الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي
هُوَ الإِمَامُ الحَافِظُ النَّاقِدُ شَيْخُ المحَدِّثِينَ أَبُو حَاتمٍ الرَّازِي محَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ المُنْذِر بْنِ دَاوُدَ بْنِ مِهْرَان
وُلِدَ سَنَةَ 195 هـ، وَتُوُفِّيَ في شَعْبَانَ سَنَةَ 277 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ مُوسَى وَيحْيىَ بْنَ بُكَيْر [كِلَاهُمَا كَانَ مِنْ شُيُوخِ الإِمَامِ الْبُخَارِيّ]، وَقَبِيصَة، وَمحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظ،
وَعَفَّانَ بْنَ مُسْلِم، وَسَعِيدَ بْنَ أَبي مَرْيم، وَأَبَا مُسْهِرٍ الْغَسَّانيّ، وَالرَّبِيعَ المُرَادِيّ، وَأَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيّ، وَأَبَا زَيْدٍ الأَنْصَارِيَّ النَّحْوِيّ، وَبُنْدَار، وَأَبَا اليَمَان، وَأَبَا حَفْصٍ الْفَلَاَّس، وَابْنَ وَارَة، وَالأَصْمَعِيّ، وَخَلْقَاً كَثِيرَاً 0
قَالَ الخَلِيلِيُّ: قَالَ لي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي اللَّبَّانُ الحَافِظ:
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ وَلَدُهُ الحَافِظُ الإِمَامُ أَبُو محَمَّدٍ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي حَاتم، وَيُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، [شَيْخُه]، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي رَفِيقُهُ وَقَرِيبُهُ، وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي الدِّمَشْقِيّ، وَإِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ، وَأَحْمَدُ الرَّمَادِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبي الدُّنْيَا، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الْبُخَارِيُّ فِيمَا قِيل، وَأَبُو دَاوُد، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِينيّ، وَأَبُو بِشْرٍ الدُّولَابيّ، وَخَلْقٌ كَثِير 0
ـ نُبْذَةٌ عَن نَشْأَتِهِ وَرِحْلَتِهِ في طَلَبِ الْعِلْمِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «كَانَ مِنْ بحُورِ الْعِلْم، طَوَّفَ الْبِلَاد، وَبَرَعَ في المَتْنِ وَالإِسْنَاد، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَجَرَّحَ وَعَدَّل، وَصَحَّحَ وَعَلَّل، وَأَوَّلُ كِتَابِهِ لِلْحَدِيثِ كَانَ في سَنَةِ تِسْعٍ وَمِاْئَتَين» 0
الْفَرْسَخ: مَسَافَةُ 5 كم، وَحِمْصُ وَالرَّقَّةُ مَدِينَتَانِ سُورِيَّتَان، وَالرَّمْلَةُ مَدِينَةٌ فِلَسْطِينِيَّة 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الخَلِيلِيّ: سَمِعْتُ جَدِّي وَجَمَاعَةً سَمِعُواْ عَلِيَّ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْقَطَّانَ يَقُول:
«مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبي حَاتِم؛ فَقُلْنَا لَهُ: قَدْ رَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ الحَرْبيَّ وَإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي 00؟
قَال: مَا رَأَيْتُ أَجْمَعَ مِن أَبي حَاتِمٍ وَلَا أَفْضَلَ مِنهُ» 0
قَالَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ الْوَرَّاق: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه يَقُول: «أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي وَأَبُو حَاتمٍ الرَّازِي: إِمَامَا خُرَاسَان؛ بَقَاؤُهُمَا صَلَاحٌ لِلْمُسْلِمِين، وَدَعَا لَهُمَا» 0
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خِرَاشٍ:
«كَانَ أَبُو حَاتمٍ الرَّازِي مِن أَهْلِ الأَمَانَةِ وَالمَعْرِفَة» 0
وَقَالَ هِبَةُ الله بْنُ الحَسَنِ بْنِ مَنْصُور: «كَانَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي إِمَامَاً حَافِظَاً مُتَثَبِّتَاً، وَذَكَرَهُ في شُيُوخِ الْبُخَارِي» 0
ـ قَالَ عَنِهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ ابْنُهُ محَمَّدُ ابْنُ أَبي حَاتمٍ الْوَرَّاق: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي لأَبي:
ـ قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَنْ دِقَّتِهِ في الحُكْمِ عَلَى الرِّجَال:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ: «إِذَا وَثَّقَ أَبُو حَاتمٍ الرَّازِي رَجُلاً فَتَمَسَّكْ بِقَولِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُوَثِّقُ إِلَاَّ رَجُلاً صَحِيحَ الحَدِيث، وَإِذَا لَيَّنَ رَجُلاً أَوْ قَالَ فِيهِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فَتَوَقَّفْ حَتىَّ تَرَى مَا قَالَ فِيهِ غَيْرُهُ؛ فَإِنْ وَثَّقَهُ أَحَدٌ فَلَا تَبْنِ عَلَى تَجْرِيحِ أَبي حَاتِمٍ شَيْئَاً؛ فَإِنَّهُ مُتَعَنِّتٌ في الرِّجَال، قَدْ قَالَ في طَائِفَةٍ مِنْ رِجَالِ الصِّحِيحَينِ لَيْسَ بِحُجَّة، لَيْسَ بِقَوِيّ، وَنَحْوَ ذَلِك» 0
ـ قَالُواْ عَنْ تَمَكُّنِهِ في مَعْرِفَةِ الحَدِيث: قَالَ ابْنُهُ محَمَّدُ بْنُ أَبي حَاتم: سَمِعْتُ أَبي رحمه الله يَقُول: قَدِمَ محَمَّدُ بْنُ يحْيىَ الذُّهْلِيُّ الرَّيّ؛ فَأَلقَيْتُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثَاً مِن حَدِيثِ الزُّهْرِيّ؛ فَلَمْ يَعْرِفْ مِنهَا إِلَاَّ ثَلَاثَةَ أَحَادِيث، وَسَائِرُ ذَلِكَ لَمْ تَكُن عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْرِفْهَا» 0
وَقَالَ ابْنُهُ محَمَّدُ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ في أَوَّلِ كِتَابِ «الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ» لَه:
«سَمِعْتُ أَبي يَقُول: جَاءني رَجُلٌ مِنْ أَجِلَاّءِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَهْلِ الْفَهْمِ مِنهُمْ، وَمَعَهُ دَفْتَر، فَعَرَضَهُ عَلَيَّ، فَقُلْتُ في بَعْضِه: هَذَا حَدِيثٌ خَطَأ، قَدْ دَخَلَ لِصَاحِبِهِ حَدِيثٌ في حَدِيث، وَهَذَا بَاطِل، وَهَذَا مُنْكَر، وَسَائِرُ ذَلِكَ صِحَاح؛ فَقَالَ لي: مِنَ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَاكَ خَطَأ، وَذَاكَ بَاطِلٌ وَذَاكَ كَذِب 00؟
أَأَخْبَرَكَ رَاوِي هَذَا الْكِتَابِ بِأَنيِّ غَلِطْتُ، أَوْ بِأَنيِّ كَذَبْتُ في حَدِيثِ كَذَا 00؟
قُلْتُ لَا، مَا أَدْرِي غَيرَ أَنيِّ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ خَطَأٌ، وَأَنَّ هَذَا بَاطِل؛ فَقَال: تَدَّعِي الْغَيْب؟
قُلْتُ: مَا هَذَا ادِّعَاءُ غَيْب؛ قَال: فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى مَا قُلْت 00؟
قُلْتُ: سَلْ عَمَّا قُلْتُ مَنْ يُحْسِنُ مِثْلَ هَذَا، فَإِنِ اتَّفَقْنَا عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ وَلَمْ نَقُلْهُ إِلَاَّ بِفَهْم؛ قَال: وَيَقُولُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي كَقَوْلِك 00؟!
قُلْتُ: نَعْم؛ قَال: هَذَا عَجَب؛ فَكَتَبَ في دَفْتَرِهِ أَلْفَاظِي في تِلْكَ الأَحَادِيث، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ بَعْدُ وَقَدْ كَتَبَ أَلْفَاظَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي في تِلْكَ الأَحَادِيث، فَقَال: مَا قُلْتَ إِنَّهُ كَذِب: قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي: هُوَ بَاطِل؛ قُلْتُ: الْكَذِبُ وَالبَاطِلُ وَاحِد، وَمَا قُلْتَ إِنَّهُ مُنْكَرٌ قَال: هُوَ مُنْكَر، كَمَا قُلْت، وَمَا قُلْتَ إِنَّهُ صَحِيحٌ قَال: هُوَ صَحِيح، ثمَّ قَال: مَا أَعْجَبَ هَذَا تَتَّفَقَان مِن غَيْر مُوَاطَأَةٍ فِيمَا بَيْنَكُمَا [أَيْ دُونَمَا
اتِّصَالٍ بَيْنَكُمَا]؛ قُلْتُ: فَعِنْدَ ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّا لَمْ نُجَازِفْ، وَأَنَّا قُلْنَا بِعِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ قَدْ أُوتِينَاه، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقُولُهُ: أَنَّ دِينَارَاً بَهْرَجَاً [أَيْ زَائِفَاً] يُحْمَلُ إِلىَ النَّاقِدِ فَيَقُول: هَذَا بَهْرَج؛ فَإِنْ قِيلَ لَهُ: مِن أَيْنَ قُلْتَ إِنَّ هَذَا بَهْرَج 00؟
هَلْ كُنْتَ حَاضِرَاً حِينَ بُهْرِجَ هَذَا الدِّينَار 00؟
قَال لَا، وإِنْ قِيلَ: أَخْبَرَكَ الَّذِي بَهْرَجَهُ 00؟
قَالَ لَا، قِيلَ: فَمَن أَيْنَ قُلْتَ 00؟
قَال: عِلْمَاً رُزِقْتُه؛ وَكَذَلِكَ نَحْنُ رُزِقْنَا مَعْرِفَةَ ذَلِك» 0
ـ بَعْضُ مَا رَآه [رحمه الله] في طَلَبِ الْعِلْمِ مِنَ المُعَانَاة:
قَالَ ابْنُهُ محَمَّدُ بْنُ أَبي حَاتم: سَمِعْتُ أَبي يَقُول: بَقِيْتُ في سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، ثَمَانيَةَ أَشْهُرٍ بِالبَصْرَة، وَكَانَ في نَفْسِي أَن أُقِيمَ سَنَةً؛ فَانْقَطَعَتْ نَفَقَتي؛ فَجَعَلْتُ أَبِيعُ ثِيَابي حَتىَّ نَفِدَتْ، وَبَقِيتُ بِلَا نَفَقَة، وَمَضَيْتُ أَطُوفُ مَعَ صَدِيقٍ لي إِلىَ المَشْيَخَةِ وَأَسْمَعُ إِلىَ المَسَاء، فَانْصَرَفَ رَفِيقِي، وَرجَعْتُ إِلىَ بَيْتي،
فَجَعَلْتُ أَشْرَبُ المَاءَ مِنَ الجُوع، ثُمَّ أَصْبَحْتُ، فَغَدَا عَلَيَّ رَفِيقِي، فَجَعَلْتُ أَطُوفُ مَعَهُ في سَمَاعِ الحَدِيثِ عَلَى جُوعٍ شَدِيد، وَانْصَرَفْتُ جَائِعَاً، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا عَلَيَّ فَقَال: مُرَّ بِنَا إِلىَ المَشَايِخ؛ قُلْتُ: أَنَا ضَعِيفٌ لَا يُمْكِنُني؛ قَال: مَا ضَعَّفَك 00؟
قُلْتُ: لَا أَكْتُمُكُ أَمْرِي، قَدْ مَضَى يَوْمَانِ مَا طَعِمْتُ فِيهِمَا شَيْئَاً؛ فَقَال: قَدْ بَقِيَ مَعِيَ دِينَار؛ فَنِصْفُهُ لَك، وَنَجْعَلُ النِّصْفَ الآخَرَ في الْكِرَاء» 0
قَالَ ابْنُهُ محَمَّدُ بْنُ أَبي حَاتِم: سَمِعْتُ أَبي يَقُول: خَرَجْنَا مِنَ المَدِينَةِ إِلىَ الجَعْفَرِيِّةَ وَرَكِبْنَا الْبَحْر، فَهَاجَتِ الرِّيحُ في وَجُوهِنَا، فَبَقِينَا في الْبَحْرِ ثَلَاثَةَ أَشْهُر، حَتىَّ ضَاقتْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِر، وَفَنيَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ المَاءِ وَالطَّعَام، حَتىَّ وَصَلْنَا إِلىَ الْبَرِّ فَنَزَلْنَا، فَمَشَيْنَا يَوْمَاً لَمْ نَأْكلْ وَلَمْ نَشْرَبْ، وَيَوْمَاً آخَرَ كَمِثْلِه، وَيَوْمَاً ثَالِثَاً كَمِثْلِه، حَتىَّ إِذَا أَمْسَيْنَا صَلَّيْنَا وَأَلْقَيْنَا بِأَنْفُسِنَا حَيْثُ كُنَّا
، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ جَعَلْنَا نَمْشِي عَلَى قَدْرِ طَاقَتِنَا، وَكُنَّا ثَلَاثَةَ أَنْفُس: شَيْخٌ نَيْسَابُورِيّ، وَأَبُو زُهَيْرٍ المَرُّوذِيّ، فَسَقَطَ الشَّيْخُ مَغْشِيَّاً عَلَيْه؛ فَجِئْنَا نُحَرِّكُهُ وَهُوَ لَا يَعْقِل؛ فَتَرَكْنَاهُ وَمَشَيْنَا قَدْرَ فَرْسَخ؛ فَضَعُفْتُ وَسَقَطْتُ مَغْشِيَّاً عَلِيّ، وَمَضَى صَاحِبي يَمْشِي؛ فَبَصُرَ مِنْ بُعْدٍ بِقَوْمٍ قَرَّبُواْ سَفِينَتَهُمْ مِنَ الْبِرِّ وَنَزَلُواْ عَلَى بِئْرِ مُوسَى؛ فَلَمَّا عَايَنَهُمْ لَوَّحَ بِثَوْبِهِ إِلَيْهِمْ؛ فَجَاؤُوهُ مَعَهُمُ مَاءٌ في
إِدْاوَة؛ فَسَقَوْهُ وَأَخَذُواْ بِيَدِهِ؛ فَقَالَ لَهُمْ: الحَقُواْ رَفِيقَيْنِ لي؛ فَمَا شَعَرْتُ إِلَاَّ بِرَجُلٍ يَصُبُّ المَاءَ عَلَى وَجْهِي؛ فَفَتَّحْتُ عَيْنيَّ فَقُلْتُ: اسْقِني؛ فَصَبَّ مِنَ المَاءِ في مَشْربَةٍ قَلِيلاً؛ فَشَرِبْتُ وَرَجَعَتْ إِليَّ نَفْسِي، ثُمَّ سَقَاني قَلِيلاً وَأَخَذَ بِيَدِي، فَقُلْتُ: وَرَائِي شَيْخٌ مُلْقَىً، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِي، وَأَنَا أَمشِي وَأَجُرُّ رِجْلَيَّ؛ حَتىَّ إِذَا بَلَغْتُ سَفِينَتَهُمْ، أَتَوْاْ بِالشَّيْخِ وَأَحْسَنُواْ إِليْنَا؛ فَبَقِينَا أَيَّامَاً
حَتىَّ رَجَعَتْ إِلَيْنَا أَنْفُسُنَا، ثمَّ كَتَبُواْ لَنَا كِتَابَاً إِلىَ وَالي مَدِينَةٍ يُقَالُ لهَا رَايَة، وَزَوَّدُونَا مِنَ الْكَعْكِ وَالسَّوِيقِ وَالمَاء، فَلَمْ نَزَلْ نَمْشِي حَتىَّ نَفِدَ مَا كَانَ مَعَنَا مِنَ المَاءِ وَالقُوت، فَجَعَلْنَا نَمْشِي جِيَاعَاً عَلَى شَطِّ الْبَحْر، حَتىَّ عَنَّتْ لَنَا سُلَحْفَاةٌ مِثْلُ التُّرْس، فَعَمَدْنَا إِلىَ حَجَرٍ كَبِيرٍ فَضَرَبْنَا عَلَى ظَهْرِهَا فَانْفَلَقَ، فَإِذَا فِيهَا مِثْلُ صُفْرَةِ الْبَيْض؛ فَتَحَسَّيْنَاهُ حَتىَّ سَكَنَ عَنَّا الجُوعَ ثُمَّ وَصَلْنَا إِلىَ المَدِينَةِ وَأَوْصَلْنَا الْكِتَابَ إِلىَ عَامِلِهَا، فَأَنْزَلَنَا في دَارِهِ، فَكَانَ يُقَدِّمُ لَنَا كُلَّ يَوْمٍ الْقَرْعَ وَيَقُولُ لخَادِمِهِ: هَاتي لَهُمْ اليَقْطِينَ المُبَارَكِ، فَيُقَدِّمُهُ مَعَ الخُبْزِ أَيَّامَاً؛ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: أَلَا تَدْعُو بِاللَّحْمِ المَشْؤُوم 00؟! فَسَمِعَ صَاحِبُ الدَّار؛ فَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ» 0