المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الأَعْمَش هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ المُقْرِئِينَ وَالمُحَدِّثِينَ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ ابْنُ مِهْرَانَ - حياة التابعين

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌أَعْلَامُ أَئِمَّةِ المُحَدِّثِين:

- ‌الإِمَامُ البُخَارِيّ

- ‌الإِمَامُ مُسْلِم

- ‌الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل

- ‌الإِمَامُ أَبُو دَاوُد

- ‌أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ

- ‌الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ مَاجَة

- ‌الإِمَامُ النَّسَائِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارِمِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَة

- ‌الإِمَامُ ابْنُ حِبَّان

- ‌الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرَاني

- ‌إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه

- ‌الإِمَامُ الحُمَيْدِيّ

- ‌أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبي شَيْبَة

- ‌مَعْمَرُ بْنُ رَاشِد

- ‌أَعْلَامُ الحُفَّاظ:

- ‌عِكْرِمَةُ مَوْلىَ ابْنِ عَبّاس

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيّ

- ‌ثَابِتٌ الْبُنَانيّ

- ‌أَبُو العَالِيَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الله

- ‌ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة

- ‌الأَعْمَش

- ‌أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِي

- ‌أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ عُقْدَة

- ‌أَبُو بَكْرِ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الجَعَّابيّ

- ‌حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة

- ‌حَمَّادُ بْنُ زَيْد

- ‌عَمْرُو بْنُ دِينَار [

- ‌ابْنُ جُرَيْج

- ‌عَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيّ

- ‌إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ

- ‌الْفِرْيَابيّ

- ‌ عَبْدُ الْغَنيِّ المَقْدِسِيّ

- ‌سُلَيْمَانُ التَّيْمِيّ

- ‌يَزِيدُ بْنُ هَارُون

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبي خَالِد

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب

- ‌أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ

- ‌ابْنُ أَبي ذِئْب

- ‌الْقَعْنَبيّ

- ‌الأَشْجَعِيّ

- ‌هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيّ [

- ‌[ابْنُ عُلَيَّة]

- ‌غُنْدَر

- ‌مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيّ

- ‌مَكْحُولٌ الأَزْدِيّ

- ‌يحْيىَ بْنُ يحْيىَ التَّمِيمِيّ

- ‌الْقَوَارِيرِيّ

- ‌أَبُو كُرَيْب

- ‌خَالِدُ بْنُ الحَارِث

- ‌ابْنُ المُقْرِئ

- ‌هُشَيْمُ بْنُ بَشِير

- ‌أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاش

- ‌ابْنُ لَهِيعَة

- ‌ابْنُ أَبي دَاوُد

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِم

- ‌الْقَاسِمُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق

- ‌أَعْلَامُ نُقَّادِ المحَدِّثِين:

- ‌شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاج

- ‌عَلِيُّ بْنُ المَدِينيّ

- ‌يَحْيىَ بْنُ مَعِين

- ‌أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي

- ‌أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌[ابْنُهُ]عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبي حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌يحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارَقُطْنيّ

- ‌عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم

- ‌أَبُو حَفْصٍ الْفَلَاَّس

- ‌أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب

- ‌ابْنُ الصَّلَاحِ الصَّفَدِي

- ‌الإِمَامُ الذَّهَبيّ [

- ‌أَعْلَامُ الْفُقَهَاء:

- ‌الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَة

- ‌الإِمَامُ مَالِك

- ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ

- ‌الإِمَامُ الشَّافِعِيّ

- ‌اللَّيْثُ بْنُ سَعْد

- ‌الشَّعْبيّ

- ‌رَبِيعَةُ الرَّأْي

- ‌أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي [

- ‌أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَان

- ‌أَعْلَامُ المُفَسِّرِين:

- ‌مُجَاهِد

- ‌قَتَادَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْقضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّحَاة:

- ‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌شُرَيْحٌ القَاضِي

- ‌الأَصْمَعِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْعَلَوِيِّين [الأَشْرَاف]:

- ‌جَعْفَرٌ الصَّادِق

- ‌مُوسَى الكَاظِم

- ‌أَعْلَامُ الزُّهَّاد [

- ‌أَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ

- ‌عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الكُوفِيّ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْن

- ‌محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر

- ‌حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك

- ‌الحَسَنُ الْبَصْرِيّ

- ‌محَمَّدُ بْنُ سِيرِين

- ‌الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض

- ‌الرَّبيعُ بْنُ خُثَيْم

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَم

- ‌مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيّ

- ‌ذُو النُّونِ المِصْرِيّ

- ‌وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاح

- ‌مَنْصُورُ بْنُ عَمَّار

- ‌يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع

- ‌دَاوُدٌ الطَّائِيّ

- ‌صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم

- ‌الْعَلَاءُ بْنُ زِيَاد

- ‌سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌المُعَافَى بْنُ عِمْرَان

- ‌ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيّ

- ‌ابْنُ سَمْعُون

- ‌ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ

الفصل: ‌ ‌الأَعْمَش هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ المُقْرِئِينَ وَالمُحَدِّثِينَ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ ابْنُ مِهْرَانَ

‌الأَعْمَش

هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ المُقْرِئِينَ وَالمُحَدِّثِينَ سُلَيْمَانُ الأَعْمَشُ ابْنُ مِهْرَانَ الكَاهِلِيُّ الكُوفِيّ 0

وُلِدَ في طَبْرِسْتَانَ سَنَةَ 61 هـ، وَتُوُفِّيَ بِالكُوفَةِ سَنَةَ 148 هـ 0

[اتُّهِمَ بِالتَِّدْلِيس: وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْكَذِبِ الخَفِيف، أَوِ الْغِشِّ في التَّحْدِيث: كَأَنْ يَقُولَ الرَّاوِي أَخْبرَني فُلَانٌ بِالحِجَاز؛ فَتَتَوَهَّمَ أَنَّهُ رَحَلَ في طَلَبِ الْعِلْمِ إِلىَ الحِجَاز، بَيْنَمَا لَمْ يَفْعَلْ 0

ص: 759

أَوْ أَنْ يَقُولَ لَك: حَدَّثَني محَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيل 00 أَوْ دَعْنَا مِنَ الْبُخَارِيِّ لِشُهْرَتِه؛ فَهُوَ أَكْبَرُ مِن يُتَقَوَّلَ عَلَى لِسَانِهِ مَا لَمْ يَقُلْ لِتَشَابُهِ الأَسْمَاء: يَقُولُ مَثَلاً: حَدَّثَني يحْيىَ ابْنُ مَعِين، أَوْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، فَتَقُولُ لَهُ لَقَدْ حَصَّلْتُ عِلْمَ يحْيى أَوْ سُفْيَانَ فَلَمْ يُحَدِّثَا بِمِثْلِ هَذَا 00؟!

ص: 760

فَيَقُولُ لَك: لي جَارٌ أَوْ صَدِيقٌ أَمِين، اسْمُهُ يحْيىَ ابْنُ مَعِين، أَوْ لَنَا قَرِيبٌ أَتَى إِلَيْنَا: اسْمُهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة 000 وَهَكَذَا 0

ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:

رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه وَحَكَى عَنهُ 0

وَرَوَى عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَوْفَى رضي الله عنه، وَعَن أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانيّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَأَبي صَالِحٍ السَّمَّان، وَمُجَاهِد، وَأَبي ظَبْيَان، وَخَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَزِرِّ بْنِ حُبَيْش، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي

ص: 761

لَيْلَى، وَالمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، وَالوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، وَتَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ، وَسَالِمِ بْنِ أَبي الجَعْد، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ الهَمْدَانيِّ، وَقَيْسِ بْنِ أَبي حَازِمٍ، وَأَبي العَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاء، وَثَابِتِ بْنِ عُبَيْد، وَأَبي بِشْر، وَذَرِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، وَالشَّعْبيّ، وَالمِنهَالِ بْنِ عَمْرو، وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، وَغَيْرُهُمْ كَثِير 0

ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:

ص: 762

رَوَى عَنهُ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ، أَبُو إِسْحَاقَ السَّبيعِيّ، وَعَاصِمُ بْنُ أَبي النَّجُود، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَم، وَالإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَان، وَالأَوْزَاعِيّ، وَشُعْبَة، وَمَعْمَر، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِر، وَوَكِيع، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْر، وَخَالِدٌ الحَذَّاء، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيّ، وَأَبُو نُعَيْم، وَسَعِيدُ بْنُ أَبي عَرُوبَة، وَيحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ القَطَّانُ، وَصَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم، وَسُهَيْلُ بْنُ أَبي صَالِح، وَأَبَانُ بْنُ تَغْلِب،

ص: 763

وَيُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ 0

قَالَ عَنهُ يحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ القَطَّان: «هُوَ عَلَاَّمَةُ الإِسْلَام» 0

وَقَالَ عَنهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ خَيْثَمَة: «مَا أَدْرَكتُ أَحَدَاً أَعْقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَمُغِيرَة»

وَقَالَ عَنهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَة: «مَا أَدْرَكتُ أَحَدَاً أَعْقَلَ مِنَ الأَعْمَشِ وَمُغِيرَة» 0

ـ مَكَانَتُهُ في الْقِرَاءَات:

قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى يحْيىَ بْنِ وَثَّاب [مُقْرِئِ العِرَاق]

ص: 764

وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَمْزَةُ الزَّيَّات، وَزَائِدَةُ بْنُ قُدَامَة 0

وَقَرَأَ الكَسَائِيُّ عَلَى زَائِدَةَ بِحُرُوفِ الأَعْمَش 0

قَالَ عَنهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:

«كَانَ أَقْرَأَهُمْ لِلْقُرْآن، وَأَحْفَظَهُم لِلْحَدِيث، وَأَعْلَمَهُمْ بِالْفَرَائِض» 0

وَقَالَ عَنهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاش:

«كَانَ الأَعْمَشُ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ فَيُمْسِكُونَ عَلَيْهِ المَصَاحِف؛ فَلَا يُخْطِئُ في حَرْف» 0

وَقَالَ عَنهُ هُشَيْم:

ص: 765

وَقَالَ عَنهُ الإِمَامُ النَّسَائِيّ: «ثِقَةٌ ثَبْت» 0

وَقَالَ عَنهُ أَحْمَدُ العِجْلِيّ: «الأَعْمَشُ ثِقَةٌ ثَبْت، كَانَ مُحَدِّثَ الكُوفَةِ في زَمَانِه» 0

قَالَ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيِّ [شَيْخُ الإِمَامِ البُخَارِيّ]: «لَهُ نَحْوٌ مِن أَلْفٍ وَثَلَاثِماْئَةِ حَدِيث»

ـ شُحُّهُ بِالتَّحْدِيث:

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ قَال:

«خَرَجَ الأَعْمَشُ إِلىَ بَعْضِ السَّوَاد [أَيْ إِلىَ بَعْضِ النَّاس] فَأَتَاهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الحَدِيث 00؟

فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: لَوْ حَدَّثْتَ هَؤُلَاءِ المَسَاكِينَ 00؟

ص: 767

فَقَالَ: مَنْ يُعَلِّقُ الدُّرَّ عَلَى الخَنَازِيرِ 00؟!

وَكَانَ الأَعْمَش يَقُولُ مُؤَكِّدَاً ذَلِك: «لَا تَنْثُرُواْ اللُّؤْلُؤَ تَحْتَ أَظلَافِ الخنَازِير» 0

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيس: «قُلْتُ لِلأَعْمَش: يَا أَبَا محَمَّد؛ مَا يَمْنَعُكَ مِن أَخْذِ شَعْرِكَ؟

قَال: كَثْرَةُ فُضُولِ الحَجَّامِين، قُلْتُ: فَأَنَا أَجِيئُكَ بِحَجَّامٍ لَا يُكَلِّمُكَ حَتىَّ تَفرَغ؛ فَأَتَيْتُ جُنَيْدَاً الحَجَّام، وَكَانَ مُحَدِّثَاً؛ فَأَوْصَيْتُهُ؛ فَقَالَ نَعَمْ، فَلَمَّا أَخَذَ نِصْفَ شَعْرِه قَال: يَا أَبَا محَمَّد 00

ص: 768

كَيْفَ حَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبي ثَابِتٍ في المُسْتَحَاضَةِ 00؟

فَصَاحَ صَيْحَةً وَقَامَ يَعْدُو، وَبَقِيَ نِصْفُ شَعْرِه بَعْدَ شَهْرٍ غَيْرَ مَجْزُوز» 0

قَالَ نُعَيْم: «وَسَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ [الزَّاهِدَ المجَاهِدَ المَعْرُوفَ] يَقُول:

«سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَحْلِفُ أَنْ لَا يُحَدِّثَني، وَيَقُول: لَا أُحَدِّثُ قَوْمَاً وَهَذَا التُّركِيُّ فِيهِم» 0

وَهَذِهِ عَلَى رِفْعَةِ مَكَانَتِهِ مِن أَكْبَرَ مَسَاوِيه؛ كَيْفَ يَضِنُّ بحَدِيثِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَائِلِيه؟!

ص: 769

يَزْعُمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَصُونُ الْعِلْمِ عَن أَيْدِي الجُهَّال 00!!

سُبْحَانَ الله؛ فَلِمَنِ الْعِلْمُ إِذَن إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجُهَّال؛ وَالمُصِيبَةُ الْكُبرَى أَنْ تجِدَ في زَمَانِنَا مَنْ يَسِيرُ عَلَى نَفْسِ المِنوَال، وَيُقَدِّمُ التَّبرِيرَاتِ وَيَلْتَمِسُ المَعَاذِير؛ لهَذَا الْعَالِمِ الْكَبِير، وَالمحَدِّثِ الشَّهِير، سُوءُ فَهْمٍ بِهِ يُضْرَبُ المَثَل، وَمِنَ الخَوْفِ مَا قَتَل 00 أَلَا يَرْحَمُ اللهُ أُوْلي الأَحْلَامِ وَالنُّهَى 0

أَيْنَ هَذَا الْعَالِمُ الْكَبِير؛ مِن هَذَا الحَدِيثِ الخَطِير 00؟!

ص: 770

عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

«مَثَلُ الَّذِي يَتَعَلَّمُ العِلْمَ ثُمَّ لَا يُحَدِّثُ بِه: كَمَثَلِ الَّذِي يَكْنِزُ الكَنْزَ فَلَا يُنْفِقُ مِنه» 0

[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 5835، 3479، أَخْرَجَهُ الإِمَامُ الطَّبرَانيُّ في الأَوْسَطِ وَالْكَبِير]

أَلَمْ يَتَدَبَّرْ في حَالِهِ قَوْلُهُ تَعَالىَ: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في

ص: 771

الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَاّعِنُون ({البَقَرَة/159}

وَقَالَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَر:

«سُئِلَ الأَعْمَشُ عَن حَدِيثٍ؛ فَقَالَ لاِبْنِ المُخْتَار: تَرَى أَحَدَاً مِن أَصْحَابِ الحَدِيث 00؟

فَغَمَّضَ عَيْنَيْهِ وَقَال: لَا أَرَى أَحَدَاً يَا أَبَا محَمَّد ـ قَالَ لَا أَرَى أَحَدَاً بَعْدَ إِغْمَاضِ عَيْنَيْهِ؛ لِئَلَاّ تُكْتَبَ كِذْبَةً عَلَيْهِ ـ فَحَدَّثَ بِه» 0

ص: 772

قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُس: «خَرَجْنَا في جِنَازَةٍ وَرَجُلٌ يَقُودُهُ؛ فَلَمَّا رَجَعْنَا عَدَلَ بِهِ، فَلَمَّا أَصْحَرَ [أَيْ دَخَلَ الصَّحْرَاءَ] قَال: أَتَدْرِي أَيْنَ أَنْت 00؟

أَنْتَ في جَبَّانَةِ كَذَا، وَلَا أَرُدُّكَ حَتىَّ تَمْلأَ أَلْوَاحِي حَدِيثَاً؛ قَالَ اكْتُبْ، فَلَمَّا مَلأَ الأَلْوَاحَ رَدَّه، فَلَمَّا دَخَلَ الكُوفَةَ دَفعَ أَلْوَاحَهُ لإِنْسَانٍ، فَلَمَّا أَنِ انْتَهَى الأَعْمَشُ إِلىَ بَابِهِ تَعَلَّقَ بِهِ وَقَال: خُذُواْ الأَلْوَاحَ مِنَ الْفَاسِق؛ فَقَال: يَا أَبَا محَمَّد؛ قَدْ فَات [أَيْ فَاتَ أَوَانُ ذَلِك؛

ص: 773

لأَنَّهُ دَفَعَهَا لِصَاحِبِه]

فَلَمَّا أَيِسَ مِنهُ قَال: كُلُّ مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ كَذِب؛ قَال: أَنْتَ أَعْلَمُ بِاللهِ مِن أَنْ تَكْذِب» 0

حَقَّاً: «لَا يُؤْكَلُ الجَوْزُ إِلَاّ حِينَ يَنْكَسِرُ» 0 [إِلْيَاس فَرَحَات]

كَانَ الأَعْمَش يَقُول: «كُنْتُ آتي مُجَاهِدَاً فَيَقُول: لَوْ كُنْتُ أُطِيقُ المَشْيَ لَجِئْتُك»

وَقَال: «كُنْتُ إِذَا خَلَوتُ بِأَبي إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ غَضَّاً لَيْسَ عَلَيْهِ غُبَار»

فَلَيْتَهُ فَعَلَ مَعَ تَلَامِذَتِهِ كَمَا صَنَعَ مَعَهُ شُيُوخُه 00

ص: 774

قَالَ وَكِيع: «جَاؤُواْ إِلىَ الأَعْمَشِ يَوْمَاً؛ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَقَال:

لَوْلَا أَنَّ في مَنْزِلي مَن هُوَ أَبغَضُ إِليَّ مِنْكُمْ؛ مَا خَرَجتُ إِلَيْكُمْ» 0

ـ بَعْضُ نَوَادِرِه:

وَكَانَ لَهُ وَلدٌ مُغفَّل، قَالَ لَهُ يَوْمَاً: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَنَا حَبْلاً لِلْغَسِيل؛ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَتِ؛ طُولُ كَمْ 00؟

قَال: عَشْرَةُ أَذْرُع، قَالَ في عَرْضِ كَمْ 00؟

قَال: في عَرْضِ مُصِيبَتي فِيك» 0

عَن حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ قَال: «قَرَأْتُ عَلَى الأَعْمَشِ فَقُلْتُ لَه: كَيْفَ رَأَيْتَ قِرَاءتي؟

ص: 775

وَلَبِسَ مَرَّةً فَرْوَاً مَقْلُوبَاً؛ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا محَمَّد؛ لَوْ لَبِسْتَهَا وَصُوفُهَا إِلىَ دَاخِلٍ كَانَ أَدْفَأَ لَك؛ قَال: كُنْتَ أَشَرْتَ عَلَى الكَبْشِ بِهَذِهِ المَشُورَة» 0

ـ مَنَاقِبُه:

وَقَالَ عَنهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:

«لَمْ نَرَ نَحْنُ مِثْلَ الأَعْمَش، وَمَا رَأَيْتُ الأَغْنِيَاءَ عِنْدَ أَحَدٍ أَحْقَرَ مِنهُمْ عِنْدَهُ مَعَ فَقْرِهِ وَحَاجَتِه»

وَقَالَ عَنهُ وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:

ص: 777

يَعْني بِتَحْرِيجِهِمْ لِلشَّيْخ، وَحَمْلِهِمْ إِيَّاهُ بِإِحْرَاجِهِ بِالأَسْئِلَةِ عَلَى إِلْقَاءِ الْفُتْيَا؛ بِدُونِ رَوِيَّة، وَبِسُؤَالِهِ عَن حَالِ أَقْرَانِهِ مِنْ مُعَاصِرِيه، وَقَدْ يَكُونُونَ لَا يُعْجِبُونَه؛ فَإِمَّا أَنْ يُجِيبَهُمْ بِالصَّرَاحَةِ وَالصِّدْق؛ فَيَتَّهِمُهُ خُصُومُهُ بِالْوَقَاحَةِ وَالحُنْق 00!!

وَإِمَّا أَنْ يُظْهِرَ خِلَافَ مَا يُبْطِنُ وَيُضْطَرُّ النِّفَاق؛ فَيُفْسِدَ مَا بَيْنَهُ وَبَينَ الخَلَاّق 00!!

ص: 779