الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَافِظُ
عَبْدُ الْغَنيِّ المَقْدِسِيّ
هُوَ الإِمَامُ الْكَبِيرُ الحَافِظُ الْقُدْوَةُ الْعَابِدُ المجَاهِدُ الآمِرُ بِالمَعْرُوفِ النَّاهِي عَنِ المُنْكَرِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو محَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنيِّ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورِ بْنِ رَافِعِ بْنِ حَسَنِ بْنِ جَعْفَرٍ المَقْدِسِيُّ الدُِّمَشْقِيّ 0
وُلِدَ سَنَةَ 541 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 600 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ أَبَا الْفَتْحِ ابْنَ الْبَطِّيّ، وَأَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ الْفَرَّاء، وَالشَّيْخَ عَبْدَ الْقَادِرِ الجِيلَانيّ، وَهِبَةَ اللهِ بْنَ هِلَالٍ الدَّقَّاق، وَأَبَا زُرْعَةَ الرَّازِي المَقْدِسِيّ، وَالحَافِظَ أَبَا طَاهِرٍ السِّلَفِيَّ وَكَتَبَ عَنهُ نَحْوَاً مِن أَلْفِ جُزْءٍ، وَأَبَا المَعَالي بْنَ صَابر، وَالحَافِظَ أَبَا مُوسَى المَدِينيّ، وَأَبَا الْفَضْلِ الطُّوسِيّ 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ ابْنُ خَالِهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ ابْنُ قُدَامَةَ صَاحِبُ المُغْني، وَالحَافِظُ عِزُّ الدِّينِ محَمَّد، وَالحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ [ابْنُ بِنْتِ خَالِ صَاحِبِ التَّرْجَمَة]، وَالحَافِظُ أَبُو مُوسَى عَبْدُ الله، والفَقِيهُ أَبُو سُلَيْمَانَ أَوْلَادُه، وَالشِّهَابُ الْقُوصِيّ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الْقَلَانسِيّ، وَآخَرُون
ـ صِفَاتُهُ الشَّكْلِيَّة:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «وَكَانَ لَيْسَ بِالأَبِْيضِ الأَمْهَقِ، بَلْ يَمِيلُ إِلىَ السُّمرَةِ، حَسَنَ الشَّعْرِ، كَثَّ اللِّحْيَة، وَاسِعَ الجَبِين، عَظِيمَ الخَلْق، تَامَّ الْقَامَة، كَأَنَّ النُّورَ يَخْرُجُ مِنْ وَجهِهِ، وَكَانَ قَدْ ضعُفَ بَصَرُهُ مِنَ الْبُكَاءِ وَالنَّسْخِ وَالمُطَالَعَة» 0
ـ محَافَظَتُهُ الشَّدِيدَةُ عَلَى وَقْتِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: قَالَ أَخُوهُ الشَّيْخُ الْعِمَاد:
«مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَشَدَّ محَافِظَةً عَلَى وَقْتِهِ مِن أَخِي» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ:سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ رِضْوَانَ المُقْرِئَ يَقُول:
«مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً عَلَى سِيرَةِ الحَافِظ؛ كَانَ مُشْتَغِلاً طُولَ زَمَانِهِ» 0
ـ رِحْلَتُِهُ الْوَاسِعَةُ في طَلَبِ الْعِلْمِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رحمه الله: «سَمِعَ الْكَثِيرَ بِدِمَشْقَ، وَالإِسْكَنْدَرِيَّة، وَبَيْتَ المَقْدِس، وَمِصْر، وَبَغْدَاد، وَالمَوْصِل، وَأَصْبَهَانَ، وَهَمَذَانَ، وَحَرَّان [مَدِينَةٌ بجَنُوبِ تُرْكِيَا، شَمَالَ الرِّقَّةِ بِسُورِيَّة]، وَكَتَبَ رحمه الله الْكَثِير»
0
قَالَ عَنهُ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «رَحَلَ إِلىَ بَغْدَادَ مرَّتين، وَإِلىَ مِصْرَ مرَّتين، سَافرَ إِلىَ بَغْدَادَ هُوَ وَابْنُ خَالِهِ الشَّيْخُ المُوَفَّقُ في أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ، فَكَانَا يَخْرُجَانِ مَعَاً، وَيَذْهَبُ أَحدُهُمَا في صُحْبَة رفِيقِهِ إِلىَ دَرْسِهِ وَسَمَاعِهِ، وَخوَّفَهُمَا النَّاسُ مِن أَهْلِ بَغْدَاد، وَكَانَ الحَافِظُ مَيْلُهُ إِلىَ الحَدِيثِ وَالمُوَفَّقُ يُرِيدُ الْفِقْه، فَتفقَّهَ الحَافِظُ وَسَمِعَ المُوَفَّقُ مَعَهُ الْكَثِير، فَلَمَّا رَآهُمَا الْعُقَلَاءُ عَلَى التَّصَوُّنِ وَقِلَّةِ
المُخَالَطَةِ أَحَبُّوهُمَا وَأَحْسَنُواْ إِلَيهُمَا، وَحصَّلَا عِلْمَاً جَمَّاً، فَأَقَامَا بِبَغْدَادَ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِين، وَنَزَلَا أَوَّلاً عِنْد الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِر، فَأَحْسَنَ إِلَيهِمَا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ قُدُومِهِمَا بخَمْسِينَ لَيْلَةً، ثمَّ اشْتَغَلَا بِالفِقْهِ وَالاِخْتِلَافِ عَلَى مُوسَى بْنِ المَدِينيّ، وَرَحَلَ الحَافِظُ إِلىَ السِّلَفِيِّ فَأَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ سَافرَ إِلىَ أَصْبَهَانَ فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً وَحَصَّلَ الْكتُبَ الجيِّدَة» 0
ـ قَالُواْ عَن عِلْمِهِ بِالرِّجَالِ وَبَصَرِهِ بِعِلَلِ الحَدِيث:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الْوَاعِظُ في كِتَابِهِ «مِرَآة الزَّمَان» : «ضَعُفَ بَصَرُهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالمُطَالَعَة، وَكَانَ أَوْحَدَ زَمَانِهِ في عِلْمِ الحَدِيث» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: كَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنيِّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ لَا يَكَادُ يُسْأَلُ عَن حَدِيثٍ إِلَاَّ ذَكَرَهُ وَبَيَّنَهُ، وَذَكَرَ صِحَّتَهُ أَوْ سَقَمَه، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ إِلَاَّ قَال: هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانيّ، وَيَذْكُرُ نَسَبَهُ؛ فَكَانَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ في الحَدِيث» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ الشَّيْبَانيَّ قَال: سَمِعْتُ التَّاجَ الْكِنْدِيَّ يَقُول:
«لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الدَّارَقُطْنيِّ مِثْلُ الحَافِظِ عَبْدِ الْغَنيّ» 0
قَالَ أَبُو مُوسَى المَدِينيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: «قَلَّ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا يَفْهَمُ هَذَا الشَّأْنَ كَفَهْمِ الشَّيْخِ الإِمَامِ أَبي محَمَّدٍ عَبْدِ الْغَنيِّ المَقْدِسِيِّ، وَقَدْ وُفِّقَ لِتَبْيِينِ هَذِهِ الْغَلَطَات، وَلَوْ كَانَ الدَّارَقُطْنيُّ وَأَمْثَالُهُ في الأَحْيَاءِ لَصَوَّبُواْ فِعْلَهُ، وَقَلَّ مَنْ يَفْهَمُ في زَمَانِنَا مَا فَهِمَ زَادَهُ اللهُ عِلْمَاً وَتَوْفِيقَاً» 0
ـ قَالُواْ عَن حِفْظِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: وَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ ظَفَرٍ يَقُول:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: وَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ ظَفَرٍ يَقُول:
«قَالَ رَجُلٌ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنيّ: رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّكَ تَحْفَظُ مِاْئَةَ أَلْفِ حَدِيث؛ فَقَال: لَوْ قَالَ أَكْثَرَ لَصَدَق» 00 أَيْ لَوْ قَالَ أَكْثَرَ مِنْ مِاْئَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ لَكَانَ صَادِقَاً 0
قَالَ رَبِيعةُ الصَّنْعَانيّ: «حَضَرْتُ الحَافِظَ أَبَا مُوسَى المَدِينيّ، وَهَذَا الحَافِظَ عَبْدَ الْغَنيّ؛ فَرَأَيْتُ عَبْدَ الْغَنيِّ أَحْفَظَ مِنهُ» 0
ـ قَالُواْ عَنْ مُؤَلَّفَاتِه:
كِتَابُ «المِصْبَاحِ في عُيونِ الأَحَادِيثِ الصِّحَاح» مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَادِيثِ «الصَّحِيحَيْن» ، فَهُوَ مُسْتخرَجٌ عَلَيْهِمَا بِأَسَانِيدِه 0 في ثَمَانيَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءَاً وَ «نِهَايَةِ المُرَادِ في السُّنَن» نَحْوُ مِاْئَتيْ جُزْءٍ لَمْ يُبَيِّضْهُ وَ «اليَوَاقِيت 0 مُجَلَّد» وَ «تُحْفَة الطَّالبينَ في الجِهَادِ وَالمُجَاهِدِينَ 0 مُجَلَّد» وَ «فَضَائِل خَيْرِ الْبرِيَّةِ 0 أَرْبَعَةُ أَجْزَاء» وَ «الرَّوْضَة 0 مُجَلَّد» وَ «التَّهجُّد 0 جُزْآن» وَ «الْفَرَج 0 جُزْآن» وَ «الصِّلَات إِلىَ الأَمْوَات 0 جُزْآن» وَ «
الصِّفَات 0 جُزْآن» وَ «مِحْنَة الإِمَامِ أَحْمَدَ 0 جُزْآن» وَ «ذَمُّ الرِّيَاء 0 جُزْء» وَ «ذَمّ الْغِيبَةِ 0 جُزْء» 0
وَ «التَّرْغِيبُ في الدُّعَاء 0 جُزْء» وَ «فَضَائِل مَكَّةَ 0 أَرْبَعَةُ أَجْزَاء» وَ «الأَمْر بِالمَعْرُوف 0 جُزْء» وَ «فَضْلُ رَمَضَانَ 0 جُزْء» وَ «فَضْلُ الصَّدَقَةِ 0 جُزْء» وَ «فَضْلُ عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ 0 جُزْء» وَ «فَضَائِل الحَجِّ 0 جُزْء» وَ «فَضْلُ رَجَب» وَ «وَفَاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 0 جُزْء» وَ «الأَقسَام الَّتي أَقْسَمَ بِهَا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم»
وَ «الأَرْبَعِينَ» [بِسَنَدٍ وَاحِدٍ]، وَ «أَرْبَعِينَ مِنْ كَلَامِ رَبِّ الْعَالِمِينَ» وَ «الأَرْبَعِين» آخَرُ وَ «الأَرْبَعِينَ» رَابِعُ وَ «اعْتِقَادُ الشَّافِعِيّ 0 جُزْء» وَ «الحِكَايَاتِ 0 سَبْعَةُ أَجزَاء» وَ «تَحَقِيقُ مُشْكِلِ الأَلْفَاظ 0 مجلَّدَيْن» وَ «الجَامِعُ الصَّغِيرِ في الأَحكَام» لَمْ يَتِمَّ وَ «ذِكْرُ الْقُبُور 0 جُزْء» وَ «الأَحَادِيثُ وَالحِكَايَات 0 مِاْئَةُ جُزْء» كَانَ يَقْرَؤُهَا لِلْعَامَّة وَ «مَنَاقِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز 0 جُزْء» وَوَعِدَّةُ أَجْزَاءٍ في «مَنَاقِبِ الصَّحَابَة» ،
وَأَشْيَاءَ كَثِيرَةً جِدَّاً مَا تَمَّتْ، وَالجَمِيعُ بِأَسَانِيدِهِ، بِخَطِّهِ المَلِيحِ الشَّدِيدِ السُّرْعَة وَ «الأَحْكَامِ الْكُبْرَى 0 مُجَلَّد» وَ «الصُّغْرَى 0 مُجَيْلِيد» وَ «دُرَرُ الأَثر 0 مُجَلَّد» وَ «السَّيرَة 0 جُزْءٌ كَبِير» وَ «الأَدْعِيَة الصَّحيحَة 0 جُزْء» وَ «تَبِيينُ الإِصَابَةِ لأَوهَامٍ حصلَتْ لأَبي نُعَيْمٍ في مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ 0 جُزْآن» يَدُلَاّنِ عَلَى بَرَاعَتِهِ وَحِفْظِهِ وَ «الْكَمَالُ في مَعْرِفَةِ رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّة» في أَرْبَعَةِ أَسْفَار، يَرْوِي فِيهَا بِأَسَانِيدِه» 0
ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ الذَّهَبيِّ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رحمه الله: «لَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَيَسْمَعُ وَيَكْتُبُ وَيَسْهَرُ وَيَدْأَب، وَيَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَنَهَى عَنِ المُنْكَر، وَيَتَّقِي اللهَ وَيَتَعَبَّد، وَيَصُومُ وَيَتَهَجَّد، وَيَنْشُرُ الْعِلْمَ إِلىَ أَنْ مَات»
ـ قَالُواْ عَن هِمَّتِهِ الْعَالِيَةِ في نَشْرِ عُلُومِ الحَدِيث:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ محَمَّدٍ الحَافِظَ يَقُول:
ـ يَوْمٌ مِن أَيَّامِ الحَافِظِ عَبْدِ الْغَنيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «كَانَ لَا يُضيِّعُ شَيْئَاً مِنْ زَمَانِهِ بِلَا فَائِدَة، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْر، وَيُلَقِّنُ الْقُرْآن، وَرُبَّمَا أَقْرَأَ شَيْئَاً مِنَ الحَدِيثِ تَلْقِينَاً، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي ثَلَاثَمِاْئَةِ رَكْعَة
00 بِالفَاتِحَةِ وَالمُعَوِّذَتَين 00 إِلىَ قَبْلِ الظُّهْر، وَيَنَامُ نَوْمَةً، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْر، وَيَشْتَغِلُ إِمَّا بِالتَّسْمِيع أَوْ بِالنَّسْخِ إِلىَ المَغْرِب، فَإِنْ كَانَ صَائِمَاً أَفْطَرَ، وَإِلَاَّ صَلَّى مِنَ المَغْرِبِ إِلىَ الْعِشَاء، وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَيَنَامُ إِلىَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ بَعْدَه، ثُمَّ يَقُومُ كَأَنَّ إِنْسَانَاً يُوقِظُه، فَيُصَلِّي لَحْظَةً ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي إِلىَ قُرْبِ الْفَجْر، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَوْ ثَمَانِيَاً في اللَّيْلِ وَيَقُول: مَا تَطِيبُ ليَ
الصَّلَاةُ إِلَاَّ مَا دَامَتْ أَعْضَائِي رَطْبَةً، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً يَسِيرَةً إِلىَ الْفَجْر، وَهَذَا دَأْبُه» 0
ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَخُشُوعِهِ في الصَّلَاة، وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ لله:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ محْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ التَّاجِرَ الحَرَّانيَّ يَقُول:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الْوَاعِظُ في كِتَابِهِ «مِرَآة الزَّمَان» :
ـ قَالُواْ عَنْ تَوَاضُعِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَقُول: سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِنَا يَقُول: إِنَّ الحَافِظَ سُئِلَ: لِمَ لَا تَقْرَأُ مِن غَيْرِ كِتَاب 00؟
قَال: أَخَافُ الْعُجْب» 0
ـ حِلْمُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: «وَكُنَّا أَحْدَاثَاً نَكْتُبُ الحَدِيثَ حَوْلَهُ، فَضَحِكْنَا مِنْ شَيْءٍ وَطَالَ ضَحِكُنَا؛ فَتَبَسَّمَ وَلَمْ يَحْرَدْ عَلَيْنَا»
ـ مجْلِسُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ:
ـ حُبُّ النَّاسِ لَهُ وَمَكَانَتُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في صُدُورِهِمْ:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ:
«مَا أَعْرفُ أَحَدَاً مِن أَهْلِ السُّنَّةِ رَآهُ إِلَاَّ أَحَبَّهُ وَمَدَحَهُ كَثِيرَاً»
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: «وَلَمَّا وَصَلَ إِلىَ مِصْرَ كُنَّا بِهَا، فَكَانَ إِذَا خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ لَا نَقْدِرُ نَمْشِي مَعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الخَلْق، يَتَبَرَّكُونَ بِهِ وَيَجْتَمِعُونَ حَوْلَه» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «سَمِعْتُ محْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ الحَرَّانيَّ بِأَصْبَهَانَ يَقُول:
ـ قَالُواْ عَنْ بِرِّهِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ وَإِحْسَانِهِ إِلىَ المُسْلِمِين:
قَالَ ابْنُ خَالِهِ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّين: «كَانَ الحَافِظُ يُؤْثِرُ بِمَا تَصِلُ يَدُهُ إِلَيْهِ سِرَّاً وَعَلَانِيَّة، ثُمَّ سَرَدَ حِكَايَاتٍ في إِعْطَائِهِ جُمْلَةَ دَرَاهِمَ لِغَيْرِ وَاحِد» 0
وَقَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «كَانَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يُكْرِمُ الطَّلبَةَ، وَيُحْسِنُ إِلَيْهِمْ» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الْوَاعِظُ في كِتَابِهِ «مِرَآة الزَّمَان» :
«كَانَ يحْمِلُ مَا أَمْكَنَهُ إِلىَ بُيُوتِ الأَرَامِلِ وَالْيَتَامَى سِرَّاً» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ سُلَيْمَان الأَسْعَرْدِيَّ يَقُول:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْعِرَاقِيَّ قَال: حَدَّثَني مَنْصُورٌ الْغَضَارِيُّ قَال: «شَاهَدْتُ الحَافِظَ في الْغَلَاءِ بِمِصْرَ وَهُوَ ثَلَاثَ لَيَالٍ يُؤْثِرُ بِعَشَائِهِ وَيَطْوِي، وَرَأَيْتُهُ يَوْمَاً قَدْ أُهدِيَ إِلَيْهِ مِشْمِشٌ؛ فَكَانَ يُفَرِّقُهُ وَهُوَ يَقُول:
(لَنْ تَنَالُواْ البِرَّ حَتىَّ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيم ({آلِ عِمْرَان}
وَقَدْ فُتح لَهُ بِكَثِيرٍ مِنَ الذَّهَبِ وَغَيْرِهِ؛ فَمَا كَانَ يَتْرُكُ شَيْئَاً حَتىَّ قَالَ ليَ ابْنُهُ أَبُو الْفَتْحِ يَوْمَاً: وَالِدِي يُعْطِي النَّاسَ الْكَثِيرَ وَنَحْنُ لَا يَبْعَثُ إِلَيْنَا بِشَيْء» 0
ـ قَالُواْ عَنْ جِهَادِهِ في الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَر عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ ابْنُ خَالِهِ المُوَفَّقُ صَاحِبُ المُغْني: «كَانَ الحَافِظ لَا يَصْبِرُ عَن إِنْكَار المُنْكَرِ إِذَا رَآهُ»
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ:
قَالَ ابْنُ خَالِهِ المُوَفَّقُ رحمه الله: «كُنَّا مرَّة أَنْكَرْنَا عَلَى قَوْمٍ وَأَرَقْنَا خَمْرَهُمْ، وَتَضَارَبْنَا، فَسَمِعَ خَالِي أَبُو عُمَرَ، فَضَاقَ صَدْرُه، وَخَاصَمَنَا، فَلَمَّا جِئْنَا إِلىَ الحَافِظِ طَيَّبَ قُلُوبَنَا وَصَوَّبَ فِعْلَنَا
وَتَلَا: ? وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَك ?»
وَقَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ رِضْوَانَ المُقْرِئَ يَقُول:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يحْكِي عَنِ الأَمِيرِ دِرْبَاسَ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ الحَافِظِ إِلىَ المَلِكِ الْعَادِل، فَلَمَّا قَضَى المَلِكُ كَلَامَهُ مَعَ الحَافِظِ جَعَلَ يَتَكَلَّمُ في أَمْرِ مَارْدِينَ وَحِصَارِهَا [حِصْنٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ بِتُرْكِيَا آنَذَاك]، فَسَمِعَ الحَافِظُ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ فَقَال: أَيْشْ هَذَا، وَأَنْتَ بَعْدُ تُرِيدُ قِتَالَ المُسْلِمِين، مَا تَشْكُرُ اللهَ فِيمَا أَعْطَاك، أَمَا 000؟! أَمَا 000؟!
قَال: فَمَا أَعَادَ السُّلْطَانُ وَلَا أَبْدَى 0
ثُمَّ قَامَ الحَافِظُ وَقُمْتُ مَعَه، فَقُلْتُ: أَيْشْ هَذَا 00؟ نَحْنُ كُنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ مِن هَذَا، ثمَّ تَعْمَلُ هَذَا الْعَمَل 00؟
قَال: أَنَا إِذَا رَأَيْتُ شَيْئَاً لَا أَقْدِرُ أَن أَصْبِر» 0
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: «سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بْنَ أَحْمَدَ الطَّحَّانَ يَقُول: كَانَ بَعْضُ أَوْلَادِ صَلَاحِ الدِّينِ قَدْ عُمِلَتْ لَهُمْ طَنَابِير، وَكَانُواْ في بُسْتَانٍ يَشْرَبُون، فَلَقِيَ الحَافِظُ الطَّنَابِيرَ فَكَسَّرَهَا، قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنيّ: فَلَمَّا كُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ الهَادِي عِنْد حَمَّامِ
كَافُور: إِذَا قَوْمٌ كَثِيرٌ مَعَهُمْ عِصِيّ، فَخِفْتُ المَشْيَ وَجَعَلْتُ أَقُول: حَسْبيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل، فَلَمَّا صِرْتُ عَلَى الجِسْرِ لحِقُواْ صَاحِبي فَقَال: أَنَا مَا كَسَرْتُ لَكُمْ شَيْئَاً، هَذَا هُوَ الَّذِي كَسَر؛ قَال: فَإِذَا فَارِسٌ يَرْكُضُ، فَتَرَجَّلَ وَقبَّلَ يَدِي وَقَال: الصِّبْيَانُ مَا عَرَفُوك، وَكَانَ قَدْ وَضَع الله لَهُ هَيْبَةً في النُّفُوس» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ ابْنَ الطَّحَّانِ، قَال:
«كَانُواْ في دَوْلَةِ الأَفْضَلِ جَعَلُواْ المَلَاهِيَ عِنْد الدَّرَج [أَيْ عَلَى مَدَاخِلِ الْقُصُور]، فَجَاءَ الحَافِظُ فَكَسَّرَ شَيْئَاً كَثِيرَاً، ثُمَّ صَعِدَ يَقْرَأُ الحَدِيث، فَجَاءَ رَسُولُ الْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِالمَشْيِ إِلَيْهِ لِيُنَاظِرَهُ في الدُّفِّ وَالشَّبَّابَة؛ فَقَال: ذَاكَ عِنْدِي حَرَام، وَلَا أَمْشِي إِلَيْه، ثُمَّ قرَأَ الحَدِيث؛ فَعَادَ الرَّسُولُ، فَقَال: لَا بُدَّ مِنَ المَشْيِ إِلَيْه، أَنْتَ قَدْ بَطَّلْتَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ عَلَى السُّلْطَان؛ فَقَالَ الحَافِظ: ضَرَبَ الله رَقَبَتَهُ وَرَقَبَةَ
السُّلْطَان؛ فَمَضَى الرَّسُولُ وَخِفْنَا، فَمَا جَاءَ أَحَد» 0
ـ محْنَةُ الإِمَامِ الحَافِظِ عَبْدِ الْغَنيِّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «كَانُواْ قَدْ أَوْغَرُواْ عَلَيْهِ صَدْرَ الْعَادِلِ وَتَكَلَّمُواْ فِيه، وَكَانَ بَعْضُهُمْ أَرْسَلَ إِلىَ الْعَادِلِ يَبْذُُلُ في قَتْلِ الحَافِظِ خَمْسَةَ آلَافِ دِينَار» 0
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ محْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ الحَرَّانيَّ يَقُول: «كَثُرَ المُخَالفُونَ عَلَى الحَافِظِ وَنَالُواْ مِنهُ، حَتىَّ عَزَمَ المَلِكُ الْكَامِلُ عَلَى إِخْرَاجِهِ، وَاعْتُقِلَ في دَارِهِ أُسْبُوعَاً» 0
كَمَا فُعِلَ بِالإِمَامِ أَحْمَدَ عِنْدَمَا اعْتُقِلَ بِدَارِ المُعْتَصِم؛ لَيْتَهُ سَأَلَ اللهَ مَنْزِلَةَ الإِمَامِ أَحْمَدَ لَا حَالَه
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَبَا محَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ قَال:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا: «جَرَّ هَذِهِ الْفِتْنَةَ نَشْرُ الحَافِظِ أَحَادِيثَ النُّزُولِ وَالصِّفَات؛ فَقَامُواْ عَلَيْهِ وَرَمَوْهُ بِالتَّجْسِيم، فَمَا دَارَى كَمَا كَانَ يُدَارِيهِمْ الشَّيْخُ المُوَفَّق» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الْوَاعِظُ في كِتَابِهِ «مِرَآة الزَّمَان» :
«نَقِمُواْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ في الْقُرْآنِ «كَلَامُ اللهِ غَيْرَ مَخْلُوق» ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَات؛ فَقَالَ وَالِي الْقَلْعَةِ الصَّارِمُ بَرْغَش: كُلُّ هَؤُلَاءِ عَلَى ضلَالَةٍ وَأَنْتَ عَلَى حَقّ 00؟
قَالَ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِكَسْرِ مِنْبَرِهِ، وَخَرَجَ الحَافِظُ إِلىَ بَعْلَبَكّ [مَدِينَةٌ بِشَرْقِ لُبْنَان]، ثمَّ سَافَرَ إِلىَ مِصْر؛ فَأَفْتىَ فُقَهَاءُ مِصْرَ بِإِبَاحَةِ دَمِهِ، وَقَالُواْ: يُفْسِدُ عَقَائِدَ النَّاس، وَيَذْكُرَ التَّجْسِيم؛ فَكَتَبَ الْوَزِيرُ بِنَفْيِهِ إِلىَ المَغْرِب، فَمَاتَ الحَافِظُ قَبْلَ وُصُولِ
الْكِتَاب» 0
وَقَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ محْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ الحَرَّانيَّ الأَصْبَهَانيَّ يَقُول:
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ الإِمَام عَبْد اللهِ بْن أَبي الحَسَنِ الجُبَّائِيّ بِأَصْبَهَانَ يَقُول:
«أَخَذَ أَبُو نُعَيْمٍ عَلَى ابْنِ مَنْدَةَ أَشْيَاءَ في كِتَابِ «الصَّحَابَة» ؛ فَكَانَ الحَافِظُ أَبُو مُوسَى المَدِينيُّ يَشْتَهِي أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَبي نُعَيْمٍ في كِتَابِهِ الَّذِي في الصَّحَابَة؛ فَمَا كَانَ يَجْسُرُ عَلَى ذَلِك؛ لاِتِّصَالِ أَبي نُعَيْمٍ بِرُؤَسَاءَ الْبَلَد، فَلَمَّا قَدِمَ الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنيِّ أَشَارَ إِلَيْهِ بِذَلِك؛ فَأَخَذَ عَلَى أَبي نُعَيْمٍ نَحْوَاً مِنْ مِاْئَتَيْنِ وَتِسْعِينَ مَوْضِعَاً، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ الصَّدْرُ الخُجَنْدِيُّ طَلَبَ عَبْدَ الْغَنيِّ وَأَرَادَ إِهْلَاكَهُ فَاخْتَفَى»
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ محْمُودَ بْنَ سَلَامَةَ الحَرَّانيَّ الأَصْبَهَانيَّ يَقُول:
«سَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُول: كُنَّا بِالمَوْصِلِ نَسْمَعُ «الضُّعَفَاء» لأَبي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيّ، فَأَخَذَني أَهْل المَوْصِل وَحَبَسُوني، وَأَرَادُواْ قَتْلِي مِن أَجْلِ ذِكْرِ شَيْءٍ فِيه، فَجَاءَني رَجُلٌ طَوِيلٌ مَعَهُ سَيْف، فَقُلْتُ: يَقْتُلُني وَأَسْترِيح، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئَاً، ثُمَّ أَطْلَقُوني، فَقَلَعَ ابْنُ الْبَرْنيِّ الْوَاعِظُ الْكَرَّاسَ الَّذِي فِيهِ ذَلِكَ الشَّيْء، فَأَرْسَلُواْ وَفَتَّشُواْ الْكِتَابَ
فَلَمْ يَجِدُواْ شَيْئَاً، فَهَذَا سَبَبُ خَلَاصِه» 0
ـ إِنْصَافُ الأَئِمَّةِ لَهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَنيِّ قَال: حَدَّثَني الشُّجَاعُ بْنُ أَبي زَكَرِيَّا الأَمِيرَ قَال: «قَالَ لي المَلِكُ الْكَامِلُ يَوْمَاً: هَا هُنَا فَقِيهٌ قَالُواْ إِنَّهُ كَافِر؛ فَقُلْتُ: لَا أَعْرِفُهُ، قَالَ بَلَى، هُوَ مُحَدِّث؛ قُلْتُ: لَعَلَّهُ الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنيّ 00؟
قَال: هَذَا هُو؛ فَقُلْتُ: أَيُّهَا المَلِك، الْعُلَمَاءُ أَحَدُهُمْ يَطْلُبُ الآخِرَة، وَآخَرُ يَطْلُبُ الدُّنْيَا 00
وَأَنْتَ هُنَا بَابُ الدُّنْيَا، فَهَذَا الرَّجُلُ جَاءَ إِلَيْكَ أَوْ تَشَفَّعَ يَطْلُبُ شَيْئَاً 00؟
قَالَ لَا؛ قُلْتُ: فَوَاللهِ هَؤُلَاءِ يَحْسُدُونَهُ؛ فَهَلْ في هَذِهِ الْبِلَادِ أَرْفَعُ مِنْك 00؟
قَالَ لَا؛ قُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ أَرْفَعُ الْعُلَمَاءِ كَمَا أَنْتَ أَرْفَعُ النَّاس؛ قَالَ المَلِكُ الْكَامِل: جَزَاكَ اللهُ خَيرَاً كَمَا عَرَّفْتَني، ثُمَّ بَعَثْتُ رُقْعَةً إِلَيْهِ أُوصِيهِ بِهِ؛ فَطَلَبَني؛
فَجِئْتُ، وَإِذَا عِنْدَهُ شَيْخُ الشُّيُوخِ ابْنُ حَمُّوَيْه، وَعِزُّ الدِّينِ الزِّنجَارِيّ؛ فَقَالَ ليَ السُّلْطَان: نحْنُ في أَمْرِ الحَافِظ؛ فَقَال: أَيُّهَا المَلِك؛ الْقَوْمُ يَحْسُدُونَهُ، وَهَذَا الشَّيْخُ بَيْنَنَا يَعْني: شَيْخَ الشُّيُوخِ ابْنَ حَمُّوَيْه؛ فَحَلَّفْتُهُ:
هَلْ سَمِعْتَ مِنَ الحَافِظِ كَلَامَاً يُخْرِجُ عَنِ الإِسْلَام 00؟
فَقَال: لَا وَاللهِ، مَا سَمِعْتُ مِنهُ إِلَاَّ كُلَّ جَمِيل» 0
ـ تَقْدِيرُ الخَلِيفَةِ الْعَادِلِ نُورِ الدِّينِ لَهُ وَخَوْفُهُ مِنه:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: رَأَيْتُ بِخَطِّ الحَافِظ: «وَالمَلِكُ الْعَادلُ اجْتَمَعت بِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنهُ إِلَاَّ الجَمِيل، فَأَقْبَل عَلَيَّ وَقَامَ إِليَّ وَالْتَزَمَني، وَدَعَوْتُ لَهُ، ثُمَّ قُلْتُ: عِنْدَنَا قُصُور؛ هُوَ الَّذِي يُوجِبُ التَّقْصِير؛ فَقَال: مَا عِنْدَكَ لَا تَقْصِيرٌ وَلَا قُصُور، وَذَكَرَ أَمْرَ السُّنَّةِ فَقَال: مَا عِنْدَكَ شَيْءٌ تُعَابُ بِهِ لَا في الدِّينِ وَلَا الدُّنْيَا، وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِن حَاسِدِين» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ فَضَائِلَ بْنَ محَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سُرُورٍ المَقْدِسِيَّ يَقُول:
ـ بَعْضُ كَرَامَاتِه، في حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَبَعْضُ مَنْ رَآهُ في مَنَامَاتِهِ:
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى ابْنَ الحَافِظِ يَقُول: حَدَّثَني أَبُو محَمَّدٍ أَخُو اليَاسَمِينيِّ قَال: كُنْتُ يَوْمَاً عِنْدَ وَالِدك، فَقُلْتُ في نَفْسِي: أَشْتَهِي لَوْ أَنَّ الحَافِظ يُعْطِيني ثَوْبه حَتىَّ أُكَفَّنَ فِيه، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْقِيَامَ خَلَعَ ثَوْبَهُ الَّذِي يَلِي جَسَدَهُ وَأَعْطَانِيه، وَبَقِيَ الثَّوْبُ عِنْدَنَا، كُلُّ مَنْ مَرِضَ تَرَكَوهُ عَلَيْهِ فَيُعَافَى» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: «رَأَيْتُ في النَّوْمِ بِمَرْوَ كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ بَيْنَ يَدَيِ الحَافِظِ عَبْدِ الْغَنيِّ يَقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ جُزْء، وَكَانَ الحَافِظُ يَرُدُّ عَلَيْه» 0
أَيْ يُرَاجِعُهُ وَيَعْتَرِضُ عَلَيْهِ في بَعْضِ المَسَائِلِ وَالْعِلَل 0
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى ابْنَ الحَافِظِ يَقُول: حَدَّثَني هِبَةُ اللهِ بْنُ حَيْدَرَةَ قَال:
«لَمَّا خَرَجْتُ لِلصَّلَاةِ عَلَى الحَافِظِ لَقِيَني رَجُلٌ فَقَال:
أَنَا غَرِيبٌ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَأَنيِّ في أَرْضٍ بِهَا قَوْمٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيض، فَقُلْتُ: مَا هَؤُلَاء 00؟!
قِيل: مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ نَزَلُواْ لِمَوْتِ الحَافِظ» 0
قَالَ الضِّيَاءُ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ المَقْدِسِيّ الأَمِينَ يَقُول: رَأَيْتُ كَأَنيِّ بمَسْجِدِ الدَّيْرِ وَفِيهِ رِجَالٌ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيض؛ وَقَعَ في نَفْسِي أَنَّهُمْ مَلَائِكَة، فَدَخَلَ الحَافِظُ عَبْدُ الْغَنيِّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه؛ فَقَالُواْ بِأَجْمَعهِمْ: نَشْهَدُ بِاللهِ إِنَّكَ مِن أَهْلِ اليَمِين 00
مَرَّتَينِ أَوْ ثَلَاثَاً» 0
قَالَ ضِيَاءُ الدِّينِ المَقْدِسِيّ: سَمِعْتُ الْفَقِيهَ أَحْمَدَ بْنَ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْغَنيِّ يَقُول:
((رَأَيْتُ أَخَاكَ الْكَمَالَ عَبْدَ الرَّحِيمِ في النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا فُلَان؛ أَيْنَ أَنْت 00؟
قَالَ رحمه الله: في جَنَّةِ عَدْن؛ فَقُلْتُ: أَيُّمَا أَفْضَل: الحَافِظُ أَوِ الشَّيْخُ أَبُو عُمَر [ابْنُ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ صَاحِبُ المُغْني]؛ فَقَال: مَا أَدْرِي، أَمَّا الحَافِظُ فُكُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ يُنْصَبُ لَهُ كُرْسِيٌّ تَحْتَ الْعَرْشِ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيث، وَيُنْثَرُ عَلَيْهِ الدُّرُّ وَالجَوْهَر، وَهَذَا نَصِيبي مِنهُ، وَكَانَ في كُمِّهِ شَيْء)) 0