الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ سَمْعُون
المُحَدِّثُ الإِمَامُ الْوَاعِظُ الْكَبِيرُ / أَبُو الحُسَيْنِ محَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَنْبَسٍ الْبَغْدَادِيّ، شَيْخُ زَمَانِهِ بِبَغْدَاد، وَ «سَمْعُون»: هُوَ لَقَبُ جَدِّهِ إِسْمَاعِيل 0
وُلِدَ سَنَةَ 300 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 387 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بْنَ أَبي دَاوُد، وَمحَمَّدَ بْنَ مَخْلَدٍ الْعَطَّار، وَمحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيّ، وَعِدَّةً 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ الحَسَنُ بْنُ محَمَّدٍ الخَلَاَّل، وَأَبُو طَالِبٍ الْعُشَارِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بْنُ الأَبَنُوسِيّ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ محَمَّدٍ الشَّاهَجَانِيَّةُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ حَمَّدُوهُ الحَنْبَلِيُّ، وَآخرُون 0
ـ نُبْذَةٌ عَن حَيَاتِهِ الشَّخْصِيَّة:
قَالَ نَصْرُ اللهِ بْنُ محَمَّد: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الزَّعْفَرَانيُّ قَال: حَدَّثَني أَبُو محَمَّدٍ السُّنِّيُّ صَاحِبُ أَبي الحُسَيْنِ بْنِ سَمْعُونَ قَال:
«كَانَ ابْنُ سَمْعُونَ في أَوَّلِ أَمْرِهِ يَنْسَخُ بِالأُجْرَةِ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَأُمِّه؛ فَقَالَ لَهَا يَوْمَاً: أُحِبُّ أَن أَحُجّ؛ فَقَالَتْ: وَكَيْفَ يُمْكِنُكَ 00؟
فَغَلَبَ عَلَيْهَا النَّوْم، فَنَامَتْ وَانْتَبَهَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقَالَتْ:
يَا وَلَدِي؛ حُجَّ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في النَّوْمِ يَقُول: دَعِيهِ يَحُجُّ فَإِنَّ الخَيْرَ لَهُ في حَجِّهِ، فَفَرِحَ وَبَاعَ دَفَاتِرَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَخَرَجَ مَعَ الْوَفْد» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه؛ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب: «كَانَ أَوْحَدَ دَهْرِهِ وَفَرْدَ عَصْرِهِ في الْكَلَامِ عَلَى عِلْمِ الخَوَاطِر، دَوَّنَ النَّاسُ حِكَمَهُ وَجَمَعُواْ كلَامَهُ، وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إِذَا حَدَّثَ عَنهُ يَقُول: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الجَلِيلُ المُنْطَقُ بِالحِكْمَة» 0
ـ قَالُواْ عَنْ شَجَاعَتِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ الخَطِيب: حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بْنُ أَبي مُوسَى الهَاشِمِيُّ قَال: «حَكَى لي مَوْلىَ الطَّائِعِ أَنَّ الطَّائِعَ أَمْرَهُ فَأَحْضَرَ ابْنَ سَمْعُون؛ فرَأَيْتُ الطَّائِعَ غضبَان، وَكَانَ ذَا حِدَّةٍ؛ فَسَلَّمَ ابْنُ سَمْعُونَ بِالخِلَافَة، ثمَّ أَخَذَ في وَعْظِهِ فَقَال: رُوِيَ عَن أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ كَذَا، وَوَعَظَ حَتىَّ بَكَى الطَّائِعُ وَسُمِعَ شَهِيقُه، وَابْتَلَّ مِنْدِيلٌ مِنْ دُمُوعِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ سُئِلَ الطَّائِعُ عَنْ سَبَبِ طَلَبِهِ فَقَال: رُفِعَ إِليَّ أَنَّهُ يَنْتَقِصُ عَلِيَّاً، فَأَرَدْتُ أُقَابِلَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ افْتَتَحَ بِذِكْرِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْه، وَأَعَادَ وَأَبْدَى في ذِكْرِهِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ وُفِّق، وَلَعَلَّهُ كُوشِفَ بِذَلِك» 0
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْقُضَاعِيّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ قَال: حَدَّثَنَا أَبُو الثَّنَاءِ شُكْرٌ الْعَضُدِيُّ قَال: «لَمَّا دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بَغْدَادَ وَقَدْ هَلَكَ أَهْلُهَا قَتْلاً وَخَوْفَاً وَجُوعَاً؛ لِلفِتنِ الَّتي اتَّصَلَتْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ قَال: آفَةُ هَؤُلَاء: الْقُصَّاص [أَيْ مَا أَغْرَى بَيْنَهُمْ إِلَاّ الْوُعَّاظُ وَالخُطَبَاء]؛ فَمَنَعَهُمْ وَقَال: مَن خَالَفَ أَبَاحَ دَمَهُ؛ فَعَرفَ ابْنُ سَمْعُونَ رحمه الله؛ فَجَلَسَ عَلَى كُرْسيِّهِ ـ أَيْ يَعِظُ النَِّاس ـ فَأَمَرَني عَضُدُ الدَّوْلَةِ فَأَحْضَرْتُه؛ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ نُور؛ قَالَ شُكْر: فَجَلَسَ جَنْبي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ؛ فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا المَلِكَ جَبَّارٌ عَظِيم،
مَا أُوثِرُ لَكَ مُخَالَفَتَه، وَإِنيِّ مُوَصِّلُكَ إِلَيْه؛ فَقَبِّلِ الأَرْضَ بَينَ يَدَيْه، وَتَلَطَّفْ وَلَا تُوغِرَنَّ صَدْرَهُ عَلَيْكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ عَلَيْه؛ فَدَخَلَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلىَ دَارِ عِزِّ الدَّوْلَةِ الَّتي شَهِدَتْ مَصْرَعَهُ ثُمَّ تَلَا:{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة} [هُود: 102] ثمَّ حَوَّلَ وَجْهَهُ وَقَرَأَ: {ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ في الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُون} [يُونُس: 14]
ثُمَّ أَخَذَ في وَعْظِهِ فَأَتَىَ بِالْعَجَب؛ فَدَمَعَتْ عَينُ المَلِك، وَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنهُ قَطّ، وَشَرَّكَ كُمَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو الحُسَينِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ قَالَ لَهُ عَضُدُ الدَّوْلَة: اذْهَبْ إِلَيْهِ بثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ مِنَ الخِزَانَة؛ فَإِنِ امْتَنَعَ فَقُلْ لَهُ: فَرِّقْهَا في أَصْحَابِك،
وَإِنْ قَبِلَهَا فَجِئْني بِرَأْسِهِ؛ فَفَعَلْت؛ فَقَال: إِنَّ ثِيَابي هَذِهِ فُصِّلَتْ مِنْ نحْوِ أَرْبَعينَ سَنَةً أَلْبَسُهَا يَوْمَ خُرُوجِي وَأَطْوِيهَا عِنْدَ رُجُوعِي، وَفِيهَا مُتْعَةٌ وَبَقِيَّة، وَنَفَقَتي مِن أُجْرَةِ دَارٍ خَلَّفَهَا أَبي، فَمَا أَصْنَعُ بِهَذَا 00؟
قُلْتُ: فَرِّقْهَا عَلَى أَصْحَابِك؛ قَال: مَا في أَصْحَابي فَقير؛ فَعُدْتُ فَأَخْبَرْتُه 0
فَقَالَ أَبْعَدَهُ الله: الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَلَّمَهُ مِنَّا وَسَلَّمَنَا مِنهُ» 0
ـ بَعْضُ كَرَامَاتِهِ؛ في حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب: حَدَّثَنَا محَمَّدُ بْنُ محَمَّدٍ الظَّاهِرِيُّ قَال: سَمِعْتُ ابْنَ سَمْعُونَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَتَىَ بَيْتَ المَقْدِسِ وَمَعَهُ تَمْر، فَطَالَبَتْهُ نَفْسُهُ بِرُطَب؛ فَلَامَهَا، فَعَمِدَ إِلىَ التَّمْرِ وَقْتَ إِفْطَارِهِ فَوَجَدَهُ رُطَبَاً؛ فَلَمْ يَأْكُلْ مِنهُ، ثمَّ ثَانيَ لَيْلَةٍ وَجَدَهُ تَمْرَاً» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَادِيَّ قَال: سَمِعْتُ أَبَا الْفَتْحِ الْقَوَّاسَ قَال: «لَحِقَتْني إِضَاقَةٌ، فَأَخَذْتُ قَوْسَاً وَخُفَّيْنِ لأَبِيعَهُمَا؛ فَقُلْتُ: أَحْضُرُ مَجْلِسَ ابْنِ سَمْعُونَ ثمَّ أَبِيع، فَحَضَرْتُ؛ فَلَمَّا فَرَغَ نَادَاني: يَا أَبَا الْفَتْح؛ لَا تَبِعِ الخُفَّيْنِ وَالقَوْسَ فَإِنَّ اللهَ سيَأْتِيكَ بِرِزْقٍ مِن عِنْدِهِ» 0
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب: حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ قَال: حَدَّثَني أَبُو طَاهِرٍ بْنُ الْعَلَاَّفِ قَال: «حَضَرْتُ ابْنَ سَمْعُونَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَهُوَ يَعِظُ وَأَبُو الْفَتْحِ الْقَوَّاسُ إِلىَ جَنْبِ الْكُرْسِيّ؛ فَنَعِسَ؛ فَأَمْسَكَ أَبُو الحُسَيْنِ عَنِ الْكَلَامِ سَاعَةً حَتىَّ اسْتيقظَ أَبُو الْفَتْح؛ فَقَالَ لَهُ أَبُو الحُسَيْن: رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في نَوْمِك 00؟
قَالَ نَعَمْ؛ فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: لِذَلِكَ أَمْسَكْتُ خَوْفَاً أَنْ تَنْزَعِج» 0
ـ مِن أَقْوَالِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الخَلَاَّل: قَالَ لي ابْنُ سَمْعُون: مَا اسْمُك 00؟
قُلْتُ: حَسَن؛ قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: قَدْ أَعْطَاكَ اللهُ الاِسْمَ فَسَلْهُ المَعْنىَ»