المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌أَعْلَامُ أَئِمَّةِ المُحَدِّثِين:

- ‌الإِمَامُ البُخَارِيّ

- ‌الإِمَامُ مُسْلِم

- ‌الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل

- ‌الإِمَامُ أَبُو دَاوُد

- ‌أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ

- ‌الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ مَاجَة

- ‌الإِمَامُ النَّسَائِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارِمِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَة

- ‌الإِمَامُ ابْنُ حِبَّان

- ‌الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرَاني

- ‌إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه

- ‌الإِمَامُ الحُمَيْدِيّ

- ‌أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبي شَيْبَة

- ‌مَعْمَرُ بْنُ رَاشِد

- ‌أَعْلَامُ الحُفَّاظ:

- ‌عِكْرِمَةُ مَوْلىَ ابْنِ عَبّاس

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيّ

- ‌ثَابِتٌ الْبُنَانيّ

- ‌أَبُو العَالِيَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الله

- ‌ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة

- ‌الأَعْمَش

- ‌أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِي

- ‌أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ عُقْدَة

- ‌أَبُو بَكْرِ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الجَعَّابيّ

- ‌حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة

- ‌حَمَّادُ بْنُ زَيْد

- ‌عَمْرُو بْنُ دِينَار [

- ‌ابْنُ جُرَيْج

- ‌عَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيّ

- ‌إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ

- ‌الْفِرْيَابيّ

- ‌ عَبْدُ الْغَنيِّ المَقْدِسِيّ

- ‌سُلَيْمَانُ التَّيْمِيّ

- ‌يَزِيدُ بْنُ هَارُون

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبي خَالِد

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب

- ‌أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ

- ‌ابْنُ أَبي ذِئْب

- ‌الْقَعْنَبيّ

- ‌الأَشْجَعِيّ

- ‌هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيّ [

- ‌[ابْنُ عُلَيَّة]

- ‌غُنْدَر

- ‌مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيّ

- ‌مَكْحُولٌ الأَزْدِيّ

- ‌يحْيىَ بْنُ يحْيىَ التَّمِيمِيّ

- ‌الْقَوَارِيرِيّ

- ‌أَبُو كُرَيْب

- ‌خَالِدُ بْنُ الحَارِث

- ‌ابْنُ المُقْرِئ

- ‌هُشَيْمُ بْنُ بَشِير

- ‌أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاش

- ‌ابْنُ لَهِيعَة

- ‌ابْنُ أَبي دَاوُد

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِم

- ‌الْقَاسِمُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق

- ‌أَعْلَامُ نُقَّادِ المحَدِّثِين:

- ‌شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاج

- ‌عَلِيُّ بْنُ المَدِينيّ

- ‌يَحْيىَ بْنُ مَعِين

- ‌أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي

- ‌أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌[ابْنُهُ]عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبي حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌يحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارَقُطْنيّ

- ‌عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم

- ‌أَبُو حَفْصٍ الْفَلَاَّس

- ‌أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب

- ‌ابْنُ الصَّلَاحِ الصَّفَدِي

- ‌الإِمَامُ الذَّهَبيّ [

- ‌أَعْلَامُ الْفُقَهَاء:

- ‌الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَة

- ‌الإِمَامُ مَالِك

- ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ

- ‌الإِمَامُ الشَّافِعِيّ

- ‌اللَّيْثُ بْنُ سَعْد

- ‌الشَّعْبيّ

- ‌رَبِيعَةُ الرَّأْي

- ‌أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي [

- ‌أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَان

- ‌أَعْلَامُ المُفَسِّرِين:

- ‌مُجَاهِد

- ‌قَتَادَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْقضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّحَاة:

- ‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌شُرَيْحٌ القَاضِي

- ‌الأَصْمَعِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْعَلَوِيِّين [الأَشْرَاف]:

- ‌جَعْفَرٌ الصَّادِق

- ‌مُوسَى الكَاظِم

- ‌أَعْلَامُ الزُّهَّاد [

- ‌أَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ

- ‌عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الكُوفِيّ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْن

- ‌محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر

- ‌حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك

- ‌الحَسَنُ الْبَصْرِيّ

- ‌محَمَّدُ بْنُ سِيرِين

- ‌الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض

- ‌الرَّبيعُ بْنُ خُثَيْم

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَم

- ‌مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيّ

- ‌ذُو النُّونِ المِصْرِيّ

- ‌وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاح

- ‌مَنْصُورُ بْنُ عَمَّار

- ‌يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع

- ‌دَاوُدٌ الطَّائِيّ

- ‌صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم

- ‌الْعَلَاءُ بْنُ زِيَاد

- ‌سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌المُعَافَى بْنُ عِمْرَان

- ‌ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيّ

- ‌ابْنُ سَمْعُون

- ‌ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ

الفصل: ‌عمر بن عبد العزيز

‌أَعْلَامُ الْقضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّحَاة:

‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ بْنِ أَبي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الأُمَوِيّ، الإِمَامُ الْعَادِلُ الْفَاضِلُ، الْعَابِدُ الزَّاهِدُ التَّقِيُّ الْوَرِع 0

أَمُّهُ هِيَ ابْنَةُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه 0

ص: 1819

ص: 1821

ـ تَارِيخُ تَوَلِّيهِ الخِلَافَتِه:

قَالَ ابْنُ إِسْحَاق:

«مَاتَ سُلَيْمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَاشِرَ صَفَرٍ سَنَةَ 99 هـ» 0

ـ فَتْرَةُ خِلَافَتِه:

كَانَتْ خِلَافَتُهُ سَنَتَيْنِ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامَاً 0

ص: 1822

ـ وَفَاتُه:

وَحَدَّثَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَمِاْئَة، بِدَيْرِ سَمْعَانَ مِن أَرْضِ حِمْص» 0

حَدَّثَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَاصِمٍ قَال:

«إِنَّهُ مَاتَ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمَ الخَمِيس، وَدُفِنَ بِدَيْرِ سَمْعَان، وَصَلَّى عَلَيْهِ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ المَلِك» 0

ص: 1823

ـ عُمْرُهُ:

عَاشَ رحمه الله تِسْعَاً وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَنِصْفَاً 0

ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:

حَدَّثَ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه 0

وَحَدَّثَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب، وَعُرْوَة، وَعَامِرِ بْنِ سَعْد، وَيُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ 0

وَأَرْسَلَ عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَخَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ وَغَيْرِهِمَا 0

ص: 1824

ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:

حَدَّثَ عَنهُ أَبُو سَلَمَةَ [أَحَدُ شُيُوخِهِ] وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَة، وَابْنُ المُنْكَدِر، وَالزُّهْرِيّ، وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيد، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ، وَتَوْبَةُ الْعَنْبَرِيّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيل، وَابْنُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَر، وَأَخُوهُ زَبَّان، وَصَخْرُ

ص: 1825

بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَرْمَلَة، وَابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَر، وَعَمْرُو بْنُ مُهَاجِر، وَمحَمَّدُ بْنُ أَبي سُوَيْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَيحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ 0

ـ أَوْلَادُهُ وَزَوْجَاتُهُ غَيرَ فَاطِمَة:

لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنَ الْوَلَد: ابْنُهُ عَبْدُ المَلِك [الَّذِي تُوُفِّيَ قَبْلَه] وَعَبْدُ اللهِ الَّذِي وَلِيَ الْعِرَاق، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ الَّذِي وَلِيَ الحَرَمَيْن، وَعَاصِم، وَحَفْص، وَإِسْمَاعِيل، وَعُبَيْدُ الله، وَإِسْحَاق،

ص: 1826

وَيَعْقُوب، وَيَزِيد، وَإِصْبَغ، وَالوَلِيد، وَزَبَّان، وَآدَم، وَإِبْرَاهِيم 0

أُمُّ إِبْرَاهِيمَ كَلْبيَّة، وَسَائِرُهُمْ لِعَلَاَّت [أَيْ لِضَرَائِر]

ـ صِفَاتُهُ الشَّكْلِيَّة:

ذَكَرَ صِفَتَهُ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ فَقَال: «كَانَ أَسْمَر، رَقِيقَ الْوَجْهِ حَسَنَه، نَحِيفَ الجِسْم، حَسَنَ اللِّحْيَة، غَائِرَ الْعَيْنَيْن، بِجَبْهَتِهِ أَثَرُ نَفْحَةِ دَابَّة، قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْب» 0

ص: 1827

ـ نُبُوءَةُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِظُهُورِ إِمَامٍ عَادِلٍ في نَسْلِهِ وَذُرِّيَّتُه:

إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَال:

«إِنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلاً بِوَجْهِهِ شَتَر [أَيْ شَجَج] يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً» 0

حَدَّثَ جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ قَال:

«بَلَغنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَال: إِنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلاً بِوَجْهِهِ شَيْن؛ يَلِي فَيَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً 00 قَالَ نَافِع: فَلَا أَحْسِبُهُ إِلَاَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيز رحمه الله» 0

ص: 1828

ـ صَلَاحُهُ المُبَكِّر:

حَدَّثَ ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَن أَبي قَبِيلٍ قَال: «إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله بَكَى وَهُوَ غُلَامٌ صَغِير؛ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَقَالَتْ: مَا يُبْكِيكَ 00؟

قَالَ رحمه الله: ذَكَرْتُ المَوْت؛ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ قَدْ جَمَعَ الْقُرْآن؛ فَبَكَتْ أُمُّهُ حِينَ بَلَغهَا ذَلِك» 0

ـ قَالُواْ عَنِْ فِقْهِهِ وَعِلْمِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:

وَفي رِوَايَةٍ أُخْرَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَشْبَهَ صَلَاةً بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن هَذَا الفَتىَ؛ كَانَ يُخَفِّفُ في تَمَام» 0

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في تحْقِيقِهِ لِلْمُسْنَدِ بِرَقْم: 13672]

ص: 1831

حَدَّثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَن عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَال:

«كَانَتِ الْعُلَمَاءُ مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ تَلَامِذَةً» 0

حَدَّثَ مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَا:

«أَتَيْنَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ يحْتَاجُ إِلَيْنَا؛ فَمَا كُنَّا مَعَهُ إِلَاَّ تَلَامِذَةً» 0

ـ بَعْضُ أَخْبَارِهِ عِنْدَمَا كَانَ وَالِيَاً عَلَى المَدِينَة:

قَالَ أَبُو مُسْهِر: «وَلِيَ عُمَرُ المَدِينَةَ في إِمْرَةِ الْوَلِيدِ مِنْ سَنَةِ 86 هـ إِلىَ سَنَةِ 93 هـ»

ص: 1832

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيّ: «حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله، فَأَصَابَهُمْ بَرْقٌ وَرَعْدٌ حَتىَّ كَادَتْ تَنْخَلِعُ قُلُوبُهُمْ؛ فَقَالَ سُلَيْمَان: يَا أَبَا حَفْص 00 هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَطّ، أَوْ سَمِعْتَ بِهَا 00؟

قَالَ رحمه الله: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ هَذَا صَوْتُ رَحْمَةِ الله؛ فَكَيْفَ لَوْ سَمِعْتَ صَوْتَ عَذَابِ الله»؟

ص: 1833

قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز: «وَلِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز:

يَا أَبَا حَفْص؛ إِنَّا وَلِينَا مَا قَدْ تَرَى، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِتَدْبيرِهِ عِلْم؛ فَمَا رَأَيْتَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمُرْ بِهِ؛ فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ عَزْلُ عُمَّالِ الحَجَّاج، وَأُقِيمَتِ الصَّلَوَاتُ في أَوْقَاتِهَا بَعْدَ مَا كَانَتْ أُمِيتَتْ عَنْ وَقْتِهَا، مَعَ أُمُورٍ جَلِيلَةٍ كَانَ يَسْمَعُ مِن عُمَرَ فِيهَا 00

ص: 1834

وَقِيلَ إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ حَجَّ؛ فَرَأَى الخَلَائِقَ بِالمَوْقِف؛ فَقَالَ لِعُمَر: أَمَا تَرَى هَذَا الخَلْقَ الَّذِي لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَاَّ اللهُ 00؟

قَالَ رحمه الله: هَؤُلَاءِ اليَوْمَ رَعِيَّتُك، وَهُمْ غَدَاً خُصَمَاؤُك؛ فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدَاً» 0

ـ وَفَاةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَعَهْدُهُ بِالْوِلَايَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز:

قَالَ ابْنُ إِسْحَاق: «مَاتَ سُلَيْمَانُ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَاشِرَ صَفَرٍ سَنَةَ 99 هـ» 0

ص: 1835

حَدَّثَ المَدَائِنيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَن هِزَّانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَجَاءَ بْنِ حَيْوَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجَاءَ حِينَ حَضَرَهُ المَوْت: «مَنْ تَرَى لِهَذَا الأَمْرِ 00؟

فَقَالَ رَجَاء: اتَّقِ الله؛ فَإِنَّكَ قَادِمٌ عَلَى اللهِ جل جلاله وَسَائِلُكَ عَن هَذَا الأَمْرِ وَمَا صَنَعْتَ فِيه؛ قَالَ سُلَيْمَان: فَمَنْ تَرَى 00؟

قُلْتُ: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز؛ قَال:

كَيْفَ أَصْنَعُ بِعَهْدِ عَبْدِ المَلِكِ إِلىَ الْوَلِيدِ وَإِلَيَّ في ابْنيْ عَاتِكَةَ أَيُّهُمَا بَقِيَ 00؟

ص: 1836

قُلْتُ: تَجْعَلُهُ مِنْ بَعْدِه؛ قَالَ أَصَبْت، جِئْني بِصَحِيفَة؛ فَأَتَيْتُهُ بِصَحِيفَة؛ فَكَتَبَ عَهْدَ عُمَرَ رحمه الله وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ مِنْ بَعْد، ثمَّ دَعَوْتُ رِجَالاً فَدَخَلُواْ، فَقَال: عَهْدِي في هَذِهِ الصَّحِيفَةِ مَعَ رَجَاء؛ اشْهَدُواْ وَاخْتِمُواْ الصَّحِيفَة؛ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَات، فَكَفَفْتُ النِّسَاءَ عَنِ الصِّيَاحِ وَخَرَجْتُ إِلىَ النَّاس»

حَدَّثَ الْوَاقِدِيُّ، وَالوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ الْكِنَانيِّ قَال:

ص: 1837

«لَمَّا مَرِضَ سُلَيْمَانُ بِدَابِقَ قَال: يَا رَجَاء؛ أَسْتَخْلِفُ ابْني 00؟

قَالَ رحمه الله: ابْنُكَ غَائِب 0

قَال: فَالآخَر 00؟

قَالَ رحمه الله: هُوَ صَغِير 0

قَال: فَمَنْ تَرَى 00؟

قَالَ رحمه الله: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز 0

قَال: أَتَخَوَّفُ بَني عَبْدِ المَلِكِ أَنْ لَا يَرْضَوْا 00

قَالَ رحمه الله: فَوَلِّهِ، وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ المَلِك، وَتَكْتُبُ كِتَابَاً وَتَخْتِمُهُ، وَتَدْعُوهُمْ إِلىَ بَيْعَةٍ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا؛ فَكَتَبَ الْعَهْدَ وَخَتَمَهُ، فَخَرَجَ رَجَاءُ فَقَال: إِنَّ أَمِيرَ

ص: 1838

المُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُواْ لِمَنْ في هَذَا الْكِتَاب؛ قَالُواْ: وَمَنْ فِيهِ 00؟

قَالَ رحمه الله: مَخْتُوم، وَلَا تُخْبَرُونَ بِمَنْ فِيهِ حَتىَّ يَمُوت؛ فَامْتَنَعُواْ؛ فَقَالَ سُلَيْمَان: انْطَلِقْ إِلىَ أَصْحَابِ الشُّرَطِ وَنَادِ الصَّلَاةُ جَامِعَة، وَمُرْهُمْ بِالبَيْعَة، فَمَن أَبَى فَاضْرِبْ عُنُقَه؛ فَفَعَلَ فَبَايَعُواْ، قَالَ رَجَاء: فَلَمَّا خَرَجُواْ أَتَاني هِشَامٌ في مَوْكِبِهِ فَقَال: قَدْ عَلِمْتُ مَوْقِفَكَ مِنَّا، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ أَزَالَهَا عَنيِّ؛

ص: 1839

فَأَعْلِمْني مَا دَامَ في الأَمْرِ نَفَس [أَيْ مَا دَامَ حَيَّا] 00؟

قُلْتُ: سُبْحَانَ الله؛ يَسْتَكْتِمُني أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَأُطْلِعُك؟ لَا يَكُونُ ذَاكَ أَبَدَاً؛ فَأَدَارَني وَأَلَاصَني ـ أَيْ اسْتَدَارَ النَّاحِيَةَ الأُخْرَى وَحَاوَلَ أَنْ يَخْدَعَني وَيَأْخُذَ الْكِتَاب ـ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ فَانْصَرَف، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي؛ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله فَقَال: يَا رَجَاء؛ قَدْ وَقَعَ في نَفْسِي أَمْرٌ كَبِيرٌ مِن هَذَا الرَّجُل؛ أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا

ص: 1840

إِلَيَّ وَلَسْتُ أَقُومُ بِهَذَا الشَّأْن، فَأَعْلِمْني مَا دَامَ في الأَمْرِ نَفَسٌ لَعَلِّي أَتَخَلَّص؛ قُلْتُ: سُبْحَانَ الله؛ يَسْتَكْتِمُني أَمْرَاً أُطْلِعُكَ عَلَيْه؟

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: «حَدَّثَني مَنْ شَهِدَ دَابِقَ [مَوْضِعٌ غَرْبَ حَلَب] وَكَانَ مُجْتَمَعَ غَزْوِ النَّاس، فَمَاتَ سُلَيْمَانُ بِدَابِق، وَرَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ صَاحِبُ أَمْرِهِ وَمَشُورَتِه، فَخَرَجَ إِلىَ النَّاسِ فَأَعْلَمَهُمْ بِمَوْتِهِ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ فَأَعْلَمَهُمْ بِمَوْتِهِ وَقَال: إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ كَتَبَ كِتَابَاً وَعَهِدَ

ص: 1841

عَهْدَاً، أَفَسَامِعُونَ أَنْتُم وَمُطِيعُون 00؟

قَالُواْ: نَعَمْ 00 وَقَالَ هِشَام: نَسْمَعُ وَنُطِيعُ إِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِخْلَافُ رَجُلٍ مِنْ بَني عَبْدِ المَلِك 00

فَجَذَبَهُ النَّاسُ حَتىَّ سَقَطَ إِلىَ الأَرْضِ وَقَالُواْ: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا 00 فَقَالَ رَجَاء: قُمْ يَا عُمَر 00

فَقَالَ عُمَر: وَاللهِ إِنَّ هَذَا لأَمْرٌ مَا سَأَلْتُهُ اللهَ قَطّ» 0

قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَة: «ثَقُلَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ المَلِك، وَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ وَسَنَّدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلىَ النَّاسِ فَقَالُواْ: كَيْفَ

ص: 1842

أَصْبَحَ أَمِيرُ المُؤْمِنِين 00؟

قُلْتُ: أَصْبَحَ سَاكِنَاً فَادْخُلُواْ سَلِّمُواْ عَلَيْهِ وَبَايِعُواْ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا في الْعَهْد؛ فَدَخَلُواْ وَقُمْتُ عِنْدَه، وَقُلْتُ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِالوُقُوف، ثُمَّ أَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْ جَيْبِهِ وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُواْ عَلَى مَا في هَذَا الْكِتَاب؛ فَبَايَعُواْ وَبَسَطُواْ أَيْدِيَهِمْ، فَلَمَّا فَرَغُواْ قُلْتُ: آجَرَكُمُ اللهُ في أَمِيرِ المُؤْمِنِين؛ قَالُواْ: فَمَن 00؟

ص: 1843

فَفَتَحْتُ الْكِتَاب؛ فَإِذَا فِيهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله، فَتَغَيَّرَتْ وَجُوهُ بَني عَبْدِ المَلِك، فَلَمَّا سَمِعُواْ وَبَعْدَهُ يَزِيدُ تَرَاجَعُواْ، وَطُلِبَ عُمَرُ فَإِذَا هُوَ في المَسْجِد؛ فَأَتَوْهُ وَسَلَّمُواْ عَلَيْهِ بِالخِلَافَةِ، فَعَقِرَ [أَيْ لَمْ تحْمِلْهُ رِجْلَاهُ مِنَ الدَّهْشَة] فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ حَتىَّ أَخَذُواْ بَضَبُعَيْهِ فَأَصْعَدُوهُ المِنْبَر؛ فَجَلَسَ طَوِيلاً لَا يَتَكَلَّم؛ فَقَالَ رَجَاء: أَلَا تَقُومُونَ إِلىَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ فَتُبَايِعُونَه 00؟

ص: 1844

فَنَهَضُواْ إِلَيْهِ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ» 0

ـ اهْتِمَامُهُ بِقَضَاءِ حَوَائِجِ المُسْلِمِين، وَنُصْرَةِ المَظْلُومِين:

حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَن عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ:

«إِنَّ مَوْلَىً لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ لَهُ بَعْدَ جَنَازَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ المَلِك: مَا لي أَرَاكَ مُغْتَمَّاً 00؟

قَالَ رحمه الله: لِمِثْلِ مَا أَنَا فِيهِ فَلْيُغْتَمّ؛ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الأُمَّةِ إِلَاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَن أُوَصِّلَ إِلَيْهِ حَقَّهُ غَيْرَ كَاتِبٍ إِلَيَّ فِيهِ وَلَا طَالِبِهِ

ص: 1845

مِنيِّ [أَيْ وَأَنىَّ لي أَن أَعْلَمَ بحَقِّ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ إِلَيَّ وَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيّ]» 00؟!

حَدَّثَ عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ عَن عَطَاءِ بْنِ أَبي رَبَاحٍ قَال: «حَدَّثَتْني فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ في مُصَلَاَّه، يَدُهُ عَلَى خَدِّهِ، سَائِلَةٌ دُمُوعُهُ؛ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ أَلِشَيْءٍ حَدَث 00؟

ص: 1846

قَالَ رحمه الله: يَا فَاطِمَة؛ إِنيِّ تَقَلَّدْتُ أَمْرَ أُمَّةِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَتَفَكَّرْتُ في الْفَقِيرِ الجَائِع، وَالمَرِيضِ الضَّائِع، وَالعَارِي المَجْهُود، وَالمَظْلُومِ المَقْهُور، وَالغَرِيبِ المَأْسُور، وَالكَبِيرِ وَذِي الْعِيَالِ في أَقْطَارِ الأَرْض؛ فَعَلِمْتُ أَنَّ رَبيِّ سَيَسْأَلُني عَنهُمْ، وَأَنَّ خَصْمَهُمْ دُونَهُمْ محَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم؛ فَخَشِيتُ أَلَاَّ تَثْبُتَ لي حُجَّةٌ عِنْدَ خُصُومَتِهِ؛ فَرَحِمْتُ نَفْسِي فَبَكَيْت» 00 رَحِمَهُ اللهُ تَعَالىَ 0

ص: 1847

ـ إِرْسَاءُ قَوَاعِدِ الْعَدْلِ مِن أَوَّلِ يَوْمٍ:

حَدَّثَ ابْنُ سَعْدٍ في «طَبَقَاتِهِ» عَنْ محَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنُ أَبي الزِّنَادِ عَن أَبِيهِ قَال:

«لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله المَدِينَةَ وَالِيَاً دَعَا عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ وَالقَاسِمَ بْنَ محَمَّدٍ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم فَقَالَ لَهُمْ: إِنيِّ دَعَوْتُكُمْ لأَمْرٍ تُؤْجَرُونَ فِيهِ، وَنَكُونُ فِيهِ أَعْوَانَاً عَلَى الحَقّ: مَا أُرِيدُ أَن أَقْطَعَ أَمرَاً إِلَاَّ

ص: 1848

بِرَأْيِكُمْ، أَوْ بِرَأْيِ مَن حَضَرَ مِنْكُمْ؛ فَإِنْ رَأَيْتُم أَحَدَاً يَتَعَدَّى، أَوْ بَلَغَكُمْ عَن عَامِلٍ ظُلَامَةٌ؛ فَأُحَرِّجُ بِاللهِ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ إِلَاَّ أَبْلَغَني؛ فَجَزَّوْهُ خَيْرَاً وَافْتَرَقُواْ» 0

ـ رَدُّهُ لِلأَمْوَالِ الَّتي اغْتَصَبَهَا بَنُو أُمَيَّة:

قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْد: «بَدَأَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَهْلِ بَيْتِهِ فَأَخَذَ مَا بِأَيْدِيهِمْ، وَسَمَّى أَمْوَالَهُمْ مَظَالِم؛ فَفَزِعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ إِلىَ عَمَّتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ مَرْوَان؛ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ إِنيِّ قَدْ

ص: 1849

عَنَّاني أَمْر؛ فَأَتَتْهُ لَيْلاً، فَأَنْزَلَهَا عَنْ دَابَّتِهَا، فَلَمَّا أَخَذَتْ مَجْلِسَهَا قَال: يَا عَمَّة؛ أَنْتِ أَوْلىَ بِالكَلَام؛ قَالَتْ: تَكَلَّمْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ قَالَ رحمه الله: إِنَّ اللهَ بَعَثَ محَمَّدَاً صلى الله عليه وسلم رَحْمَةً وَلَمْ يَبْعَثْهُ عَذَابَاً، وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ؛ فَتَرَكَ لَهُمْ نَهْرَاً شُرْبُهُمْ سَوَاء، ثمَّ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَتَرَكَ النَّهْرَ عَلَى حَالِهِ، ثمَّ عُمَرُ رضي الله عنه؛ فَعَمِلَ عَمَلَ صَاحِبِهِ، ثمَّ لَمْ يَزَلِ

ص: 1850

النَّهْرُ يَشْتَقُّ مِنهُ يَزِيدُ وَمَرْوَانُ وَعَبْدُ المَلِك، وَالوَلِيدُ وَسُلَيْمَان؛ حَتىَّ أَفْضَى الأَمْرُ إِلَيَّ وَقَدْ يَبِسَ النَّهْرُ الأَعْظَم [أَيْ بَيْتُ المَال] وَلَنْ يَرْوِيَ أَهْلَهُ حَتىَّ يَعُودَ إِلىَ مَا كَانَ عَلَيْه؛ فَقَالَتْ رَحِمَهَا الله: حَسْبُكَ فَلَسْتُ بِذَاكِرَةٍ لَكَ شَيْئَاً، وَرَجَعَتْ فَأَبْلَغَتْهُمْ كَلَامَه» 0

حَدَّثَ الْفِرْيَابيُّ عَنِ الإِمَامِ الأَوْزَاعِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال: «إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله جَلَسَ في بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ أَشْرَافُ بَني أُمَيَّة؛

ص: 1851

فَقَالَ رحمه الله: أَتُحِبُّونَ أَن أُوَّلِيَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْكُمْ جُنْدَاً مِن هَذِهِ الأَجْنَاد 00؟

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ: لِمَ تَعْرِضُ عَلَيْنَا مَا لَا تَفْعَلُه 00؟

قَالَ رحمه الله: تَرَوْنَ بِسَاطِي هَذَا 00؟

إِنيِّ لأَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِيرُ إِلىَ بِلَىً، وَإِنيِّ أَكْرَهُ أَنْ تُدَنِّسُوهُ عَلَيَّ بِأَرْجُلِكُمْ؛ فَكَيْفَ أُوَلِّيكُمْ دِيني 00؟

وَأُوَلِّيكُمْ أَعْرَاضَ المُسْلِمِينَ وَأَبْشَارَهُمْ تَحْكُمُونَ فِيهِمْ 00؟

هَيْهَاتَ هَيْهَات 00 قَالُواْ: لِمَ؛ أَمَا لَنَا قَرَابَة 00؟ أَمَا لَنَا حَقّ 00؟

ص: 1852

قَالَ رحمه الله: مَا أَنْتُم وَأَقْصَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ عِنْدِي في هَذَا الأَمْرِ إِلَاَّ سَوَاء» 0

ـ عُزُوفُهُ عَنِ الْبَذَخِ وَالسَّرَفِ وَالتَّرَف:

حَدَّثَ دَاوُدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبي سُهَيْلٍ عَنْ رَجَاءَ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّهُ زَادَ فَقَال:

«فَصَلَّى عَلَى سُلَيْمَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ أُتِيَ بِمَرَاكِبِ الخِلَافَةِ فَقَال:

دَابَّتي أَرْفَقُ لي، فَرَكِبَ بَغْلَتَهُ، ثمَّ قِيل: تَنْزِلُ مَنْزِلَ الخِلَافَة؛ فَأَبىَ وَقَال: في فُسْطَاطِي كِفَايَة»

ص: 1853

حَدَّثَ عُمَرُ بْنُ مَيْمُونٍ عَن أَبِيهِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَال: «مَا زِلْتُ أَلْطُفُ في أَمْرِ الأُمَّةِ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَتىَّ قُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ هَذِهِ الطَّوَامِيرِ [أَيِ الصُّحُفُ الْكَبِيرَة] الَّتي تَكْتُبُ فِيهَا بِالقَلَمِ الجَلِيلِ وَهِيَ مِنْ بَيْتِ المَالِ 00؟!

فَكَتَبَ إِلىَ الآفَاقِ بِتَرْكِهِ؛ فَكَانَتْ كُتُبُهُ نَحْوَ شِبْر» 0

حَدَّثَ يحْيىَ بْنُ أَبي غَنِيَّةَ عَن حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْن أَبي الزُّبَيْرِ قَال:

ص: 1855

ـ أَمْرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَنِ المُنْكَر، وَإِزَالَةُ الْبِدَع:

قَالَ الحَكَمُ بْنُ عُمَرَ الرُّعَيْنيّ: «كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله إِلىَ أَصْحَابِ الطَّرْز:

«لَا تَجْعَلُواْ سَدَى الخَزِّ [أَيِ الْبِطَانَةَ] إِلَاَّ مِنْ قُطْن، وَلَا تَجْعَلُواْ فِيهِ إِبْرِيسَم» 00 أَيْ حَرِيرَاً 0

حَدَّثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَن عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبي حُسَينٍ قَال: «كَانَ مُؤَذِّنٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا أَذَّنَ رَعَّدَ [أَيْ رَجَّعَ بِتَطْرِيب] فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَذِّن أَذَانَاً سَمْحَاً

ص: 1857

وَلَا تَغُنَّه؛ وَإِلَاَّ فَاجْلِسْ في بَيْتِك»

ـ مَعْرِفَتُهُ بِرُوحِ الإِسْلَام، المُرَادَةِ مِنَ الأَحْكَام:

حَدَّثَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَن أَبِيهِ قَال:

«إِنَّ حَيَّانَ بْنَ شُرَيْحٍ عَامِلَ مِصْرَ عَلَى جِزْيَةِ الأَقْبَاطِ كَتَبَ إِلىَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله: إِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ قَدْ أَشْرَعُواْ في الإِسْلَام [أَيْ دَخَلُواْ شُرَّعَاً: أَيْ بِكَثْرَة] فَانْكَسَرَتِ الجِزْيَة؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ رحمه الله يَقُول: إِنَّ اللهَ بَعَثَ محَمَّدَاً صَلَّى اللهُ

ص: 1858

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَاعِيَاً وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابيَاً، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَوْدَة» 0

ـ وَرَعُهُ وَتَقْوَاه، وَعِبَادَتُهُ لله، وَمُرَاقَبَتُهُ للهِ في أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِه:

حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ رَجُلٍ عَن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله قَال:

«مَا كَذَبْتُ مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الْكَذِبَ يَضُرُّ أَهْلَه» 0

ـ خَوْفُهُ مِنَ الله:

حَدَّثَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ حَكِيمٍ قَال: «قَالَتْ فَاطِمَةُ امْرَأَتُهُ رَحِمَهَا الله: كَانَ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ قَعَدَ في مَسْجِدِهِ، ثمَّ

ص: 1859

يَرْفَعُ يَدَيْه؛ فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتىَّ تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، ثمَّ يَنْتَبِه، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو رَافِعَاً يَدَيْهِ يَبْكِي حَتىَّ تَغْلِبَهُ عَيْنُه، يَفْعَلُ ذَلِكَ لَيْلَهُ أَجْمَع» 0

ـ كَثْرَةُ ذِكْرِهِ لِِلْمَوْت:

قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبي رَبَاح: «كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله يَجْمَعُ كُلَّ لَيْلَةٍ الْفُقَهَاء؛ فَيَتَذَاكَرُونَ المَوْتَ وَالقِيَامَةَ وَالآخِرَةَ وَيَبْكُون» 0

قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبي عَرُوبَة:

ص: 1860

«كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله إِذَا ذُكِرَ المَوْتُ اضْطَرَبَتْ أَوْصَالُه» 0

وَمِمَّا رُوِيَ لَهُ مِنَ الشِّعْرِ بِتَصَرُّفٍ يَسِير:

نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ

وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ

تُسَرُّ بِمَا يَفْنىَ وَتَفْرَحُ بِالمُنىَ

كَمَا سُرَّ بِاللَّذَاتِ في النَّوْمِ حَالِمُ

وَتَسْعَى إِلىَ مَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ

كَذَلِكَ في الدُّنْيَا تَعِيشُ الْبَهَائِمُ

ـ قَالُواْ عَنِْ زُهْدِهِ وَتَقَشُّفِه:

ص: 1861

حَدَّثَ فِطْرُ بْنُ حَمَّاد بْن وَاقِدٍ عَن أَبِيهِ قَال: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يَقُول:

«النَّاسُ يَقُولُونَ عَنيِّ زَاهِد؛ إِنَّمَا الزَّاهِدُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز؛ أَتَتْهُ الدُّنْيَا فَاغِرَةً فَاهَا فَأَعْرَضَ عَنهَا»

حَدَّثَ يَعْقُوبُ الْفَسَوِيُّ عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامِ بْنِ يحْيىَ عَن أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال:

«كُنْتُ أَنَا وَابْنُ أَبي زَكَرِيَّا بِبَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله؛ فَسَمِعْنَا بُكَاءً؛ فَقِيل: خَيَّرَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ امْرَأَتَهُ بَيْنَ أَنْ

ص: 1862

تُقِيمَ في مَنْزِلِهَا عَلَى حَالِهِ [أَيْ مِنَ الزُّهْدِ وَالتّقَشُّف] وَأَعْلَمَهَا أَنَّهُ قَدْ شُغِلَ بِمَا في عُنُقِهِ عَنِ النِّسَاء، وَبَيْنَ أَنْ تَلْحَقَ بِمَنْزِلِ أَبِيهَا؛ فَبَكَتْ؛ فَبَكَتْ جَوَارِيهَا» 0

قَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ المَلِك [أَخُو امْرَأَتِه]:

«دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ وَقَمِيصُهُ وَسِخ؛ فَقُلْتُ لَامْرَأَتِهِ وَهِيَ أُخْتُ مَسْلَمَة: اغْسِلُوه؛ قَالَتْ: نَفْعَل، ثُمَّ عُدْتُ فَإِذَا الْقَمِيصُ عَلَى حَالِهِ؛ فَقُلْتُ لَهَا فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا لَهُ قَمِيصٌ غَيْرُه» 0

ص: 1863

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَيُّوبَ السِّخْتِيَانيِّ رحمه الله، وَابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاق قَالَا:

«قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ لَوْ أَتَيْتَ المَدِينَة؛ فَإِنْ قَضَى اللهُ مَوْتَاً دُفِنْتَ في مَوْضِعِ الْقَبْرِ الرَّابِعِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم 00؟

قَالَ رحمه الله:

وَاللهِ لأَنْ يُعَذِّبَني اللهُ بِغَيرِ النَّار؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَنْ يَعْلَمَ مِنْ قَلْبي أَنيِّ أُرَاني لِذَلِكَ أَهْلاً» 0

ص: 1867

ـ تَوَاضُعُهُ:

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله قَال: «قَالَ لي رَجَاءُ بْنُ حَيْوَة:

مَا أَكْمَلَ مُرُوءةَ أَبِيك؛ سَمَرْتُ عِنْدَهُ، فَعَشِيَ السِّرَاجُ [أَيْ خَبَتْ نَارُهُ كَمَا لَوْ نَفِدَ زَيْتُه] وَإِلىَ جَانِبِهِ وَصِيفٌ نَام [أَيْ خَادِمٌ نَائِم] قُلْتُ: أَلَا أُنَبِّهُهُ 00؟

ص: 1868

قَالَ رحمه الله: لَا، دَعْهُ؛ قُلْتُ: أَنَا أَقُوم؛ قَالَ لَا، لَيْسَ مِنْ مُرُوءةِ الرَّجُلِ اسْتِخْدَامُهُ ضَيْفَه؛ فَقَامَ رحمه الله إِلىَ بَطَّةِ الزَّيْتِ فَأَصْلَحَ السِّرَاج، ثُمَّ رَجَعَ وَقَال: قُمْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز، وَرَجَعْتُ وَأَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز» 00 رَحِمَهُ اللهُ تَعَالىَ 0

حَدَّثَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ عَن خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ جَعْوَنَةَ قَال:

ص: 1869

«دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ إِنَّ مَنْ قَبْلَكَ كَانَتِ الخِلَافَةُ لَهُمْ زَيْنَاً، وَأَنْتَ زَيْنُ الخِلَافَة؛ فَأَعْرَضَ عَنهُ» 0

ـ ثَنَاءُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَلَيْه:

عَن أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: «مَا رَأَيْتُ إِمَامَاً أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن إِمَامِكُمْ» [يَعْني رضي الله عنه عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ وَكَانَ رحمه الله لَا يُطِيلُ القِرَاءَة]

[حَسَّنَهُ الأُسْتَاذ شُعَيْب الأَرْنَؤُوط في تحْقِيقِهِ لِلْمُسْنَدِ بِرَقْم: 13307]

ص: 1870

حَدَّثَ ابْنُ المُبَارَكِ عَن هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ مَكْحُولٍ قَال: «لَوْ حَلَفْتُ لَصَدَقْت: مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ وَلَا أَخَوْفَ للهِ عز وجل مِن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله» 0

ـ مِنْ كَلِمَاتِهِ الْبَلِيغَةِ وَأَقْوَالِهِ الحَكِيمَة:

قَالَ ضَمْرَة: «كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله إِلىَ بَعْضِ عُمَّالِهِ:

«أَمَّا بَعْد؛ فَإِذَا دَعَتْكَ قُدْرَتُكَ عَلَى النَّاسِ إِلىَ ظُلْمِهِمْ، فَاذْكُرْ قُدْرَةَ اللهِ جل جلاله عَلَيْك»

ص: 1872

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: «قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيز: جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلَامِ خَيرَاً؛ فَقَالَ رحمه الله: بَلْ جَزَى اللهُ الإِسْلَامَ عَنيِّ خَيْرَاً» 0

ـ قَالُواْ عَنِ خَبَرِ قَتْلِهِ بِالسُّمِّ وَعَفْوِهِ عَنْ قَاتِلِه:

حَدَّثَ أَبُو عُمَيْرٍ بْنُ النَّحَّاسِ عَنْ ضَمْرَةَ عَن عَلِيِّ بْنِ أَبي حَمَلَةَ قَال:

«لَقِيَني يَهُودِيٌّ فَقَال: إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله سَيَلِي، ثمَّ لَقِيَني آخِرَ وِلَايَةِ عُمَرَ فَقَال: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ سُقِيَ؛ فَمُرْهُ فَلْيَتَدَارَكْ

ص: 1873

نَفْسَه؛ فَأَعْلَمْتُ عُمَرَ رحمه الله فَقَال: قَاتَلَهُ اللهُ مَا أَعْلَمَه؛ لَقَدْ عَلِمْتُ السَّاعَةَ الَّتي سُقِيتُ فِيهَا، وَلَوْ كَانَ شِفَائِي أَن أَمْسَحَ شَحْمَةَ أُذُني مَا فَعَلْت» 0

حَدَّثَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ مُشْكَانَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَال:

«قَالَ لي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ [في مَرَضِهِ بَعْدَ شُرْبِهِ لِلسُّمّ]: يَا مُجَاهِد؛ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيَّ 00؟

ص: 1874

قُلْت: يَقُولُونَ مَسْحُور؛ قَالَ رحمه الله: مَا أَنَا بِمَسْحُور، ثُمَّ دَعَا غُلَامَاً لَهُ فَقَال: وَيَحَك؛ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ سَقَيْتَني السُّمّ 00؟

قَال: أَلْفُ دِينَارٍ أُعْطِيتُهَا، وَأَن أُعْتَق؛ قَالَ رحمه الله: هَاتِهَا؛ فَجَاءَ بِهَا فَأَلْقَاهَا في بَيْتِ المَال، وَقَالَ رحمه الله: اذْهَبْ حَيْثُ لَا يَرَاكَ أَحَد» 0

ـ اللَّحَظَاتُ الأَخِيرَةُ مِن حَيَاتِهِ رحمه الله:

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: «قُلْتُ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَر: مَا آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُوك 00؟

ص: 1875

فَقَال: كَانَ لَهُ مِنَ الْوَلَدِ أَنَا وَعَبْدُ اللهِ وَعَاصِمٌ وَإِبْرَاهِيم، وَكُنَّا أُغَيْلِمَةً؛ فَجِئْنَا كَالمُسَلِّمِينَ عَلَيْهِ وَالمُوَدِّعِينَ لَهُ؛ فَقِيلَ لَهُ: تَرَكْتَ وَلَدَكَ لَيْسَ لَهُ مَال، وَلَمْ تُؤْوِهِمْ إِلىَ أَحَد 00 فَقَالَ رحمه الله: مَا كُنْتُ لأُعْطِيَهُمْ مَا لَيْسَ لَهُمْ، وَمَا كُنْتُ لآخُذَ مِنهُمْ حَقَّاً هُوَ لَهُمْ، وَإِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ فِيهِمْ، الَّذِي يَتَوَلَّى الصَّالِحِين، إِنَّمَا هُمْ أَحَدُ رَجُلَيْن: صَالِحٌ أَوْ فَاسِق» 0

ص: 1876

قَالَ عُبَيْدُ بْنُ حَسَّان: «لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله قَال: اخْرُجُواْ عَنيِّ؛ فَقَعَدَ مَسْلَمَةُ وَفَاطِمَةُ عَلَى الْبَاب؛ فَسَمِعُوهُ يَقُول: مَرْحَبَاً بِهَذِهِ الْوُجُوه، لَيْسَتْ بِوُجُوهِ إِنْسٍ وَلَا جَانّ، ثُمَّ تَلَا رحمه الله: (تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً في الأَرْضِ وَلَا فَسَادَاً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين ({القَصَص/83}

ص: 1878

ثمَّ هَدَأَ الصَّوْت؛ فَقَالَ مَسْلَمَةُ لِفَاطِمَة: قَدْ قُبِضَ صَاحِبُكِ؛ فَدَخَلُواْ فَوَجَدُوهُ قَدْ قُبِضَ رحمه الله»

حَدَّثَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ رحمه الله عَن عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ لَهُ:

«كُنْ فِيمَنْ يُغَسِّلُني وَتَدْخُلُ قَبْرِي، فَإِذَا وَضَعْتُمُوني في لَحْدِي؛ فَحُلَّ الْعُقَدَ ثمَّ انْظُرْ إِلىَ وَجْهِي؛ فَإِنيِّ قَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً مِنَ الخُلَفَاء، كُلُّهُمْ إِذَا أَنَا وَضَعْتُهُ في لَحْدِهِ حَلَلْتُ الْعُقَدَ ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَيْه؛ فَإِذَا وَجْهُهُ مُسْوَدٌّ إِلىَ

ص: 1879

غَيْرِ الْقِبْلَة؛ قَالَ رَجَاء:

فَدَخَلْتُ الْقَبْرَ، وَحَلَلْتُ الْعُقَد؛ فَإِذَا وَجْهُهُ كَالقَرَاطِيسِ في الْقِبْلَة» 00 أَيْ كَالصُّحُفِ الْبَيْضَاء

ـ قَالُواْ عَنِْ مَوْتِ عُمَر:

حَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَن خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ قَال:

«إِنَّا نجِدُ في التَّوْرَاة: أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ تَبْكِي عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله أَرْبَعِينَ صَبَاحَاً»

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان: «لَمَّا جَاءَ نَعْيُهُ إِلىَ الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَال: مَاتَ خَيْرُ النَّاس»

ـ قَبْرُهُ:

ص: 1880

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَال: «إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله اشْتَرَى مَوْضِعَ قَبْرِهِ قَبْل أَنْ يَمُوتَ بِعَشْرَةِ دَنَانيْر» 0

حَدَّثَ سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَيْرٍ الرَّقِّيُّ عَن أَبي أُمَيَّةَ الخَصِيِّ غُلَامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله قَال: «بَعَثَني عُمَرُ بِدِينَارَيْنِ إِلىَ أَهْلِ الدَّيْرِ فَقَال: إِنْ بِعْتُمُوني مَوْضِعَ قَبْرِي؛ وَإِلَاَّ تَحَوَّلْتُ عَنْكُمْ» 0

ص: 1881

ـ زِيَارَةُ الصَّالحِينَ لِقَبرِ عُمَر:

حَدَّثَ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ قَال:

«إِنَّ صَالِحَ بْنَ عَلِيٍّ [الأَمِيرَ] سَأَلَ عَنْ قَبْرِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَمْ يجِدْ مَنْ يُخْبِرُه؛ حَتىَّ دُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَسَأَلَهُ فَقَال: قَبْرَ الصِّدِّيقِ تُرِيدُون 00؟

هُوَ في تِلْكَ المَزْرَعَة» 0

ص: 1882

قَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَاز: «نَزَلْنَا مَنْزِلاً مَرْجِعَنَا مِنْ دَابِق؛ فَلَمَّا ارْتَحَلْنَا مَضَى مَكْحُول، وَلَمْ نَعْلَمْ أَيْنَ ذَهَب؛ فَسِرْنَا كَثِيرَاً حَتىَّ جَاءَ رحمه الله؛ فَقُلْنَا: أَيْنَ ذَهَبْت 00؟

قَالَ رحمه الله: أَتَيْتُ قَبْرَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله وَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَنْزِلِ فَدَعَوْتُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ رحمه الله: لَوْ حَلَفْتُ مَا اسْتَثْنَيْت: مَا كَانَ في زَمَانِهِ أَحَدٌ أَخَوْفَ للهِ عز وجل وَلَا أَزْهَدَ في الدُّنْيَا مِنهُ» 0

ص: 1883

ـ بَعْضٌ مِنْ مَرَاثِيه، الَّتي قِيلَتْ فِيه:

وَلِكُثَيِّرِ عَزَّةَ شِعْرٌ غَزِيرُ الْعَبْرَةِ يَفِيضُ بِالحَسْرَة، أَعْجَبَني مِنهُ بَيْتٌ نَظَمْتُ أَجَزْتُهُ بِآخَر:

النَّاسُ دَمْعُهُمُ عَلَيْكَ غَزِيرُ

وَالحُزْنُ في كُلِّ الْقُلُوبِ كَبِيرُ

فَجَمِيعُهُمْ يُثْني وَإِنْ لَمْ تُولِهِمْ

خَيْرَاً لأَنَّكَ بِالثَّنَاءِ جَدِيرُ

[الْبَيْتُ الأَوَّلُ لي، وَالثَّاني لِكُثَيِّر عَزَّة بِتَصَرُّف 0 الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 145/ 5]

ص: 1884