المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الْكَاتِبُ في سُطُور:

- ‌أَعْلَامُ أَئِمَّةِ المُحَدِّثِين:

- ‌الإِمَامُ البُخَارِيّ

- ‌الإِمَامُ مُسْلِم

- ‌الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل

- ‌الإِمَامُ أَبُو دَاوُد

- ‌أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ

- ‌الإِمَامُ التِّرْمِذِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ مَاجَة

- ‌الإِمَامُ النَّسَائِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارِمِيّ

- ‌الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَة

- ‌الإِمَامُ ابْنُ حِبَّان

- ‌الإِمَامُ أَبُو يَعْلَى

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرَاني

- ‌إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه

- ‌الإِمَامُ الحُمَيْدِيّ

- ‌أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبي شَيْبَة

- ‌مَعْمَرُ بْنُ رَاشِد

- ‌أَعْلَامُ الحُفَّاظ:

- ‌عِكْرِمَةُ مَوْلىَ ابْنِ عَبّاس

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْر

- ‌أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيّ

- ‌ثَابِتٌ الْبُنَانيّ

- ‌أَبُو العَالِيَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب

- ‌مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الله

- ‌ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ

- ‌سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة

- ‌الأَعْمَش

- ‌أَبُو مَسْعُودٍ الرَّازِي

- ‌أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ عُقْدَة

- ‌أَبُو بَكْرِ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الجَعَّابيّ

- ‌حَمَّادُ بْنُ سَلَمَة

- ‌حَمَّادُ بْنُ زَيْد

- ‌عَمْرُو بْنُ دِينَار [

- ‌ابْنُ جُرَيْج

- ‌عَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيّ

- ‌إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ

- ‌الْفِرْيَابيّ

- ‌ عَبْدُ الْغَنيِّ المَقْدِسِيّ

- ‌سُلَيْمَانُ التَّيْمِيّ

- ‌يَزِيدُ بْنُ هَارُون

- ‌إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبي خَالِد

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب

- ‌أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ

- ‌ابْنُ أَبي ذِئْب

- ‌الْقَعْنَبيّ

- ‌الأَشْجَعِيّ

- ‌هِشَامٌ الدَّسْتَوَائِيّ [

- ‌[ابْنُ عُلَيَّة]

- ‌غُنْدَر

- ‌مَكْحُولٌ الدِّمَشْقِيّ

- ‌مَكْحُولٌ الأَزْدِيّ

- ‌يحْيىَ بْنُ يحْيىَ التَّمِيمِيّ

- ‌الْقَوَارِيرِيّ

- ‌أَبُو كُرَيْب

- ‌خَالِدُ بْنُ الحَارِث

- ‌ابْنُ المُقْرِئ

- ‌هُشَيْمُ بْنُ بَشِير

- ‌أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاش

- ‌ابْنُ لَهِيعَة

- ‌ابْنُ أَبي دَاوُد

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِم

- ‌الْقَاسِمُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق

- ‌أَعْلَامُ نُقَّادِ المحَدِّثِين:

- ‌شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاج

- ‌عَلِيُّ بْنُ المَدِينيّ

- ‌يَحْيىَ بْنُ مَعِين

- ‌أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِي

- ‌أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌[ابْنُهُ]عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبي حَاتِمٍ الرَّازِي

- ‌يحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ

- ‌الإِمَامُ الدَّارَقُطْنيّ

- ‌عَفَّانُ بْنُ مُسْلِم

- ‌أَبُو حَفْصٍ الْفَلَاَّس

- ‌أَبُو بَكْرٍ الخَطِيب

- ‌ابْنُ الصَّلَاحِ الصَّفَدِي

- ‌الإِمَامُ الذَّهَبيّ [

- ‌أَعْلَامُ الْفُقَهَاء:

- ‌الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَة

- ‌الإِمَامُ مَالِك

- ‌الإِمَامُ الأَوْزَاعِيّ

- ‌الإِمَامُ الشَّافِعِيّ

- ‌اللَّيْثُ بْنُ سَعْد

- ‌الشَّعْبيّ

- ‌رَبِيعَةُ الرَّأْي

- ‌أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي [

- ‌أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بْنُ ذَكْوَان

- ‌أَعْلَامُ المُفَسِّرِين:

- ‌مُجَاهِد

- ‌قَتَادَة

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر

- ‌الإِمَامُ الطَّبَرِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْقضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَالنُّحَاة:

- ‌عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌شُرَيْحٌ القَاضِي

- ‌الأَصْمَعِيّ

- ‌أَعْلَامُ الْعَلَوِيِّين [الأَشْرَاف]:

- ‌جَعْفَرٌ الصَّادِق

- ‌مُوسَى الكَاظِم

- ‌أَعْلَامُ الزُّهَّاد [

- ‌أَيُّوبُ السِّخْتِيَانيّ

- ‌عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الكُوفِيّ

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْن

- ‌محَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر

- ‌حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْح

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك

- ‌الحَسَنُ الْبَصْرِيّ

- ‌محَمَّدُ بْنُ سِيرِين

- ‌الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض

- ‌الرَّبيعُ بْنُ خُثَيْم

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَم

- ‌مَعْرُوفٌ الْكَرْخِيّ

- ‌ذُو النُّونِ المِصْرِيّ

- ‌وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاح

- ‌مَنْصُورُ بْنُ عَمَّار

- ‌يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع

- ‌دَاوُدٌ الطَّائِيّ

- ‌صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْم

- ‌الْعَلَاءُ بْنُ زِيَاد

- ‌سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز

- ‌المُعَافَى بْنُ عِمْرَان

- ‌ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيّ

- ‌ابْنُ سَمْعُون

- ‌ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيّ

الفصل: ‌محمد بن سيرين

‌محَمَّدُ بْنُ سِيرِين

هُوَ أَبُو بَكْرٍ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ الأَنْصَارِيّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 110 هـ 0

قَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِين [أَخُو محَمَّدِ بْنِ سِيرِين]: «وُلِدَ أَخِي محَمَّدٌ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَوُلِدْتُ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ قَابِلَة» 0

حَدَّثَ عَارِمٌ عَن حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ قَال:

«عَاشَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ نَيِّفَاً وَثَمَانيْنَ سَنَة» 0

ص: 2083

حَدَّثَ مَيْسَرَةُ عَنْ مُعَلَّى بْنِ هِلَالٍ عَنْ يُونُسَ بْنٍ عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَال:

«مَاتَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رحمه الله وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَة» 0

قَالَ غَيْرُ وَاحِد:

«مَاتَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ بَعْدَ الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِمِاْئَةِ يَوْم، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ»

أُمُّهُ اسْمُهَا صَفِيَّة، كَانَتْ مَوْلَاةً لأَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه 0

وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ سَبْيِ جَرْجَرَايَا، تَمَلَّكَهُ أَنَسٌ رضي الله عنه، ثُمَّ كَاتَبَهُ عَلَى أُلُوفٍ مِنَ المَالِ فَوَفَّاه، وَعَجَّلَ لَهُ مَالَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ حُلُولِ الأَجَل 0

ص: 2084

ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان: «أَدْرَكَ محَمَّدٌ ثَلَاثِينَ صَحَابِيَّاً» 0

سَمِع أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَنَسَ بْنَ مَالِك، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاس، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْن، وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِم، وَعَبْدَ اللهِ عُمَر، وَأَبَا بَكْرَةَ الثَّقَفِيّ، وَشُرَيْحَاً الْقَاضِي، وَخَلْقَاً سِوَاهُمْ كَثِير

ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:

رَوَى عَنهُ قَتَادَة، وَأَيُّوب، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْد، وَعَبْدُ اللهِ عَوْن، وَخَالِدٌ الحَذَّاء، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّان، وَعَوْفٌ الأَعْرَابيّ، وَمَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُون، وَيَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيّ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبي عَرُوبَة، وَشَبِيبُ بْنُ شَيْبَة، وَقُرَّةُ بْنُ خَالِد، وَسُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَة 0

ص: 2085

ـ هَيْبَتُهُ وَصَلَاحُه:

قَالَ أَبُو عَوَانَة: «رَأَيْتُ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ في السُّوق؛ فَمَا رَآهُ أَحَدٌ إِلَاَّ ذَكَرَ الله» 0

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ: «مَن أَوْلِيَاءُ اللهِ تَعَالىَ» 00؟

قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الَّذِينَ إِذَا رُؤُواْ؛ ذُكِرَ اللهُ تَعَالىَ» 0

[صَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ في الصَّحِيحِ وَالصَّحِيحَةِ بِرَقْمَيْ: 2587، 1733، رَوَاهُ الحَكِيمُ وَالبَزَّارُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالنَّسَائِيُّ في السُّنَنِ الكُبْرَى]

ص: 2087

ـ قَالُواْ عَن عِلْمِهِ بِالْقَضَاء:

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ قَال:

«لَمْ يَكُنْ بِالبَصْرَةِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالقَضَاءِ مِنِ ابْنِ سِيرِين» 0

ـ مَعْرِفَتُهُ بِتَعْبِيرِ الرُّؤَى وَتَأْوِيلِ الأَحَادِيث:

قَالَ مَعْمَر: «جَاءَ رَجُلٌ إِلىَ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله فَقَال: رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً؛ فَخَرَجَتْ مِنهَا أَعْظَمَ مَا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى التَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً؛ فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً؛ فَخَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ 00؟

ص: 2090

فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ رحمه الله: أَمَّا الأُولىَ: فَذَاكَ الحَسَن؛ يَسْمَعُ الحَدِيثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ وَيَصِلُ فِيهِ مِنْ مَوَاعِظِه، وَأَمَّا الَّتي صَغُرَتْ فَأَنَا؛ أَسْمَعُ الحَدِيثَ فَأُسْقِطُ مِنه، وَأَمَّا الَّتي خَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ فَقَتَادَة؛ فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاس» 0

حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ المَرْوَزِيِّ قَال:

«كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيرِين، فَتَرَكْتُهُ وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّة؛ فَرَأَيْتُ كَأَنيِّ مَعَ قَوْمٍ يحْمِلُونَ جِنَازَةَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيرِينَ فَذَكَرْتُهُ لَهُ؛ فَقَال: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَامَاً يُرِيدُونَ أَنْ يَدْفِنُواْ مَا جَاءَ بِهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم» 0

ص: 2091

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان: «أَتَى رَجُلٌ ابْنَ سِيرِينَ فَقَال: رَأَيْتُ كَأَنَّ بيَدِي قَدَحَاً مِنْ زُجَاجٍ فِيهِ مَاء؛ فَانْكَسَرَ الْقَدَحُ وَبَقِيَ المَاء؛ فَقَالَ لَهُ رحمه الله:

اتَّقِ اللهَ فَإِنَّك لَمْ تَرَ شَيْئَاً؛ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله؛ قَالَ ابْنُ سِيرِين: فَمَنْ كَذَبَ فَمَا عَلَيَّ [أَيْ فَمَنْ كَذَب مِنْكُمْ فَمَا ذَنْبي أَنَا] 00؟!

ثمَّ عَبَّرَهَا ابْنُ سِيرِينَ لَهُ فَقَال: سَتَلِدُ امْرَأَتُكَ وَتَمُوت، وَيَبْقَى وَلَدُهَا؛ فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ قَال: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئَاً؛ فَمَا لَبِثَ أَنَّ وُلِدَ لَهُ وَمَاتَتِ امْرَأَتُه»

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان: «وَدَخَلَ آخَرُ فَقَال: رَأَيْتُ كَأَنيِّ وَجَارِيَةً سَوْدَاءَ نَأْكُلُ في قَصْعَةٍ سَمَكَة؛ قَالَ رحمه الله: أَتُهَيِّئُ لي طَعَامَاً وَتَدْعُوني 00؟

ص: 2092

قَالَ نَعَمْ؛ فَفَعَل، فَلَمَّا وُضِعَتِ المَائِدَةُ إِذَا جَارِيَةٌ سَوْدَاء؛ فَقَالَ لَهُ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رحمه الله: هَلْ أَصَبْتَ هَذِهِ 00؟

قَالَ لَا؛ قَالَ رحمه الله: فَادْخُلْ بِهَا المَخْدَع؛ فَدَخَلَ وَصَاحَ: يَا أَبَا بَكْر؛ رَجُلٌ وَاللهِ؛ فَقَال:

هَذَا الَّذِي شَارَكَكَ في أَهْلِك» 0

قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «قَدْ جَاءَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ في التَّعْبيرِ عَجَائِبُ يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَكَانَ لَهُ في ذَلِكَ تَأْيِيدٌ إِلَهِيّ» 0

ص: 2093

ـ مُرُوءَتُهُ:

حَدَّثَ قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ عَن عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ السَّجَّانَ قَالَ لاِبْنِ سِيرِينَ رحمه الله: إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَاذْهَبْ إِلىَ أَهْلِك، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَتَعَالَ؛ قَالَ رحمه الله: لَا وَاللهِ، لَا أَكُونُ لَكَ عَوْنَاً عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَان» 0

ـ عِبَادَتُهُ لله:

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَن أَيُّوبَ السِّخْتِيَانيِّ رحمه الله قَال:

«كَانَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رحمه الله يَصُومُ يَوْمَاً وَيُفْطِرُ يَوْمَاً» 0

ص: 2094

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ [أَخُو محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ] قَال:

«كَانَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله سَبْعَةُ أَوْرَاد، فَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ اللَّيْلِ قَرَأَهُ بِالنَّهَار» 0

ـ وَرَعُهُ وَتَقْوَاه:

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْبَاهِلِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«لَمْ يَكُنْ كُوفِيٌّ وَلَا بَصْرِيٌّ لَهُ مِثْلُ وَرَعِ محَمَّدِ بْنِ سِيرِين» 0

قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيّ:

ص: 2095

«مَن أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلىَ أَوْرَعِ مَن أَدْرَكْنَا؛ فَلْيَنْظُرْ إِلىَ محَمَّدِ بْنِ سِيرِين» 0

ـ وَرَعُهُ في التِّجَارَة:

حَدَّثَ أَبُو شِهَابٍ الحَنَّاطُ عَن هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ اشْتَرَى بَيْعَاً مِنْ مَنُونِيَّا، فَأَشْرَفَ فِيهِ عَلَى رِبْحِ ثَمَانيْنَ أَلْفَاً، فَعَرَضَ في قَلْبِهِ شَيْءٌ فَتَرَكَه، مَا هُوَ وَاللهِ بِرِبَاً» 0

المَنُونيّ: هوَ الدَّهْرِيّ، الَّذِي يُنْكِرُ الْبَعْثَ وَخَلْقَ اللهِ لِلأَشْيَاء 0

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان:

ص: 2096

«دَخَلْتُ عَلَى محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِوَاسِط؛ فَلَمْ أَرَ أَجْبَنَ مِنهُ في فَتْوَى، وَلَا أَجْرَأَ مِنهُ عَلَى رُؤْيَا» 0

حَدَّثَ حَمَّادٌ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ رحمه الله أَنَّهُ سَمِعَ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ رحمه الله يَنهَى عَنِ الجِدَال، إِلَاَّ رَجَاءَ إِنْ كَلَّمْتَهُ أَنْ يَرْجِع» 0

ـ اعْتِزَالُهُ الدُّخُولَ عَلَى السَّلَاطِين:

حَدَّثَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ رحمه الله قَال:

ص: 2098

«كَانَ الحَسَنُ يَجِيءُ إِلىَ السُّلْطَانِ وَيَعِيبُهُمْ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَجِيءُ إِلَيْهِمْ وَلَا يَعِيبُهُمْ» 0

قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّان: «مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً عِنْدَ السُّلْطَانِ أَصْلَبَ مِنِ ابْنِ سِيرِين» 0

حَدَّثَ مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ رحمه الله أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رحمه الله بَعَثَ إِلىَ الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رحمه الله [أَيْ بِعَطَاء] فَقَبِلَ، وَبَعَثَ إِلىَ ابْنِ سِيرِينَ رحمه الله فَلَمْ يَقْبَلْ» 0

ـ نَوَادِرُه:

ص: 2099

حَدَّثَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَن عُمَارَةُ بْنِ مِهْرَانَ قَال:

«كُنَّا في جِنَازَة حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ [أُخْتُ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله] فَوُضِعَتِ الجَنَازَة، وَدَخَلَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ صِهْرِيجَاً يَتَوَضَّأ؛ فَقَالَ الحَسَن: أَيْنَ هُوَ 00؟

قَالُواْ: يَتَوَضَّأ: صَبَّاً صَبَّاً، دَلْكَاً دَلْكَاً، عَذَابٌ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَهْلِه» 0

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ رحمه الله قَال:

«إِنَّ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ رحمه الله كَانَ يَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْم» 0

ص: 2101

[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (136 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 246 / عَبْد البَاقِي]

ـ حِرْصُهُ عَلَى السُّنَّة:

قَالَ محَمَّدُ بْنُ عَمْرو: «سَمِعْتُ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُول: عَقَقْتُ عَنْ نَفْسِي بُخْتِيَّة» 0

ـ حِفْظُهُ لِلِسَانِهِ عَن غِيبَةِ المُسْلِمِين:

حَدَّثَ أَزْهَرُ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ رحمه الله قَال:

«كَانُواْ إِذَا ذَكَرُواْ عِنْدَ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله رَجُلاً بِسَيِّئَة؛ ذَكَرَهُ هُوَ بِأَحْسَنِ مَا يَعْلَم» 0

ص: 2103

قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ:

«كُنْتُ عِنْدَ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله؛ فَذُكِرَ رَجُلٌ فَقَال: ذَاكَ الأَسْوَد 00؟

ثُمَّ قَالَ رحمه الله: إِنَّا لله؛ إِنيِّ اغْتَبْتُه» 0

وَحَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله قَال:

«قُلْتُ مَرَّةً لِرَجُل: يَا مُفْلِس؛ فَعُوقِبْت» 00 أَيْ عَاقَبَني اللهُ بِبَلَاء 0

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانيُّ مُعَقُِّبَاً عَلَى هَذَا:

ص: 2104

«قَلَّتْ ذُنُوبُ الْقَوْم؛ فَعَرَفُواْ مِن أَيْنَ أُتُواْ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُنَا؛ فَلَمْ نَدْرِ مِن أَيْنَ نُؤْتىَ» 0

ـ تَوْبِيخُهُ لإِخْوَانِهِ عَلَى الْغِيبَة:

جَاءهُ نَاسٌ فَقَالُواْ: إِنَّا نِلْنَا مِنْك؛ فَاجْعَلْنَا في حِلّ؛ قَالَ رحمه الله:

«لَا أُحِلُّ لَكُمْ شَيْئَاً حَرَّمَهُ الله» 0

ـ بِرُّهُ بِأُمِّه:

حَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَن حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِين [أُخْتُ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله] قَالَتْ:

ص: 2105

«كَانَتْ وَالِدَةُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله حِجَازِيَّة، وَكَانَ يُعْجِبُهَا الصِّبْغ؛ وَكَانَ محَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَى لَهَا ثَوْبَاً؛ اشْتَرَى أَلْيَنَ مَا يَجِد، فَإِذَا كَانَ عِيدٌ صَبَغَ لَهَا ثِيَابَاً، وَمَا رَأَيْتُهُ رَافِعَاً صَوْتَهُ عَلَيْهَا، كَانَ إِذَا كَلَّمَهَا كَالمُصْغِي إِلَيْهَا» 0

حَدَّثَ بَكَّارُ بْنُ محَمَّدٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ رحمه الله قَال: «إِنَّ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ رحمه الله كَانَ إِذَا كَانَ عِنْدَ أُمِّهِ؛ لَوْ رَآهُ رَجُلٌ لَا يَعْرِفُه؛ ظَنَّ أَنَّ بِهِ مَرَضَاً مِن

ص: 2106

خَفْضِ كَلَامِهِ عِنْدَهَا» 0

ـ حُسْنُ خَاتِمَتِهِ رحمه الله:

حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ حَفْصٍ أَنَّهُ سَأَلَ محَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ رحمه الله فَقَال:

«رَأَيْتُ كَأَنَّ الجَوْزَاءَ تَقَدَّمَتِ الثُّرَيَّا؛ قَالَ رحمه الله: هَذَا الحَسَنُ الْبَصرِيُّ يَمُوتُ قَبْلِي، ثمَّ أَتْبَعُهُ، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنيِّ» 0

حَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنْ يحْيىَ بْنِ أَيُّوبَ قَال:

ص: 2107

«إِنَّ رَجُلَيْنِ تَآخَيَا؛ فَتَعَاهَدَا: إِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الآخَرِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِمَا وَجَد، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا؛ فَرَآهُ الآخَرُ في النَّوْم؛ فَسَأَلَهُ عَنِ الحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رحمه الله 00؟

قَال: ذَاكَ مَلِكٌ في الجَنَّةِ لَا يُعْصَي؛ قَالَ: فَابْنُ سِيرِينَ رحمه الله 00؟

قَال: ذَاكَ فِيمَا شَاءَ وَاشْتَهَى، شَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا؛ قَال: فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَدْرَكَ الحَسَنُ الْبَصْرِيّ 00؟

قَال: بِشِدَّةِ الخَوْفِ وَالحُزْن» 0

ص: 2108

حَدَّثَ المُحَارِبيُّ عَن حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ قَال: «كَانَ الحَكَمُ بْنُ جَحْلٍ صَدِيقَاً لاِبْنِ سِيرِينَ رحمه الله، فَحَزِنَ عَلَى محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ حَتىَّ كَانَ يُعَاد [أَيْ حَتىَّ مَرِضَ فَعَادَهُ أَصْحَابُه] ثُمَّ قَال: رَأَيْتُهُ في المَنَامِ في حَالِ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلْتُهُ لَمَّا سَرَّني: مَا فَعَلَ الحَسَن 00؟

قَال: رُفِعَ فَوْقِي سَبْعِينَ دَرَجَة؛ قُلْتُ: بِمَ؛ فَقَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّكَ فَوْقَه 00؟!

قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: بِطُولِ الحُزْن» 0

ص: 2109

حَدَّثَ هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ قَال: «كَانَ محَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ رحمه الله يَضْحَكُ حَتىَّ تَدْمَعَ عَيْنَاه، وَكَانَ الحَسَنُ يُحَدِّثُنَا وَيَبْكِي» 0

ـ قَضَاءُ ابْنِهِ لِدُيُونِه، وَبَرَكَةُ ذَلِكَ عَلَيْه:

حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بَكَّارِ بْنِ محَمَّدٍ السِّيرِينيِّ عَن أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَال: «لَمَّا ضَمِنْتُ عَلَى أَبي دَيْنَهُ قَالَ لي: بِالوَفَاء 00؟

قُلْتُ: بِالوَفَاء؛ فَدَعَى لي بِخَيْر؛ فَقضَى عَبْدُ اللهِ عَنهُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَم، فَمَا مَاتَ عَبْدُ اللهِ حَتىَّ قَوَّمْنَا مَالَهُ ثَلَاثَمِاْئَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا» 0

ص: 2110

ـ مِن أَقْوَالِ ابْنِ سِيرِين:

حَدَّثَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله أَنَّهُ قَال:

«ذَهَب الْعِلْم، وَبَقِيَتْ مِنهُ شَذَرَاتٌ في أَوْعِيَةٍ شَتىَّ» 0

حَدَّثَ مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَال:

«أَكَلْتُ عِنْدَ ابْنِ سِيرِينَ فَقَال: إِنَّ الطَّعَامَ أَهْوَنُ مِن أَنْ يُقْسَمَ عَلَيْه» 0

حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن أَيُّوبَ السِّخْتِسَانيِّ رحمه الله عَنْ محَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ رحمه الله أَنَّهُ قَال: «إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِين؛ فَانْظُرُواْ عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دَيْنَكُمْ» 00 وَتُنْسَبُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْضَاً لِلإِمَامِ مَالِك 0

ص: 2111