الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر
هُوَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيّ 0
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلَاثِينَ هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 131 هـ 0
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ المَدِينِيّ [شَيْخُ الإِمَامِ البُخَارِيّ] وَخَلِيفَةُ وَجَمَاعَة:
مَاتَ ابْنُ المُنْكَدِرِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِاْئَة، وَقَالَ الْفَسَوِيّ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمائَة 0
حَدَّثَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ سَلْمَانَ وَأَبي رَافِعٍ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَبي قَتَادَةَ مُرْسِلاً 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
رَوَى عَن عَائِشَةَ وَأَبي هُرَيْرَة، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، وَأُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَة، وَأَنَسِ بْنِ مَالِك، وَأَبي أُمَامَةَ بْنِ سَهْل، وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب، وَعُرْوَة، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْر، وَأَبِيهِ المُنْكَدِر، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ كَثِير 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
وَرَوَى عَنهُ عَمْرُو بْنُ دِينَار، وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَة، وَأَبُو حَازِمٍ الأَعْرَج، وَمحَمَّدُ بْنُ وَاسِع، وَالزُّهْرِيّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَر، وَابْنُ جُرَيْج، وَمَعْمَر، وَمَالِك، وَجَعْفَرٌ الصَّادِق، وَشُعْبَة، وَالسُّفْيَانَان [الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَة] وَالأَوْزَاعِيّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ المَاجِشُون، وَأَبُو حَنِيفَة، وَأَبُو عَوَانَة، وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ المَاجِشُون، وَيُوسُفُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّبِيعِيّ، وَخَلْقٌ كَثِير 0
ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَعِبَادَتِهِ لله:
قَالَ يحْيىَ بْنُ بُكَيْر: «محَمَّدٌ، وَأَبُو بَكْر، وَعُمَر: لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ أَفْضَل» ؟
محَمَّدٌ هَذَا: هُوَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَخَوَاه 0
حَدَّثَ سَهْلُ بْنُ محْمُودٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رحمه الله قَال:
«تَعَبَّدَ ابْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله وَهُوَ غُلَام، وَكَانُواْ أَهْلَ بَيْتِ عِبَادَة» 0
حَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه؛ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر: «كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْق، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الصَّالِحُون، وَلَمْ يُدْرِكْ أَحَدَاً أَجْدَرَ أَنْ يَقْبَلَ النَّاسُ مِنهُ إِذَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنه» 0
كَانَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله إِذَا بَكَى؛ مَسَحَ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ مِنْ دُمُوعِهِ رحمه الله وَقَال: بَلَغَني أَنَّ النَّارَ لَا تَأْكُلُ مَوْضِعَاً مَسَّتْه الدُّمُوع» 0
حَدَّثَ الفَسَوِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ بِشْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَال:
«خَرَجَ نَاسٌ غُزَاةً في الصَّائِفَة، فِيهِمْ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر؛ فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ في السَّاقَةِ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَشْتَهِي جُبْنَاً رَطْبَاً؛ قَالَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: فَاسْتَطْعِمْهُ الله؛ فَإِنَّهُ قَادِر؛ فَدَعَا الْقَوْم؛ فَلَمْ يَسِيرُواْ إِلَاَّ شَيْئَاً حَتىَّ وَجدُواْ مِكْتَلاً؛ فَإِذَا هُوَ جُبنٌ رَطْب؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ كَانَ لِهَذَا عَسَل 00 فَقَالَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: الَّذِي أَطْعَمَكُمُوهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِك؛ فَدَعَوْاْ؛
فَسَارُواْ قَلِيلاً، فَوَجَدُواْ فَاقِرَةَ عَسَل [أَيْ جَرَّةَ عَسَل] عَلَى الطَّرِيق؛ فَنَزَلُواْ فَأَكَلُواْ الجُبنَ وَالعَسَل»
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه:
وَقَالَ عَنهُ الإِمَامُ مَالِك: «كَانَ ابْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله سَيِّدَ الْقُرَّاء» 0
ـ قَالُواْ عَنْ مَنَاقِبِهِ:
وَقَالَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: «كَابَدْتُ نَفْسِي أَرْبَعِينَ سَنَة؛ حَتىَّ اسْتَقَامَتْ» 0
قَالَ ابْنُ المَاجِشُون: «إِنَّ رُؤْيَةَ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ لَتَنْفَعُني في دِيني» 0
ـ قَالُواْ عَنْ جُودِهِ وَسَخَائِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه:
قَالَ أَبُو مَعْشَر: «كَانَ سَيِّدَاً يُطْعِمُ الطَّعَام، وَيَجْتَمِعُ عِنْدَه الْقُرَّاء» 0
حَدَّثَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَن عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ رحمه الله قَال:
«قِيلَ لاِبْنِ المُنْكَدِر: أَيُّ الدُّنْيَا أَحَبُّ إِلَيْك 00؟
قَالَ رحمه الله: الإِفْضَالُ عَلَى الإِخْوَان» 0
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيّ: «بَعَثَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله إِلىَ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ بِأَرْبَعِينَ دِينَارَاً، ثُمَّ قَالَ لِبَنِيه: يَا بَنِيّ؛ مَا ظَنُّكُمْ بِمَنْ فَرَّغَ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ لِعِبَادَةِ رَبِّه» 0
وَيُرْوَى أَنَّهُ حَجَّ رحمه الله؛ فَوَهَبَ كُلَّ مَا مَعَهُ، حَتىَّ بَقِيَ في إِزَار؛ فَلَمَّا نَزَلَ بِالرَّوْحَاء؛ قَالَ وَكِيلُه: مَا بَقِيَ مَعَنَا دِرْهَم؛ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلبِيَة؛ فَلَبَّى أَصْحَابُهُ وَلَبَّى النَّاس 00
وَبِالمَاءِ محَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ المَلِك؛ فَقَال: إِنيِّ أَظُنُّ محَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ بِالمَاء؛ فَنَظَرُواْ فَقَالُواْ: نَعَمْ؛ قَالَ هِشَام: مَا أَظُنُّ مَعَهُ شَيْئَاً؛ احْمِلُواْ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ؛ فَأَتَوْهُ بِهَا» 0
حَدَّثَ أَبُو الْعَبَّاسِ الهَرَوِيُّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ قَال:
«قَالَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: إِنيِّ لَلَيْلَةً مُوَاجِهٌ هَذَا المِنْبَرَ في جَوْفِ اللَّيْلِ أَدْعُو؛ إِذَا إِنْسَانٌ عِنْدَ أُسْطُوَانَةٍ مُقَنِّعٌ رَأْسَهُ؛ فَأَسْمَعُهُ يَقُول: أَيْ رَبّ؛ إِنَّ الْقَحْطَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَى عِبَادِك؛ وَإِنيِّ مُقسِمٌ عَلَيْكَ يَا رَبِّ إِلَاَّ سَقَيْتَهُمْ؛ فَمَا كَانَ إِلَاَّ سَاعَة؛ إِذَا سَحَابَةٌ قَدْ أَقْبَلَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا الله، وَكَانَ عَزِيزَاً عَلَى ابْنِ المُنْكَدِرِ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِن أَهْلِ الخَيْرِ فَقَال: هَذَا بِالمَدِينَةِ وَلَا أَعْرِفُه!!
فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ تَقَنَّعَ وَانْصَرَف، وَمحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ وَرَاءَه؛ حَتىَّ أَتىَ دَارَ أَنَسٍ رضي الله عنه، فَدَخَلَ مَوْضِعَاً، فَفَتَحَ وَدَخَل، قَالَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ رحمه الله: وَرَجَعْت؛ فَلَمَّا سَبَّحْتُ أَتَيْتُهُ، فَقُلْت: أَأَدْخُل 00؟
قَالَ ادْخُلْ؛ فَإِذَا هُوَ يُنَجِّرُ أَقْدَاحَاً؛ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَصْلَحَكَ الله 00؟
قَالَ رحمه الله: فَاسْتَشْهَرَهَا وَأَعْظَمَهَا مِنيِّ؛ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قُلْتُ: إِنيِّ سَمِعْتُ إِقْسَامَكَ الْبَارِحَةَ عَلَى الله، يَا أَخِي 00 هَلْ لَكَ في نَفَقَةٍ تُغْنِيكَ عَن هَذَا وَتُفَرِّغُكَ لِمَا تُرِيدُ مِنَ الآخِرَة؟
قَالَ رحمه الله: لَا، وَلَكِن غَيْرَ ذَلِك: لَا تَذْكُرْني لأَحَد، وَلَا تَذْكُرْ هَذَا لأَحَدٍ حَتىَّ أَمُوت، وَلَا تَأْتِني يَا ابْنَ المُنْكَدِر؛ فَإِنَّكَ إِنْ تَأْتِني شَهَرْتَني لِلنَّاس؛ فَقُلْتُ: إِنيِّ أُحِبُّ أَن أَلْقَاك؛ قَال:
الْقَني في المَسْجِد، وَكَانَ فَارِسِيَّاً، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ المُنْكَدِرِ لأَحَدٍ حَتىَّ مَاتَ الرَّجُل 00
قَالَ ابْنُ وَهْب: بَلَغَني أَنَّهُ انْتقَلَ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَلَمْ يُرَ، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ ذَهَب؛ فَقَالَ أَهْلُ تِلْكَ الدَّار: اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ المُنْكَدِر؛ أَخْرَجَ عَنَّا الرَّجُلَ الصَّالِح» 0
ـ قَالُواْ عَنْ بَعْضِ كَرَامَاتهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
رَوَى ابْنُ أَبي الدُّنْيَا عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَن خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ اليَمَامِيِّ قَال:
«اسْتُودِعَ محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ وَدِيعَةً؛ فَاحْتَاجَ فَأَنْفَقَهَا؛ فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَطَلَبَهَا؛ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى وَدَعَا فَقَال: يَا سَادَّ السِّمَاءَ بِالهوَاء، وَيَا كَابِسَ الأَرْضِ عَلَى المَاء، وَيَا وَاحِدُ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ وَبَعْدَ كُلِّ أَحَد؛ أَدِّ عَنيِّ أَمَانَتي؛ فَسَمِعَ قَائِلاً يَقُول: خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا عَن أَمَانَتِك وَاقْصِرْ في الخُطبَة؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَرَاني؛ قِيل: كَانَتْ مِاْئَةَ دِينَار؛ فَإِذَا بِصُرَّةٍ في نَعْلِهِ؛ فَأَدَّاهَا إِلىَ صَاحِبِهَا 00
قَالَ الْوَاقِدِيّ: فَأَصْحَابُنَا يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ الَّذِي وَضَعهَا عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْر؛ كَانَ كَثِيرَاً مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا» 0
ـ مِن أَقْوَالِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه:
حَدَّثَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ محَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ رحمه الله أَنَّهُ قَال: «نِعْمَ الْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اللهِ الْغِنىَ» 0
حَدَّثَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ محَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ رحمه الله أَنَّهُ قَال: «إِنَّ اللهَ جل جلاله يحْفَظُ الْعَبْدَ المُؤْمِنَ في وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِه، وَيحْفَظُهُ في دُوَيْرَتِهِ، وَدُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ؛ فَمَا يَزَالُونَ في حِفْظٍ أَوْ في عَافِيَةٍ مَا كَانَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ» 0
ـ خَوْفُهُ مِنَ الله؛ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاة:
حَدَّثَ عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ عَن عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ أَنَّهُ جَزِعَ عِنْدَ المَوْت؛ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تَجْزَع 00؟!
قَالَ رحمه الله: أَخْشَى آيَةً مِنْ كِتَابِ الله: ? وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُون ?
{الزُّمَر/47}
فَأَنَا أَخْشَى أَنْ يَبْدُوَ لي مِنَ اللهِ مَا لَمْ أَكُن أَحْتَسِب» 0