مَبِيتٌ بِمِنًى لَيَالِي) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ) لِلِاتِّبَاعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ مَعَ خَبَرِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (مُعْظَمَ لَيْلٍ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِمَكَانٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَبِيتِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِلَحْظَةٍ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي بِمُزْدَلِفَةَ كَمَا مَرَّ لِمَا تَقَدَّمَ ثَمَّ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مَعَ قَوْلِي: مُعْظَمَ لَيْلٍ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) يَجِبُ (رَمْيٌ كُلَّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (بَعْدَ زَوَالٍ إلَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ) وَإِنْ كَانَ الرَّامِي فِيهَا وَالْأُولَى مِنْهَا تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ وَهِيَ الْكُبْرَى وَالثَّانِيَةُ الْوُسْطَى وَالثَّالِثَةُ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ مِنًى بَلْ مِنًى تَنْتَهِي إلَيْهَا

(فَإِنْ نَفَرَ) وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ مِنًى بَعْدَ الْغُرُوبِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّيْلِ تَأَمَّلْ وَقَالَ ح ف: أَيْ: غَيْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحَلُّلُ وَهُوَ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَغَيْرُهُ حَلْقُ مَا زَادَ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا النِّسَاءَ) أَيْ: أَمْرَهُنَّ عَقْدًا وَتَمَتُّعًا سم. (قَوْلُهُ: وَحَلَّ بِالثَّالِثِ الْبَاقِي) وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِمٍ كَمَا يَخْرُجُ الْمُصَلِّي بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَتُطْلَبُ مِنْهُ الثَّانِيَةُ وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ هُنَا وَاجِبًا وَثَمَّ مَنْدُوبًا وَيُسَنُّ لَهُ تَأْخِيرُ الْوَطْءِ عَنْ بَاقِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لِيَزُولَ عَنْهُ أَثَرُ الْإِحْرَامِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَحِلُّ بِاثْنَيْنِ غَيْرُ وَطْءٍ فَحِينَئِذٍ الْحَجُّ مِثْلُ الْحَيْضِ وَالْعُمْرَةُ مِثْلُ الْجَنَابَةِ فَلِلْحَيْضِ تَحَلُّلَانِ الْأَوَّلُ الِانْقِطَاعُ وَيَحِلُّ بِهِ الصَّوْمُ وَالطَّلَاقُ وَالطُّهْرُ وَالثَّانِي الْغُسْلُ وَلِلْجَنَابَةِ تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ: فَلَهَا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ) وَهُوَ جَمِيعُ أَعْمَالِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ اهـ عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ) أَيْ: تَخْفِيفًا لِلْمَشَقَّةِ حَجّ.

[فَصْلٌ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ]

(فَصْلٌ: فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى) .

(قَوْلُهُ: أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِشْرَاقِ نَهَارِهَا بِنُورِ الشَّمْسِ وَلَيْلِهَا بِنُورِ الْقَمَرِ وَحِكْمَةُ التَّسْمِيَةِ لَا يَلْزَمُ اطِّرَادُهَا حَجّ أَيْ: فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْحِكْمَةَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُشْرِقُونَ فِيهَا لُحُومَ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا أَيْ: يَنْشُرُونَهَا فِي الشَّمْسِ وَيُقَدِّدُونَهَا اهـ إيضَاحٌ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ فِي قَوْله تَعَالَى {أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] وَالْمَعْلُومَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] هِيَ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. (قَوْلُهُ: وَفِيمَا يُذْكَرُ مَعَهُ) مِنْ لُزُومِ الدَّمِ فِيمَا يَأْتِي، وَمِنْ حُكْمِ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَمِنْ سَنِّ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. (قَوْلُهُ: لَيَالِي أَيَّامِ) فِي تَقْدِيرِ الْأَيَّامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللَّيَالِيَ لَا تُسَمَّى لَيَالِي تَشْرِيقٍ إلَّا تَوَسُّعًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي الْمِصْبَاحِ مِنْ أَنَّ وَجْهَ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ تَقْدِيدُ اللَّحْمِ فِيهَا بِالشَّرْقَةِ أَيْ: الشَّمْسِ إذْ ذَاكَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُعْظَمَ لَيْلٍ) بَدَلٌ مِنْ لَيَالِي بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُسَمَّى مُعَظَّمًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ ع ش. (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا أَمْرٌ بِالْمَبِيتِ أَيْ: بِلَفْظِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَرَدَ بِلَفْظِهِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِمَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ إلَخْ) أَيْ: مَعَ الْوُجُوبِ مَعَ مُعْظَمِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مَعَ إلَخْ وَالْأُولَى أَوْلَى لِخُلُوِّ هَذِهِ عَنْ التَّنْبِيهِ عَلَى زِيَادَةِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ ع ش وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِمَبِيتِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَبِيتَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَجَبَ مَبِيتُهَا وَمِنْ ثَمَّ سَقَطَ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ اهـ بِحُرُوفِهِ. (قَوْلُهُ: وَرَمَى كُلَّ يَوْمٍ بَعْدَ زَوَالٍ إلَى الْجَمَرَاتِ) حَقِيقَةُ الْجَمْرَةِ مَجْمَعُ الْحَصَى الْمُقَدَّرِ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا جَانِبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ: أَسْفَلُ الْوَادِي فَرَمْيُ كَثِيرٍ مِنْ أَعْلَاهَا بَاطِلٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ عَلَى التَّحْرِيرِ، وَمِثْلُهُ حَجّ.

لَكِنَّ كَلَامَ م ر فِي شَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الرَّمْيِ مِنْ الْأَعْلَى وَعِبَارَتُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي أَيْ: أَسْفَلِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَفَرَ) أَيْ: سَارَ بَعْدَ التَّحْمِيلِ فَصَحَّ قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ مِنْ مِنًى بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي شُغْلِ الرَّحِيلِ أَيْ: قَبْلَ النَّفْرِ أَيْ: السَّيْرِ امْتَنَعَ النَّفْرُ ح ل وَشَرْحُ م ر وَعِبَارَةُ حَجّ فَإِنْ نَفَرَ أَيْ: تَحَرَّكَ لِلذَّهَابِ إذْ حَقِيقَةُ النَّفْرِ الِانْزِعَاجُ فَيَشْمَلُ مَنْ أَخَذَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ وَيُوَافِقُ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ غُرُوبَهَا وَهُوَ فِي شُغْلِ الِارْتِحَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْمَبِيتُ وَإِنْ اعْتَرَضَهُ كَثِيرُونَ اهـ.، وَفِي شَرْحِ م ر امْتِنَاعُ النَّفْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَزي وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ نَفَرَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، ثُمَّ عَادَ إلَى مِنًى لِحَاجَةٍ كَزِيَادَةٍ فَغَرَبَتْ، أَوْ غَرَبَتْ فَعَادَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَلَهُ النَّفْرُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ بَلْ لَوْ بَاتَ هَذَا مُتَبَرِّعًا سَقَطَ

ص: 136

أَوْ عَادَ لِشُغْلٍ (فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي بَعْدَ رَمْيِهِ) وَبَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ، أَوْ تَرَكَ مَبِيتَهُمَا لِعُذْرٍ (جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ) اللَّيْلَةِ (الثَّالِثَةِ وَرَمْيُ يَوْمِهَا) قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] . وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا: رَمْيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَحُكْمَ الْمَبِيتِ وَغَيْرَهُمَا وَثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيُوَدِّعُهُمْ

(وَشَرْطٌ لِلرَّمْيِ) أَيْ: لِصِحَّتِهِ (تَرْتِيبٌ) لِلْجَمَرَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا إلَى الْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، ثُمَّ إلَى الْوُسْطَى، ثُمَّ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

(وَكَوْنُهُ سَبْعًا) مِنْ الْمَرَّاتِ لِذَلِكَ فَلَوْ رَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ حَصَاتَيْنِ كَذَلِكَ إحْدَاهُمَا بِيَمِينِهِ وَالْأُخْرَى بِيَسَارِهِ لَمْ يُحْسَبْ إلَّا وَاحِدَةٌ وَلَوْ رَمَى حَصَاةً وَاحِدَةً سَبْعًا كَفَى وَلَا يَكْفِي وَضْعُ الْحَصَاةِ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا وَلِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ (وَ) كَوْنُهُ (بِيَدٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ بِغَيْرِهَا كَقَوْسٍ وَرِجْلٍ (وَ) كَوْنُهُ (بِحَجَرٍ) ؛ لِذِكْرِ الْحَصَى فِي الْأَخْبَارِ وَهُوَ مِنْ الْحَجَرِ فَيُجْزِي بِأَنْوَاعِهِ وَلَوْ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ كَيَاقُوتٍ وَعَقِيقٍ وَبِلَّوْرٍ لَا غَيْرِهِ كَلُؤْلُؤٍ وَإِثْمِدٍ وَجِصٍّ وَجَوْهَرٍ مُنْطَبِعٍ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَحَدِيدٍ (وَقَصْدُ الْمَرْمَى) مِنْ زِيَادَتِي فَلَوْ رَمَى إلَى غَيْرِهِ كَأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَنْهُ الرَّمْيُ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ لَهُ بِالنَّفْرِ وَلَوْ عَادَ لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا. يَلْزَمُهُ لِأَنَّا جَعَلْنَا عَوْدَهُ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِنًى وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ كَالْمُسْتَدِيمِ لِلْفِرَاقِ وَيُجْعَلُ وُجُودُ عَوْدِهِ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَلَا الْمَبِيتُ شَرْحُ م ر وَاعْتَمَدَهُ ع ش الثَّانِي وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِشُغْلٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَقَوْلُ م ر، أَوْ غَرَبَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَ لِشُغْلٍ) وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ رَمْيِهِ) فَلَوْ لَمْ يَرْمِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ مَا ذُكِرَ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّفْرُ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَبِتْ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ وَإِنْ بَاتَ إحْدَاهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: فَمَنْ تَعَجَّلَ) أَيْ: اسْتَعْجَلَ بِالنَّفْرِ مِنْ مِنًى فِي يَوْمَيْنِ أَيْ: فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ رَمْيِ جِمَارِهِ كَمَا فِي الْجَلَالَيْنِ فَقَوْلُهُ: فِي يَوْمَيْنِ أَيْ: فِي ثَانِي يَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَجِّلَ فِي ثَانِيهِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَعَجِّلٌ فِيهِمَا فَفِي الْآيَةِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ فِي ثَانِيهِمَا لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ بِمِنًى إلَخْ) وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ سُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ سَابِعَ ذِي الْحِجَّةِ إلَى هُنَا أَنَّ خُطَبَ الْحَجِّ أَرْبَعٌ الْأُولَى يَوْمَ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَالثَّانِيَةُ يَوْمَ التَّاسِعِ بِمَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ وَالثَّالِثَةُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى وَالرَّابِعَةُ فِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَكُلُّهَا فُرَادَى وَبَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا الَّتِي يَوْمَ التَّاسِعِ فَإِنَّهَا اثْنَتَانِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ ز ي.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا إلَى الْجَمْرَةِ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ) وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ وَنَسِيَ مَحَلَّهَا جَعَلَهَا فِي الْأُولَى فَيُكْمِلُهَا، ثُمَّ يُعِيدُ الْأَخِيرَتَيْنِ مُرَتَّبَتَيْنِ شَرْحُ حَجّ (قَوْلُهُ: سَبْعًا مِنْ الْمَرَّاتِ) حَتَّى لَوْ رَمَى جُمْلَةً السَّبْعَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَجْزَأَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يُفْهِمُ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: وَاحِدَةً وَاحِدَةً بِنَصْبِهِمَا ز ي.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَرَّاتِ) أَيْ: مَرَّاتِ الرَّمْيِ أَيْ: لَا مِنْ الْحَصَيَاتِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ سَبْعًا؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَمَى سَبْعَ حَصَيَاتٍ إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْمَرَّاتِ. (قَوْلُهُ: كَفَى) بَلْ لَوْ رَمَى جَمِيعَ الْجَمَرَاتِ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ كَفَى م ر (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْسِبْ إلَّا وَاحِدَةً) وَإِنْ وَقَعَ التَّرْتِيبُ فِي الْوُقُوعِ كَمَا فِي حَجّ أَوْ رَمَاهُمَا مُرَتَّبَيْنِ فَوَقَعَا مَعًا، أَوْ مُرَتَّبَيْنِ فَاثْنَانِ اعْتِبَارًا بِالرَّمْيِ وَكَذَا إنْ وَقَعَتْ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْأُولَى اج عَلَى التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: وَبِيَدٍ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ بِيَدٍ قَدَّمَ الْقَوْسَ، ثُمَّ الرِّجْلَ، ثُمَّ الْفَمَ وَإِلَّا اسْتَنَابَ حَجّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي الرَّمْيُ بِغَيْرِهَا) إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ، أَوْ يَتَعَسَّرُ الرَّمْيُ بِهِمَا فَيَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ قَطْعًا وَعَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ اهـ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ شَوْبَرِيٌّ قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَهَلْ يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِالْيَدِ الزَّائِدَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى غَيْرِهَا وَيُحْتَمَلُ الْإِجْزَاءُ لِوُجُودِ مُسَمَّى الْيَدِ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْفُصُوصُ) وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِجْزَاءِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَازِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ كَسْرٌ، أَوْ إضَاعَةُ مَالٍ حَرُمَ وَإِنْ أَجْزَأَ م ر. (قَوْلُهُ: لَا غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْحَجَرِ. (قَوْلُهُ: وَجَصٍّ) أَيْ: بَعْدَ الطَّبْخِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ حَجَرًا بَلْ نُورَةً أَمَّا قَبْلَهُ فَيُجْزِئُ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: مُنْطَبِعٍ) أَشَارَ بِهِ دُونَ تَعْبِيرِ الْمَحَلِّيِّ بِيَنْطَبِعُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْطِبَاعِهِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْحَجَرِيَّةِ إلَّا بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْطَبِعْ كَفَى بِرْمَاوِيٌّ بِخِلَافِ الْمُشَمَّسِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفِعْلُ بَلْ لَوْ تَشَمَّسَ بِنَفْسِهِ كُرِهَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ مُطْلَقًا شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ح ف: وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْمُنْطَبِعِ؛ لِأَنَّهُ مُنْطَبِعٌ بِالْقُوَّةِ فَإِذَا كَانَتْ قِطْعَةُ ذَهَبٍ بِحَجَرِهَا أَجْزَأَتْ بِخِلَافِ قِطْعَةِ ذَهَبٍ خَالِصٍ فَلَا تُجْزِئُ وَلَوْ قَبْلَ الطَّبْعِ.

(قَوْلُهُ: وَقَصَدَ الْمَرْمَى) وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْحَصْي الْمُحَوَّطُ عَلَيْهِ الَّذِي الْعِلْمُ فِي وَسَطِهِ دُونَ مَا سَالَ إلَيْهِ وَدُونَ الْعِلْمِ الْمَنْصُوبِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الْإِجْزَاءَ إذَا وَقَعَ فِي الْمَرْمَى وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَفِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الشَّاخِصَ لَيْسَ مِنْ الْمَرْمَى فَلَوْ أُزِيلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَى فِي مَحَلِّهِ هَكَذَا قَالَهُ ح ل وَالْوَجْهُ الْوَجِيهُ خِلَافُهُ لِلْقَطْعِ بِحُدُوثِ الشَّاخِصِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ عليه الصلاة والسلام وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الظَّاهِرَ ظُهُورًا تَامًّا «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَالنَّاسُ فِي زَمَنِهِ لَمْ يَكُونُوا يَرْمُونَ حَوَالَيْ مَحَلِّهِ وَيَتْرُكُونَ مَحَلَّهُ» وَلَوْ

ص: 137

رَمَى فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ فِي الْمَرْمِيِّ لَمْ يُحْسَبْ (وَتَحَقُّقُ إصَابَتِهِ) بِالْحَجَرِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَأَنْ تَدَحْرَجَ وَخَرَجَ مِنْهُ فَلَوْ شَكَّ فِي إصَابَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ (وَسُنَّ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) بِمُعْجَمَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ» وَهُوَ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا بِقَدْرِ الْبَاقِلَّا

(وَمَنْ عَجَزَ) عَنْ الرَّمْيِ لِعِلَّةٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهَا قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ الرَّمْيِ (أَنَابَ) مَنْ يَرْمِي عَنْهُ وَلَا يَمْنَعُ زَوَالُهَا بَعْدَهُ مِنْ الِاعْتِدَادِ بِهِ وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ عَنْهُ إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ سَبْعًا إلَى هُنَا يَأْتِي فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ (وَلَوْ تَرَكَ رَمْيًا) مِنْ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ (تَدَارَكَهُ فِي بَاقِي تَشْرِيقٍ) أَيْ: أَيَّامِهِ وَلَيَالِيِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِبَاقِي الْأَيَّامِ (أَدَاءً) بِالنَّصِّ فِي الرِّعَاءِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَبِالْقِيَاسِ فِي غَيْرِهِمْ وَقَوْلِي: أَدَاءً مِنْ زِيَادَتِي وَإِنَّمَا وَقَعَ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ قَضَاءً لَمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ كَالْوُقُوفِ بَعْدَ فَوْتِهِ وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمْيِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ خَالَفَ فِي رَمْيِ الْأَيَّامِ وَقَعَ عَنْ الْمَتْرُوكِ وَيَجُوزُ رَمْيُ الْمَتْرُوكِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَيْلًا كَمَا عُلِمَ، فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا اقْتِصَارٌ عَلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ (لَزِمَهُ دَمٌ بِ) تَرْكِ رَمْيِ (ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ) فَأَكْثَرَ وَلَوْ فِي الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ فِيهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ رَمْيُ كُلِّ يَوْمٍ عِبَادَةً بِرَأْسِهَا وَفِي الرَّمْيَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَعَ ذَلِكَ لَنُقِلَ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ سم عَلَى حَجّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشَّمْسُ الْحِفْنِيُّ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ قَصْدُ الْجَمْرَةِ بِالرَّمْيِ اهـ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْمِيَّ هُوَ الْجَمْرَةُ (. قَوْلُهُ: لَمْ يُحْسَبْ) وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إصَابَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيهِ وَبَقَاءُ الرَّمْيِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْإِيعَابِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَحَقَّقَ إصَابَتَهُ) أَيْ: غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالشَّكِّ ح ل وَرَدَّهُ شَيْخُنَا ح ف وَقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ حَقِيقَتُهُ وَحَمْلُ الشَّكِّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلظَّنِّ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: حَصَى الْخَذْفِ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ السَّاكِنَةِ أَيْ: بِقَدْرِ الْحَصَى الَّذِي يُخْذَفُ بِهِ وَهَيْئَةُ الْخَذْفِ أَنْ يَضَعَ الْحَصَى عَلَى بَطْنِ إبْهَامِهِ وَيَرْمِيَهُ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر فَهُوَ خَذْفٌ بِهَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَفِي الْمُخْتَارِ الْخَذْفُ بِالْحَصَى الرَّمْيُ بِهِ بِالْأَصَابِعِ

. (قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ) أَيْ: لِعِلَّةٍ تُسْقِطُ عَنْهُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ ح ل. (قَوْلُهُ: قَبْلَ فَوَاتِ) مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالِ وَقَوْلُهُ: وَقْتَ الرَّمْيِ أَيْ: وَقْتَ الْجَوَازِ وَهُوَ آخِرُ الْأَيَّامِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ رَمْيُهُ) أَيْ: النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ رَمْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ: الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْمُهِمَّاتِ وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَمْيِ الْجَمِيعِ بَلْ لَوْ رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى صَحَّ أَنْ يَرْمِيَ عَقِبَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ، وَفِي عِبَارَتِهِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا الثَّانِي، وَفِي الْخَادِمِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَهُ سم، وَجَرَى عَلَيْهِ الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِلرَّمْلِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَعَمُّ) لِشُمُولِهِ تَرْكَ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ ع ش وَزي. (قَوْلُهُ: أَدَاءً) ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ. (قَوْلُهُ: بِالنَّصِّ فِي الرِّعَاءِ) قَالَ حَجّ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمَدِّ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: بِضَمِّ الرَّاءِ اهـ وَرَدَ بِأَنَّ الضَّمَّ فِي الرُّعَاةِ بِالتَّاءِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَمْعُ رَاعٍ ابْنُ شَرَفٍ وَق ل.

(قَوْلُهُ: لِمَا دَخَلَهُ التَّدَارُكُ) أَيْ: وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ تَدَارُكَهُ وَاجِبٌ هَذَا مُرَادُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي الْمُلَازَمَةِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا تُنْتَقَضُ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْفَائِتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُقْضَيَانِ وَيَدْخُلُهُمَا التَّدَارُكُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ كَلَامَهُ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ رَمْيُ التَّشْرِيقِ) أَيْ: كُلَّ يَوْمٍ اهـ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ دَمٌ بِتَرْكِ ثَلَاثِ رَمَيَاتٍ) وَلَوْ بِعُذْرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ز ي بِخِلَافِ الْمَبِيتِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ) رَاجِعٌ لِلْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِتَرْكِ رَمْيَةٍ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مَعَ جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ، أَوْ رَمْيِ جَمِيعِ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ ق ل وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا تَرْكُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّلَاثَةِ بِتَرْكِ جَمِيعِ الْأَخِيرِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَتْنِ وَالْغَايَةِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ الْأَوَّلِ مَثَلًا يَقَعُ مَا بَعْدَهُ عَنْهُ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ يُمْكِنُ تَصَوُّرُ تَرْكِ أَرْبَعِ رَمَيَاتٍ مِنْ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعِ بِأَنْ يَتْرُكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَاحِدَةً وَيَعْتَدُّ لَهُ بِمَا رَمَاهُ وَيَكُونُ الدَّمُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَتْرُوكِ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ.

حَتَّى لَوْ تَرَكَ رَمْيَةً فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ الْأُولَى مَثَلًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ مَا بَعْدَهَا وَتُجْبَرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَهَكَذَا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ الدَّمَ يَتَحَقَّقُ وُجُوبُهُ بِتَرْكِ ثَلَاثَةٍ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهَا تَرْكُ كَثِيرٍ مِنْ الرَّمْيِ فَلَا يَجِبُ زِيَادَةٌ عَلَى الدَّمِ بَلْ يَكُونُ فِي جَمِيعِ الْمَتْرُوكِ سَوَاءٌ مَا تَرَكَهُ بِالْفِعْلِ وَمَا فَعَلَهُ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ جَمِيعَ الرَّمْيِ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا دَمٌ وَاحِدٌ اهـ وَأُجِيبَ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ فِي الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ فَأَكْثَرَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهَا رَمْيُ جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَقَوْلُ ع ش وَتُجْبَرُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى أَيْ: وَيَلْغُو بَاقِيهَا وَهُوَ السِّتَّةُ وَرَمْيُ الْجَمْرَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ يَقَعُ عَنْ رَمْيِهِمَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَيَقَعُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَنْ الثَّانِي وَيَبْقَى عَلَيْهِ رَمْيُ يَوْمٍ بِتَمَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ، وَفِي الرَّمْيَةِ الْأَخِيرَةِ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ غَيْرَ الْأَخِيرَةِ وَقَعَ رَمْيُ مَا بَعْدَهَا عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ ق ل

ص: 138

مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهُ مُدَّانِ وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِي التَّشْرِيقِ كُلِّهَا دَمٌ وَاحِدٌ وَفِي لَيْلَةٍ مُدٌّ وَفِي لَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ إنْ لَمْ يَنْفِرْ قَبْلَ الثَّالِثَةِ وَإِلَّا وَجَبَ دَمٌ لِتَرْكِهِ جِنْسَ الْمَبِيتِ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَمَّا هُمْ كَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَرِعَاءِ الْإِبِلِ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى بِلَا دَمٍ

. (وَيَجِبُ عَلَى غَيْرِ نَحْوِ حَائِضٍ) كَنُفَسَاءَ (طَوَافُ وَدَاعٍ) وَيُسَمَّى بِالصَّدَرِ أَيْضًا (بِفِرَاقِ مَكَّةَ) وَلَوْ مَكِّيًّا، أَوْ غَيْرَ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ، أَوْ فَارَقَهَا لِسَفَرٍ قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» أَيْ: الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَكَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا كَمَنْ خَرَجَ لِلْعُمْرَةِ وَلَا عَلَى مُحْرِمٍ خَرَجَ إلَى مِنًى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: مُدُّ طَعَامٍ) فَإِنْ عَجَزَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ الْوَاجِبَةِ بَدَلًا عَنْ الدَّمِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الرَّمْيَةِ الْوَاحِدَةِ لِلثَّلَاثَةِ ثُلُثٌ وَثُلُثُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً فَتُبْسَطُ أَعْشَارًا بِأَرْبَعِينَ عُشْرًا، ثُمَّ تُعْرَفُ نِسْبَةُ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْحَجِّ وَالسَّبْعَةِ فَخُذْ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهَا وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ عُشْرًا بِيَوْمٍ وَخَمْسٍ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ يَوْمًا كَامِلًا فَيَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي الْحَجِّ وَيَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ عُشْرًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا خَمْسًا فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً كَوَامِلَ فَيَصُومُهَا إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَصُومُ عَنْ تَرْكِ الرَّمْيَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يُوَجَّهُ بِأَنَّ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ الْوَاجِبَةِ بَدَلًا عَنْ الدَّمِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَتُبْسَطُ الثَّلَاثَةُ مِنْ جِنْسِ الثُّلُثِ فَتَصِيرُ تِسْعَةً يُضَمُّ الثُّلُثُ إلَيْهَا فَتَصِيرُ عَشَرَةَ أَثْلَاثٍ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ بِيَوْمٍ فَيَصُومُهُ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ بِيَوْمَيْنِ وَثُلُثٍ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَوَامِلَ فَيَصُومُهَا إذَا رَجَعَ. اهـ. سم بِإِيضَاحٍ، وَالْأَوَّلُ يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ إيجَابُ صَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ وَالثَّانِي يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَجَرَى الزِّيَادِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ لِ م ر وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْفِرْ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش لَكِنْ فِي شَرْحِ حَجّ وَم ر يَنْفُرُ بِضَمِّ فَائِهِ وَكَسْرِهَا وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ الْمُخْتَارِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كحج إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَاهُ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفِرُ بِالْكَسْرِ نِفَارًا وَتَنْفُرُ بِالضَّمِّ نُفُورًا وَنَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَّ وَالْكَسْرَ خَاصَّانِ بِنَفَرَ الْمُسْتَنِدِ لِلدَّابَّةِ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْفِرْ وَذَلِكَ بِأَنْ بَاتَ الثَّالِثَةَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبِتْ الثَّالِثَةَ وَجَبَ دَمٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَبِيتَ فِيمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: يَجِبُ مَبِيتٌ إلَخْ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ السِّقَايَةِ) وَلَوْ كَانَتْ مُحْدِثَةً إذْ غَيْرُ الْعَبَّاسِيِّ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّاسِيًّا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَرِعَاءِ الْإِبِلِ) يُشْتَرَطُ فِي رِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَكُونَ النَّفْرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَبَ الْمَبِيتُ م ر وَخ ط ع ش بِخِلَافِ أَهْلِ السِّقَايَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ وَهُوَ السِّقَايَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِخِلَافِ الرِّعَاءِ فَإِنَّ عَمَلَهُمْ بِالنَّهَارِ لَا بِاللَّيْلِ فَإِذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِمْ الشَّمْسُ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ النَّفْرُ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْقَ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) كَخَائِفٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ فَوْتِ مَطْلُوبٍ كَآبِقٍ أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ بِتَرْكِ تَعَهُّدِهِ، أَوْ مَوْتِ نَحْوِ قَرِيبِهِ فِي غَيْبَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ ذُو عُذْرٍ فَأَشْبَهَ الرِّعَاءَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ إلَخْ) وَلَهُمْ تَرْكُ الرَّمْيِ بِيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَتَدَارُكُهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ

. وَقَوْلُهُ: وَيُسَمَّى بِالصَّدَرِ أَيْضًا أَيْ: كَمَا يُسَمَّى طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِذَلِكَ ح ل وَقَوْلُهُ: بِفِرَاقٍ أَيْ بِإِرَادَةِ فِرَاقٍ (قَوْلُهُ: آخِرُ عَهْدِهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفَتْحِهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ: الطَّوَافُ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَهُوَ إمَّا اسْمُ يَكُونُ، أَوْ خَبَرُهَا بِرْمَاوِيٌّ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ طَوَافِ الْوَدَاعِ آخِرًا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ) وَلَا يُنَافِيهِ لُزُومُ الدَّمِ لِتَارِكِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَمُشَابِهٌ لَهَا صُورَةً ق ل قَالَ حَجّ: عَلَى أَنَّ مَا قَالَ: إنَّهُ مِنْهَا أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ وَاتَّجَهَ أَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ إثْرَ نُسُكِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ نَظَرًا لِلتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ لِانْتِفَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهِ فِي النُّسُكِ عَدَمُ طَلَبِهِ فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَمَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ يَجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ الْإِتْيَانُ بِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ قِسْطُهُ بِتَرْكِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْحَطُّ عَلَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمُؤَجِّرُ لَوْ بَاشَرَ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَ هَذَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ م ر ابْنُ شَوْبَرِيٍّ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ الْإِتْيَانُ بِهِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ) أَيْ مَحَلِّ وَطَنِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ مَكَّةَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ

ص: 139

وَأَنَّ الْحَاجَّ إذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ مِنْ مِنًى فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَمَّا نَحْوُ الْحَائِضِ فَلَا طَوَافَ عَلَيْهَا لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَقِيسَ بِهَا النُّفَسَاءُ فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ وَالطَّوَافُ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي. (وَيَجْبُرُ تَرْكَهُ) مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ (بِدَمٍ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ الْمُتَحَيِّرَةَ (فَإِنْ عَادَ) بَعْدَ فِرَاقِهِ بِلَا طَوَافٍ (قَبْلَ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَطَافَ فَلَا دَمَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَكَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَقَوْلِي: وَطَافَ مِنْ زِيَادَتِي وَقَوْلِي: فَلَا دَمَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ سَقَطَ الدَّمُ (وَإِنْ مَكَثَ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَوْ نَاسِيًا، أَوْ جَاهِلًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (لَا لِصَلَاةٍ أُقِيمَتْ، أَوْ شُغْلِ سَفَرٍ) كَشِرَاءِ زَادٍ وَشَدِّ رَحْلٍ (أَعَادَ) الطَّوَافَ بِخِلَافِ مَا إذَا مَكَثَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ

. (وَسُنَّ شُرْبُ مَاءٍ زَمْزَمَ) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ شُرْبِهِ (وَزِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ خِلَافَهُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ الْإِقَامَةَ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَنْ فَارَقَهَا لِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَإِنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ فِيمَا خَرَجَ لَهُ لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ أَطْلَقَ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَفَصَّلَ فِيمَا دُونَهَا حَيْثُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ إلَخْ بِرْمَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَرَادَ الِانْصِرَافَ) أَيْ: إلَى بَلَدِهِ أَيْ: أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى بَلَدِهِ مِنْ مِنًى وَلَا يَرْجِعُ إلَى مَكَّةَ فَعَلَيْهِ طَوَافُ الْوَدَاعِ: بِأَنْ يَذْهَبَ إلَى مَكَّةَ لِأَجْلِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِهَا النُّفَسَاءُ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: فَلَوْ رَجَعَتْ لِحَاجَةٍ بَعْدَ مَا طَهُرَتْ اتَّجَهَ وُجُوبُ الطَّوَافِ اج. (قَوْلُهُ: فَلَوْ طَهُرَتْ قَبْلَ مُفَارَقَةِ مَكَّةَ) أَيْ: قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فِيمَا يَظْهَرُ إيعَابٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ تَرْكُهُ إلَخْ) ، وَفِي تَرْكِ طَوْفَةٍ مِنْهُ، أَوْ بَعْضِهَا دَمٌ كَامِلٌ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ مُدٌّ كَتَرْكِ مَبِيتِ لَيْلَةٍ، أَوْ حَصَاةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّوَافَ لَمَّا أَشْبَهَ الصَّلَاةَ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهِ كَانَ كَالْخَصْلَةِ الْوَاحِدَةِ فَأُلْحِقَ تَرْكُ بَعْضِهِ بِتَرْكِ كُلِّهِ وَلَا كَذَلِكَ ذَانِكَ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لحج. (قَوْلُهُ: لِتَرْكِهِ نُسُكًا) هَذَا وَاضِحٌ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَلَا تَحْسُنُ هَذِهِ الْعِلَّةُ ح ل فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِتَرْكِهِ وَاجِبًا وَيَحْذِفُ نُسُكًا. (قَوْلُهُ: فَلَا دَمَ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَلَغَ مَنْزِلَهُ الَّذِي هُوَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ بِبُلُوغِهِ الدَّمَ وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَوْدِ كَمَا بَحَثَهُ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ خِلَافًا لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَأَمَّلْ ابْنَ شَوْبَرِيٍّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ) لَا يُنَافِي التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ تَسْوِيَتَهُمْ بَيْنَ السَّفَرِ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي وُجُوبِ الْوَدَاعِ إذْ سَفَرُهُ هُنَا لَمْ يَتِمَّ لِعَوْدِهِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ أَصْلِ الْعَوْدِ لَا فِي صِفَتِهِ وَإِلَّا فَالتَّقْيِيدُ بِالْعَوْدِ قَبْلَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ يُنَافِيهِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا عَادَ إلَيْهِ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِنُسُكٍ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا إثْمَ بِالْمُجَاوَزَةِ إنْ نَوَى الْعَوْدَ ع ش. (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي فَلَا دَمَ أَوْلَى) لِإِيهَامِ مَا فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ وَجَبَ، ثُمَّ سَقَطَ ع ش.

(قَوْلُهُ: لَا لِصَلَاةٍ) أَيْ: صَلَاةِ جَمَاعَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ حَجّ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أُقِيمَتْ

(قَوْلُهُ: وَسُنَّ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ إلَخْ) وَسُنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ شَرِبَهُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ نَيْلَ مَطْلُوبَاتِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأُخْرَوِيَّةِ لِخَبَرِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» سَنَدُهُ صَحِيحٌ حَجّ فَإِنْ تَخَلَّفَ ذَلِكَ يَكُونُ لِعَدَمِ إخْلَاصِ نِيَّةِ الشَّارِبِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَتَضَلَّعَ) أَيْ: يَمْتَلِئَ وَيُكْرَهُ نَفَسُهُ عَلَيْهِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ فِيهِ، وَفِيمَا قَبْلَهُ خِلَافَهُ) حَيْثُ قَيَّدَ بِبُعْدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحَجِّ وَبِكَوْنِهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْحَجِّ حَرِّرْ ح ل. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَزِيَارَةُ قَبْرٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ: وَشُرْبُ مَاءِ زَمْزَمَ وَقَوْلُهُ: خِلَافُهُ أَيْ: خِلَافُ قَوْلِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ قَيَّدَ بِبَعْدِ فَرَاغِ الْحَجِّ فَيَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَا يُسَنَّانِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ مَا بَيْنَ قَبْرِي إلَخْ) اُنْظُرْ وَجْهَ دَلَالَةِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْمُدَّعَى وَهُوَ سَنُّ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَدَلَّ الرَّمْلِيُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» وَبِأَحَادِيثَ أُخَرَ اهـ وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيهِ الدَّلَالَةُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ إذْ الْمَعْنَى مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ إلَخْ أَيْ: وَمَا كَانَ كَذَلِكَ تُسَنُّ زِيَارَتُهُ فَقَبْرِي تُسَنُّ زِيَارَتُهُ. (قَوْلُهُ: رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ) الْمُرَادُ بِتَسْمِيَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ رَوْضَةٌ أَنَّ تِلْكَ الْبُقْعَةَ تُنْقَلُ إلَى الْجَنَّةِ فَتَكُونُ مِنْ رِيَاضِهَا، أَوْ أَنَّهُ عَلَى الْمَجَازِ لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ فِيهِ تَئُولُ إلَى دُخُولِ الْعَابِدِ فِيهِ رَوْضَةَ الْجَنَّةِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا اخْتِصَاصَ لِذَلِكَ بِتِلْكَ الْبُقْعَةِ وَالْخَبَرُ مَسُوقٌ لِمَزِيدِ شَرَفِهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَقِيلَ فِيهِ تَشْبِيهٌ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ أَيْ: كَرَوْضَةٍ لِأَنَّ مَنْ يَقْعُدُ فِيهَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُكْثِرُونَ الذِّكْرَ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ فَتْحُ الْبَارِي شَوْبَرِيٌّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي السِّيرَةِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَيْسَ عَلَى مَا يَظُنُّهُ أَهْلُ الْجَهْلِ مِنْ أَنَّ تِلْكَ الرَّوْضَةَ قِطْعَةٌ مُقْتَطِعَةٌ مِنْ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: «وَخَصَّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَنْزِلُ عَلَى قَبْرِهِ.

ص: 140