الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِمَامُ الدَّارَقُطْنيّ
هُوَ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ النَّاقِدُ المُقْرِئُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الدَّارَقُطْنيّ
وُلِدَ سَنَةَ 306 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 385 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
سَمِعَ وَهُوَ صَبيٌّ مِن أَبي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيّ، وَيحْيىَ بْنِ محَمَّدِ بْنِ صَاعِد، وَأَبي بَكْرٍ بْنِ أَبي دَاوُد، وَأَبي عُمَرَ محَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْقَاضِي [الَّذِي قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: كَانَ عَدِيمَ النَّظِيرِ عَقْلاً وَحِلْمَاً وَذَكَاءً؛ بحَيْثُ إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا بَالَغَ في وَصْفِ شَخْصٍ قَال: كَأَنَّهُ أَبُو عُمَرَ الْقَاضِي]
وَسَمِعَ مِنَ الحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ المَحَامِلِيّ، وَأَبي الْعَبَّاسِ بْنِ عُقْدَة، وَمحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْعَطَّار، وَجَعْفَرِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الصَّيْدَلِيّ، وَأَبي طَالِبٍ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ الحَافِظ، وَإِسْمَاعِيلَ الصَّفَّار، وَابْنِ المُظَفَّر، وَابْنِ حَيَّوَيْهِ النَّيْسَابُورِيّ، وَأَبي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ، وَخَلْقٍ كَثِير 0
قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَبي بَكْرٍ النَّقَّاش، وَعَلِيِّ بْنِ ذُؤَابَةَ الْقَزَّازِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَبي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ بُويَان، وَأَحْمَدَ بْنَ محَمَّدٍ الدِّيبَاجِيِّ، وَسَمِعَ الحُرُوفَ السَّبْعَةِ مِن أَبي بَكْرٍ بْنِ مُجَاهِد، وَتَصَدَّرَ في آخِرِ أَيَّامِهِ للإِقْرَاء، لَكِنْ لَمْ يَبْلُغْنَا ذِكرُ مَنْ قَرَأَ عَلَيْه، وَسَأَفْحَصُ عَنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ الله 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ عَنهُ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَالحَافِظُ عَبْدُ الْغنيّ، وَالفَقِيهُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِينيّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانيّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ، وَحَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيّ، وَأَحْمَدُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الحَارِثِ الأَصْبَهَانيُّ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ السِّمْسَارِ الدِّمَشْقِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ مِنَ الْبَغَادِدَةِ وَالدَّمَاشِقَةِ وَالمِصْرِيِّينَ وَالرَّحَّالِين 0
ـ رِحْلَتُِهُ المُبَكِّرَةُ في طَلَبِ الْعِلْمِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبي الْفَوَارِس: «كُنَّا نَمُرُّ إِلىَ الْبَغَوِيِّ، وَالدَّارَقُطْنيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ صَبيٌّ يَمْشِي خَلْفَنَا بِيَدِهِ رَغِيفٌ عَلَيْهِ كَامَخ» 0
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«ارْتَحَلَ في الْكُهُولَةِ إِلىَ الشَّامِ وَمِصْر» 0
قَالَ الحَاكِم: «دَخَلَ الدَّارَقُطْنيُّ الشَّامَ وَمِصْرَ عَلَى كِبَرِ السِّنّ، وَحَجَّ وَاسْتَفَادَ وَأَفَاد، وَمُصَنَّفَاتُهُ يَطُولُ ذِكْرُهَا» 0
ـ جَمْعُهُ وَتَدْوِينُهُ لِلْحَدِيثِ النَّبَوِيّ:
رَوَى الصُّورِيُّ وَالحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ عَنْ رَجَاءَ بْنِ محَمَّدٍ المِصْرِيِّ أَنَّهُ قَال:
«قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنيّ: رَأَيْتَ مِثْلَ نَفْسِك 00؟
قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة: قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا:
{فَلَا تُزَكُّواْ أَنْفُسَكُمْ} [النَّجم: 32]
فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ غَفَرَ اللهُ لَهُ: لَمْ أَرَ أَحدَاً جَمعَ مَا جَمَعْت» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الْقَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيّ: كَانَ الدَّارَقُطْنيُّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ في الحَدِيث»
قَالَ الصُّورِيّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْدَ الْغنيِّ يَقُول:
أَحْسَنُ النَّاسِ كَلَامَاً عَلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةٌ: ابْنُ المَدِينيِّ في وَقْتِه، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ [يَعْني ابْنَ الحَمَّالِ] في وَقْتِه، وَالدَّارَقُطْنيُّ في
وَقْتِه» 0
كَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الْغنيِّ الأَزْدِيُّ إِذَا حَكَى عَنِ الدَّارَقُطْنيِّ يَقُول: «قَالَ أُسْتَاذِي» 0
ـ قَالَ عَنِهُ الحَاكِمُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الحَاكِم: حَجَّ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ أَبي ذُهْلٍ [الإِمَامُ الحَافِظُ النَّبِيل؛ الَّذِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافِ بَيْت]، كَانَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ يَصِفُ حِفْظَ الإِمَامِ الدَِّرَقُطْنيِّ وَتَفَرُّدَهُ بِالتَّقَدُّمِ حَتىَّ اسْتَنْكَرْتُ وَصْفَهُ، إِلىَ أَن حَجَجْتُ فَجِئْتُ بَغْدَادَ وَأَقَمْتُ
بِهَا أَزْيَدَ مِن أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَكَثُرَ اجْتِمَاعُنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار؛ فَصَادَفْتُهُ فَوْقَ مَا وَصفَهُ ابْنُ أَبي ذُهْل؛ فَسَأَلتُهُ عَنِ الْعِلَلِ وَالشُّيُوخ، وَلَهُ مُصنَّفَاتٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا» 0
ـ قَالُواْ عَنْ جَوْدَةِ حِفْظِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الخَطِيب: حَدَّثَنَا الأَزْهَرِيُّ قَال: بَلَغَني أَنَّ الدَّارَقُطْنيَّ حَضَرَ في حدَاثَتِهِ مجْلِسَ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّار، فَجَعَلَ يَنْسَخُ جُزءَاً كَانَ مَعَه، وَإِسْمَاعِيلُ يُمْلِي، فَقَالَ رَجُلٌ: لَا يَصِحُّ سَمَاعُكَ وَأَنْتَ تَنْسَخ، فَقَالَ
الدَّارَقُطْنيّ: فَهْمِي للإِمْلَاءِ خلَافُ فَهْمِك، كَمْ تحْفَظُ مِمَّا أَمْلَى الشَّيْخ 00؟
فَقَال: لَا أَحْفَظ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنيُّ رحمه الله: أَمْلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثَاً، الأَوَّلُ عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَان، وَمَتْنُهُ كَذَا وَكَذَا، وَالحَدِيثُ الثَّاني عَنْ فُلَانٍ عَنْ فُلَان، وَمَتْنُهُ كَذَا وَكَذَا، وَمَرَّ في ذَلِكَ حَتىَّ أَتَىَ عَلَى الأَحَادِيث، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنهُ» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانيّ: «كَانَ الدَّارَقُطْنيُّ رحمه الله يُمْلِي عَلَيَّ «الْعِلَلَ» مِن حِفْظِه» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا:
«إِنْ كَانَ كِتَابُ «الْعِلَلِ» المَوْجُودُ قَدْ أَمْلَاهُ الدَّارَقُطْنيُّ مِن حِفْظِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الحكَايَة: فَهَذَا أَمْرٌ عَظِيم؛ يُقْضَى بِهِ للدَّارَقُطْنيِّ أَنَّهُ أَحْفَظُ أَهْلِ الدُّنْيَا» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب:
«سَأَلْتُ الْبَرْقَانيَّ: هَلْ كَانَ أَبُو الحَسَنِ يُمْلِي عَلَيْك «الْعِلَلَ» مِن حِفْظِهِ 00؟
قَالَ نَعَمْ؛ أَنَا الَّذِي جَمَعْتُهَا، وَقَرَأَهَا النَّاسُ مِنْ نُسْخَتي» 0
ـ قَالُواْ عَنْ سَعَةِ عِلْمِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الأَزْهَرِيّ: كَانَ الدَّارَقُطْنيُّ ذَكِيَّاً إِذَا ذُكِرَ شَيْءٌ مِنَ الْعِلْمِ أَيُّ نَوْعٍ كَانَ وُجِدَ عِنْدَهُ مِنهُ نَصِيبٌ وَافِر؛ حَدَّثَني محَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ النِّعَاليُّ أَنَّهُ حَضَرَ مَعَ أَبي الحَسَنِ دَعْوَةً عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَيْلَةً، فَجَرَى شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ الأَكَلَة؛ فَانْدَفَعَ أَبُو الحَسَنِ يُورِدُ أَخْبَارَ الأَكَلَةِ وَحكَايَاتِهِمْ وَنوَادِرِهِمْ 000
حَتىَّ قَطَعَ أَكْثَرَ لَيْلَتِهِ بِذَلِك» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب: «كَانَ الدَّارَقُطْنيُّ فَرِيدَ عَصْرِهِ، وَقرِيعَ دَهْرِهِ، وَنَسِيجَ وَحْدِهِ، وَإِمَامَ وَقْتِهِ، انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الأَثرِ وَالمَعْرِفَةِ بِعِلَلِ الحَدِيثِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَال، مَعَ الصِّدْقِ وَالثِّقَة، وَصِحَّةِ الاِعْتِقَادِ وَالاِضْطلَاعِ في عُلُومٍ سِوَى الحَدِيث، مِنهَا الْقِرَاءَات؛ فَإِنَّهُ لَهُ فِيهَا كِتَابٌ مُخْتَصَرٌ جَمعَ الأُصُولَ في أَبْوابٍ عَقَدَهَا في أَوَّلِ الْكِتَاب، وَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَعْتَني بِالقِرَاءَاتِ يَقُول: لَمْ يُسْبَقْ أَبُو الحَسَنِ إِلىَ طرِيقَتِهِ في
هَذَا، وَصَارَ الْقُرَّاءُ بَعْدَهُ يَسْلُكُونَ ذَلِك، وَمِنهَا المَعْرِفَةُ بِمذَاهِبِ الْفُقَهَاء، فَإِنَّ كِتَابَهُ «السُّنَنَ» يَدُلُّ عَلَى ذَلِك، وَبلَغَني أَنَّهُ دَرَسَ فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبي سَعِيدٍ الإِصْطَخَرِيّ، وَقِيلَ عَلَى غَيْرِه، وَمِنهَا المَعْرِفَةُ بِالأَدَبِ وَالشِّعْر، حَدَّثَني حَمْزَةُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ طَاهِرٍ أَنَّ الدَّارَقُطْنيَّ كَانَ يَحْفَظُ «دِيوَانَ السَّيِّدِ الحِمْيَرِيّ» ؛ فَنُسِبَ لِذَا إِلىَ التَّشَيُّع» 0
ـ مَكَانَتُهُ في الْقِرَاءَاتِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ:
قَالَ عَنهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ في كِتَابِ «مُزَكَّى الأَخْبَار» :
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: «صَنَّفَ التَّصَانِيف، وَسَارَ ذِكْرُهُ في الدُّنْيَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الْقِرَاءَاتِ، وَعَقَدَ لَهَا أَبْوَابَاً قَبْلَ فَرْشِ الحُرُوف» 0
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَيْضَاً: «كَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ وَمِن أَئِمَّةِ الدُّنْيَا، انْتَهَى إِلَيْهِ الحِفْظُ وَمَعْرِفَةُ عِلَلِ الحَدِيثِ وَرجَالِه، مَعَ التَّقَدُّمِ في الْقِرَاءَاتِ وَطُرُقِهَا، وَقُوَّةِ المُشَارَكَةِ في الْفِقْهِ وَالاِخْتِلَافِ وَالمَغَازِي وَأَيَّامِ النَّاسِ وَغَيْرِ ذَلِك» 0
ـ قَالُواْ عَن بَصَرِهِ في الْعَرَبِيَّةِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ الحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيّ: سَمِعْتُ أَنَّ الدَّارَقُطْنيَّ قَرأَ كِتَابَ «النَّسَبِ» عَلَى مُسْلِمٍ الْعَلَوِيّ؛ فَقَالَ لَهُ المُعَيْطِيُّ الأَدِيبُ بَعْدَ الْقِرَاءَة: يَا أَبَا الحَسَن، أَنْتَ أَجْرَأُ مِن خَاصِي الأَسَد؛ تَقْرَأُ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الشِّعرِ وَالأَدَبِ فَلَا يُؤْخَذُ فِيهِ عَلَيْكَ لَحْنَة، وَتَعَجَّبَ مِنهُ»
ـ قَالُواْ عَنْ تَمَكُّنِهِ في عُلُومِ الحَدِيث:
قَالَ الأَزْهَرِيّ: «رَأَيْتُ ابْنَ أَبي الْفَوَارِسِ سَأَلَ الدَّارَقُطْنيَّ عَن عِلَّةِ حَدِيثٍ أَوِ اسْمٍ؛ فَأَجَابَ ثُمَّ قَال: يَا أَبَا الْفَتْح؛ لَيْسَ بَيْنَ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا غَيْرِي» 0
وَقَالَ عَنهُ الحَاكِمُ أَيْضَاً: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ:
ـ قَالَ في المُفَاضَلَةِ بَيْنَ الإِمَامَينِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا:
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيّ: «سُئِلَ أَبُو الحَسَن: إِذَا حدَّثَ النَّسَائِيُّ وَابنُ خُزَيْمَةَ بِحَدِيثٍ: أَيُّهُمَا نُقَدِّم 00؟
فَقَال: النَّسَائِيّ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثْلُه [أَيْ لَمْ يَكُن أَحَدٌ مِثْلُه]، وَلَا أُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحدَاً» 0
ـ قَالُواْ عَنْ وَرَعِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
صَحَّ عَنِ الدَّارَقُطْنيِّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ أَنَّهُ قَال:
ـ بَعْضُ مَا رُؤِيَ عَلَيْهِ مِنَ المَنَامَاتِ الحَسَنَةِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ الخَطِيبُ في تَرْجَمَتِهِ: حَدَّثَني أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بْنُ هِبَةِ اللهِ بْنِ مَاكُولَا قَال:
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ النَّاقِدُ محَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ حَمْدُوَيْه الضَّبِّيُّ الطَّهْمَانيُّ النَّيْسَابُورِيّ 0
وُلِدَ سَنَةَ 321 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 403 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ عَن أَبِيه، وَكَانَ أَبُوهُ قَدْ رَأَى مُسْلِمَاً صَاحِبَ «الصَّحِيح» ، وَحَدَّثَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ المُذَكِّرّ، وَمحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ الأَصَمّ، وَمحَمَّدِ بْن يَعْقُوبَ الشَّيْبَانيّ ابْنِ الأَخْرَم، وَمحَمَّدِ بْن عَبْدِ اللهِ بْن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَأَبي جَعْفَرٍ محَمَّدِ بْن محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيّ الجَمَّال،
وَمحَمَّدِ بْن المُؤَمَّل المَاسَرْجِسِيّ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاق الْبَغْدَادِيّ، وَأَبي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بْنُ دُرُسْتَوَيْه، وَأَبي سَهْلٍ بْن زِيَاد، وَالحُسَيْن بْن الحَسَنِ الطُّوسِيّ 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ عَنهُ الدَّارَقُطْنيّ [وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ]، وَأَبُو الْفَتْح بْنُ أَبي الْفَوَارِس، وَأَبُو الْعَلَاءِ الْوَاسِطِيّ، وَمحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيّ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَالزَّكِيُّ عَبْدُ الحَمِيدِ الْبَحِيرِيّ، وَعُثْمَانُ بْنُ محَمَّدٍ المَحْمِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَف الشِّيرَازِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ 0
ـ رِحْلَتُِهُ المُبَكِّرَةُ في طَلَبِ الْعِلْمِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «طَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ في صِغَرِهِ بِعِنَايَةِ وَالِدِهِ وَخَالِه، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ كَانَ في سَنَةِ ثَلَاثِين [وَعُمْرُهُ تِسْعُ سِنِين]، وَقَدِ اسْتملَى عَلَى الإِمَامِ ابْنِ حِبَّان سَنَةَ 334 هـ وَهُوَ ابْنُ ثلَاثَ عَشْرَةَ سَنَة»
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ قَال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَال: «سَمِعْتُ الخَلِيلَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الحَافِظَ ذَكَرَ الحَاكِمَ وَعَظَّمَهُ وَقَال: لَهُ رِحْلَتَانِ إِلىَ الْعِرَاقِ وَالحِجَاز، الثَّانيَةُ مِنهُمَا في سَنَةِ 68هـ، وَنَاظَرَ الدَّارَقُطْنيَّ فَرَضِيَهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ وَاسِعُ الْعِلْم، بَلَغَتْ تَصَانِيفُه قَرِيبَاً مِن خَمْسمِاْئَةِ جُزْء، يَسْتَقْصِي في ذَلِك، يُؤلِّفُ الْغَثَّ وَالسَّمِين، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ عَلَيْه، فَيُبَيِّنُ ذَلِك»
ـ عَدَدُ شُيُوخِهِ الْفَلَكِيّ:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
ـ قَالُواْ عَنْ تَبَحُّرِهِ في عُلُومِ الحَدِيثِ وَعِلَلِه، وَمَعْرِفَتِهِ بِالرِّجَال:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ قَال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَال:
«سَمِعْتُ الخَلِيلَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الحَافِظَ ذَكَرَ الحَاكِمَ وَعَظَّمَهُ وَقَال: كُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ نَشَأُواْ بَعْدَ الثَّلَاثِمِاْئَةِ بِنَيْسَابُورَ وَغَيرِهَا مِنْ
شُيُوخِ خُرَاسَان، وَكَانَ يُبَيِّنُ مِن غَيْرِ مُحَابَاة» 0
ـ قَالُواْ عَنْ كَثْرَةِ تَآلِيفِهِ، وَحُسْنِ تَصْنِيفِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَبْدَوِيُّ الحَافِظ: «سَمِعْتُ الحَاكِم أَبَا عَبْدِ اللهِ إِمَامَ أَهْلِ الحَدِيثِ في عَصْرِهِ يَقُول: شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَم، وَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَني حُسْنَ التَّصْنِيف» 0
قَالَ ابْنُ طَاهِر: «سَأَلْتُ سَعْدَ بْن عَلِيٍّ الحَافِظ عَن أَرْبَعَة تَعَاصَرُواْ: أَيُّهُمْ أَحْفَظ 00؟
قَال: مَن 00؟
قُلْتُ: الدَّارَقُطْنيّ، وَعَبْدُ الْغَنيّ، وَابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِم؛ فَقَال: أَمَا الدَّارَقُطْنيُّ فَأَعْلَمُهُمْ بِالعِلَل، وَأَمَّا عَبْدُ الْغَني فَأَعْلَمُهُمْ بِالأَنْسَابِ، وَأَمَّا ابْنُ مَنْدَةَ فَأَكْثَرُهُمْ حَدِيثَاً مَعَ مَعْرِفَةٍ تَامَّة، وَأَمَّا الحَاكِمُ فَأَحْسَنُهُمْ تَصْنِيفَاً» 0
قَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ قَال: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَال:
«سَمِعْتُ الخَلِيلَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الحَافِظَ ذَكَرَ الحَاكِمَ وَعَظَّمَهُ وَقَال: قَالَ لي: أَعْلَمُ بِأَنَّ خُرَاسَان وَمَا وَرَاءَ النَّهرِ، لِكُلِّ بَلَدَةٍ تَاريخٌ صَنَّفَهُ عَالِمٌ مِنهَا، وَوَجَدْتُ نَيْسَابُورَ مَعَ كَثْرَةِ الْعُلَمَاء بِهَا لَمْ يُصنِّفُواْ فِيهِ شَيْئَاً، فَدَعَاني ذَلِكَ إِلىَ أَنْ صَنَّفْتُ «تَارِيخَ النِّيْسَابُورِيِّين» فتَأَمَّلْهُ، وَلَمْ يَسْبِقْهُ إِلىَ ذَلِكَ أَحَد، وَصَنَّفَ لأَبي عَلِيٍّ بْنِ سَيْمَجُورَ كِتَابَاً في أَيَّامِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ وَأَحَادِيثِهِ
وَسَمَّاهُ: «الإِكْلِيل» ، لَمْ أَرَ أَحَدَاً رَتَّبَ ذَلِكَ التَّرَتِيب» 0
حَدَّثَ أَبُو سَعْدٍ الصَّفَّارُ عَن عَبْدِ الْغَافِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَال:
«الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيثِ في عَصْرِه، ذَاكَرَ مِثْلَ الجِعَابيِّ، وَأَبي عَلِيٍّ المَاسرْجِسِيِّ الحَافِظ، الَّذِي كَانَ أَحْفَظَ زَمَانِهِ، وَقَدْ شَرَعَ الحَاكِمُ في التَّصْنِيف سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِين [أَيْ وَعُمْرُهُ سِتَّةَ عَشَرَ عَامَاً]، فَاتَّفَقَ لَهُ مِنَ التَّصَانِيفِ مَا لَعَلَّهُ يَبْلُغُ قَرِيبَاً مِن أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ تخْرِيجِ
الصَّحِيحَيْن، وَالْعِلَلِ وَالتَّرَاجِمِ وَالأَبْوَابِ وَالشُّيُوخ، ثُمَّ المجْمُوعَات، مِثْلَ «مَعْرِفَةِ عُلُومِ الحَدِيث» ، وَ «مُسْتَدْرَكِ الصَّحِيحَيْن» ، وَ «تَارِيخ النِّيْسَابُورِيِّين» ، وَكِتَابُ «مُزْكِي الأَخْبَار» وَ «المَدْخَلُ إِلىَ عِلْمِ الصَّحِيح» ، وَكِتَابُ «الإِكْلِيل» ، وَ «فَضَائِلُ الشَّافِعِيّ» ، وَغَيْرَ ذَلِك» 0
ـ قَالُواْ عَنْ جَوْدَةِ حِفْظِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الْعَبْدَوِيّ: قَالَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي الحَافِظ:
«أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ الْبَيِّعِ [أَيِ الحَاكِمُ] أَحْفَظُ مِنيِّ» 0
وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ يَقُول:
«سأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيّ: أَيهُمَا أَحْفَظُ: ابْنُ مَنْدَةَ أَوِ ابْنُ الْبَيِّع [أَيِ الحَاكِم] 00؟
فَقَال: ابْنُ الْبَيِّعِ أَتْقَنُ حِفْظَاً» 0
ـ قَالُواْ عَنْ سَعَةِ عِلْمِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: أَقَمْتُ عِنْدَ أَبي عَبْدِ اللهِ الْعُصْمِيّ قَرِيبَاً مِنْ ثَلَاثِ سِنِين، وَلَمْ أَرَ في جُمْلَةِ مَشَايِخِنَا أَتْقَنَ مِنهُ وَلَا أَكْثَرَ تَنْقِيرَاً، وَكَانَ إِذَا أَشْكَلَ
عَلَيْهِ شَيْء: أَمَرَني أَن أَكْتُبَ إِلىَ الحَاكِمِ أَبي عَبْدِ اللهِ، فَإِذَا وَردَ جَوَابُ كِتَابِه، حَكَمَ بِهِ، وَقَطَعَ بِقَولِه» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ الحَافِظ:
«إِذَا رَأَيْتُهُ رَأَيْتُ أَلْفَ رَجُلٍ مِن أَصْحَابِ الحَدِيث» 0
حَدَّثَ أَبُو سَعْدٍ الصَّفَّارُ عَن عَبْدِ الْغَافِرِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَال:
«سَمِعْتُ مَشَايِخَنَا يَذْكُرُونَ أَيَّامَهُ وَيحَكُونَ أَنَّ مُقَدَّمِي عَصْرِهِ مِثْلَ أَبي سَهْلٍ الصُّعْلُوكِيِّ وَالإِمَامِ ابْنِ فُورَكَ وَسَائِرِ الأَئِمَّةِ يُقَدِّمُونَهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَيُرَاعُونَ حقَّ فَضْلِهِ وَيَعْرِفُونَ لَهُ الحُرْمَةَ الأَكِيدَة، ثُمَّ أَطْنَبَ عَبْدُ الْغَافِرِ في نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ تَعَظِيمِهِ وَقَال: هَذِهِ الجُمَلُ الْيَسِيرَةُ هِيَ غَيْضٌ مِنْ فَيْضِ سِيرَتِهِ وَأَحْوَالِه، وَمنْ تَأَمَّلَ كَلَامَهُ في تَصَانِيفِهِ وَتَصَرُّفَهُ في أَمَالِيه، وَنَظَرَهُ في طُرُقِ الحَدِيث، أَذْعَنَ بِفَضْلِهِ
وَاعْتَرَفَ لَهُ بِالمَزِيَّةِ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَه، وَإِتْعَابِهِ لمَنْ بَعْدَه، وَتَعْجِيزِهِ لِللَاّحِقِينَ عَنْ بُلُوَغِ شَأْوِهِ، عَاشَ حَمِيدَاً، وَلَمْ يُخلِّف في وَقْتِهِ مِثْلَه» 0
ـ دِفَاعُ الأَئِمَّةِ عَنهُ:
قَالَ أَبو نُعَيمٍ الحَدَّاد: سَمِعْتُ الحَسَنَ بْن أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيَّ الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاذْيَاخِي الحَاكِم يَقُول: كُنَّا في مجْلِس السَّيِّد أَبي الحَسَن، فسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ عَن حَدِيثِ الطَّير، فَقَال: لَا يَصِحّ، وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِن
عَلِيٍّ بَعْدَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم»
قَالَ المُظَفَّرُ بْنُ حَمْزَةَ بِجُرْجَانَ، سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ المَالِينيَّ يَقُول:«طَالعْتُ كِتَابَ «المُسْتَدْرَكِ عَلَى الشَّيْخَينِ» الَّذِي صَنَّفَهُ الحَاكِمُ مِن أَوَّلِهِ إِلىَ آخِرِه فَلَمْ أَرَ فِيهِ حَدِيثَاً عَلَى شَرْطِهِمَا»
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ مُعَلِّقَاً عَلَى هَذَا: «هَذِهِ مُكَابَرَةٌ وَغُلُوّ، وَلَيْسَتْ رُتْبَةُ أَبي سَعْدٍ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذَا، بَلْ في «المُسْتَدْرَكِ» شَيْءٌ كَثِيرٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَشَيءٌ كَثِيرٌ عَلَى شَرْطِ
أَحَدِهِمَا، وَلَعَلَّ مَجْمُوع ذَلِكَ ثُلثُ الْكِتَابِ بَلْ أَقلُّ، فَإِنَّ في كَثِير مِنْ ذَلِكَ أَحَادِيثَ في الظَّاهِر عَلَى شَرْطِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، وَفي الْبَاطِنِ لَهَا عِلَلٌ خَفِيَّة مُؤَثِّرَة، وَقِطْعَةٌ مِنَ الْكِتَاب إِسْنَادُهَا صَالِحٌ وَحَسَنٌ وَجَيِّد، وَذَلِكَ نَحْو رُبُعِه، وَبَاقِي الْكِتَاب مَنَاكِير وَعجَائِبُ، وَفي غُضُون ذَلِكَ أَحَادِيثُ نَحْوُ المِاْئَةِ يَشْهَدُ الْقَلْبُ بِبُطْلَانهَا، كُنْتُ قَدْ أَفْرَدْتُ مِنْهَا جُزْءَاً، وَحَدِيثُ الطَّير بِالنِّسبَة إِلَيْهَا سَمَاء، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ
كِتَابٌ مُفِيدٌ قَدِ اخْتَصَرْتُهُ» 0
ـ عَقِيدَتُهُ وَمَذْهَبُهُ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ زَيْدُ بْنُ الحَسَن: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيبُ قَال:
«كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ الْبَيِّعِ الحَاكِمُ ثِقَةً، أَوَّلُ سَمَاعِهِ سنَةَ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِاْئَةٍ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلىَ التَّشَيُّع؛ فَحَدَّثَني إِبْرَاهِيمُ بْنُ محَمَّدٍ الأُرْمَوِيُّ بِنَيْسَابُورَ وَكَانَ صَالحَاً عَالِمَاً قَال: جَمَعَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ أَحَادِيثَ زَعَمَ أَنَّهَا صِحَاحٌ عَلَى شَرْطِ
الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِم، مِنهَا حَدِيثُ الطَّير، وَحَدِيث:«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاه» ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيثِ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْتَفتُواْ إِلىَ قَوْله»
ـ بَعْضُ مَا رُؤِيَ عَلَيْهِ مِنَ المَنَامَاتِ الحَسَنَةِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الحَسَنُ بْنُ أَشعث الْقُرَشِيّ: «رَأَيْت الحَاكِمَ في المَنَامِ عَلَى فَرَسٍ في هَيْئَةٍ حَسَنَة وَهُوَ يَقُول: النَّجَاة؛ فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الحَاكِم؛ في مَاذَا 00؟
قَال: في كِتْبَةِ الحَدِيث» 00
أَيِ انْجُواْ بِأَنْفُسِكُمْ مِنَ الزَِّلَلِ فِيهَا؛ فَإِنيِّ مَا نجَوْتُ إِلَاّ بِشِقِّ الأَنْفُس