المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ هُوَ شَيْخُ الإِسْلَام، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّام: أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيّ - حياة التابعين

[ياسر الحمداني]

فهرس الكتاب

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌أَعْلَامُ أَئِمَّةِ المُحَدِّثِين:

- ‌الإِمَامُ البُخَارِيّ

- ‌الإِمَامُ مُسْلِم

- ‌الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل

- ‌الإِمَامُ أَبُو دَاوُد

- ‌أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ

- ‌الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ مَاجَة

- ‌الإِمَامُ النَّسَائِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارِمِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَة

- ‌الإِمَامُ ابْنُ حِبَّان

- ‌الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرَاني

- ‌إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه

- ‌الإِمَامُ الحُمَيْدِيّ

- ‌أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبي شَيْبَة

- ‌مَعْمَرُ بْنُ رَاشِد

- ‌أَعْلَامُ الحُفَّاظ:

- ‌عِكْرِمَةُ مَوْلىَ ابْنِ عَبّاس

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيّ

- ‌ثَابِتٌ الْبُنَانيّ

- ‌أَبُو العَالِيَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الله

- ‌ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة

- ‌الأَعْمَش

- ‌أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِي

- ‌أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ عُقْدَة

- ‌أَبُو بَكْرِ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الجَعَّابيّ

- ‌حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة

- ‌حَمَّادُ بْنُ زَيْد

- ‌عَمْرُو بْنُ دِينَار [

- ‌ابْنُ جُرَيْج

- ‌عَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيّ

- ‌إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ

- ‌الْفِرْيَابيّ

- ‌ عَبْدُ الْغَنيِّ المَقْدِسِيّ

- ‌سُلَيْمَانُ التَّيْمِيّ

- ‌يَزِيدُ بْنُ هَارُون

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبي خَالِد

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب

- ‌أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ

- ‌ابْنُ أَبي ذِئْب

- ‌الْقَعْنَبيّ

- ‌الأَشْجَعِيّ

- ‌هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيّ [

- ‌[ابْنُ عُلَيَّة]

- ‌غُنْدَر

- ‌مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيّ

- ‌مَكْحُولٌ الأَزْدِيّ

- ‌يحْيىَ بْنُ يحْيىَ التَّمِيمِيّ

- ‌الْقَوَارِيرِيّ

- ‌أَبُو كُرَيْب

- ‌خَالِدُ بْنُ الحَارِث

- ‌ابْنُ المُقْرِئ

- ‌هُشَيْمُ بْنُ بَشِير

- ‌أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاش

- ‌ابْنُ لَهِيعَة

- ‌ابْنُ أَبي دَاوُد

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِم

- ‌الْقَاسِمُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق

- ‌أَعْلَامُ نُقَّادِ المحَدِّثِين:

- ‌شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاج

- ‌عَلِيُّ بْنُ المَدِينيّ

- ‌يَحْيىَ بْنُ مَعِين

- ‌أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي

- ‌أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌[ابْنُهُ]عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبي حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌يحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارَقُطْنيّ

- ‌عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم

- ‌أَبُو حَفْصٍ الْفَلَاَّس

- ‌أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب

- ‌ابْنُ الصَّلَاحِ الصَّفَدِي

- ‌الإِمَامُ الذَّهَبيّ [

- ‌أَعْلَامُ الْفُقَهَاء:

- ‌الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَة

- ‌الإِمَامُ مَالِك

- ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ

- ‌الإِمَامُ الشَّافِعِيّ

- ‌اللَّيْثُ بْنُ سَعْد

- ‌الشَّعْبيّ

- ‌رَبِيعَةُ الرَّأْي

- ‌أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي [

- ‌أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَان

- ‌أَعْلَامُ المُفَسِّرِين:

- ‌مُجَاهِد

- ‌قَتَادَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْقضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّحَاة:

- ‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌شُرَيْحٌ القَاضِي

- ‌الأَصْمَعِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْعَلَوِيِّين [الأَشْرَاف]:

- ‌جَعْفَرٌ الصَّادِق

- ‌مُوسَى الكَاظِم

- ‌أَعْلَامُ الزُّهَّاد [

- ‌أَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ

- ‌عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الكُوفِيّ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْن

- ‌محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر

- ‌حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك

- ‌الحَسَنُ الْبَصْرِيّ

- ‌محَمَّدُ بْنُ سِيرِين

- ‌الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض

- ‌الرَّبيعُ بْنُ خُثَيْم

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَم

- ‌مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيّ

- ‌ذُو النُّونِ المِصْرِيّ

- ‌وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاح

- ‌مَنْصُورُ بْنُ عَمَّار

- ‌يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع

- ‌دَاوُدٌ الطَّائِيّ

- ‌صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم

- ‌الْعَلَاءُ بْنُ زِيَاد

- ‌سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌المُعَافَى بْنُ عِمْرَان

- ‌ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيّ

- ‌ابْنُ سَمْعُون

- ‌ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ

الفصل: ‌ ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ هُوَ شَيْخُ الإِسْلَام، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّام: أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيّ

‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ

هُوَ شَيْخُ الإِسْلَام، وَعَالِمُ أَهْلِ الشَّام: أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيّ 0 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُحْمَد

وُلِدَ سَنَةَ 88 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 157 هـ 0

ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:

حَدَّثَ عَن عَطَاءِ بْنِ أَبي رَبَاح، وَأَبي جَعْفَرٍ الْبَاقِر، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْب، وَمَكْحُول، وَقَتَادَة، وَبِلَالِ بْنِ سَعْد، وَالزُّهْرِيّ، وَيَحْيىَ بْنِ أَبي كَثِير، وَحَسَّانِ بْنِ عَطِيَّة، وَيُونُسَ بْنِ مَيْسَرَة،

ص: 1512

وَمحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِم، وَعَطَاءٍ الخُرَاسَانيّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، وَمحَمَّدِ بْنِ سِيرِين، وَمحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَان، وَنَافِعٍ مَوْلىَ ابْنِ عُمَر، وَخَلْقٍ كَثِير 0

ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:

رَوَى عَنهُ: ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ، وَيحْيىَ بْنُ أَبي كَثِير [وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ وَشُعْبَة]، وَالثَّوْرِيّ، وَالإِمَامُ مَالِك، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز، وَابْنُ المُبَارَك، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ، وَبَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد،

ص: 1513

وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، وَيَحْيىَ الْقَطَّان، وَمحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابيّ، وَأَبُو المُغِيرَةِ الحِمْصِيّ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيل، وَمحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ المَصِّيصِيّ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْوَاحِد، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ 0

ـ نُبْذَةٌ مخْتَصَرَةٌ عَنْ نَشْأَتِهِ رحمه الله:

حَدَّثَ الْفَسَوِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ عَنْ شُيُوخِهِ قَالُواْ:

«قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: مَاتَ أَبي وَأَنَا صَغِيرٌ، فَذَهَبتُ أَلعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَمَرَّ بِنَا فُلَانٌ وَذَكَرَ شَيْخَاً جَلِيلاً مِنَ الْعَرَبِ

ص: 1514

فَفَرَّ الصِّبْيَانُ حِينَ رَأَوْهُ، وَثَبَتُّ أَنَا، فَقَالَ: ابْنُ مَن أَنْت 00؟

فَأَخْبَرْتُهُ؛ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي؛ يَرْحَمُ اللهُ أَبَاك، فَذَهَبَ بي إِلىَ بَيْتِهِ، فَكُنْتُ مَعَهُ حَتىَّ بَلَغْت، فَأَلحَقَني في الدِّيوَان، وَضَرَبَ عَلَيْنَا بَعثَاً إِلىَ الْيَمَامَة، فَلَمَّا قَدِمْنَاهَا، وَدَخَلنَا مَسْجِدَ الجَامِعِ، وَخَرَجنَا، قَالَ لي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِنَا:

رَأَيْتُ يحْيىَ بْنَ أَبي كَثِيرٍ مُعْجَبَاً بِكَ، يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ في هَذَا الْبَعْثِ أَهْدَى مِن هَذَا الشَّابِّ

ص: 1515

قَالَ: فَجَالَسْتُهُ، فَكَتَبْتُ عَنهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كِتَابَاً، أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَاحْتَرَقَ كُلُّه» 00!!

ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَعِبَادَتِهِ لله:

قَالَ صَفْوَانُ بْنُ صَالِح:

«كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَقُول: مَا رَأَيتُ أَكْثَرَ اجْتِهَادَاً في الْعِبَادَةِ مِنَ الأَوْزَاعِيّ» 0

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ بْنَ رَبِيعَةَ قَال:

ص: 1516

«حَجَجْنَا مَعَ الأَوْزَاعِيِّ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمائَة؛ فَمَا رَأَيْتُهُ مُضْطَجِعَاً في المَحْمَلِ في لِيلٍ وَلَا نَهَارٍ قَطّ؛ كَانَ يُصَلِّي، فَإِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ اسْتَنَدَ إِلىَ الْقَتْب» 0

حَدَّثَ ابْنُ زَبْرٍ عَن إِسْحَاقَ بْنِ خَالِدٍ عَن أَبي مُسْهِرٍ قَال:

«مَا رُئِيَ الأَوْزَاعِيُّ بَاكِيَاً قَطّ، وَلَا ضَاحِكَاً حَتىَّ تَبدُوَ نَوَاجِذُه، وَإِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ أَحْيَانَاً كَمَا رُوِيَ في الحَدِيث، وَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلَاةً وَقُرْآنَاً وَبُكَاءً، وَأَخْبَرَني بَعْضُ إِخْوَاني مِن أَهْلِ بَيْرُوتَ أَنَّ

ص: 1517

أُمَّهُ كَانَتْ تَدْخُلُ مَنْزِلَ الأَوْزَاعِيِّ وَتَتَفَّقَدُ مَوْضِعَ مُصَلَاَّهُ فَتَجِدُهُ رَطْبَاً مِنْ دُمُوعِهِ في اللَّيْل» 0

ـ قَالُواْ عَنْ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ وَتَدْوِينِهِ لَه:

قَالَ الإِمَامُ عَبْدُ الرَّزَّاق: «أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ ابْنُ جُرَيْج، وَصَنَّفَ الأَوْزَاعِيّ» 0

قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «هُوَ أَوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الْعِلْمَ بِالشَّام» 0

ـ قَالُواْ عَنِ عِلْمِهِ:

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش:

ص: 1518

«سَمِعْتُ النَّاسَ في سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِاْئَةٍ يَقُولُون: الأَوْزَاعِيُّ اليَوْمَ عَالِمُ الأُمَّة» 0

حَدَّثَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش عَنْ محَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ قَال:

«قُلْتُ لأُمَيَّةَ بْنِ يَزِيد: أَيْنَ الأَوْزَاعِيُّ مِنْ مَكْحُول 00؟

قَال: هُوَ عِنْدَنَا أَرْفَعُ مِنْ مَكْحُول» 0

قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «بِلَا رَيْب؛ هُوَ أَوسَعُ دَائِرَةً في الْعِلْمِ مِنْ مَكْحُول» 0

ص: 1519

حَدَّثَ الحَكَمُ بْنُ مُوسَى عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَال: «مَا كُنْتُ أَحْرِصُ عَلَى السَّمَاعِ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ حَتىَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المَنَامِ وَالأَوْزَاعِيُّ إِلىَ جَنْبِه؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله؛ عَمَّن أَحْمِلُ الْعِلْم 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «عَن هَذَا» ، وَأَشَارَ إِلىَ الأَوْزَاعِيّ» 0

ـ قَالُواْ عَنْ فِقْهِهِ:

قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ:

ص: 1520

«كَانَ لَهُ مَذْهَبٌ مُسْتَقِلٌّ مَشْهُور، عَمِلَ بِهِ فُقَهَاءُ الشَّامِ مُدَّةً، وَفُقَهَاءُ الأَنْدَلُسِ، ثمَّ انْدَثَر» 0

حَدَّثَ أَبُو مُسْهِرٍ عَنِ الهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ قَال: «أَجَابَ الأَوْزَاعِيُّ في سَبْعِينَ أَلْفَ مَسْأَلَة»

حَدَّثَ العَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَال:

«كُنَّا عِنْدَ أَبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ؛ فَذَكَرَ الإِمَامَ الأَوْزَاعِيَّ فَقَال: ذَاكَ رَجُلٌ كَانَ شَأْنُهُ عَجَبَاً؛ كَانَ يُسْأَلُ عَنِ الشَّيْءِ عِنْدَنَا فِيهِ الأَثَر؛ فَيَرُدُّ وَاللهِ الجَوَابَ كَمَا هُوَ

ص: 1521

في الأَثَر، لَا يُقَدِّمُ مِنهُ وَلَا يُؤَخِّر»

حَدَّثَ العَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ عَن عَبَّاسِ بْنِ نَجِيحٍ الدِّمَشْقِيِّ عَن عَوْنِ بْنِ حَكِيمٍ أَنَّهُ قَال:

«حَجَجْتُ مَعَ الأَوْزَاعِيّ؛ فَلَمَّا أَتىَ المَدِينَةَ وَأَتىَ المَسْجِدَ بَلَغَ مَالِكَاً مَقْدَمُهُ، فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْه، فَلَمَّا صَلَّيَا الظُّهرَ تَذَاكَرَا أَبْوَابَ الْعِلْم؛ فَلَمْ يَذْكُرَا بَابَاً إِلَاَّ ذَهَبَ عَلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ فِيه، ثُمَّ صَلَّوُاْ الْعَصْرَ فَتَذَاكَرَا، كُلٌّ يَذْهَبُ عَلَيْهِ الأَوْزَاعِيُّ فِيمَا يَأْخُذَانِ فِيه؛ حَتىَّ

ص: 1522

اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ أَوْ قَرُبَ اصْفِرَارُهَا» 0

ـ بَعْضٌ مِنْ فَتَاوَاه رحمه الله:

قَالَ الوَلِيدُ بْنُ مَزْيَد: «سُئِلَ الأَوْزَاعِيُّ عَن إِمَامٍ تَرَكَ سَجدَةً سَاهِيَاً حَتىَّ قَامَ وَتَفَرَّقَ النَّاس؛ قَالَ رحمه الله: يَسْجُدُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنهُمْ سَجْدَةً وَهُمْ مُتَفَرِّقُون» 0

وَقَالَ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ التِّنِّيسِيّ: «قِيلَ لِلأَوْزَاعِيّ: يَا أَبَا عَمْرو؛ الرَّجُلُ يَسْمَعُ الحَدِيثَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ لَحْن؛ أَيُقِيمُهُ عَلَى عَرَبِيَّتِه 00؟

ص: 1523

قَالَ رحمه الله: نَعَمْ؛ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَكَلَّمُ إِلَاَّ بِعَرَبِيّ» 00 أَيْ يُبَرِّرُ التَّصْوِيب

وَحَدَّثَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«لَا بَأْسَ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ وَالخَطَأِ في الحَدِيث» 0

ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، وَانْبِهَارُهُمْ بِعَبْقَرِيَّتِهِ النَّادِرَة:

قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيد:

«مَا رَأَيْتُ أَبي يَتَعَجَّبُ مِنْ شَيْءٍ في الدُّنْيَا، تَعَجُّبَهُ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ، فَكَانَ يَقُول:

ص: 1524

سُبْحَانَكَ، تَفْعَلُ مَا تَشَاء؛ كَانَ الأَوْزَاعِيُّ يَتِيمَاً فَقِيرَاً في حَجْرِ أُمِّه، تَنقُلُهُ مِنْ بَلَدٍ إِلىَ بَلَد، وَقَدْ جَرَى حُكْمُكَ فِيهِ أَنْ بَلَّغْتَهُ حَيْثُ رَأَيتُه، يَا بُنيّ؛ عَجَزَتِ المُلُوكُ أَنْ تُؤَدِّبَ نَفْسَهَا وَأَوْلَادَهَا أَدَبَ الأَوْزَاعِيِّ لِنَفْسِه، مَا سَمِعْتُ مِنهُ كَلِمَةً قَطُّ فَاضِلَةً إِلَاَّ احْتَاجَ مُسْتَمِعُهَا إِلىَ إِثْبَاتِهَا عَنهُ [أَيْ تَدْوِينُهَا] وَلَا رَأَيْتُهُ ضَاحِكَاً قَطُّ حَتىَّ يُقَهْقِه، وَلقَدْ كَانَ إِذَا أَخَذَ في ذِكْرِ المَعَادِ، أَقُولُ في نَفْسِي: أَتُرَى في

ص: 1525

المَجْلِسِ قَلْبٌ لَمْ يَبْكِ» 00؟!

ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله عَلَيْه:

حَدَّثَ مَسْلَمَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله قَال: «الأَوْزَاعِيُّ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِه» 0

ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رحمه الله عَلَيْه:

حَدَّثَ الرَّبِيعُ المُرَادِيُّ عَنِ الإِمَامِ الشَّافِعِيَّ رحمه الله قَال:

«مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَشْبَهَ فِقْهُهُ بِحَدِيثِهِ مِنَ الأَوْزَاعِيّ» 00 أَيْ لَا تُخَالِفُ الأَحَادِيثُ فَتَاوَاه 0

ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رحمه الله عَلَيْه:

ص: 1526

حَدَّثَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رحمه الله قَال:

«لَوْ قِيلَ لي: اخْتَرْ لِهَذِهِ الأُمَّة؛ لَاخْتَرتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَالأَوْزَاعِيّ، وَلَوْ قِيلَ لي: اخْتَرْ أَحَدَهُمَا؛ لَاخْتَرْتُ الأَوْزَاعِيّ؛ لأَنَّهُ أَرْفَقُ الرَّجُلَين» 0

ـ إِجْلَالُ الإِمَامِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رحمه الله لَه:

حَدَّثَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ عَنْ وَلَدٍ مِن أَوْلَادِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَال:

ص: 1527

«كَانَتْ تَرِدُ عَلَى الخَلِيفَةِ المَنْصُورِ كُتُبٌ مِنَ الأَوْزَاعِيِّ نَتَعَجَّبُ مِنهَا، وَيَعْجَزُ كُتَّابُهُ عَنهَا؛ فَكَانَتْ تُنْسَخُ في دَفَاتِرَ وَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيِ المَنْصُور؛ فَيُكْثِرُ النَّظَرَ فِيهَا اسْتِحْسَانَاً لأَلفَاظِهَا؛ فَقَالَ الخَلِيفَةُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ وَكَانَ مِن أَحْظَى كُتَّابِهِ عِنْدَه: يَنْبَغِي أَنْ تُجِيبَ الأَوْزَاعِيَّ عَنْ كُتُبِهِ جَوَابَاً تَامَّاً؛ قَال: وَاللهِ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَا أُحْسِنُ ذَلِك، وَإِنَّمَا أَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أُحسِن، وَإِنَّ لَهُ نَظْمَاً في الْكُتُبِ

ص: 1529

لَا أَظُنُّ أَحَدَاً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ يَقْدِرُ عَلَى إِجَابَتِهِ عَنه، وَأَنَا أَسْتَعِينُ بِأَلفَاظِهِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهَا مِمَّنْ نُكَاتِبُهُ في الآفَاق» 0

ـ قَالُواْ عَنْ بَلَاغَتِهِ في مَوَاعِظِِه:

حَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنِ الهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ وَعَظَ فَقَالَ في مَوْعِظَتِه: أَيُّهَا النَّاس؛ تَقَوَّوْا بِهَذِهِ النِّعَمِ الَّتي أَصْبَحْتُمْ فِيهَا عَلَى الهَرَبِ مِنْ نَارِ اللهِ المُوقَدَة، الَّتي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَة، فَإِنَّكُمْ في دَار:

ص: 1530

الثَّوَاءُ فِيهَا قَلِيل، وَقَدْ آذَنَ عَنهَا الرَّحِيل، سَكَنَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ فَأَثَارُوهَا وَعَمَرُوهَا، كَانُواْ أَطوَلَ مِنْكُمْ أَعمَارَاً، مَشَواْ في مَنَاكِبِهَا وَنَقَّبُواْ في الْبِلَاد، وَكَانُواْ أُوْلي بَأْسٍ شَدِيد، فَمَا لَبِثُواْ أَنْ صَارُواْ كَحَبُِّ الحَصِيد، فَهَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِن أَحَدٍ وَلَا تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزَا، أَلهَاهُمُ الأَمَل؛ حَتىَّ بَاغَتَهُمُ الأَجَل، فَأَصْبَحُواْ في دِيَارِهِمْ جَاثِمِين؛ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِين، ثُمَّ إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا نَزَلَ بِسَاحْتِهِمْ بَيَاتَاً،

ص: 1531

فَأَصْبَحُواْ رُفَاتَاً، كَأَعْجَازِ نَخْلٍ خَاوِيَة، مَسَاكِنُهُمْ خَالِيَة، فَمَا تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَة» 0

ـ قَالُواْ عَنْ مَنَاقِبِهِ:

حَدَّثَ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«كُنَّا نَضْحَكُ وَنَمْزَح؛ فَلَمَّا صِرْنَا يُقْتَدَى بِنَا؛ خَشِيتُ أَنْ لَا يَسَعَنَا التَّبَسُّم» 0

حَدَّثَ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال:

«مَا رَأَيتُ أَحَدَاً أَحْلَمَ وَلَا أَكْمَلَ وَلَا أَحْمَلَ فِيمَا حُمِّلَ مِنَ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيّ» 0

ص: 1532

حَدَّثَ الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَن عَمْرِو بْنِ أَبي سَلَمَةَ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله قَال:

«رَأَيتُ كَأَنَّ مَلَكَينِ عَرَجَا بي، وَأَوْقَفَاني بَيْنَ يَدَي رَبِّ الْعِزَّةِ جل جلاله فَقَالَ لي: أَنْتَ عَبْدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الَّذِي تَأْمُرُ بِالمَعْرُوف 00؟

فَقُلْتُ: بِعِزَّتِكَ أَنْتَ أَعْلَم؛ فَهَبَطَا بي حَتىَّ رَدَّاني إِلىَ مَكَاني» 0

حَدَّثَ أَبُو فَرْوَةَ يَزِيدُ بْنُ محَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال

ص: 1533

«مَا أَخَذْنَا الْعَطَاءَ حَتىَّ شَهِدْنَا عَلَى عَلِيٍّ بِالنِّفَاقِ وَتَبَرَّأْنَا مِنهُ، وَأُخِذَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالعِتَاقُ وَأَيْمَانُ الْبَيْعَة؛ فَلَمَّا عَقَلْتُ أَمْرِي؛ سَأَلْتُ مَكْحُولاً، وَيحْيىَ بْنَ أَبي كَثِير، وَعَطَاءَ بْنَ أَبي رَبَاح، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْر؛ فَقَالُواْ: لَيْسَ عَلَيْكَ شَيْء؛ إِنَّمَا أَنْتَ مُكْرَه 00 فَلَمْ تَقَرَّ عَيْني، حَتىَّ فَارَقْتُ نِسَائِي وَأَعتَقْتُ رَقِيقِي وَخَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَكَفَّرْتُ أَيْمَاني 00!!

ص: 1534

فَأَخْبِرْني: سُفْيَانُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِك» 00؟

ـ شَجَاعَتُهُ في كَلِمَةِ الحَقّ:

حَدَّثَ عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَكَّارٍ عَنِ ابْنِ أَبي الْعِشْرِينَ أَنَّهُ قَال:

«سَمِعْتُ أَمِيرَاً كَانَ بِالسَّاحِلِ يَقُولُ وَقَدْ دَفَنَّا الأَوْزَاعِيَّ وَنحْنُ عِنْدَ الْقَبْر: رَحِمَكَ اللهُ أَبَا عَمْرو، فَلَقَدْ كُنْتُ أَخَافُكَ أَكْثَرَ مِمَّنْ وَلَاَّني» 0

حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ الْفِرْيَابيِّ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

ص: 1535

«لَمَّا فَرَغَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ [عَمُّ السَّفَّاحِ] مِنْ قَتْلِ بَني أُمَيَّة؛ بَعَثَ إِلَيَّ، وَكَانَ قَتَلَ يَوْمَئِذٍ نَيِّفَاً وَسَبْعِينَ مِنْهُمْ في مَشْهَدٍ وَاحِد» 0

سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَن أَبي خُلَيْدٍ عُتْبَةَ بْنِ حَمَّادٍ الْقَارِئِ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ قَال:

«بَعَثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَلِيٍّ إِلَيّ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيّ، وَقَدِمْتُ، فَدَخَلْتُ وَالنَّاسُ سِمَاطَان [فَرِيقَان] فَقَال: مَا تَقُولُ في مَخْرَجِنَا وَمَا نَحْنُ فِيه 00؟

ص: 1536

قُلْتُ: أَصلَحَ اللهُ الأَمِير، قَدْ كَانَ بَيْني وَبَيْنَ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ مَوَدَّة [أَيْ أَخُو عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيّ]

قَالَ: لَتُخْبِرَنيِّ؛ فَتَفَكَّرْتُ ثُمَّ قُلْت: لأَصْدُقَنَّه، وَاسْتَبسَلْتُ لِلْمَوْت 00

ثُمَّ رَوَيْتُ لَهُ عَنْ يحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ حَدِيثَ الأَعْمَال، وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ يَنْكُتُ بِهِ، ثُمَّ قَال:

يَا عَبْدَ الرَّحْمَن؛ مَا تَقُولُ في قَتْلِ أَهْلِ هَذَا الْبَيْت 00؟

قُلْتُ:

عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:

ص: 1537

«لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَأَنيِّ رَسُولُ اللهِ إِلَاّ بِإِحْدَى ثَلَاث: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْس، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَة» 0

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 6878 / فَتْح، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ بِرَقْم: 1676 / عَبْد البَاقِي]

فَقَال: أَخْبِرْني عَنِ الخِلَافَة؛ وَصِيَّةٌ لَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00؟

ص: 1538

فَقُلْتُ: لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكَ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَحَدَاً يَتَقَدَّمُه 0

قَال: فَمَا تَقُولُ في أَمْوَالِ بَني أُمَيَّة 00؟

قُلْتُ: إِنْ كَانَتْ لَهُمْ حَلَالاً؛ فَهِيَ عَلَيْكَ حَرَام، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ حَرَامَاً، فَهِيَ عَلَيْكَ أَحرَم؛ فَأَمَرَني، فَأُخْرِجْت 0

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَقول: فَجَعَلْتُ لَا أَخطُو خُطوَةً إِلَاَّ قُلْتُ: إِنَّ رَأْسِي يَقَعُ عِنْدَهَا» 0

ص: 1539

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ المَرْزُبَانِ عَن أَبي نَشِيطٍ محَمَّدِ بْنِ هَارُونَ عَنِ الْفِرْيَابيِّ أَنَّهُ قَال:

«اجْتَمَعَ الثَّوْرِيُّ وَالأَوْزَاعِيُّ وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ بِمَكَّة، فَقَالَ الثَّوْرِيُّ لِلأَوْزَاعِيّ: حَدِّثْنَا يَا أَبَا عَمْرٍو حَدِيثَكَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيّ 00؟

قَالَ رحمه الله: نَعَمْ، لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ، وَقَتَلَ بَني أُمَيَّة؛ جَلَسَ يَوْمَاً عَلَى سَرِيرِه، وَعَبَّأَ أَصْحَابَهُ أَرْبَعَةَ أَصْنَاف: صِنْفٌ مَعَهُمُ السُّيُوفُ المُسَلَّلَة، وَصِنْفٌ مَعَهُمُ الجَزَرَةُ [عَلَّهَا

ص: 1540

سَوَاطِيرُ الجَزَّارِين] وَصِنْفٌ مَعَهُمُ الأَعْمِدَة، وَصِنْفٌ مَعَهُمُ الْكَافِركُوب، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيّ؛ فَلَمَّا صِرْتُ بِالبَابِ أَنْزَلُوني، وَأَخَذَ اثْنَانِ بَعْضُدَيَّ وَأَدْخَلُوني بَيْنَ الصُّفُوف، حَتىَّ أَقَامُوني مُقَامَاً يَسْمَعُ كَلَامِي، فَسَلَّمْتُ، فَقَال: أَنْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الأَوْزَاعِيّ 00؟

قُلْتُ: نَعَمْ، أَصْلَحَ اللهُ الأَمِير 0

قَال: مَا تَقُولُ في دِمَاءِ بَني أُمَيَّة 00؟

ص: 1541

فَسَأَلَ مَسْأَلَةَ رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلاً؛ فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ عُهُود؛ فَقَال: وَيْحَك؛ اجْعَلْني وَإِيَّاهُمْ لَا عَهْدَ بَيْنَنَا 0

فَأَجْهَشَتْ نَفْسِي، وَكَرِهَتِ الْقَتْل، فَذَكَرْتُ مُقَامِي بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عز وجل فَلَفَظْتُهَا، فَقُلْتُ:

دِمَاؤُهُمْ عَلَيْكَ حَرَام؛ فَغَضِبَ وَانْتَفَخَتْ عَيْنَاهُ وَأَوْدَاجُه، فَقَالَ لي: وَيْحَك؛ وَلِمَ 00؟!

قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 1542

«لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاَّ بِإِحْدَى ثَلَاث: ثَيِّبٍ زَانٍ، وَنَفْسٍ بِنَفْس، وَتَارِكٍ لِدِينِه» 0

قَالَ: وَيْحَك؛ أَوَلَيْسَ الأَمْرُ لَنَا دِيَانَة 00؟!

قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ 00؟

قَالَ: أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوْصَى إِلىَ عَلِيّ 00؟

قُلْتُ: لَوْ أَوْصَى إِلَيْه؛ مَا حَكَّمَ الحَكَمَيْن 0

فَسَكَتَ وَقَدِ اجْتَمَعَ غَضَبَاً؛ فَجَعَلْتُ أَتَوَقَّعُ رَأْسِي تَقَعُ بَيْنَ يَدَيّ 00

ص: 1543

فَقَالَ بيَدِهِ هَكَذَا أَوْمَأَ أَن أَخْرِجُوه؛ فَخَرَجْتُ فَرَكِبْتُ دَابَّتي، فَلَمَّا سِرْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ إِذَا فَارِسٌ يَتْلُوني، فَنَزَلْتُ إِلىَ الأَرْضِ فَقُلْتُ: قَدْ بَعَثَ لِيَأْخُذَ رَأْسِي، أُصَلِّي رَكْعَتَيْن، فَكَبَّرْتُ، فَجَاءَ وَأَنَا قَائِمٌ أُصَلِّي؛ فَسَلَّمَ وَقَال: إِنَّ الأَمِيرَ قَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ بِهَذِهِ الدَّنَانيْر؛ فَخُذْهَا؛ فَأَخَذْتُهَا فَفَرَّقتُهَا قَبْلَ أَن أَدْخُلَ مَنْزِلِي» 0

ص: 1544

حَدَّثَ الوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«لَا يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّعَاء، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ» 0

حَدَّثَ مَرْوَانُ الطَّاطَرِيُّ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«مَن أَطَال قِيَامَ اللَّيْل؛ هَوَّنَ اللهُ عَلَيْهِ وُقُوفَ يَوْمِ الْقِيَامَة» 0

حَدَّثَ بَقِيَّةُ وَالوَلِيدُ بْنُ مَزْيَدٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

ص: 1546

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«مَن أَخَذَ بِنَوَادِرِ الْعُلَمَاء؛ خَرَجَ مِنَ الإِسْلَام» 0

حَدَّثَ العَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ عَن أَبي عَبْدِ اللهِ بْنِ فُلَانٍ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«نَتَجَنَّبُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَاً، وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الحِجَازِ خَمْسَاً:

مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاق: شُرْبَ المُسْكِر، وَالأَكْلَ عِنْدَ الْفَجْرِ في رَمَضَان، وَلَا جُمُعَةَ إِلَاَّ في سَبْعَةِ أَمصَار، وَتَأَخَيْرَ الْعَصْرِ حَتىَّ

ص: 1548

يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ أَرْبَعَةَ أَمثَالِه، وَالفِرَارَ يَوْمَ الزَّحف 0

وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ الحِجَاز: اسْتِمَاعَ المَلَاهِي، وَالجَمعَ بَينَ الصَّلَاتَينِ مِن غَيرِ عُذْر، وَالمُتْعَةَ بِالنِّسَاء، وَالدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَينِ وَالدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْن 0 يَدَاً بيَد، وَإِتْيَانَ النِّسَاءِ في أَدْبَارِهنّ» 0

ـ خَبَرُ وَفَاتِهِ وَبَعْضُ كَرَامَاتِهِ رحمه الله:

حَدَّثَ العَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَيْرُوتِيُّ عَن عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ محَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ قَال:

ص: 1549

«جلَسْتُ إِلىَ شَيْخٍ في الجَامِعِ فَقَال: أَنَا مَيِّتٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ اليَوْمُ أَتَيتُه 00

فَإِذَا بِهِ يَتَفَلَّى في الصَّحْن، فَقَال: مَا أَخَذْتُمُ السَّرِير [أَيِ النَّعْش] خُذُوهُ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقُواْ إِلَيْه؛ قُلْتُ: مَا تَقُولُ رَحِمَكَ الله 00؟

قَال: هُوَ الَّذِي أَقُولُ لَك، رَأَيْتُ في المَنَامِ كَأَنَّ طَائِرَاً وَقَعَ عَلَى رُكْنٍ مِن أَركَانِ هَذِهِ الْقُبَّة، فَسَمِعْتُهُ يَقُول: فُلَانٌ قَدَرِيّ، وَفُلَانٌ كَذَا، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبي الْعَاتِكَةِ نِعْمَ الرَّجُل، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ

ص: 1550

الأَوْزَاعِيُّ خَيْرُ مَنْ يَمْشِي عَلَى الأَرْض، وَأَنْتَ مَيِّتٌ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، قَال: فَمَا جَاءتِ الظُّهْرُ حَتىَّ مَات، وَأُخْرِجَ بِجَنَازَتِه» 0

حَدَّثَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنْ يحْيىَ بْنِ مَعِينٍ قَال: «مَاتَ الإِمَامُ الأَوْزَاعِيُّ في الحَمَّام» 0

حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى المِصْرِيُّ عَن خَيْرَانَ بْنِ الْعَلَاءِ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله قَال:

ص: 1551

تُوُفِّيَ ابْنٌ لأَحَدِ الصَّالحِين؛ فَحَزِنَ لِذَلِكَ حُزْنًا شَدِيدَاً؛ فَقِيلَ لَهُ: اصْبرْ وَاحْتَسِبْ، كُلُّنَا إِلى فَنَاء 00 فَقَال: أَنَاْ لَمْ أَبْكِ لأَنَّهُ مَات، وَإِنمَا لِمَوْتِهِ في الكَنِيف؛ فَوَاسَوْهُ وَصَبَّرُوهُ عَلَى أَمْرِه، وَإِنْ كَانُواْ قَدْ عَذَرُوهُ في قِلَّةِ صَبرِه، وَلَمْ تَكَدْ تَمْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّام؛ حَتىَّ رَآهُ أَبُوهُ في المَنَام؛ فَوَجَدَهُ مُكَرَّمًا مُنَعَّمًا أَشَدَّ مَا يَكُونُ التَّنعِيم، وَلَيْسَ مِن أَصْحَابِ الجَحِيم؛ فَسَأَلَهُ عَنِ السّبَب؟!

ص: 1554

فَقَال: لأَنيِّ دَخَلْتُ الحَمَّام؛ عَلَى هَدِيِ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام؛ فَكَتَبَ اللهُ لي حُسْنَ الخِتَام!!

[قِصَّةٌ وَاقِعِيَّةٌ عَن أَحَدِ الدُّعَاة]

قَالَ محَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيّ: «كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رحمه الله فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَال:

رَأَيْتُ كَأَنَّ رَيْحَانَةً مِنَ المَغْرِبِ رُفِعَتْ؛ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ فَقَدْ مَاتَ الأَوْزَاعِيّ؛ فَكَتَبُواْ ذَلِك؛ فَوُجِدَ كَذَلِكَ في ذَلِكَ اليَوْم» 0

ص: 1555

رَوَى ابْنُ أَبي الدُّنْيَا عَن أَبي جَعْفَرٍ الآدَمِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَذْعُورٍ قَال:

«رَأَيْتُ الإِمَامَ الأَوْزَاعِيَّ في مَنَامِي، فَقُلْتُ: دُلَّني عَلَى دَرَجَةٍ أَتَقَرَّبُ بِهَا إِلىَ الله؛ فَقَالَ رحمه الله:

مَا رَأَيْتُ هُنَاكَ أَرْفَعَ مِنْ دَرَجَةِ الْعُلَمَاء، وَمِنْ بَعْدِهَا دَرَجَةُ المَحْزُونِين» 0

ص: 1556